المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر

التربينات Terpenes
13-6-2020
الحملة الصليبية الرابعة.
2023-11-08
التحدي
5-11-2014
صرف شيك اصطلاحا
10-1-2019
الديون الحكومية والجهات المخولة بتحصيلها
30-7-2017
طيف انبعاث إلكتروني electronic emission spectrum
20-12-2018


بحر السريع  
  
5620   02:38 صباحاً   التاريخ: 24-03-2015
المؤلف : ابن الدماميني
الكتاب أو المصدر : العيون الغامزة على خبايا الرامزة
الجزء والصفحة : ص149-153
القسم : الأدب الــعربــي / العروض /


أقرأ أيضاً
التاريخ: 24-03-2015 2641
التاريخ: 24-03-2015 3444
التاريخ: 24-03-2015 8876
التاريخ: 25-03-2015 2232

أقول: قال الخليل: سمي سريعاً لأنه يسرع على اللسان. وقيل: لأنه لما كان في كل ثلاثة أجزاء منه لفظ سبعة أسباب، لأن أول الوتد المفروق لفظه لفظ السبب، وكانت الأسباب أسرع من الأوتاد، سمي سريعاً لذلك. قال ابن بري: وهذا معنى قول الخليل. وهو مبنيّ في الدائرة من ستة أجزاء على هذه الصورة: مستفعلن مستفعلن مفعولاتُ، مستفعلن مستفعلن مفعولاتُ قال:

طغى دون شامٍ محولٌ لا لقيل ما به النشر في حافات رحلي قد نما

أردْ من طريفٍ في الطريق وفاءه ولا بدّ إن أخطأت من طلب الرضا

أقول الطاء من ((طغى)) إشارة إلى أن هذا هو التاسع من البحور، والدال من ((دون)) إشارة إلى أن له أربع أعاريض، والواو إشارة إلى أن له ستة أضرب. قال الشريف: ((وينبغي أن يكون ضبط ((طغى)) بضم الطاء وكسر الغين، لأن الياء ملغاة، ولا يصح إلغاء الألف يوقع في الالتباس، إذ قد يتوهم القارئ أنها عبارة عن العروض وأن عروض هذا البحر واحدة، وأما الياء فلا تقع مع إلغائها التباس لأنه قد أخبر قبل أن غاية ما يبلغ به عدد الأعاريض أربع، وذلك قوله قبل هذا: ((وغايتها سين فدال))، إذ الدال هنالك عبارة عن أقصى ما يبلغ إليه عدد الأعاريض)) انتهى. قلت ((طغى)) فعل لازم، فإن جعل مبنياً للمفعول لم يكن النائب عن الفاعل في بيت الناظم إلا الظرف، وهو قوله ((دون شام))، وفيه نظر، لأن هذا الظرف نادر التصرف، والظرف النائب عن الفاعل لا بد أن يكون متصرفاً على المختار. فإن قلت: بناؤه للفاعل يستدعى كونه بالألف فيقع الإلباس المحذور كما قال الشارح فكيف السبيل إلى دفعه؟ قلت: هذا الفعل فيه لغتان إحداهما طغى طغوا، بفتح الطاء والغين وبعدها ألف منقلبة عن واو، فالإلباس على هذا التقدير متوقع، الثانية ((طغي)) طغياناً بفتح الطاء وكسر الغين وياء بعدها، فإنما يكتب على هذا الوجه بالياء، ولك على اللغة الطائية أن تفتح الغين فتنقلب الياء ألفاً على حد قولهم في ((بقي))، بقى، ((ورضي)) رضى. فإما أن يضبط ما في كلام الناظم على اللغة الثانية ويكون إسكان الياء ضرورةً، وإما أن يضبط بفتح الطاء والغين ويكتب بالياء بناءً على أنه من ذوات الياء وبناؤه على فعل بفتح العين على اللغة الطائية، ويزول الإلباس على هذا باعتبار الخط، فتأمله. العروض الأولى مطوية مكشوفة لها ثلاثة أضرب: الأولى مطوي موقوف، وبيته:

أزمانَ سلمى لا يرى مثلها

الراؤن في شامٍ ولا في عراقْ

فقوله ((مثلها)) هو العروض، ووزنه فأعلن، كان أصله مفعولاتُ فكشف بحذف التاء، وطوى بحذف الواو فصار مفعلا، فنقل إلى فاعلن. وقوله ((في عراقْ)) هو الضرب، ووزنه فاعلان، وقفَ بإسكان التاء وطوى بحذف الواو فصار مفعلاتْ، فنقل إلى فاعلانْ. وأشار على هذا الشاهد بقوله ((شام)). الضرب الثاني مثل العروض مكشوفٌ مطوي، وبيته:

