المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

القرآن الكريم وعلومه
عدد المواضيع في هذا القسم 16371 موضوعاً
تأملات قرآنية
علوم القرآن
الإعجاز القرآني
قصص قرآنية
العقائد في القرآن
التفسير الجامع
آيات الأحكام

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر
تاريخ أسرة رخ مي رع
2024-05-05
حياة «رخ مي رع» كما دونها عن نفسه.
2024-05-05
مناظر المقبرة.
2024-05-05
الوزير رخ-مي-رع.
2024-05-05
مقبرة «رخ مي رع» وزخرفها.
2024-05-05
ألقاب رخ مي رع.
2024-05-05

الأفعال التي تنصب مفعولين
23-12-2014
صيغ المبالغة
18-02-2015
الجملة الإنشائية وأقسامها
26-03-2015
اولاد الامام الحسين (عليه السلام)
3-04-2015
معاني صيغ الزيادة
17-02-2015
انواع التمور في العراق
27-5-2016


تفسير الآية (31-34) من سورة الاحزاب  
  
10126   06:06 مساءً   التاريخ: 13-4-2020
المؤلف : المرجع الإلكتروني للمعلوماتية
الكتاب أو المصدر : تفاسير الشيعة
الجزء والصفحة : .....
القسم : القرآن الكريم وعلومه / التفسير الجامع / حرف الألف / سورة الأحزاب /

قال تعالى : {وَمَنْ يَقْنُتْ مِنْكُنَّ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ وَتَعْمَلْ صَالِحًا نُؤْتِهَا أَجْرَهَا مَرَّتَيْنِ وَأَعْتَدْنَا لَهَا رِزْقًا كَرِيمًا (31) يَانِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّسَاءِ إِنِ اتَّقَيْتُنَّ فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلًا مَعْرُوفًا (32) وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى وَأَقِمْنَ الصَّلَاةَ وَآتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا (33) وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ وَالْحِكْمَةِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ لَطِيفًا خَبِيرًا } [الأحزاب : 31 - 34] .

 

تفسير مجمع البيان

- ذكر الطبرسي في تفسير هذه الآيات (1) :

قال تعالى : {ومن يقنت منكن لله ورسوله} أي ومن يطع الله ورسوله والقنوت الطاعة وقيل معناه من يواظب منكن على الطاعة لله ولرسوله ومنه القنوت في الصلاة وهو المداومة على الدعاء المعروف .

{وتعمل صالحا} فيما بينها وبين ربها {نؤتها أجرها مرتين} أي نؤتها ثوابها مثلي ثواب غيرها وروى أبوحمزة الثمالي عن زيد بن علي (عليه السلام) أنه قال إني لأرجو للمحسن منا أجرين وأخاف على المسيء منا أن يضاعف له العذاب ضعفين كما وعد أزواج النبي (صلى الله عليه وآله وسلّم) وروى محمد بن أبي عمير عن إبراهيم ابن عبد الحميد عن علي بن عبد الله بن الحسين عن أبيه عن علي بن الحسين زين العابدين أنه قال له رجل إنكم أهل بيت مغفور لكم قال فغضب وقال نحن أحرى أن يجري فينا ما أجرى الله في أزواج النبي (صلى الله عليه وآله وسلّم) من أن نكون كما تقول إنا نرى لمحسننا ضعفين من الأجر ولمسيئنا ضعفين من العذاب ثم قرأ الآيتين {وأعتدنا لها رزقا كريما} أي عظيم القدر رفيع الخيار وقيل إن الرزق الكريم ما سلم من كل آفة وقيل هو الثواب الذي لا يحسن الابتداء بمثله .

ثم أظهر سبحانه فضيلتهن على سائر النسوان بقوله {يا نساء النبي لستن كأحد من النساء} قال الزجاج لم يقل كواحدة من النساء لأن أحدا للنفي العام وقال ابن عباس معناه ليس قدركن عندي كقدر غيركن من النساء الصالحات أنتن أكرم علي فأنا بكن أرحم وثوابكن أعظم لمكانكن من رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) {إن اتقيتن} الله شرط عليهن التقوى ليبين سبحانه أن فضيلتهن بالتقوى لا باتصالهن بالنبي (صلى الله عليه وآله وسلّم) {فلا تخضعن بالقول} أي لا ترققن القول ولا تلن الكلام للرجال ولا تخاطبن الأجانب مخاطبة تؤدي إلى طمعهم فتكن كما تفعل المرأة التي تظهر الرغبة في الرجال .

{فيطمع الذي في قلبه مرض} أي نفاق وفجور عن قتادة وقيل من في قلبه شهوة للزنا عن عكرمة وقيل أن المرأة مندوبة إذا خاطبت الأجانب إلى الغلظة في المقالة لأن ذلك أبعد من الطمع في الريبة {وقلن قولا معروفا} أي مستقيما جميلا بريئا من التهمة بعيدا من الريبة موافقا للدين والإسلام .

{وقرن في بيوتكن} أمرهن بالاستقرار في بيوتهن والمعنى اثبتن في منازلكن والزمنها وإن كان من وقر يقر فمعناه كن أهل وقار وسكينة {ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى} أي لا تخرجن على عادة النساء اللاتي في الجاهلية ولا تظهرن زينتكن كما كن يظهرن ذلك وقيل التبرج التبختر والتكبر في المشي عن قتادة ومجاهد وقيل هو أن تلقي الخمار على رأسها ولا تشده فتواري قلائدها وقرطيها فيبدو ذلك منها عن مقاتل والمراد بالجاهلية الأولى ما كان قبل الإسلام عن قتادة وقيل ما كان بين آدم (عليه السلام) ونوح (عليه السلام) ثمان مائة سنة عن الحكم وقيل ما بين عيسى ومحمد عن الشعبي قال وهذا لا يقتضي أن يكون بعدها جاهلية في الإسلام لأن الأول اسم للسابق تأخر عنه غيره أولم يتأخر وقيل أن معنى {تبرج الجاهلية الأولى} أنهم كانوا يجوزون أن تجمع امرأة واحدة زوجا وخلا فتجعل لزوجها نصفها الأسفل ولخلها نصفها الأعلى يقبلها ويعانقها .

ثم قال {وأقمن الصلاة} أي أدينها في أوقاتها بشرائطها {وآتين الزكاة} المفروضة في أموالكن {وأطعن الله ورسوله} فيما يأمرانكن به وينهانكن عنه ثم قال عز وجل {إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا} قال ابن عباس الرجس عمل الشيطان وما ليس لله فيه رضى والبيت التعريف فيه للعهد والمراد به بيت النبوة والرسالة والعرب تسمي ما يلتجأ إليه بيتا ولهذا سموا الأنساب بيوتا وقالوا بيوتات العرب يريدون النسب قال :

ألا يا بيت بالعلياء بيت *** ولولا حب أهلك ما أتيت (2)

ألا يا بيت أهلك أوعدوني *** كأني كل ذنبهم جنيت

 يريد بيت النسب وبيت النبوة والرسالة كبيت النسب قال الفرزدق :

بيت زرارة محتب بفنائه *** ومجاشع وأبو الفوارس نهشل(3)

لا يحتبي بفناء بيتك مثلهم *** أبدا إذا عد الأكمل .

