المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

القرآن الكريم وعلومه
عدد المواضيع في هذا القسم 16361 موضوعاً
تأملات قرآنية
علوم القرآن
الإعجاز القرآني
قصص قرآنية
العقائد في القرآن
التفسير الجامع
آيات الأحكام

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر
ونواقض الوضوء وبدائله
2024-05-02
معنى مثقال ذرة
2024-05-02
معنى الجار ذي القربى
2024-05-02
{واللاتي‏ تخافون نشوزهن}
2024-05-02
ما هي الكبائر
2024-05-02
شعر لأحمد بن أفلح
2024-05-02

الأفعال التي تنصب مفعولين
23-12-2014
صيغ المبالغة
18-02-2015
الجملة الإنشائية وأقسامها
26-03-2015
اولاد الامام الحسين (عليه السلام)
3-04-2015
معاني صيغ الزيادة
17-02-2015
انواع التمور في العراق
27-5-2016


تفسير الآية (73-75) من سورة الزمر  
  
10111   07:40 صباحاً   التاريخ: 3-5-2020
المؤلف : إعداد : المرجع الإلكتروني للمعلوماتية
الكتاب أو المصدر : تفاسير الشيعة
الجزء والصفحة : .....
القسم : القرآن الكريم وعلومه / التفسير الجامع / حرف الزاي / سورة الزمر /

قال تعالى : {وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ زُمَرًا حَتَّى إِذَا جَاءُوهَا وَفُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا سَلَامٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ فَادْخُلُوهَا خَالِدِينَ (73) وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي صَدَقَنَا وَعْدَهُ وَأَوْرَثَنَا الْأَرْضَ نَتَبَوَّأُ مِنَ الْجَنَّةِ حَيْثُ نَشَاءُ فَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ (74) وَتَرَى الْمَلَائِكَةَ حَافِّينَ مِنْ حَوْلِ الْعَرْشِ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْحَقِّ وَقِيلَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} [الزمر : 73 ، 74] .

 

تفسير مجمع البيان

- ذكر الطبرسي في تفسير هذه الآيات (1) 

 

قال تعالى : {وسيق الذين اتقوا ربهم إلى الجنة زمرا} أي : يساقون مكرمين زمرة بعد زمرة كقوله {يوم نحشر المتقين إلى الرحمن وفدا} وإنما ذكر السوق على وجه المقابلة لسوق الكافرين إلى جهنم كلفظ البشارة في قوله فبشرهم بعذاب أليم وإنما البشارة هي الخبر السار .

{حتى إذا جاءوها وفتحت أبوابها} أي وقد فتحت أبوابها قبل مجيئهم وأبواب الجنة ثمانية وعن سهل بن سعد الساعدي أن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) قال : ((أن في الجنة ثمانية أبواب منها باب يسمى الريان لا يدخلها إلا الصائمون)) رواه البخاري ومسلم في الصحيحين {وقال لهم خزنتها} عند استقبالهم {سلام عليكم} أي سلامة من الله عليكم يحيونهم بالسلامة ليزدادوا بذلك سرورا وقيل هو دعاء لهم بالسلامة والخلود أي سلمتم من الآفات {طبتم} أي طبتم بالعمل الصالح في الدنيا وطابت أعمالكم الصالحة وزكت وقيل معناه طابت أنفسكم بدخول الجنة وقيل أنهم طيبوا قبل دخول الجنة بالمغفرة واقتص لبعضهم من بعض فلما هذبوا وطيبوا قال لهم الخزنة طبتم عن قتادة وقيل طبتم أي طاب لكم المقام عن ابن عباس وقيل إنهم إذا قربوا من الجنة يردون على عين من الماء فيغتسلون بها ويشربون منها فيطهر الله أجوافهم فلا يكون بعد ذلك منهم حدث وأذى ولا تتغير ألوانهم فتقول الملائكة {طبتم فادخلوها خالدين} أي فادخلوا الجنة خالدين مخلدين مؤبدين .

