أقرأ أيضاً
التاريخ: 11-10-2017
4194
التاريخ: 2024-04-09
754
التاريخ: 11-3-2020
2561
التاريخ: 11-10-2017
3307
|
إن الشارع الحكيم قد شرع نظام الإفلاس، وفصل أحكامه لتحقيق غايات، وأهداف، ومقاصد يبتغيها لمصلحة الإنسان في هذا الوجود، وكذلك فإن المشرع للقانون الوضعي قد سعى لتحقيق أهداف معينة لم تخرج عن الأهداف التي ابتغاها الشارع الحكيم في الشريعة الإسلامية.
وإن طبيعة نظام الإفلاس الجزائية قد ساعدت على تحقيق بعض الأهداف، ففيه زجر للناس ومنعهم من الوقوع في الإفلاس، ولعل أهم الأهداف والمقاصد التي يسعى نظام الإفلاس في الشريعة الإسلامية والقانون الوضعي لتحقيقها ما يلي:
1- الوقاية من وقوع الإفلاس :
تعمل أحكام نظام الإفلاس - في الفقه الإسلامي والقانون الوضعي على الحيلولة دون وقوعه، فطبيعته الجزائية زاجرة وقادرة على تقليل وقوعه؛ لأن العاقل لا يتصرف باله تصرفات توقعه تحت وطأة أحكام وعقوبات الإفلاس، بل إن أحكام نظام الإفلاس تحث المدين على أن يكون تصرفه بالمال تصرفا حكي"، مبنية على دراسة واعية لأحوال السوق والمجتمع، آخذة بالحيطة والحذر، باذلا قصارى جهده لتنمية المال وتجنب الخسارة، فلا يتصرف إلا عن بصيرة"(1)
2- حمل المدين على سداد الدين :
لقد منحت الشريعة الإسلامية والقوانين الوضعية الدائنين حق طلب تفليس المدين، والغاية من منحهم هذا الحق، حمل المدين على سداد ديونه في وقتها، فهو وسيلة ضغط يستعملها الدائن لتحصيل حقه، فإذا علم المدين أن باستطاعة الدائن استعمال هذا الحق وتفليسه الذي يترتب عليه منعه من التصرف باله، وإشهار إفلاسه، عمل على سداد دينه في موعده ليحول دون تفليسه(2).
ان أحكام نظام الإفلاس تعتبر وسيلة وقائية تحول دون وقوعه من خلال حمل المدين على الوفاء بديونه، حتى لا يضطر الدائنون لتفليسه، وقسوة أحكام هذا النظام تجعل المدين حذرة، محتاطة واعية في تعامله بالمال، وفي المحافظة عليه.
3- حماية الدائنين والمحافظة على أموالهم :
إن أحكام نظام الإفلاس تعمل على حماية الدائنين، وتحافظ على أموالهم من الناحية الوقائية الاحترازية، ومن الناحية العلاجية، فالطبيعة الجزائية لنظام الإفلاس تجعل المدين متخذا سبيل الحيطة والحذر في تصرفاته المالية حتى لا يضيع المال، ويقع تحت وطأة أحكام وعقوبات الإفلاس، وبهذا تتم المحافظة على أموال الدائنين من الجانب الوقائي(3) ، أما من الجانب العلاجي فان غل يد المدين، ومنعه من التصرف بأمواله، تحول بين المدين وبين التصرف باله تصرفه من شأنه إيقاع الضرر بالدائنين(4) ، وقد نص الفقهاء (5) على أن المقصد الأهم من أحكام نظام الإفلاس هو حماية الدائنين وتقديم مصلحتهم على مصلحته، «لأن المصلحة العامة مقدمة على المصلحة الخاصة»(6) .
4- حماية الائتمان :
لقد عرفنا أن نظام الإفلاس في معظم القوانين الوضعية هو نظام خاص بالتجار، وبالديون التجارية، وأن أحكامه أشد قسوة على المدين من أحكام الإعسار المدني، التي تسري على غير التجار، وعلى الديون المدنية، وما هذا التشديد في أحكام الإفلاس إلا من أجل حماية الائتمان (7) ذلك أن توقف التجار عن دفع ديونهم التجارية في مواعيد استحقاقها لا يمس حق الدائنين فحسب، بل من شأنه المساس بالمصلحة العامة، لما يؤدي إليه توقف التاجر عن دفع ديونه من خلل في مجتمع التجار، حيث تكثر المداينات والقروض دون ضمانات عينية في الغالب، على أمل الوفاء بها في مواعيد استحقاقها، والتوقف عن سدادها يؤدي إلى عرقلة الأعمال التجارية، وزعزعة الثقة بين التجار، الأمر الذي يلحق ضررا بالحركة التجارية والاقتصادية(8)، فكانت شدة أحكام الإفلاس لمنع وقوع هذا الضرر.
وقد أشار بعض فقهاء الشافعية (9) إلى هذا الهدف في تعليلهم للحجر الغريب، حين يكون الدين بقدر المال، ويمتنع المدين عن الوفاء، فقد عللوا الحجر على هذا المدين بقولهم: «صوناً للمعاملات عن أن تكون سببا لضياع الأموال».
5- العدل بتحقيق المساواة بين الدائنين
إن أحكام الإفلاس في الفقه الإسلامي والقانون الوضعي تعمل على تحقيق المساواة بين الدائنين، وذلك من خلال المحاور التالية:
أ- إن من أهم أحكام نظام الإفلاس غل يد المدين، ومنعه من التصرف بأمواله، وهذا الحكم يمنع المدين من أن يحابي بعض الدائنين، أو يفضل بعضهم على بعض(10) .
