لم تعد طريقة الجمع اليدوي البطيئة تلائم احتياجات الصحافة ،

ومن هنا ، أي من احتياجات الصحافة على وجه التخصيص ، بدأ التفكير في صنع آلة تقوم ذاتيا بكل خطوات العملية اليدوية ، وهي جمع الحروف من اماكنها ، وصفها بعضها الى جائب بعض لتكوين الكلمات والجمل ، ثم ضبط اطوال السطور باحداث المسافات المناسبة بين الكلمات أو بين الحروف ، وفي النهاية اعادة كل حرف الى مكانه.

وبعد تجارب كثرة استمرت سنوات طويلة ، امكن انتاج آلات بسيطة تجمع حروف الطباعة وتصفها في سطور ، ولكنها لم تكن تقوم بضبط أطوال السطور أو اعادة توزيع الحروف في اماكنها ، غير ان احدى الشركات الامريكية انتجت عام ١٨٧٠ آلة استطاعت ان تحل المشكلة الثانية ، وهي ألة اليونيتيب Unitype.

وتتكون هذه الآلة من اسطوانتين تعلو احداهما الأخرى ، وتحتهما لوحة مفاتيح تشبه لوحة الآلة الكاتبة ، وبكل اسطوانة قنوات طولية بعدد الحروف المستخدمة ، وبالحرف اسنان تماثل اسنان فتحة القناة الخاصة به في كل من الاسطوانتين وتغاير اسنان الحروف الأخرى . وتزود الاسطوانة العليا بالحروف بوساطة جهاز خاص ، وعندما تدور يسقط كل حرف من قناته الى القناة المماثلة بالأسطوانة السفلى ، وعلى ذلك فالأسطوانة العليا تقوم بدور الموزع في حين تؤدي السفلى مهمة المخزن .

ويؤدي العامل مهمته جالسا أمام لوحة المفاتيح . وعندما يضغط المفتاح الخاص بالحروف ، يسقط من الاسطوانة السفلى الى حيث يوجد مصف تتراحى فيه الحروف بجوار يعض مكونة كلمات من سطورا . ولكن كل سطر كان يحتاج في النهاية الى أن يضبط العامل طوله بيده ، باستخدام الفواصل .

ومع ان هذه الآلة لم تستطع ان تحل المشكلة حلا كاملا بحيث تتم عملية الجمع الياً في جميع مراحلها ، فأنها استطاعت ان تقوم بعمل اربعة من عمال الجمع في وقت واحد، وكانت أفضل ما انتج من نوعها في ذلك الوقت . وبهذا فتحت الباب أمام جهود المخترعين للعمل على انتاج الات أخرى أوفى بالغرض .