{وقالوا} أي : ويقول أهل الجنة إذا دخلوها اعترافا بنعم الله تعالى عليهم {الحمد لله الذي صدقنا وعده} الذي وعدناه على ألسنة الرسل {وأورثنا الأرض} أي أرض الجنة لما صارت الجنة عاقبة أمرهم عبر عن ذلك بلفظ الميراث والإيراث وقيل لأنهم ورثوها عن أهل النار {نتبوأ من الجنة} أي نتخذ من الجنة مبوأ ومأوى {حيث نشاء} وهذا إشارة إلى كثرة قصورهم ومنازلهم وسعة نعمتهم {فنعم أجر العاملين} أي فنعم ثواب المحسنين الجنة والنعيم فيها .

{وترى الملائكة حافين من حول العرش} معناه ومن عجائب أمور الآخرة إنك ترى الملائكة محدقين بالعرش عن قتادة والسدي يطوفون حوله {يسبحون بحمد ربهم} أي ينزهون الله تعالى عما لا يليق به ويذكرونه بصفاته التي هو عليها وقيل يحمدون الله تعالى حيث دخل الموحدون الجنة وقيل أن تسبيحهم في ذلك الوقت على سبيل التلذذ والتنعم لا على وجه التعبد إذ ليس هناك تكليف وقد عظم الله سبحانه أمر القضاء في الآخرة بنصب العرش وقيام الملائكة حوله معظمين له سبحانه ومسبحين كما أن السلطان إذا أراد الجلوس للمظالم وقعد على سريره وأقام جنده حوله تعظيما لأمره وإن استحال كونه عز وجل على العرش إذ ليس بصفة الجواهر والأجسام والجلوس على العرش من صفات الأجسام .

{وقضي بينهم بالحق} أي وفصل بين الخلائق بالعدل وقيل بين الأنبياء والأمم وقيل بين أهل الجنة والنار {وقيل الحمد لله رب العالمين} من كلام أهل الجنة يقولون ذلك شكرا لله على نعمه التامة وقيل أنه من كلام الله تعالى فقال في ابتداء الخلق الحمد لله الذي خلق السماوات والأرض وقال بعد إفناء الخلق ثم بعد بعثهم واستقرار أهل الجنة في الجنة الحمد لله رب العالمين فوجب الأخذ بأدبه في ابتداء كل أمر بالحمد وختمه بالحمد .

______________

1- مجمع البيان ، الطبرسي ، ج8 ، ص420-421 .

 

تفسير الكاشف

- ذكر محمد جواد مغنية في تفسير هذه الآيات (1) 

{وسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ زُمَراً حَتَّى إِذا جاؤُوها وفُتِحَتْ أَبْوابُها وقالَ لَهُمْ خَزَنَتُها سَلامٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ فَادْخُلُوها خالِدِينَ} . المجرمون إلى جهنم ، وملائكة العذاب يسوقونهم إليها عنفا ، ويسومونهم خسفا ، والمتقون إلى الجنة يحف بهم ملائكة الرحمة تعظيما ، ويحيونهم تكريما {وقالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي صَدَقَنا وَعْدَهُ وأَوْرَثَنَا الأَرْضَ نَتَبَوَّأُ مِنَ الْجَنَّةِ حَيْثُ نَشاءُ فَنِعْمَ أَجْرُ الْعامِلِينَ} . ضمير قالوا يعود إلى المؤمنين ، والمراد بالأرض هنا أرض الجنة ، وانهم يتصرفون فيها تصرّف الوارث فيما ورثه . . وكانوا قد عملوا للجنة في الدنيا ثقة وايمانا بما وعد اللَّه به المتقين والصابرين ، فلما رأوها فرحوا وحمدوا اللَّه حمد العارفين بأن وعده حق وصدق . وفي نهج البلاغة : حفت الملائكة بأهل الجنة ، وتنزلت عليهم السكينة ، وفتحت لهم أبواب السماء ، وأعدت مقامات الكرامات في مقام اطلع اللَّه عليهم فيه فرضي سعيهم وحمد مقامهم .

