المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المراقبة
2024-11-24
المشارطة
2024-11-24
الحديث المرسل والمنقطع والمعضل.
2024-11-24
اتّصال السند.
2024-11-24
ما يجب توفّره في الراوي للحكم بصحّة السند (خلاصة).
2024-11-24
من هم المحسنين؟
2024-11-23

سِجِلُّ الرطوبة (هيجروجرام) hygrogram
16-3-2020
structural (adj.)
2023-11-22
معنى كلمة دأب
30-12-2021
عجائب سورة الإخلاص‏
26-01-2015
 البحث حول الأقوال في اعتبار المراسيل‌.
2023-07-27
لماذا يرفض الشيعة صلاة التراويح؟ وكثير من صلوات السنّة؟
2023-10-17


إمكانية اللجوء إلى تطبيق نظام تسليم المجرمين في مجال الإجرام المنظم  
  
1841   01:35 صباحاً   التاريخ: 1-7-2019
المؤلف : عباسي محمد الحبيب
الكتاب أو المصدر : الجريمة المنظمة العابرة للحدود
الجزء والصفحة : ص622-632
القسم : القانون / القانون العام / المجموعة الجنائية / قانون العقوبات / قانون العقوبات العام /

رغم أهمية نظام تسليم المجرمين في مكافحة الإجرام إلا أن تطبيقه يتطلب مراعاة عدة اعتبارات، سواء فيما يتعلق  بمصالح الدول وسيادتها، أو فيما يتعلق بمصالح الشخص محل المتابعة أو المراد تنفيذ حكم الإدانة ضده.

وعلى هذا الأساس، لا يمكن أن تشكل خطورة الجريمة المنظمة العابرة للحدود سببا في اللجوء إلى تطبيق نظام تسليم المجرمين بصورة آلية، فلابد من توافر الشروط التي تجيز ذلك، مع عدم وجود حالة من الحالات التي تؤدي إلى امتناع التسليم.

وقد أشارت اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الجريمة المنظمة العابرة للحدود إلى أن :" يكون تسليم المجرمين خاضعا للشروط التي ينص عليها القانون الداخلي للدولة الطرف متلقية الطلب أو معاهدات تسليم المجرمين المنطبقة، بما في ذلك الشرط المتعلق بالحد الأدنى للعقوبة المسوغة للتسليم والأسباب التي يجوز للدولة الطرف متلقية الطلب أن تستند  إليها في رفض التسليم.." (1)

أولا: شروط تطبيق نظام تسليم المجرمين في مجال الإجرام المنظم.

يقتضي تطبيق نظام تسليم المجرمين في مجال الإجرام المنظم، كغيره من مجالات الإجرام الأخرى، توفر مجموعة من الشروط، سواء تعلق التسليم بمتهم في ارتكاب جريمة أو بمحكوم عليه استنادا إلى حكم قضائي جزائي قاضي بالإدانة.

في هذا السياق تكاد تتفق التشريعات الوطنية والدولية حول الشروط التي يتعين توافرها للجوء إلى تنفيذ الطلبات المتعلقة بتسليم المجرمين، مع وجود بعض الخصوصية والتي ترجع إلى طبيعة العلاقات السياسية التي تجمع الدول فيما بينها.

ويمكن إجمال الشروط المتعلقة بنظام تسليم المجرمين في مجال الجريمة المنظمة العابرة للحدود فيما يلي:

أ- مبدأ ازدواجية التجريم.

يعد شرط ازدواجية التجريم إحدى أهم مبادئ النظام القانوني لتسليم المجرمين وهو بهذه الخاصية يفرض عدم الخروج عليه، سواء على مستوى التشريعات الدولية أو على صعيد التشريعات الوطنية(2)، وهو بذلك قيد يرد على تطبيق هذا الإجراء بالنسبة للدولة الطالبة والدولة المطلوب منها(3) .

ويقصد بمبدأ ازدواجية التجريم أن يكون الفعل المرتكب من قبل الشخص الهارب والذي  يمثل سبب التسليم مجرما في كل من قانون الدولة الطالبة والدولة المطلوب منها التسليم (4) .

الواضح من خلال التعريف السابق أن اشتراط مبدأ ازدواجية التجريم لتطبيق نظام تسليم المجرمين، من شأنه أن يضمن احترام سيادة الدول وتحقيق محاكمة عادلة من خلال ضمان حقوق وحريات الشخص المطلوب تسليمه.

