أقرأ أيضاً
التاريخ: 8-8-2019
4489
التاريخ: 8-8-2019
3819
التاريخ: 9-8-2019
6581
التاريخ: 11-8-2019
14016
|
قال تعالى : {وَمِنْهُمْ مَنْ عَاهَدَ اللَّهَ لَئِنْ آتَانَا مِنْ فَضْلِهِ لَنَصَّدَّقَنَّ وَلَنَكُونَنَّ مِنَ الصَّالِحِينَ (75) فَلَمَّا آتَاهُمْ مِنْ فَضْلِهِ بَخِلُوا بِهِ وَتَوَلَّوْا وَهُمْ مُعْرِضُونَ (76) فَأَعْقَبَهُمْ نِفَاقًا فِي قُلُوبِهِمْ إِلَى يَوْمِ يَلْقَوْنَهُ بِمَا أَخْلَفُوا اللَّهَ مَا وَعَدُوهُ وَبِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ (77) أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ سِرَّهُمْ وَنَجْوَاهُمْ وَأَنَّ اللَّهَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ} [التوبة : 75 - 78] .
تفسير مجمع البيان
- ذكر الطبرسي في تفسير هذه الآيات (1) :
ثم أخبر سبحانه عنهم ، فقال : {ومنهم} أي : من جملة المنافقين الذين تقدم ذكرهم {من عاهد الله لئن آتانا من فضله} أي : لئن أعطانا من رزقه {لنصدقن} أي : لنتصدقن على الفقراء {ولنكونن من الصالحين} بإنفاقه في طاعة الله ، وصلة الرحم ، ومؤاساة أهل الحاجة {فلما آتاهم من فضله} أي أعطاهم ما اقترحوه ، ورزقهم ما تمنوه من الأموال {بخلوا به} أي : شحت نفوسهم عن الوفاء بالعهد ، ومنعوا حق الله منه {وتولوا} عن فعل ما أمرهم الله به {وهم معرضون} عن دين الله تعالى .
{فأعقبهم نفاقا في قلوبهم} أي : فأورثهم بخلهم بما أوجبوا الله تعالى على أنفسهم النفاق في قلوبهم ، وأداهم إلى ذلك ، عن الحسن ، كأنهم حصلوا على النفاق بسبب البخل ، وهذا كمن يقول لابنه أعقبك صحبة فلان ترك التعلم . وقيل : معناه أعقبهم الله بذلك حرمان التوبة ، كما حرم إبليس ، عن مجاهد . وأراد بذلك أنه دلنا على أنه لا يتوب ، كما دلنا من حال إبليس على أنه لا يتوب ، لأنه سلب عنه قدرة التوبة {إلى يوم يلقونه} أي : يلقون جزاء البخل . فذكر البخل وأراد به جزاءه كقوله سبحانه {أعمالهم كرماد اشتدت به الريح} وعلى القول الثاني فمعناه : إلى يوم يلقون الله أي : اليوم الذي لا يملك فيه النفع والضر ، الا الله تعالى .
وهذا اخبار من الله تعالى عن هؤلاء المنافقين ، أنهم يموتون على النفاق ، وكان ذلك معجزة للنبي صلى الله عليه وآله وسلم لأنه خرج مخبره على وفق خبره {بما أخلفوا الله ما وعدوه وبما كانوا يكذبون} بين سبحانه أن هذا إنما أصابهم بفعلهم السئ ، وهو اخلافهم الوعد ، وكذبهم {ألم يعلموا} أي ألم يعلم هؤلاء المنافقون {أن الله يعلم سرهم} أي ما يخفون في أنفسهم {ونجواهم} ما يتناجون به بينهم . وهذا استفهام يراد به التوبيخ . المعنى : إنه يجب عليهم أن يعلموا ذلك {وأن الله علام الغيوب} جمع غيب : وهو كل ما غاب عن الأجسام . ومعناه يعلم كل ما غاب عن العباد ، وعن إدراكهم ، من موجود ، أو معدوم ، من كل وجه يصح أن يعلم منه ، لأن علام صيغة مبالغة وفي قوله {فأعقبهم نفاقا في قلوبهم} الآية، دلالة على أن بعض المعاصي قد يدعو إلى بعض بأنهم لما تهاونوا بأداء هذا الحق، دعاهم ذلك إلى الثبات على النفاق إلى الممات، وكذلك يدعو بعض الطاعات إلى بعض، وعلى ذلك ترتيب الشرائع، وفيه دلالة على أن الإخلاف، والخيانة، والكذب، من أخلاق أهل النفاق وقد صح في الحديث عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال : (للمنافق ثلاث علامات : إذا حدث كذب وإذا وعد أخلف وإذا ائتمن خان) .
