المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر
الإمام عليٌ (عليه السلام) حجّة الله يوم القيامة
2024-04-26
امساك الاوز
2024-04-26
محتويات المعبد المجازي.
2024-04-26
سني مس مربي الأمير وزمس.
2024-04-26
الموظف نفرحبو طحان آمون.
2024-04-26
الموظف نب وعي مدير بيت الإله أوزير
2024-04-26

الأفعال التي تنصب مفعولين
23-12-2014
صيغ المبالغة
18-02-2015
الجملة الإنشائية وأقسامها
26-03-2015
اولاد الامام الحسين (عليه السلام)
3-04-2015
معاني صيغ الزيادة
17-02-2015
انواع التمور في العراق
27-5-2016


الالتصاق الصناعي بالعقار  
  
5835   12:05 صباحاً   التاريخ: 25-8-2019
المؤلف : زعيتر سمية
الكتاب أو المصدر : اكتساب الملكية بالالتصاق
الجزء والصفحة : ص55-90
القسم : القانون / القانون الخاص / القانون المدني /

إذا كان الالتصاق  الطبيعي بالعقار يتم بفعل ظاهرة طبيعية محضة، فإن الالتصاق  الصناعي بالعقار عكس ذلك تماما لأنه يتم بفعل الإنسان، وقد أجمع معظم فقهاء القانون على أنه: (واقعة مادية يقوم بمقتضاها مالك الأرض بإقامة محدثات على أرضه بمواد مملوكة لغيره، أو أن أجنبيا يقيم محدثات على أرض غيره بمواد مملوكة له، أو أن يقيم أجنبيا محدثات على أرض مملوكة لغيره وبمواد مملوكة للغير أيضا، ويتم ذلك في جميع الحالات دون سابق اتفاق بين الأطراف، كما أنه لا يمكن فصل المحدثات عن الأرض دون تلف أحدهما أو كليهما (1) )

من خلال هذا التعريف البسيط نستنتج أن الالتصاق  الصناعي بالعقار يغني صاحب الأرض بمحدثات جديدة على أرضه ويفقر صاحب هذه المواد المندمجة في الأرض، مما جعل المشرع يلزم مالك الأرض بتعويض مالك المواد، وعبء الإثبات بأن ما أقيم على الأرض هو ملك لغير مالك الأرض، إنما يقع على من يدعي ذلك، لأن قرينة من يملك الأرض يملك ما عليها من منشآت تعفى مالك الأرض من الإثبات وهي قرينة تقبل إثبات العكس، فإن نجح في الإثبات حكم له وان أخفق رفضت دعواه. واذا تحقق له ذلك وأثبت أن مالك الأرض ليس هو مالك ما عليها من منشآت وغراس ثارت مشكلة الالتصاق  الصناعي بالعقار والتي سنناقشها في هذا الموضوع  بتبيان حالة إقامة مالك الأرض لمنشآت على أرضه بمواد غيره (الفرع الأول)، وحالة إقامة مالك المواد لمنشآت على أرض غيره (الفرع الثاني) ، وحالة إقامة الأجنبي لمنشآت بمواد الغير وعلى أرض الغير (الفرع الثالث).

الفرع الأول

حالة إقامة مالك الأرض لمنشآت على أرضه بمواد غيره.

وردت هذه الحالة في نص المادة 783 من ق م ج (2) بقولها: "يكون ملكا خالصا لصاحب الأرض، ما يحدثه فيها من غراس  أو بناء أو منشآت أخرى يقيمها بمواد مملوكة لغيره، إذا لم يكن ممكنا نزع هذه المواد دون أن يلحق المنشآت ضرر جسيم أو كان ممكنا نزعها ولكن لم ترفع الدعوى بالاسترداد خلال سنة من اليوم الذي علم فيه مالك المواد أنها اندمجت في هذه المنشآت.

إذا تملك صاحب الأرض المواد، كان عليه أن يدفع قيمتها مع التعويض عن الضرر الحاصل إذا اقتضى الحال ذلك. وفي حالة استرداد المواد من صاحبها، فإن نزعها يكون على نفقة مالك الأرض". يتبين من هذا النص أن صاحب الأرض إذا بنى على أرضه منشآت بمواد مملوكة لغيره، فالغالب أن يعتبر هو المالك الأصلي لهذه المواد بمقتضى قاعدة الحيازة في المنقول سند الملكية، فإذا تملك المواد وأصبح مالكا للأرض والمواد معا فلن تثور عندئذ مشكلة الالتصاق  (3)  .

لكن، إذا تخلف شرط من شروط قاعدة الحيازة في المنقول سند الملكية، كأن يتخلف شرط حسن نية الحائز للمواد أو يتخلف وجود السند الصحيح (4) ، عندئذ تثبت ملكية المواد لغير مالك الأرض مما يثير مشكلة الالتصاق . ونقصد بالمواد غير المملوكة لصاحب الأرض في هذه الحالة تلك التي تستعمل عادة في إقامة وتشييد المنشآت كالأخشاب والأحجار والحديد والأنابيب أو في الغراس  كالبذور والشجيرات الصغيرة التي تغرس في الأرض أما تلك الأشياء التي يدمجها صاحب الأرض في أرضه كالتمثال أو الآثار المملوكة للغير فتبقى على ملكية صاحبها، وله في أي وقت يشاء أن يستردها ولو بعد انقضاء السنة الثابتة في النص المتقدم، حتى لو ترتب على نزعها إلحاق ضرر جسيم بالأرض أو البناء، خصوصا إذا لم يتملكها صاحب الأرض طبقا لقاعدة الحيازة. فإذا تحقق فرض بناء مالك الأرض للمنشآت بمواد مملوكة لغيره وتملك المنشآت بحكم الالتصاق  (5)  ، فإنه يجب التفرقة بين حالتين، حالة إمكانية نزع المواد المقامة دون إلحاق ضرر بالمنشآت (الفقرة الأولى)، حالة عدم إمكانية نزع المواد المقامة دون إلحاق ضرر جسيم بالمنشآت (الفقرة الأولى).

الفقرة الأولى

إمكانية نزع المواد المقامة دون إلحاق ضرر بالمنشآت.

ففي هذه الحالة لا يتملك مالك الأرض هذه المنشآت بحكم الالتصاق ، بل تظل ملكا لصاحبها الأصلي، ولهذا الأخير حق استردادها عن طريق نزعها طالما أنه بإمكانه ذلك دون إلحاق أي تلف أو ضرر جسيم يمكن أن يلحق بالأرض أو المنشآت كأن تكون هذه الأدوات عبارة عن أبواب أو نوافذ وضعها صاحب الأرض في البناء أو عبارة عن شتلات من الأشجار لم تمتد جذورها في التربة امتداد يضر بنزعها (6) .

وليسترد صاحب المواد أملاكه يشترط عليه أن يرفع دعوى الاسترداد خلال سنة من يوم علمه باندماجها في أرض الغير والا أصبحت ملكا لصاحب الأرض بحكم الالتصاق ، هذا الأخير الذي يجوز له إثبات علم صاحب المواد باندماج مواده بكافة الطرق لأنه واقعة مادية سهلة الإثبات، كما أن مدة السنة تعد مدة سقوط وليس تقادم فلا يرد عليها الوقف أو الانقطاع (7)  . واذا ثبت نزع المواد فإن نفقات ذلك تكون على صاحب الأرض سواء كان حسن أو سيء النية، بالإضافة إلى التزامه بتعويض مالك الأدوات والمواد إن اقتضى الأمر ذلك.

الفقرة الثانية

عدم إمكانية نزع المواد المقامة دون إلحاق ضرر جسيم بالمنشآت.

إذا كان من شأن نزع المواد والأدوات إلحاق ضرر جسيم بالمنشآت، فإنه لا يجوز لمالك المواد استردادها وانما يتملكها صاحب الأرض بحكم الالتصاق ، ففقدان صاحبها لملكيتها إنما يعود لسبب من أسباب نقل الملكية، فحتى لو تهدم البناء مثلا، فليس بإمكانه المطالبة بمواده بسبب فقدان صاحب الأرض لملكيتها إثر تهدمها لأنها صارت ملكا لهذا الأخير بحكم الالتصاق . وفي هذه الحالة، فإن صاحب الأرض ملزما بتعويض صاحب المواد والأدوات، إذ يستلزم عليه أن يدفع له قيمتها (8) والتي تقدر بمقدار قيمتها وقت إندماجها في الأرض واتحادها بها أولا، كما يستلزم عليه أن يدفع تعويض ما أصاب صاحب المواد من أضرار بسبب عدم استرداده لأغراضه التي كانت ملكا له ثانيا (9) .

يلاحظ أنه لا يشترط لاستحقاق التعويض أن يكون صاحب الأرض قد أدمج الأدوات في الأرض بطريق الغش والتدليس وانما يكفي أن يكون هناك خطأ من طرفه حتى ولو لم يصل إلى حد الغش أو التدليس، لكن يمكن لقيمة التعويض أن تزيد في حالة ما إذا أثبت أن صاحب الأرض سيء النية أي يعلم أن المواد والأدوات أثناء إدماجها في الأرض هي في الأصل مملوكة للغير.

الفرع الثاني

حالة إقامة مالك المواد لمنشآت على أرض غيره.

نواجه في هذه الصورة الحالة العكسية للصورة التي سبق التعرض إليها في الفرع الأول وهي الحالة الأكثر وقوعا في الحياة العملية، لأننا كثيرا ما نجد أجنبيا يبني بأدواته في أرض مملوكة لغيره خاصة عندما يكون الباني حائزا لأرض لا يملكها فيقيم عليها منشآت.

إذا رجعنا إلى النصوص القانونية نجد أنها جاءت شاملة لكل شخص يقيم منشآت في أرض الغير بما في ذلك الباني الحائز بنية التملك أو الحائز العرضي أو الذي توجد علاقة تعاقدية بينه وبين صاحب الأرض أو لا توجد علاقة أصلا (10) ، وكلهم متساوون في جميع الحالات.

