التاريخ والحضارة
التاريخ
الحضارة
ابرز المؤرخين
اقوام وادي الرافدين
السومريون
الساميون
اقوام مجهولة
العصور الحجرية
عصر ماقبل التاريخ
العصور الحجرية في العراق
العصور القديمة في مصر
العصور القديمة في الشام
العصور القديمة في العالم
العصر الشبيه بالكتابي
العصر الحجري المعدني
العصر البابلي القديم
عصر فجر السلالات
الامبراطوريات والدول القديمة في العراق
الاراميون
الاشوريون
الاكديون
بابل
لكش
سلالة اور
العهود الاجنبية القديمة في العراق
الاخمينيون
المقدونيون
السلوقيون
الفرثيون
الساسانيون
احوال العرب قبل الاسلام
عرب قبل الاسلام
ايام العرب قبل الاسلام
مدن عربية قديمة
الحضر
الحميريون
الغساسنة
المعينيون
المناذرة
اليمن
بطرا والانباط
تدمر
حضرموت
سبأ
قتبان
كندة
مكة
التاريخ الاسلامي
السيرة النبوية
سيرة النبي (صلى الله عليه وآله) قبل الاسلام
سيرة النبي (صلى الله عليه وآله) بعد الاسلام
الخلفاء الاربعة
ابو بكر بن ابي قحافة
عمربن الخطاب
عثمان بن عفان
علي ابن ابي طالب (عليه السلام)
الامام علي (عليه السلام)
اصحاب الامام علي (عليه السلام)
الدولة الاموية
الدولة الاموية *
الدولة الاموية في الشام
معاوية بن ابي سفيان
يزيد بن معاوية
معاوية بن يزيد بن ابي سفيان
مروان بن الحكم
عبد الملك بن مروان
الوليد بن عبد الملك
سليمان بن عبد الملك
عمر بن عبد العزيز
يزيد بن عبد الملك بن مروان
هشام بن عبد الملك
الوليد بن يزيد بن عبد الملك
يزيد بن الوليد بن عبد الملك
ابراهيم بن الوليد بن عبد الملك
مروان بن محمد
الدولة الاموية في الاندلس
احوال الاندلس في الدولة الاموية
امراء الاندلس في الدولة الاموية
الدولة العباسية
الدولة العباسية *
خلفاء الدولة العباسية في المرحلة الاولى
ابو العباس السفاح
ابو جعفر المنصور
المهدي
الهادي
هارون الرشيد
الامين
المأمون
المعتصم
الواثق
المتوكل
خلفاء بني العباس المرحلة الثانية
عصر سيطرة العسكريين الترك
المنتصر بالله
المستعين بالله
المعتزبالله
المهتدي بالله
المعتمد بالله
المعتضد بالله
المكتفي بالله
المقتدر بالله
القاهر بالله
الراضي بالله
المتقي بالله
المستكفي بالله
عصر السيطرة البويهية العسكرية
المطيع لله
الطائع لله
القادر بالله
القائم بامرالله
عصر سيطرة السلاجقة
المقتدي بالله
المستظهر بالله
المسترشد بالله
الراشد بالله
المقتفي لامر الله
المستنجد بالله
المستضيء بامر الله
الناصر لدين الله
الظاهر لدين الله
المستنصر بامر الله
المستعصم بالله
تاريخ اهل البيت (الاثنى عشر) عليهم السلام
شخصيات تاريخية مهمة
تاريخ الأندلس
طرف ونوادر تاريخية
التاريخ الحديث والمعاصر
التاريخ الحديث والمعاصر للعراق
تاريخ العراق أثناء الأحتلال المغولي
تاريخ العراق اثناء الاحتلال العثماني الاول و الثاني
تاريخ الاحتلال الصفوي للعراق
تاريخ العراق اثناء الاحتلال البريطاني والحرب العالمية الاولى
العهد الملكي للعراق
الحرب العالمية الثانية وعودة الاحتلال البريطاني للعراق
قيام الجهورية العراقية
الاحتلال المغولي للبلاد العربية
الاحتلال العثماني للوطن العربي
الاحتلال البريطاني والفرنسي للبلاد العربية
الثورة الصناعية في اوربا
تاريخ الحضارة الأوربية
التاريخ الأوربي القديم و الوسيط
التاريخ الأوربي الحديث والمعاصر
حذيفة بن اليمان
المؤلف: علي الكوراني العاملي
المصدر: قراءة جديدة للفتوحات الإسلامية
الجزء والصفحة: ج2، ص284- 313
13-8-2020
14469
حذيفة بن اليمان أمين سرّ رسول الله(صلى الله عليه وآله)
عُرِفَ حذيفة بأنه صاحب سِرِّ النبي (صلى الله عليه وآله) علَّمه بعض المغيبات وأسماء المنافقين، خاصة الصحابة الذين حاولوا اغتياله (صلى الله عليه وآله) ليلة العقبة في طريق رجوعه من تبوك. وقد سئل أمير المؤمنين (عليه السلام) عن حذيفة كما في الإحتجاج (1/388)، فقال: «ذاك امرؤٌ عُلِّم أسماء المنافقين، إن تسألوه عن حدود الله تجدوه بها عالماً» .
وفي تاريخ دمشق:12/275: «امرؤ عُلِّمَ المعضلات».
وأضاف فيه في تاريخ دمشق:12/275، و:21/422: «وسأل عن المعضلات حين غُفل عنها، فإن تسألوه تجدوه بها عالماً. قالوا: فحدثنا عن سلمان؟ قال: من لكم بمثل لقمان الحكيم! ذاك امرؤ منا وإلينا أهل البيت، أدرك العلم الأول وعلم الآخر، وقرأ الكتاب الأول والكتاب الآخر، بحر لا ينزف ».
وفي أمالي الطوسي/222، قال حذيفة: «إن الناس كانوا يسألون رسول الله(صلى الله عليه وآله) عن الخير ، وكنت أساله عن الشر ، فأنكر ذلك القوم عليه فقال: سأحدثكم بما أنكرتم: إنه جاء أمر الإسلام ، فجاء أمر ليس كأمر الجاهلية ، وكنت أعطيت من القرآن فقهاً ، وكانوا يجيئون فيسألون النبي(صلى الله عليه وآله) فقلت أنا: يا رسول الله ، أيكون بعد هذا الخير شر؟ قال: نعم . قلت: فما العصمة منه. قال: السيف. قال: قلت: وهل بعد السيف بقية؟ قال: نعم، تكون إمارة على إقذاء وهدنة على دخن . قال: قلت: ثم ماذا ؟ قال: ثم تفشو دعاة الضلالة ، فإن رأيت يومئذ خليفة عدل فالزمه ، وإلا فمت عاضاً على جذل شجرة » .
وفي صحيح البخاري:4/178و:8/93، قال: «كان الناس يسألون رسول الله(صلى الله عليه وآله) عن الخير وكنت أسأله عن الشر مخافة أن يدركني ، فقلت: يا رسول الله إنا كنا في جاهلية وشر ، فجاء نا الله بهذا الخير فهل بعد هذا الخير من شر؟ قال: نعم . قلت: وهل بعد هذا الشر من خير؟ قال: نعم ، وفيه دُخْن . قلت: وما دُخْنُهُ؟ قال: قوم يهدون بغير هديي تعرف منهم وتنكر . قلت: فهل بعد ذلك الخير من شر؟ قال: نعم ، دعاة إلى أبواب جهنم من أجابهم إليها قذفوه فيها ! قلت: يا رسول الله صفهم لنا . فقال: هم من جلدتنا ويتكلمون بألسنتنا » !
وفي كتاب الفتن لابن حماد/17: «قلت: وما دُخْنُه ؟ قال قوم يستنون بغير سنتي ، ويهتدون بغير هديي ، تعرف منهم وتنكر » .
وكان عمر بن الخطاب لا يصلي على صحابي مات إلا إذا صلى عليه حذيفة، ففي سنن البيهقي: 8/200: «كان عمر بن الخطاب في خلافته إذا مات رجل يظن أنه من أولئك الرهط، أخذ بيد حذيفة فاقتاده إلى الصلاة عليه، فإن مشى معه حذيفة صلى عليه ، وإن انتزع حذيفة يده فأبى أن يمشي معه ، انصرف عمر معه فأبى أن يصلي عليه ».
وفي شذرات الذهب لابن العماد الحنبلي:1/44: «كان عمر لا يصلي على ميت حتى يصلي عليه حذيفة، يخشى أن يكون من المنافقين» .
وذكر ابن كثير في السيرة النبوية:4/35، أن عمر سأل حذيفة عن نفسه هل هو من المنافقين! قال: «وروينا عن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب أنه قال لحذيفة: أقسمت عليك بالله أأنا منهم؟ قال: لا. ولا أبرى بعدك أحداً. يعني حتى لا يكون مفشياً سر النبي (صلى الله عليه وآله) ».
أقول: لقد استفاد عمر من علم حذيفة بالمنافقين والفتن استفادةً محدودة جداً وكذلك فعل أبو بكر وعثمان، وهذا لا يتناسب مع عقيدتهم وإجماعهم على أن حذيفة خبير بالمنافقين وبالفتن، وموثقٌ من النبي(صلى الله عليه وآله) ، فكان يجب عليهم الإستفادة من علمه الخطير ، وسؤاله عن المنافقين لاستبعادهم عن مناصب الدولة ، وعن الفتن لتوقي ما يمكن توقيه منها ! فلماذا يا ترى لم يفعلوا ذلك ؟
الجواب: أنه لا يناسبهم العمل بعلمه لأن رأيه منحاز لعلي وعترة النبي(صلى الله عليه وآله) يرى أنهم ورثة علم النبي(صلى الله عليه وآله) الذي لا تنجو الأمة بدونه ، وأنهم أولياء الأمة وأئمتها بأمر الله تعالى ، ولا نجاة من المنافقين والفتن والضلال إلا بتسليم قيادتها لهم وطاعتهم .
قال الباحث حسن بن فرحان المالكي في كتابه: نحو إنقاذ التاريخ الإسلامي/184: «كما أنه من المعلوم أن أعلم الناس بالفتنة حذيفة بن اليمان، وقد أوصى باتباع علي في الفتنة، ولم يأمر بالاعتزال. فكان يقول: «عليكم بالطائفة التي تدعو إلى أمر علي بن أبي طالب فإنها على الحق» رواه البزار وصححه الحافظ ابن حجر. وحذيفة أعلم بالفتن من المعتزلين، بل هو أعلم الصحابة مطلقاً بأخبار الفتن وما يجب فيها ».
اشتهر حذيفة بتشيعه لأمير المؤمنين(عليه السلام) ، وهو أحد الأركان الأربعة للتشيع الذين ثبتوا مع أمير المؤمنين(عليه السلام) واستعدوا للموت في مواجهة مؤامرة السقيفة .
قال العلامة في الخلاصة/131: «حذيفة بن اليمان العبسي عداده في الأنصار ، أحد الأركان الأربعة ، من أصحاب أمير المؤمنين(عليه السلام) ».
وروى عنه في الكافي:8/32 ، أن أمير المؤمنين(عليه السلام) خطب بعد السقيفة خطبة بليغة ، جاء فيها: «أيها الأمة التي خُدعت فانخدعت ، وعرفت خديعة من خدعها فأصرت على ما عرفت ، واتبعت أهواءها ، وضربت في عشواء غوايتها ، وقد استبان لها الحق فصدت عنه ، والطريق الواضح فتنكبته...