لكن اشتراط ازدواجية التجريم لا يعني التماثل في التكييف القانوني، إذ يكتفى في ذلك أن يكون الفعل المرتكب خاضعا لسلطان القانون الجزائي، في كلي الدولتين، وهذا الشرط ما هو في حقيقة الأمر إلا تطبيق من تطبيقات مبدأ لا جريمة ولا عقوبة إلا بمقتضى نص تشريعي، المحدد لسريان القانون الجزائي.

وبالرجوع إلى المعاهدة النموذجية للتسليم، نجدها قد نصت على شرط ازدواجية التجريم، دون أن تشترط وحدة الوصف أو التكييف في ذلك، بل أجازت اللجوء إلى التسليم حتى ولو اختلفت قوانين الدولتين الطالبة والمطلوبة في بيان العناصر المكونة للجرم، مادام  أن مجموع الأفعال المجرمة، كما تعرضها الدولة الطالبة، هي التي تأخذ في الاعتبار (5) .

وتطبيقا لذلك، يمكن القول بأن العبرة في مبدأ ازدواجية التجريم هو الفعل وليس الوصف الجزائي، ومن ثمة فإنه يحق للدولة المطلوب منها التسليم أن تتحقق من توافر هذا المبدأ، ولكن ليس لها في ذلك أن تفحص مدى صحة التكييف المنصوص عليه في قانون الدولة الطالبة ولا أن تتعرف على حقيقة الأدلة المستعملة ضد المتهم أو التي صدر حكم  الإدانة بناء عليها(6) وقد أكدت اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الجريمة المنظمة العابرة للحدود على مبدأ ازدواج التج ريم كشرط لتسليم المجرمين، وذلك عندما نصت على أن المادة المتعلقة بهذا  النظام تطبق " شريطة أن يكون الجرم الذي يلتمس بشأنه التسليم معاقبا عليه بمقتضى  القانون الداخلي لكل من الدولة الطرف الطالبة والدولة الطرف متلقية الطلب " (7)

ومما لا شك فيه أن اختلاف التشريعات الجزائية للدول، يترتب عليه الاختلاف والتضارب من حيث التجريم، وهو ما يؤثر على المكافحة الفعالة للجريمة المنظمة العابرة للحدود عن طريق تعطيل التعاون الدولي، وبالتالي عدم جواز اللجوء إلى تطبيق إجراء تسليم  المجرمين، ومثال ذلك أن تكون الدولة طالبة التسليم تعاقب على فعل تكوين جماعة إجرامية منظمة تتألف من عنصرين، بينما في الدولة المطلوب منها لا تقوم هذه الجريمة إلا إذا كانت الجماعة تتألف من ثلاث أشخاص فأكثر، وبالتالي لا يطبق التسليم في هذه الحالة إذا كان عدد أعضاء الجماعة اثنين فقط.

وعلى هذا الأساس ينبغي على الدولة أن تسعى فيما بينها من أجل توحيد النصوص الجزائية المتعلقة بالجريمة المنظمة العابرة للحدود، بشكل يسمح بالانسجام بينها من حيث التجريم، وبالتالي التطبيق السليم واليسير لنظام تسليم المجرمين.

ب- الجرائم التي يجوز فيها التسليم.

نظرا لصعوبة نظام تسليم المجرمين وتعقيداته، فإنه يشترط أن تكون الجريمة على قدر من الجسامة حتى تكون محلا لتطبيقه(8)، ذلك أن الجرائم التافهة لا تستلزم بالضرورة تسخير جهد كبير في مكافحتها.

وتختلف الاتفاقيات الدولية والتشريعات الوطنية فيما بينها في الأسلوب المنتهج في تحديد الجرائم التي يجوز فيها التسليم، والأصل أن يتم ذلك بتبيين الحد الأدنى للعقوبة المقررة بحيث إذا تجاوزت العقوبة في جرائم معينة حدا أدنى كان التسليم جائزا، أما إذا كان الحد الأدنى أقل فإن التسليم يصير محظورا.