ب- ومن أحكام الإفلاس أيضا حلول الديون المؤجلة، وهذا الحكم يعمل على المساواة بين أصحاب الديون الحالة وأصحاب الديون المؤجلة، ذلك أن الوفاء لأصحاب الديون الحالة قد لا يترك لأصحاب الديون المؤجلة شيئا، وهذا يتنافى مع مبدأ العدل(11) .
ج- كما أن نظام الإفلاس يعطي الدائنين طابعة جماعية، ويمنع أحدهم من اتخاذ الإجراءات الفردية، ورفع الدعاوى، وتنفيذ الأحكام على أموال المدين، وهذا الحكم يحقق المساواة بينهم، حتى لا يستأثر أحدهم بأكثر مما يستحق(12) .
د- كما أن تقسيم أموال المفلس على الدائنين قسمة الغرماء، كل دائن يستوفي من مال المدين بنسبة حصته أو دينه لمجموع الديون فيه كل العدالة(13).
هـ - ومن أجل ضمان تحقيق العدل والمساواة بين الدائنين فإن القانون الوضعي يتفق مع الفقه الإسلامي بوجوب أن تكون أحكام التفليس وتنفيذها خاضعة لإشراف ورقابة السلطة القضائية دون أن تنازعها سلطة أخرى(14) .
6- رعاية حال المفلس :
لقد راعت أحكام الإفلاس لا سيما في الفقه الإسلامي حال المفلس، ذلك أن الأصل أن يستوفي الدائن جميع دينه من مال المدين حتى لو لم يبق له شيئا، لكن أحكام نظام الإفلاس أولت المفلس بعض العناية فأوجبت له خلال دعوى الإفلاس النفقة له ولمن يعول، ومنعت بيع بعض أمواله التي لا غنى له عنها، ومنحه حق الصلح مع الدائنين ليتجنب إشهار إفلاسه(15) .
______________
1- انظر العكيلي، عزيز العكيلي أحكام الإفلاس، والصلح الباقي مكتبة دار الثقافة للنشر والتوزيع عمان 1997ص 1.
2- انظر الخطيب، احمد علي الخطيب ، الحجر على المدين لحق الغرماء في الفقه الاسلامي والقانون المقارن مصر مطبعة دار التأليف 1964م ص 157. العكيلي، أحكام الإفلاس ص 1.
3- انظر مدكور، محمد سامي مدكور وعلي يونس الإفلاس، دار الفكر العرابي القاهرة ص 4.
4- انظر الخطيب، الحجر على المدين ص 163، ص 211، العكيلي، أحكام الإفلاس، ص 11،البارودي، القانون التجاري، ص 233.
5- انظر البجيرمي، سليمان البجيرمي حاشية البجيرمي على منهج الطلاب المسماة بالتجريد لنفع العبيد المكتبة الاسلامية تركيا تحفة الحبيب 3/ ۸3، الشربيني، محمد الخطيب الشربيني مغني المحتاج 2دار الفكر بيروت / 160، الهيتمي، شهاب الدين احمد بن حجر الهيتمي تحفة المحتاج بشرح المنهاج مطبوع بهامش حواشي الشرواني وبن القاسم دار صادر بيروت 5/ 159 البهوتي، منصور بن يونس البهوتي کشاف القناع دار الفكر بيروت 1982 3/ 416.
6- انظر الشاطبي، ابو اسحاق ابراهيم بن موسى اللخمي الغرناطي الموافقات في اصول الشريعة ، دار الكتب العلمية بيروت 2/266
7- انظر ناصيف، الياس ناصيف الكامل 4 في قانون التجارة – الافلاس بحر متوسط وعويدات , بيروت وباريس ط1 1986ص 15 ، مدكور، الإفلاس، ص 12.
8- انظر المصري، حسن المصري مطبعة حسان القاهرة ط1 1987 الإفلاس، ص 9، عيد، أحكام الإفلاس1/10 ، العيكلي، أحكام الإفلاس، ص 10.
9- انظر الرملي، شمس الدين محمد بن ابي العباس احمد بن حمزة بن شهاب الدين الرملي نهاية المحتاج الى شرح المنهاج دار الفكر بيروت الطبعة الاخيرة 1984 4/312 ، الهيتمي، شهاب الدين احمد بن حجر الهيتمي تحفة المحتاج بشرح المنهاج مطبوع بهامش حواشي الشرواني وابن القاسم دار صادر بيروت 5/ 122.
10- العكيلي، أحكام الإفلاس، ص11، مدكور، الإفلاس، ص4. النوري، نظام الإفلاس، ص 6.
11- العكيلي، أحكام الإفلاس، ص 12، مدكور، الإفلاس، ص 8-9.
12- انظر المصري، الإفلاس، ص 4، النوري، نظام الإفلاس، ص 9، أحمد خليل، الإعسار المدني والإفلاس التجاري، ص 45.
13- انظر طه، مصطفى كما طه الأوراق التجارية والإفلاس في القانون اللبناني دار النهضة العربية للطباعة والنشر بيروت ط1 1968ص 339. العكيلي، أحكام الإفلاس، ص 11.
14- انظر عيد، إدوارد عيد أحكام الإفلاس وتوقف المصاريف عن الدفع مطبعة باخوس لبنان الجزء الاول مطبوع سنة 1972 والثاني مطبوع سنة 1973 لبنان 1/11 ، ناصيف: الكامل 4/16
15- مدكور، الإفلاس، ص 5، خليل، احمد خليل الإفلاس التجاري والإعسار المدني منشاة المعارف الاسكندرية ، ص 47.
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
قسم شؤون المعارف ينظم دورة عن آليات عمل الفهارس الفنية للموسوعات والكتب لملاكاته
|
|
|