والذي فلق الحبة وبرأ النسمة ، لقد علمتم أني صاحبكم والذي به أمرتم ، وأني عالمكم والذي بعلمه نجاتكم ، ووصي نبيكم وخيرة ربكم ولسان نوركم ، والعالم بما يصلحكم ، فعن قليل رويداً ينزل بكم ما وُعدتم ، وما نزل بالأمم قبلكم ، وسيسألكم الله عز وجل عن أئمتكم ، معهم تحشرون وإلى الله عز وجل غداً تصيرون... قال ثم خرج من المسجد فمر بصيرة فيها نحو من ثلاثين شاة ، فقال: والله لو أن لي رجالاً ينصحون لله عز وجل ولرسوله(صلى الله عليه وآله) بعدد هذه الشياه لأزلت أبن آكلة الذبان عن ملكه . قال: فلما أمسى بايعه ثلاث مائة وستون رجلاً على الموت ، فقال لهم أمير المؤمنين(عليه السلام) : أغدوا بنا إلى أحجار الزيت مُحَلِّقِين، وحَلَقَ أمير المؤمنين(عليه السلام) ، فما وافى من القوم محلقاً إلا أبو ذر والمقداد وحذيفة بن اليمان وعمار بن ياسر ، وجاء سلمان في آخر القوم .
فرفع يده(عليه السلام) إلى السماء فقال: اللهم إن القوم استضعفوني ، كما استضعفت بنو إسرائيل هارون ، اللهم فإنك تعلم ما نخفي وما نعلن وما يخفى عليك شئ في الأرض ولا في السماء ، توفني مسلماً وألحقني بالصالحين ».
وأحاديث تشيع حذيفة ، وتشدده في التشيع ، كثيرة تزيد على مئة حديث ، وفيها متواتر ، وقد روت مصادر الطرفين عدداً منها!
فمن ذلك ما رواه محمد بن سليمان في المناقب:1/222 ، بسنده عن ربيعة السعدي ، وروته مصادر الطرفين ، قال ربيعة: « أتيت حذيفة بن اليمان فقلت: يا أبا عبد الله إنا نتحدث في علي وفي مناقبه فيقول لنا أهل البصرة: إنكم لتفرطون في علي وفي مناقبه ، فهل أنت تحدثني في علي بحديث ؟ فقال حذيفة: يا ربيعة إنك لتسألني عن رجل والذي نفسي بيده لو وضع عمل جميع أصحاب محمد(صلى الله عليه وآله) في كفة الميزان من يوم بعث الله محمداً إلى يوم الناس هذا ، ووضع عمل علي يوماً واحداً في الكفة الأخرى، لرجح عمله على جميع أعمالهم!
فقال ربيعة: هذا الذي لا يقام له ولا يقعد ! فقال حذيفة: وكيف لا يُحتمل هذا يا ملكعان (يا أحمق) ! أين كان أبو بكر وعمر وحذيفة ثكلتك أمك ، وجميع أصحاب محمد يوم عمرو بن عبد ود ينادي للمبارزة؟ فأحجم الناس كلهم ما خلا علياً فقتله الله على يديه ؟! والذي نفسي بيده لعمله ذلك اليوم أعظم عند الله من جميع أعمال أمة محمد(صلى الله عليه وآله) إلى يوم القيامة » .
ومن ذلك: فرحته قبل أن يموت لما بلغه بيعة المسلمين لأمير المؤمنين(عليه السلام) ، فخطب خطبة بليغة صريحة ، روى منها في مروج الذهب:2/383، فقال: «وقد كان حذيفة عليلاً بالكوفة في سنة ست وثلاثين ، فبلغه قتل عثمان وبيعة الناس لعلي فقال: أخرجوني وادعوا الصلاةَ جامعةً فوضع على المنبر، فحمد الله وأثنى عليه وصلى على النبي وعلى آله ، ثم قال:
أيها الناس، إن الناس قد بايعوا علياً فعليكم بتقوى الله وانصروا علياً ووازروه فو الله إنه لعلى الحق آخراً وأولًا ، وإنه لخير من مضى بعد نبيكم ومن بقي الى يوم القيامة ، ثم أطبق يمينه على يساره ثم قال: اللهم اشهد إني قد بايعت علياً ، وقال: الحمد لله الذي أبقاني الى هذا اليوم . وقال لابنيه صفوان وسعد: إحملاني وكونا معه ، فستكون له حروب كثيرة فيهلك فيها خلق من الناس ، فاجتهدا أن تستشهدا معه ، فإنه والله على الحق ومن خالفه على الباطل . ومات حذيفة بعد هذا اليوم بسبعة أيام ، وقيل: بأربعين يوماً ».
وروى هذه الخطبة بتفصيلها الديلمي في إرشاد القلوب:2/323: وفيها: «صعد المنبر فحمد الله وأثنى عليه ، وصلى على محمد وآل محمد ، ثم قال: الحمد لله الذي أحيا الحق وأمات الباطل وجاء بالعدل ودحض الجور وركبت الظالمين .
أيها الناس إنما وليكم الله ورسوله وأمير المؤمنين حقاً حقاً، وخير من نعلمه بعد نبينا رسول الله(صلى الله عليه وآله) ، وأولى الناس بالناس، وأحقهم بالأمر ، وأقربهم إلى الصدق وأرشدهم إلى العدل ، وأهداهم سبيلاً ، وأدناهم إلى الله وسيلة وأقربهم برسول الله(صلى الله عليه وآله) رحماً . أنيبوا إلى طاعة أول الناس سلماً، وأكثرهم علماً، وأصدقهم طريقة ، وأسبقهم إيماناً ، وأحسنهم يقيناً ، وأكثرهم معروفاً ، وأقدمهم جهاداً ، وأعزهم مقاماً...
فقام الناس بأجمعهم فبايعوا أمير المؤمنين (عليه السلام) بأحسن بيعة وأجمعها .
فلما استتمت البيعة ، قام إليه فتى من أبناء العجم وولاة الأنصار لمحمد بن عمارة بن التيهان أخي أبي الهيثم بن التيهان ، يقال له مسلم متقلداً سيفاً ، فناداه من أقصى الناس: أيها الأمير ، إنا سمعناك تقول في أول كلامك إنما وليكم الله ورسوله وأمير المؤمنين حقاً حقاً ، تعريضاً بمن كان قبله من الخلفاء أنهم لم يكونوا أمراء المؤمنين حقاً ، فعرِّفنا ذلك أيها الأمير رحمك الله ، ولا تكتمنا ، فإنك ممن شهد وغبنا ، ونحن مقلدون ذلك في أعناقكم ، والله شاهد عليكم فيما تأتون به من النصيحة لأمتكم ، وصدق الخبر عن نبيكم(صلى الله عليه وآله) .
قال حذيفة: أيها الرجل، أما إذا سألت وفحصت هكذا فاسمع وافهم ما أخبرك به. أما من تقدم من الخلفاء قبل علي بن أبي طالب ممن تسمى بأمير المؤمنين، فإنهم تسموا بذلك، وسماهم الناس به .
وأما علي بن أبي طالب (عليه السلام) فإن جبرائيل سماه بهذا الإسم عن الله تعالى وشهد له الرسول (صلى الله عليه وآله) عن جبرائيل بإمرة المؤمنين، وكان أصحاب رسول الله يدعونه في حياة رسول الله بأمير المؤمنين. قال الفتى: أخبرنا كيف كان ذلك ، يرحمك الله.
قال حذيفة... وذكر حديث النبي (صلى الله عليه وآله) في ذلك وهو طويل وفيه موقف أبي بكر وعمر وأبي عبيدة من أمر النبي(صلى الله عليه وآله) .. وقال للفتى: هذه أنباء ما سألتني عنه .
فقال الفتى: لا جزى الله الذين شاهدوا رسول الله (صلى الله عليه وآله) وسمعوه يقول هذا القول في عليٍّ، خيراً ، فقد خانوا الله ورسوله وأزالوا الأمر عمن رضي به الله وأقروه فيمن لم يره الله ولا رسوله لذلك أهلاً ، لا جرم والله لن يفلحوا بعدها أبداً ! ونزل حذيفة عن منبره فقال: يا أخا الأنصار إن الأمر كان أعظم مما تظن! إنه عزب والله البصر، وذهب اليقين، وكثر المخالف، وقل الناصر لأهل الحق !
فقال له الفتى: فهلا انتضيتم أسيافكم ووضعتموها على رقابكم ، وضربتم بها الزائلين عن الحق قدماً قدماً حتى تموتوا ، أو تدركوا الأمر الذي تحبونه من طاعة الله عز وجل ، وطاعة رسوله(صلى الله عليه وآله) ؟
فقال له: أيها الفتى إنه أُخذ والله بأسماعنا وأبصارنا وكرهنا الموت ، وزينت عندنا الحيرة وسبق علم الله بإمرة الظالمين ، ونحن نسأل الله الصفح لذنوبنا ، والعصمة فيما بقي من آجالنا ، فإنه مالك رحيم .
ثم انصرف حذيفة إلى منزله وتفرق الناس .
ثم قال الراوي وهو عبد الله بن سلمة: فبينما أنا ذات يوم عند حذيفة أعوده في مرضه الذي مات فيه وقد كان يوم قدمت فيه من الكوفة وذلك من قبل قدوم علي(عليه السلام) إلى العراق ، فبينما أنا عنده إذ جاء الفتى الأنصاري فدخل على حذيفة فرحب به.. ثم ذكر حديث حذيفة مع الفتى الأنصاري، وهو طويل وفيه حقائق كثيرة عن إخبار النبي(صلى الله عليه وآله) بما يجري بعده على علي والعترة^ ، وإتمامه الحجة على المخالفين لهم .
وكان حذيفة يستعمل أسلوب المدارة والتقية ، مع الحاكم ، روى عنه ذلك الموالون والمخالفون ، قال الذهبي في سيره:2 /361: « حذيفة بن اليمان ، من نجباء أصحاب محمد ، وهو صاحب السر... كان يقول: ما أدرك هذا الأمر أحد من الصحابة إلا قد اشترى بعض دينه ببعض ! قالوا: وأنت ؟ قال: وأنا والله » ! إني لأدخل على أحدهم وليس أحد إلا فيه محاسن ومساوئ فأذكر من محاسنه ، وأعرض عما سوى ذلك ، وربما دعاني أحدهم إلى الغداء فأقول: إني صائم ، ولست بصائم ».
ومعنى شراء بعض دينه ببعض: أنه كان يكتم أحاديث النبي(صلى الله عليه وآله) ويكتم رأيه في الحاكم الذي يعتقد بنفاقه ، حتى لا يعاديه ويمنعه من خدمة الإسلام وأمته ، وقيادة معارك الفتوحات ! ويدل قوله إنه صائم وليس بصائم، على أنه يرى جواز الكذب للتخلص من أكل الحرام أو المشبوه .
قال السرخسي في المبسوط:24/46: «وقد كان حذيفة ممن يستعمل التقية على ما روى أنه يداري رجلاً فقيل له إنك منافق! فقال: لا، ولكني أشتري ديني بعضه ببعض، مخافة أن يذهب كله ».
وقال السرخسي:30/214: «عن النزال بن سيدة قال: جعل حذيفة يحلف لعثمان على أشياء بالله ما قالها، وقد سمعناه يقولها ، فقلنا له: يا أبا عبد الله سمعناك تحلف لعثمان على أشياء ما قلتها ، وقد سمعناك قلتها ! فقال: إني أشتري ديني بعضه ببعض، مخافة أن يذهب كله . وإن حذيفة من كبار الصحابة، وكان بينه وبين عثمان بعض المداراة ، فكان يستعمل معاريض الكلام فيما يخبره به ويحلف له عليه ، فلما أشكل على السامع سأله عن ذلك فقال: إني اشترى ديني بعضه ببعض ، يعني أستعمل معاريض الكلام على سبيل المداراة ، أو كأنه كان يحلف ما قالها ويعنى ما قالها في هذا المكان ، أو في شهر كذا.. فهذا ونحوه من باب استعمال المعاريض ».
ومعنى المعاريض: التورية تقيةً وتخلصاً من الكذب ، لكن الظاهر من كلام حذيفة أنه يستحل الكذب للضرورة ، وأن الضرورة عنده واسعة ، فهي تشمل التعايش مع الحاكم ومدحه لأغراض دينية .