لكن بالرجوع إلى الجانب الفقهي نجد أن الفقهاء قد حاولوا إيجاد حلول مناسبة لهذه الوضعية، فاقترحوا حلين مختلفين، حيث اعتبروا في الحل الأول أن المباني مملوكة على الشيوع بين الباني وصاحب الأرض كلا بنسبة قيمة الشيء الذي كان يملكه قبل عملية الاندماج في الأرض. وان كان هذا الحل يهدف إلى الإبقاء على البناء في الأرض وعدم هدمه بما يحقق المصلحة الاقتصادية للمجتمع ويحول دون إرهاق صاحب الأرض بالتعويض الذي قد لا يستطيع دفعه إلى مقيم المنشآت، فإنه لا يخلو من الإنتقاد لأن الملكية الشائعة غالبا ما يختلف فيها الشركاء، فيؤدي ذلك إلى سوء استغلال المال الشائع، كما أن مصيرها في النهاية هو القسمة، فمن حق كل شريك أن يطلب قسمة المال الشائع خاصة وأن وعي المجتمع في حد ذاته لا يستسيغ الملكية الشائعة ويفضل الملكية الفردية المفرزة (11) ، وهذا قد يؤدي إلى عدم الاستقرار. أما في الحل الثاني، فقد ألزموا الباني بهدم ما بناه، فهذا الحل يتميز بتفضيل حماية الملكية الخاصة، حيث اعتبروا البناء على أرض الغير اعتداء على حق ملكية صاحب الأرض، وهو ما يحرمه من تحديد طريقة استعمال أرضه واستغلالها بالكيفية التي يراها مناسبة وهذه الحماية للمصلحة الخاصة تنطوي بدورها على حماية المصلحة العامة (12) . هذا الحل كذلك لم يخلو من الإنتقاد، لأنه يتعارض مع المصلحة الاقتصادية العليا، فالبناء يضيف قيمة اقتصادية للأرض ويساهم في العمران وليس من مصلحة الجميع تخريب ما تم تعميره، لذلك رفض هذا الحل على إطلاقه.

فكما نلاحظ، فإن كلا من الحلين المذكورين لا ينطوي على مصلحة خالصة، بل إن الإشكال يبقى قائما مما حدا بأغلب التشريعات للعزوف عن الحل الأول أصلا وذلك تقديرا للمصلحة الخاصة كما استوجبت عدم هدم البناء باعتبارها مصلحة راجحة عمدت التشريعات إلى مراعاتها من حيث المبدأ، ومراعاة لمالك الأرض قررت منحه البناء المقام وفقا للأحكام القانونية المنصوص عليها، باستثناء بعض الحالات التي يتملك فيها صاحب المنشآت الأرض.

ولكي ندقق الدراسة في هذا الفرع سنقوم باستوضاحه من خلال التمييز بين الباني سيء النية وحسنها(الفقرة الأولى)، ثم تبيان كيفيات آداء التعويضات لصاحب المنشآت (الفقرة الثانية)، لنخلص إلى توضيح طريقة التمليك بالالتصاق  (الفقرة الثالثة).

الفقرة الأولى

التمييز بين الباني سيء النية وحسنها.

لقد ربط المشرع الجزائري حالة بناء الأجنبي بمواده على أرض غيره بأمر باطني وهو النية، وجعلها المحور الذي تدور حوله أحكام هذه الحالة، فقد يكون الباني حسن النية وقد يكون سيء النية، ولكل وضع آثارا مترتبة عنه، وقد اعتبرت المحكمة العليا في قرار صادر لها في 10 / 03 / 2011 تحت رقم 643997 معيار إبراز نية الباني ضروري لتحديد النص القانوني الواجب التطبيق فيما يخص مصير المنشآت، ولما أغفلوا ذلك قضاة المجلس في تسبيب قرارهم، انتقضتهم وقضت بإبطال القرار مع الإحالة بدعوى أنه سبق الحكم على المطعون ضده بوقف أشغال البناء، لكنه مع ذلك واصل وبسوء نية، الأشغال أثناء سير الدعوى، واستبعاد قضاة الموضوع تطبيق أحكام المادة 784 ق م ج يجعل قرارهم مخالفا للقانون ومشوبا بالقصور في التسبيب (13) .

لذلك، وقبل أن نتطرق إلى تفصيل حكم الالتصاق  في حالة البناء على أرض الغير بحسن النية وسوئها، لابد أن نتعرف على النية، وماذا يقصد بسوئها وحسنها. فالنية لغة، هي قصد الشيء وعزم القلب عليه واعتقاد فعله من غير تردد (14) .

أما اصطلاحا في القانون المدني فحسن النية إنما يقصد بها اعتقاد الباني أو مقيم المنشآت بأن له الحق في إقامتها، ولا يلزم توافر مثل هذا الاعتقاد اعتقاده بأنه يملك الأرض.

وعليه، يعتبر حسن النية من يبني في أرض يعتقد بأنه ورثها، أو من يبني في أرض اشتراها بعقد باطل دون أن يعلم بذلك، كما يعتبر حسن النية من حاز الأرض بنية تملكها واعتقد بأن المدة القانونية المكسبة للحق قد انتهت (15) . فالقانون لم يشترط السبب الصحيح كشرط مستقل، لأن حسن النية يتصور وجوده دون السبب الصحيح، فقد يستند الحائز في حيازته إلى سند قانوني، ولكن هذا السند معيبا لصدوره من غير المالك الحقيقي، أو لعدم استيفائه للشكل القانوني، والحائز في كل هذا يجهل عيوب السند فيعتبر حسن النية، إلا إذا كان الجهل ناشئا عن خطأ جسيم، وهذا ما أكده المشرع الجزائري  في نص المادة 824 من القانون المدني بقوله "يفرض حسن النية لمن يحوز حقا وهو يجهل أنه يتعدى على حق الغير إلا إذا كان هذا الجهل ناشئا عن خطأ جسيم".

ومن يدعي العكس عليه إثبات النية بإقامة الدليل وهذا ما نصت عليه المادة 824 / 3 من القانون المدني بقولها "ويفترض حسن النية دائما حتى يقوم الدليل على العكس"، خلافا للمشرع الفرنسي الذي يشترط حيازة الباني على سند صحيح ينقل ملكية الأرض التي بنى عليها، حتى يعتبر حسن النية (16) .

أما سوء النية فيقصد بها علم الباني أو مقيم المنشآت بأنه يقيمها على أرض الغير دون رضاء صاحبها، فقد اعتمد المشرع في تعريف سوء النية على معيار شخصي مضاف إليه معيار موضوعي مفاده أن يأخذ حكم سوء النية الجهل الناشئ عن خطأ جسيم، فيعتبر في حكم سيء النية المشتري من غير المالك إذا أهمل مطالبة البائع بالسند الصحيح الذي يثبت تملكه للأرض محل البيع، أو أهمل فحص السند ومعاينته (17) .

بعدما تعرفنا على المعنى القانوني لسوء النية وحسنها، سنأتي إلى توضيح حكم الالتصاق  في حالة البناء أو إقامة المنشآت على أرض الغير حسب نية الباني.

فقد نص المشرع على الباني سيء النية في المادة   784 (18) من القانون  المدني الجزائري بقوله: "إذا أقام شخص المنشآت بمواد من عنده على أرض يعلم أنها ملك لغيره دون رضاء صاحبها فلصاحب الأرض أن يطلب في أجل سنة من اليوم الذي علم فيه بإقامة المنشآت، إزالة المنشآت على نفقة من أقامها مع التعويض عن الضرر إذا اقتضى الحال ذلك، أو أن يطلب استبقاءها مقابل دفع قيمتها أو قيمتها في حالة الهدم أو دفع مبلغ يساوي ما  زاد في ثمن الأرض بسبب وجود المنشآت بها. ويجوز لمن أقام المنشآت أن يطلب نزعها إذا كان ذلك لا يلحق بالأرض ضررا، إلا إذا اختار صاحب الأرض استبقاءها طبقا لأحكام الفقرة السابقة". نلاحظ من عبارات النص أن كل شخص يقيم منشآت على أرض يعلم أنها ملكا لغيره دون رضاء صاحبها فهو سيء النية، ولو رفع المالك الأصلي للأرض دعوى استحقاق لاسترجاع أرضه وحكم له بذلك فإنه في هذه الحالة يثور الإشكال حول مصير المنشآت. وأمام هذا الوضع فقد ميز المشرع بين مرحلتين:

حيث تخص المرحلة الأولى، المدة المقررة قبل انقضاء سنة من يوم علم صاحب الأرض باندماج مواد في أرضه: في هذه المرحلة يخير صاحب الأرض بين أمرين، فإما أن يطلب إزالة المحدثات على نفقة من أقامها برفع دعوى قضائية يطالب فيها بالإزالة ولا يجوز للقاضي أن يرفض له طلبه حتى ولو كان الضرر الذي سينشأ من جراء ذلك جسيم لأن إقامة محدثات على أرضه يعتبر تعد على حقه في ملكيته لها، كما له أن يعود على الباني أو الغارس سيء النية بما قد يصيب أرضه من ضرر. وبالتالي لا مجال لإعمال قواعد الالتصاق  في هذه الحالة لأن إزالة المحدثات يحول دون تملكها من طرف صاحب الأرض.

واما أن يعلن إرادته في استبقائها، وفي هذه الحالة يتملكها بالالتصاق  بعد أن يدفع لصاحبها أقل القيمتين، أي قيمة الأنقاض (وهي المواد بعد الهدم ) منقوصا منها مصروفات الهدم، أو مقدار ما اغتنى به صاحب الأرض بسبب ما أقيم عليها (19)

وفي نفس المرحلة يجوز لمن أقام المحدثات أن يطلب نزعها ما لم يلحق ذلك ضرر بالأرض، دون أن ينتظر انقضاء المدة المحددة قانونا  (سنة من يوم علم صاحب الأرض بإقامة منشآت على أرضه) ، فبطلبه هذا هو يجبر مالك الأرض منذ البداية على تحديد موقفه بقبول النزع أو إبداء الرغبة في الإستبقاء مع دفع أقل القيمتين.

أما فيما يخص عبء إثبات علم صاحب الأرض بإقامة منشآت على أرضه، فإنما يقع على صاحب المنشآت، والعلم واقعة مادية تمكنه من إثباتها بجميع طرق الإثبات الممكنة.

إذا قرر صاحب الأرض إزالة المنشآت المقامة على أرضه، فطلبه هذا يعد تطبيقا للمبادئ العامة في المسؤولية التقصيرية وناشئا عن حق الملكية في حد ذاته، ومخول لصاحب الأرض فقط بوصفه مالكا، مما يجعل من دعوى الإزالة دعوى ملكية وليست دعوى حيازة ومن ثم لا يمارسها إلا مالك الأرض وبما أن طلب الإزالة متفرعا عن طلب ثبوت الملكية فالفصل فيه يكون طبقا لقواعد الالتصاق  المقررة في القانون المدني.

لكن، ما ينبغي على مالك الأرض ليتمكن من طلب الإزالة، هو تقيده بمدة سنة تبدأ من تاريخ علمه بإقامة منشآت على أرضه، ومدة السنة التي يسقط بمقتضاها حق صاحب الأرض في طلب الإزالة هي مدة سقوط وليست مدة تقادم، ومن ثمة لا يرد عليها وقف ولا انقطاع.

