أقرأ أيضاً
التاريخ: 19-5-2021
2789
التاريخ: 9-6-2021
2569
التاريخ: 23-9-2020
2386
التاريخ: 9-8-2020
2840
|
ملاحظات على روايات موت المثنى
أ. قطع سعد بجيشه نحو نصف الطريق من المدينة الى الكوفة ، وأقام في زرود على طرف الصحراء الحجازية ، ولم يدخل عملياً الى العراق !
وهذه استراتيجية أصر عليها عمر، لأنه كان يرى أنه بذلك يجر الفرس الى طرف الصحراء من جهة الحجاز ويحاربهم هناك ، فإذا انهزم المسلمون انهزموا في الصحراء التي يعرفونها ولا يعرفها الفرس ، وقد صرح في كلامه بذلك .
لكن المثنى والمسلمين عامة ، لم ينفذوا أمره بالانسحاب من العراق ، لأنه صعب عملياً ويفسره الفرس بأنه هزيمة ، كما أن الماء في زرود وشراف وأمثالها من عيون الماء وآباره في الصحراء ، لا تكفي لهم ولا لعشرة آلاف جندي وأكثر جاء بهم سعد ، ولذلك اضطر أن يرسل قسماً من جيشه الى هنا ، وقسماً الى هناك .
وقد دافعت رواية الطبري(2/659) عن عمر دفاعاً شديداً ، وجعلت نقض أهل السواد لعهود الصلح قبل وصول أمره !
قالت: «وبلغ ذلك من أمرهم واجتماعهم على يزجرد المثنى والمسلمين ، فكتبوا إلى عمر بما ينتظرون ممن بين ظهرانيهم، فلم يصل الكتاب إلى عمر حتى كفر أهل السواد من كان له منهم عهد ومن لم يكن له منهم عهد ، فخرج المثنى على حاميته حتى نزل بذي قار، وتنزل الناس بالطف في عسكر واحد ، حتى جاءهم كتاب عمر: أما بعد فاخرجوا من بين ظهري الأعاجم ، وتفرقوا في المياه التي تلى الأعاجم ، على حدود أرضكم وأرضهم » !
والصحيح أن نشاط الفرس كان متواصلاً ، وأنهم زادوا فعاليتهم مع قرى العراق ودساكره ، واستطاعوا أن يقنعوا عدداً منها بنقض عهودهم مع المسلمين. وأن عمر أرسل أمره بانسحاب المسلمين بعد انتصار المثنى في معركة البويب ، وربما قبل ذلك، ففرح به الفرس وطمعوا بغلبة المسلمين ، وسارعوا بتحشيد قواتهم للقادسية !
ب. اقترح المثنى على عمر وسعد أن تكون ساحة الحرب بينهم وبين الفرس قرب الكوفة كما نصت رواية البلاذري: (فأشار عليه بأن يحارب العدو بين القادسية والعذيب) . وهذا ما حدث أخيراً لأنه واقع عملي .
ج. لا يمكن الأخذ برواية الطبري التي تقول إن المثنى زار سعداً في زرود ، فقد نصت رواية أخرى على أنه وسعد كان ينتظر أحدهما الآخر . (فبينا الناس كذلك سعد يرجو أن يقدم عليه المثنى والمثنى يرجو أن يقدم عليه سعد، مات المثنى من جراحته التي كان جرحها يوم الجسر، انتقضت به، فاستخلف المثنى على الناس بشير بن الخصاصية ، وسعد يومئذ بزرود ). فقد كان المثنى في ذي قار قرب الناصرية وبينها وبين زرود مسافة كبيرة .
د. طالت إقامة سعد على مشارف العراق ستة أشهر، فالروايات تقول إنه انتظر حتى ينقضي الشتاء، وتقول إن المثنى في هذه المدة توفي وتزوج سعد بزوجته لما جاءته وبنى بها في زرود. فلا بد أنها أمضت عدتها بعد وفاته أربعة أشهر وعشرة أيام، مما يعني أن المثنى توفي في أوائل نزول سعد في زرود .