ومع أن علاقة حذيفة مع الخلفاء كانت جيدة، وكانوا يحترمونه احتراماً خاصاً، فقد كان بعضهم يتجسس عليه لينم عليه عند الخليفة.
روى الترمذي:3/253: « عن همام بن الحارث قال: مر رجل على حذيفة بن اليمان فقيل له هذا يبلغ الأمراء الحديث عن الناس ، فقال حذيفة: سمعت رسول الله(صلى الله عليه وآله) يقول: لا يدخل الجنة قَتَّات » . أي جاسوس نمام.
وقد وصف حذيفة تسلط المنافقين بعد وفاة النبي(صلى الله عليه وآله) .
قال البخاري في صحيحه:8/100: «عن حذيفة بن اليمان قال: إن المنافقين اليوم شرٌّ منهم على عهد النبي(صلى الله عليه وآله) ، كانوا يومئذ يُسِرُّون ، واليوم يجهرون » !
وفي صحيح البخاري: 4/34: «ابتلينا حتى أن الرجل ليصلى وحده وهو خائف».
وفي صحيح مسلم:1/91: «فابتلينا حتى جعل الرجل منا لا يصلي إلا سراً ».
وقال ابن حجر في شرحه في فتح الباري:6/124: «وأما قول حذيفة: فلقد رأيتنا ابتلينا إلى آخره ، فيشبه أن يكون أشار بذلك إلى ما وقع في أواخر خلافة عثمان من ولاية بعض أمراء الكوفة كالوليد بن عقبة ، حيث كان يؤخر الصلاة أو لا يقيمها على وجهها، وكان بعض الورعين يصلي وحده سراً أ ثم يصلي معه خشية من وقوع الفتنة. وقيل كان ذلك حين أتم عثمان الصلاة في السفر أ وكان بعضهم يقصر سراً وحده أ خشية الإنكار » .
أقول: يدل قول حذيفة على أن تحريف الحكام وصل في عهده الى الوضوء والصلاة !
ولا ننس أن حذيفة من كبار الفقهاء ، فقد اختصم جيرانٌ في ملكية جدار قصب بينهم فبعثه النبي(صلى الله عليه وآله) ليقضي بينهم ، فقضى أن معاقد القصب من جهة أحدهم أمارة على ملكيته ، فأمضى ذلك النبي(صلى الله عليه وآله) وصار قاعدة في أمارات اليد والملكية . (العروة الوثقى:6/649، ومغني ابن قدامة:5/43)
قال حذيفة إن النبي(صلى الله عليه وآله) حَذَّرَ من اثني عشر إماماً ، وبَشَّرَ باثني عشر إماماً ! روى ابن حماد في كتاب الفتن/15، عن حذيفة قال: «ما من صاحب فتنة يبلغون ثلاث مائة إنسان إلا ولو شئت أن أسميه باسمه واسم أبيه ومسكنه إلى يوم القيامة ، كل ذلك مما علمنيه رسول الله(صلى الله عليه وآله) ».
وقال كما في صحيح مسلم:8/122، قال النبي(صلى الله عليه وآله) : « في أصحابي اثنا عشر رجلاً منافقاً لا يدخلون الجنة ولا يجدون ريحها حتى يلج الجمل في سم الخياط ».
وفي كفاية الأثر/136، قال: «صلى بنا رسول الله(صلى الله عليه وآله) ثم أقبل بوجهه الكريم علينا فقال: معاشر أصحابي أوصيكم بتقوى الله والعمل بطاعته ، فمن عمل بها فاز وغنم ، ومن تركها حلت به الندامة ، فالتمسوا بالتقوى السلامة من أهوال يوم القيامة ، فكأني أدعى فأجيب ، وإني تارك فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي أهل بيتي ، ما إن تمسكتم بهما لن تضلوا ، ومن تمسك بعترتي من بعدي كان من الفائزين ، ومن تخلف عنهم كان من الهالكين . فقلت: يا رسول الله على من تخلفنا؟ قال: على من خلف موسى بن عمران قومه؟ قلت: على وصيه يوشع بن نون. قال: فإن وصي وخليفتي من بعدي علي بن أبي طالب، قائد البررة وقاتل الكفرة، منصور من نصره مخذول من خذله .
قلت: يا رسول الله فكم يكون الأئمة من بعدك؟ قال: عدد نقباء بني إسرائيل تسعة من صلب الحسين ، أعطاهم الله علمي وفهمي...ثم رفع رسول الله(صلى الله عليه وآله) يده إلى السماء ودعا بدعوات فسمعته فيما يقول: اللهم اجعل العلم والفقه في عقبي وعقب عقبي ، وفي زرعي وزرع زرعي» .
كان حذيفة يخبر المسلمين بغرائب ستحدث ، فيدهشون ويتحيرون ، فقد روى ابن حماد بسند صحيح عندهم في كتابه الفتن/45، أن حذيفة قال:« لو حدثتكم أن أمكم تغزوكم أتصدقوني ؟ قالوا أو حق ذلك ؟ قال حق » !
وفي إرشاد القلوب/337: عن حذيفة قال: « أمر رسول الله(صلى الله عليه وآله) خادمةً لأم سلمة فقال: إجمعي لي هؤلاء يعني نساءه ، فجمعتهن له في منزل أم سلمة ، فقال لهن: إسمعن ما أقول لكن ، وأشار بيده إلى علي بن أبي طالب ، فقال لهن: هذا أخي ووصيي ووارثي ، والقائم فيكن وفي الأمة من بعدي ، فأطعنه فيما يأمركن به ، ولا تعصينه فتهلكن لمعصيته . ثم قال: يا علي أوصيك بهن ، فأمسكهن ما أطعن الله وأطعنك ، وأنفق عليهن من مالك ، وأمرهن بأمرك ، وانههن عما يريبك ، وخل سبيلهن إن عصينك . فقال علي(عليه السلام) : يا رسول الله إنهن نساء وفيهن الوهن وضعف الرأي . فقال(صلى الله عليه وآله) : إرفق بهن ما كان الرفق أمثل ، فمن عصاك منهن فطلقها طلاقاً يبرأ الله ورسوله منها . قال: كل نساء النبي(صلى الله عليه وآله) قد صمتن فما يقلن شيئاً ، فتكلمت عائشة فقالت: يا رسول الله ما كنا لتأمرنا بشئ فنخالفه إلى ما سواه ! فقال لها: بلى قد خالفت أمري أشد خلاف ! وأيم الله لتخالفين قولي هذا ولتعصينه بعدي، ولتخرجين من البيت الذي خلفتك فيه متبرجة فيه، قد حف بك فئامٌ من الناس، فتخالفينه ظالمة له عاصية لربك ولتنبحنك في طريقك كلاب الحوأب. ألا أن ذلك كائن! ثم قال: قمن فانصرفن إلى منازلكن. فقمن فانصرفن » !
وفي أمالي المفيد/58: «سمعت حذيفة بن اليمان قبل أن يقتل عثمان بن عفان بسنة وهو يقول: كأني بأمكم الحميراء قد سارت ، يساق بها على جمل وأنتم آخذون بالشوى والذنب ، معها الأزد أدخلهم الله النار ، وأنصارها بنوضبة جذَّ الله أقدامهم ! قال: فلما كان يوم الجمل وبرز الناس بعضهم لبعض نادى منادي أمير المؤمنين صلوات الله عليه: لا يبدأنَّ أحد منكم بقتال حتى آمركم . قال: فرموا فينا فقلنا: يا أمير المؤمنين قد رمينا ، فقال: كُفُّوا ، ثم رمونا فقتلوا منا ، قلنا يا أمير المؤمنين قد قتلونا ، فقال: إحملوا على بركة الله . قال: فحملنا عليهم فأنشب بعضنا في بعض الرماح حتى لو مشى ماش لمشي عليها ، ثم نادي منادي علي: عليكم بالسيوف فجعلنا نضرب بها البيض فتنبوا لنا ، فنادى منادي أمير المؤمنين: عليكم بالأقدام . قال: فما رأينا يوماً كان أكثر قطع أقدام منه .
قال: فذكرت حديث حذيفة أنصارها بنو ضبة جذَّ الله أقدامهم فعلمت أنها دعوة مستجابة. ثم نادى منادي أمير المؤمنين (عليه السلام): عليكم بالبعير فإنه شيطان. قال: فعقره رجل برمحه، وقطع إحدى يديه رجل آخر فبرك ورغا، وصاحت عائشة صيحة شديدة، فولى الناس منهزمين، فنادى منادي أمير المؤمنين(عليه السلام) : لا تجيزوا على جريح ، ولا تتبعوا مدبراً ، ومن أغلق بابه فهو آمن ، ومن ألقى سلاحه فهو آمن ».
رووا عنه مديحاً لبعض الخلفاء ، فإن صح فلا بد أن يكون من باب التقية كالذي رواه الذهبي في سيره:1/478: «عن حذيفة قال: قال رسول الله(صلى الله عليه وآله) : اقتدوا باللذين من بعدي أبي بكر وعمر ، واهتدوا بهدي عمار ، وتمسكوا بعهد ابن أم عبد » .
والذي رواه البخاري:1/133: «سمعت حذيفة قال: كنا جلوساً عند عمر فقال: أيكم يحفظ قول رسول الله(صلى الله عليه وآله) في الفتنة؟ قلت.. ليس عليك منها بأس يا أمير المؤمنين ، إن بينك وبينها باباً مغلقاً . قال: أيكسر أم يفتح؟ قال: يكسر . قال إذاً لا يغلق أبداً. قلنا: أكان عمر يعلم الباب؟ قال: نعم كما أن دون الغد الليلة . إنى حدثته بحديث ليس بالأغاليط ، فهبنا أن نسأل حذيفة ، فأمرنا مسروقاً فسأله فقال: الباب عمر». على أن هذا إخبار عما سيحدث أكثر منه مدحاً .
شارك في حرب أحُد وما بعدها، واستشهد فيها أبوه وكان شيخاً كبيراً !
في معجم الطبراني الكبير:3/162: «عن عامر بن سعد أنه أقبل حذيفة وأبوه يوم بدر فلقيهم أبو جهل وأصحابه، فقالوا لهما: لعلكما تريدان محمداً، قالا قلنا: لا. قال: فأخذ علينا أن لا نعين عليهم. فلما أتينا النبي (صلى الله عليه وآله) ذكرنا ذلك له وقلنا: يا نبي الله إن القوم قد أخذوا علينا، وإن أمرتنا أن نقاتل معك فعلنا. فقال: بل نستعين الله ونفي لهم». ونحوه الحاكم:3/201.
وقال ابن هشام في السيرة النبوية:3/604: «لما خرج رسول الله(صلى الله عليه وآله) إلى أحُد ، رُفع حسيل بن جابر وهو اليمان أبو حذيفة بن اليمان ، وثابث بن وقش ، في الآطام مع النساء والصبيان ، فقال أحدهما لصاحبه وهما شيخان كبيران: لا أباً لك ما تنتظر! فوالله ما بقي لواحد منا من عمره إلا ظمء حمار إنما نحن هامة اليوم أوغد، أفلا نأخذ أسيافنا ثم نلحق برسول الله (صلى الله عليه وآله) لعل الله يرزقنا شهادة مع رسول الله(صلى الله عليه وآله) ؟ فأخذا أسيافهما ثم خرجا، حتى دخلا في الناس ولم يُعلم بهما . فأما ثابت بن وقش فقتله المشركون، وأما حسيل بن جابر فاختلفت عليه أسياف المسلمين، فقتلوه ولا يعرفونه ، فقال حذيفة: أبى ! فقالوا: والله إن عرفناه ، وصدقوا. قال حذيفة: يغفر الله لكم وهو أرحم الراحمين ، فأراد رسول الله(صلى الله عليه وآله) أن يَدِيَهُ، فتصدق حذيفة بديته على المسلمين، فزاده ذلك عند رسول الله خيراً ».