وقيل البيت بيت الحرام وأهله هم المتقون على الإطلاق لقوله إن أولياؤه إلا المتقون وقيل البيت مسجد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) وأهله من مكنه رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) فيه ولم يخرجه ولم يسد بابه وقد اتفقت الأمة بأجمعها على أن المراد بأهل البيت في الآية أهل بيت نبينا (صلى الله عليه وآله وسلّم) ثم اختلفوا فقال عكرمة أراد أزواج النبي لأن أول الآية متوجه إليهن وقال أبوسعيد الخدري وأنس بن مالك وواثلة بن الأسقع وعائشة وأم سلمة أن الآية مختصة برسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) وعلي وفاطمة والحسن والحسين (عليهما السلام) .

ذكر أبوحمزة الثمالي في تفسيره حدثني شهر بن حوشب عن أم سلمة قالت جاءت فاطمة (عليها السلام) إلى النبي (صلى الله عليه وآله وسلّم) تحمل حريرة لها فقال ادعي زوجك وابنيك فجاءت بهم فطعموا ثم ألقى عليهم كساء له خيبرياً ، فقال : (( اللهم هؤلاء أهل بيتي وعترتي فأذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا)) فقلت يا رسول الله وأنا معهم؟ قال : أنت إلى خير .

وروى الثعلبي في تفسيره أيضا بالإسناد عن أم سلمة أن النبي (صلى الله عليه وآله وسلّم) كان في بيتها فأتته فاطمة (عليها السلام) ببرمة (4) فيها حريرة فقال لها ادعي زوجك وابنيك فذكرت الحديث نحو ذلك ثم قالت فأنزل الله تعالى {إنما يريد الله} الآية قالت فأخذ فضل الكساء فغشاهم به ثم أخرج يده فألوى يده بها إلى السماء ثم قال ((اللهم هؤلاء أهل بيتي وحامتي فأذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا)) فأدخلت رأسي البيت وقلت وأنا معكم يا رسول الله قال إنك إلى خير ، أنك إلى خير .

 وبإسناده قال مجمع دخلت مع أمي على عائشة فسألتها أمي أ رأيت خروجك يوم الجمل؟ قالت : أنه كان قدرا من الله فسألتها عن علي (عليه السلام) فقالت تسأليني عن أحب الناس كان إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) وزوج أحب الناس كان إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) لقد رأيت عليا وفاطمة وحسنا وحسينا (عليهما السلام) وجمع رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) بثوب عليهم ثم قال ((اللهم هؤلاء أهل بيتي وحامتي فأذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا)) قالت فقلت يا رسول الله أنا من أهلك قال تنحي فإنك إلي خير .

وبإسناده عن أبي سعيد الخدري عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلّم) قال نزلت هذه الآية في خمسة في وفي علي وحسن وحسين وفاطمة (عليهما السلام) وأخبرنا السيد أبو الحمد قال حدثنا الحاكم أبو القاسم الحسكاني قال حدثونا عن أبي بكر السبيعي قال حدثنا أبو عروة الحراني قال حدثنا ابن مصغي قال حدثنا عبد الرحيم بن واقد عن أيوب بن سيار عن محمد بن المنكدر عن جابر قال نزلت هذه الآية على النبي (صلى الله عليه وآله وسلّم) وليست في البيت إلا فاطمة والحسن والحسين (عليهما السلام) وعلي (عليه السلام) {إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت} فقال النبي (صلى الله عليه وآله وسلّم) ((اللهم هؤلاء أهلي)) .

وحدثنا السيد أبو الحمد قال حدثنا الحاكم أبو القاسم بإسناده عن زاذان عن الحسن بن علي (عليهما السلام) قال لما نزلت آية التطهير جمعنا رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) وإياه في كساء لأم سلمة خيبري ثم قال ((اللهم هؤلاء أهل بيتي وعترتي)) والروايات في هذا كثيرة من طريق العامة والخاصة لو قصدنا إلى إيرادها لطال الكتاب وفيما أوردناه كفاية واستدلت الشيعة على اختصاص الآية بهؤلاء الخمسة (عليهم السلام) بأن قالوا إن لفظة إنما محققة لما أثبت بعدها ، نافية لما لم يثبت فإن قول القائل إنما لك عندي درهم وإنما في الدار زيد يقتضي أنه ليس عنده سوى الدرهم وليس في الدار سوى زيد وإذا تقرر هذا فلا تخلو الإرادة في الآية أن تكون هي الإرادة المحضة أو الإرادة التي يتبعها التطهير وإذهاب الرجس ولا يجوز الوجه الأول لأن الله تعالى قد أراد من كل مكلف هذه الإرادة المطلقة فلا اختصاص لها بأهل البيت دون سائر الخلق ولأن هذا القول يقتضي المدح والتعظيم لهم بغير شك وشبهة ولا مدح في الإرادة المجردة فثبت الوجه الثاني وفي ثبوته ثبوت عصمة المعنيين بالآية من جميع القبائح وقد علمنا أن من عدا من ذكرناه من أهل البيت غير مقطوع على عصمته فثبت أن الآية مختصة بهم لبطلان تعلقها بغيرهم .

ومتى قيل : أن صدر الآية وما بعدها في الأزواج فالقول فيه أن هذا لا ينكره من عرف عادة الفصحاء في كلامهم فإنهم يذهبون من خطاب إلى غيره ويعودون إليه والقرآن من ذلك مملوء وكذلك كلام العرب وأشعارهم ثم عاد سبحانه إلى ذكر الأزواج فقال {واذكرن ما يتلى في بيوتكن من آيات الله والحكمة} معناه واشكرن الله تعالى إذ صيركن في بيوت يتلى فيها القرآن والسنة عن قتادة وقيل اذكرن أي احفظن ذلك وليكن منكن على بال أبدا لتعملن بموجبه وهذا حث لهن على حفظ القرآن والأخبار ومذاكرتهن بهما والخطاب وإن اختص بهن فغيرهن يشاركهن فيه لأن بناء الشريعة على القرآن والسنة .

{إن الله كان لطيفا} بأوليائه {خبيرا} بجميع خلقه وقيل لطيفا في تدبير خلقه وإيصال المنافع إليهم خبيرا بما يكون منهم ومصالحهم ومفاسدهم فيأمرهم بفعل ما فيه صلاحهم واجتناب ما فيه فسادهم قال مقاتل بن حيان لما رجعت أسماء بنت عميس من الحبشة مع زوجها جعفر بن أبي طالب (عليه السلام) دخلت على نساء رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) فقالت هل نزل فينا شيء من القرآن قلن لا فأتت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) فقالت يا رسول الله إن النساء لفي خيبة وخسار فقال (صلى الله عليه وآله وسلّم) ومم ذلك؟ قالت لأنهن لا يذكرن بخير كما يذكر الرجال فأنزل الله تعالى هذه الآية .

_____________

1- مجمع البيان ، الطبرسي ، ج8 ، ص153-158 .

2- العلياء : رأس الجبل . المكان العالي .

3- الاحتباء : هو ان يجمع بين ظهره وساقيه بثوب ونحوه .

4- البرمة : القدر من الحجر .