وقد ذكرت الروايات أن أخاه المعنى تأخر حتى حضر مع زوجة أخيه الى سعد، فقد انشغل بترتيب وضع الحيرة ، إعداداً لمعركة القادسية .
هـ. توفي المثنى في ذي قار ، ولا توجد رواية عن مدة مرضه إلا قولهم إن جراحه يوم الجسر انتقضت عليه فمات ، وأن جراحه كانت في وجهه من حلق الدرع ! وكل ما قالوه عن سبب وفاته رضي الله عنه غير مقنع .
قال الطبري:3/7: « مات المثنى من جراحته التي كان جرحها يوم الجسر انتقضت به ، فاستخلف المثنى على الناس بشير بن الخصاصية . وسعد يومئذ بزرود ومع بشير يومئذ وجوه أهل العراق ، ومع سعد وفود أهل العراق الذين كانوا قدموا على عمر ، منهم فرات بن حيان العجلي وعتيبة ، فردهم مع سعد ».
وفرات العجلي هذا من سكان مكة ، حليف لبني سهم ، وكان جاسوساً لقريش على النبي (صلى الله عليه وآله) فأسرته سرية ، فادعى أنه مسلم فتركه النبي (صلى الله عليه وآله)!
وعتيبة بن النهاس عجلي أيضاً، وكانا من قادة المثنى ، ويبدو أنهما كانا جاسوسين لعمر على المثنى ، أوكانا وفداً يشكوان المثنى لعمر ، لأنهما يحسدانه !
وقال الطبري:2/642:«وأثبت فيه حلق من درعه هتكهن الرمح» وكذا نهاية الإرب (19/184) لكن المثنى قام بعد معركة الجسر بنفسه بعمليات عسكرية ، فقد أسر قائدين من الفرس هما جابان ومردان شاه ، ثم قاد معركة بحجم معركة اليرموك وخاض معاركها بنفسه ، ثم قام بعمليات واسعة بنفسه عبر في بعضها حدود العراق الى صفين داخل سوريا ، ولم يظهر عليه أي شكاية ! وهذا يوجب الشك في أن يكون سبب وفاته جرح من حلق الدرع، كما زعموا.
ويظهر أن سلامة المثنى وفعاليته بعد معركة الجسر جعلت رواة السلطة يكذبون علناً!
ففي رواية خليفة/91: «لكن المثنى أصيب بجرح عميق فاضطر للإنسحاب بمن تبقَّى معه ، وأوغل بقومه بكر بن وائل وبني شيبان الى أعماق الصحراء ، خشية أن يفتك بهم الفرس ، فأدركته المنية فمات في بعض الطريق » !
تقول هذه الرواية إنه هرب من معركة الجسر بقومه ، فمات في الطريق! وهو كذب صريح ، لأنه بعد معركة الجسر قام بعمليات بطولية بنفسه ، وأعد لحرب البويب وقادها وخاض قتالها بنفسه ، ثم قام بعمليات واسعة بنفسه ، لا لاحظ أحد منه شكاية أو أثراً في وجهه !
و. ومما يؤكد الشك في موت المثنى تأكيد الرواة على أنه لم يخالف عمر أبداً ، وأنه أوصى وصية مؤكدة ولم يكتبها ويبعثها الى عمر على عادته ، بل أوصى أخاه المعنَّى وزوجته سلمى (الطبري:3 /9) بأن يسرعا بها الى سعد ، فانشغل المعنَّى بمعالجة وضع ملك الحيرة الذي أخذ الفرس يستميلونه ، ثم ذهب الى زرود مع أرملة أخيه سلمى ، وأوصلا الوصية الى سعد ، بموافقة المثنى على رأي عمر أن لا يقاتل الفرس داخل العراق: « وأن يقاتلهم على حدود أرضهم على أدنى حجر من أرض العرب وأدنى مدرة من أرض العجم ، فإن يظهر الله المسلمين عليهم فلهم ما وراءهم ، وإن يكن الأخرى فاؤا إلى فئة ثم يكونوا أعلم بسبيلهم وأجرأ على أرضهم إلى أن يرد الله الكرة عليهم . فلما انتهى إلى سعد رأي المثنى ووصيته ترحم عليه، وأمَّر المعنَّى على عمله، وأوصى بأهل بيته خيراً وخطب سلمى فتزوجها ، وبنى بها ».