وفي أنساب الأشراف:1/322: «والتفَّت سيوف المسلمين على أبى حذيفة بن اليمان وهو حسيل بن جابر فقتل، وحذيفة يقول: أبي أبي ! ثم قال: يغفر الله لكم وهو أرحم الراحمين. ويقال إن الذي أصابه عتبة بن مسعود، فوهب حذيفة دمه للمسلمين.. وأظهر المسلمون الشعار بعدُ » .
وكان لحذيفة أدوار تضحية في معارك النبي(صلى الله عليه وآله) ، منها: أن النبي(صلى الله عليه وآله) اختاره يوم الخندق ، وأمره أن يذهب ليلاً ، ويدخل الى معسكر المشركين ويأتيه بخبرهم !
قال الإمام الصادق(عليه السلام) ، كما في الكافي:8/277: «قام رسول الله(صلى الله عليه وآله) على التل الذي عليه مسجد الفتح في غزوة الأحزاب ، في ليلة ظلماء قرَّة (باردة) فقال: من يذهب فيأتينا بخبرهم وله الجنة؟ فلم يقم أحد ، ثم أعادها فلم يقم أحد !
فقال أبو عبد الله بيده: وما أراد القوم ، أرادوا أفضل من الجنة ؟!
ثم قال: من هذا ؟ فقال: حذيفة ، فقال: أما تسمع كلامي منذ الليلة ولا تَكلم! أقُبِرْت؟! فقام حذيفة وهو يقول: القَرُّ والضُّرُّ جعلني الله فداك منعني أن أجيبك فقال رسول الله(صلى الله عليه وآله) : إنطلق حتى تسمع كلامهم وتأتيني بخبرهم ، فلما ذهب قال رسول الله(صلى الله عليه وآله) : اللهم احفظه من بين يديه ومن خلفه وعن يمينه وعن شماله حتى ترده . وقال له رسول الله(صلى الله عليه وآله) : يا حذيفة لا تحدث شيئاً حتى تأتيني ، فأخذ سيفه وقوسه وحجفته . قال حذيفة: فخرجت وما بي من ضُر ولا قَر ، فمررت على باب الخندق وقد اعتراه المؤمنون والكفار . (تواجدوا عليه) .
فلما توجه حذيفة قام رسول الله(صلى الله عليه وآله) ونادى: يا صريخ المكروبين ، ويا مجيب المضطرين ، إكشف همي وغمي وكربي ، قد ترى حالي وحال أصحابي .
فنزل عليه جبرئيل(عليه السلام) فقال: يا رسول الله إن الله عز ذكره قد سمع مقالتك ودعاءك ، وقد أجابك وكفاك هول عدوك . فجثى رسول الله(صلى الله عليه وآله) على ركبتيه وبسط يديه وأرسل عينيه ، ثم قال: شكراً شكراً كما رحمتني ورحمت أصحابي .
ثم قال رسول الله(صلى الله عليه وآله) : قد بعث الله عز وجل عليهم ريحاً من السماء الدنيا فيها حصى ، وريحاً من السماء الرابعة فيها جندل .
قال حذيفة: فخرجت فإذا أنا بنيران القوم ، وأقبل جند الله الأول ريحٌ فيها حصى ، فما تركت لهم ناراً إلا أذرتها ، ولا خباءً إلا طرحته ، ولا رمحاً إلا ألقته حتى جعلوا يتترسون من الحصى ، فجعلنا نسمع وقع الحصى في الأترسة ، فجلس حذيفة بين رجلين من المشركين ، فقام إبليس في صورة رجل مطاع في المشركين ، فقال: أيها الناس إنكم قد نزلتم بساحة هذا الساحر الكذاب ، ألا وإنه لن يفوتكم من أمره شئ ، فإنه ليس سنة مقام ، قد هلك الخف والحافر فارجعوا ، ولينظر كل رجل منكم من جليسه ، قال حذيفة: فنظرت عن يميني فضربت بيدي فقلت: من أنت؟ فقال: معاوية . فقلت للذي عن يساري: من أنت ؟ فقال سهيل بن عمرو !
قال حذيفة: وأقبل جند الله الأعظم ، فقام أبو سفيان إلى راحلته ثم صاح في قريش: النجاء النجاء ! وقال طلحة الأزدي: لقد زادكم محمد بشر! ثم قام إلى راحلته وصاح في بني أشجع: النجاء النجاء ! وفعل عيينة بن حصن مثلها، ثم فعل الحرث بن عوف المزني مثلها ، ثم فعل الأقرع بن حابس مثلها ، وذهب الأحزاب ، ورجع حذيفة إلى رسول الله(صلى الله عليه وآله) فأخبره الخبر . قال أبو عبد الله(عليه السلام) : إنه كان ليشبه يوم القيامة » .
وفي رواية الواقدي:1/488: «فكان حذيفة بن اليمان يقول: لقد رأيتنا في الخندق مع رسول الله(صلى الله عليه وآله) في ليلةٍ شديدة البرد ، قد اجتمع علينا البرد والجوع والخوف ، فقال رسول الله(صلى الله عليه وآله) : من رجلٌ ينظر لنا ما فعل القوم جعله الله رفيقي في الجنة . فقال حذيفة: يشرط له رسول الله(صلى الله عليه وآله) الجنة والرجوع فما قام منا رجلٌ ! ثم عاد يقول ذلك ثلاث مرات ، وما قام رجلٌ واحدٌ من شدة الجوع والقر والخوف. فلما رأى رسول الله(صلى الله عليه وآله) ذلك لا يقوم أحد دعاني فقال: يا حذيفة ! قال: فلم أجد بداً من القيام حين فوَّهَ باسمي ، فجئته ولقلبي وَجَبَانٌ في صدري، فقال: تسمع كلامي منذ الليلة ولا تقوم ! فقلت: لا والذي بعثك بالحق إن قدرت على ما بي من الجوع والبرد . فقال: إذهب فانظر ما فعل القوم ولا ترمين بسهمٍ ولا بحجر ولا تطعن برمح ولا تضربن بسيفٍ حتى ترجع إلي . فقلت: يا رسول الله مابي يقتلوني ، ولكني أخاف أن يمثلوا بي . قال رسول الله(صلى الله عليه وآله) : ليس عليك بأس! فعرفت أنه لا بأس عليَّ.. فأقبلت فجلست على نارٍ مع قوم ، فقام أبو سفيان فقال: إحذروا الجواسيس والعيون ، ولينظر كل رجلٍ جليسه . قال فالتفتُّ إلى عمرو بن العاص فقلت: من أنت وهو عن يميني. فقال: عمرو بن العاص . والتفت إلى معاوية بن أبي سفيان فقلت: من أنت فقال: معاوية بن أبي سفيان . ثم قال أبو سفيان: إنكم والله لستم بدار مقام ، لقد هلك الخف والكراع وأجدب الجناب ، وأخلفتنا بنو قريظة وبلغنا عنهم الذي نكره ، وقد لقينا من الريح ما ترون ! والله ما يثبت لنا بناءٌ ، ولا تطمئن لنا قِدْر ، فارتحلوا فإني مرتحل..الخ.».
ومنها: مشاهدته الصحابة المنافقين الذين شاركوا في مؤامرة اغتيال النبي(صلى الله عليه وآله) ، فقد روى مسلم في صحيحه: 8/123، عن أبي الطفيل قال: «كان بين رجل من أهل العقبة وبين حذيفة بعض ما يكون بين الناس ، فقال: أنشدك بالله كم كان أصحاب العقبة؟ قال فقال له القوم: أخبره إذْ سألك ! قال: كنا نُخْبَر أنهم أربعة عشر ، فإن كنت منهم فقد كان القوم خمسة عشر! وأشهد بالله أن اثني عشر منهم حربٌ لله ولرسوله في الحياة الدنيا ويوم يقوم الأشهاد ! وعَذَرَ ثلاثة قالوا: ما سمعناه منادي رسول الله (صلى الله عليه وآله) ولا علمنا بما أراد القوم ! وقد كان في حَرَّة فمشى فقال: إن الماء قليل فلا يسبقني إليه أحد ، فوجد قوماً قد سبقوه فلعنهم يومئذ».
يقصد الراوي أن النبي(صلى الله عليه وآله) عَذَر ثلاثة منافقين كانوا في أعلى الجبل مع الذين كمنوا لقتله ، وقَبل قولهم إنهم لم يسمعوا منادي النبي(صلى الله عليه وآله) في جيش تبوك بأن يمروا من خلف الجبل ولا يمر أحد من طريق العقبة ، الذي أراد أن يسلكه !
أما قصة الذين سبقوا النبي(صلى الله عليه وآله) الى الماء وشربوا فلعنهم ، فهي حادثة منفصلة عن مؤامرة العقبة في المكان والزمان ، وقد شرب منه بعض أصحاب العقبة ، فلعنهم النبي (صلى الله عليه وآله) ثانيةً ، بعد لعنة العقبة !
وقد أنزل الله في مؤامرة العقبة: يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ. يَحْلِفُونَ بِاللهِ مَا قَالُوا وَلَقَدْ قَالُوا كَلِمَةَ الْكُفْرِ وَكَفَرُوا بَعْدَ إِسْلامِهِمْ وَهَمُّوا بِمَا لَمْ يَنَالُوا وَمَا نَقَمُوا إِلا أَنْ أَغْنَاهُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ مِنْ فَضْلِهِ..
واتفق الرواة على أن غزوة تبوك كانت في الصيف ، وكانوا يسيرون ليلاً اتقاء الحر ، وكان أمامهم طريق مختصر من العقبة لا يصلح لجيش من ثلاثين ألفاً فسلك الجيش طريق الوادي ، وقرر النبي(صلى الله عليه وآله) أن يسلك طريق العقبة ، وأحس بشئ ، فنادى مناديه أن لا يسلك أحد العقبة .
فبادر المتآمرون وصعدوا الجبل ليدحرجوا صخوراً كبيرة عليه فتقتله، أو تنفر ناقته فتسقط في الوادي، وكان مسلكاً ضيقاً يتسع في نقطة منه لجمل واحد ، وكان واديه عميقاً ، روي أنه مقدار ألف رمح ! (البحار: 82/267).
ومعنى رواية صحيح مسلم الرسمية أن المتآمرين كانوا بعد وفاة النبي(صلى الله عليه وآله) بين المسلمين ، وكان حذيفة وعمار يعرفانهم . وقد أمر الله نبيه (صلى الله عليه وآله) أن لا يعاقبهم وأن يكتم أسماءهم ، لأن قتلهم يسبب ارتداد قريش وبعض العرب !
قال الواقدي: 2/1042: «فلما أصبح قال له أسيد بن الحضير...يا رسول الله فقد اجتمع الناس ونزلوا ، فمُرْ كل بطنٍ أن يقتل الرجل الذي همَّ بهذا . فيكون الرجل من عشيرته هو الذي يقتله . وإن أحببت والذي بعثك بالحق فنبئني بهم فلا تبرح حتى آتيكم برؤوسهم ، وإن كانوا في النبيت فكفيتكهم ، وأمرت سيد الخزرج فكفاك من في ناحيته ، فإن مثل هؤلاء لا يتركون يا رسول الله ! حتى متى نداهنهم وقد صاروا اليوم في القلة والذلة ، وضرب الإسلام بجرانه ، فما تستبقي من هؤلاء؟! قال رسول الله(صلى الله عليه وآله) : يا أسيد إني أكره أن يقول الناس إن محمداً لما انقضت الحرب بينه وبين المشركين ، وضع يده في قتل أصحابه ! فقال: يا رسول الله فهؤلاء ليسوا بأصحاب ! قال رسول الله(صلى الله عليه وآله) : أليس يظهرون شهادة أن لا إله إلا الله؟ قال: بلى ولا شهادة لهم ! قال: أليس يظهرون أني رسول الله؟ قال: بلى ولا شهادة لهم ! قال: فقد نهيت عن قتل أولئك ».
