أقرأ أيضاً
التاريخ: 11-9-2016
4556
التاريخ: 12-9-2016
2533
التاريخ: 12-9-2016
2183
التاريخ: 11-9-2016
1884
|
مرت عهود وكل عهد منها ترك آثارا خلاقة على الأرض ما بين النهرين، تلك الاثار التي نشاهدها في الالواح الغضارية (الكتب الفخارية) وفي القصور المتهدمة وفي اطلال جدران القلاع والمدن والمعابد الدينية.
مرت عصور والأرض الام تحتضن بأمان في جوف تلالها آثار الحضارات القديمه لبلاد ما بين النهرين. تلك التلال التي تمثل بالنسبة لأجيال عديده من الباحثين المستشرقين تلافيف ذاكرة التاريخ ومن هذه التلال التي صانت ذاكرة الاف السنين نذكر تل مكبير والاحيمر وورقة وكثيرا غيرها.
وراحت الاسرار المخبأه فيها تنكشف تدريجيا وأصبحت معلومة في البداية للعلماء الباحثين ومن ثم على نطاق واسع من الفراء . لقد رأى فيها لعلماء منقبوا الاثار شواهد دامغه للحضارات العريقة ومن خلال اللواحات الفخارية تعرفوا على معيشة اهل بلاد ما بين النهرين واهتماماتهم وعلى احزانهم وأفراحهم وعلى عملهم وعناءهم اليومي من اجل لقمة الخبز وعلى كيفية القيام بالاحتفالات وقضاء أوقات الفراغ ان وجدت .
تلال عظيمه حفظت في (اجوافها) ادله عن ذكرى اساطير ومثل وملاحم السومريين وعن ادبهم الذي كان له تأثير كبير جدا على واضعي التوراة التي يحاول بعضهم تصويرها بانها من ابداع الشعب اليهودي وحده، والبعض الاخر يعتبرها منزله من السماء ابدعها الخالق العظيم.
لقد بدأت التنقيبات في هذه التلال في جنوب ما بين النهرين منذ القرن الثاني عشر الميلادي، وتابع الاوربيون في القرن السابع عشر الميلادي هذه الاعمال.
ففي بداية القرن السابع عشر الميلادي وصل الرحالة الإيطالي بيترو ديلا فالي الى القسم الجنوبي من ميزوبوتامي (*) . فقد برز امامه تل مجهول وفيما بعد سماه العرب مكيبر. لم يدر حينذاك بيترو ديلا فالي ان تحت هذا التل ترقد مدينة التوراة اور وهكذا يمضي القرن السابع عشر ويلحق به الثامن عشر.
وفي عام 1818م قام الفنان الإنكليزي برسم تل الاحيمر عليه اطلال قديمه ولم يتوقع الفنان ان لوحته هذه تظم بقايا المدينة السومرية كيش.
وفي عام 1885م قام الرحالة العالم الإنكليزي ج. فريزر برفقة مواطنه الطبيب ج. روس بتنقيب تل ورقه وجوفي وتل مكيبر . كانت انباء الرحالة والعلماء عن التلال الحاضنة لأسرار الأزمنة الغابرة تلهب اهتمام الاوربيين بذلك.
وفي النصف الثاني من القرن التاسع عشر اكتشف عالم الاثار الفرنسي ا. دي سيرزيك المدينة السومرية القديمه لاغاش في مجلة التل حيث وجد هناك بقايا الثقافة المادية لهذه المدينة السومرية، ومن بين هذه المكتشفات يميزون أدوات الفن وعديدا من اللوحات الفخارية ذات النصوص المسماريه.
وفي بداية القرن العشرين وجد العلماء على اثر التنقيبات مدينة سومريه ضخمة قديمه وهي اور حيث اكتشف العلماء في هذه المدينة مقبرتين هما – كما اتضح ذلك فيما بعد- لملك اور ميسكلا مدوك والملكة شوباد، اللذين عاشا في القرن الثاني قبل الميلاد ، وقد كتب المستشرق السوفيتي الكبير البروفسير ف. افديف بأنه في هاتين المقبريتين ( ... تم العثور على كميات كبيره من مصنوعات الصياغة ذات الفن الرفيع وخصوصا قيثارة مصنوعة من الخشب ومطرزه بالذهب والفضه والزمرد وكذلك رأس ثور ذهبي ولوحه غنية بالنقوش مخصصة للعبة ما تشبه الشطرنج (المترجم). وميداليه فضيه لقارب مع مجذاف وحلي عديدة للزينة واوان واسلحه ومجموعة كبيرة لادوات أخرى مصنوعه ومطرزه من الذهب والفضه . وقد تم بشكل جيد حفر ودراسة القسم الأكبر من المدينة والذي يعود لزمن حكم الملك ريمسين (القرن السابع عشر ق.م). وقد تم العثور هنا على مجموعة من الشوارع والازقة والساحات وكذلك على بقايا ابنية عديده قدمت صورة واضحة عن حياة المدينة السومرية القديمة . كما تم العثور في الجزء الجنوبي الشرقي من المدينة على وثائق مسمارية تنسب بصورة رئيسية الى عهد (الملك ريمسين) .
