أقرأ أيضاً
التاريخ: 7-04-2015
3072
التاريخ: 19-3-2016
3811
التاريخ: 1-11-2017
3223
التاريخ: 3-04-2015
3704
|
من كتاب الإرشاد للمفيد رحمه الله لما وصل رأس الحسين (عليه السلام) وصل ابن سعد من غد يوم وصوله و معه بنات الحسين (عليه السلام) و أهله جلس ابن زياد لعنه الله في قصر الإمارة وأذن للناس إذنا عاما وأمر بإحضار الرأس فوضع بين يديه فجعل ينظر إليه ويتبسم إليه وبيده قضيب يضرب به ثناياه (عليه السلام) وكان إلى جانبه زيد بن أرقم صاحب رسول الله (صلى الله عليه واله) وهو شيخ كبير فلما رآه يضرب بالقضيب ثناياه قال ارفع قضيبك عن هاتين الشفتين فو الله الذي لا إله غيره لقد رأيت شفتي رسول الله (صلى الله عليه واله) عليهما ما لا أحصيه كثيرة يقبلهما ثم انتحب باكيا فقال له ابن زياد لعنه الله أبكى الله عينيك أتبكي لفتح الله لولا أنك شيخ قد خرفت وذهب عقلك لضربت عنقك فنهض زيد بن أرقم من بين يديه و صار إلى منزله.
وأدخل عيال الحسين (عليه السلام) على ابن زياد لعنه الله فدخلت زينب أخت الحسين (عليه السلام) في جملتهم متنكرة وعليها أرذل ثيابها فمضت حتى جلست ناحية من القصر وحف بها إماؤها فقال ابن زياد من هذه التي انحازت ومعها نساؤها فلم تجبه زينب فأعاد القول ثانية و ثالثة يسأل عنها فقال له بعض إمائها هذه زينب بنت فاطمة بنت رسول الله (صلى الله عليه واله) فأقبل عليها ابن زياد وقال لها الحمد لله الذي فضحكم وقتلكم وأكذب أحدوثتكم.
فقالت زينب الحمد لله الذي أكرمنا بنبيه محمد (صلى الله عليه واله) وطهرنا من الرجس تطهيرا إنما يفتضح الفاسق ويكذب الفاجر وهو غيرنا والحمد لله.
فقال ابن زياد كيف رأيت صنع الله بأهل بيتك قالت كتب الله عليهم القتل فبرزوا إلى مضاجعهم وسيجمع الله بينك و بينهم فتحاجون إليه و تختصمون عنده .
فغضب ابن زياد واستشاط فقال له عمرو بن حريث أيها الأمير إنها امرأة والمرأة لا تؤاخذ بشيء من منطقها ولا تذم على خطئها فقال لها ابن زياد قد شفى الله نفسي من طاغيتك و العصاة من أهل بيتك .
فرقت زينب (عليه السلام) وبكت وقالت له لعمري لقد قتلت كهلي وأبرت أهلي وقطعت فرعي واجتثثت أصلي فإن يشفك هذا فقد اشتفيت .
فقال ابن زياد هذه سجاعة و لعمري لقد كان أبوها سجاعا شاعرا .
فقالت ما للمرأة والسجاعة إن لي عن السجاعة لشغلا ولكن نفث صدري بما قلت.
قلت من سماع هذه الأقوال واستفظاع هذه الأفعال كنت أكره الخوض في ذكر مصرعه (عليه السلام) و بقيت سنين لم أسمعه يقرأ في عاشوراء كما جرت عوائد الناس بقراءته لأني كنت أجد لما جرى عليه و على أهل بيته (عليه السلام) ألما قويا و جزعا تاما و تحرقا مفرطا و انزعاجا بالغا ولوعة مبرحة ثم كان قصاري أن أبكي و ألعن ظالميه وأسبهم و لم أر ذلك مطفيا غليلي ولا مطامنا من غلواء حزني وجزعي ولا مسكنا حركة نفسي في طلب الانتقام من أعدائه.
ربما أخرج الحزين جوى الثكل إلى غير لائق بالسداد
مثل ما فاتت الصلاة سليمان فأنحى على رقاب الجياد
فلعن الله ابن زياد فلقد أوغل في عداوته و طغيانه و بالغ في تعديه و عدواته و شمر في استئصال أهل هذا البيت الشريف بسيف شمره و سنان سنانه و أبان عن دناءة أصله بقبح فعله و فعل أعوانه و ركب مركبا وعرا أطاع فيه داعي سلطانه و شيطانه و رجع إلى أصله الخبيث و نسبه المدخول فجرى على سننه ومضى لشأنه و ثقل وطأته على العترة الهاشمية فقضى ذلك بمروقه عن الدين و خفة ميزانه و ليته أخزاه الله إذ لم يكف عزب سيفه كف عزب لسانه و ليته قنع بتلك الأفعال الشنيعة و لم يلق النساء الكرائم بجبهته و بهتانه و لا عجب من قوله و فعله الدالين على سوء فرعه و أصله فإنه رجع إلى سنخه الخبيث و طبعه الدني فإن من قديمه ذلك القديم و حديثه هذا الحديث النغل الأديم فلا بد أن ينزع إلى نسبه و حسبه و يدل بفعله على سوء مذهبه فالإناء ينضح بما فيه و الولد سر أبيه.
ومن هنا ينقطع نسبه لأن أباه ابن أبيه ورضاه بهذا النسب سلبه النخوة والحمية ونفى عنه المروءة والأريحية وأقامه على دعوى الجاهلية فالولد للفراش في الشريعة المحمدية والملة الحنيفية و من هذه الأوصاف الدنية و النعوت الغير المرضية أبيح دم الحسين (عليه السلام) و
سيق أهله و حرمه كما تساق الإماء في العراق و الشام.