وفي تاريخ دمشق: 32/93، عن حكيم قال: «كنت جالساً مع عمار فجاء أبو موسى فقال: مالي ولك ألست أخاك ؟ قال: ما أدري ، إلا أني سمعت رسول الله(صلى الله عليه وآله) يلعنك ليلة الجبل ! قال: إنه قد استغفر لي ! قال عمار: قد شهدت اللعن ، ولم أشهد الإستغفار!
شارك حذيفة في فتوح الشام، وجاء ببشارة النصر في اليرموك، الى عمر، ففي أسد الغابة:1/391: «شهد حذيفة فتح الجزيرة، ونزل نصيبين وتزوج بها ».
وقال الواقدي في فتوح الشام:2/165: (وأرسل النعمان بن معرف إلى أهل أنكل فأسلموا ، وسميت باليمانية لأنها فتحت على يد حذيفة بن اليمان ».
وفي تاريخ اليعقوبي:2/141: «وأوفد أبو عبيدة إلى عمر وفداً ، فيهم حذيفة بن اليمان ، وقد كان عمر أرِقَ عدة ليال واشتد تطلعه إلى الخبر ، فلما ورد عليه الخبر خرَّ ساجداً وقال: الحمد لله الذي فتح على أبي عبيدة ، فوالله لو لم يفتح لقال قائل: لو كان خالد بن الوليد ».
وقال الواقدي في فتوح الشام:1/227: «ودعا (أبو عبيدة) بحذيفة بن اليمان ودفع الكتاب اليه، وضم اليه عشرة من المهاجرين والأنصار وقال لهم: سيروا بكتاب الفتح والبشرى إلى أمير المؤمنين وبشروه بذلك وأجركم على الله، فأخذ حذيفة الكتاب وسار هو والعشرة من وقتهم وساعتهم، يجدُّونَ السير ليلاً ونهاراً».
سكن حذيفة في الكوفة وشارك في فتح المدائن ومعركة جلولاء وخانقين ففي أعيان الشيعة:4/595: «وأقطع (سعد في الكوفة) حذيفة بن اليمان مع جماعة من عبس نصف الآري، وهو فضاء كانت فيه خيل المسلمين. وكان تمصير الكوفة سنة 15من الهجرة، وكان حذيفة في الجيش الذي فتح العراق ، فلما أقطعه سعد الآري ابتنى داراً وسكنه مع عشيرته ».
وقد ذكرنا في ترجمة سلمان أنه استطلع هو وحذيفة ما الأماكن في العراق ، فاختارا الكوفة منزلاً للمسلمين فمَصَّرُوها.
وقال الطبري:3/145: «كتب حذيفة إلى عمر: إن العرب قد أترفت بطونها وخفت أعضادها وتغيرت ألوانها ، وحذيفة يومئذ مع سعد.. كتب عمر إلى سعد.. فابعث سلمان رائداً وحذيفة، وكانا رائدي الجيش ليرتادا منزلاً برياً بحرياً، ليس بيني وبينكم فيه بحر ولا جسر ».
وقال ابن حجر في الإصابة:2/40: «وفي الصحيحين أن أبا الدرداء قال لعلقمة: أليس فيكم صاحب السر الذي لا يعلمه غيره ؟ يعني حذيفة. وفيهما عن عمر أنه سأل حذيفة عن الفتنة. وشهد حذيفة فتوح العراق وله بها آثار شهيرة ».
ثم ذهب حذيفة الى الشام وشارك في معركة اليرموك ، وجاء بخبر النصر فيها الى المدينة ، ثم رجع الى الشام ثم الى العراق ، فشارك في فتح المدائن وما بعدها .
قال الطبري:3/16، في فتح المدائن: «وعلى مقدمة سعد هاشم بن عتبة...فبعث عمر بن الخطاب حذيفة بن اليمان على أهل الكوفة ..».
قال البلاذري:2/334: «أن عمر بعث حذيفة وابن حنيف إلى خانقين ، وكانت من أول ما افتتحوا ، فختما أعناق أهل الذمة ، ثم قبضا الخراج» .
ثم توغل جيش المسلمين داخل إيران ، فشارك حذيفة في معركة تستر قال ابن الأعثم:2/277: «وعزم المسلمون على حرب أهل تستر ، فوثب أبو موسى يعبئ أصحابه، فكان على ميمنته جرير بن عبد الله البجلي ، وعلى ميسرته النعمان بن مقرن المزني ، وعلى الجناح البراء بن عازب ، وعلى أعنة الخيل عمار بن ياسر ، وعلى رجالته حذيفة بن اليمان . ثم إنه زحف بخيله ورجله نحو تستر ، ورجل من المسلمين يقرأ هذه الآية: مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلاً. قال: وخرج الهرمزدان صاحب تستر إلى حرب المسلمين في الأساورة والمرازبة ، وبين يديه قواد الأعاجم ، وكذلك عن يمينه وشماله ، فقال رجل من المسلمين: اللهم تعلم أني أحب لقاءك وأبغض أعداءك ، فانصرنا عليهم ، واقبضني إليك يا رب ، إنك على كل شيء قدير ، قال: ثم إنه حمل على أهل تستر فلم يزل يقاتل حتى قتل منهم جماعة ، ثم وقف في ميدان الحرب ، قال: ثم حمل ثانية على أهل تستر ، فلم يزل يقاتل حتى قتل رحمة الله عليه .
قال: واشتبك الحرب بين الفريقين فاقتتلوا ساعة من النهار، وحمل رجل من الفرس يقال له مراد شاه في زهاء ألف فارس من أبطال الفرس على ميسرة أهل الكوفة ، وفيهم يومئذ بنو بكر بن وائل وجماعة من كندة ، قال: وانكشف الكوفيون بين يدي الفرس كشفة أطمعوهم في أنفسهم ، ثم رجعوا عليهم فطردوهم بين أيديهم طرداً وكدوهم بحملتهم عليهم كداً ، وقتلوا منهم مقتلة عظيمة، قال: ثم وقعت الهزيمة على أهل تستر ، فانهزموا والسيف يأخذهم حتى دخلوا مدينتهم. فلما كان من غد، عبأ أبو موسى أصحابه كما عبأهم بالأمس، ثم زحف بهم نحو باب تستر .
قال: وخرج الهرمزدان صاحب تستر إلى قتال المسلمين ، وقد عبأ أصحابه تعبية خلاف تعبيته بالأمس ، وعلى ميمنته رجل من قواد يزدجرد يقال له مهريار في نيف من عشرة آلاف من الأساورة ، وعلى ميسرته رجل من الري يقال له شيرواهات في أربعة آلاف من الفرس ، وبين يديه ملك من ملك الأهواز يقال له خرشيد بن بهرام في نيف عن عشرة آلاف فارس ، ما يبين منهم شئ سوى حوافر الخيل من كثرة السلاح والتجافيف ، والهرمزدان يومئذ في القلب في جماهير الأعاجم ، عليه جوشن مذهب وبيضة مذهبة وسيف محلى بالذهب ، وقد التحف بدرقة مذهبة ، وفي يده طبرزين مذهب ، وكل ذلك مما أتحفه به يزدجرد حين قاتل معه يوم جلولاء». الى آخر ما ورد في وصف معركة تستر.
ثم قاد حذيفة معركة نهاوند ، أكبر معارك فتح فارس، وحقق فيها النصر ،
فقد كانت معارك المسلمين المهمة مع الفرس خمسة: معركة الجسر، والبُويب، والقادسية، وجلولاء ، ونهاوند . وأكبرها نهاوند، وسميت فتح الفتوح .
فقد جمع الفرس فيها قواتهم من أنحاء البلاد وقيل بلغت مئة وخمسين ألف مقاتل، ونووا أن يقصدوا المدينة المنورة لاستئصال أصل دين العرب بزعمهم !
فكتب عمار بن ياسر وكان والي الكوفة الى بخبرهم الى عمر، فخاف عمر وجمع الصحابة .
قال ابن الأعثم (2/291): «فلما ورد الكتاب على عمر بن الخطاب وقرأه وفهم ما فيه ، وقعت عليه الرعدة والنفضة حتى سمع المسلمون أطيط أضراسه . ثم قام عن موضعه حتى دخل المسجد ، وجعل ينادي: أين المهاجرون والأنصار ! ألا فاجتمعوا رحمكم الله ، وأعينوني أعانكم الله».
فأشاروا عليه بآراء مختلفة ، فقال له علي(عليه السلام) : «فأقم بالمدينة ولا تبرحها ، فإنه أهيب لك في عدوك ، وأرعب لقلوبهم ، فإنك متى غزوت الأعاجم بنفسك يقول بعضهم لبعض: إن ملك العرب قد غزانا بنفسه لقلة أتباعه وأنصاره ، فيكون ذلك أشد لكلبهم عليك وعلى المسلمين ، فأقم بمكانك الذي أنت فيه وابعث من يكفيك هذا الأمر والسلام .
قال فقال عمر: يا أبا الحسن ! فما الحيلة في ذلك ، وقد اجتمعت الأعاجم عن بكرة أبيها بنهاوند في خمسين ومائة ألف يريدون استئصال المسلمين؟ فقال له علي بن أبي طالب : الحيلة أن تبعث إليهم رجلاً مجرباً قد عرفته بالبأس والشدة ، فإنك أبصر بجندك وأعرف برجالك ، واستعن بالله وتوكل عليه واستنصره للمسلمين ، فإن استنصاره لهم خير من فئة عظيمة تمدهم بها ، فإن أظفر الله المسلمين فذلك الذي تحب وتريد ، وإن يكن الأخرى وأعوذ بالله من ذلك، تكون ردءً للمسلمين وكهفاً يلجؤون إليه، وفئة ينحازون إليها . قال فقال له عمر: نعمَ ما قلت يا أبا الحسن...
فلما سمع عمر مقالة علي كرم الله وجهه ومشورته، أقبل على الناس وقال: ويحكم عجزتم كلكم عن آخركم أن تقولوا كما قال أبو الحسن! والله لقد كان رأيه رأيي الذي رأيته في نفسي. ثم أقبل عليه عمر بن الخطاب فقال: يا أبا الحسن! فأشر علي الآن برجل ترتضيه ويرتضيه المسلمون أجعله أميراً، أستكفيه من هؤلاء الفرس فقال علي (عليه السلام): قد أصبته. قال عمر: ومن هو؟ قال: النعمان بن مُقرن المزني، فقال عمر وجميع المسلمين: أصبت يا أبا الحسن! وما لها من سواه. قال: ثم نزل عمر عن المنبر ودعا بالسائب بن الأقرع بن عوف..».
وقال الطبري (4/122): «وكتب (عمر) إلى النعمان وكان بالبصرة، أن يسير بمن هناك من الجنود إلى نهاوند، وإذا اجتمع الناس فكل أمير على جيشه، والأمير على الناس كلهم النعمان بن مقرن، فإذا قتل فحذيفة بن اليمان، فإن قتل فجرير بن عبد الله، فإن قتل فقيس بن مكشوح ، فإن قتل قيس ففلان ثم فلان ، حتى عد سبعة أحدهم المغيرة بن شعبة .وقيل لم يُسم منهم ، والله أعلم ».
كما روى الطبري(3/203) أن النعمان بن مقرن: «عبَّأ كتائبه وخطب الناس فقال: إن أصبت فعليكم حذيفة بن اليمان ، وإن أصيب فعليكم جرير بن عبد الله ، وإن أصيب جرير بن عبد الله ، فعليكم قيس بن مكشوح».
