أخبر القرآن الكريم في غير واحدة من آياته عما يتعلق بسنن الكون ونواميس الطبيعة |
1678
06:59 مساءاً
التاريخ: 22-04-2015
|
أقرأ أيضاً
التاريخ: 14-7-2016
1412
التاريخ: 2-12-2015
1756
التاريخ: 13-11-2015
1613
التاريخ: 13-11-2015
140470
|
عما يتعلق بسنن الكون ونواميس الطبيعة ، والأفلاك وغيرها مما لا سبيل إلى العلم به في بدء الإسلام ، إلا من ناحية الوحي الإلهي ، وبعض هذه القوانين وإن علم بها اليونان في تلك العصور أو غيرهم ممن لهم سابق معرفة بالعلوم ، إلا أن الجزيرة العربية كانت بعيدة عن العلم بذلك وأن فريقا مما أخبر به القرآن لم يتضح إلا بعد توفر العلوم وكثرة الاكتشافات ، وهذه الأنباء في القرآن كثيرة.
وقد أخذ القرآن بالحزم في إخباره عن هذه الأمور ، فصرّح ببعضها حيث يحسن التصريح وأشار إلى بعضها حيث تحمد الإشارة ، لأن بعض هذه الأشياء مما يستعصي على عقول أهل ذلك العصر فكان من الرشد أن نشير إليها إشارة تتضح لأهل العصور المقبلة حيث يتقدم العلم وتكثر الاكتشافات ، ومن هذه الأسرار التي كشف عنها الوحي السماوي ، ونبه عليها المتأخرون ما في قوله تعالى : {وَأَنْبَتْنَا فِيهَا مِنْ كُلِّ شَيْءٍ مَوْزُونٍ} [الحجر: 19].
فقد دلت هذه الآية الكريمة على أن كل ما ينبت في الأرض له وزن خاص به ، وقد ثبت أخيرا أن كل نوع من أنواع النبات مركب من أجزاء خاصة على وزن مخصوص ، بحيث لو زيد في بعض أجزائه أو نقص لكان ذلك مركبا آخر. وأن نسبة بعضه من الدقة بحيث لا يمكن ضبطها تحقيقا بأدق الموازين المعروفة للبشر.
ومن الأسرار الغريبة التي أشار إليها الوحي الإلهي حاجة إنتاج قسم من الأشجار والنبات إلى لقاح الرياح فقال سبحانه : { وأَرْسَلْنَا الرِّياحَ لَواقِحَ } [الحجر : 22].
فإن المفسرين الأقدمين وإن حملوا اللقاح في الآية الكريمة على معنى الحمل ، باعتبار أنّه أحد معانيه ، وفسروا الآية المباركة بحمل الرياح للسحاب أو المطر الذي يحمله السحاب ، ولكن التشبيه على هذا المعنى ليس فيه كبير اهتمام ولا سيما بعد ملاحظة أن الرياح لا تحمل السحاب وإنما تدفعه من مكان إلى آخر ، والنظرة الصحيحة في معنى الآية بعد ملاحظة ما اكتشفه علماء النبات تفيدنا سرا دقيقا لم تدركه أفكار السابقين وهو الإشارة إلى حاجة إنتاج الشجر والنبات إلى اللقاح. وأن اللقاح قد يكون بسبب الرياح وهذا كما في المشمش والصنوبر والرمان والبرتقال والقطن ونباتات الحبوب وغيرها ، فإذا نضجت حبوب الطلع انفتحت الأكياس وانتشرت خارجها محمولة على أجنحة الرياح فتسقط على مياسم الأزهار الأخرى عفوا.
و قد أشار سبحانه وتعالى إلى أن سنة الزواج لا تختص بالحيوان بل تعم النبات بجميع أقسامه بقوله : {ومِنْ كُلِّ الثَّمَراتِ جَعَلَ فِيها زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ} [الرعد: 3]. وقوله تعالى : { سُبْحانَ الَّذِي خَلَقَ الْأَزْواجَ كُلَّها مِمَّا تُنْبِتُ الْأَرْضُ ومِنْ أَنْفُسِهِمْ ومِمَّا لا يَعْلَمُونَ} [يس : 36].
و من الأسرار التي كشف عنها القرآن هي حركة الأرض فقد قال عز من قائل {الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ مَهْداً} [طه : 53].
تأمل كيف تشير الآية إلى حركة الأرض إشارة جميلة لم تتضح إلا بعد قرون ، وكيف تستعير للأرض لفظ المهد الذي يعمل للرضيع ، يهتز بنعومة لينام فيه مستريحا هادئا؟ وكذلك الأرض مهد للبشر وملائمة لهم من جهة حركتها الوضعية والانتقالية ، وكما أن تحرك المهد لغاية تربية الطفل واستراحته ، فكذلك الأرض فإن حركتها اليومية والسنوية لغاية تربية الإنسان ، بل وجميع من عليها من الحيوان والجماد والنبات. وتشير الآية المباركة إلى حركة الأرض إشارة جميلة ولم تصرح بها لأنها نزلت في زمان أجمعت عقول البشر فيه على سكونها ، حتى أنه كان يعد من الضروريات التي لا تقبل التشكيك.