قال ابن هانئ المغربي فيها:
وقد غصت البيداء بالعيس فوقها كرائم أبناء النبي المكرم
فما في حريم بعدها من تحرج ولا هتك ستر بعدها بمحرم
يقول ابن هانئ المغربي فيها
بأسياف ذاك البغي أول سلها أصيب علي لا بسيف ابن ملجم
وبالحقد حقد الجاهلية أنه إلى الآن لم يذهب و لم يتصرم
فأبعد الله تلك الأنفس الخبيثة والعقول المختلة والهمم الساقطة والعقائد الواهية والأديان المدخولة والأحلام الطائشة و الأصول الفاسدة و القلوب التي لا تهتدي إلى رشاد و العيون التي لا تنظر إلى سداد و قد غطي عليها الغين و فيهم يقال أعمى القلب و العين و صلوات الله على الحسين و أهله السادات الأفاضل ثمال اليتامى عصمة الأرامل المعروفين بالمعروف والفواضل ليوث الجدال والجلاد في الجمع الحافل الآمرين بالقسط والناطقين بالحق المتحلين بالصدق العادلين في الحكم الفارعين بمجدهم الحبال الشم الآخذين بالعفو والحلم المعصومين من الزلل المبرءين من الخطايا والخطل الضاربين الهام والقلل المعروفين بالمعروف الناهين عن المنكر البدور الطوالع الغيوث الهوامع السيول الدوافع الفاخرين فلا مساجل ولا منازع القائمين بأمر الله الراضين بحكم الله الممسوسين في ذات الله الفرحين بلقاء الله.
نجوم طوالع جبال فوارع غيوث هوامع سيول دوافع
مضوا و كأن المكرمات لديهم لكثرة ما أوصوا بهن شرائع
فأي يد مدت إلى المجد لم يكن لها راحة من جودهم و أضايع
بها ليل لو عاينت فيض أكفهم تيقنت أن الرزق في الأرض واسع
إذا خفقت بالبذل أرواح جودهم حداها الندى و استنشقتها المطامع
وعرض عليه علي بن الحسين (عليه السلام) فقال له من أنت فقال أنا علي بن الحسين فقال أليس الله قد قتل علي بن الحسين .
فقال له علي (عليه السلام) قد كان لي أخ يسمى عليا قتله الناس.
فقال له ابن زياد بل الله قتله.
فقال علي بن الحسين (عليه السلام) {اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا} [الزمر: 42] .
فغضب ابن زياد لعنه الله فقال له و بك جرأة على جوابي و بك بقية للرد علي اذهبوا به و
ضربوا عنقه .
فتعلقت به زينب عمته وقالت له يا ابن زياد حسبك من دمائنا واعتنقته.
وقالت و الله لا أفارقه فإن قتلته فاقتلني معه .
فنظر ابن زياد إليه ساعة ثم قال عجبا للرحم و الله و إني لأظنها ودت أني قتلتها معه دعوه فإني أراه لما به.
ثم قام من مجلسه حتى خرج من القصر ودخل المسجد فصعد المنبر فقال الحمد لله الذي أظهر الحق وأهله ونصر أمير المؤمنين يزيد وحزبه وقتل الكذاب بن الكذاب وشيعته فقام إليه عبد الله بن عفيف الأزدي وكان من شيعة أمير المؤمنين (عليه السلام) .
قال يا عدو الله إن الكاذب أنت و أبوك و الذي ولاك وأبوه يا ابن مرجانة تقتل أولاد النبيين و تقوم على المنابر مقام الصديقين.
فقال ابن زياد علي به فأخذته الجلاوزة فنادى بشعار الأزد فاجتمع منهم سبعمائة رجل فانتزعوه من الجلاوزة فلما كان الليل أرسل إليه ابن زياد من أخرجه من بيته فضرب عنقه و صلبه في السبخة رحمه الله عليه.
ولما أصبح ابن زياد لعنه الله بعث برأس الحسين (عليه السلام) فدير به في سكك الكوفة كلها و قبائلها فروي عن زيد بن أرقم أنه قال مر به علي و هو على رمح و أنا في غرفة لي فلما حاذاني سمعته يقرأ {أَمْ حَسِبْتَ أَنَّ أَصْحَابَ الْكَهْفِ وَالرَّقِيمِ كَانُوا مِنْ آيَاتِنَا عَجَبًا } [الكهف: 9] فقف والله شعري و ناديت رأسك و الله يا ابن رسول الله و أمرك أعجب و أعجب.
قلت قد تركت أمورا جرت من هؤلاء الطغاة الأجلاف لعنهم الله وأبعدهم من رحمته عند قتله (عليه السلام) وما فعلوه من قطع يده و رشقه بالسهام والحراب وذبحه وأخذ رأسه وإيطاء الخيل جسده فلما كان الليل من ذلك اليوم الذي خطب فيه عمرو بن سعيد بقتل الحسين (عليه السلام) بالمدينة سمع أهل المدينة في جوف الليل مناديا ينادي يسمعون صوته ولا يرون شخصه.
أيها القاتلون جهلا حسينا أبشروا بالعذاب و التنكيل
كل من في السماء يدعو عليكم من نبي و ملائك و قبيل
قد لعنتم على لسان بن داود وموسى و صاحب الإنجيل
قلت أجاد ديك الجن عبد السلام في قوله من قصيدة يرثي بها الحسين (عليه السلام)
ويكبرون بأن قتلت و إنما قتلوا بك التكبير و التهليلا .
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
قسم شؤون المعارف ينظم دورة عن آليات عمل الفهارس الفنية للموسوعات والكتب لملاكاته
|
|
|