وهذا يدلك على أن الغرض من وصية المثنى المزعومة تسكيت الذين اعترضوا على قرار عمر بسحب المسلمين ، وما سبَّبه من جرأ ة المزارعين ومَلِك الحيرة على نقض عهودهم مع المسلمين ، وانضمامهم الى الفرس !
ويدلك على أن السلطة واجهت اتهاماً من القاعدة الشعبية للمثنى بأن السلطة قتلته ، فدبرت السلطة أخاه وزوجته ليقولوا إن علاقته بسعد وعمر كانت على أفضل ما يرام وإن خطة عمر حكيمة ، وقد وافق عليها المثنى وأوصى بها عند موته ، وأمر أخاه وزوجته أن يسرعوا ويبلغوها الى سعد ليبلغها الى عمر !
وبقي عليهم أن يقولوا إن المثنى كان معجباً بسعد، وقد أوصى زوجته أن تتزوج سعداً ولا تتزوج أحد إخوته الذين هم أجمل من سعد، فقد كان سعد أسمر أفطس بينما عرف المثنى وإخوته بكمال الأجسام، وقد اختاروا المعنى في الوفد الى يزدجرد وقالوا: (وأما من لهم منظر لأجسامهم وعليهم مهابة ولهم آراء، فعطارد بن حاجب، والأشعث بن قيس، والحارث بن حسان، وعاصم بن عمرو، وعمرو بن معدي كرب، والمغيرة بن شعبة، والمعنى بن حارثة، فبعثهم دعاة إلى الملك). (الطبري:3/14)
ز. إذا لاحظنا عهد عمر على نفسه من زمن أبي بكر أن يعزل المثنى، وأنه كان يسميه مؤمر نفسه بنفسه! ففي الإصابة:5/569: «وذكر ثابت في الدلائل أن عمر كان يسميه: مُؤَمِّرُ نَفْسِهِ». مع أن أبا بكر أمَّر المثنى على العراق، ومات وهو يوصي عمر به فاضطر عمر أن يمده بجيش، ويتبنى جهاده لفتح العراق وإيران ، لكن لفترة !
ثم عزله عمر فلم ينعزل، بل فرض المثنى قيادته حتى على جرير وكل الصحابة الذين بعثهم عمر الى العراق . ثم رآه عمر ينتقد سياسته عندما قرر سحب المسلمين الى أطراف العراق الصحراوية، ويترك العراق عملياً للفرس !
فقد يكون عمر دعا على المثنى فمات ، كما دعا سعد عبادة فقتلته الجن ، أو دعا على عتبة بن غزوان عندما اعترض على تأميره سعداً عليه ، فمات في محطة في طريقه الى العراق ! (تاريخ بغداد:1/168).
أو كما دعا على العلاء الحضرمي عندما خالفه وغزا جنوب إيران فمات في نفس المحطة في طريقه الى العراق! «كتب عمر بن الخطاب إلى العلاء بن الحضرمي وهو بالبحرين أن سر إلى عتبة بن غزوان فقد وليتك عمله.. وقد وليت قبلك رجلاً فمات قبل أن يصل، فإن يرد الله أن تلي وليت» ! (الطبقات:4/260).
أو كما دعا على بلال وجماعته ، وكانوا نحو ثلاثين صحابياً في الشام فاعترضوا على عمر لتوليته معاوية المتهتك ، فدعا عليهم دعوة واحدة ، فماتوا واحداً بعد الآخر ، فلم تَدُرْ عليهم السنة حتى ماتوا جميعاً. (سنن البيهقي: 9/138) .
فقد يكون دعا على المثنى دعوة واحدة ، فاستجاب الله له ، ومات المثنى !
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
المجمع العلمي ينظّم ندوة حوارية حول مفهوم العولمة الرقمية في بابل
|
|
|