أقرأ أيضاً
التاريخ: 22/10/2022
1078
التاريخ: 24-1-2021
3393
التاريخ: 9-8-2021
2279
التاريخ: 23-8-2021
2550
|
تعد المدينة العراقية القديمة من بين أولى المدن القديمة التي نشأت على ضفاف الانهار او عند مصباتها0اذ يمتد عمر المدينة العراقية القديمة الى منتصف الالف الرابع قبل الميلاد بصفتها الحاضنة الحضرية و الحضارية التي ظهرت في جنوب حوض الرافدين قرب قصبة بالذات (بلاد سومر)والتي تنطبق عليها الخصائص الحضرية للمدينة المعاصرة من حيث كبر الحجم الجغرافي والتنوع الديموغرافي للسكان و قدرتها على تامين عيشها من خلال الوفرة في الانتاج الزراعي للأراضي التابعة لها، فضلاً عن بروز الشخصية الحضرية المميزة لها التي تعد من اهم عوامل جذب السكان اليها0 فضلاً عن قيامها بإضفاء السمة الحضرية على الوافدين اليها و إذابتهم او دمجهم في مجتمع المدينة الذي يتيح لهم التعايش و التفاعل الاجتماعي الايجابي الذي يحقق الأهداف الفردية و الاجتماعية على حد سواء.
ويشير بعض الباحثين الى ان الزراعة نشأت في شمال العراق القديم على شكل مستوطنات يمكن تسميتها بالقرى0إلا ان وعورة الأرض، و الاعتماد المباشر على الأمطار، و محدودية ضمانة الانتاج الزراعي الغذائي هو العامل الاساس في تحديد حجم هذه القرى و عدم تطورها الى مدن الا في وقت لا حق بعد ان تم اكتشاف وسائل الري و الحفاظ على المزروعات من الفيضان او الجفاف نتيجة شحة الامطار. فنمت تلك القرى بالتدريج ثم اصبحت مدناً.
لقد كانت عبقرية السومريين، اذن، ودأبهم على العمل، وقواهم الخلاقة المبدعة، هي العوامل الحاسمة التي جعلت من جنوب العراق مهداً لأولى المدنيات القديمة وينبوعاً من ينابيع العلم والمعرفة في العالم القديم. وهكذا فقد تجاوز جنوب بلاد الرافدين نمط التنظيم الاجتماعي الريفي الى نمط التنظيم الاجتماعي المدني الذي يقدم ظروفاً افضل لانعاش الاعمال الفنية وازدهار التقدم التقني0كما ان العوامل الجغرافية، التي جعلت ظروف المعيشة اكثر صعوبة في الشمال عنها في الجنوب، ساعدت هي الاخرى في جعل الاخير اكثر تحضراً0ولم تقتصر هذه الظاهرة التاريخية على ارض بلاد الرافدين فحسب حيث يشاهد ان الحضارات القديمة في مصر والهند والصين قد ولدت هي الاخرى في احضان الوديان العريضة الدافئة وتأسست كذلك على الري النهري.
وهنا لا نجد بدا من الاشارة الى الاساس الانساني لنشوء المدن والذي يمكن ان نطلق عليه اساس نشوء المدنيات او مدنيات الري القديمة التي ظهرت على طول ضفاف الانهار او عند مصباتها0 فعلى الرغم من التشابه بين عوامل نشوء هذه المدن الا ان هنالك نمطا من الاختلاف النوعي تمثل في السبق الزمني الذي حققته هذه المدن في تكامل ولادة المدينة كبنية حضارية اي (كمدنية).
ومما يجدر ذكره في هذا المجال تزامن ولادة المدينة العراقية القديمة في بلاد الرافدين (Mesopotamia) التي مثلت المهد الاول لأرقى الحضارات الانسانية مع نشوء العديد من المدن على ضفاف الانهار او عند مصباتها مما دفع الباحثين الى وسمها بسمة "مدنيات الري القديمة"، مثل مدن وادي النيل ( Nile valley) التي وسمت بانها "مدن متريفة". ومدن أمريكا الوسطى (Mesoamerica) التي وسمت بانها من "المدن الدينية". والمدينة الصينية القديمة في وادي النهر الاصفر(Hung ho) التي وسمت بانها من "المدن المعزولة".
وهنا يبرز التساؤل الذي لابد من الاجابة عليه. وهو كيف نشأت مدنيات الري القديمة؟ وللإجابة على هذا التساؤل يرى الباحث ان هذه المدنيات الخمس نشأت نتيجة الية ما يسمى "قانون التحدي والاستجابة" الذي يحكم نشوء الحضارات الانسانية والذي وضعه ارنولد توينبي.