في هذه الحالة، يبقى السؤال المطروح، ما هي الوسيلة التي يعبر بها صاحب الأرض عن اتخاذ قراره في الهدم؟ هل يكفي أن يبدي رغبته في ذلك خلال السنة المحددة له أم لابد من رفع دعوى الإزالة؟

يرى الفقه خلافا للقضاء أنه لا يشترط رفع دعوى للمطالبة بالازالة ، بل يكفي إبداء الرغبة فقط ولو بمكتوب مسجل أو حتى شفويا، لكن عبء الإثبات في ذلك يكون على صاحب الأرض (20)  .

وقد استند الفقهاء في رايهم على مدى صراحة المشرع أثناء سرده للنصوص القانونية، فهو لما سمح لصاحب المواد باسترداد مواده التي استعملها صاحب الأرض لإقامة منشآت على أرضه اشترط عليه رفع دعوى باستردادها خلال سنة من علمه، بصريح العبارة في نص المادة 783 ، لكنه لم يطلب من صاحب الأرض أن يرفع دعوى لازالة  ما أقيم على أرضه فينص المادة 784 من ق م ج.

لكن المحكمة العليا في الجزائر ذهبت إلى خلاف ما ذهب إليه الفقه، وقضت بضرورة رفع دعوى الازالة  لتضييق نطاق الازالة  والتأكد من أن طلب الازالة  لا يكون وسيلة للمساومة، بل أمر جدي صادر عن مالك الأرض، وهذا ما يتلاءم مع المصلحة الاقتصادية التي تتعارض مع الهدم الذي يتنافى مع المصلحة العامة، وفي حالة ما إذا تمت الازالة  بهدم المباني وقلع الأشجار فإن نفقات ذلك تكون على صاحب المنشآت الملزم بإعادة الحال إلى ما كانت عليه قبل البناء أو الغراس ، وفي ذلك أصدرت قرارها المؤرخ في 28 / 03 / 2001 تحت رقم 207261 المتضمن: من المقرر قانونا أنه إذا أقام شخص المنشأة بمواد من عنده على أرض يعلم أنها ملك لغيره دون رضاء صاحبها فلصاحب الأرض أن يطلب في أجل سنة من اليوم الذي يعلم فيه بإقامة المنشأة إزالتها.

وأن القضاء بإزالة المنشآت التي أقامها الطاعن على أرض المطعون ضدهم بناء على الخبرة التي أثبتت أن الحائط تم بناؤه على أرض الغير فإنه قضاء صائب طبقا للمادة 784 من ق م لأن دعوى ازالة  المنشآت ترفع خلال السنة الموالية للعلم بإقامة تلك المنشآت وليس من تاريخ إنشائها (21)  ."

اوذا لم يطلب صاحب الأرض ازالة  المنشآت خلال سنة من علمه بإقامتها على أرضه على النحو السابق بيانه، فإن ذلك يعد رضاء منه باستبقاء المحدثات على أرضه، وبالتالي يتملكها بالالتصاق ، وكذلك إذا باع مالك الأرض أرضه بما عليها من منشآت أو غراس  فهذا أيضا يعتبر رضاء ضمنيا منه باستبقاء ما أقيم على أرضه، فإبداء الرغبة قد يكون صريحا وقد يكون ضمنيا ولا يلزم أن يتم في شكل معين.

وبعد إ عرابه عن رغبته في عدم الازالة ، فلا يجوز له الرجوع في ذلك، و تملكه للمحدثات المقامة على أرضه لا يكون دون مقابل، فبالرغم من سوء نية المحدث إلا أنه يستوجب عليه أن يدفع قيمتها بالطريقة التي حددتها المادة 784 من القانون المدني الجزائري، وذلك بدفع أقل القيمتين، إما قيمة المنشآت مستحقة الازالة ، أي دفع قيمتها كما لو كانت أنقاضا منقوصا منها مصروفات الهدم أو قيمة ما  زاد في ثمن الأرض بسبب البناء أو الغراس ، ولصاحب الأرض الخيار بين دفع ما يراه مناسبا له. وفي واقع الأمر نجد أن أغلب ملاك الأراضي يختارون القيمة الأولى، واذا اختار القيمة الثانية فتقديرها يكون من طرف الخبير الذي يقدر ثمن المثل للأرض خالية من المنشآت ثم يقدر ثمن المثل للعقار بعد إقامة المنشآت والفرق ما بين القيمتين هو مازاد في ثمن الأرض بسبب إقامة المنشآت (22)  ، وهي نفس القيمة الواجبة الدفع.

إن العبرة في تخفيض قيمة التعويض، هو تشجيع مالك الأرض على اختيار عدم ازالة  البناء وهذا من شأنه أن يحقق مصلحة اقتصادية مهمة، كما أن تنظيم المشرع لكيفيات التعويض في موضوع الالتصاق  يؤدي إلى استبعاد تطبيق أحكام التعويض في موضوع الإثراء بلا سبب والتي تقضي على صاحب الأرض بأن يدفع أقل القيمتين، قيمة ما اغتنى به هو وقيمة ما افتقر به صاحب المنشآت.

مما يجعل التزام صاحب الأرض بدفع أقل القيمتين على النحو السابق بيانه مصدره القانون وليس الإثراء بلا سبب، كما أن مدة تقادم هذا الالتزام تقدر بخمسة عشر سنة، كما هو الحال في الالتزامات الناشئة عن القانون وليس عشر سنوات وهي مدة تقادم الالتزامات الناشئة عن الإثراء بلا سبب (23)  . أما إذا بادر مقيم المنشآت، منذ البداية بطلب نزع المنشآت ما لم يشكل ذلك ضررا على الأرض، وذلك مثلما قضت به الفقرة الثانية من المادة 784 المذكورة أعلاه، فهو يجبر صاحب الأرض في نفس الظرف على اتخاذ قراره حول قبول نزع المنشآت أو إبداء الرغبة في استبقائها ودفع أقل القمتين.

أما المرحلة الثانية، فتخص المدة المقررة بعد انقضاء سنة من يوم علم صاحب الأرض باندماج مواد في أرضه، فإذا انقضت السنة دون أن يختار صاحب الأرض بين طلب الازالة  أو الرغبة في الاستبقاء ودون أن يطلب صاحب المنشآت نزعها ما لم يلحق ذلك ضررا بالأرض، فإن المنشآت تبقى مقامة ويتملكها صاحب الأرض بالالتصاق ، كما يجبر على دفع أقل القيمتين (24) .ولكن ما يلاحظ على الفقرة الثانية من المادة 784 من القانون المدني الجزائري أنه عندما أجيز لصاحب المنشآت طلب نزعها إن كان ذلك لا يلحق

بالأرض ضررا، لم تحدد له مدة معينة لهذا الطلب في حين حددت الفقرة الأولى من نفس المادة مدة سنة لصاحب الأرض لاستظهار خياره.

ومن هذا المنطلق، قد يجوز لصاحب المنشآت أن يطلب نزعها حتى بعد انقضاء السنة التي يفترض فيها أن يحدد صاحب الأرض موقفه، وما لهذا الأخير حينها إلا الخيار بين قبول نزع المنشآت أو استبقائها مع دفع أقل القيمتين وفي هذه الحالة تكون ملكيته معلقة على شرط واقف وهو عدم نزع المنشآت من الأرض فإذا لم تنزع تحقق الشرط الواقف وأصبحت ملكية صاحب الأرض للمنشآت بطريق الالتصاق  ملكية نافذة، وكان لتحقق الشرط أثر رجعي فتستند ملكيته للمنشآت إلى وقت إدماجها في الأرض (25)، لكن بعضا آخر من الفقهاء يرون في الفقرة الثانية من المادة 784 من القانون المدني معيبة ويفضل الإستغناء عنها أصلا.

أما القضاء المقارن فقد اختلف في مدى اعتبار سوء النية متوفرا عند البناء أو الغراس  في أرض مملوكة للغير، فذهبت أحكامه في بادئ الأمر إلى اعتبار كل اعتداء على عقار مقيد في السجل العقاري حاصلا بسوء نية، وذلك بحجة أن كل شخص في وسعه أن يطلع على هذا السجل وعلى خرائط المساحة ليعرف حقيقة موقفه، وفي مرحلة ثانية افترضت الأحكام سوء النية لدى المعتدي وأجازت له نقض هذا الافتراض بإثبات حسن نيته، لكن المسألة لا تعد أن تكون إلا مسألة وقائع تخضع لتقدير قاضي الموضوع، فهو الذي يقدر كل حالة على حدى ويستقصي ما إذا كان البناء أو الغراس  أو إقامة المنشآت في أرض الغير قد حصل بحسن النية أو بسوئها (26)  . ولعل هذا الحكم هو الأكثر منطقية وواقعية خاصة في الجزائر وما يحكم عمليات المسح واعداد السجل العقاري من خلط وتضارب نظرا لغياب

المختصين في ذلك، مما أفرز الكثير من المشاكل التي أثارت العديد من المنازعات على مستوى المحاكم والمجالس القضائية. وفيما يتعلق بالتعويض الذي يدفعه صاحب الأرض فينبغي أن يخصم منه الثمار التي حصل عليها مالك المواد عن المنشآت التي أقامها، لأن هذه المنشآت أصبحت ملكا لصاحب الأرض منذ اندماجها في الأرض وفي ذلك تقضي المادة 838 من القانون المدني أنه: "يكون الحائز سيء النية، مسؤولا عن جميع الثمار التي قبضها أو قصر في قبضها من الوقت الذي أصبح فيه سيء النية.

غير أنه يجوز له أن يسترد ما أنفقه في إنتاجها".

يتبين من النص السابق أن الباني أو مقيم المنشآت أو الغراس  لما يكون سيء النية يكون مسؤولا أمام صاحب الأرض عن الثمار التي قبضها تطبيقا للقاعدة العامة التي قضت بها المادة القانونية أعلاه. فالحائز يلتزم بأن يرد للمالك الثمار التي قبضها عينا إذا كانت لا تزال موجودة في يده أو يرد قيمتها وقت قبضها إذا كان قد استهلكها، ويلتزم فوق ذلك بأن يرد إلى المالك قيمة الثمار التي قصر في قبضها أي الثمار التي يجنيها المالك لو أن العين كانت في حيازته ويقدر قاضي الموضوع قيمة هذه الثمار (27)  .

أما مالك الأرض فإنه يلتزم بأن يرد للحائز المصروفات التي أنفقها في إنتاج الثمار، ويشمل ذلك أجر العمل وقيمة البذر ونفقات الأعمال التي قام بها الحائز للحصول على هذه الثمار، كذلك يرد المالك للحائز مصروفات الصيانة والتكاليف التي تثقل الثمار من الضرائب ورسوم وغيرها، فالحائز إذن لا يرد للمالك إلا القيمة الصافية للثمار بعد خصم المصروفات والتكاليف، والا أثري المالك على حساب الحائز.