( وتَرَى الْمَلائِكَةَ حَافِّينَ مِنْ حَوْلِ الْعَرْشِ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ} . عند تفسير الآية 54 من سورة الأعراف ج 3 ص 339 بيّنا ان المراد من العرش - بشهادة القرآن - ان الأمر كله للَّه ، والمعنى المراد هنا ان الملائكة لا يصدرون إلا عن أمر اللَّه ، كما جاء وصفهم في الآية 26 من سورة الأنبياء : {بَلْ عِبادٌ مُكْرَمُونَ لا يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ وهُمْ بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ} . {وقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْحَقِّ} ضمير بينهم يعود إلى أهل الجنة والنار ، وبالحق أي لا يزيد في عقاب من عصى ، ولا ينقص من ثواب من أطاع . وفي بعض التفاسير : ان اللَّه قال في ابتداء الخلق : الحمد للَّه الذي خلق السماوات والأرض ، وبعد فناء الخلق ثم بعثهم واستقرار أهل الجنة في الجنة ، قال : الحمد للَّه رب العالمين ، ليعلَّم عباده الأخذ بأدبه في ابتداء كل أمر بالحمد والختم به .

___________________

1- الكاشف ، محمد جواد مغنية ، ج6 ، ص434-435 .

 

تفسير الميزان

- ذكر الطباطبائي في تفسير هذه الآيات (1) 

 

قوله تعالى : {وسيق الذين اتقوا ربهم إلى الجنة زمرا حتى إذا جاءوها وفتحت أبوابها} لم يذكر في الآية جواب إذا إشارة إلى أنه أمر فوق ما يوصف ووراء ما يقدر بقدر ، وقوله : {وفتحت أبوابها} حال أي جاءوها وقد فتحت أبوابها ، وقوله : {خزنتها} هم الملائكة الموكلون عليها .

والمعنى {وسيق} وحث على السير {الذين اتقوا ربهم إلى الجنة زمرا} جماعة بعد جماعة {حتى إذا جاءوها و} قد {فتحت أبوابها وقال لهم خزنتها} الموكلون عليها مستقبلين لهم {سلام عليكم} أنتم في سلام مطلق لا يلقاكم إلا ما ترضون {طبتم} ولعله تعليل لإطلاق السلام {فادخلوها خالدين} فيها .

وهو أثر طيبهم .

قوله تعالى : {وقالوا الحمد لله الذي صدقنا وعده وأورثنا الأرض} إلى آخر الآية .

القائلون هم المتقون والمراد بالوعد ما تكرر في كلامه تعالى وفيما أوحي إلى سائر الأنبياء من وعد المتقين بالجنة قال : {لِلَّذِينَ اتَّقَوْا عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتٌ} [آل عمران : 15] وقال : {إِنَّ لِلْمُتَّقِينَ عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتِ النَّعِيمِ} [القلم : 34] ، كذا قيل ، وقيل : المراد بالوعد الوعد بالبعث والثواب .

ولا يبعد أن يراد بالوعد الوعد بإيراث الجنة كما في قوله : {أُولَئِكَ هُمُ الْوَارِثُونَ (10) الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ } [المؤمنون : 10 ، 11] ويكون قوله : {وأورثنا الأرض} عطف تفسير لقوله {صدقنا وعده} .

وقوله : {وأورثنا الأرض} المراد بالأرض - على ما قالوا - أرض الجنة وهي التي عليها الاستقرار فيها وقد تقدم في أول سورة المؤمنون أن المراد بوراثتهم الجنة بقاؤها لهم بعد ما كانت في معرض أن يشاركها غيرهم أو يملكها دونهم لكنهم زالوا عنها فانتقلت إليهم .

وقوله : {نتبوأ من الجنة حيث نشاء} بيان لإيراثهم الأرض ، وتبديل ضمير الأرض بالجنة للإشارة إلى أنها المراد بالأرض .

وقيل : المراد بالأرض هي أرض الدنيا وهو سخيف إلا أن يوجه بأن الجنة هي عقبى هذه الدار قال تعالى : {أُولَئِكَ لَهُمْ عُقْبَى الدَّارِ} [الرعد : 22] .