الا ان التمايز النوعي في بروز هذه الحضارات يقوم على الانتظام الدقيق الذي يحكم هذه الآلية0 فتوقيت الاستجابة وحجمها كانا هما العاملان الاساسيان في استمرارية المدنية العراقية القديمة وتميزها0 فعلى الرغم من ان مدنيات الري المذكورة انفا استطاعت ان تحصر هذه الاستجابات في تحقيق الهدف الذي يتمثل في نشوء المدنية الا انها فشلت في توقيت الاستجابة الذي يعمل على استمراريتها و بروزها النوعي بين المدنيات المعاصرة او المتزامنة وهذا يعود الى طبيعة الفعل الإنساني في الاستجابة.
لقد وقع اختيار الباحث على مدينة اور التاريخية(إنموذجا) لكونها من بين اقدم المدن العراقية في الجنوب التي يمكن ان تنطبق عليها السمات الحضارية للمدينة (المدنية) كما سيتم توضيح ذلك لاحقاً0 فكانت مدينة اور من المدنيات العراقية القديمة التي قدمت الى الانسانية الشيء الكثير على الرغم من انها استلهمت وتمثلت فيها العديد من العناصر الحضارية للحضارات المعاصرة المجاورة لها و البعيدة عنها، وذلك عن طريق استثمار ظاهرة الانتشار الحضاري او الثقافي الذي يتم عبر الاتصال و التواصل الذي تتيحه التجارة التي ازدهرت في العراق القديم نتيجة ما ينعم به اهل المدن من الرخاء الاقتصادي وغيرها من العوامل الاخرى التي ساعدت على ازدهار التجارة والاقتصاد في مدن العراق القديم0
وارتأى الباحث هنا تقديم نبذة تاريخية واثارية موجزة عن موقع مدينة اور واهميتها التاريخية0اذ تقع مدينة اور على مسافة(17كم)جنوب غرب مدينة الناصرية(مركز محافظة ذي قار)،وعلى مسافة(360كم)جنوب شرق العاصمة بغداد0وتجاورها محطة القطار المعروفة بـ(مفرق اور)في الناصرية0وتقع اور كذلك الى الجنوب من مدينة السماوة (مركز محافظة المثنى)بمسافة(105كم)،وجنوب غرب الكوت(مركز محافظة واسط)بحدود(109كم).
وينتشر حول مدينة اور عدد من المواقع الاثرية المهمة والقريبة منها خاصة اريدو (ابوشهرين)،جنوبي المدينة بمسافة(30كم)،وتل العبيد الواقع الى الشمال الشرقي من اور على مسافة(6كم)،وتلول الصخيري شمالي المدينة بمسافة(12كم)،وموقع دكدكه شمالي شرقي المدينة بحوالي(2.5كم).
لقد كان لأور مركز استراتيجي وموقع مهم ادى الى اختيارها عاصمة مزدهرة0فقد نشأت هذه المدينة جنب طرق المواصلات التي تجتاز الصحراء الواقعة وراءها، وفي وسطها منطقة زراعية خصبة وافرة المياه0وقد ربطها نهر الفرات بمدن العراق الداخلية، وكان لقربها من الخليج العربي واتصالها به اثر كبير في ارتباطها بالعالم الخارجي.
اذ تشير النصوص الكتابية القديمة الى ان مدينة اور كانت بالقرب من البحر- (أي الخليج العربي)في زمن سلالة اور الثالثة(2113- 2006ق0م)،بينما هي تبعد عنه اليوم بأكثر من(200كم). ويعتقد ان نهر الفرات كان يجري بجوارها، اما اليوم فتبعد عنه غرباً بحوالي(12كم) وكان مجرى الفرات القديم يحيط بمدينة اور من الشمال والغرب الى جانب قناة عريضة قد حفرت على بعد(45م)من اسفل او قدم السور الشرقي0ولذلك صارت اور محاطة بخندق من الجوانب الثلاثة ولا يمكن دخول المدينة ارضاً الا من الجنوب0اما السور الثاني ذو الطلعات الضخمة فكان يحيط بالمنطقة المقدسة في جزء المدينة الشمالي الغربي.
تشغل مدينة اور مساحة واسعة تقدر بنحو(5×1.5كم)،علماً ان اغلب هذه المساحة كانت رياضاً(بساتين)خارج المدينة نفسها، وبلغت المساحة المسكونة من المدينة نحو(1200×700م)يحيط بها سور ضخم مشيد باللبن، والسور بيضوي الشكل يتسع من الشمال الغربي نحو الجنوب الشرقي مع وجه خارجي ينحدر بشدة، وكان القسم الاعلى حاجزاً امام جانب التل الذي شكل المدينة القديمة ويعود تاريخ الاستيطان في المدينة الى عصر العبيد المتأخر في الالف الرابع قبل الميلاد
وتعرف مدينة اور عند السومريين بـ"اوري" او "ا وريم" (URI2/URIM2)0(33)وقد ورد ذكرها في الكتاب المقدس(العهد القديم – التوراة في سفر التكوين الاصحاح الحادي عشر)بأسم "اور الكلدية" ((فخرجوا معاً من اور الكلدية ليذهبوا الى ارض كنعان)) و"اور التوراة" كما يسميها بعض الباحثين ويعتقد البعض ان هناك علاقة بين مدينة اور والنبي ابراهيم الخليل(ع)اضفت عليها طابع القدسية، وعادة ما يطلق عليها "المدينة المقدسة"0فقد ولد نبي الله ابراهيم(ع)في مدينة اور التي تعد مسقط رأسه اذ خرج منها اول رجل على الارض يعترف بوحدانية(الله) سبحانه وتعالى0كما ان نبي الله ابراهيم قد اتخذ مدينة اور مركزاً ومستقراً له قبل ان يخرج منها، حيث يشير النص:
((انت هو الرب الإله الذي اخترت ابرام واخرجته من اور الكلدية وجعلت اسمه ابراهيم)).