يحقق إتباع أسلوب الحد الأدنى للعقوبة المقررة في الجرائم التي يجوز بموجبها التسليم أهمية بالغة، فهو يؤدي إلى تفادي ما قد ينجم من اختلاف تشريعي بين الدولة الطالبة  والدولة المطلوب منها التسليم بشأن التكييف القانوني للجريمة موضوع التسليم(9) .

كما قد يلجأ في تحديد الجرائم التي يجوز فيها التسليم إلى اعتماد أسلوب القائمة الحصرية، بحيث يتم تعداد الجرائم التي يجوز فيها التسليم ويستبعد فيها سواها، ولا شك أن هذا الأسلوب يتسم بالبساطة في تفعيل نظام التسليم في أنشطة إجرامية معينة، غير أنه  يحول دون مكافحة الظواهر الإجرامية الجديدة والمستحدثة التي لم يشملها التحديد (10) بالرجوع إلى اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الجريمة المنظمة عبر الوطنية، نجدها قد اتبعت، كأصل عام، أسلوب القائمة الحصرية، حيث نصت على سريان نظام تسليم المجرمين على الجرائم التي شملتها وهي المشاركة في جماعة إجرامية منظمة، تبييض الأموال، الفساد وعرقلة سير العدالة، كما نصت على سريان هذا النظام على الحالات التي تنطوي على ضلوع جماعة إجرامية منظمة في ارتكاب جرم خطير ذا طابع عبر وطني (11) وتكون الجريمة خطيرة متى كان يعاقب عليها بالحرمان التام من الحرية لمدة لا تقل عن  أربع ( 04 ) سنوات أو بعقوبة أشد(12) .

كما أن الاتفاقيات الدولية المتعلقة بالأنشطة الإجرامية التي يمكن أن تكون محلا لجريمة منظمة عابرة للحدود، نصت على ضرورة اللجوء إلى تسليم المجرمين إذا تعلق الأمر بالجريمة التي تشملها، كما هو الحال اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الاتجار غير المشروع في المخدرات، حيث أوجبت هذه الاتفاقية على الدول الأطراف تسليم المجرمين إذا تعلق الأمر بارتكاب واحدة من جرائم المخدرات( 13)، وكذلك اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد التي أجازت تطبيق نظام تسليم المجرمين بالنسبة للجرائم المشمولة بهذه الاتفاقية، حتى ولو  يكن قانون الدولة المطلوب منها التسليم يعاقب على هذه الأفعال(14).

وبخصوص الجزائر فإن معظم الاتفاقيات الثنائية التي أبرمتها مع بعض الدول في مجال تسليم المجرمين، اتبعت فيها أسلوب الحد الأدنى في الجرائم التي يجوز فيها التسليم بتحديدها في الأفعال المعاقب عليها بعقوبة الحبس أو السجن لمدة لا تقل عن سنة أو بعقوبة أشد( 15)، وهو ذات الحكم الوارد في الاتفاقية النموذجية لتسليم المجرمين(16)

إضافة إلى ذلك قد يتعلق طلب التسليم بعدة جرائم  منفصلة، ويكون بعضها داخلا في نطاق الجرائم  التي يجوز فيها التسليم، والبعض الآخر خارج هذا النطاق، فيمكن أن يمتد  التسليم ليشمل حتى هذه الجرائم  الأخيرة (17) .

أما إذا تعلق التسليم بتنفيذ حكم قاضي بالإدانة، فإنه يمكن أن تحدد شروط إضافية  لإعمال نظام تسليم المجرمين، كاشتراط أن لا تقل المدة المتبقية عن مدة معينة(18) .

ج- الاختصاص بطلب تسليم المجرمين.

يشترط القانون الجزائري من أجل إعمال نظام تسليم المجرمين أن تكون الدولة الطالبة مختصة بالنظر في الجريمة محل الطلب، ويستشف ذلك من خلال اشتراط أن يكون التسليم إلى دولة قد اتخذت في شأن الشخص المسلم إجراءات المتابعة أو حكم عليه فيها(19) .

ففي مجال الجريمة المنظمة العابرة للحدود، يمكن أن تكون دولة مختصة بالنظر في هذه الجريمة بسبب أن عنصر من عناصر هذه الجريمة يدخل في اختصاصها القضائي الممارس طبقا للمبادئ المنصوص عليها في قانونها الداخلي المحددة للاختصاص، ففي هذه الحالة تكون متمتعة بالحق في طلب تسليم المجرمين، سواء كانت في مرحلة المتابعة أو المحاكمة أو في مرحلة ما بعد المحاكمة والمتعلق بتنفيذ حكم الإدانة.