ويسترد المالك الثمار إما مع العين التي أنتجت هذه الثمار وهذا هو الغالب أو مستقلة عن هذه العين إذا خرجت العين من حيازته، وبقيت الثمار في يده، أما إذا استهلكت الثمار أو كانت تتمثل في مبلغ من النقود هو ريع العين فإنها تصبح دينا في ذمة الحائز للمالك فيجوز أن يطالب بهذا الدين، وان كان حقا دوريا متجددا فلا يسقط إلا بانقضاء خمس عشرة سنة من وقت استحقاقه بالتقادم وفق ما تنص عليه المادة 309 / 2 من القانون المدني الجزائري بقولها: "غير أنه لا يسقط الريع المستحق في ذمة الحائز سيء النية ولا الريع الواجب أداؤه على متصرف المال المشاع للمستحقين إلا بانقضاء خمسة عشرة سنة". هذا فيما يخص حالة الباني سيء النية، أما إذا كان حسن النية فيطبق عليه الحكم الوارد في نص المادة 785 من القانون المدني حيث جاء فيها: "إذا كان من أقام المنشآت المشار إليها في المادة 784 يعتقد بحسن النية أن له الحق في إقامتها فليس لصاحب الأرض أن يطلب الازالة  وانما يخير بين أن يدفع قيمة المواد وأجرة العمل أو مبلغا يساوي مازاد في قيمة الأرض يسبب هذه المنشآت هذا ما لم يطلب صاحب المنشآت نزعها.

غير أنه إذا كانت المنشآت قد بلغت حدا من الأهمية وكان تسديدها مرهقا لصاحب الأرض جاز له أن يطلب تمليك الأرض لمن أقام المنشآت نظير تعويض عادل (28)  ."

فكما نلاحظ من نص المادة أعلاه فقد أولى المشرع للباني أو الغارس حسن النية رعاية خاصة، كما عامله معاملة أفضل من الباني أو الغارس سيء النية وذلك وذلك من خلال عدم الجواز لمالك الأرض بأن يطلب الازالة  على عكس ما هو مقرر على الشخص سيء النية، بل يجب عليه أن يتملك المحدثات بمجرد إقامتها على الأرض إعمالا بقاعدة الفرع يتبع الأصل، وبما أن الأرض هي الأصل وكل ما يلحق بها يعتبر فرعا فإن الملكية تؤول لصاحب الأرض بحكم الالتصاق .

كما من حق الباني أو الغارس حسن النية كذلك، أن يطلب ازالة  المحدثات التي أقامها إذا كان ذلك لا يلحق ضررا بالأرض مع تعويض صاحب الأرض عما عسى أن يلحقها من ضرر إن اقتضى الأمر ذلك.  وفيما يخص قيمة التعويض الذي يدفعه صاحب الأرض في حالة استبقاء المحدثات على أرضه، فتقدر على أساس أفضل بالنسبة لمقيمها، حيث يلزم بدفع قيمة المواد وأجرة العمل، أو مقدار ما ا زد في قيمة الأرض بسبب البناء أو الغراس  المقام، إلا إذا بلغت المحدثات حدا من الأهمية يجعل تسديدها مرهقا لصاحب الأرض خاصة وأنه لا يجوز له طلب إزالتها نظرا لحسن نية صاحبها، في هذا المقام منحه المشرع الحق في طلب تمليك الأرض لصاحب المحدثات مقابل تعويض لذلك.

واذا أثبت الباني أو الغارس بأنه أقام المنشآت بترخيص من صاحب الأرض كأن يثبت أنه منتفع رخص له مالك الرقبة بالبناء على أرضه  (29) ، أو مستأجر رخص له المؤجر بإقامة محدثات على العين المؤجرة (30)  ، فسوف يستفيد من كل التفضيل المذكور أعلاه رغم علمه بأن الأرض غير مملوكة له وذلك بموجب نص المادة 786(31)  من ق.م.ج.

الفقرة الثانية

التعويض وكيفيات آدائه لصاحب المنشآت.

يختلف التعويض المستحق للباني حسب نيته في البناء فحسن النية ليس كسيئها.

وحسب ما سبق لنا بيانه فإن الباني إذا كان حسن النية التزم صاحب الأرض بدفع إحدى القيمتين، إما قيمة المواد مع أجرة العمل أو قيمة ما زاد  في ثمن الأرض بسبب المنشآت، وذلك ما لم يختر نزعها واعادة الأرض إلى ما كانت عليه. كما يجوز لصاحب الأرض أن يملكها لصاحب المنشآت إذا بلغت حدا من الجسامة تجعل التعويض المستحق عنها مرهقا له وفي هذه الحالة يكون الملتزم بالتعويض هو صاحب المنشآت نحو صاحب الأرض. أما إذا كان من أقام المنشآت سيء النية، جاز لصحاب الأرض أن يطلب إزالتها كما له أن يطلب بقاءها ليتملكها بالالتصاق  على أن يدفع لصاحبها التعويض المقابل لذلك، حيث يقدر بأقل القيمتين، إما قيمة البناء مستحق الازالة  أو قيمة ما زاد في ثمن الأرض بسبب البناء (32)  . ولما كان التعويض المستحق في الغالب يكون لصاحب المنشآت قبل صاحب الأرض وكان الأول هو الذي يحوز الأرض، فما هو الأساس القانوني الذي يستند إليه في آدائه للتعويض؟ لقد اختلف الفقه في أساس التعويض المستحق لصاحب المنشآت المقامة على أرض الغير، هل هو نفس الأساس المعمول به في موضوع الإثراء بلا سبب أم لا، ففرقوا بين التعويض المستحق للباني حسن النية والتعويض المستحق للباني سيء النية.

فبالنسبة للتعويض المستحق للباني حسن النية، فإن أسسه هي نفس الأسس المعمول بها في مجال الإثراء بلا سبب حيث تراعى قيمة افتقاره المتمثلة في قيمة وأجرة العمل، وقيمة إثراء ذمة صاحب الأرض المتمثلة في الزيادة في ثمن الأرض بسبب البناء. أما بالنسبة للتعويض المستحق للباني سيء النية، فإن أسسه لا تتفق مع قواعد الإثراء بلا سبب، وذلك لأن صاحب الأرض يخير بين دفع قيمة البناء مستحق الازالة ، أو قيمة مازاد في الأرض بسبب البناء، وهذا لا يمثل قيمة الافتقار أو قيمة الإثراء. لكن أغلبية الفقه في مصر يرون أن أساس الالتزام بالتعويض لا يكون مصدره الإثراء بلا سبب ويستوي أن يكون الباني حسن النية مع سيئها لأنه في حالة سوء نية الباني لم يضع المشرع قيمة الافتقار محل اعتبار، بل راعى مصلحة مالك الأرض لما خيره بين دفع أقل القيمتين ومن ثم فإن أساس التعويض لا يكون الإثراء بلا سبب، وانما يكون مصدره القانون (33)  . وفي حالة حسن النية أيضا لا يرجعون مصدر التعويض للإثراء بلا سبب، والا لما كان هناك حاجة إلى النص عليه في النصوص القانونية، وان ردها المشرع لنفس الأساس لاكتفى بإحالتها على نفس القواعد فقط. يقول الدكتور عبد الرزاق السنهوري (34)  في تكييفه للأساس القانوني لتقدير تعويض الباني حسن النية في أرض غيره ما يلي: ".... وعليه (أي صاحب الأرض) أن يعوض الحائز، وله في هذا التعويض الخيار في أن يدفع أقل القيمتين فإما أن يدفع قيمة المواد وأجرة العمل وهذه هي القيمة التي افتقر بها الحائز، أو أن يدفع مبلغا يساوي ثمن ما زاد في قيمة الأرض لسبب المنشآت وهذه قيمة ما اغتنى به وقيمة ما افتقر به الحائز، وهذا هو عين ما دفعه طبقا للقواعد المقررة في الإثراء على حساب الغير.." ثم يعطف على هذا القول في نفس الصفحة بقوله:

"... واذا كان صاحب الأرض يخير، في حالة الحائز حسن النية، بين دفع قيمة ما اغتنى به ( زيادة قيمة الأرض) أو دفع قيمة ما افتقر به الحائز (قيمة وأجرة العمل)، فيبدو أن ذلك ليس مجرد تطبيق لقواعد الإثراء على حساب الغير، والا لما كانت هناك حاجة إلى النص على ذلك، أو إذا وجد النص لاكتفى بالإحالة على هذه القواعد، ويحسن القول، تنسيقا لأحكام الالتصاق  لمجموعها، أن التزام صاحب الأرض بدفع تعويض للحائز وتقدير هذا التعويض بقيمة معينة، في جميع فروض الالتصاق  حتى في الفرض – الذي نحن بصدده حيث يقضي القانون بتعويض مماثل للتعويض الذي تقضي به قواعد الإثراء على حساب الغير هو التزام مصدره القانون لا مبدأ الإثراء - على حساب الغير، ومن ثم يتقادم هذا الالتزام بخمس عشرة سنة لا بثلاث سنوات.."

فما يتضح من خلال هذا الكلام أن الدكتور السنهوري، رغم اعترافه بأن طريقة تعويض الباني حسن النية في أرض غيره هي تطبيق دقيق صراحة لقواعد الإثراء بلا سبب، إلا أنه ومادام المشرع لم يحل في كيفية تقدير ذلك على مبدأ الإثراء بلا سبب ونص عليه صراحة في نص المادة 925 من التقنين المدني المصري جعل الفقيه الدكتور السنهوري يتوصل إلى القول بأن مصدر هذا الالتزام بالتعويض هو القانون وليس مبدأ الإثراء بلا سبب، خصوصا وأن مدة التقادم تختلف بين المصدرين، ونحن نتفق معه فيما ذهب إليه.

لقد تعرضت للتعويض الذي يستحقه صاحب المنشآت كلا من المواد 784 ، 785 ، 786 من القانون المدني الجزائري، أما فيما يخص التيسيرات المتاحة للمدين كي يستطيع تسديد ديونه فقد بينتها المادة 841 من نفس القانون بنصها على أنه: " يجوز للقاضي بناء على طلب المالك أن يختار ما يراه مناسبا للوفاء بالمصاريف المنصوص عليها في المادتين 839 و 840 وله أيضا أن يقدر بأن يكون الوفاء على أقساط دورية بشرط تقديم الضمانات اللازمة وللمالك أن يتحلل من هذا الالتزام إذ سبق مبلغا يساوي قيمة هذه الأقساط" (35)  .