ومن الأسرار التي كشف عنها القرآن قبل أربعة عشر قرنا وجود قارة أخرى ، فقد قال سبحانه وتعالى : { رَبُّ الْمَشْرِقَيْنِ ورَبُّ الْمَغْرِبَيْنِ } [الرحمن : 17]. وهذه الآية الكريمة قد شغلت أذهان المفسرين قرونا عديدة ، وذهبوا في تفسيرها مذاهب شتى ، فقال بعضهم: المراد مشرق الشمس ومشرق القمر ومغربهما ، وحمله بعضهم على مشرقي الصيف والشتاء ومغربهما.
ولكن الظاهر أن المراد بها الإشارة إلى وجود قارة أخرى تكون على السطح الآخر للأرض ، يلازم شروق الشمس عليها غروبها عنا. وذلك بدليل قوله تعالى: {يا لَيْتَ بَيْنِي وبَيْنَكَ بُعْدَ الْمَشْرِقَيْنِ فَبِئْسَ الْقَرِينُ } [الزخرف : 38]. فالظاهر من هذه الآية أن البعد بين المشرقين هو أطول مسافة محسوسة فلا يمكن حملها على مشرقي الشمس والقمر ، ولا على مشرقي الصيف والشتاء ، لأن المسافة التي بين ذلك ليست أطول مسافة محسوسة ، فلا بدّ أن يراد بها المسافة التي بين المشرق والمغرب ، ومعنى ذلك أن يكون المغرب مشرقا لجزء آخر من الكرة الأرضية ليصح هذا التعبير. فالآية تدل على وجود هذا الجزء الذي لم يكتشف إلا بعد مئات من السنين من نزول القرآن.
فالآيات التي ذكرت المشرق والمغرب بلفظ المفرد يراد بها النوع كقوله تعالى: {ولِلَّهِ الْمَشْرِقُ والْمَغْرِبُ ، فَأَيْنَما تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ } [البقرة : 115]. والآيات التي ذكرت ذلك بلفظ التثنية يراد منها الإشارة إلى القارة الموجودة على السطح الآخر من الأرض. والآيات التي ذكرت ذلك بلفظ الجمع يراد منها المشارق والمغارب باعتبار أجزاء الكرة الأرضية.
هذا ويقول صاحب هذا الكتاب : إن الآية الكريمة {رَبُّ الْمَشْرِقَيْنِ وَرَبُّ الْمَغْرِبَيْنِ} [الرحمن: 17] لا تحتمل التفسير بوجود قارة أخرى ، لأن المشرق والمغرب للشمس يحتضنان الكرة الأرضية بجميع قاراتها ، والمعروف أن الشمس عند ما تغرب من جانب الأرض الغربي هي بنفس الوقت تشرق في جانب الأرض الشرقي ، فيصبح نصف الأرض الذي غربت عنه الشمس ليلا ، بينما يصبح النصف الثاني من الأرض الذي أشرقت عليه الشمس نهارا. وهذا لا يصح إلا على الأجسام الكروية الشكل ، فلحظة مشرق الشمس بالنسبة لنصف الكرة الغربي مغرب لها ولحظة مغرب الشمس بالنسبة لنصف الكرة الأرضية الشرقي مشرق لها. ومن هنا أشارت الآية الكريمة إلى مشرقين ومغربين. وبعبارة أخرى أن كل نصف من الأرض يشاهد للشمس في كل يوم مشهدين أحدهما مشرق والآخر مغرب ، وحاصل مجموع المشاهد في كلا نصفي الأرض مشرقان ومغربان واللّه أعلم ، فالآية تشير بكل وضوح وصراحة إلى كروية الأرض ، لا كما توهم الظالمي وسابقيه فيما ذهبوا إليه من تفاسير.
الأرض في كل يوم يشهد كل نصف منها غروبا واحدا وشروقا واحدا ، فالحصيلة لكلا النصفين تساوي غروبين وشروقين.
* هذا الرسم يمثل تعاقب الليل والنهار وتعاقب الشروق والغروب نتيجة الكروية ودوران الأرض حول الشمس ومن الأسرار التي أشار إليها القرآن الكريم ما ينبئ عن كروية الأرض فقال تعالى: { وَأَوْرَثْنَا الْقَوْمَ الَّذِينَ كانُوا يُسْتَضْعَفُونَ مَشارِقَ الْأَرْضِ ومَغارِبَهَا } [الأعراف: 137]. { ورَبُّ السَّماواتِ والْأَرْضِ وما بَيْنَهُما ورَبُّ الْمَشارِقِ } [الصافات : 5]. وفَلا أُقْسِمُ { بِرَبِّ الْمَشارِقِ والْمَغارِبِ إِنَّا لَقادِرُونَ } [المعارج : 40].
ففي هذه الآيات الكريمة دلالة على تعدد مطالع الشمس وتعدد مغاربها وفيها إشارة إلى كروية الأرض. فإن طلوع الشمس على أي جزء من أجزاء الكرة الأرضية يلازم غروبها عن جزء آخر ، فيكون تعدد المشارق والمغارب واضحا لا تكلف فيه ولا تعسف ، هذا وقد حمل القرطبي وغيره المشارق والمغارب على مطالع الشمس ومغاربها واختلاف أيام السنة ، ولا يخفى ما فيه من تكلف وابتعاد عن الواقع لأن الشمس لم تكن لها مطالع معينة ليقع الحلف بها ، بل تختلف تلك باختلاف الأراضي ، فلا بدّ من أن يراد بها المشارق والمغارب التي تتحدد شيئا فشيئا باعتبار كروية الأرض وحركتها.
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
قسم شؤون المعارف ينظم دورة عن آليات عمل الفهارس الفنية للموسوعات والكتب لملاكاته
|
|
|