وقال الطبري:3/207: «ثم هز اللواء الثالثة ، فحمل كل إنسان على من يليه من العدو، قال: فوالله ما علمت من المسلمين أحداً يومئذ يريد أن يرجع إلى أهله حتى يقتل أو يظفر فحملنا حملة واحدة ، وثبتوا لنا فما كنا نسمع إلا وقع الحديد على الحديد حتى أصيب المسلمون بمصائب عظيمة ، فلما رأوا صبرنا وأنا لا نبرح العرصة انهزموا فجعل يقع الواحد فيقع عليه سبعة بعضهم على بعض في قياد (سلسلة) فيقتلون جميعاً وجعل يعقرهم حسك الحديد الذي وضعوا خلفهم.
فقال النعمان : قدموا اللواء فجعلنا نقدم اللواء ونقتلهم ونهزمهم فلما رأى أن الله قد استجاب له ورأى الفتح ، جاءته نشابة فأصابت خاصرته فقتلته . قال: فجاء أخوه معقل فسجى عليه ثوباً وأخذ اللواء فقاتل ، ثم قال: تقدموا نقتلهم ونهزمهم ، فلما اجتمع الناس قالوا: أين أميرنا؟ قال معقل: هذا أميركم قد أقر الله عينه بالفتح ، وختم له بالشهادة . قال: فبايع الناس حذيفة ».
وقال ابن الأعثم:2/303: «وتقدم أخوهما الأصغر واسمه سويد بن مقرن ، قال: وجعل سويد بن مقرن يقاتل حتى أثخن بالجراحات ولم يقتل ، فرجع بالراية فدفعها إلى حذيفة بن اليمان ، قال: فأخذها حذيفة فرفعها للمسلمين ، ثم قال: إني حامل ، وحمل حذيفة وحمل الناس معه ، فاقتتلوا قتالاً شديداً يومهم ذلك ، إلى أن جاء الليل فحجز بينهم ، ورجع الفريقان بعضهم عن بعض .
قال: فلما أصبح القوم زحف بعضهم إلى بعض ، وتقدم رجل من الأساورة على فرس له لا ينال من طوله حتى وقف بين الجمعين ، ثم نادى: يا معشر العرب ! أنا بوذان بن أرديه فهلموا إلى البراز ! قال: فلما سمعه الناس وهو يتكلم بالعربية كأنهم هابوه فلم يخرج إليه أحد ، قال: ونظر الفارسي أنه ليس يخرج إليه أحد فحمل على المسلمين حملة فشق الصفوف وخرج من الجانب الآخر ، ثم كر راجعاً على المسلمين فخالطهم واستلب منهم رجلاً عن فرسه فجعل يركض به والرجل معلق بيده حتى صار به إلى أصحابه فرمى به إليهم فقتل الرجل !
ثم أقبل بوذان حتى صار إلى الموضع الذي كان فيه بدياً . قال: فاغتم المسلمون لذلك وجعل عمرو بن معد يكرب يرتجز ، ثم حمل بوذان على المسلمين ليفعل كفعلته الأولية ، وحمل عليه عمرو بن معد يكرب من ورائه فضربه بالصمصامة ضربة على بيضته فقدَّ البيضة والهامة ، ومرت الصمصامة تهوي حتى صارت إلى جوف بوذان فسقط قتيلاً ، فنزل إليه عمرو فسلبه ما كان عليه ، فيقال إنه كان في وسط بوذان منطقة قُوِّمت بسبعة آلاف دينار .
قال: ودنت الفرس حتى تقاربت من صفوف المسلمين في خلق عظيم ، فجعلوا يرمون بالنشاب حتى جرحوا جماعة ، وهمَّ المسلمون بالحملة عليهم فقال حذيفة: لا تعجلوا حتى آذن لكم ، قال: فصبر المسلمون ساعة والفرس في خلال ذلك لا يفترون من الرمي ، وما يسقط منهم نشابة إلا في رجل من المسلمين ، فلما رأوا ذلك وإن الجراحات قد فشت فيهم تركوا وصية حذيفة ، ثم كبروا وحملوا على الفرس فكشفوهم ، وقتلوا منهم مقتلة عظيمة ، ثم رجعوا إلى مراكزهم . قال: ورجعت إليهم الفرس كأنهم السباع الضارية في جموع لم يروا مثلها قبل ذلك ، فصاح عمرو بن معد يكرب: يا معاشر العرب والموالي ! ويا أهل الإسلام والدين والقرآن ! إنه لا ينبغي لكم أن يكون هؤلاء الأعاجم أصبر منكم على الحرب ، ولا أحرص منكم على الموت ، فتناسوا الأولاد والأزواج ، ولا تجزعوا من القتل فإنه موت الكرام ومنايا الشهداء .
قال: ثم نزل عمرو عن فرسه ونزل معه أبطال بني عمه ، قال: والأعاجم في الآلة والأسلحة ، وبين أيديهم ثلاثون فيلاً ، على كل فيل منهم جماعة من أساورة الفرس، قال: ونظر عامة المسلمين إلى عمرو بن معد يكرب وأصحابه وقد ترجلوا ، فنزل الناس وترجلوا ، ثم تقدموا نحو الخيل والفيلة ، فلم يكن إلا ساعة من أول النهار حتى إحمرت الأرض من دماء الفرس ، وقتلت الفيلة بأجمعها ، فما أفلت منها واحد . قال: فتراجعت الفرس إلى ورائها ، وإذا بفيلة أخرى من الفرس قد أقبلت في قريب من عشرة آلاف بمطاردها وأعلامها ، وبين أيديهم رجل من قواد كسرى يقال له لرداود بن ادركرد ، وكان من أهل قاشان ، قال فتقدم على فيل له مزين وعلى رأسه تاج له يلمع بالجوهر ، وعن يمينه خمسة فيلة وعن يساره كذلك، على كل فيل منها جماعة من أساورة الفرس. قال: ونظر إليهم قيس بن هبيرة المرادي فلم يكذب أن حمل على ذلك الفيل المزين، فضرب خرطومه ضربة وقطعه ، ثم تأخر عنه وطعنه في عينه طعنة فإذا الفيل تقهقر إلى ورائه حتى أنه مر بساقية فيها ماء فعثر بها وسقط عنه لرداد بن ادركرد . قال: وتقدم قائد من قواد نهاوند يقال له هرمزد بن داران في نيف على خمسة آلاف فارس من نخبة الأعاجم حتى وقف بين الجمعين ، فأقبل حذيفة بن اليمان على الناس فقال: أيها المسلمون ! إن هؤلاء الأعاجم ليست معهم نَصَفَة أن يخرج منهم رجل إلى رجل ، وذلك أنه إذا خرج منهم قائد لم يجد بداً من أن يخرج معه كل أصحابه ، وهذا عسكر لجب قد برز إليكم في مثل هذه التعبية من الخيل والجنود والفيلة ، فثقوا بربكم وقاتلوا عن دينكم وصلوا على نبيكم . قال: فكان أول من خرج إلى هرمزد وأصحابه رجلان من قيس عيلان من بني مضر يقال لأحدهما بكير والآخر مالك ، فخرجا على فرسين لهما ثم أقبل أحدهما على الآخر فقال له: يا أخي إعلم أني حامل على هذا الجيش ولست أطلب منهم إلا عميدهم وكبيرهم هرمزد بن داران ، فما الذي ترى ؟
فقال أخوه: أرى أني معك أحمل إذا حملت، ومعك أقتل إن قتلت، ومعك أرجع إن رجعت. قال: فخرجا جميعاً نحو هرمزد وأصحابه فطعنا في الخيل ساعة حتى فروا هائمين يمنة ويسرة، ثم إنهما حملا على هرمزد بن داران، هذا عن يمينه وهذا عن يساره فطعناه فسقط إلى الأرض قتيلاً!
قال: وتكاثرت الفرس من كل ناحية على هذين الفتيين بكير ومالك، فقتلا جميعاً، رحمة الله عليهما..». الى آخر وصف المعركة، وقد واصلها حذيفة حتى كتب الله لهم النصر المبين ، وسميت فتح الفتوح ، لما ترتب عليها من انهيار قوة الفرس ، وهرب ملكهم يزجرد ، وانفتاح الطريق أمام المسلمين لاستكمال فتح إيران .
قال البلاذري: 2/274: (فسميَ ذلك الفتح فتح الفتوح . وكان فتح نهاوند في سنة تسع عشرة يوم الأربعاء . ويقال في سنة عشرين».
وفي معجم البلدان:5/314: «وذلك أول سنة 19، لسبع سنين من خلافة عمر بن الخطاب ، وقيل: كانت سنة 20 ، والأول أثبت»..
وقال في الأخبار الطوال/133: «كانت وقعة نهاوند سنة إحدى وعشرين».
ثم قاد حذيفة أغلب معارك فتح إيران ، من الشرق والغرب والوسط ، من نهاوند الى همدان وأصفهان والري وخراسان وجرجان ، ثم الى بلاد آسيا التي خلف إيران ! ويكفي أن تقرأ قول خليفة بن خياط/107: «مضى حذيفة بن اليمان بعد نهاوند ، إلى مدينة نهاوند فصالحه دينار على ثماني مائة ألف درهم في كل سنة . ثم غزا حذيفة بن اليمان مدينة الدينور فافتتحها عنوة ، وقد كانت فتحت لسعد فانتقضت . ثم غزا حذيفة ماسبدان فافتتحها عنوة ، وقد كانت فتحت لسعد فانتقضت ، وقد قيل في ماه غير هذا ، ويقال أبو موسى افتتح ماه دينار ، ويقال السائب بن الأقرع افتتح ماه دينار..
عن طارق بن شهاب قال: غزا أهل البصرة ماه ، فأمدهم أهل الكوفة وعليهم عمار، فأرادوا أن يشتركوا في الغنائم فأبى أهل البصرة ، فكتبوا إلى عمر فكتب عمر: إن الغنيمة بين من شهد الوقعة .
قال أبو عبيدة: غزا حذيفة همذان فافتتحها عنوة ولم تكن فتحت قبل ذلك . ثم غزا الري فافتتحها عنوة ولم تكن فتحت قبل ذلك ، وإليها انتهت فتوح حذيفة . قال أبو عبيدة: فتوح حذيفة هذه كلها في سنة اثنتين وعشرين».
ويقصد ابن خياط أن فتوح حذيفة في تلك السنة انتهت، وإلا فقد واصل جهاده.
وقال الحافظ الأصفهاني في أخبار إصبهان:1/63: «لما قتل النعمان بنهاوند ووليَ حذيفة فتح الله على يده الجبل، فبعث (عبد الله بن) بديل بن ورقاء ومجاشع بن مسعود فتوجها نحو إصبهان، فعدلا عن مدينتها فأخذ بديل إلى الطبسين وفتحها، ثم خرج يريد قهستان من أرض خراسان.
وأقبل مجاشع إلى قاسان ففتح القاسانين ، وأتى حصن أبروز فحاصر من فيه فقتل المقاتلة وسبى الذرية ، وكان أبو موسى أمير البصرة فخرج أبو موسى يريد ما يليه من الأرض ، فوافى أبو موسى من قبل الأهواز يريد إصبهان ».
وقال الطبري:3/321: «أمر عمر جيوش العراق بطلب جيوش فارس حيث كانت ، وأمر بعض من كان بالبصرة من جنود المسلمين وحواليها بالمسير إلى أرض فارس وكرمان وأصبهان، وبعض من كان منهم بناحية الكوفة وماهاتها إلى أصبهان وآذربيجان والري ، وكان بعضهم يقول إنما كان ذلك من فعل عمر في سنة ثمان عشرة ».
أقول: كان رأي عمر أن لا يتوسع المسلمون داخل إيران ، وأن يحصنوا حدود العراق مع الفرس ، فأقنعه علي(عليه السلام) فغير رأيه .