والمعنى وقال المتقون بعد دخول الجنة : الحمد لله الذي صدقنا وعده أن سيدخلنا أو أن سيورثنا الجنة نسكن منها حيث نشاء ونختار - فلهم ما يشاءون فيها - .

وقوله : {فنعم أجر العاملين} أي فنعم الأجر أجر العاملين لله تعالى ، وهو على ما يعطيه السياق قول أهل الجنة ، واحتمل أن يكون من قوله تعالى .

قوله تعالى : {وترى الملائكة حافين من حول العرش يسبحون بحمد ربهم} إلى آخر الآية الحف الإحداق والإحاطة بالشيء ، والعرش هو المقام الذي يصدر منه الفرامين والأوامر الإلهية التي يدبر بها العالم ، والملائكة هم المجرون لمشيته العاملون بأمره ، ورؤية الملائكة على تلك الحال كناية عن ظهور ذلك وقد طويت السماوات .

والمعنى : وترى يومئذ الملائكة والحال أنهم محدقون بالعرش مطيفون به لإجراء الأمر الصادر منه وهم يسبحون بحمد ربهم .

وقوله : {وقضي بينهم} احتمل رجوع الضمير إلى الملائكة ، ورجوعه إلى الناس والملائكة جميعا ، ورجوعه إلى جميع الخلائق ، ورجوعه إلى الناس فالقضاء بين أهل الجنة وأهل النار منهم أوبين الأنبياء وأممهم .

ويضعف الاحتمال الأخير أن القضاء بين الناس قد ذكر قبلا في قوله : {وقضي بينهم بالحق وهم لا يظلمون} فذكر القضاء بينهم ثانيا تكرار من غير موجب .

لكن ظاهر القضاء بين جماعة هو الحكم لبعضهم على بعض لوجود اختلاف ما بينهم ولا تحقق للاختلاف بين الملائكة ، وهذا يؤيد أن يكون الضمير لغيرهم والقضاء بين الناس غير أن القضاء كما يطلق على نفس حكم الحاكم يصح إطلاقه على مجموع الحكم ومقدماته وتبعاته من حضور المتخاصمين وطرح الدعوى وشهادة الشهود وحكم الحاكم وإيفاء المحق حقه فمن الممكن أن يكون المراد بالقضاء المذكور أولا نفس الحكم الإلهي وبهذا القضاء المذكور ثانيا هو مجموع ما يجري عليهم من حين يبعثون إلى حين دخول أهل النار النار وأهل الجنة الجنة واستقرارهم فيهما وبذلك يندفع إشكال التكرار من غير موجب .

وقوله : {وقيل الحمد لله رب العالمين} كلمة خاتمة للبدء والعود وثناء عام له تعالى أنه لم يفعل ولا يفعل إلا الجميل .

قيل : قائله المتقون وكان حمدهم الأول على دخولهم الجنة والثاني للقضاء بينهم وبين غيرهم بالحق ، وقيل : قائله الملائكة ولم ينسب إليهم صريحا لتعظيم أمرهم ، وقيل : القائل جميع الخلائق .

ويؤيد الأول قوله تعالى في صفة أهل الجنة : { وَآخِرُ دَعْوَاهُمْ أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} [يونس : 10] وهو حمد عام خاتم للخلقة كما سمعت .

__________________

1- الميزان ، الطباطبائي ، ج17 ، ص242-243 .

 

تفسير الامثل

- ذكر الشيخ ناصر مكارم الشيرازي في تفسير هذه الآيات (1) 

 

المتقون يدخلون الجنّة افواجاً !!

هذه الآيات ـ التي هي آخر آيات سورة (الزمر) ـ تواصل بحثها حول موضوع المعاد ، حيث تتحدث عن كيفية دخول المؤمنين المتقين الجنّة ، بعد أن كانت الآيات السابقة قد استعرضت كيفية دخول الكافرين جهنم ، لتتوضح الأُمور أكثر من خلال هذه المقارنة .

في البداية تقول : {وسيق الذين اتقوا إلى الجنّة زمراً} .

