أقرأ أيضاً
التاريخ: 9-8-2016
609
التاريخ: 17-7-2020
831
التاريخ: 1-9-2016
1194
التاريخ: 1-9-2016
746
|
[عدم تعقّل الحكومة في اللبيّات]
لأنّا نقول: إنّا لا نتعقّل الحكومة في اللبيّات، كما لا نتعقّل التخصيص؛ فإنّ بناء العقلاء إن كان على رفع اليد عن حكم الشكّ بالأعمّ من العلم والعلمي فهذا معنى ورود كلّ من العلم والعملي على الأصل، وإن لم يكن بنائهم إلّا على العمل بالأصل ما لم يعلم خلافه فهذا معنى إلغاء العلمي في قبال الأصل، وليس بين الأمرين واسطة، فلا معنى للحكومة، نعم للورود معنى محصّل في كلّ من الأصل والأمارة، بمعنى أن يكون عقد موضوع الحجيّة فيهما بحسب الشأن والاقتضاء مقيّدا بعدم وجود القرينة المعتبرة على الخلاف، ولكنّه خلاف الواقع الذي نجده من أنفسنا، فإنّا وإن كنّا لا نجد من أنفسنا موردا يقدّم فيه الخاص على العام إذا كان الخاص قطعيّ الدلالة، ولكنّا لا نجد من أنفسنا أنّ هذا من باب قصور العام في الحجيّة الذاتيّة، بل من جهة تقديم ما هو الأقوى.
فتحصّل أنّ هنا طريقين لإخراج العامّ والخاص عن المتعارضين، أحدهما:
تقدّم السند رتبة على الدلالة، ضرورة أنّ التعبّد بالظاهر إنّما يكون بعد الفراغ عن نسبة أصل اللفظ إلى المتكلّم، المحلّ لابتلاء الإنسان من المولى ونحوه؛ إذ لا معنى للتعبّد بظاهر كلام غير صادر من متكلّم أو متكلّم غير محلّ ابتلاء الإنسان، وحينئذ نقول في رتبة التعبّد باسناد اللفظين لا معارضة؛ لعدم التعبّد بالظاهر في هذه الرتبة.
إن قلت: فكيف يصحّ التعبّد بالسند مع عدمه بالظاهر؟
قلت: يكفي في صحّته ملاحظة ترتّبه كالعلّة الغائيّة، وبعد التعبّد بالسند يحصل التعارض بين التعبّد بظاهر العام ونصّ الخاص، ولا معارضة بين التعبّد والقطع، وقد عرفت الإشكال في هذا الطريق.
ثانيهما: إنّا نقول بعرضيّة سند الخاص ودلالة العام، وإنّما المسلّم طوليّة سند كلّ على دلالته، لكن نقول: الأخذ بالسند لا محذور فيه؛ فإنّ التعبّد بظاهر العامّ إذا انتقض بواسطة لفظ ناصّ الدلالة بالدلالة المطابقيّة أو الالتزاميّة بالمعنى الأخصّ فهو غير خارج عن الطريقة المرسومة المألوفة عند أبناء المحاورة، والحاصل:
الأخذ بالسند موجب لوجود لفظ في قبال العموم، وهذا غير محذور.
وأمّا الأخذ بالظاهر فلا يلزم منه لفظ مخصّص للسند، وإنّما اللازم منه بالالتزام العقلي بالمعنى الأعمّ طرح السند، وهذا خارج عن ديدن المحاورة، وبالجملة، كما صار من المرسوم صرف ظهور لفظ بنصب قرينة لفظيّة متّصلا بالكلام، كذلك من المرسوم أيضا إتيان العام ثمّ إتيان الخاص في قباله في مجلس منفصل إذا كان المتكلّم بصدد تقنين القانون وعدم الاقتصار على ذكر تمام مراداته في مجلس واحد، فإنّ القرائن المنفصلة في كلام هذا المتكلّم يصير كالمتّصلة في كلام غيره.