كما ورد ذكرها عند المؤرخين العرب (الطبري ،ابن الاثير، المسعودي)في مؤلفاتهم(الكامل، تاريخ الامم والملوك، ومروج الذهب)،منها((اور، و قمرينه(مدينة القمر)، وذوالقار))وذلك لكثرة استعمال مادة القار في ابنيتها، وتعرف محلياً بأسم ((المقير))والتي تعني التل المطلي بالقير.
تعد اور الحاضرة السومرية التي احتلت مركزاً بارزاً في تاريخ الانسانية وكان لها دور بارز في تثبيت مفاهيم المدنية والمدينة نتيجة التفاعل بين الطبيعة والانسان0واستناداً الى اثبات الملوك السومرية كانت اور مركز لسلالتين حكمتا خلال عصر فجر السلالات (2800-2371ق.م)ثم صارت قاعدة لحكم سلالة اور الثالثة(2113-2006ق.م).
نقبت المدينة من قبل المنقبين الاوائل وفي مقدمتهم وليم لوفتس الذي زارها مع جماعة من الاتراك في عام(1850م)،ثم تنقيبات المتحف البريطاني برئاسة كامبل تومبسون ثم دكتور هوك وذلك في عام(1918-1919م)،ثم بعثة مشتركة من جامعة بنسلفانيا والمتحف البريطاني برئاسة السير ليونارد وولي وذلك في عام 1922م وحتى عام 1934م.
ومن اهم ما كشف عنه هي المقبرة الملكية التي تعود الى عصر فجر السلالات الثالث (2600-2371ق.م)،ولهذه المقابر اهمية كبيرة من النواحي المعمارية والفنية والعقائدية0وتقع هذه المقابر في الجزء الوسطي من المدينة وهي محاطة بسور يسمى "التيمنوس "ويعني "الجدار المقدس "والذي يعزلها عن باقي اقسام المدينة، وقد عثر داخل هذه القبور على ادوات ثمينة مصنوعة من الذهب ومزينة بالأحجار الكريمة.
لقد ساهمت النتائج التي اظهرتها تنقيبات السير ليونارد وولي في شهرتها حيث اظهرت هذه التنقيبات عظمة الانسان السومري، وما وصل اليه من التطور العمراني الذي يتمثل في البرج المدرج، وبناء المعابد، والقصور، وما وصل اليه من النحت وصناعة الفخار من تطور ودقة0وكذلك اظهرت الرقم الطينية مدى التطور الفكري عند السومريين في شتى مجالات العلم والمعرفة في الادب والعلوم والفلك والرياضيات، فضلاً عن الفكر الديني وقدسية المدينة, اذ تعد مدينة اور مركزاً دينياً مقدساً في العراق القديم حيث عبد فيها الالهة الرئيسية مثل الاله سن(اله القمر)،والاله انو(اله السماء)،والاله انكي(اله الماء)،والالهة ننكال زوجة اله القمر.
وتحيط بمدينة اور ثقافات متعددة منها:-
- ثقافة الاهوار وتتمثل في مدينة سوق الشيوخ والجبايش المطلة على هور الحمار، حيث يبعد سوق الشيوخ عن مدينة اور(40كم)جنوب مدينة اور، وعن مدينة الجبايش(80كم)الى الجنوب الشرقي.
- ثقافة البادية المطلة او المتمثلة بمدينة البطحاء، وتبعد الى الشمال من مدينة اور بحدود (38كم).
- ثقافة الريف والمجتمع الزراعي المتمثلة في مدينة الشطرة والرفاعي، اللذان يبعدان الى الشمال من مدينة اور بحدود (70كم) وهكذا تمثل هذه الثقافات الثلاثة "الثقافة التراثية والفلكلورية "للمجتمع المحيط بمدينة اور0
|
|
"عادة ليلية" قد تكون المفتاح للوقاية من الخرف
|
|
|
|
|
ممتص الصدمات: طريقة عمله وأهميته وأبرز علامات تلفه
|
|
|
|
|
المجمع العلمي للقرآن الكريم يقيم جلسة حوارية لطلبة جامعة الكوفة
|
|
|