أقرأ أيضاً
التاريخ: 2024-07-30
582
التاريخ: 2024-11-23
130
التاريخ: 2023-04-03
1078
التاريخ: 3-12-2015
2387
|
لا إشكال في أنّ حكم العقل القطعي وإدراكه الجزمي من الامور التي هي اصول التفسير ، ويبتني هو عليها ، فإذا حكم العقل كذلك ، بخلاف ظاهر الكتاب في مورد لا محيص عن الالتزام به ، وعدم الأخذ بذلك الظاهر؛ ضرورة أنّ أساس حجّية الكتاب ، وكونه معجزة كاشفة عن صدق الآتي به ، إنّما هو العقل الحاكم بكونه معجزة خارقة للعادة البشريّة ، ولم يؤت ولن يؤتى بمثلها؛ فإنّه الرسول الباطني الذي لا مجال لمخالفة حكمه ووحيه.
ففي الحقيقة يكون حكمه بخلاف الظاهر وإدراكه الجزمي لذلك ، بمنزلة قرينة لفظيّة متّصلة موجبة للصرف عن المعنى الحقيقي ، وانعقاد الظهور في المعنى المجازي؛ فإنّ الظهور الذي هو حجّة ليس المراد منه ما يختصّ بالمعنى الحقيقي ؛ ضرورة أنّ أصالة الحقيقة قسم من أصالة الظهور ، الجارية في جميع موارد انعقاد الظهور؛ سواء كان ظهوراً في المعنى الحقيقي ، كما فيما إذا كان اللفظ الموضوع خالياً عن القرينة على الخلاف مطلقاً ، أو ظهوراً في المعنى المجازي ، كما فيما إذا كان مقروناً بقرينة على خلاف المعنى الحقيقي.
فكما أنّ قوله : «رأيت أسداً» ظاهر في المعنى الحقيقي ، فكذلك قوله : «رأيت أسداً يرمي» ظاهر في المعنى المجازي ؛ ضرورة أنّ المتفاهم العرفي منه هو الرجل الشجاع ، من دون فرق بين أن نقول بأنّه ليس له إلّا ظهور واحد ينعقد للجملة بعد تمامها؛ نظراً إلى أنّ ظهور «أسد» في معناه الحقيقي متوقّف على تماميّة الجملة ، وخلوّها عن القرينة على الخلاف ، وفي صورة وجود تلك القرينة لا ظهور له أصلًا ، بل الظهور ينعقد ابتداءً في خصوص المعنى المجازي.
أو نقول بوجود ظهورين : ظهور لفظ «الأسد» في معناه الحقيقي ، وظهور «يرمي» في المعنى المجازي ، غاية الأمر كون الثاني أقوى ، ولأجله يتقدّم على الظهور الأوّل ، وفي الحقيقة كلّ من اللّفظين ظاهر في معناه الحقيقي ، لكن يكون ظهور القرينة فيه ، الذي يكون معنى مجازيّاً بالإضافة إلى المعنى الأوّل أقوى وأتمّ؛ فإنّه على كلا القولين تكون الجملة ظاهرة في المعنى المجازي الذي هو عبارة عن الرجل الشجاع.
وبالجملة : أصالة الظهور الراجعة إلى أصالة تطابق الإرادة الجدّية ، مع الإرادة الاستعمالية ، وكون المقصود الواقعي من الكلام هو ما يدلّ عليه ظاهر اللفظ جارية في كلا الصورتين؛ من دون أن يكون هناك تفاوت في البين ، وحينئذٍ فإذا حكم العقل في مورد بخلاف ما هو ظاهر لفظ الكتاب ، يكون حكمه بمنزلة قرينة قطعيّة متّصلة موجبة لعدم انعقاد ظهور له واقعاً ، إلّا فيما حكم به العقل.
فقوله - تعالى- : { وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا} [الفجر : 22] وإن كان ظهوره الابتدائي في كون الجائي هو الربّ بنفسه ، وهو يستلزم الجسميّة الممتنعة في حقّه تعالى ، إلّا أنّ حكم العقل القطعي باستحالة ذلك- لاستلزامه التجسّم للافتقار والاحتياج المنافي لوجوب الوجود ؛ لأنّ المتّصف به غنيّ بالذات- يوجب عدم انعقاد ظهور له في هذا المعنى ، وهو اتّصاف الرّبّ بالمجيء.
وهكذا قوله - تعالى - : {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} [طه : 5] ومثله الآيات الظاهرة على خلاف حكم العقل.
فانقدح أنّ حكم العقل- مع كونه من الامور التي هي اصول التفسير ، ولا مجال للإغماض عنه في استكشاف مراد اللَّه- تعالى- من كتابه العزيز- يكون مقدّماً على الأمرين الآخرين ، ولا موقع لهما معه.
أمّا تقدّمه على الظهور فلِما عرفت من عدم انعقاده مع حكم العقل على الخلاف ؛ لأنّه بمنزلة قرينة متّصلة.
وأمّا تقدّمه على الأمر الآخر؛ فلأنّ حجّية قوله إنّما تنتهي إلى حكم العقل وتستند إليه ، فكيف يمكن أن يكون مخالفاً له ؟ فالمخالفة تكشف عن عدم صدوره عن المعصوم عليه السلام ، أو عدم كون ظاهر كلامه مراداً له ، فكما أنّه يصير صارفاً لظاهر الكتاب ، يوجب التصرّف في ظاهر الرواية بطريق أولى ، كما لا يخفى.
وقد تحصّل من جميع ما ذكرنا أنّ الذي يبتني عليه التفسير إنّما هو خصوص الامور الثلاثة المتقدّمة : الظاهر ، وقول المعصوم ، وحكم العقل ، ولا يسوغ الاستناد في باب التفسير إلى شيء آخر.
نعم ، في باب الظواهر لابدّ من إحراز الصغرى ؛ وهي الظهور الذي مرجعه إلى الإرادة الاستعماليّة ؛ ضرورة أنّ التطابق بين الإرادتين لا يتحقّق بدون تشخيص الإرادة الاستعماليّة ، وإحراز مدلول اللفظ .
ويقع الكلام حينئذٍ في طريق هذا التشخيص لمن لا يكون عارفاً بلغة العرب ، ولا يكون من أهل اللّسان ، ولا يجوز الاتّكال في ذلك على قول المفسّر ، أو اللّغوي ، مع عدم إفادة قولهما اليقين ، أو الاطمئنان الذي هو علم عرفيّ؛ وذلك لعدم الدليل على حجّية قولهما أصلًا ، فالرجوع إلى التفسير لا يكاد يترتّب عليه فائدة إلّا إذا حصل منه اليقين ، أو ما يقوم مقامه بظهور اللفظ في المعنى الفلاني ، وكونه مراداً بالإرادة الاستعماليّة ، كما هو غير خفيّ .
|
|
"عادة ليلية" قد تكون المفتاح للوقاية من الخرف
|
|
|
|
|
ممتص الصدمات: طريقة عمله وأهميته وأبرز علامات تلفه
|
|
|
|
|
المجمع العلمي للقرآن الكريم يقيم جلسة حوارية لطلبة جامعة الكوفة
|
|
|