إضافة إلى ذلك حدد القانون الجزائري الحالات التي يجوز فيها تنفيذ طلب تسليم المجرمين، ولو كانت الدولة الطالبة مختصة وفقا لقانونها الداخلي، وتتمثل هذه الحالات فيما يلي:

- ارتكاب الجريمة موضوع الطلب على أراضي الدولة الطالبة من أحد رعاياها أو من أحد الأجانب؛

- ارتكاب هذه الجريمة خارج أراضي هذه الدولة الطالبة من أحد رعاياها؛

- ارتكاب هذه الجريمة خارج أراضي هذه الدولة من أحد الأجانب، شريطة أن تكون من عداد الجرائم  التي يجيز القانون الجزائري المتابعة فيها ولو ارتكبت من أجنبي في الخارج(20) .

وهذه الحالة تتعلق بتطبيق مبدأ الشخصية كمحدد لنطاق سريان النص الجزائي.

ثانيا: حالات أو أسباب رفض التسليم.

أحالت اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الجريمة المنظمة عبر الوطنية إلى القانون الداخلي للدولة متلقية الطلب وٕالى الاتفاقات أو الترتيبات المتعلقة بتسليم المجرمين السارية بين الدولتين، مسألة تحديد الحالات أو الأسباب التي يتم فيها رفض التسليم.

وهذه الحالات أو الأسباب تكاد تتفق الدول حولها، ويمكن إرجاع الأسباب التي تؤدي إلى حظر التسليم في مجال الجريمة المنظمة العابرة للحدود إلى ما يلي:

أ- حظر تسليم رعايا الدولة المطلوب منها التسليم.

تكاد تتفق الاتفاقيات الدولية والتشريعات الوطنية على أن اعتبار الشخص المطلوب تسليمه من رعايا الدولة المطلوب منها التسليم، بحمل جنسيتها يشكل سببا جديا لرفض .( التسليم، والعبرة في ذلك بوقت ارتكاب أو اقتراف الجريمة محل الطلب(21) ويعد حظر تسليم رعايا الدولة المطلوب منها التسليم، سببا عاديا وطبيعيا في رفض التسليم، فهو مبرر بحق الدولة في حماية رعاياها والذي يعد وجها من أوجه السيادة، وكذلك  مبدأ الحيطة والحذر من عدالة قضاء الدولة الأجنبية تجاه رعاياها(22) .

والواقع أن إعمال مبدأ حظر تسليم المجرمين في هذه الحالة أصبح لا يتلاءم مع  مقتضيات مكافحة الجريمة المنظمة العابرة للحدود، التي تستدعي في بعض الأحيان إعلاء حكم العدالة وفعالية المحاكمة على اعتبارات السيادة، فهو يضعف من السياسة الجزائية  المتبعة على الصعيدين الدولي والوطني في مكافحة هذه الجريمة، ويؤدي إلى الانتقاص من حق الدولة التي ارتكبت فيها الجريمة أو التي تم المساس بمصالحها، في معاقبة الجاني  إضافة إلى أنه يعطل أحكام التعاون القضائي في مجال تسليم المجرمين(23) .

ومن أجل التخفيف من حدة أو وطأة مبدأ حظر تسليم المجرمين بسبب أن الشخص المتابع المراد تسليمه هو أحد رعايا الدولة المطلوب منها ذلك، ألزمت اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الجريمة المنظمة عبر الوطنية، هذه الدولة، في حالة رفض التسليم أن تقوم دون إبطاء لا مبرر له بإحالة هذا الشخص المتهم إلى الجهة القضائية المختصة قصد ملاحقته مع ضرورة أن تتعاون مع الدولة الطالبة، خصوصا في الجوانب الإجرائية المتعلقة بالأدلة وذلك من أجل ضمان فعالية تلك الملاحقة(24) .

كما أنه إذا تعلق الرفض في هذه الحالة بشخص مدان، فقد ألزمت الاتفاقية السابقة  الدولة متلقية الطلب، بناء على طلب من الدولة الطالبة، أن تنظر في تنفيذ حكم الإدانة أو تنفيذ ما تبقى من العقوبة المحكوم بها، وذلك وفقا لقانونها الداخلي(25) .