 

تفسير الكاشف

- ذكر محمد جواد مغنية في تفسير هذه الآيات (1) :

{ومَنْ يَقْنُتْ مِنْكُنَّ لِلَّهِ ورَسُولِهِ وتَعْمَلْ صالِحاً نُؤْتِها أَجْرَها مَرَّتَيْنِ وأَعْتَدْنا لَها رِزْقاً كَرِيماً} . كما أن العذاب يضاعف لمن تتجرأ على معاصي اللَّه من نساء النبي فإن الثواب يضاعف لمن تخافه وتتقيه {يا نِساءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّساءِ إِنِ اتَّقَيْتُنَّ} . يقول سبحانه لنساء النبي : أنتن فوق النساء كرامة وشرفا برسول اللَّه ان اتقيتن معصية اللَّه في القول والفعل ، وإلا انقطعت كل صلة بينكن وبين الرسول . . وقال الحافظ محمد بن أحمد الكلبي في التسهيل : (حصل لهن التفضيل بالتقوى على النساء إلا فاطمة بنت محمد (صلى الله عليه واله وسلم) ومريم بنت عمران وآسية بنت مزاحم) .

{فَلا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وقُلْنَ قَوْلًا مَعْرُوفاً وقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ ولا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجاهِلِيَّةِ الأُولى} . كان عصر النبي (صلى الله عليه واله وسلم) خير العصور ، ومع هذا حذر سبحانه نساء النبي من لين الكلام مع الرجال ، والخروج من البيوت حاسرات متبرجات ، كيلا يثرن الطمع في القلوب الفاسقة الفاجرة . . هذا ، وهن من العفة والصون فوق كل ريبة وشبهة ، فكيف بعصرنا الذي قفزت فيه الأنثى من البيت إلى المسابح والمسارح ، وكشفت عن أنوثتها بأسلوب جنسي محموم ؟

{وأَقِمْنَ الصَّلاةَ} لأنها تنهى عن التبرج والتخنث وغيرهما من المحرمات {وآتِينَ الزَّكاةَ} فهي تطهر الأموال كما تطهر الصلاة النفوس {وأَطِعْنَ اللَّهً ورَسُولَهُ} في كل شيء ، لا في خصوص الصلاة والزكاة ، ولا في ترك التبرج والخضوع بالقول فحسب .

أهل البيت :

{إِنَّما يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ ويُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً} . المراد بالرجس هنا الذنوب . وقد استدل الشيعة بهذه الآية على عصمة أهل البيت ، وقالوا : انما أداة حصر تدل على ثبوت الطهارة من الذنوب لأهل البيت دون غيرهم ، ولا معنى للعصمة إلا الطهارة من الذنوب .

وفي صحيح مسلم القسم الثاني من الجزء الثاني ص 116 طبعة 1348 ه ما نصه بالحرف : (قالت عائشة خرج النبي (صلى الله عليه واله وسلم) غداة وعليه مرط مرحل - برد من برود اليمن - من شعر أسود ، فجاء الحسن بن علي فأدخله ثم جاء الحسين فدخل معه ثم جاءت فاطمة فأدخلها ثم جاء علي فأدخله ثم قال : {إِنَّما يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ ويُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً} . ومثله سندا ودلالة ما رواه الترمذي في صحيحه والإمام أحمد في مسنده وغيرهما من أئمة الحديث من أهل السنة .

وفي تفسير الطبري عن أبي سعيد الخدري الصحابي الجليل وأم سلمة زوجة الرسول (صلى الله عليه واله وسلم) : (قالت : لما نزلت آية إنما يريد اللَّه ليذهب عنكم الرجس أهل البيت دعا رسول اللَّه (صلى الله عليه واله وسلم) عليا وفاطمة وحسنا وحسينا ، ووضع عليهم كساء وقال : اللهم هؤلاء أهل بيتي اللهم أذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا . قالت أم سلمة : ألست منهم ؟ قال : أنت إلى خير) . ومثله في تفسير البحر المحيط للأندلسي والتسهيل للحافظ والدر المنثور للسيوطي وغيرها من التفاسير .

وفي ج 1 ص 88 نقلنا ما قاله محيي الدين بن عربي حول هذه الآية في الجزء الأول والثاني من الفتوحات المكية ، وننقل الآن ما قاله عن أهل البيت في الجزء الرابع ص 139 طبعة دار الكتب العربية الكبرى بمصر ، قال : {ان النبي (صلى الله عليه واله وسلم) وأهل بيته على السواء في مودتنا فيهم ، فمن كره أهل بيته فقد كره النبي (صلى الله عليه واله وسلم) ، فإنه واحد من أهل بيته ، فمن خانهم فقد خان رسول اللَّه (صلى الله عليه واله وسلم) .

{واذْكُرْنَ ما يُتْلى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آياتِ اللَّهِ والْحِكْمَةِ إِنَّ اللَّهً كانَ لَطِيفاً خَبِيراً } .

المراد بالحكمة هنا السنة النبوية لاقترانها بكتاب اللَّه وآياته ، والمعنى أشكرن يا نساء النبي إنعام اللَّه عليكن حيث جعلكن في بيوت تسمعن فيها تلاوة كتاب اللَّه وسنة نبيه ، وهي نور للعقول ، وربيع للقلوب .

وتسأل : ان سياق الآيات يدل على أن المراد بآية التطهير نساء النبي (صلى الله عليه واله وسلم) ، فكيف أخرجهن عنها من نقلت عنهم من المفسرين والمحدثين ؟

الجواب أولا : ان صاحب تفسير المنار نقل عن أستاذه الشيخ محمد عبده في ج 2 ص 451 طبعة ثانية : {ان من عادة القرآن أن ينتقل بالإنسان من شأن إلى شأن آخر ، ثم يعود إلى مباحث المقصد الواحد المرة بعد المرة} . وقال الإمام جعفر الصادق (عليه السلام) : ان الآية من القرآن يكون أولها في شيء ، وآخرها في شيء آخر . . وعلى هذا فلا يصح الاعتماد على دلالة السياق لآي الذكر الحكيم كقاعدة كلية .

ثانيا : لو سلمنا - جدلا - بصحة الاعتماد على دلالة السياق للآيات فإن قوله تعالى : {ليذهب عنكم . . ويطهركم} بضمير المذكر دون ضمير المؤنث هو نص صريح على اخراجهن من الآية . وليس من شك ان دلالة النص مقدمة على دلالة السياق لأنها أقوى وأظهر .

ثالثا : ان المفسرين والمحدثين الذين ذكرناهم قد اعتمدوا في اخراجهن على الحديث الصحيح عن الرسول الأعظم (صلى الله عليه واله وسلم) ، وقد اتفقت كلمة المسلمين على أن السنة النبوية تفسير وبيان لكتاب اللَّه .

______________

1- الكاشف ، محمد جواد مغنية ، ج6 ، ص215-218 .

 

تفسير الميزان

- ذكر الطباطبائي في تفسير هذه الآيات (1) :

قوله تعالى : {ومن يقنت منكن لله ورسوله وتعمل صالحا نؤتها أجرها مرتين} إلخ ، القنوت الخضوع ، وقيل : الطاعة وقيل : لزوم الطاعة مع الخضوع ، والإعتاد التهيئة ، والرزق الكريم مصداقه الجنة .