استعمال عبارة (سيق) (والتي هي من مادة (سوق) على وزن (شوق) وتعني الحث على السير) . أثار التساؤل ، كما لفت أنظار الكثير من المفسّرين ، لأنّ هذا التعبير يستخدم في موارد يكون تنفيذ العمل فيها من دون أي اشتياق ورغبة في تنفيذه ، ولذلك فإنّ هذه العبارة صحيحة بالنسبة لأهل جهنم ، ولكن لم استعملت بشأن أهل الجنّة الذين يتوجهون إلى الجنّة بتلهف واشتياق ؟

قال البعض : إنّ هذه العبارة استعملت هنا لأنّ الكثير من أهل الجنّة ينتظرون أصدقاءهم .

والبعض الآخر قال : إنّ تلهف وشوق المتقين للقاء الباريء عزّوجلّ يجعلهم يتحينون الفرصة لذلك اللقاء بحيث لا يقبلون حتّى بالجنّة .

فيما قال البعض : إنّ هناك وسيلة تنقلهم بسرعة إلى الجنّة .

مع أن هذه التّفسيرات جيدة ولا يوجد أي تعارض فيما بينها ، إلاّ أنّ هناك نقطة اُخرى يمكن أن تكون هي التّفسير الأصح لهذه العبارة ، وهي مهما كان حجم عشق المتقين للجنّة ، فإن الجنّة وملائكة الرحمة مشتاقة أكثر لوفود أُولئك عليهم ، كما هو الحال بالنسبة إلى المستضيف المشتاق لضيف والمتلهف لوفوده عليه إذ أنّه لا يجلس لانتظاره وإنّما يذهب لجلبه بسرعة قبل أن يأتي هو بنفسه إلى بيت المستضيف ، فملائكة الرحمة هي كذلك مشتاقة لوفود أهل الجنّة .

والملاحظ أن (زمر) تعني هنا المجموعات الصغيرة ، وتبيّن أن أهل الجنّة يساقون إلى الجنّة على شكل مجموعات مجموعات كلّ حسب مقامه .

ثم تضيف الآية {حتى إذا جاءوها وفتحت أبوابها وقال لهم خزنتها سلام عليكم طبتم فادخلوها خالدين} (2) .

الملفت للنظر أن القرآن الكريم يقول بشأن أهل جهنم : إنّهم حينما يصلون إلى قرب جهنم تفتح لهم الأبواب ، ويقول بشأن أهل الجنّة ، إن أبواب الجنّة مفتحة لهم من قبل ، وهذه إشارة إلى الاحترام والتبجيل الذي يستقبلون به من قبل ملائكة الرحمة ، كالمستضيف المحب الذي يفتح أبواب بيته للضيوف قبل وصولهم ، ويقف عند الباب بانتظارهم .

وقد قرأنا في الآيات السابقة أن ملائكة العذاب يستقبلون أهل جهنم باللوم والتوبيخ الشديدين ، عندما يقولون لهم : قد هيئت لكم أسباب الهداية ، فلم تركتموها وانتهيتم إلى هذا المصير المشؤوم ؟

أمّا ملائكة الرحمة فإنّها تبادر أهل الجنّة بالسلام المرافق للاحترام والتبجيل ، ومن ثمّ تدعوهم إلى دخول الجنّة .

عبارة «طبتم» من مادة (طيب) على وزن (صيد) وتعني الطهارة ، ولأنّها جاءت بعد السلام والتحية ، فمن الأرجح القول بأن لها مفهوماً إنشائياً ، وتعني : لتكونوا طاهرين مطهرين ونتمنى لكم السعادة والسرور .

وبعبارة اُخرى : طابت لكم هذه النعم الطاهرة ، يا أصحاب القلوب الطاهرة .

ولكن الكثير من المفسّرين ذكروا لهذه الجملة معنىً خبرياً عند تفسيرها ، وقالوا : إنّ الملائكة تخاطبهم بأنّكم تطهرتم من كلّ لوث وخبث ، وقد طهرتم بإيمانكم وبعملكم الصالح قلوبكم وأرواحكم ، وتطهرتم من الذنوب والمعاصي ، ونقل البعض رواية تقول : إنّ هناك شجرة عند باب الجنّة ، تفيض من تحتها عينا ماء صافيتان ، يشرب المؤمنون من إحداهما فيتطهر باطنهم ، ويغتسلون بماء العين الأُخرى فيتطهر ظاهرهم ، وهنا يقول خزنة الجنّة لهم : {سلام عليكم طبتم فادخلوها خالدين}(3) .

