أقرأ أيضاً
التاريخ: 28-12-2021
3729
التاريخ: 28-2-2022
2772
التاريخ: 2024-10-14
184
التاريخ: 14-1-2022
1653
|
تعاطت تفاسير الشيعة الأولى مع روايات أسباب النزول كتعاطيها مع غير الأسباب من روايات التفسير المنقولة عن أهل البيت عليهم السّلام ، على هذا الأساس صنّف تفسير العسكريّ ، وفرات الكوفيّ ، والقمّي ، والعيّاشي.
فيما تبدو التفاسير التي تلت مرحلة الطبريّ ، أي تفسيري الطوسيّ والطبرسيّ ، للوهلة الأولى منسجمة مع مطلب فصل روايات أسباب النزول ، فقد تميّزت الأسباب في الكتابين المذكورين بعنوان يختصّ بها.
إلّا أنّ هذا العنوان قد أعطى على ما يبدو إشارات خاطئة؛ لأنّ ملاحظة وتحقيق عدّة نقاط يعكس مشهدا آخر تماما.
فالجدير بالملاحظة أوّلا أنّ كلا من الشيخ الطوسيّ و الشيخ الطبرسيّ ، اكتفيا بإدراج خصوص الأسباب الرائجة المنقولة عن بعض الصحابة والتابعين تحت عنوان : «النزول» ، أو «سبب النزول» ، «1» من غير عناية لإيراد ما روي عن أهل البيت عليهم السّلام من الأسباب تحته ، «2» لذلك نجد أنّ ما يرد عن طريقنا من روايات النبيّ صلّى اللّه عليه وآله وسلّم وأهل بيته عليهم السّلام المرتبطة بما يعرف بأسباب النزول ، يتمّ درجه في تفسير الآيات كبقيّة روايات التفسير ، «3» حتّى لو كانا قد أدرجا عددا من الأسباب الرائجة تحت ذلك العنوان في عين ذلك المقطع. «4»
ولهذا عدّة دلالات ، أقلّها أنّهما يعتقدان بأنّ العناية بروايات أهل البيت عليهم السّلام يتمّ خارج إطار عنوان «سبب النزول» ، وبالتالي فإنّها تصنّف ضمن الروايات التفسيريّة بلا فرق بين ما يرتبط بسبب نزول وغيره ، وأنّ محور عنوان «النزول» أو «سبب النزول» مخصوص بالأسباب الرائجة ، من باب نقل مادّة الأسباب كما تمّ عنونتها في مصادر العامّة أنفسهم.
ثانيا ، إنّنا كثيرا ما نجد الشيخ الطوسيّ والطبرسيّ يتجاوزان أسباب النزول عند تعرّضهم للمعنى والتفسير ، فينتقلان في التفسير إلى الاعتماد على مقتضى ظهور الآية وسياقها والأحكام والروايات المنقولة عن أهل البيت عليهم السّلام بغضّ النظر عن أسباب النزول الرائجة ، «5» وهذا يعني أنّهما في كثير من الأحيان ، لم يتجاوز نقلهما للأسباب الرائجة الإطار الشكليّ لا أكثر.
ويؤكّد كلّ ذلك ما ذكراه صراحة في مقدّمة التفسير ، حيث أشارا إلى طريقة عملهما ، فجعلا العبرة في التفسير بالأخبار المعتبرة المروية عن المعصومين وما تمّ الإجماع عليه فحسب ، وأمّا نقل أقوال الصحابة والتابعين ، وما روي عنهم من أسباب ، فهو استجابة للواقع القائم عند غيرهم لا أكثر ، من باب الإشارة إلى ما نقلوه ، ولا يعتمد على ذلك في التفسير.
فالشيخ الطوسيّ ، يشير إلى الصحابة والتابعين من المفسّرين ، الذين وردت أقوالهم وما نقل عنهم من أسباب النزول في تفسيره ، كابن عبّاس والحسن وقتادة ومجاهد وأبي صالح ... ، ويعلّق على ذلك قائلا : «و لا يجوز لأحد أن يقلّد أحدا منهم ، بل ينبغي أن يرجع إلى الأدلة الصحيحة؛ إمّا العقليّة أو الشرعيّة؛ من إجماع عليه ، أو نقل متواتر به عمّن يجب اتّباع قوله ...». «6»
وأمّا الطبرسيّ ، فقد أشار أيضا إلى أنّه «لا يقلد أحدا من المفسّرين» ، «7» وأنّه لا يصحّ القول في اللفظ المشترك «إلّا بقول نبيّ أو إمام مقطوع على صدقه» ، «8»
فضلا عن أنّه اقتفى أثر ما قدّمه الشيخ الطوسيّ ، وجعله الأسوة في هذا المجال ، لذا نجده : «نقل كثيرا عن التبيان للشيخ الطوسيّ ، بل تأثّر به كثيرا» ، «9» بعد أن أدخل عليه بعض التعديل والتشذيب والترتيب ، وقد أشار في المقدّمة إلى اتّباعه للهيكليّة التي سار عليها الشيخ الطوسيّ في كتابه التبيان : «فإنّه الكتاب الذي يقتبس منه ضياء الحقّ ، ويلوح عليه رواء الصدق (...) ، وهو القدوة أستضيء بأنواره ، وأطأ مواقع أثره». «10»
فالنتيجة أنّ المفسّرين ، وبعد أن راجت عن بعض الصحابة والتابعين مجموعة من الأحاديث المرتبطة بالتفسير ، والتي نقلها العامّة تحت عنوان أسباب النزول ، فإنّهم قد نقلوا ذلك تماما كما عنونه العامّة أنفسهم ، من غير أن يعني ذلك أيّ تأثير على مستوى روايات التفسير في المدرسة الشيعيّة التي تشمل هي الأخرى روايات عن أهل البيت عليهم السّلام ترتبط بأسباب النزول ، فهم لم يفصلوا هذه الروايات عن الروايات التفسيريّة الأخرى ولم يجعلوها تستقلّ بباب خاصّ ، وعليه فباب أسباب النزول عندهم يختصّ بما نقله العامّة تحت هذا العنوان فحسب. «11»
ولعلّه من هنا نلاحظ أنّ العلامة الطباطبائي ، عند ما يطلق مصطلح «أسباب النزول» فإنّه يقصد بشكل أخصّ ما عند العامّة ، أي الأسباب الرائجة على ما تقدّم ، دون روايات أهل البيت عليهم السّلام. «12».