والمعنى : ومن يخضع منكن لله ورسوله أو لزم طاعة الله ورسوله مع الخضوع ويعمل عملا صالحا نعطها أجرها مرتين أي ضعفين وهيأنا لها رزقا كريما وهي الجنة .

والالتفات من الغيبة إلى التكلم بالغير في قوله : {نؤتها} و{أعتدنا} للإيذان بالقرب والكرامة ، خلاف البعد والخزي المفهوم من قوله : {يضاعف لها العذاب ضعفين} .

قوله تعالى : {يا نساء النبي لستن كأحد من النساء إن اتقيتن فلا تخضعن بالقول فيطمع الذي في قلبه مرض} إلخ ، الآية تنفي مساواتهن لسائر النساء إن اتقين وترفع منزلتهن على غيرهن ثم تذكر أشياء من النهي والأمر متفرعة على كونهن لسن كسائر النساء كما يدل عليه قوله : فلا تخضعن بالقول وقرن ولا تبرجن إلخ ، وهي خصال مشتركة بين نساء النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وسائر النساء .

فتصدير الكلام بقوله : {لستن كأحد من النساء إن اتقيتن} ثم تفريع هذه التكاليف المشتركة عليه ، يفيد تأكد هذه التكاليف عليهن كأنه قيل : لستن كغيركن فيجب عليكن أن تبالغن في امتثال هذه التكاليف وتحتطن في دين الله أكثر من سائر النساء .

وتؤيد بل تدل على تأكد تكاليفهن مضاعفة جزائهن خيرا وشرا كما دلت عليها الآية السابقة فإن مضاعفة الجزاء لا تنفك عن تأكد التكليف .

وقوله : {فلا تخضعن بالقول فيطمع الذي في قلبه مرض} بعد ما بين علو منزلتهن ورفعة قدرهن لمكانهن من النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وشرط في ذلك التقوى فبين أن فضيلتهن بالتقوى لا بالاتصال بالنبي (صلى الله عليه وآله وسلم) نهاهن عن الخضوع في القول وهو ترقيق الكلام وتليينه مع الرجال بحيث يدعو إلى الريبة وتثير الشهوة فيطمع الذي في قلبه مرض وهو فقدان قوة الإيمان التي تردعه عن الميل إلى الفحشاء .

وقوله : {وقلن قولا معروفا} أي كلاما معمولا مستقيما يعرفه الشرع والعرف الإسلامي وهو القول الذي لا يشير بلحنه إلى أزيد من مدلوله معرى عن الإيماء إلى فساد وريبة .

قوله تعالى : {وقرن في بيوتكن ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى - إلى قوله - وأطعن الله ورسوله} {قرن} من قر يقر إذا ثبت وأصله اقررن حذفت إحدى الرائين أومن قار يقار إذا اجتمع كناية عن ثباتهن في بيوتهن ولزومهن لها ، والتبرج الظهور للناس كظهور البروج لناظريها .

والجاهلية الأولى الجاهلية قبل البعثة فالمراد الجاهلية القديمة ، وقول بعضهم : إن المراد به زمان ما بين آدم ونوح (عليهما السلام) ثمان مائة سنة ، وقول آخرين إنها ما بين إدريس ونوح ، وقول آخرين زمان داود وسليمان وقول آخرين إنه زمان ولادة إبراهيم ، وقول آخرين إنه زمان الفترة بين عيسى (عليه السلام) ومحمد (صلى الله عليه وآله وسلم) أقوال لا دليل يدل عليها .

وقوله : {وأقمن الصلاة وآتين الزكاة وأطعن الله ورسوله} أمر بامتثال الأوامر الدينية وقد أفرد الصلاة والزكاة بالذكر من بينها لكونهما ركنين في العبادات والمعاملات ثم جمع الجميع في قوله : {وأطعن الله ورسوله{ .

وطاعة الله هي امتثال تكاليفه الشرعية وطاعة رسوله فيما يأمر به وينهى بالولاية المجعولة له من عند الله كما قال : {النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم} .

قوله تعالى : {إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا} كلمة {إنما} تدل على حصر الإرادة في إذهاب الرجس والتطهير وكلمة أهل البيت سواء كان لمجرد الاختصاص أو مدحا أو نداء يدل على اختصاص إذهاب الرجس والتطهير بالمخاطبين بقوله : {عنكم} ، ففي الآية في الحقيقة قصران قصر الإرادة في إذهاب الرجس والتطهير وقصر إذهاب الرجس والتطهير في أهل البيت .

وليس المراد بأهل البيت نساء النبي خاصة لمكان الخطاب الذي في قوله : {عنكم} ولم يقل : عنكن فأما أن يكون الخطاب لهن ولغيرهن كما قيل : إن المراد بأهل البيت أهل البيت الحرام وهم المتقون لقوله تعالى : {إن أولياؤه إلا المتقون} أو أهل مسجد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أو أهل بيت النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وهم الذين يصدق عليهم عرفا أهل بيته من أزواجه وأقربائه وهم آل عباس وآل عقيل وآل جعفر وآل علي أو النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وأزواجه ، ولعل هذا هو المراد مما نسب إلى عكرمة وعروة أنها في أزواج النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) خاصة .

أو يكون الخطاب لغيرهن كما قيل : إنهم أقرباء النبي من آل عباس وآل عقيل وآل جعفر وآل علي .

وعلى أي حال فالمراد بإذهاب الرجس والتطهير مجرد التقوى الديني بالاجتناب عن النواهي وامتثال الأوامر فيكون المعنى أن الله لا ينتفع بتوجيه هذه التكاليف إليكم وإنما يريد إذهاب الرجس عنكم وتطهيركم على حد قوله : {مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ وَلَكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ } [المائدة : 6] ، وهذا المعنى لا يلائم شيئا من معاني أهل البيت السابقة لمنافاته البينة للاختصاص المفهوم من أهل البيت لعمومه لعامة المسلمين المكلفين بأحكام الدين .

وإن كان المراد بإذهاب الرجس والتطهير التقوى الشديد البالغ ويكون المعنى : أن هذا التشديد في التكاليف المتوجهة إليكن أزواج النبي وتضعيف الثواب والعقاب ليس لينتفع الله سبحانه به بل ليذهب عنكم الرجس ويطهركم ويكون من تعميم الخطاب لهن ولغيرهن بعد تخصيصه بهن ، فهذا المعنى لا يلائم كون الخطاب خاصا بغيرهن وهو ظاهر ولا عموم الخطاب لهن ولغيرهن فإن الغير لا يشاركهن في تشديد التكليف وتضعيف الثواب والعقاب .

لا يقال : لم لا يجوز أن يكون الخطاب على هذا التقدير متوجها إليهن مع النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وتكليفه شديد كتكليفهن .

لأنه يقال : إنه (صلى الله عليه وآله وسلم) مؤيد بعصمة من الله وهي موهبة إلهية غير مكتسبة بالعمل فلا معنى لجعل تشديد التكليف وتضعيف الجزاء بالنسبة إليه مقدمة أوسببا لحصول التقوى الشديد له امتنانا عليه على ما يعطيه سياق الآية ولذلك لم يصرح بكون الخطاب متوجها إليهن مع النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) فقط أحد من المفسرين وإنما احتملناه لتصحيح قول من قال : إن الآية خاصة بأزواج النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) .