الملاحظ أن «الخلود» استخدم بشأن كلّ من أهل الجنّة وأهل النّار ، وذلك لكي لا يخشى أهل الجنّة من زوال النعم الإلهية ، ولكي يعلم أهل النّار بأنّه لا سبيل لهم للنجاة من النّار .

الآية التّالية تتكون من أربع عبارات قصار غزيرة المعاني تنقل عن لسان أهل الجنّة السعادة والفرح اللذين غمراهم ، حيث تقول : {وقالوا الحمد لله الذي صدقنا وعده} .

وتضيف في العبارة التالية(وأورثنا الأرض) .

المراد من الأرض هنا أرض الجنّة . واستخدام عبارة (الإرث) هنا ، إنّما جاء لكونهم حصلوا على كلّ هذه النعم في مقابل جهد قليل بذلوه ، إذ ـ كما هو معروف ـ فإن الميراث هو الشيء الذي يحصل عليه الإنسان من دون أي عناء مبذول .

أو أنّها تعني أن لكل إنسان مكان في الجنّة وآخر في جهنم ، فإن ارتكب عملا استحق به جهنم فإن مكانه في الجنّة سوف يمنح لغيره ، وإن عمل عملا صالحاً استحق به الجنّة ، فيمنح مكاناً في الجنّة ويترك مكانه في جهنم لغيره .

أو تعني أنّهم يتمتعون بكامل الحرية في الاستفادة من ذلك الأرث ، كالميراث الذي يحصل عليه الإنسان إذ يكون حراً في استخدامه .

هذه العبارة ـ في الواقع ـ تحقق عيني للوعد الإلهي الذي ورد في الآية (63) من سورة مريم {تِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي نُورِثُ مِنْ عِبَادِنَا مَنْ كَانَ تَقِيًّا} [مريم : 63] .

العبارة الثّالثة تكشف عن الحرية الكاملة التي تمنح لأهل الجنّة في الاستفادة من كافة ما هو موجود في الجنّة الواسعة ، إذ تقول : {نتبوأ من الجنّة حيث نشاء} .

يستشف من الآيات القرآنية أن في الجنّة الكثير من البساتين والحدائق وقد أطلقت عليها في الآية (72) من سورة التوبة عبارة (جنات عدن) وأهل الجنّة وفقاً لدرجاتهم المعنوية يسكنون فيها ، وأن لهم كامل الحرية في التحرك في تلك الحدائق والبساتين في الجنّة .

أمّا العبارة الأخيرة فتقول : {فنعم أجر العالمين} .

وهذه إشارة إلى أن هذه النعم الواسعة إنّما تعطى في مقابل العمل الصالح (المتولد من الايمان طبعاً) ليكون صاحبه لائقاً ومستحقاً لنيل مثل هذه النعم .

وهنا يطرح هذه السؤال وهو : هل أنّ هذا القول صادر عن أهل الجنّة ، أم أنّه كلام الله جاء بعد كلام أهل الجنّة؟

المفسّرون وافقوا الرأيين ، ولكنّهم رجحوا المعنى الأوّل الذي يقول : إنّه كلام أهل الجنّة ويرتبط بالعبارات الأُخرى في الآية .

وفي النهاية تخاطب الآية ـ مورد بحثنا وهي آخر آية من سورة الزمر ـ الرّسول الأكرم(صلى الله عليه وآله وسلم) قائلة : {وترى الملائكة حافين من حول العرش} يسبحون الله ويقدّسونه ويحمدونه .

إذ تشير إلى وضع الملائكة الحافين حول عرش الله ، أو أنّها تعبر عن استعداد أولئك الملائكة لتنفيذ الأوامر الإلهية ، أو أنّها إشارة إلى خفايا قيمة تمنح في ذلك اليوم للخواص والمقرّبين من العرش الإلهي ، مع أنّه لا يوجد أي تعارض بين المعاني الثلاثة ، إلا أن المعنى الأوّل أنسب .

