أقرأ أيضاً
التاريخ: 25-04-2015
8258
التاريخ: 25-04-2015
1566
التاريخ: 24-04-2015
2040
التاريخ: 23-09-2015
2004
|
من الواضح أنّ المفردات اللغوية هي وحدات البناء اللغوي ، وأنّ للألفاظ دلالات وضعية على المعاني المراد التعريف بها ، وأنّ من الظواهر المألوفة في لغة العرب ظاهرة الاشتراك في المعنى ، وهو ما يسمى اصطلاحا ب (الاشتراك) أي استعمال اللفظ في أكثر من معنى.
كما نجد في اللغة العربية استعمال لفظين لمعنى واحد ويسمّى (بالترادف) ، كالغيم والسحاب ، والعقل والنهى ، والريب والشك ، والبارئ والخالق. والاعتماد على المرادف اللغوي هو منهج أساسي من المناهج المتّبعة في تفسير مفردات القرآن الغريبة ، ومن الأمثلة العملية على وجود الترادف ، وتفسيره بالمرادف ، هو تفسير أبق ب (هرب) ، وتفسير تفثهم ب (وسخهم) ، وتفسير أجاج ب (شديد الملوحة) ، وتفسير لا ريب فيه ب (لا شكّ فيه).
وهكذا فسّرت ألفاظ القرآن المفردة ذات الدلالة الغريبة على القارئ والسامع بمفردة لغوية اخرى مألوفة المعنى عنده. ولهذا الغرض ألّفت تفاسير : (مفردات غريب ألفاظ القرآن) لبيان معانيها ودلالاتها ، كمفردات الراغب الاصفهاني ، وغريب القرآن للسجستاني ، وغريب القرآن لأبي عبيدة ، وغريب القرآن لابن قتيبة وغيرها كثير.
وفي الحديث عن تفسير المفردة القرآنية بمفردة أخرى مرادفة لها ينبغي دراسة وتحليل محتوى اللفظ ، وتحديد معناه الذي حمّله الواضع إياها. وبالتحديد ينبغي أن تدرس هذه الألفاظ المترادفة ، هل هي متكافئة في معناها بشكل كامل كما تتكافأ قطع النقود من فئة واحدة ؟ أو كما تتكافأ قطع الغيار المتعددة في أداء العمل في الماكنة الواحدة ، بحيث يتحقق تمام الغرض القرآني عند استعمال أي من المفردات أو لا ؟ لكي يتّضح لنا ذلك فلنصغ الى الراغب الاصفهاني أحد أعلام مفسري مفردات القرآن ، ومن أوائل المؤلفين فيه ، ليحدثنا عن تفسير المفردة القرآنية بمفردة أخرى مرادفة لها. قال رحمه اللّه في مقدمة كتابه (المفردات في غريب القرآن) :
«وأتبع هذا الكتاب إن شاء اللّه تعالى ونسأ في الأجل ، بكتاب ينبئ عن تحقيق الألفاظ المترادفة على المعنى الواحد ، وما بينها من الفروق الغامضة ، فبذلك يعرف اختصاص كلّ خبر بلفظ من الألفاظ المترادفة دون غيره من أخواته ، نحو ذكره القلب مرّة ، والفؤاد مرة والصدر مرّة.
ونحو ذكره تعالى في عقب قصة : {إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ } [النحل : 79] وفي أخرى : {لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ } [يونس : 24] وفي أخرى : {لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ} [البقرة : 230] وفي أخرى : {لِقَوْمٍ يَفْقَهُونَ } [الأنعام : 98] وفي أخرى : {لِأُولِي الْأَبْصَارِ} [آل عمران : 13] وفي أخرى : {لِذِي حِجْرٍ} [الفجر : 5] وفي أخرى : {لِأُولِي النُّهَى} [طه : 54] ونحو ذلك مما يعدّه من لا يحقّ الحقّ ويبطل الباطل ، أنه باب واحد ، فيقدّر أنه إذا فسّر الحمد للّه ، بقوله الشكر للّه ، ولا ريب فيه ، بلا شك فيه فقد فسّر القرآن ، ووفّاه التبيان ، جعل اللّه لنا التّوفيق رائدا ، والتقوى سائقا ، ونفعنا بما أولانا ، وجعله لنا من معاون تحصيل الزاد المأمور به في قوله تعالى : { وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى} [البقرة : 197].