وإن كان المراد إذهاب الرجس والتطهير بإرادته تعالى ذلك مطلقا لا بتوجيه مطلق التكليف ولا بتوجيه التكليف الشديد بل إرادة مطلقة لإذهاب الرجس والتطهير لأهل البيت خاصة بما هم أهل البيت كان هذا المعنى منافيا لتقييد كرامتهن بالتقوى سواء كان المراد بالإرادة الإرادة التشريعية أو التكوينية .

وبهذا الذي تقدم يتأيد ما ورد في أسباب النزول أن الآية نزلت في النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وعلي وفاطمة والحسنين (عليهم السلام) خاصة لا يشاركهم فيها غيرهم .

وهي روايات جمة تزيد على سبعين حديثا يربو ما ورد منها من طرق أهل السنة على ما ورد منها من طرق الشيعة فقد روتها أهل السنة بطرق كثيرة عن أم سلمة وعائشة وأبي سعيد الخدري وسعد ووائلة بن الأسقع وأبي الحمراء وابن عباس وثوبان مولى النبي وعبد الله بن جعفر وعلي والحسن بن علي (عليهما السلام) في قريب من أربعين طريقا .

وروتها الشيعة عن علي والسجاد والباقر والصادق والرضا (عليهما السلام) وأم سلمة وأبي ذر وأبي ليلى وأبي الأسود الدؤلي وعمرو بن ميمون الأودي وسعد بن أبي وقاص في بضع وثلاثين طريقا .

فإن قيل : إن الروايات إنما تدل على شمول الآية لعلي وفاطمة والحسنين (عليهم السلام) ولا ينافي ذلك شمولها لأزواج النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) كما يفيده وقوع الآية في سياق خطابهن .

قلنا : إن كثيرا من هذه الروايات وخاصة ما رويت عن أم سلمة - وفي بيتها نزلت الآية - تصرح باختصاصها بهم وعدم شمولها لأزواج النبي وسيجيء الروايات وفيها الصحاح .

فإن قيل : هذا مدفوع بنص الكتاب على شمولها لهن كوقوع الآية في سياق خطابهن .

قلنا : إنما الشأن كل الشأن في اتصال الآية بما قبلها من الآيات فهذه الأحاديث على كثرتها البالغة ناصة في نزول الآية وحدها ، ولم يرد حتى في رواية واحدة نزول هذه الآية في ضمن آيات نساء النبي ولا ذكره أحد حتى القائل باختصاص الآية بأزواج النبي كما ينسب إلى عكرمة وعروة ، فالآية لم تكن بحسب النزول جزءا من آيات نساء النبي ولا متصلة بها وإنما وضعت بينها إما بأمر من النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أو عند التأليف بعد الرحلة ، ويؤيده أن آية {وقرن في بيوتكن} على انسجامها واتصالها لو قدر ارتفاع آية التطهير من بين جملها ، فموقع آية التطهير من آية {وقرن في بيوتكن} كموقع آية {اليوم يئس الذين كفروا} من آية محرمات الأكل من سورة المائدة ، وقد تقدم الكلام في ذلك في الجزء الخامس من الكتاب .

وبالبناء على ما تقدم تصير لفظة أهل البيت اسما خاصا - في عرف القرآن - بهؤلاء الخمسة وهم النبي وعلي وفاطمة والحسنان (عليه السلام) لا يطلق على غيرهم ، ولوكان من أقربائه الأقربين وإن صح بحسب العرف العام إطلاقه عليهم .

والرجس - بالكسر فالسكون - صفة من الرجاسة وهي القذارة ، والقذارة هيئة في الشيء توجب التجنب والتنفر منها ، وتكون بحسب ظاهر الشيء كرجاسة الخنزير ، قال تعالى : {أَو لَحْمَ خِنْزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ } [الأنعام : 145] ، وبحسب باطنه – وهو الرجاسة والقذارة المعنوية - كالشرك والكفر وأثر العمل السيىء ، قال تعالى : {وَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَتْهُمْ رِجْسًا إِلَى رِجْسِهِمْ وَمَاتُوا وَهُمْ كَافِرُونَ} [التوبة : 125] ، وقال : {وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاءِ كَذَلِكَ يَجْعَلُ اللَّهُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ} [الأنعام : 125] .

وأيا ما كان فهو إدراك نفساني وأثر شعوري من تعلق القلب بالاعتقاد الباطل أو العمل السيىء وإذهاب الرجس - واللام فيه للجنس - إزالة كل هيئة خبيثة في النفس تخطىء حق الاعتقاد والعمل فتنطبق على العصمة الإلهية التي هي صورة علمية نفسانية تحفظ الإنسان من باطل الاعتقاد وسيىء العمل .

على أنك عرفت أن إرادة التقوى أو التشديد في التكاليف لا تلائم اختصاص الخطاب في الآية بأهل البيت ، وعرفت أيضا أن إرادة ذلك لا تناسب مقام النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) من العصمة .

فمن المتعين حمل إذهاب الرجس في الآية على العصمة ويكون المراد بالتطهير في قوله : {ويطهركم تطهيرا} - وقد أكد بالمصدر - إزالة أثر الرجس بإيراد ما يقابله بعد إذهاب أصله ، ومن المعلوم أن ما يقابل الاعتقاد الباطل هو الاعتقاد الحق فتطهيرهم هو تجهيزهم بإدراك الحق في الاعتقاد والعمل ، ويكون المراد بالإرادة أيضا غير الإرادة التشريعية لما عرفت أن الإرادة التشريعية التي هي توجيه التكاليف إلى المكلف لا تلائم المقام أصلا .

والمعنى : أن الله سبحانه تستمر إرادته أن يخصكم بموهبة العصمة بإذهاب الاعتقاد الباطل وأثر العمل السيىء عنكم أهل البيت وإيراد ما يزيل أثر ذلك عليكم وهي العصمة .

قوله تعالى : {واذكرن ما يتلى في بيوتكن من آيات الله والحكمة إن الله كان لطيفا خبيرا} ظاهر السياق أن المراد بالذكر ما يقابل النسيان إذ هو المناسب لسياق التأكيد والتشديد الذي في الآيات فيكون بمنزلة الوصية بعد الوصية بامتثال ما وجه إليهن من التكاليف ، وفي قوله في بيوتكن تأكيد آخر .

والمعنى : واحفظن ما يتلى في بيوتكن من آيات الله والحكمة وليكن منكن في بال حتى لا تغفلن ولا تتخطين مما خط لكم من المسير .

وأما قول بعضهم : إن المراد واشكرن الله إذ صيركن في بيوت يتلى فيهن القرآن والسنة فبعيد من السياق وخاصة بالنظر إلى قوله في ذيل الآية : {إن الله كان لطيفا خبيرا} .

_______________

1- الميزان ، الطباطبائي ، ج16 ، ص249-253 .

 

تفسير الامثل

- ذكر الشيخ ناصر مكارم الشيرازي في تفسير هذه الآيات (1) :

 قال تعالى : {ومن يقنت منكنّ لله ورسوله وتعمل صالحاً نؤتها أجرها مرّتين واعتدنا لها رزقاً كريماً} .

«يقنت» من القنوت ، وهو يعني الطاعة المقرونة بالخضوع والأدب(2) ، والقرآن يريد بهذا التعبير أن يأمرهنّ بأن يطعن الله ورسوله ، ويراعين الأدب مع ذلك تماماً .