ولهذا تقول العبارة التالية {وقضى بينهم بالحق} .

وباعتبار هذه الأُمور هي دلائل على ربوبية الباريء عزّوجلّ واستحقاق ذاته المقدسة والمنزّهة لكل أشكال الحمد والثناء ، فإنّ الجملة الأخيرة تقول : {وقيل الحمد لله ربّ العالمين} .

وهنا يطرح هذا السؤال : هل أن هذا الخطاب صادر عن الملائكة ، أم عن أهل الجنّة المتقين ، أم أنّه صادر عن الاثنين؟

المعنى الأخير أنسب من غيره ، لأنّ الحمد والثناء على الله هو منهاج كلّ أولي الألباب ، ومنهاج كلّ الخواص والمقربين ، واستعمال كلمة (قيل) وهي فعل مبني للمجهول يؤيد ذلك .

_____________________

1- الامثل ، ناصر مكارم الشيرازي ، ج11 ، ص578-581 .

2 ـ ما هو جواب الجملة الشرطية (إذا جاؤها) ؟ ذكر المفسّرون آراء متعددة ، أنسبها الذي يقول : إن عبارة (قال لهم خزنتها) جوابها والواو زائدة . كما احتملوا أن جواب الجملة محذوف ، والتقدير (سلام من الله عليكم) ، أو أن حذف الجواب إشارة إلى أن سعة الموضوع وعلوه لا يمكن وصفها ، والبعض قال : (فتمت) هي الجواب و(الواو) زائدة .

3 ـ تفسير القرطبي المجلد (8) الصفحة 5730 .




وهو تفسير الآيات القرآنية على أساس الترتيب الزماني للآيات ، واعتبار الهجرة حدّاً زمنيّاً فاصلاً بين مرحلتين ، فكلُّ آيةٍ نزلت قبل الهجرة تُعتبر مكّيّة ، وكلّ آيةٍ نزلت بعد الهجرة فهي مدنيّة وإن كان مكان نزولها (مكّة) ، كالآيات التي نزلت على النبي حين كان في مكّة وقت الفتح ، فالمقياس هو الناحية الزمنيّة لا المكانيّة .

- المحكم هو الآيات التي معناها المقصود واضح لا يشتبه بالمعنى غير المقصود ، فيجب الايمان بمثل هذه الآيات والعمل بها.
- المتشابه هو الآيات التي لا تقصد ظواهرها ، ومعناها الحقيقي الذي يعبر عنه بـ«التأويل» لا يعلمه الا الله تعالى فيجب الايمان بمثل هذه الآيات ولكن لا يعمل بها.

النسخ في اللغة والقاموس هو بمعنى الإزالة والتغيير والتبديل والتحوير وابطال الشي‏ء ورفعه واقامة شي‏ء مقام شي‏ء، فيقال نسخت الشمس الظل : أي ازالته.
وتعريفه هو رفع حكم شرعي سابق بنص شرعي لا حق مع التراخي والزمان بينهما ، أي يكون بين الناسخ والمنسوخ زمن يكون المنسوخ ثابتا وملزما بحيث لو لم يكن النص الناسخ لاستمر العمل بالسابق وكان حكمه قائما .
وباختصار النسخ هو رفع الحكم الشرعي بخطاب قطعي للدلالة ومتأخر عنه أو هو بيان انتهاء امده والنسخ «جائز عقلا وواقع سمعا في شرائع ينسخ اللاحق منها السابق وفي شريعة واحدة» .



جمعيّة العميد وقسم الشؤون الفكريّة تدعوان الباحثين للمشاركة في الملتقى العلمي الوطني الأوّل
الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية السابق: جناح جمعية العميد في معرض تونس ثمين بإصداراته
المجمع العلمي يستأنف فعاليات محفل منابر النور في واسط
برعاية العتبة العباسيّة المقدّسة فرقة العبّاس (عليه السلام) تُقيم معرضًا يوثّق انتصاراتها في قرية البشير بمحافظة كركوك