وفي عام 1912م بدأت البعثة الألمانية للتنقيب عن الاثار عملها في المدينة السومرية القديمة اوروك وقد تراس هذه البعثة العالم يو. يوردان واستمرت اعمالها المتواصلة والكاملة مدة ستة اشهر ، حيث دنت الحرب العالمية الأولى فتوترت العلاقات الدولية بين الحكومات مما اضطر علماء الاثار توقيف ابحاثهم التي تكللت بالنجاح منذ بدايتها اذ عثروا في هذه المدينة على عدة معابد وأدوات للاستخدام المنزلي والفني والثقافي خلال فترة لا تزيد عن نصف سنه.
ولم يعاودوا أعمالهم الا في عام 1928م أي بعد احد عشر خريفا. ومره أخرى تقترب الحرب العالمية الثانية تلك الحرب التي لم تتيح الفرصة لانهاء التنقيبات الاثرية.
وفي هذه المرة تجسد النجاح الكبير في العثور على المعبد العظيم المخصص لمدفن الاله السومري الأكبر آلهة السماء آنو. وفيما بعد عثر على (المعبد الأبيض) الذي يعود لعام 2800ق.م. ومعبد الالهة نانه الذي كان موجود قبل الميلاد وهاكم ما كتبه عن هذه التنقيبات المستشرق البولوني المختص بالحضارة السومريه م.بيليتسكي في كتابه ( عالم السومريين المنسي) : كشفت الأرض للعلماء عن سر الاسوار الدفاعية الضخمة لمدن النصف الثاني من الالف الثالث لما قبل الميلاد وهنا في اوروك تم العثور على اقدم اللوحات المعروفة لنا ذات الكتابه المصورة والاختام المسطحة والاسطوانية وفي الطبقات الأقل عمقا لوحات من العهود المتأخره بأختام ومساند مدوره مكتوبه برموز منوعه وغير ذلك الكثير وحدثت حجارة الجدران الجانبيه السليمة العلماء عن الكميه الهائله لاعمال البناء في عهد قادة سلالة اور الثالثة ومن بين الأدوات المنزليه العديدة عثر على مزهريه من الرخام الشفاف ذات ثلاث حزم من النقوش البارزه وقد تحطمت الى خمسة عشر قطعه نتيجة لثقل البناء الذي تم اكتشافه .
ويعتبر الباحثون ان هذه المزهرية تكسرت في الأزمنة الغابرة وبأن الحرفيين السومريين منذ الاف السنين الفائتة قد جمعوا حطامها وربطوها بحلقة معدنية. لم يوجد تقصير حتى في تصوير الأدوات البسيطة كأشكال الحيوانات والطيور والمصنوعات الفخارية والحجرية وكذلك المعدنية الا انه يبدوا اثمن المكتشفات هذه وحتى بالمقارنة مع المزهرية الرخامية والاختام القديمه هو رأس امرأه منحوت من المرمر ذو جمال اخاذ.
وفي 1889م واصلت التنقيبات في المكان المقترح عن توضع المدينة السومرية القديمة نيبور بعثة أمريكية برئاسة ج. بيترس وغ. غلبرت يخت بالإضافة الى هؤلاء فقد ضمت البعثة خ. هنس بصفة مصور ومدير وكذلك ثلاثة منقبين اخرين . وفي منطقة التنقيبات عن مدينة نيبور توضحت مجموعه من التلال فرقمها المنقبون وبدأوا العمل في التل رقم (1) وعثروا فيه على اطلال قصر ملكي ، اما في التل رقم (5) فقد وجدوا مكتبه كاملة (للكتب الفخارية) لكن اضطر علماء الاثار الى مغادرة أماكن التنقيبات بسبب الاندلاع المفاجيء للصراعات الاهلية بين القبائل العربية في ذلك المكان.