ونواجه هنا هذه المسألة مرّة اُخرى ، وهي أنّ مجرّد ادّعاء الإيمان والطاعة لا يكفي لوحده ، بل يجب أن تُلمس آثاره بمقتضى {وتعمل صالحاً} .

«الرزق الكريم» له معنى واسع يتضمّن كلّ المواهب المادية والمعنوية ، وتفسيره بالجنّة باعتبارها مجمعاً لكلّ هذه المواهب .

وقوله تعالى : {يَانِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّسَاءِ إِنِ اتَّقَيْتُنَّ فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلًا مَعْرُوفًا (32) وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى وَأَقِمْنَ الصَّلَاةَ وَآتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا (33) وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ وَالْحِكْمَةِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ لَطِيفًا خَبِيرًا } [الأحزاب : 32 - 34]

 

هكذا يجب أن تكون نساء النّبي !

كان الكلام في الآيات السابقة عن موقع نساء النّبي ومسؤولياتهنّ الخطيرة ، ويستمرّ هذا الحديث في هذه الآيات ، وتأمر الآيات نساء النّبي (صلى الله عليه وآله) بسبعة أوامر مهمّة .

فيقول سبحانه في مقدّمة قصيرة : {يا نساء النّبي لستنّ كأحد من النساء إن اتقيتنّ} فإنّ إنتسابكنّ إلى النّبي من جانب ، ووجودكنّ في منزل الوحي وسماع آيات القرآن وتعليمات الإسلام من جانب آخر ، قد منحكن موقعاً خاصّاً بحيث تقدرن على أن تكن نموذجاً وقدوة لكلّ النساء ، سواء كان ذلك في مسير التقوى أم مسير المعصية ، وبناءً على هذا ينبغي أن تدركن موقعكنّ ، ولا تنسين مسؤولياتكنّ الملقاة على عاتقكنّ ، واعلمن أنّكنّ إن اتقيتنّ فلكنّ عند الله المقام المحمود .

وبعد هذه المقدّمة التي هيّأتهنّ لتقبّل المسؤوليات وتحمّلها ، فإنّه تعالى أصدر أوّل أمر في مجال العفّة ، ويؤكّد على مسألة دقيقة لتتّضح المسائل الاُخرى في هذا المجال تلقائياً ، فيقول :

{فلا تخضعن بالقول فيطمع الذي في قلبه مرض} بل تكلّمن عند تحدثكنّ بجدّ وباُسلوب عاديّ ، لا كالنساء المتميّعات اللائي يسعين من خلال حديثهنّ المليء بالعبارات المحرّكة للشهوة ، والتي قد تقترن بترخيم الصوت وأداء بعض الحركات المهيّجة ، أن يدفعن ذوي الشهوات إلى الفساد وإرتكاب المعاصي .

إنّ التعبير بـ {الذي في قلبه مرض} تعبير بليغ جدّاً ، ومؤدّ لحقيقة أنّ الغريزة الجنسية عندما تكون في حدود الإعتدال والمشروعية فهي عين السلامة ، أمّا عندما تتعدّى هذا الحدّ فإنّها ستكون مرضاً قد يصل إلى حدّ الجنون ، والذي يعبّرون عنه بالجنون الجنسي ، وقد فصّل العلماء اليوم أنواعاً وأقساماً من هذا المرض النفسي الذي يتولّد من طغيان هذه الغريزة ، والخضوع للمفاسد الجنسية والبيئات المنحطّة الملوّثة .

ويبيّن الأمر الثّاني في نهاية الآية فيقول عزّوجلّ : يجب عليكنّ التحدّث مع الآخرين بشكل لائق ومرضي لله ورسوله ، ومقترناً مع الحقّ والعدل : {وقلن قولا معروفاً} .

إنّ جملة {لا تخضعن بالقول} إشارة إلى طريقة التحدّث ، وجملة : {وقلن قولا معروفاً} إشارة إلى محتوى الحديث .

«القول المعروف» له معنى واسع يتضمّن كلّ ما قيل ، إضافةً إلى أنّه ينفي كلّ قول باطل لا فائدة فيه ولا هدف من ورائه ، وكذلك ينفي المعصية وكلّ ما خالف الحقّ .

ثمّ إنّ الجملة الأخيرة قد تكون توضيحاً للجملة الاُولى لئلاّ يتصوّر أحد أنّ تعامل نساء النّبي مع الأجانب يجب أن يكون مؤذياً وبعيداً عن الأدب الإسلامي ، بل يجب أن يتعاملن بأدب يليق بهنّ ، وفي الوقت نفسه يكون خالياً من كلّ صفة مهيّجة .

ثمّ يصدر الأمر الثالث في باب رعاية العفّة ، فيقول : {وقرن في بيوتكنّ ولا تبرّجن تبرّج الجاهلية الاُولى} .

«قرن» من مادّة الوقار ، أي الثقل ، وهو كناية عن إلتزام البيوت . وإحتمل البعض أن تكون من مادّة (القرار) ، وهي لا تختلف عن المعنى الأوّل كثيراً (3) .

و «التبرّج» يعني الظهور أمام الناس ، وهو مأخوذ من مادّة (برج) ، حيث يبدو ويظهر لأنظار الجميع .

لكن ما هو المراد من «الجاهلية»؟

الظاهر أنّها الجاهلية التي كانت في زمان النّبي (صلى الله عليه وآله) ، ولم تكن النساء محجّبات حينها كما ورد في التواريخ ، وكنّ يلقين أطراف خمرهن على ظهورهنّ مع إظهار نحورهنّ وجزء من صدورهنّ وأقراطهنّ وقد منع القرآن الكريم أزواج النّبي من مثل هذه الأعمال .

ولا شكّ أنّ هذا الحكم عامّ ، والتركيز على نساء النّبي من باب التأكيد الأشدّ ، تماماً كما نقول لعالم : أنت عالم فلا تكذب ، فلا يعني هذا أنّ الكذب مجاز ومباح للآخرين ، بل المراد أنّ العالم ينبغي أن يتّقي هذا العمل بصورة آكد .

إنّ هذا التعبير يبيّن أنّ جاهلية اُخرى ستأتي كالجاهلية الاُولى التي ذكرها القرآن ، ونحن نرى اليوم آثار هذا التنبّؤ القرآني في عالم التمدّن المادّي ، إلاّ أنّ المفسّرين القدامى لم يتنبّؤوا ويعلموا بمثل هذا الأمر ، لذلك فقد جهدوا في تفسير هذه الكلمة ، ولذلك اعتبر البعض منهم الجاهلية الاُولى هي الفاصلة بين «آدم» و«نوح» ، أو الفاصلة بين عصر «داود» و«سليمان» حيث كانت النساء تخرج بثياب يتّضح منها البدن ، وفسّروا الجاهلية العربية قبل الإسلام بالجاهلية الثّانية!

ولكن لا حاجة إلى هذه الكلمات كما قلنا ، بل الظاهر أنّ الجاهلية الاُولى هي الجاهلية قبل الإسلام ، والتي اُشير إليها في موضع آخر من القرآن الكريم ـ في الآية (143) من سورة آل عمران ، والآية (50) من سورة المائدة ، والآية (26) من سورة الفتح ـ والجاهلية الثّانية هي الجاهلية التي ستكون فيما بعد ، كجاهلية عصرنا . وسنبسط الكلام حول هذا الموضوع في بحث الملاحظات .