وروى ابن الأعثم في الفتوح (2/78): أن علياً(عليه السلام) حدَّث عمر عن خراسان ومدنها، فقال عمر: «يا أبا الحسن لقد رغبتني في فتح خراسان ، قال علي(عليه السلام) : قد ذكرت لك ما علمت منها مما لا شك فيه ».
وروى الطبري (3 /246) « عن أبي الجنوب اليشكري عن علي بن أبي طالب قال: لما قدم على عمر فتح خراسان ، قال لوددت أن بيننا وبينها بحراً من نار ، فقال علي: وما يشتد عليك من فتحها ، فإن ذلك لموضع سرور » !
وفي الطبري:3/222: «بدا له (عمر) أن يأذن في الإنسياح...لما رأى عمر أن يزدجرد يبعث عليه في كل عام حرباً ، وقيل له لا يزال هذا الدأب حتى يخرج من مملكته . أذن الناس في الإنسياح في أرض العجم حتى يغلبوا يزدجرد على ما كان في يدي كسرى . فوجه الأمراء من أهل البصرة بعد فتح نهاوند ، ووجه الأمراء من أهل الكوفة بعد فتح نهاوند...وولى عمار بن ياسر .. وقدمت الألوية من عند عمر إلى نفر بالكوفة زمان زياد بن حنظلة فقدم لواء منها على نعيم بن مقرن.. إلى خراسان . وبعث عتبة بن فرقد وبكير بن عبد الله وعقد لهما على آذربيجان.. وجعل مكانهما حذيفة بن اليمان وعثمان بن حنيف حذيفة على ما سقت دجلة وما وراءها وعثمان على ما سقى الفرات من السوادين جميعاً... وكتب إلى أهل الكوفة إني بعثت إليكم عمار بن ياسر أميراً ، وجعلت عبد الله بن مسعود معلماً ووزيراً ، ووليت حذيفة بن اليمان ما سقت دجلة وما وراءها ، ووليت عثمان بن حنيف الفرات وما سقى ».
وقال الطبري:3/308: «ثم إن الوليد (بن عقبة والي عثمان على الكوفة)صالح أهل آذربيجان على ثمان مائة ألف درهم ، وذلك هو الصلح الذي كانوا صالحوا عليه حذيفة بن اليمان سنة اثنين وعشرين بعد وقعة نهاوند بسنة . ثم إنهم حبسوها عند وفاة عمر، فلما ولى عثمان وولى الوليد بن عقبة الكوفة سار حتى وطأهم بالجيش، فلما رأوا ذلك انقادوا له وطلبوا إليه أن يتم لهم على ذلك الصلح ، ففعل فقبض منهم المال وبث فيمن حولهم من أعداء المسلمين الغارات ».
وقال الطبري في تاريخه:3/324، عن فتح خراسان وشمال إيران: «غزا سعيد بن العاص (والي الكوفة) من الكوفة سنة ثلاثين يريد خراسان، ومعه حذيفة بن اليمان وناس من أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وآله) ومعه الحسن والحسين (عليهما السلام)، وعبد الله بن عباس، وعبد الله بن عمر، وعبد الله بن عمرو بن العاص وعبد الله بن الزبير..
وخرج عبد الله بن عامر من البصرة يريد خراسان فسبق سعيداً (بن العاص) ونزل أبرشهر ، وبلغ نزوله أبرشهر سعيداً فنزل سعيد قومس ، وهي صلح صالحهم حذيفة بعد نهاوند ، فأتى جرجان فصالحوه على مائتي ألف .
ثم أتى طميسة وهي كلها من طبرستان متاخمة جرجان ، وهي مدينة على ساحل البحر وهي في تخوم جرجان ، فقاتله أهلها حتى صلى صلاة الخوف ، فقال لحذيفة: كيف صلى رسول الله(صلى الله عليه وآله) فأخبره ، فصلى بها سعيد صلاة الخوف وهم يقتتلون ، وضرب يومئذ سعيد رجلاً من المشركين على حبل عاتقه فخرج السيف من تحت مرفقه ، وحاصرهم فسألوا الأمان ، فأعطاهم على أن لا يقتل منهم رجلاً واحداً ، ففتحوا الحصن فقتلهم جميعاً إلا رجلاً واحداً ، وحوى ما كان في الحصن»!
أقول: ذكرنا في فصل تأصيل الفتوحات، عدم صحة مشاركة الحسن والحسين (عليهما السلام) في الفتوحات ، فلا يمكن قبول هذه الفقرة من الرواية .
وقال البلاذري:2/400: «إن المغيرة بن شعبة قدم الكوفة والياً من قبل عمر بن الخطاب ، ومعه كتاب إلى حذيفة بن اليمان بولاية آذربيجان ، فأنفذه إليه وهو بنهاوند أو بقربها ، فسار حتى أتى أردبيل ، وهي مدينة آذربيجان وبها مرزبانها وإليه جباية خراجها ، وكان المرزبان قد جمع إليه المقاتلة من أهل باجروان وميمذ والنرير وسراة والشيز والميانج وغيرهم . فقاتلوا المسلمين قتالاً شديداً أياماً ، ثم إن المرزبان صالح حذيفة عن جميع أهل آذربيجان على ثمان مئة ألف درهم وزن ثمانية ، على أن لا يقتل منهم أحداً ولا يسبيه ولا يهدم بيت نار ، ولا يعرض لأكراد البلاسجان وسبلان وساترودان، ولا يمنع أهل الشيز خاصة من الزفن في أعيادهم ، وإظهار ما كانوا يظهرونه . ثم إنه غزا موقان وجيلان ، فأوقع بهم وصالحهم على أتاوة ».
ثم ولاه عمر آذربيجان فعقد صلحاً مع أهل أردبيل وجيلان ، ففي فتوح البلاذري: 2/400: «أن المغيرة بن شعبة قدم الكوفة والياً من قبل عمر بن الخطاب ، ومعه كتاب إلى حذيفة بن اليمان بولاية أذربيجان ، فأنقذه إليه وهو بنهاوند أو بقربها ، فسار حتى أتى أردبيل ، وهي مدينة أذربيجان وبها مرزبانها ، وإليه جباية خراجها . وكان المرزبان قد جمع إليه المقاتلة من أهل باجروان وميمذ والنرير وسراة والشيز والميانج وغيرهم ، فقاتلوا المسلمين قتالاً شديداً أياما ، ثم إن المرزبان صالح حذيفة عن جميع أهل أذربيجان على ثمان مئة ألف درهم وزن ثمانية ، على أن لا يقتل منهم أحداً ولا يسبيه ولا يهدم بيت نار ، ولا يعرض لأكراد البلاسجان وسبلان وساترودان ، ولا يمنع أهل الشيز خاصة من الزفن في أعيادهم وإظهار ما كانوا يظهرونه . ثم أنه غزا موقان وجيلان ، فأوقع بهم وصالحهم على أتاوة» .
وفي تاريخ جرجان للسهمي/46: «باب ذكر من دخل جرجان من أصحاب النبي(صلى الله عليه وآله) : منهم أبو عبد الله الحسين بن علي وعبد الله بن عمر وحذيفة بن اليمان وسعيد بن العاص ، وسويد بن مقرن ، وعبد الله بن أبي أوفى وأبو هريرة ، وعبد الله بن الزبير ، ويقال الحسن بن علي ، وسواد بن قطبة ويقال سوادة بن قطبة ، وسماك بن مخرمة ، وهند بن عمرو ، وعتيبة بن نهاس... عن سليم بن عبد قال: كنا مع سعيد بن العاص بطبرستان ومعه حذيفة بن اليمان وأصحاب محمد(صلى الله عليه وآله) فقال: من سمع من رسول الله(صلى الله عليه وآله) في صلاة الخوف؟فقال حذيفة: أنا سمعت رسول الله(صلى الله عليه وآله) قال: صُفَّ صفاً مما يليك وصفاَ مما يلي العدو فصل بمن يليك ركعة وسجدتين، ثم ينطلق هؤلاء يصلون معك ركعة وسجدتين ، ثم سلم». وتقدم نفي مشاركة الحسنين (عليهما السلام) بنفسيهما في الفتوح .
وقال الطبري:3/333: «صرف (عثمان) حذيفة عن غزو الري إلى غزو الباب مدداً لعبد الرحمن بن ربيعة ، وخرج معه سعيد بن العاص ، فبلغ معه آذربيجان وكذلك كانوا يصنعون ، يجعلون للناس ردءً، فأقام حتى قفل حذيفة ثم رجعا».
وقال في:3/375: «ورجع العمال إلى أعمالهم ومضى حذيفة إلى الباب».
وقال الطبري:3/353: «استعمل (والي الكوفة) على الغزو بأهل الكوفة حذيفة بن اليمان ، وكان على ذلك الفرج (أرمينيا وما حاذاها) قبل ذلك عبد الرحمن بن ربيعة وأمدهم عثمان في سنة عشر بأهل الشام عليهم حبيب بن مسلمة القرشي... فأراد حبيب أن يتأمر على صاحب الباب كما كان يتأمر أمير الجيش إذا جاء من الكوفة ، فلما أحس حذيفة أقر وأقروا ، فغزاها حذيفة بن اليمان ثلاث غزوات ، فقتل عثمان في الثالثة ، ولقيهم مقتل عثمان ».
وفي صحيح بخاري:6/99: «أن حذيفة بن اليمان قدم على عثمان وكان يغازي أهل الشام في فتح أرمينية وآذربيجان مع أهل العراق، فأفزع حذيفة اختلافهم في القراءة، فقال حذيفة لعثمان: يا أمير المؤمنين أدرك هذه الأمة قبل أن يختلفوا في الكتاب اختلاف اليهود والنصارى».
والنتيجة: أن حذيفة قاد جيش المسلمين بعد نهاوند في الفتوحات سنين متطاولة، حتى أنه عندما قتل عثمان كان يفتح مناطق جديدة في آسيا الوسطى.
وقد كان دوره وافراً في معارك فتح إيران: ففي معركة جلولاء التي كان قائدها وبطلها هاشم المرقال، كان حذيفة فيها قائداً . ثم قاد حذيفة معركة حلوان وفتحها. ثم كان في معركة تستر قائداً .
شارك حذيفة في فتح أرمينيا وكان والياً عليها لفترة ، في زمن عمر وعثمان ذكر ابن الأعثم:2/346 ، أن عثمان عزل حبيب بن مسلمة عن أرمينية وولى عليها حذيفة بن اليمان ، فدعا حذيفة برجل من بني عمه يقال له صلة بن زفر العبسي ، فوجه به إلى بلاد أرمينية وجعله خليفة لها بها ، وأقام حذيفة بالمدينة ، وأقبل صلة بن زفر العبسي إلى بلاد أرمينية فأقام بها حولاً كاملاً ، وجعل يذل ملوكها بغاية الذل والهوان ، حتى أذعنوا له بالسمع والطاعة .
ثم عزل عثمان حذيفة من أرمينية وولى عليها المغيرة بن شعبة مع آذربيجان، ثم عزله عثمان وولى مكانه الأشعث بن قيس، فكان بها إلى أن قتل عثمان بن عفان، فكان الأشعث على أرمينية وأذربيجان يجبي خراجها ويحمله إلى عثمان.
بينما قال الطبري(3/353): «فغزاها حذيفة بن اليمان ثلاث غزوات ، فقتل عثمان في الثالثة ، ولقيهم مقتل عثمان ». والجمع بين هاتين الروايتين بأن الأشعث كان والياً على الخراج، وكان حذيفة يتولى غزو المناطق الباقية. وإسم أرمينية يشمل في روايات الفتوحات عدة دول في آسيا الشرقية، فقد ورد أن بلنجر مدينة في أرمينية ، وهي الآن مدينة في منطقة داغستان .