والواضح مما سبق أن إلزام الدولة متلقية الطلب، في حالة رفض تسليم الشخص المطلوب، بمحاكمة هذا الأخير أو إخضاعه لتنفيذ العقوبة، على حسب الحالة، من شأنه أن يخفف من الآثار السلبية لمبدأ حظر تسليم الرعايا، ويساهم في عدم إفلات الجناة من العقاب.

ب- حظر تسليم المجرمين المرتبط بالاختصاص القضائي.

على الرغم من أهمية مكافحة الجريمة المنظمة العابرة للحدود، إلا أن ذلك لا يشكل سببا في انتهاك سيادة الدول، وهذا ما نصت عليه صراحة الاتفاقية المتعلقة بمكافحة هذه  الجريمة تحت عنوان " صون السيادة " على أنه:

"- تؤدي الدول الأطراف التزاماتها بمقتضى هذه الاتفاقية على نحو يتفق مع مبدأي المساواة في السيادة والسلامة الإقليمية للدول، ومع مبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى.

- ليس في هذه الاتفاقية ما يبيح لدولة طرف أن تقوم في إقليم دولة أخرى بممارسة الولاية القضائية وأداء الوظائف التي يناط أداؤها حصرا بسلطات تلك الدولة الأخرى بمقتضى قانونها الداخلي " (26) .

تطبيقا لذلك، ليس هناك ما يلزم الدولة على التنازل عن اختصاصها القضائي بالنظر في جريمة معينة لفائدة دولة أخرى، وذلك بسبب تساوي الدول في مبدأ السيادة.  وعلى هذا الأساس إذا تعلق طلب تسليم شخص معين، بجرم يدخل في الاختصاص القضائي للدولة الطالبة، فإن ذلك يجيز لها رفض هذا الطلب(27)، وذلك بصرف النظر عن ضابط الإسناد، لأن الحظر شامل لتوافر الولاية القضائية، حتى ولو كان استنادا لمعياري الاختصاص الشخصي أو الاختصاص العيني(28) .

ولا يتعلق حظر التسليم المرتبط بالاختصاص القضائي، بحالة كون الدولة المطلوب منها التسليم مختصة، بل يشمل حتى الحالة التي تكون فيها الدولة الطالبة غير مختصة وهذا ما نص عليه صراحة التشريع الفرنسي، إذ اعتبر بأن التسليم غير جائز إلا إذا كانت  الجريمة سبب التسليم مشمولة باختصاص الدولة الطالبة(29).

ويعد مبدأ الحظر في هذه الحالة من الأمور المتعارف عليها والتي من شأنها أن تضمن تحقيق مبدأ الشرعية، إذ ليس من المنطق والعدل أن يسلم شخص إلى دولة من أجل محاكمته أو تنفيذ العقوبة الصادرة ضده، وهي في الأصل غير مختصة بملاحقة الجرم  المنسوب إلى هذا الشخص(30) .

ج- الحظر المتعلق بانقضاء الحق.

يستند طلب تسليم المجرمين إلى سند قانوني يجيز متابعة هذا الشخص أو تنفيذ الحكم ضده، على حسب الأحوال، وبالتالي فإذا زال هذا السند أصبح الطلب غير مؤسس قانونا  ويزول هذا السند بتوافر سبب من أسباب انقضاء الدعوى العمومية أو انقضاء العقوبة.

وعلى هذا الأساس إذا صدر عفو شامل في الدولة المطلوب منها التسليم أو في الدولة الطالبة فإن ذلك يشكل سببا لرفض طلب تسليم المجرمين( 31)، ونفس الشيء في حالة سبق الفصل بأن صدر ضد الشخص المطلوب تسليمه حكم، وأدين بسبب نفس الجريمة التي  طلب من أجلها التسليم(32) .

ويضاف إلى ذلك حالة تقادم الدعوى العمومية أو العقوبة حسب تشريع الدولة الطالبة أو الدولة المطلوب منها التسليم، ولكن هذه الحالة لا مجال لتطبيقها في نطاق الجريمة  المنظمة العابرة للحدود، ذلك أن الدع وى العمومية المتعلقة بها لا تنقضي بالتقادم(33) .

د- حظر التسليم المرتبط باعتبارات إنسانية.