وأخير يصدر الأمر الرابع والخامس والسادس ، فيقول سبحانه : {وأقمن الصلاة وآتين الزكاة وأطعن الله ورسوله} .

إذا كانت الآية قد أكّدت على الصلاة والزكاة من بين العبادات ، فإنّما ذلك لكون الصلاة أهمّ وسائل الإتّصال والإرتباط بالخالق عزّوجلّ ، وتعتبر الزكاة علاقة متينة بخلق الله ، وهي في الوقت نفسه عبادة عظيمة . وأمّا جملة : {أطعن الله ورسوله} فإنّه حكم كلّي يشمل كلّ البرامج الإلهية .

إنّ هذه الأوامر الثلاثة تشير إلى أنّ الأحكام المذكورة ليست مختّصة بنساء النّبي ، بل هي للجميع ، وإن أكّدت عليهنّ .

ويضيف الله سبحانه في نهاية الآية : {إنّما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهّركم تطهيراً} .

إنّ التعبير بـ (إنّما) والذي يدلّ على الحصر عادةً ـ دليل على أنّ هذه المنقبة خاصّة بأهل بيت النّبي (صلى الله عليه وآله) . وجملة (يريد) إشارة إلى إرادة الله التكوينية ، وإلاّ فإنّ الإرادة التشريعية ـ وبتعبير آخر لزوم تطهير أنفسهم ـ لا تنحصر بأهل بيت النّبي(صلى الله عليه وآله) ، فإنّ كلّ الناس مكلّفون بأن يتطهّروا من كلّ ذنب ومعصية .

من الممكن أن يقال : إنّ الإرادة التكوينية توجب أن يكون ذلك جبراً ، إلاّ أنّ جواب ذلك يتّضح من ملاحظة البحوث التي أوردناها في مسألة كون الأنبياء والأئمّة معصومين ، ويمكن تلخيص ذلك هنا بأنّ للمعصومين أهلية إكتسابية عن طريق أعمالهم ، ولهم لياقة ذاتية موهوبة لهم من قبل الله سبحانه ، ليستطيعوا أن يكونوا اُسوة للناس .

وبتعبير آخر فإنّ المعصومين نتيجة للرعاية الإلهية وأعمالهم الطاهرة ، لا يقدمون على المعصية مع إمتلاكهم القدرة والإختيار في إتيانها ، تماماً كما لا نرى عاقلا يرفع جمرة من النار ويضعها في فمّه ، مع أنّه غير مجبر ولا مكره على الإمتناع عن هذا العمل ، فهذه الحالة تنبعث من أعماق وجود الإنسان نتيجة المعلومات والإطلاع ، والمبادىء الفطرية والطبيعية ، من دون أن يكون في الأمر جبر وإكراه .

ولفظة «الرجس» تعني الشيء القذر ، سواء كان نجساً وقذراً من ناحية طبع الإنسان ، أو بحكم العقل أو الشرع ، أو جميعها(4) . وما ورد في بعض الأحيان من تفسير «الرجس» بالذنب أو الشرك أو البخل والحسد ، أو الإعتقاد بالباطل ، وأمثال ذلك ، فإنّه في الحقيقة بيان لمصاديقه ، وإلاّ فإنّ مفهوم هذه الكلمة عامّ وشامل لكلّ أنواع الحماقات بحكم (الألف واللام) التي وردت هنا ، والتي تسمّى بألف ولام الجنس .

و«التطهير» الذي يعني إزالة النجس ، هو تأكيد على مسألة إذهاب الرجس ونفي السيّئات ، ويعتبر ذكره هنا بصيغة المفعول المطلق تأكيداً آخر على هذا المعنى .

وأمّا تعبير (أهل البيت) فإنّه إشارة إلى أهل بيت النّبي (صلى الله عليه وآله) باتّفاق علماء الإسلام والمفسّرين ، وهو الشيء الذي يُفهم من ظاهر الآية ، لأنّ البيت وإن ذكر هنا بصيغة مطلقة ، إلاّ أنّ المراد منه بيت النّبي (صلى الله عليه وآله) بقرينة الآيات السابقة واللاحقة (5) .

إلاّ أنّ هناك إختلافاً في المقصود بأهل بيت النّبي هنا ؟

إعتقد البعض أنّ هذا التعبير مختّص بنساء النّبي ، لأنّ الآيات السابقة واللاحقة تتحدّث حول أزواج رسول الله (صلى الله عليه وآله) ، فاعتبروا ذلك قرينة على مدّعاهم .

غير أنّ الإنتباه إلى مسألة في الآية ينفي هذا الإدّعاء ، وهي : أنّ الضمائر التي وردت في الآيات السابقة واللاحقة ، جاءت بصيغة ضمير النسوة ، في حين أنّ ضمائر هذه القطعة من الآية قد وردت بصيغة جمع المذكر ، وهذا يوحي بأنّ هناك معنى آخر هو المراد ، ولذلك خطا جمع آخر من المفسّرين خطوة أوسع وإعتبر الآية شاملة لكلّ أفراد بيت النّبي (صلى الله عليه وآله) رجالا ونساءً .

ومن جهة اُخرى فإنّ الرّوايات الكثيرة جدّاً الواردة في كتب الفريقين تنفي شمول الآية لكلّ أهل بيت النّبي (صلى الله عليه وآله) ، وتقول : إنّ المخاطبين في الآية هم خمسة أفراد فقط ، وهم : محمّد (صلى الله عليه وآله) وعلي وفاطمة والحسن والحسين (عليهم السلام) ومع وجود النصوص الكثيرة التي تعتبر قرينة على تفسير الآية ، فإنّ التّفسير الذي يمكن قبوله هو التّفسير الثالث فقط ، أي إختصاص الآية بالخمسة الطيّبة .

والسؤال الوحيد الذي يبقى هنا هو : كيف يمكن أن يطرح مطلب في طيّات البحث في واجبات نساء النّبي ولا يشملهنّ هذا المطلب ؟

وقد أجاب المفسّر الكبير العلاّمة «الطبرسي» في مجمع البيان عن هذا السؤال فقال : ليست هذه المرّة الاُولى التي نرى فيها في آيات القرآن أن تتّصل مع بعضها وتتحدّث عن مواضيع مختلفة ، فإنّ القرآن مليء بمثل هذه البحوث ، وكذلك توجد شواهد كثيرة على هذا الموضوع في كلام فصحاء العرب وأشعارهم .

وأضاف المفسّر الكبير صاحب الميزان جواباً آخر ملخّصه : لا دليل لدينا على أنّ جملة : {إنّما يريد الله ليذهب عنكم الرجس . . .} قد نزلت مع هذه الآيات ، بل يستفاد جيّداً من الرّوايات أنّ هذه القطعة قد نزلت منفصلة ، وقد وضعها الإمام مع هذه الآيات لدى جمعه آيات القرآن في عصر النّبي (صلى الله عليه وآله) أو بعده .