وهل هذا لأجل عدم استقرار الظهور أو موضوع الحجيّة إلّا بعد ملاحظة تمام المجالس كما هو الحال في المتّصل في كلام غيره، أو لأجل تقديم الأقوى حجيّة على الحجّة الذاتيّة؟ الظاهر الثاني، ولازم الأوّل عدم صيرورة العامّ حجّة إلّا بعد الفحص وعدم الظفر على المخصّص؛ لأنّ أصالة عدم التخصيص لا تجري إلّا بعده، ثمّ لو فحص وعثر على مجمل يسري الإجمال إلى العام؛ لعدم أصل يحرز عدم قرينيّة الموجود، كما لو اتّصل بالكلام ما يصلح للقرينيّة.
بل وكذا الحال لو عثر على مبيّن بحسب المعنى مجهول الحال بحسب السند؛ فإنّه بمنزلة كلام موجود في الرواية مردّدا بين كونه من الإمام أو الراوي؛ فإنّ الأصل العقلائي هنا غير جار، وكذا لو علم الحكم المخالف للعام في موضوع مردّد بين مصداقيّته حتى يكون تخصيصا، وعدمه حتّى يكون تخصّصا، لا يمكن الحكم بالثاني واستكشاف حال الفرد؛ إذ كلّ من التخصيص والتخصّص على هذا خال عن المحذور؛ فإنّ رفع اليد عن العموم بالمخصّص القطعي ليس فيه محذور أصلا بناء على هذا.
وأمّا بناء على الثاني فالعام في ذاته حجّة قد ألقاه المتكلّم ليعمل بعمومه وليكون قانونا وقاعدة مطردة، والفحص حينئذ لأجل أنّ المخصّص على فرض وجوده واقعا حجّة، فالملزم هو احتمال الحجّة لا تتميم حجيّة العام، ولا يوجب العثور على المجمل بحسب الدلالة أو بحسب السند إجمالا، فإنّ الحجّة إنّما يرفع عنها اليد بالحجّة، والمجمل ليس بحجّة، ويكون تقديم التخصّص على التخصيص على حسب القاعدة، وحيث إنّ اللوازم المترتّبة على الأوّل خلاف الواقع فالمتعيّن هو الوجه الثاني، فيفرق بين القرائن المتّصلة والمنفصلة، فالأولى متمّمة، والثانية من باب تقديم الحجّة على الحجّة.
ثمّ هذا الطريق الثاني هو المعوّل في تقديم الخاصّ على العام والمخرج لهما عن موضوع التعارض، ولولاه لزم الأخذ فيهما بأخبار العلاج، كما هو مختار بعض، وهذا الطريق بعينه جار في المطلق والمقيّد المنفصلين أيضا بلا تفاوت، هذا تمام الكلام في الخاص والعام والمطلق والمقيّد.
وأمّا المتباينان فهما على أقسام أربعة، الأوّل: أن يكونا نصّين في تمام المدلول، والثاني: أن يكونا ظاهرين كذلك، والثالث: أن يكون كلّ منهما نصّا في بعض المدلول وظاهرا في بعضه، وكانت النصوصيّة مستندة إلى القدر المتيقّن في مقام التخاطب، والرابع: هذا الفرض وكانت النصوصيّة مستندة إلى القدر المتيقّن بحسب الخارج.
وقبل الخوض في أحكام الأقسام لا بدّ من تقديم مطلب وهو أنّ ما تعارف من الجمع بين «افعل» و«لا بأس بالترك» وبين افعل كذا وافعل كذا بطرح ظاهر كلّ من الهيئتين بنصّ الاخرى ليس من باب تقديم النصّ على الظاهر حتّى يقال بمثله في المادّة أيضا، ويجعل ذلك مؤيّدا وشاهدا للجمع في القسمين الأخيرين من المتباينين أيضا بتقديم نصّ كلّ على ظاهر الآخر.
توضيح الحال أنّ من الشائع المتعارف إطلاق هيئة افعل بلا نصب قرينة صارفة عن الوجوب في موارد الندب امّا لأجل أن لا يتركه المخاطب أو لغير ذلك، وكذلك استعمال هذه الهيئة بلا نصب قرينة على التخيير في موارده إمّا لأجل أنّه أفضل الأفراد، أو لرعاية الأنسب بحال المخاطب أو لغير ذلك.