وبعد سنه كامله فقط قرر اثنان من البعثة السابقة وهما ج. بيترس و خ.هنس العودة الى بلاد ما بين النهرين . وفي هذه المرة اكتشف المنقبون زقورات (وهي مئذنة مدرجة مبنية لأغراض روحية)اما في التل رقم (10) فقد عثروا على معبد والف (كتاب فحاري) .
لقد وصل هؤلاء الامريكيون الى هذا المكان عدة مرات وفي كل مرة منها كانوا يكتشفون شيئا جديدا اخر وهو من هذه المكتشفات كانت عشرين الف (كتابا فخاريا) وقد اتضح انه في هذا المكان كانت تقع المدينة السومرية نيبور قديما.
وفي عام 1948م وبعد انقطاع طويل عاد المنقبون الامريكيون مرة أخرى الى نيبور. وفي هذه المرة استطاعوا ان يعثروا على اصنام دينية وقرارات قضائية ولوحات لحسابات اقتصادية وفيما بعد أي في سنة 1961م عثرت البعثة الامريكية في مكان سمي (بالمستودع) على اكثر من خمين شكلا يمكن بواسطتها تحديد التقاليد الدينية للسكان المحليين – السومريين .
ولم يغب على بال المنقبين الأمريكيين البلدان والأماكن الأخرى لبلاد ما بين النهرين. ومنها تل الاحمير الذي زاره في عام 1819م الكاهن الإنكليزي ج.بوكينغم، فقد قدم حينذاك الفنان ر.يورتر اقتراحا بأنه في هذا المكان كانت تقع مدينة بابل قديما عاصمة الدولة البالية . فتوجه ر. يورتر الى المكان المشار اليه ودون جهد عثر على (كتب فحارية) وقطع من الواح رخامية مملوءة بالكتابة المسمارية. وعلى قسم من عرش الملك البالي حمورابي .
لقد كان ر. يورتر رساما موهوبا ولريشته فضل علينا لما تكته لنا من لوحات ورسومات لهذه التلال القديمة والمشاهد التي تعود الى لذلك الزمن البعيد. لقد حفظت رسوماته في عدد من متاحف بريطانيا بمجموعات خاصة عرفت الاوربيين على بلاد ما بين النهرين القديمة. ومهدت الطرق لتنقيبات اثرية لاحقة عم مدينة كيش، ذلك الكنز الذي خبأه تل الاحيمر قرونا طويلة لقد مضت سنون قبل ان يبدأ علماء الاثار تنقيباتهم المنتظمة.
لقد بدأ المنقبان الفرنسيان ف. فرنسيل وج. .اوبيرت وعملوا هنا سبعة أيام فقط لانهم عثروا خلالها على عبارة مبينة من القرميد تعود لعهد نبوخذنصر الثاني وعلى العديد من الأدوات المنزلية والثقافية والفنية. لان البعثة تعرضت لغارات البدو العرب مما اضطرها لايقاف التقنيات.
وكانت أطول بعثة استمرت عشرة فصول هي بعثة عام 1923 لمنقبين من الولايات المتحدة الامريكية برئاسة ليغذن وماكيه.
فقد كتب م.بيليتسكي بأنه (كان مركز اهتمام البعثات العشرة المنظمة من قبل هذه المجموعة موجها نحو التلال الشرقي والاطلال العائدة للعصور الغابرة ففي محرى اعمال الحفريات في التل (A) تم العثور على القصر الشهير المبني من القرميد المقعر والذي يعود بنائه في الاغلب الى عهد الملك ميسليم. لقد حافظ القصر على وضعه بشكل لا بأس به وقد تمكن علماء الاثار من إعادة وضع مخططه ثانية بكل دقة. فقد تحددت معالم السلالم والصالات العديدة والغرف المختلفة الأغراض وكذلك اللوحات الجدارية والنقوش ، كما عثر بين هذه الاطلال على لوحة ذات كتابة صورية. لا شك ان القصر تعرض للتهديم او انه هجر من قبل ساكينه منذ مرحلة السلالات القديمه ولم يرمم ثانيتا ابدا . كما تعود لذلك الزمن أيضا المدافن وربما اطلال (او قصر مهجور) استعملت كمقابر فقد عثرت في هذه المدافن على مجموعة كبيره من الأدوات المختلفة: مثل ألادوات النحاسية وأدوات الزينة ، مصنوعه من العقيق والذهب والفضة واختام من الجص والحجر الفلوري وللازوردي ومن الحديد الأحمر.