والجواب الثالث الذي يمكن أن يجاب به عن هذا السؤال هو : أنّ القرآن يريد أن يقول لزوجات النّبي : إنكنّ بين عائلة بعضها معصومون ، والذي يعيش في ظلّ العصمة ومنزل المعصومين فإنّه ينبغي له أن يراقب نفسه أكثر من الآخرين ، ولا تنسين أنّ انتسابكنّ إلى بيت فيه خمسة معصومين يلقي على عاتقكنّ مسؤوليات ثقيلة ، وينتظر منه الله وعباده إنتظارات كثيرة .

وسنبحث في الملاحظات القادمة ـ إن شاء الله تعالى ـ روايات السنّة والشيعة الواردة في تفسير هذه الآية .

وبيّنت الآية الأخيرة ـ من الآيات مورد البحث ـ سابع وظيفة وآخرها من وظائف نساء النّبي ، ونبّهتهن على ضرورة إستغلال أفضل الفرص التي تتاح لهنّ في سبيل الإحاطة بحقائق الإسلام والعلم بها وبأبعادها ، فتقول : {واذكرن ما يتلى في بيوتكن من آيات الله والحكمة} .

فإنكنّ في مهبط الوحي ، وفي مركز نور القرآن ، فحتّى إذا جلستن في البيوت فأنتنّ قادرات على أن تستفدن جيّداً من الآيات التي تدوّي في فضاء بيتكنّ ، ومن تعليمات الإسلام وحديث النّبي (صلى الله عليه وآله) الذي كان يتحدّث به ، فإنّ كل نَفَس من أنفاسه درس ، وكلّ لفظ من كلامه برنامج حياة!

وفيما هو الفرق بين «آيات الله» و«الحكمة»؟ قال بعض المفسّرين : إنّ كليهما إشارة إلى القرآن ، غاية ما في الأمر أنّ التعبير بـ (الآيات) يبيّن الجانب الإعجازي للقرآن ، والتعبير بـ (الحكمة) يتحدّث عن المحتوى العميق والعلم المخفي فيه .

وقال البعض الآخر : إنّ «آيات الله» إشارة إلى آيات القرآن ، و«الحكمة» إشارة إلى سنّة النّبي (صلى الله عليه وآله) مواعظه وإرشاداته الحكيمة .

ومع أنّ كلا التّفسيرين يناسب مقام وألفاظ الآية ، إلاّ أنّ التّفسير الأوّل يبدو أقرب ، لأنّ التعبير بالتلاوة يناسب آيات الله أكثر ، إضافةً إلى أنّ تعبير النّزول قد ورد في آيات متعدّدة من القرآن في مورد الآيات والحكمة ، كالآية (231) من سورة البقرة : { وَمَا أَنْزَلَ عَلَيْكُمْ مِنَ الْكِتَابِ وَالْحِكْمَةِ } [البقرة : 231] ويشبهه ما جاء في الآية (113) من سورة النساء .

وأخيراً تقول الآية : {إنّ الله كان لطيفاً خبيراً} وهي إشارة إلى أنّه سبحانه مطّلع على أدقّ الأعمال وأخفاها ، ويعلم نيّاتكم تماماً ، وهو خبير بأسراركم الدفينة في صدوركم .

هذا إذا فسّرنا «اللطيف» بالمطّلع على الدقائق والخفيات ، وأمّا إذا فسّر بصاحب اللطف ، فهو إشارة إلى أنّ الله سبحانه لطيف ورحيم بكنّ يا نساء النّبي ، وهو خبير بأعمالكنّ أيضاً .

ويحتمل أيضاً أن يكون التأكيد على «اللطيف» من جانب إعجاز القرآن ، وعلى «الخبير» باعتبار محتواه الحِكَمي . وفي الوقت نفسه لا منافاة بين هذه المعاني ويمكن جمعها .

_________________

1- الامثل ، ناصر مكارم الشيرازي ، ج10 ، ص385-393 .

2 ـ المفردات للراغب ، مادّة قنوت .

3 ـ طبعاً يكون فعل الأمر (أقررن) في صورة كونها من مادّة القرار ، وحذفت الراء الاُولى للتخفيف ، وإنتقلت فتحة الراء إلى القاف ، ومع وجودها لا نحتاج إلى الهمزة ، وتصبح (قرن) ـ تأمّلوا جيّداً ـ

4 ـ ذكر الراغب في مفرداته ، في مادّة (رجس) المعنى المذكور أعلاه ، وأربعة أنواع كمصاديق له .

5 ـ ما ذكره البعض من أنّ «البيت» هنا إشارة إلى بيت الله الحرام ، وأهله هم «المتّقون» لا يتناسب مطلقاً مع سياق الآيات ، لأنّ الكلام في هذه الآيات عن النّبي (صلى الله عليه وآله) وأزواجه ، لا عن بيت الله الحرام ، ولا يوجد أيّ دليل على قولهم .

 




وهو تفسير الآيات القرآنية على أساس الترتيب الزماني للآيات ، واعتبار الهجرة حدّاً زمنيّاً فاصلاً بين مرحلتين ، فكلُّ آيةٍ نزلت قبل الهجرة تُعتبر مكّيّة ، وكلّ آيةٍ نزلت بعد الهجرة فهي مدنيّة وإن كان مكان نزولها (مكّة) ، كالآيات التي نزلت على النبي حين كان في مكّة وقت الفتح ، فالمقياس هو الناحية الزمنيّة لا المكانيّة .

- المحكم هو الآيات التي معناها المقصود واضح لا يشتبه بالمعنى غير المقصود ، فيجب الايمان بمثل هذه الآيات والعمل بها.
- المتشابه هو الآيات التي لا تقصد ظواهرها ، ومعناها الحقيقي الذي يعبر عنه بـ«التأويل» لا يعلمه الا الله تعالى فيجب الايمان بمثل هذه الآيات ولكن لا يعمل بها.

النسخ في اللغة والقاموس هو بمعنى الإزالة والتغيير والتبديل والتحوير وابطال الشي‏ء ورفعه واقامة شي‏ء مقام شي‏ء، فيقال نسخت الشمس الظل : أي ازالته.
وتعريفه هو رفع حكم شرعي سابق بنص شرعي لا حق مع التراخي والزمان بينهما ، أي يكون بين الناسخ والمنسوخ زمن يكون المنسوخ ثابتا وملزما بحيث لو لم يكن النص الناسخ لاستمر العمل بالسابق وكان حكمه قائما .
وباختصار النسخ هو رفع الحكم الشرعي بخطاب قطعي للدلالة ومتأخر عنه أو هو بيان انتهاء امده والنسخ «جائز عقلا وواقع سمعا في شرائع ينسخ اللاحق منها السابق وفي شريعة واحدة» .



بوقت قياسي وبواقع عمل (24)ساعة يوميا.. مطبعة تابعة للعتبة الحسينية تسلّم وزارة التربية دفعة جديدة من المناهج الدراسية
يعد الاول من نوعه على مستوى الجامعات العراقية.. جامعة وارث الانبياء (ع) تطلق مشروع اعداد و اختيار سفراء الجامعة من الطلبة
قسم الشؤون الفكرية والثقافية يعلن عن رفد مكتبة الإمام الحسين (ع) وفروعها باحدث الكتب والاصدارات الجديدة
بالفيديو: بمشاركة عدد من رؤساء الاقسام.. قسم تطوير الموارد البشرية في العتبة الحسينية يقيم ورشة عمل لمناقشة خطط (2024- 2025)