تضيف بعض الاتفاقيات الدولية والتشريعات الوطنية حالات لا يجوز فيها التسليم استنادا إلى اعتبارات إنسانية، كما هو الحال في حالة عدم توافر أو كفاية الضمانات المتعلقة بحقوق الإنسان، ومثال ذلك تعراض الشخص المطلوب تسليمه أو احتمال تعرضه في الدولة الطالبة للتعذيب، أو لمعاملة قاسية أو لا إنسانية أو مهينة، أو إذا كان لم يتوفر أو لن يتوفر لذلك الشخص الحد الأدنى من الضمانات في الإجراءات الجزائية على النحو المبين في العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية(34) .

كما أنه يمكن أن يمتد هذا الحظر ليشمل حالة ما إذا كان طلب التسليم قائما على تمييز بسبب عرق الشخص المطلوب تسليمه أو جنسه أو دينه أو جنسيته أو آرائه السياسية   أو أن وضعه يعرضه للضرر لأي سبب من الأسباب(35) .

___________________

1- المادة 16 ف 7 من اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الجريمة المنظمة عبر الوطنية.

2- سليمان عبد المنعم، الجوانب الإشكالية في النظام القانوني لتسليم المجرمين، دراسة مقارنة، دار  الجامعة الجديدة الإسكندرية مصر، سنة 2007. ص 131 .

3- أحمد البدري، دور الشرطة في مكافحة جريمة غسل الأموال، الطبعة الأولى ، دار النهضة العربية  القاهرة مصر، سنة 2012 ص 309

4- دهام أكرم عمر، جريمة الاتجار بالبشر، دراسة مقارنة، دار الكتب القانونية، مصر، سنة 2011 ص 231 .

5-  أنظر المادة 2 ف 2 من الاتفاقية النموذجية لتسليم المجرمين.

6- سليمان عبد المنعم، الجوانب الإشكالية في النظام القانوني لتسليم المجرمين، مرجع سابق. ص 142 و 143 .

7-  المادة 16 ف 1 من اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الجريمة المنظمة عبر الوطنية.

8- منتصر سعيد حمودة، المنظمة الدولية للشرطة الجنائية، الإنتربول، ط الثانية، دار الفكر الجامعي  الإسكندرية مصر، سنة 2013 ص 203 .

9-  أكرم دهام عمر، مرجع سابق. ص 233

10- سليمان عبد المنعم، الجوانب الإشكالية في النظام القانوني لتسليم المجرمين، مرجع سابق. ص 131 وما يليها.

11- أنظر المادة 16 ف 1 من اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الجريمة المنظمة عبر الوطنية.

12- أنظر المادة 2 مط (ج) من الاتفاقية نفسها.

13- أنظر المادة 6 من اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الاتجار غير المشروع في المخدرات والمؤثرات العقلية.

14- أنظر المادة 44 من اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد.

15- من أمثلة ذلك أنظر:

- المادة 2 من اتفاقية تسليم المجرمين بين الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية وجمهورية الصين الشعبية، مرجع سابق. ص 10

- المادة 2 من اتفاقية تسليم المجرمين بين حكومة الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية وحكومة الجمهورية الإيطالية، مرجع سابق. ص 11

16-  أنظر المادة 2 من الاتفاقية النموذجية لتسليم المجرمين.

17- أنظر في ذلك: 

- المادة 16 ف 2 من اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الجريمة المنظمة عبر الوطنية.

- المادة 2 ف 3 من اتفاقية تسليم المجرمين بين حكومة الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية وحكومة الجمهورية الإيطالية.

- المادة 2 ف 3 من اتفاقية تسليم المجرمين بين الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية وجمهورية الصين الشعبية.

18- تشترط اتفاقية تسليم المجرمين الموقعة بين الجزائر وٕايطاليا في المادة 2 ف 2 منها وكذلك تلك الموقعة بين الجزائر  وجمهورية الصين حسب المادة 2 ف 1 على ضرورة أن تكون المدة الإجمالية للعقوبة الواجب قضاؤها لا تقل عن ستة  أشهر إذا تعلق الطلب بتنفيذ عقوبة أو أكثر.

19- أنظر المادة 695 من ق.إ.ج.

20- أنظر المادة 696 من ق.إ.ج.

21- أنظر في ذلك :

- المادة 698 من القانون نفسه.