وبذا يوضّح الراغب أحد أئمة التفسير اللغوي أنّ المترادفات في اللغة غير متساوية في المعنى تمام التساوي ، وأنّ هناك فارقا في المعنى بين مرادف ومرادف آخر زائدا على مرادفه ، فالمترادفان بينهما اشتراك في المعنى إضافة إلى معنى إضافي ، غير أن المرادف يقوم بدور الوسيط في إيضاح مرادفه ، وليس هو المؤدي تمام المعنى والأداء المساوي من غير فرق بينهما ، ولقد طبّق الراغب هذه النظرية تطبيقا عمليا على عمله التفسيري في كتابه : (المفردات في غريب القرآن) فلم يكتف بايراد المرادف كمفسّر ، بل أورده مع الفارق الإضافي من معنى مستبطن في اللفظ المستعمل قرآنيا ، نعرّف بعضا منها لإيضاح هذه النظرية في التفسير اللغوي ، فمثلا فسّر كلمة (الريب) بقوله : (الريب أن تتوهّم أمرا ما فينكشف عما تتوهمه) وفسّر كلمة (الشك) بقوله : (الشك : اعتدال النقيضين عند الإنسان وتساويهما) وبذا يتّضح الفارق بين الشك والريب في المعنى ، في حين لم يفرّق كثير من المفسرين بينهما ، كما لم يفرّق كثير من أصحاب القواميس بينهما.
وفسّر (الأمّة) بقوله : (كل جماعة يجمعهم أمر ما ، إمّا دين واحد ، أو زمان واحد ، أو مكان واحد). ولذا فكلمة أمة لا تفسر بكلمة جماعة مجرّدة من إضافة الأمر الجامع.
وهكذا فإنّ كلمة (جماعة) لا تساوي كلمة (أمّة) ، بشكل كامل.
وفي تفسيره (للخشوع) (بالضراعة) ، وضح الفارق في المعنى بين المترادفين بقوله : (الخشوع : الضراعة ، وأكثر ما يستعمل الخشوع فيما يوجد على الجوارح ، والضراعة أكثر ما تستعمل في ما يوجد في القلب ، ولذلك قيل فيما روي : إذا ضرع القلب خشعت الجوارح ، وفسّر (السغب) بقوله : (هو الجوع مع التعب ، وقد قيل في العطش مع التعب).
بينما فسّر السغب في قواميس اللغة بالجوع مجرّدا من حالة التعب. وهكذا فتفسير السغب بالجوع مجردا ، لا يؤدي الغرض القرآني من استعمال كلمة السغب ، ولم يستعمل كلمة جوع ، لأنها لا تعبر عن تمام المراد ، وهو وصف الحالة التي تسيطر على الناس في ذلك اليوم (جوع ونصب) ، أو (جوع يخالطه عطش وتعب) أو كل هذه الحالات.
وفسّر الاشفاق مفرّقا بينه وبين مرادفه ، الخوف ، بقوله : (والاشفاق عناية مختلطة بخوف ؛ لأنّ المشفق يحب المشفق عليه ، ويخاف ما يلحقه.
قال : { وَهُمْ مِنَ السَّاعَةِ مُشْفِقُونَ} [الأنبياء : 49] فإذا عدّي بمن فمعنى الخوف فيه أظهر ، وإذا عدّي بفي فمعنى العناية فيه أظهر. قال : {إِنَّا كُنَّا قَبْلُ فِي أَهْلِنَا مُشْفِقِينَ} [الطور : 26] .
وفسّر الهداية بقوله : (الهداية : دلالة بلطف ... ثم قال : إن قيل كيف جعلت الهداية دلالة بلطف ، وقد قال اللّه تعالى : {فَاهْدُوهُمْ إِلَى صِرَاطِ الْجَحِيمِ} [الصافات : 23] ويهديه الى عذاب السعير. قيل : ذلك استعمل فيه استعمال اللفظ على التهكّم مبالغة في المعنى ، كقوله : فبشّرهم بعذاب أليم.
وبهذا التفسير نفهم الفارق بين تفسير من يفسّر الهداية بأنها : دلالة بلطف ، وبين من يفسّرها بالدلالة كمرادف لها.
فالتفسير الأول يوضّح مراد القرآن المودع في هذه الكلمة كاملا؛ ليوضح للناس أنّ اللّه سبحانه دلّهم على الطريق بلطف ، بينما لا يوضح التفسير الثاني عنصر اللطف في الدلالة ؛ لذا فهو ليس تفسيرا تاما لمراد القرآن الكريم من استعمال لفظ الهداية دون مرادفها.
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
المجمع العلمي ينظّم ندوة حوارية حول مفهوم العولمة الرقمية في بابل
|
|
|