____________________
1. تفسير مجمع البيان ، ج5 ، ص 94-95 .
تفسير الكاشف
- ذكر محمد جواد مغنيه في تفسير هذه الآيات (1) :
{ ومِنْهُمْ مَنْ عاهَدَ اللَّهً لَئِنْ آتانا مِنْ فَضْلِهِ لَنَصَّدَّقَنَّ ولَنَكُونَنَّ مِنَ الصَّالِحِينَ ، فَلَمَّا آتاهُمْ مِنْ فَضْلِهِ بَخِلُوا بِهِ وتَوَلَّوْا وهُمْ مُعْرِضُونَ } . قال أهل التفاسير :
« ان هذه الآيات نزلت في رجل من الأنصار ، اسمه ثعلبة بن حاطب ، قال لرسول اللَّه ( صلى الله عليه وآله ) : ادع اللَّه ان يرزقني مالا . فقال له : يا ثعلبة قليل تؤدي شكره خير من كثير لا تطيقه ، أما لك في رسول اللَّه أسوة حسنة ، والذي نفسي بيده لو أردت ان تسير الجبال معي ذهبا وفضة لسارت . . ولكن ثعلبة لم يقنع ، فأعاد على النبي وألح ، وقال : والذي بعثك بالحق لئن رزقني اللَّه مالا لأعطين كل ذي حق حقه . فقال النبي : اللهم ارزق ثعلبة مالا . فاتخذ ثعلبة بعض غنيمات ، فنمت كما ينمو الدود ، فضاقت عليه المدينة ، فتنحى عنها إلى واد من أوديتها ، ثم كثرت ، حتى تباعد عن المدينة وأوديتها ، وانقطع عن الجمعة والجماعة . . وبعث إليه رسول اللَّه ( صلى الله عليه وآله ) من يأخذ الزكاة منه ، فأبى وبخل وقال : ما هذه إلا أخت الجزية . فقال رسول اللَّه : يا ويح ثعلبة ، وأنزل اللَّه هذه الآيات » .
وسواء أنزلت هذه الآيات في ثعلبة ، أم في غيره فإن هذه الحادثة أو الحكاية تبين المراد من هذه الآيات بأوضح أسلوب ، وتكلمنا عما يتصل بذلك في ج 2 ص 167 ، فقرة تغير الأخلاق والأفكار عند تفسير الآية 143 من آل عمران .
{ فَأَعْقَبَهُمْ نِفاقاً فِي قُلُوبِهِمْ إِلى يَوْمِ يَلْقَوْنَهُ } . جاء في تفسير البحر المحيط :
ان الحسن وقتادة وأبا مسلم قالوا : ان فاعل أعقبهم ضمير مستتر يعود إلى البخل . .
واختار هذا الطبرسي والمراغي ، وعليه تعود الهاء في يلقونه إلى جزاء البخل ، والمعنى ان البخل أورثهم نفاقا لا يفارقهم حتى الموت ، وذكر تعالى لذلك سببين :
الأول { بِما أَخْلَفُوا اللَّهً ما وَعَدُوهُ } . والثاني { وبِما كانُوا يَكْذِبُونَ } . وهذان الوصفان أي الخلف بالوعد ، والكذب في الحديث من أخص أوصاف المنافقين ، قال الرسول الأعظم ( صلى الله عليه وآله ) : « آية المنافق ثلاث : إذا حدث كذب ، وإذا وعد أخلف ، وإذا اؤتمن خان » .
{ أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهً يَعْلَمُ سِرَّهُمْ ونَجْواهُمْ وأَنَّ اللَّهً عَلَّامُ الْغُيُوبِ } . السر ما تنطوي عليه الصدور ، والنجوى الكلام الخفي يتناجى به اثنان أو أكثر ، والغيوب جمع غيب ، وهو ما غاب عن جميع الخلق ، والمعنى كيف تجرأ هؤلاء المنافقون على إضمار الكفر ، والتناجي به ؟ . ألم يعلموا ان اللَّه مطلع على ما تخفي صدورهم وما يدور على ألسنتهم ، وانه لا تخفى عليه خافية في الأرض ولا في السماء .
___________________
1. تفسير الكاشف ، ج4 ، ص 73-74 .
تفسير الميزان
- ذكر الطباطبائي في تفسير هذه الآيات (1) :
قوله تعالى : ﴿ومنهم من عاهد الله لئن آتانا من فضله لنصدقن ولنكونن من الصالحين﴾ إلى آخر الآيتين .
الإيتاء الإعطاء ، وقد كثر إطلاق الإيتاء من الفضل على إعطاء المال ، ومن القرائن عليه في الآية قوله ﴿لنصدقن﴾ أي لنتصدقن مما آتانا من المال وكذلك ما في الآية التالية من ذكر البخل به .
والسياق يفيد أن الكلام متعرض لأمر واقع ، والروايات تدل على أن الآيات نزلت في ثعلبة في قصة سيأتي نقلها في البحث الروائي التالي إن شاء الله تعالى ، ومعنى الآيتين ظاهر .
قوله تعالى : ﴿فأعقبهم نفاقا في قلوبهم إلى يوم يلقونه﴾ الآية .
الأعقاب الإيراث قال في المجمع ، : وأعقبه وأورثه وأداه نظائر وقد يكون أعقبه بمعنى جازاه .
انتهى وهو مأخوذ من العقب ، ومعناه الإتيان بشيء عقيب شيء .
والضمير في قوله : ﴿فأعقبهم﴾ راجع إلى البخل أو إلى فعلهم الذي منه البخل ، وعلى هذا فالمراد بقوله : ﴿يوم يلقونه﴾ يوم لقاء البخل أي جزاء البخل بنحو من العناية .
ويمكن أن يرجع الضمير إليه تعالى والمراد بيوم يلقونه يوم يلقون الله وهو يوم القيامة على ما هو المعروف من كلامه تعالى من تسمية يوم القيامة بيوم لقاء الله أو يوم الموت كما هو الظاهر من قوله تعالى : ﴿من كان يرجوا لقاء الله فإن أجل الله لآت﴾ [العنكبوت : 5] .
وهذا الثاني هو الظاهر على الثاني لأن الأنسب عند الذهن أن يقال : فهم على نفاقهم إلى أن يموتوا .
دون أن يقال : فهم على نفاقهم إلى أن يبعثوا إذ لا تغير لحالهم فيما بعد الموت على أي حال .
وقوله : ﴿بما أخلفوا الله ما وعدوه وبما كانوا يكذبون﴾ الباء في الموضعين منه للسببية أي إن هذا البخل أورثهم نفاقا بما كان فيه من الخلف في الوعد والاستمرار على الكذب الموجبين لمخالفة باطنهم لظاهرهم وهو النفاق .
ومعنى الآية : فأورثهم البخل والامتناع عن إيتاء الصدقات نفاقا في قلوبهم يدوم لهم ذلك ولا يفارقهم إلى يوم موتهم وإنما صار هذا البخل والامتناع سببا لذلك لما فيه من خلف الوعد لله والملازمة والاستمرار على الكذب .
أو المعنى : جازاهم الله نفاقا في قلوبهم إلى يوم لقائه وهو يوم الموت لأنهم أخلفوه ما وعدوه وكانوا يكذبون .
وفي الآية دلالة أولا : على أن خلف الوعد وكذب الحديث من أسباب النفاق وأماراته .