يستفاد من نص المادة أنه يجب للاستفادة من التيسيرات التي بينها النص أن يكون ذلك بناء على طلب المدين بالتعويض، سواء كان صاحب الأرض أو صاحب المنشآت بحسب الأحوال فلا يجوز للقاضي أن يقضي بالتيسيرات المنصوص عليها في المادة السالفة الذكر من تلقاء نفسه عند  الفصل في النزاع حول الملكية، وعلى هذا يجب على المدين بالتعويض أن يقدم المبررات التي تبيح له الاستفادة من التيسيرات (36) ، وللقاضي أن يقرر ما يراه مناسبا للوفاء فله أن يقسط التعويض فيكون الوفاء به على أقساط دورية في مواعيد يحددها هو لا غيره. وفي كلتا الحالتين سواء قسط القاضي التعويض أو منح المدين أجلا للوفاء به، وجب على المدين بالتعويض أن يقدم الضمانات اللازمة للوفاء في مواعيده الدورية أو عند حلول الأجل الذي حدده القاضي، فيقدم رهنا أو كفالة عينية أو شخصية، أما إذا لم يستطيع المدين إيجاد هذه الضمانات وأراد أن يتخلص من هذا الالتزام بتقديمها، فعليه أن يفي بالتعويض كاملا وفورا. (37)

اوذا أرجعنا ضمان وفاء المدين بدينه إلى الأحكام العامة على اعتبار أنه غير منصوص عليه بخصوص موضوع الالتصاق  بالذات، فإننا سنستند إلى نص المادة 200 من القانون المدني الجزائري حيث تنص على أنه: "لكل من التزم بأداء شيء أن يمتنع عن الوفاء به ما دام الدائن لم يعرض الوفاء بالتزام ترتب عليه وله علاقة سببية وارتباط بالتزام المدين، أو ما دام الدائن لم يقم بتقديم تأمين كاف للوفاء بالتزامه هذا.

ويكون ذلك بوجه خاص لحائز الشيء أو محرزه، إذا هو أنفق على مصروفات ضرورية أو نافعة، فإذا له أن يمتنع عن رد هذا الشيء حتى يستوفي ما هو مستحق له، إلا أن يكون الالتزام بالرد ناشئا عن عمل غير مشروع (38) ."

ما يستفاد من أحكام البناء في ملك الغير، أن صاحب المنشآت ملزم بأن يسلمها لصاحب الأرض بعد أن تملك هذا الأخير الأرض وما عليها من منشآت بحكم الالتصاق ، فصاحب الأرض ملزم بأن يدفع التعويض لصاحب المنشآت وهذا الدين مترتب على التزام صاحب المنشآت بتسليمها لصاحب الأرض ومرتبط به وبالتالي توافرت شروط الحق في الحبس وجاز لصاحب المنشآت أن يحبسها عن صاحب الأرض وعن دائنيه وعن أي شخص آخر تنتقل إليه من صاحب الأرض ملكية المنشآت، أو أي حق عيني عليها وذلك حتى يستوفي التعويض المستحق له.

فإذا كان من حق الحائز الذي أنفق على الشيء مصروفات ضرورية أو نافعة أن يحبس الشيء حتى يستوفي ما هو مستحق له، فإنه يحق من باب أولى لمن أنشأ الشيء أن يستعمل حقه في حبسه لاستيفاء مقابل إنشاء الشيء (39)  .

فلا خلاف في حق الباني حسن النية في حبس المنشآت حتى يستوفي التعويض المستحق له، لكن الخلاف يظهر في حالة الباني سيء النية، هل يحق له أن يحبس المنشآت أم لا؟

وسبب ذلك يرجع إلى أن المادة نص 200 من القانون المدني الجزائري لا تجيز للحائز ممارسة حقه في الحبس إذا كان التزامه  برد الشيء ناشئا عن عمل غير مشروع، لكن أغلبية الفقهاء في مصر يرون أن الحق في الحبس يثبت للباني سواء كان حسن النية أو سيئها لأن التزام  صاحب المنشآت بردها إلى مالك الأرض لا يكون ناشئا عن عمل غير مشروع بل ناشئ عن تملك صاحب الأرض للمنشآت بسبب الالتصاق  نتيجة لإقامتها على أرضه كما أن إقامة محدثات على أرض الغير ولو بسوء نية لا يعد عملا غير مشروع بالمعنى الوارد في نص المادة 200 / 2 من القانون المدني الجزائري  (40)  . ويبدو هذا الراي هو الأصوب لأنه إذا كان الباني سيء النية فإن مالك الأرض من حقه أن يختار بين استبقاء المنشآت ودفع التعويض وبين طلب إزالتها، وبالتالي يحق لمالك المنشآت أن يحبسها تحت يده حتى يستوفي التعويض المستحق له من طرف صاحب الأرض. وينتهي الحق في الحبس إذا قدم صاحب الأرض تأمينا كافيا للوفاء بالتعويض أو قضى بأن يكون الوفاء به على أقساط دورية مقدما بذلك الضمانات اللازمة للدفع، وليس لصاحب المنشآت حق الامتياز عليها لأن الإمتياز لا يثبت إلا بنص والنص غير موجود، أضف إلى ذلك أنه مجرد الحق في الحبس لا يثبت امتياز عليه وهو تماما ما نصت عليه الفقرة الأولى من المادة 201 من القانون المدني الجزائري . أمام ما تم عرضه أعلاه، فإن الحق في الحبس يثبت لصاحب المنشآت عندما يكون دائنا لصاحب الأرض لأنه يحوز الأرض والمنشآت معا مما يمكنه من حبسهما حتى يستوفي التعويض المستحق له من قبل صاحب الأرض، لكن في حالة تمليك الأرض لصاحب المنشآت إذا كان هذا الأخير حسن النية، وكان يرهق صاحب الأرض أن يدفع له التعويض المستحق عليه، فإنه لا يمكن أن يثبت حق الحبس للمدين لصاحب الأرض لأن الأرض والمنشآت تكون في حيازة صاحب المنشآت، مما يجعله حائزا وفي نفس الوقت مدين بالتعويض، أما صاحب الأرض فهو الدائن بالتعويض فلا يحوز شيئا، كما لا يتصور إعطاؤه حق حبس المنشآت حتى يستوفي التعويض المستحق له (41) .

الفقرة الثالثة

طريقة التمليك بالالتصاق .

من خلال دراستنا لحالة الباني على أرض الغير بمواده، نجد أن المشرع الجزائري  قد حاول أن يوفق بين مصلحة صاحب الأرض ومصلحة مالك المواد المستعملة للبناء في تلك الأرض، حيث أعطى للأول الحق في تملك البنايات وذلك حماية للوحدة القانونية للعقار، وخول للثاني الحق في الحصول على تعويض يختلف مقداره حسب ما إذا كان حسن النية أو سيء النية.

ولكن السؤال المهم الذي نطرحه في هذا الصدد إنما يتعلق بمعرفة وقت تملك صاحب الأرض لتلك البنايات في ظل التشريع الجزائري ، هل يحدث ذلك بصورة مؤجلة، أي من تاريخ تعبير مالك الأرض عن إرادته في  هذا الشأن؟ أم أن ذلك يحدث بصورة فورية أي بمجرد اندماج البنايات في الأرض؟ قبل الإجابة على هذا التساؤل المطروح أعلاه، سنتعرض أولا للرايين اللذين قالا بهما الفقه الفرنسي حول الالتصاق  المؤجل (42)  والالتصاق  الفوري (43)  .

حيث يعتبر الكثير من الفقهاء في ظل التشريع الفرنسي أنه في حالة عدم وجود أي عقد بين الطرفين، لا يتملك صاحب الأرض البنايات المقامة من طرف الغير فوقها بصورة فورية بل بصورة مؤجلة، وذلك مع وجود اختلافات في التفسير.

فمنهم من يرى أنه إذا كان الحق في الالتصاق  ينشأ منذ واقعة الاندماج فإن الآثار المترتبة على هذا الحق لا تطبق حالا، بل إلى حين أن يعبر أحد الأطراف عن إرادته في هذا الشأن. فمنذ الوقت الذي يعلم فيه أحد الأطراف بوجود واقعة الالتصاق  ويعبر فيه عن رغبته في الاستفادة من هذا الحق أو تحمل تبيعاته، تترتب آثار الالتصاق  لمصلحته أو في مواجهته، وينتقل حق الالتصاق  إلى حالة التطبيق ويبدو ظاهريا وكاملا.

وفي هذا الصدد يجب التمييز بين حالة الإفتراض ( virtuel l’étatà L’accession  )، أين لا تلعب الإرادة أي دور في هذا الشأن، وبين الالتصاق  في حالة التحقق (L’accession à l’état de réalisation) ، حيث تلعب إرادة الأطراف الدور الحاسم في إعمال آثاره(44) .

كما يرى البعض منهم أيضا، بأن تفسير حق الالتصاق  كالتزامات عينية متبادلة، يؤدي إلى القول بأن مالك الأرض لا يتملك البنايات المقامة فوقها من طرف الغير إلا من يوم تعبيره عن إرادته في هذا الشأن، وذلك كما هو الأمر بالنسبة لكل الالتزام ات العينية التي لا تنفذ في مواجهة صاحب العقار المدين بها إلا من تاريخ مطالبة الدائن بذلك، كالتنازل عن جزء من الحائط المشترك في القانون الفرنسي، وقد أخذ بنفس الراي بعض الأساتذة على صعيد الفقه المصري.

فحق الالتصاق  يرتكز على إرادة الأطراف مهما كانت نيته، ففي حالة الباني سيء النية يثبت لصاحب الأرض الخيار بين قبول أو رفض البنايات وهو حر في إرادته، فلا يفرض عليه القانون قبول تملك البنايات، فإرادته هي العنصر الحاسم لتملكه البنايات. أما في حالة الباني حسن النية، فإن القانون يرفض لمالك الأرض المطالبة بالهدم، فهو يرغمه على تملك البنايات، ولكن هذا لا يمنع مالك الأرض من ترك الأمور على حالها، أين يظل الباني متمتعا بالبنايات التي أقامها، حتى يبدي رغبته ويعبر عن إرادته في تملك البنايات (45)  .

لكن فريقا آخر من الفقهاء يرون بأنه، إذا كانت آثار الالتصاق  لا تترتب إلا منذ الوقت الذي يعبر فيه أحد الأطراف عن إرادته في هذا الشأن، فالحق على العكس من ذلك، فهو ينشأ منذ واقعة الإتحاد أو الاندماج، بمعنى أن صاحب الأرض يتملك البنايات التي أقامها الغير فوقها بصورة فورية منذ واقعة اندماج تلك البنايات بالأرض، وحاولوا أن يستوضحوا التوفيق بين الحق المخول لمالك الأرض في المطالبة بهدم البنايات، بمقتضى المادة 555 من القانون المدني الفرنسي، ومبدأ الالتصاق  الفوري الناتج مباشرة عن واقعة اندماج البنايات بالأرض، الذي يتمثل في النظر لسلطة المطالبة بالهدم ليس كبديل لاكتساب الملكية ولكن كآثار مترتبة عنها.