هاج الهوى رسمٌ بذات الغضا

مخلولقٌ مستعجمٌ مُحولُ

 

فقوله ((تلغضا)) هو العروض، وقوله ((محولو)) هو الضرب، وزن كلّ منهما فاعلن. وأشار إلى هذا الشاهد بقوله ((محول)) الضرب الثالث أصلم، وبيته:

قالت ولم تقصد لقيل الخنا

مهىً فقد أبلغت أسماعي

فقوله ((للخنا)) هو العروض، وقوله ((ماعي)) هو الضرب وزنه ((فعلن))، كان في الأصل مفعولات فدخله الصّلم بحذف ((لات)) منه فبقي مفعو فُنقل إلى فعلن بإسكان العين. واشار إلى هذا الشاهد بقوله ((لقيل)). العروض الثانية مخبولة مكشوفة لها ضرب واحد مثلها، وبيته:

النشر مسك والوجوه دنا

نير وأطرافُ الأكفّ عنمْ

فقوله ((هُدنا)) هو العروض، وقوله ((فعنم)) هو الضرب، وزن كل منهما فعلن بتحريك العين، وذلك لأن أصله مفعولات كشف بحذف تائه وخبل بحذف فائه و واوه فصار معلا فنقل إلى فعلن بتحريك العين. وأشار إلى هذا الشاهد بقوله ((النشر)). العروض الثالثة مشطورة موقوفة ضربها مثلها وبيته.

ينصحنَ في حافاته بالأبوالْ

فقوله ((بالأبوال)) وزنه مفعولانْ، وهو الضرب. وأشار إلى هذا الشاهد بقوله ((حافات)). العروض الرابعة مشطورة مكشوفة ضربها مثلها وبيته:

يا صاحبيْ رحلي أقلاّ عذلي

فقوله ((لا عذْلي)) وزنه مفعولن. وأشار إلى هذا الشاهد بقوله ((رحلي)). ويدخل هذا البحر من الزّحاف الخبن والطي والخبل. فالخبن فيه صالح، والطي حسن، والخبل قبيح. وذهب أبو الحسن بن سبع رحمه الله إلى أن الخبن فيه حسن، والطي صالح، على العكس من رأي الخليل، وإليه ذهب صاحب العقد. والذوق السليم يشهد للخليل، فبيت الخبن:

أردْ من الامور ما ينبغي

وما تطيقهُ وما يستقيم

 

كل مستفعلن فيه مخبون. وأشار إلى هذا الشاهد بقوله ((أرد)). وبيت الطي:

قال لها وهو بها عالمٌ

ويحك أمثال طريفٍ قليلْ

كل مستفعلن فيه مطوي. وأشار إلى هذا الشاهد بقوله ((طريف)). وبيت الخبل:

وبلدٍ قطعهُ عامرٌ

وجملٍ نحره في الطريقْ

كل مستفعلن فيه مخبول. وأشار إلى هذا الشاهد بقوله ((في الطريق)). ويدخل الخبن أيضاً في المشطور الموقوف، وبيته:

لابدّ منهُ فانحدْرن وارقين

فقوله ((نورقين)) وزنه فعولان. وأشار إلى هذا الشاهد بقوله ((ولابد)) ويدخل أيضاً الخبن في المشطور المكشوف وبيته:

يا ربِّ إنْ أخطأت أو نسيتُ

فقوله ((نسيتُ)) وزنه فعولن. وأشار إلى هذا الشاهد بقوله ((إنْ أخطات)). ((تنبيهات)) الأول: أثبتَ بعضهم للعروض الثانية ضرباً أصلم كقوله:

يا أيها الزاري على عُمرٍ

قد قلت فيه غير ما تعلمْ

وعلى ذلك مشى ابن السقاط وابن الحاجب وكثير من العروضيين. قال ابن بري: ويجوز اجتماع هذا الضرب الأصلم مع الضرب الآخر في قصيدة واحدة كقول المُرقّش:

النشر مسكٌ والوجوه دنا

نير وأطراف الأكف عنمْ

مع قوله:

ليس على طول الحياة ندم

ومن وراء الموتِ ما يعلمُ

قال: وإنما جاز ذلك في السريع لأنه صير فيه مفعولات بالخبل والكشف إلى فعلن بكسر العين، فكأنه في الأصل فعلن فسكّن تخفيفاً كما فعل ذلك في فعلن الناشئ عن متفاعلن بالحذذ والإضمار، وإلى هذا نحا الزجّاج. قال ابن بري: وفيه نظر، لأنه قاس فعلن في السريع، في جواز تسكينه على فعلن في الكامل والأمر فيهما مختلف، فإن العين في الكامل ثاني سبب فيجوز إسكانها بالإضمار، وهي في فعلن في السريع أول سبب، وأوائل الأسباب لا تغير