كما عثر المنقبون في احد المدافن على هيكل فخاري لعربة ذو عجلتين وفي مدافن أخرى على بيوض النعامة . اما المادة الأكثر أهمية فقد تم الحصور عليها من تنقيبات التل الغربي حيث عثر على مقبرة وتوابيت شبيهة من حيث الشكل بتوابيت اور، ووجد في بعضها اثار لمدفن جماعي . اما في الطبقات الاعمق فقد وجدت مصنوعات فخارية تمتاز بصفات عهد جمدت نصر.
لقد كان النجاح الكبير من نصيب المنقب الإنكليزي د. تيللور الذي بدأ الحفريات في مدينة المخير، لقد لاحقت هذا المنقب وكذلك المنقبين الاخرين عواصف رملية حارة وجافة.
ان هذه الرياح الصحراوية القوية ساعدت المنقبين أحيانا فمثلا هبت مثل هذه الرياح على جانب من التل وعرته من الرمال المتراكمة على تلك الصفحة مما مكن د. تيللور من رؤية جدران البناء المهدم.
وكتب م.بيليتسكي بهذا الشأن قائلا :(لم يكن هنالك مكان للشك فتقع امامه مدينة كبيره غائرة في نوم عميق ودائم انها المدينة التي كان عليه ايقاظها .
مما تبدأ التحريات؟
وتختار العين المجربة تلا من مجموعة تلال يقع في الشطر الشمالي من هذه المنطقة وتشبه آثار بناية من ثلاثة طوابق، اضف ان الطابق الثالث يمكن ملاحظته بسهوله وهو مزاح لـ 5- 6 امتار بالنسبة للطابق الثاني كما تبدو الاعمدة والسلالم الصاعدة على المقطع الطولي للانحدار واضحة جدا. وخلال الحفريات التي قادها تيللور وقام بها السكان المحليون اخذت تظهر تدريجيا بقايا الجدران والاعمدة والسلالم ومن المتوقع انه ارتفع فوق الطابق الثالث في وقت ما(بهو) ضخم واخذ تيللور يبحث قبل كل شيء عن كتابه تدله على باني هذا المعبد.
كان البابليون يضعون مثل هذه الكتابات على الزوايا الخارجية للجدران فأذا به يكشف الزوايا الأربعة كليا وينتصب امامه معبد الالهة نانه لمدينة اور. وكان الخبر الذي جاب العالم بأكمله هو: العثور على مدينة التوراة اور تلك كانت سنوات الاكتشافات الاثرية العظيمة عندما – كما بدا- ان الناس قد اعتادوا على المفاجأت المثيرة الا انه كان من الصعب تصديق مثل هذا الخبر . واتضح من الكتابة المدونة على جدران هذا البناء بأن هذا المعبد قد اعيد بناؤه من قبل الملك البابلي نابوئيد آلهة القمر نانه، وبأن من بدأ بنائه سبقت حكم الملك نابوئيد كثير من الملوك بنوا بيت (نانه – سين).
وبعد ان تم حفر جدران زقورات اتخذ تيللور قرارا بحفر بئر عميق حتى الأساس. وقد ساعدت هذه الحفريات حتى (القاع) على لقية مجموعة من الجرار و (الكتب الفخارية) . وكل (كتاب) حفظ في غلاف فخاري لوقايته من الصدمات وعرفت محتويات هذه الكتب المنقبين على المضي المجيد لهذه المدينة وتاريخها وبنائها ومراسلات ملوكها مع الحكام الاخرين .
كل ذلك كان هاما الا ان الاهتمام بمدينة اور غاب بشكل مفاجئ مثلما كان الاهتمام بظهورها ولم يرجع علماء الاثار الى هنا الا في عام 1918 حيث ترأس المجموعة ر.كيمبيل – تومبسون. وقد ناب عنه في 1919 الإنكليزي غ. هول. وقبل ان ينتهي من تحرياته وصل الى اور القديمة مع بعثة الباحث ل. ويللي الذي امضى هنا 12 فصلا. ولم يرغب الإنكليز إعطاء المبادرة لاحد. اذ انه في القرن الماضي وفي بداية القرن العشرين توجهت كل متاحف العالم للحصور على اثار سور وبابل واشور الفريدة بنوعها وقيمتها وقدمها.
____________
(*) اللفظ اليوناني لبلاد ما بين النهرين وهي مشتقه من Mesos وسط او بين وكلمة Potamos أي النهر – المترجم.
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
المجمع العلمي ينظّم ندوة حوارية حول مفهوم العولمة الرقمية في بابل
|
|
|