فصاحب الأرض يصبح مالكا للبنايات بصورة فورية منذ عملية البناء، حيث يثبت له حق التصرف في هذه البنايات وهدمها إذا أراد ذلك، واذا كان الباني سيء النية فهو مخطئا في تشييد بناء غير نافع، بمساسه بملك غيره، وقواعد العدالة تقتضي تحميله نفقات هذا الهدم، وهكذا فالحق في المطالبة بالهدم المنصوص عليه في المادة 555 يكون مبررا كعقوبة لسوء نية الباني (46)  . إذن، فالمادة 555 لا تعالج مشكل ملكية البنايات التي أصبحت لصاحب الأرض منذ واقعة البناء، لكنها تعالج مبدأ التعويض بحسب ما إذا كان الباني حسن النية أو سيئها (47)  .

لكن البعض انتقدوا هذا الراي وأكدوا على أنه في الحالة التي لا يوجد فيها أي عقد يربط بين مالك الأرض والباني، فلا يتعلق الأمر سوى بتأويل مقتضيات المادة 555 ، واعطاء إرادة مالك الأرض دورا في إعمال أحكام الالتصاق  وهذا ما يتناقض مع مبدأ الإكتساب الفوري لملكية البنايات. والآن، وبرجوعنا إلى كيفية التمليك عن طريق الالتصاق  بالنسبة للقانون والقضاء الجزائري ين، فنحن نرى بأن تملك صاحب الأرض للبنايات المقامة فوقها من طرف الغير يتم بصورة فورية، وذلك منذ واقعة الإندماج، لأن المشرع الجزائري  في راينا يميز بين حالة تملك البنايات وبين تسوية علاقات الأطراف من حيث التعويض. ونتبين ذلك من الفقرة الثانية من نص المادة 675 من ق م ج التي تنص على أنه: "وتشمل ملكية الأرض ما فوقها وما تحتها إلى الحد المفيد في التمتع بها علوا وعمقا"، بالإضافة للفقرة الأولى من نص المادة 782 التي تنص على أنه: "كل ما على الأرض أو تحتها من غراس  أو بناء أو منشآت أخرى يعتبر من عمل صاحب الأرض وأقامه على نفقته ويكون مملوكا له".

فمنطوق هذه المواد يدل على أن نية المشرع الجزائري  تتجه نحو تمليك البنايات المقامة من طرف الغير لصاحب الأرض بصورة فورية منذ واقعة الإندماج.

وكذلك الإجتهاد القضائي الجزائري ، فقد أيد تملك صاحب العقار للبنايات المقامة فوقها من طرف الغير بصورة فورية، ويتبين ذلك من القرار الصادر عن المحكمة العليا بتاريخ 20 / 11 / 1989 حيث جاء في حيثياته ما يلي:

"من المقرر قانونا أن كل ما على الأرض أو تحتها من غراس  أو بناء أو منشآت أخرى يعتبر من عمل صاحب الأرض وأقامه على نفقته ويكون مملوكا له ما لم تقام البينة على أن أجنبيا أقام المنشآت على نفقته، ومن ثم فإن القضاء بما يخالف هذا المبدأ يعد خرقا للقانون. لما كان من الثابت في قضية الحال أن المطعون ضدهما لم يقيما البينة على أنهما أو مورثهما أقاما السكن المتنازع عليه على أرض الطاعن، فإن جهة الإستئناف بتأييدها الحكم المستأنف لديها القاضي برفض دعوى الطاعن الرامية إلى طرد المطعون ضدهما الشاغلين للسكن المتنازع عليه، قد خرقت القانون.

ومتى كان كذلك استوجبت نقض القرار المطعون فيه". فمبدأ الالتصاق  الفوري يقتضي تمكين صاحب الأرض من تملك البنايات المقامة فوقها من طرف الغير بأثر فوري أي منذ واقعة الإندماج، مع ما يلحق ذلك من الحق في الإستعمال والتمتع بتلك البنايات من تاريخ إقامتها، واذا لم يكن ذلك ممكنا حكم له بالتعويض المناسب عن حقه في الاستغلال منذ ذلك التاريخ. وبعد التمليك الفوري لصاحب الأرض بالنسبة للمنشآت المقامة على أرضه، يقوم الأطراف بتسوية علاقاتهم فيما يخص مستحقات التعويض التي تختلف حسب نية الباني.

الفرع الثالث

حالة إقامة الأجنبي لمنشآت بمواد الغير وعلى أرض الغير.

هذه الحالة من الالتصاق  الصناعي بالعقار ناذرة الوقوع في حياتنا العملية، وقد ورد حكمها في المادة 790 من القانون المدني الجزائري  بقولها: "إذا أقام أجنبي منشآت بمواد مملوكة لغيره، فليس لمالك المواد أن يطلب إستردادها وانما يكون له أن يرجع بالتعويض على هذا الأجنبي كماله أن يرجع على مالك الأرض بما لا يزيد على ما هو باق في ذمته من قيمة تلك المنشآت (48)  ."

باستقرائنا لما ورد في نص المادة أعلاه يتضح لنا أن هذه الصورة من الالتصاق  ما هي إلا مزج للصورتين المدروستين قبلا (49) ، حيث تجمع بين ثلاث أشخاص وهم: مالك الأرض، ومالك المواد، والباني أو الغارس، مما يستدعي منا تحديد علاقة كل طرف بالآخر.

الفقرة الأولى

علاقة مالك الأرض بمقيم المنشآت.

إن علاقة مالك الأرض بمقيم المنشآت لم تتحدد في نص المادة 790 من ق.م.ج، لذلك ينبغي أن تنطبق عليها الحالة التي أوردها المشرع الجزائري  في الجزء المتضمن المواد 784 ، 785 ، 786 ، 787 من نفس القانون، والتي تبين الأحكام الخاصة بالباني بمواده على أرض مملوكة لغيره، وبما أنه سبق لنا تحليل ذلك في الفرع الثاني من هذا الموضوع  (50)  ، فإننا سنذكر بها بشكل  مختصر فقط، فإذا كان مقيم المنشآت سئ النية، فإن صاحب الأرض يخير بين أن يطلب ازالة  المحدثات على نفقة من أقامها، وله أن يعود على الباني أو الغارس سيء النية بما قد يصيب أرضه من ضرر، ولا مجال لإعمال قواعد الالتصاق  في هذه الحالة لأن ازالة  المحدثات يحول دون تملكها من طرف صاحب الأرض، واما أن يعلن إرادته في استبقائها، وفي هذه الحالة  يتملكها بالالتصاق  بعد أن يدفع لصاحبها أقل القيمتين، أي قيمة الأنقاض منقوصا منها مصروفات الهدم، أو مقدار ما اغتنى به صاحب الأرض بسبب ما أقيم عليها . وفي نفس المرحلة يجوز لمن أقام المحدثات أن يطلب نزعها ما لم يلحق ذلك ضررا بالأرض، دون أن ينتظر انقضاء المدة المحددة قانونا( سنة من يوم علم صاحب الأرض بإقامة منشآت على أرضه)، مما يجبر مالك الأرض منذ البداية على تحديد موقفه بقبول النزع أو إبداء الرغبة في الإستبقاء مع دفع أقل القيمتين.

اوذا كان مقيم المنشآت حسن النية، فيخير صاحب الأرض بين أن يمتلك المنشآت إعمالاً بقواعد الالتصاق  مع دفع قيمة ما زاد في قيمة الأرض بسبب المنشآت أو دفع قيمة المواد وأجرة العمل، أو أن يملك أرضه لصاحب المنشآت وذلك في حالة وجود إرهاق له بسبب قيمة المباني التي لا يستطيع دفعها نظراً لأهميتها وقيمتها التي يمكن أن تزيد عن قيمة الأرض، مما يلزم صاحب المباني بالتعويض عن الأرض بمقتضى القانون لا بمقتضى أحكام الالتصاق  لأن هذه الأخيرة تقضي بتمليك صاحب الأرض للمحدثات المقامة على أرضه وليس العكس (51)  .

الفقرة الثانية

علاقة مالك المواد بمقيم المنشآت.

إن الطبيعة التي تكتسبها المواد التي أقيمت بها المنشآت هي أموال منقولة والقاعدة في المنقولات أن الحيازة فيها تكون سنداً للملكية. ولذلك، إذا اعتبرنا أن الباني قد حاز المواد بطريقة مشروعة فهو يمتلكها ولهذا لا نستطيع أن نقول أنه قد استعمل في تشيد بناياته مواد ليست له، بل يعتبر بان بمواده على أرض غيره. لكن ماذا لو أن صاحب المباني لم يمتلك المواد وكان على علم بذلك، وقام باستعمالها في تشييد المنشآت، ثم تملكها صاحب الأرض طبقاً لقواعد الالتصاق ، مع دفع التعويض المفروض عليه حسب حسن أو سوء نية الباني. في هذه الحالة يكون لصاحب المواد الرجوع على صاحب المباني بالتعويض بقيمة المواد بالإضافة لما قد أصابه من ضرر جراء فقدانه لتلك المواد، هذا في حالة استبقاء المنشآت.

أما إذا تم نزع المنشآت، سواء بطلب من صاحب الأرض خلال سنة من إنشائها إذا كان الباني سيء النية أو من طرف صاحب المباني إذا كان حسن النية بشرط أن تكون المواد على حالتِها الأولى أو أنها لم تتلف كلياً إذ يمكن استعمالها للغرض المحددة له فإن لمالكها الأصلي أن يطالب باستردادها ما دامت كذلك وله الرجوع بالتعويض من صاحب المنشآت بما قد يكون أصاب المواد من إنقاص في قيمتها وما يكون قد أضر به من جراء فقدانه لها.

واذا تسبب ازالة  المنشآت في عدم إمكانية المحافظة على قيمة المواد أي أتلفت كلياً فما لمالكها إلا الرجوع على صاحب المباني بقيمتها والتعويض على ذلك. فكما نلاحظ، فصاحب المواد لا يمكنه أن يتملك الأرض بأي شكل من الأشكال، وبالتالي لن يكون مكتسباً للملكية أبدا على عكس صاحب المباني الذي يمكنه ذلك.

الفقرة الثالثة

علاقة صاحب المواد بصاحب الأرض.

لا توجد في الأصل علاقة مباشرة بين صاحب المواد وصاحب الأرض (52) ، ذلك أن تملك صاحب الأرض للمواد بسبب الالتصاق  يوقع على عاتقه التزام ا بتعويض الباني الذي أقام المنشآت مهما كانت نيته، أما حق صاحب المواد فينحصر في مطالبة الباني الأجنبي بتعويضه عن فقده لملكية المواد التي انتقلت إلى صاحب الأرض بسبب الالتصاق  (53) ، إضافة إلى تعويضه عما قد لحقه من ضرر بسبب ذلك، فلا يمكنه في أي حال من الأحوال أن يطلب استرداد مواده رغم ملكيته لها، وهذا ما أقرت به المادة 790 من القانون المدني الجزائري  ، وبذلك يكون صاحب الأرض مدينا للأجنبي الباني وهذا الأخير مدينا لصاحب المواد، وفي هذه الحالة نلجأ إلى إعمال أحكام المادة 189 من نفس القانون والتي تتعلق بالدعوى غير المباشرة والتي تنص على أنه: "لكل دائن ولو لم يحل أجل دينه أن يستعمل باسم مدينه جميع حقوق هذا المدين، إلا ما كان منها خاصا بشخص أو غير قابل للحجز ولا يكون استعمال الدائن لحقوق مدينه مقبولاً إلا إذا أثبت أن المدين أمسك عن استعمال هذه الحقوق، وأن هذا الإمساك من شأنه أن يسبب عسره، أو أن يزيد فيه.