والحاصل قد تعارف عدم نصب القرينة في البابين، ونحن وإن كنّا عند عدم العثور على القرينة الصارفة نحملهما على الوجوب والتعيين لا لمقدّمات الإطلاق، ولهذا لا نتوقّف في مقام لا شكّ في كون المتكلّم بمقام البيان أو الإهمال، بل لأجل الانصراف اللغوي وإن كان سرّه أخفيّة المئونة كما تقدّم في بابه، ولكن عند العثور على القرينة الصارفة لا يحتاج الحمل على الندب والتخيير إلى كثير مئونة وزيادة كلفة وعناية، حتّى لو دار الأمر بين هذا التصرّف في الهيئة والتقييد في المادّة كنّا نرجّح التصرّف في الهيئة لأقليّة مئونته، حتى قال صاحب المعالم في الباب الأوّل بأنّه صار من المجاز المشهور المساوي احتماله مع احتمال الحقيقة.
فتبيّن أنّ الوجه في التقديم هو هذا التعارف، لا ما يتخيّل من أنّه تقديم النصّ على الظاهر، حيث إنّ «افعل» ناصّ في مطلق الرجحان وظاهر في المنع عن الترك و«لا بأس» ناصّ في عدم المنع وظاهر في تساوي الطرفين، فيرفع ظاهر كلّ بنصّ الآخر، وهكذا لو قال مثلا: «لو ظاهرت فاعتق رقبة» وقال أيضا: «لو ظاهرت فصم ثلاثين يوما» وعلمنا من الخارج بوحدة التكليف، فحينئذ كلّ من الهيئتين ناصّ في الصلاحيّة للإجزاء وظاهر في نفي الصلاحيّة عن الغير، فيرفع ظاهرهما بنصّهما.
إذا عرفت ذلك فنقول: أمّا القسم الأوّل والثاني فلا شبهة في كونهما داخلين في موضوع التعارض، إنّما الكلام في القسمين الأخيرين.
وربّما يقال بناء على ما مرّ من حديث تقديم السند على الدلالة بالتفصيل بين هذين القسمين بالجمع في الأوّل منهما بتقديم نصّ كلّ على ظاهر الآخر والرجوع إلى المرجّحات السنديّة في الثاني منهما، ببيان أنّه إذا كان القدر المتيقّن غير مستند إلى الخصوصيّات المحفوفة بالكلام كما في قوله عليه السلام: «ثمن العذرة سحت» وقوله عليه السلام: «و لا بأس ببيع العذرة» فإنّا عند القطع بصدور هذين عن الحكيم لا نتحيّر في حمل الأوّل على غير المأكول والثاني على المأكول صونا لكلام الحكيم عن التناقض، والعلم الخارجي بأولويّة غير المأكول بالحرمة من المأكول.
ولكن عند عدم القطع لا نقول بجريان دليل التعبّد في كليهما ثمّ رفع التحيّر بمثل ذلك؛ فإنّه أمر مستنكر بعيد عن المحاورة ونلتزم في صورة القطع بأنّه اقتضت مصلحة لصدور الكلام بهذه الصورة من المتكلّم، وأمّا عند عدم القطع فليس دليل التعبّد بهذه المثابة، بل يسري التعارض إليهما.
وهذا بخلاف ما إذا كان القدر المتيقّن متّخذا من قرائن المقام، فإنّ الحمل حينئذ لا يخرج الكلام عن طريقة المحاورة، ويعترض بذلك على شيخنا المرتضى قدّس سرّه حيث لم يفرق بين القسمين بالإرجاع إلى المرجّحات السنديّة.
قال شيخنا الاستاد دام أيّام إفاداته الشريفة: الحقّ مع شيخنا المرتضى قدّس سرّه حيث أدرج القسمين في المتعارضين؛ لأنّ المعيار الذي يخرج به الكلامان المتنافيان عن المتعارضين كونهما بحيث لا يكون جمعهما في الكلام خارجا عن طريقة المحاورة، ونحن متى راجعنا أنفسنا لم نسمع ولا نسمع متكلّما قطّ تكلّم ب «أكرم العلماء» و«لا تكرم العلماء» مثلا في مقام إرادة إكرام صنف وترك إكرام صنف آخر منهم بدون نصب قرينة صارفة عن العموم دالّة على الخصوص.
