أقرأ أيضاً
التاريخ: 4-03-2015
3077
التاريخ: 7-4-2016
2934
التاريخ: 6-4-2016
3170
التاريخ: 5-03-2015
5865
|
أحدثت ثورة الحسين تغييراً شاملاً في المجتمع الإسلامي، قلبت الأوضاع وحرّضت الرأي العام ضدّ الحكم الأموي، وتسببت في حدوث انتفاضات وثورات كبيرة متوالية، مثل : ثورة التوّابين، ثورة أهل المدينة، ثورة المختار الثقفي، وانتفاضة زيد بن علي، وانتفاضات كبيرة أُخرى; بينما لو كانت هذه الثورة تحدث في عهد الإمام الحسن و على يديه، لما كان لها مثل هذه الثمار والنتائج.
وفي الواقع انّ الحسين بن علي (عليمها السَّلام) قد اتّبع منهج أخيه القدير، لأنّ الإمام الحسن قد تحمّل الكثير ـ و بكل شهامة ـ من الإشكاليات و الشبهات التي كان يثيرها سطحيو التفكير المتهوّرون، وهيّأ بتوقيعه على معاهدة الصلح وانطلاقاً من فهمه للواقع الذي عاش فيه أرضية الثورة بالتدريج وأعد الأذهان والرأي العام، وإذا ما تمهّدت الأرضية تماماً انطلق الحسين بن علي بثورة على مركز الفساد.
وممّا يجب الالتفات إليه وفضلاً عن التغاير الموجود بين عصر الإمام الحسن وعصر الإمام الحسين كما تقدّم الحديث عنه هو الاختلاف الهام بين مستوى أصحاب هذين الإمامين أيضاً.
فقد لاحظنا في الصفحات السابقة انّ جيش الإمام الحسن كان يضطرب بمجرد سماع شائعة واحدة وينثال جماعة على خيمته ينهبونها حتى البساط الذي تحت قدميه، ولاحظنا انّ أُولئك الذين أرادوا أن يقاتلوا جيش الشام مع الإمام ويضحّوا بأرواحهم في سبيل ذلك هم أنفسهم أحدثوا الفتن والبلابل وتركوا الإمام وحيداً .
فلنقارن بينهم و بين أصحاب الحسين الذين قالوا يوم عاشوراء :واللّه لو نعلم انّنا نقتل فيك ثمّ نحيا ثمّ نحرق ونذرّى، يفعل بنا ذلك سبعين مرة ما فارقناك حتى نلقى حمامنا دونك، فكيف وإنّما هي قتلة واحدة وتلك هي الشهادة ثمّ ننال الكرامة التي لا انقضاء لها.
نعم بهذا النوع من الرجال يمكن أن نلقي شرراً من الحماس باسم الشهادة في تاريخ الإنسان ونحدث صدى في كبد السماء اسمه عاشوراء لا مع قوم لا نصر معهم ولا شهادة بل يسلمون المرء مكتوفاً إلى الأعداء وحينئذ لن يبقى غير ذل الأسر ليس إلاّ، ولهذا غيّر الإمام الحسن صعيد الكفاح.
وبعبارة أُخرى غيّر الساحة لا الجهة كمن يصلّي على مركب وهو يتجه نحو القبلة فعندما يستبدل هذا المركب بمركب آخر فانّه يغير مكانه لا جهته وهي القبلة.
وقبلة رجال الحقّ هي مقاتلة الباطل دائماً سواء كان هذا القتال في ساحة كربلاء أو في أزقة وأحياء الكوفة ومسجد المدينة أو سجن بغداد.
فقد انصب قتال الإمام الحسن على معاوية الذي كان أكبر حاجز أمام نشر الحقّ والعدالة في تلك الفترة تارة على شكل إعداد الجيوش، وأُخرى في إطار قبول الصلح والهدنة وجهان لرسالة واحدة.
كتب العلاّمة المجاهد المرحوم «السيد شرف الدين العاملي» في المقدمة التي كتبها لكتاب «صلح الحسن» القيّم تأليف العالم البحّاثة الكبير «الشيخ راضي آل ياسين»: وكان أهمّ ما يرمي إليه سلام اللّه عليه أن يرفع اللثام عن هؤلاء الطغاة ليحول بينهم و بين ما يبيّتون لرسالة جده من الكيد، وقد تم له كلّ ما أراد حتى برح الخفاء وآذن أمر الأموية بالجلاء والحمد للّه ربّ العالمين.
وبهذا استتب لصنوه سيد الشهداء أن يثور ثورته التي أوضح اللّه بها الكتاب وجعله فيها عبرة لأُولى الألباب، وقد كانا (عليمها السَّلام) وجهين لرسالة واحدة، كلّ وجه منهما في موضعه منها وفي زمانه من مراحلها يكافئ الآخر في النهوض بأعبائها ويوازنه بالتضحية في سبيلها.
فالحسن لم يبخل بنفسه، ولم يكن الحسين أسخى منه بها في سبيل اللّه ، وإنّما صان نفسه يجندها في جهاد صامت، فلمّا حان الوقت كانت شهادة كربلاء شهادة حسنية، قبل أن تكون حسينية.
كان يوم ساباط أعرق بمعاني التضحية من يوم الطف لدى أُولي الألباب ممّن تعمّق، لأنّ الحسن (عليه السلام) أُعطي من البطولة دور الصابر على احتمال المكاره في صورة مستكين قاعد، وكانت شهادة الطف حسنية أوّلاً وحسينية ثانياً، لأنّ الحسن أنضج نتائجها ومهّد أسبابها.
كان نصر الحسن الدامي موقوفاً على جلو الحقيقة التي جلاها لأخيه الحسين بصبره وحكمته، وبجلوها انتصر الحسين نصره العزيز وفتح اللّه له فتحه المبين، وكانا (عليمها السَّلام) كأنّهما متفقان على تصميم الخطة أن يكون للحسن دور الصابر الحكيم وللحسين دور الثائر الكريم، لتتألّف من الدورين خطة كاملة ذات غرض واحد، وقد وقف الناس بعد ساباط والطف يمعنون في الأحداث فيرون في هؤلاء الأمويين عصبة جاهلية منكرة.... ونظراً إلى هذه الحقائق يمكن القول بأنّه لو كان الإمام الحسين في نفس الظروف التاريخية لأخيه الكريم الإمام الحسن لكان يقوم بنفس ما قام به، ولو كان الإمام الحسن في عصر الحسين وظروفه لكان ينتهج نفس نهجه، لأنّ هذين الإمامين الكبيرين أدى كلّ منهما رسالته التاريخية وفقاً لظروفه التاريخية والزمنية الخاصة به، وقد قال النبي (صلَّى الله عليه وآله) وهو يتوقع هذه الأحداث والإشكاليات حول ابنيه العظيمين: «الحسن والحسين إمامان قاما أو قعدا».
|
|
"عادة ليلية" قد تكون المفتاح للوقاية من الخرف
|
|
|
|
|
ممتص الصدمات: طريقة عمله وأهميته وأبرز علامات تلفه
|
|
|
|
|
المجمع العلمي للقرآن الكريم يقيم جلسة حوارية لطلبة جامعة الكوفة
|
|
|