ولا يجب على الدائن أن يكلف مدينه بمطالبة حقه غير أنه لابد أن يدخله في الخصام".

وتطبيقا لنص هذه المادة، يكون لصاحب المواد أن يرفع دعوى غير مباشرة ضد صاحب الأرض ويدخل الباني في الخصام قصد إلزام مدينه (صاحب الأرض) بآداء ما في ذمته تجاه الباني الأجنبي ليتمكن هو بدوره من استيفاء حقه.

لكنه، ونظرا لما تنطوي على الدعوى غير المباشرة من خطورة مزاحمة باقي الدائنين لصاحب المواد، فقد أوردت الفقرة الثانية من المادة 790 حكما يمكن بمقتضاه لمالك المواد أن يستوفي ما بقى في ذمة الأجنبي الباني مستحقا له مباشرة، وذلك بواسطة رفع دعوى مباشرة على صاحب الأرض. لكن يبقى التزام  صاحب الأرض في مواجهة صاحب المواد متعلقا بعلمه بوجود هذا الأخير، لانه إذا لم يعلم صاحب الأرض بوجوده ودفع ما عليه من تعويض للأجنبي برئت ذمته بمقدار ما دفع، أما إذا سعى صاحب المواد لإنذاره بأن له الحق في التعويض قبل الأجنبي، فلصاحب الأرض واجب عدم دفع التعويض المستحق في ذمته للأجنبي، لأن إنذاره من طرف صاحب المواد يجعله عالما بوجوده، والا اعتبر سيء النية وفي هذه الحالة لا تسري عليه حالة الإبراء من ذمته على مالك المواد الذي يتمتع بحق مطالبة صاحب الأرض بما كان عليه من تعويض للأجنبي منذ تاريخ الإنذار وذلك عن طريق رفع دعوى مباشرة كما ورد في نص المادة 790 من ق م ج. يتبين مما سبق أن صاحب المواد يملك طريقتين لاستيفاء حقه، فإما أن يلجأ إلى الدعوى غير المباشرة إذا توافرت شروطها، واما أن يرفع دعوى مباشرة ضد صاحب الأرض مستندا إلى نص المادة 790 من ق م ج، وله أن يختار بين الدعوتين، كما أن تقرير حقه في رفع الدعوى المباشرة على صاحب الأرض لا يسقط حقه في الدعوى غير المباشرة لأن هذه الأخيرة ليست احتياطية (54)  ، اونقضاء هذه الأخيرة بثبوت حق الأجنبي الباني في مواجهة صاحب الأرض لا ينقل أحقية هذا التعويض إلى صاحب المواد، بل يبقى هذا الأجنبي محتفظا بحقه (55) ، وتبقى العلاقة بين صاحب الأرض والباني هي العلاقة الأصلية (56)  .

____________________

1- الحاج ياسين جمال، الإلتصاق الصناعي دراسة مقاٍرنة ، بيروت، منشورات الحلبي الحقوقية، الطبعة الأولى، 2011 ، ص 30

2- تقابلها في التقنيات المدنية العربية الأخرى، المادة 923 من التقنين المصري، والمادة 887 من التقنين السوري التي تنص على أنه: "إذا بنى مالك الأرض على أرضه بمواد بناء غيره أو بذرها بحبوب غيره فلا يجبر على رد هذه المواد والحبوب ولكن عليه أن يدفع قيمتها لأصحابها"، والمادة 214 من قانون الملكية العقارية اللبناني التي تنص على: "إن صاحب الأرض إذا بنى عليها بمواد بناء لغيره أو بذرها بحبوب كانت لغيره لا يلزم برد هذه المواد أو هذه الحبوب، ولكن يجب أن يدفع ثمنها لأصحابها". وهذه المادة الأخيرة مطابقة تماما لنص المادة 554 من التقنين الفرنسي.

3- أنظر: كيرة حسن، الموجز في أحكام القانون المدني  الحقوق العينية الأصلية  أحكامها ومصادرها  الاسكندرية، منشأة المعارف، الطبعة الأولى، 1998 ، ص 406

4- السند الصحيح عرفته المادة 828 / 3 من القانون المدني الجزائري بأنه: "سند يصدر عن شخص لا يكون مالكا للشيء أو صاحبا للحق المراد كسبه بالتقادم ويجب إشهار السند"، وعرفه الفقهاء بأنه: ( ذلك التصرف الصادر من غير صاحب الحق والذي من شأنه نقل الحق لو أنه كان صادرا من صاحبه).

أنظر: أبو السعود )رمضان(، الوجيز في الحقوق العينية الأصلية  أحكامها ومصادرها بيروت، منشورات الحلبي الحقوقية، الطبعة الأولى، 2002 ، ص 211 .

5-  انقسم الفقه الإسلامي في حكم إقامة مالك الأرض منشآت أو غراس في أرضه بمواد مملوكة لغيره إلى اتجاهين:

الاتجاه الأول: يمثله الحنفية حيث يرون أن من بني أو غرس أو زرع في أرضه بأدوات غيره فإنه يعد غاضبا لهذه الأدوات فتصير ملكا له على أن يضمن قيمتها لصاحبها أو مثلها إذا كان لها مثل وليس لمالك الأدوات أن يطلب بنقض البناء أو قلع الغراس لاسترداد أدواته. الاتجاه الثاني: يمثله جمهور من الفقهاء وهم عدد من الحنفية والمالكية والشافعية والحنابلة، حيث يرون أن كل ما يتولد من بذر الغير وكل ما ينبت من النوى والأشياء التي يدخلها صاحب الأرض في بنائه وهي ملك الغير تعد ملكا لصاحب البذر والنوى وأدوات البناء ولا يحق لصاحب الأرض في شيء من ذلك، ولمالك الأدوات الخيار بين أن يهدم البناء حتى أدواته، أو يستبقيها على أن يأخذ القيمة أو مثلها.

أنظر في ذلك: اليعلاوي  نهاة ، الإلتصاق الصناعي بالعقار في التشريع العقاري المغربي، رسالة مقدمة لنيل ديبلوم الدراسات المعمقة في القانون المدني، كلية العلوم القانونية والإقتصادية والإجتماعية بأكدال، الرباط، جامعة محمد الخامس، 2003 ، ص 6

6-  أنظر: شنب محمد لبيب، الموجز في الحقوق العينية الأصلية، القاهرة، دار النهضة العربية، دون طبعة، 1974 ، ص 166 .

7-  أنظر: حرش (محمد)، إلتصاق المنشآت بالأرض بفعل الإنسان في القانون المدني  الجزائري، رسالة مقدمة لنيل شهادة الماجستير في القانون الخاص، جامعة بن يوسف بن خدة، الجزائر، 2010 ، ص 20 .

8- السنهوري عبد الرزاق أحمد، الوسيط في شرح القانون المدني، أسباب كسب الملكية  ج 9، بيروت، منشورات الحلبي الحقوقية، الطبعة الثالثة، 2009 ، ص 270 .

9- GOUBEAUX (G.), La règle de l’accession en droit privé, Paris, Edition juridique LGDJ, 1969, p186.

10- أنظر: السنهوري (عبد الرزاق أحمد)، الوسيط في شرح القانون المدني، ج 9، المرجع السابق، ص 274

11- أنظر: النشارجمال خليل ، الإلتصاق كسبب من أسباب كسب الملكية في الفقه الإسلامي والقانون المدني، الاسكندرية، دار الجامعة الجديدة للنشر، دون طبعة، 2001 ، ص 220 .

12- أنظر: سوار (محمد وحيد الدين)، شرح القانون المدني الأردني  الحقوق العينية الأصلية، ج 2 أسباب كسب الملكية ، عمان، دار الثقافة للنشر والتوزيع، 2001 ، ص 94

13- أنظر: قرار رقم 643997 المؤرخ في 10 / 03 / 2011 الصادر عن الغرفة العقارية للمحكمة العليا ملف رقم 210 ، المجلة القضائية، العدد 01 لسنة 2011 ، ص 687 .

14- انظر المعجم الوسيط، المقدم من مجمع اللغة العربية، جمهورية مصر العربية، مكتبة الشروق الدولية، الطبعة الرابعة، 2004 ص 966

15- النشار جمال خليل، النية وأثرها في البناء في ملك الغير، مصر، دار الجامعة الجديدة للنشر، 1999 ، ص 11 .

16-  La semaine juridique, Edition générale, N° 23, Edition juris-classeur, Juin 2001, p1109.

17-  أنظر: النشار جمال خليل ، النية وأثرها في البناء في ملك الغير، المرجع السابق، ص 213

18-  تقابل هذه المادة في التقنيات المدنية العربية، المادة 924 من القانون المدني المصري والمادة 217 من قانون الملكية العقارية اللبناني والمادة 1140 من القانون المدني الأردني. كما يقابلها نص المادة 555 من القانون المدني الفرنسي التي تنص:

" Lorsque les plantations, constructions et ouvrages ont été faits par un tiers et avec des matériaux à ce dernier, le propriétaire du fonds a le droit, sous réserve des dispositions de l’alinéa 4, soit d’en conserver la propriété, soit d’obliger le tiers à les enlever. Si le propriétaire du fonds exige la suppression des constructions, plantations et ouvrages, elle est exécutée aux frais du tiers, sans aucune indemnité pour lui ; le tiers peut, en outre, être condamné à des dommages-intérêts pour le préjudice éventuellement subi par le propriétaire du fonds.

Si le propriétaire du fonds préfère conserver la propriété des constructions, plantations et ouvrages, il doit à son choix, rembourser au tiers, soit une somme égale à celle dont le fonds a augmenté de valeur, soit le coût des matériaux et le prix de la main-d’oeuvre estimés à la date du remboursement, compte tenu de l’état dans lequel se trouvent lesdites constructions, plantations et ouvrages.

Si les plantations, constructions et ouvrages ont été faits par un tiers évincé qui n’aurait pas été condamné, en raison de sa bonne foi, à la restitution des fruits, le propriétaire ne pourra exiger la suppression desdits ouvrages, constructions et plantations, mais il aura le choix rembourser au tiers l’une ou l’autre des sommes visées à l’alinéa précédent ".