وثانيا : أن من النفاق ما يعرض الإنسان بعد الإيمان كما أن من الكفر ما هو كذلك وهو الردة ، وقد قال الله سبحانه : ﴿ثم كان عاقبة الذين أساءوا السوءى أن كذبوا بآيات الله وكانوا بها يستهزءون﴾ [الروم : 10] فذكر أن الإساءة ربما أدى بالإنسان إلى تكذيب آيات الله ، والتكذيب ربما كان ظاهرا وباطنا معا وهو الكفر ، أو باطنا فحسب وهو النفاق .
قوله تعالى : ﴿ألم يعلموا أن الله يعلم سرهم ونجواهم﴾ الآية النجوى الكلام الخفي والاستفهام للتوبيخ والتأنيب .
____________________
1 . تفسير الميزان ، ج9 ، ص 292-293 .
تفسير الأمثل
- ذكر الشيخ ناصر مكارم الشيرازي في تفسير هذه الآيات (1) :
المنافقون وقلّة الاستيعاب :
هذه الآيات في الحقيقة تضع إصبعها على صفة أخرى من صفات المنافقين السيّئة ، وهي أنّ هؤلاء إذا مسّهم البؤس والفقر والمسكنة عزفوا على وتر الإسلام بشكل لا يصدق معه أحد أنّ هؤلاء يمكن أن يكونوا يوما من جملة المنافقين ، بل ربّما ذمّوا ولاموا الذين يمتلكون الثروات والقدرات الواسعة على عدم استثمارها في خدمة المحرومين ومساعدة المحتاجين !
إلّا أنّ هؤلاء أنفسهم ، إذا تحسّن وضعهم المادي فإنّهم سينسون كل عهودهم ومواثيقهم مع اللّه والناس ، ويغرقون في حبّ الدنيا ، وربّما تغيّرت كل معالم شخصياتهم ، ويبدؤون بالتفكير بصورة أخرى وبمنظار مختلف تماما ، وهكذا يؤدي ضعف النفس هذا إلى حبّ الدنيا والبخل وعدم الإنفاق وبالتالي يكرّس روح النفاق فيهم بشكل يوصد أمامهم أبواب الرجوع إلى الحق .
فالآية الأولى تتحدث عن بعض المنافقين الذين عاهدون اللّه على البذل والعطاء لخدمة عباده إذا ما أعطاهم اللّه المال الوفير {ومِنْهُمْ مَنْ عاهَدَ اللَّهَ لَئِنْ آتانا مِنْ فَضْلِهِ لَنَصَّدَّقَنَّ ولَنَكُونَنَّ مِنَ الصَّالِحِينَ} .
إلّا أنّهم يؤكّدون هذه الكلمات والوعود ما دامت أيديهم خالية من الأموال {فَلَمَّا آتاهُمْ مِنْ فَضْلِهِ بَخِلُوا بِهِ وتَوَلَّوْا وهُمْ مُعْرِضُونَ} غير أن عملهم هذا ومخالفتهم للعهود التي قطعوها على أنفسهم بذرت روح النفاق في قلوبهم وسيبقى إلى يوم القيامة متمكنا منهم {فَأَعْقَبَهُمْ نِفاقاً فِي قُلُوبِهِمْ إِلى يَوْمِ يَلْقَوْنَهُ} وإنّما استحقوا هذه العاقبة السيئة غير المحمودة {بِما أَخْلَفُوا اللَّهَ ما وَعَدُوهُ وبِما كانُوا يَكْذِبُونَ} .
وفي النهاية وبّخت الآية هؤلاء النفر ولامتهم على النوايا السيئة التي يضمرونها ، وعلى انحرافهم عن الصراط المستقيم ، واستفهمت بأنّهم {أَ لَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ سِرَّهُمْ ونَجْواهُمْ وأَنَّ اللَّهَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ} .
______________________
1. تفسير الأمثل ، ج5 ، ص 300-301 .
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
المجمع العلمي ينظّم ندوة حوارية حول مفهوم العولمة الرقمية في بابل
|
|
|