(2). وهذا واضح عند أدنى عمليّة استقراء لما ورد تحت عنوان «النزول» أو «سبب النزول» في الكتابين.
(3). لاحظ : على سبيل المثال ، التبيان ، ج 10 ، ص 91 ، 92؛ ج 10 ، ص 398؛ مجمع البيان ، ج 2 ، ص 519 ، 520؛ ج 8 ، 549 ، 559؛ ج 10 ، 512 ....
(4). لاحظ : على سبيل المثال : التبيان ، ج 2 ، ص 137 (البقرة ، 187)؛ ج 3 ، ص 110 (النساء ، 4) ؛ ج 3 ، ص 245 (النساء ، 65) ؛ مجمع البيان ، ج 1 ، ص 353 (البقرة ، 109)؛ ج 8 ، ص 530 (الأحزاب ، 6)؛ ج 8 ، ص 564 (الأحزاب ، 37) ....
(5). لاحظ على سبيل المثال : التبيان ، ج 1 ، ص 59؛ ج 2 ، ص 252؛ ج 3 ، ص 189؛ مجمع البيان ، ج 1 ، ص 122 ، 128 ، 216 .... غايته أنّهما قد يتعرّضان بشكل نادر لروايات أهل البيت عليهم السّلام تحت ذلك العنوان ، وذلك في خصوص ما إذا ورد مناسبا أو مخالفا للأسباب الرائجة التي يذكرونها.
(6). التبيان ، ج 1 ، ص 6.
(7). مجمع البيان ، ج 1 ، ص 41.
(8). المصدر السابق ، ج 1 ، ص 41.
(9). لاحظ : أيازي ، المفسّرون حياتهم ومنهجهم ، ص 611 ، 234.
(10). مجمع البيان ، ج 1 ، ص 33.
(11). لقد كان ديدن الشيخ الطوسيّ في مؤلّفاته اعتماد أساليب المؤلّفات والموسوعات الكبرى شكلا ، وجعله ضمن قالب ومضمون شيعيّ ، بعد أن كان على تماس وتواصل كبيرين مع علماء العامّة ، فألّف جلّ كتبه على نسق كتبهم ؛ إمّا في سياق بيان رأي مدرسة أهل البيت عليه السّلام ابتداء ، أو في سياق الردّ عليهم ، كما في الاستبصار والخلاف ....
وتفسيره لم يكن استثناء في ذلك ، بل لعلّه أكثر تأثّرا من حيث الشكل في هذا المجال ، من هنا يذكر آراء المفسّرين من التابعين مع أنّه لا يرى حجيّة لقولهم كما تقدّم ، فتفسير الطبري وما تلاه من تفاسير لم تكن غائبة أبدا عن باله عند تصنيفه للتبيان ، وقد ذكر في المقدّمة جماعة المفسّرين من العامّة ، وما قدّموه في هذا المجال ، وخصّ الطبريّ بالذكر ، حيث أطال في جميع معاني التفسير ، واستوعب ما قيل فيه من فنونه (لاحظ : مقدّمة التبيان ، ج 1 ، ص 1) ، ليقول في الختام ، «وأنا إن شاء اللّه تعالى أشرع في ذلك على وجه الإيجاز والاختصار لكلّ فنّ من فنونه» (التبيان ، ج 1 ، ص 2) ، وهذا معناه أن يتعرّض إلى الفنون التي تعرّض لها الطبريّ ومن بعده ، ومنها باب أسباب النزول عندهم.
(12). لاحظ : العلامة الطباطبائي ، قرآن در إسلام ، ص 118 ، 119 ، وتفسير الميزان ، ج 5 ، ص 367 ....
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
المجمع العلمي ينظّم ندوة حوارية حول مفهوم العولمة الرقمية في بابل
|
|
|