فكما نلاحظ، فالمادة 555 من التقنين المدني الفرنسي تختلف عن نظيرتها المادة 784 من القانون المدني الجزائري، حيث أعطت المادة 555 في فقراتها الثلاث الأولى، الخيار لمالك الأرض، إما باستبقاء المنشآت أو إرغام الباني على إزالتها على نفقته مع التعويض إن كان له وجه وإذا اختار مالك الأرض استبقاء المنشآت، فعليه أن يدفع لمقيم المنشآت قيمة المواد وأجرة العمل بغض النظر عن الزيادة في قيمة الأرض بسبب المنشآت، ولا مقابل للفقرة الثانية من المادة 784 من ق م ج في التقنين المدني الفرنسي، أما الفقرة الرابعة من المادة 555 فهي   تقابل الفقرة الأولى من المادة 785 من التقنين المدني الجزائري، والتي سنناقشها في الجزء الخاص بالباني حسن النية.

19- أنظر: السنهوري عبد الرزاق أحمد، الوسيط في شرح القانون المدني، ج 9، المرجع السابق، ص 28 .

20- أنظر: شنب )محمد لبيب(، المرجع السابق، ص 6

21-  أنظر: قرار رقم 207261 المؤرخ في 28 / 03 / 2001 الصادر عن الغرفة العقارية للمحكمة العليا، المجلة القضائية، العدد 2 لسنة 2001 ، ص 269 .

22-  أنظر: النشار جمال خليل، الإلتصاق كسبب من أسباب كسب الملكية في الفقه الإسلامي والقانون المدني، المرجع السابق، ص 238

23-أنظر: السنهوري عبد الرزاق أحمد  الوسيط في شرح القانون المدني، ج 9، المرجع السابق، ص 281 .

24- أنظر: اليفرني غفران بنت حسونة، دور واقعة الإلتصاق في اكتساب ملكية العقار، مذكرة لنيل شهادة الماجستير في قانون البيئة والتعمير،كلية الحقوق والعلوم السياسية، جامعة المنار، تونس، 2010 ، ص 80 .

25-  أنظر: السنهوري عبد الرزاق أحمد، الوسيط في شرح القانون المدني، ج 9، المرجع السابق، ص 284 .

26- أنظر: الصدة (عبد المنعم فرج)، الحقوق العينية الأصلية  دراسة في القانون اللبناني والقانون المصري  بيروت، دار النهضة العربية، دون طبعة، 1982 ، ص 32

27- أنظر: اليفرني (غفران بنت حسونة)، المرجع السابق، ص 90 .

28-  تقابل هذه المادة في التشريعات العربية المادة 925 من القانون المدني المصري والمادة 1141 من القانون المدني الأردني والمادة 216 من القانون الملكية العقارية اللبناني والمادة 889 من القانون المدني السوري وتقابل الفقرة الأاولى منها نص الفقرة الرابعة من المادة 555 من التقنين المدني الفرنسي.

29- أنظر: السنهوري عبد الرزاق أحمد الوسيط في شرح القانون المدني، ج 9 ، المرجع السابق، ص 294 .

30- أنظر: النشار جمال خليل، الالتصاق كسبب من أسباب كسب الملكية، المرجع السابق، ص 309 وما بعدها.

31- تنص المادة 786 من ق.م.ج على ما يلي: "إذا أقام أجنبي منشآت بمواد من عنده بعد الترخيص له من مالك الأرض فلا يجوز لمالك الأرض أن يطلب إزالة المنشآت إذا لم يوجد اتفاق في شأنها، ويجب عليه أن يدفع للغير، إذا لم يطلب هذا الأخير نزعها، إحدى القيمتين المنصوص عليهما في الفقرة الأولى من المادة 785

32- أنظر: السنهوري عبد الرزاق أحمد، الوسيط في شرح القانون المدني، ج 9، المرجع السابق، ص 304

33-أنظر: النشار جمال خليل الإلتصاق كسبب من أسباب كسب الملكية، المرجع السابق، ص 260 .

34- أنظر: السنهوري عبد الرزاق أحمد، الوسيط في شرح القانون المدني، ج 9، المرجع السابق، ص 28

35-  تقابل المادة 841 ق م ج، المادة 982 من القانون المدني المصري.

36-  أنظر: النشار جمال خليل، الإلتصاق سبب من أسباب كسب الملكية، المرجع السابق، ص 264 .

37- أنظر: الصده عبد المنعم فرج، المرجع السابق، ص 341

38-  تقابل هذه المادة نص المادة 264 من القانون المدني المصري.

39-  أنظر: السنهوري عبد الرزاق أحمد  الوسيط في شرح القانون المدني، ج 9، المرجع السابق، ص 305

40- أنظر: النشار جمال خليل ، الإلتصاق سبب من أسباب كسب الملكية، المرجع السابق، ص 26

41- أنظر: السنهوري عبد الرزاق أحمد ، الوسيط في شرح القانون المدني، ج 9، المرجع السابق، ص 304 .

42- يصطلح على الإلتصاق المؤجل باللغة الفرنسية L’accession différée

43-  يصطلح على الإلتصاق الفوري باللغة الفرنسية L’accession immédiat

44- أنظر: صافي عبد الحق، آثار حقي الإلتصاق والسطحية في مجال البناء على ضوء التشريع المغربي والمقارن، أطروحة مقدمة لنيل دكتوراه الدولة في القانون الخاص،   جامعة الحسن الثاني، كلية العلوم القانونية والإقتصادية والإجتماعية بالدار البيضاء، 1990 / 1991 ، ص 148

45-LEVIE (P.). Op. Cit, p111

 46- GOUBEAUX (G.), Op. Cit, p279.

 

47- فقد ذكر الأستاذ Gilles Goubeaux في هذا الصدد:

)Le texte ne traite que les conséquences de l’accession au moment où se règlent les rapports de parties. Le droit du propriétaire d’imposer au construction de mauvaise foi les frais de la démolition est un mode de règlement de ces rapports au même titre que le droit du constructeur à une indemnité si le propriétaire conserve les ouvrages L’article 555 ne confère pas au propriétaire du sol le choix d’acquérir ou non la propriété par accession ; mais un droit personnel de faire enlever la construction, alors qu’il en est déjà devenu propriétaire(

_ GOUBEAUX (G.), Op. Cit, note 194, p279.

 

48- تقابلها المادة 930 من القانون المدني المصري.

49-  لا مقابل لهذه الحالة في التقنين المدني الفرنسي.

50- أنظر: الفرع الثاني بعنوان: حالة إقامة مالك المواد لمنشآت على أرض غيره في الصفحة 77 من هذا البحث.

51-  وحتى قواعد الإثراء بلا سبب لا تطبق على الباني حسن النية الذي سيتملك الأرض ويعوض صاحبها الذي عجز عن تسديد تعويضات ما أحدث على أرضه، لأنه في حالة تطبيق قواعد الإثراء بلا سبب فإنه لا يمكن للمشتري أن ينقل عبء التعويض للمفتقر.

52- أنظر: كيرة حسن، المرجع السابق، ص 423 .

53- أنظر: الصده عبد المنعم فرج، المرجع السابق، ص 343

54-  أنظر: السنهوري عبد الرزاق أحمد، الوسيط في شرح القانون المدني، الإثبات، آثار الإلتزام  الجزء الثاني  بيروت، لبنان، منشورات الحلبي الحقوقية، الطبعة الثالثة الجديدة، 2009 ، ص 950 .

55- أنظر: السنهوري عبد الرزاق أحمد، الوسيط في شرح القانون المدني،ج 2، المرجع السابق، ص 970 .

56- أنظر: السنهوري عبد الرزاق أحمد، الوسيط في شرح القانون المدني ج 2، المرجع السابق، ص 97




هو قانون متميز يطبق على الاشخاص الخاصة التي ترتبط بينهما علاقات ذات طابع دولي فالقانون الدولي الخاص هو قانون متميز ،وتميزه ينبع من أنه لا يعالج سوى المشاكل المترتبة على الطابع الدولي لتلك العلاقة تاركا تنظيمها الموضوعي لأحد الدول التي ترتبط بها وهو قانون يطبق على الاشخاص الخاصة ،وهذا ما يميزه عن القانون الدولي العام الذي يطبق على الدول والمنظمات الدولية. وهؤلاء الاشخاص يرتبطون فيما بينهم بعلاقة ذات طابع دولي . والعلاقة ذات الطابع الدولي هي العلاقة التي ترتبط من خلال عناصرها بأكثر من دولة ،وبالتالي بأكثر من نظام قانوني .فعلى سبيل المثال عقد الزواج المبرم بين عراقي وفرنسية هو علاقة ذات طابع دولي لأنها ترتبط بالعراق عن طريق جنسية الزوج، وبدولة فرنسا عن طريق جنسية الزوجة.





هو مجموعة القواعد القانونية التي تنظم كيفية مباشرة السلطة التنفيذية في الدولة لوظيفتها الادارية وهو ينظم العديد من المسائل كتشكيل الجهاز الاداري للدولة (الوزارات والمصالح الحكومية) وينظم علاقة الحكومة المركزية بالإدارات والهيآت الاقليمية (كالمحافظات والمجالس البلدية) كما انه يبين كيفية الفصل في المنازعات التي تنشأ بين الدولة وبين الافراد وجهة القضاء التي تختص بها .



وهو مجموعة القواعد القانونية التي تتضمن تعريف الأفعال المجرّمة وتقسيمها لمخالفات وجنح وجرائم ووضع العقوبات المفروضة على الأفراد في حال مخالفتهم للقوانين والأنظمة والأخلاق والآداب العامة. ويتبع هذا القانون قانون الإجراءات الجزائية الذي ينظم كيفية البدء بالدعوى العامة وطرق التحقيق الشُرطي والقضائي لمعرفة الجناة واتهامهم وضمان حقوق الدفاع عن المتهمين بكل مراحل التحقيق والحكم , وينقسم الى قسمين عام وخاص .
القسم العام يتناول تحديد الاركان العامة للجريمة وتقسيماتها الى جنايات وجنح ومخالفات وكما يتناول العقوبة وكيفية توقيعها وحالات تعددها وسقوطها والتخفيف او الاعفاء منها . القسم الخاص يتناول كل جريمة على حدة مبيناً العقاب المقرر لها .






اللجنة التحضيرية للمؤتمر الحسيني الثاني عشر في جامعة بغداد تعلن مجموعة من التوصيات
السيد الصافي يزور قسم التربية والتعليم ويؤكد على دعم العملية التربوية للارتقاء بها
لمنتسبي العتبة العباسية قسم التطوير ينظم ورشة عن مهارات الاتصال والتواصل الفعال
في جامعة بغداد.. المؤتمر الحسيني الثاني عشر يشهد جلسات بحثية وحوارية