وكان حذيفة والي المدائن مع سلمان ما، ومسح أرض العراق في الطبري:3/222: «وكتب (عمر) إلى أهل الكوفة إني بعثت إليكم عمار بن ياسر أميراً، وجعلت عبد الله بن مسعود معلماً ووزيراً ، ووليت حذيفة بن اليمان ما سقت دجلة وما وراءها ، ووليت عثمان بن حنيف الفرات وما سقى».
وفي تاريخ اليعقوبي:2/152: «ووجه (عمر) عثمان بن حنيف وحذيفة بن اليمان ، فمسحا السواد ، وأمرهما أن لا يحملا أحداً فوق طاقته ، فاجتبى خراج السواد ثمانين ألف ألف درهم ، وأجرى على عثمان بن حنيف خمسة دراهم في كل يوم وجراباً من دقيق ، وأمره أن لا يمسح تلاً ولا أجمةً ولا مستنقع ماء ولا ما لا يبلغه الماء . وأن يمسح بالذراع السوداء وهو ذراع وقبضة وأقام إبهامه فوق القبضة شيئاً يسيراً، فمسح عثمان كل شئ دون جبل حلوان إلى أرض العرب وهو أسفل الفرات ، فكتب إلى عمر: إني وجدت كل شئ بلغه الماء من عامر وغير عامر ، بلغه الماء ، عمله صاحبه أو لم يعمله درهماً وقفيزاً وعلى الكرم عشرة دراهم ، وعلى الرطاب خمسة دراهم . وفرض على رقابهم: على الموسر ثمانية وأربعين، وعلى من دون ذلك أربعة وعشرين ، وعلى من لا يجد اثني عشر درهماً، وقال: درهم في الشهر لا يعوز رجلاً ! فحمل من خراج السواد ، في أول سنة ، ثمانون ألف ألف درهم، وحمل من قابل عشرون ومائة ألف ألف درهم».
وقال البلاذري:2/333: «مسح حذيفة سقى دجلة ، ومات بالمدائن . وقناطر حذيفة نسبت إليه وذلك أنه نزل عندها ويقال جددها ».
وروي أن حذيفة كان في تلك الفترة يتردد على الكوفة وعلى المدينة ، وفي تاريخ دمشق: 12/294: «سمعت أبا إسحاق يقول: كان حذيفة يجئ كل جمعة من المدائن إلى الكوفة . قال أبو بكر: فقلت له يستطيع أن يجئ من المدائن إلى الكوفة؟ قال: نعم كانت له بغلة فارهة». والمسافة بين الكوفة والمدائن نحو مئة كيلو متر، لكن الفرس أو البغلة السريعة يمكن أن تقطعها في بضع ساعات .
وفي تاريخ الطبري:3/88: «عن سعيد بن جبير قال: بعث عمر بن الخطاب إلى حذيفة بعد ما ولاه المدائن وكثر المسلمات أنه بلغني أنك تزوجت امرأة من أهل المدائن من أهل الكتاب فطلقها . فكتب إليه: لا أفعل حتى تخبرني أحلال أم حرام ، وما أردت بذلك؟ فكتب إليه: لا بل حلال ، ولكن في نساء الأعاجم خلابة ، فإن أقبلتم عليهن غلبنكم على نسائكم ، فقال الآن . فطلقها».
ومضافاً الى بطولات حذيفة في الفتوحات ،كان بطل توحيد نسخة القرآن فعندما كان قائداً لجيش المسلمين في فتح أرمينيا ، وقع اختلاف بين جند الشام وجند العراق في ألفاظ في قراءة القرآن ، فكان بعضهم يقول إن ما تقرأه لم ينزله الله تعالى وليس قرآناً ، ويجيبه الآخر كذلك ، فكادت تقع بينهم حرب !
فهدأهم حذيفة وقصد الى المدينة يطلب من عثمان توحيد نسخة القرآن ، فكلفه أن يجمع نسخة أبي بن كعب التي عند ابنه محمد ، ونسخة عمر التي عند حفصة ونسخة أبي موسى الأشعري من البصرة، ونسخة عبدالله بن مسعود في الكوفة فنهض حذيفة بذلك .
وكلف عثمان سعيد بن العاص وزيد بن ثابت أن يكتبا النسخة المعتمدة، فكتبا كثيراً منها عن نسخة علي(عليه السلام) ، ثم أرسلها عثمان الى الأمصار .
وسبب ما وقع من خلاف في ألفاظ القرآن أن النبي(صلى الله عليه وآله) كان يصحح للمسلمين قراءتهم للقرآن ، لأنه نزل بصيغة واحدة لا تقبل التغيير ولا التعدد .
وبعد وفاته(صلى الله عليه وآله) كان الناس يراجعون الخليفة فيقول لهم عمر: إقرؤوا كيفما شئتم ، فالقرآن كله صواب ! ثم سمع أن النبي(صلى الله عليه وآله) قال إن القرآن نزل على سبعة أحرف ، أي أقسام: أمر وزجر وترغيب وترهيب وجدل ومثل وقصص، فاتخذها عمر حجة للتوسع في نص القرآن ، وقال إن القرآن نزل على سبعة أحرف أي يتسع لسبة أنواع من القرأءة ! فنتج عن ذلك التفاوت في القراءات حتى انفجر ذلك بين المسلمين في فتح أرمينيا! (تدوين القرآن للمؤلف/192).
روى عمر بن شبه في تاريخ المدينة:3/991: « عن ابن شهاب قال: حدثني أنس بن مالك ،أنه اجتمع لغزوة أرمينية وأذربيجان أهل الشام وأهل العراق ، فتذاكروا القرآن ، فاختلفوا فيه حتى كاد يكون بينهم فتنة، فركب حذيفة بن اليمان إلى عثمان لما رأى من اختلافهم في القرآن ، فقال: إن الناس قد اختلفوا في القرآن حتى والله إني لأخشى أن يصيبهم ما أصاب اليهود والنصارى من الإختلاف ! ففزع لذلك عثمان فزعاً شديداً... فإذا أهل العراق يقرؤون بقراءة عبد الله بن مسعود ، ويأتون بما لم يسمع أهل الشام ، ويقرأ أهل الشام بقراءة أبي بن كعب ويأتون بما لم يسمع أهل العراق ، فيكفرهم أهل العراق.. أن ناساً كانوا بالعراق يسأل أحدهم عن الآية ، فإذا قرأها قال: فإني أكفر بهذه » !
ووصف ابن شبة مصادرة حذيفة مصحف أبي موسى الأشعري بما فيه من زيادات ! فقال في تاريخ المدينة:3 /998: « استأذن رجل على ابن مسعود فقال الآذن: إن القوم والأشعري ( جالسين معه)وإذا حذيفة يقول لهم: أما إنكما إن شئتما أقمتما هذا الكتاب على حرف واحد، فإني قد خشيت أن يتهون الناس فيه تهون أهل الكتاب ، أما أنت يا أبو موسى فيطيعك أهل اليمن ، وأما أنت يا ابن مسعود فيطيعك الناس. قال ابن مسعود: لو أني أعلم أن أحداً من الناس أحفظ مني لشددت رحلي براحلتي حتى أنيخ عليه. قال: فكان الناس يرون أن حذيفة ممن عمل فيه حتى أتى على حرف واحد.. أتيت دار أبي موسى الأشعري فإذا حذيفة بن اليمان وعبد الله بن مسعود وأبو موسى الأشعري فوق إجار (دكة) فقلت: هؤلاء والله الذين أريد ، فأخذت أرتقي لهم فإذا غلام على الدرجة فمنعني أن أرتقي إليهم فنازعته حتى التفت إليَّ بعضهم فأتيتهم حتى جلست إليهم ، فإذا عندهم مصحف أرسل به عثمان فأمرهم أن يقيموا مصاحفهم عليه ، فقال أبو موسى: ما وجدتم في مصحفي هذا من زيادة فلا تنقصوها ، وما وجدتم من نقصان فاكتبوه فيه ! فقال حذيفة: فكيف بما صنعنا، والله ما أحد من أهل هذا البلد يرغب عن قراءة هذا الشيخ يعني ابن مسعود ، ولا أحد من أهل اليمن يرغب عن قراءة هذا الآخر يعني أبا موسى . وكان حذيفة هو الذي أشار على عثمان أن يجمع المصاحف على مصحف أحد». انتهى.
ذكر بعضهم أن حذيفة كان عامل النبي (صلى الله عليه وآله) على دُبا وهي عاصمة قديمة لعمان، لأنهم أزديون وحذيفة عبسي وعبس من الأزد .
قال ابن سعد في الطبقات:5/527: «قبض رسول الله(صلى الله عليه وآله) وعامله على دُبا حذيفة بن اليمان ». والصحيح أنه حذيفة آخر ، وقد ورد اسمه في بعض الروايات: حذيفة بن محصن البارقي .(البلاذري:1/92).
وقال في الطبقات: 7/101: « ودُباء فيما بين عمان والبحرين ، وقد كانوا أسلموا وقدم وفدهم على رسول الله(صلى الله عليه وآله) مقرين بالإسلام ، فبعث عليهم مصدقاً منهم يقال له حذيفة بن اليمان الأزدي من أهل دباء ، وكتب له فرائض الصدقات ، فكان يأخذ صدقات أموالهم ويردها على فقرائهم ، فلما توفي رسول الله(صلى الله عليه وآله) ارتدوا ومنعوا الصدقة فكتب حذيفة إلى أبي بكر بذلك ، فوجه أبو بكر عكرمة بن أبي جهل إليهم فالتقوا فاقتتلوا ، ثم رزق الله عكرمة عليهم الظفر فهزمهم الله وأكثر فيهم القتل ، ومضى فلهم إلى حصن دباء فتحصنوا فيه ، وحصرهم المسلمون في حصنهم ثم نزلوا على حكم حذيفة بن اليمان الأزدي فقتل مائة من أشرافهم وسبى ذراريهم ، وبعث بهم إلى أبي بكر إلى المدينة وفيهم أبو صفرة غلام لم يبلغ يومئذ».
أقول: نصت الرواية على أن حذيفة هذا من أهل دبا ، وحذيفة بن اليمان عبسي أزدي لكنه من عبس في الحجاز ، وليس من عمان .
من صفات حذيفة: أن النبي(صلى الله عليه وآله) خيَّره بين أن يكون مهاجراً أو أنصارياً فاختار أن يكون أنصارياً ، لأنه عبسي أسلم وهاجر ، ولأن أباه ترك بني عبس لصراع بينهم وقد قتل منهم رجلاً وهرب الى المدينة ، وتحالف مع الأنصار وسمي اليماني لأنه حالف الأنصار اليمانيين ، (الطبقات:3/441، والإصابة:2/39
وتقدم ذكر أبيه واستشاده في أحد ، وأمه أنصارية هي الرباب بنت كعب بن عدي بن عبد الأشهل . وقال ابن سعد: ولدت لليمان حذيفة وسعداً وصفوان ومدلجاً وليلى. (الإصابة: 8/131).
وأولاده: صفوان وسعيد ، فازا بالشهادة بين يدي أمير المؤمنين(عليه السلام) بوصية أبيهما م. وعمران بن حذيفة ، كان من مقدمي أصحاب المختار في ثورته لأخذ ثأر الحسين(عليه السلام) وقتله مصعب بن الزبير بعد قتل المختار. (الكامل:4/280).
وله إبن آخر هو ربيعة ، نسب اليه: إبراهيم بن مسلم الحذيفي، وهو ابن مسلم بن عثمان، بن مسلم، بن مسعود، بن مسلم، بن ربيعة، بن حذيفة بن اليمان العبسي ، بغدادي سكن همدان. (اللباب لابن الأثير:1/351 ، وتاريخ بغداد:6/184).
وذكر ابن سعد بنته أم موسى بنت حذيفة (6/297) وبنته أم سلمة وأنها روت عن أبيها (8/477) وذكر زوجته جمانة بنت المسيب بن نجبة الفزاري (8/482).