فالمحذور الذي يلزم من أخذ السندين في هذا القسم ليس إلّا قريبا أو مماثلا للمحذور اللازم منه في القسم الآخر، ونحن وإن بنينا على صحّة تقديم رتبة السند على الدلالة بقول مطلق لا يفيد في هذا المقام؛ إذ وجود المحذور في الرتبة المتأخّرة يمنع عن الأخذ بالسند في الرتبة المتقدّمة، فإنّ المستلزم للمحذور أيضا كالمحذور.
وهذا نظير ما إذا علمنا بطهارة الخشبة التي يغسل عليها الميّت بماء الغسل، فإنّه إمّا يكون الماء غير متنجّس بملاقاة بدن الميّت فيلزم التخصيص في دليل «كلّ نجس منجّس» وإمّا يكون الماء متنجّسا ولا تكون الخشبة متنجّسة بملاقاة الماء ليلزم التخصيص في دليل كلّ متنجّس منجّس حيث إنّ صرف تقدّم الدليل الأوّل على الثاني رتبة لا يعيّن ورود التخصيص على الأخير، بل يحصل الإجمال، هذا.
مع أنّه لا وجه للفرق بين القسمين بعد اشتراكهما في كونهما على خلاف القاعدة، فإن كان التقدّم الرتبي موجبا للأخذ بالسند في أحدهما فلا بدّ منه في الآخر أيضا، فلا وجه للتفصيل، إلّا أن يقال باختلاف مراتب خلاف القاعدة، فإنّ أحدهما داخل في المحاورة ولو بنحو بعيد منها، والآخر خارج عنها رأسا، والحاكم فيه العقل فقط، هذا ولكنّ الحقّ ما عرفت، وقد عرفت أنّ الوجه هو التعارض بين السندين.
وأمّا ما ذكره شيخنا المرتضى قدّس سرّه من أنّ الوجه تعارض ظهور أحدهما المتيقّن الاعتبار مع سند الآخر الغير المتيقّن الاعتبار فلم نعلم له معنى محصّلا؛ فإنّه
إن كان المراد تيقّن اعتبار أحدهما على سبيل الإبهام بواسطة دليل اعتبار مطلق الخبر، فمضافا إلى أنّه لا معنى لحجيّة الأحد المبهم في ما لا يترتّب عليه نفي الثالث- كما لو قام الخبران على طرفي النقيضين كالوجوب وعدمه، حيث إنّ عدم خروج الأمر منهما قطعيّ لا يحتاج إلى التعبّد، بل لا يقبله- لا معنى لمعارضته مع سند الآخر؛ فإنّ دليل الاعتبار إنّما يدلّ على اعتبار المعيّنات، فإنّما يتمحّض دلالته على المبهم إذا تساقط المعيّنان بالتعارض، فيكون حدوث الأحد المبهم بعد سقوط الآخر المعارض بواسطة التعارض.
وكذا إن كان المراد تيقّن اعتبار كلّ على فرض ترك الأخذ بالآخر؛ فإنّه أيضا لا معنى لمعارضته بالآخر؛ لأنّ الفرض أنّ هذا صار علاجا عرفيّا للتعارض وجمعا مدلوليّا، كما أنّه لو كان المراد تيقّن الاعتبار الجائي من قبل دليل التخيير عند فقد المرجّح والترجيح عند وجوده، فمن الواضح أيضا عدم المعارضة، لكون الحكم بصدد علاجه بهذا النحو، وبالجملة، فهو قدّس سرّه أعلم بما أفاد.
و قد تحصّل من جميع ما ذكرنا أنّه ما لم يكن بين المدلولين جمع مرضيّ عند العرف فرفع اليد عن أحد المدلولين أو عن كليهما بالآخر ليس جمعا، بل طرحا للسند، وحينئذ فحيث لا يمكن الأخذ بكلا المدلولين فلا محيص عن طرح أحد السندين، فيقع بينهما التعارض.
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
المجمع العلمي ينظّم ندوة حوارية حول مفهوم العولمة الرقمية في بابل
|
|
|