- المادة 4 من الاتفاقية النموذجية لتسليم المجرمين.

22- دهام أكرم عمر، مرجع سابق. ص 227 .

23- فاطمة محمد العطوي، الإشكاليات التي يثيرها التعاون الدولي في المواد الجنائية، ط الأولى، دار النهضة العربية   القاهرة مصر، سنة 2013 ص 180 .

24-  أنظر المادة 16 ف 10 من اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الجريمة المنظمة عبر الوطنية.

25- أنظر ف 12 من المادة 16 من الاتفاقية نفسها.

26- أنظر المادة 4 من اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الجريمة المنظمة عبر الوطنية.

27- أنظر في ذلك :

- المادة 4 من الاتفاقية النموذجية لتسليم المجرمين.

- المادة 698 ف 4 و 5 من ق.إ.ج.

- Art 696-4 .C.P.P.Fr.

28- سليمان عبد المنعم، الجوانب الإشكالية في النظام القانوني لتسليم المجرمين، مرجع سابق. ص 253 .

29-  V. Art. 696. C.P.P.Fr

30- عبد المنعم سليمان، الجوانب الإشكالية في النظام القانوني لتسليم المجرمين، مرجع سابق. ص 269 .

31-  أنظر المادة 698 ف 6 من ق.إ.ج.

32- أنظر ف 3 من نفس المادة.

33- أنظر المادة 8 مكرر من القانون نفسه.

34- أنظر المادة 3 مط (و) من الاتفاقية النموذجية لتسليم المجرمين.

35-  أنظر المادة 3 مط (ب) من اتفاقية تسليم المجرمين بين الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية وجمهورية الصين الشعبية.




هو قانون متميز يطبق على الاشخاص الخاصة التي ترتبط بينهما علاقات ذات طابع دولي فالقانون الدولي الخاص هو قانون متميز ،وتميزه ينبع من أنه لا يعالج سوى المشاكل المترتبة على الطابع الدولي لتلك العلاقة تاركا تنظيمها الموضوعي لأحد الدول التي ترتبط بها وهو قانون يطبق على الاشخاص الخاصة ،وهذا ما يميزه عن القانون الدولي العام الذي يطبق على الدول والمنظمات الدولية. وهؤلاء الاشخاص يرتبطون فيما بينهم بعلاقة ذات طابع دولي . والعلاقة ذات الطابع الدولي هي العلاقة التي ترتبط من خلال عناصرها بأكثر من دولة ،وبالتالي بأكثر من نظام قانوني .فعلى سبيل المثال عقد الزواج المبرم بين عراقي وفرنسية هو علاقة ذات طابع دولي لأنها ترتبط بالعراق عن طريق جنسية الزوج، وبدولة فرنسا عن طريق جنسية الزوجة.





هو مجموعة القواعد القانونية التي تنظم كيفية مباشرة السلطة التنفيذية في الدولة لوظيفتها الادارية وهو ينظم العديد من المسائل كتشكيل الجهاز الاداري للدولة (الوزارات والمصالح الحكومية) وينظم علاقة الحكومة المركزية بالإدارات والهيآت الاقليمية (كالمحافظات والمجالس البلدية) كما انه يبين كيفية الفصل في المنازعات التي تنشأ بين الدولة وبين الافراد وجهة القضاء التي تختص بها .



وهو مجموعة القواعد القانونية التي تتضمن تعريف الأفعال المجرّمة وتقسيمها لمخالفات وجنح وجرائم ووضع العقوبات المفروضة على الأفراد في حال مخالفتهم للقوانين والأنظمة والأخلاق والآداب العامة. ويتبع هذا القانون قانون الإجراءات الجزائية الذي ينظم كيفية البدء بالدعوى العامة وطرق التحقيق الشُرطي والقضائي لمعرفة الجناة واتهامهم وضمان حقوق الدفاع عن المتهمين بكل مراحل التحقيق والحكم , وينقسم الى قسمين عام وخاص .
القسم العام يتناول تحديد الاركان العامة للجريمة وتقسيماتها الى جنايات وجنح ومخالفات وكما يتناول العقوبة وكيفية توقيعها وحالات تعددها وسقوطها والتخفيف او الاعفاء منها . القسم الخاص يتناول كل جريمة على حدة مبيناً العقاب المقرر لها .