واعترضه الصفاقسي بأن عين فعلن المتحركة في هذا البحر إنما هي أول سبب نظراً إلى الجزء الأصلي، وأما بعد دخول الخبل والكشف فيه فقد صارت ثاني سبب فلم قلم إن زحافها نظراً إلى ما صارت إليه ممتنعٌ لا بد له من دليل؟ ألا أن الجمهور لا يجوزون خرم بيتٍ أوله سبب فإذا زوحف السبب بحذف ثانيه فصار أول الجزء على هيئة الوتد المجموع أجازوه فيه نظراً إلى ما صار إليه؟ فكذلك نقول في هذا. قلت: لا نسلّم أن ثاني فعلن بعد خبل الجزء وكشفه صار ثاني سبب ثقيل، ويكاد القول بذلك يكون خرقاً لإجماعهم، وأما نسبة القول بجواز الخرم فيما صارفي المآل على هيئة وتد مجموع إلى الجمهور فباطلةٌ، بل الجمهور على خلافها. التنبيه الثاني: إنما لم يستعمل مفعولات في السريع على أصله لضعفه بالوتد المفروق الذي أوله يشبه لفظ السبب، فاستعمل في العروض مطوياً مكشوفاً ليقع وسط البيت ما فيه لفظ الوتد وهو فاعلن ثم غير الضرب لأن بقاءه على أصله يؤدي إلى الوقوف على المتحرك. التنبيه الثالث: إنما لم يدخل الجزء في هذا البحر لئلا يلتبس بمجزوء الرّجز. وما ورد من مستفعلن مربّعاً حُمل على أنه من الرجز، لأن هذا الجزء المحذوف حينئذ من الرجز موافق للباقي فيكون دليلاً عليه ولا كذلك في السريع، قاله الزجّاج.





دلَّت كلمة (نقد) في المعجمات العربية على تمييز الدراهم وإخراج الزائف منها ، ولذلك شبه العرب الناقد بالصيرفي ؛ فكما يستطيع الصيرفي أن يميّز الدرهم الصحيح من الزائف كذلك يستطيع الناقد أن يميز النص الجيد من الرديء. وكان قدامة بن جعفر قد عرف النقد بأنه : ( علم تخليص جيد الشعر من رديئه ) . والنقد عند العرب صناعة وعلم لابد للناقد من التمكن من أدواته ؛ ولعل أول من أشار الى ذلك ابن سلَّام الجمحي عندما قال : (وللشعر صناعة يعرف أهل العلم بها كسائر أصناف العلم والصناعات ). وقد أوضح هذا المفهوم ابن رشيق القيرواني عندما قال : ( وقد يميّز الشعر من لا يقوله كالبزّاز يميز من الثياب ما لا ينسجه والصيرفي من الدنانير مالم يسبكه ولا ضَرَبه ) .


جاء في معجمات العربية دلالات عدة لكلمة ( عروُض ) .منها الطريق في عرض الجبل ، والناقة التي لم تروَّض ، وحاجز في الخيمة يعترض بين منزل الرجال ومنزل النساء، وقد وردت معان غير ما ذكرت في لغة هذه الكلمة ومشتقاتها . وإن أقرب التفسيرات لمصطلح (العروض) ما اعتمد قول الخليل نفسه : ( والعرُوض عروض الشعر لأن الشعر يعرض عليه ويجمع أعاريض وهو فواصل الأنصاف والعروض تؤنث والتذكير جائز ) .
وقد وضع الخليل بن أحمد الفراهيدي للبيت الشعري خمسة عشر بحراً هي : (الطويل ، والبسيط ، والكامل ، والمديد ، والمضارع ، والمجتث ، والهزج ، والرجز ، والرمل ، والوافر ، والمقتضب ، والمنسرح ، والسريع ، والخفيف ، والمتقارب) . وتدارك الأخفش فيما بعد بحر (المتدارك) لتتم بذلك ستة عشر بحراً .


الحديث في السيّر والتراجم يتناول جانباً من الأدب العربي عامراً بالحياة، نابضاً بالقوة، وإن هذا اللون من الدراسة يصل أدبنا بتاريخ الحضارة العربية، وتيارات الفكر العربية والنفسية العربية، لأنه صورة للتجربة الصادقة الحية التي أخذنا نتلمس مظاهرها المختلفة في أدبنا عامة، وإننا من خلال تناول سيّر وتراجم الأدباء والشعراء والكتّاب نحاول أن ننفذ إلى جانب من تلك التجربة الحية، ونضع مفهوماً أوسع لمهمة الأدب؛ ذلك لأن الأشخاص الذين يصلوننا بأنفسهم وتجاربهم هم الذين ينيرون أمامنا الماضي والمستقبل.