أقرأ أيضاً
التاريخ: 9-4-2019
![]()
التاريخ: 16-3-2019
![]()
التاريخ: 31-3-2019
![]()
التاريخ: 31-3-2019
![]() |
الأصوات
اهتمت كتب النحو المقارن في اللغات السامية -وكلها كتب أوربية ببيان الخصائص التي تتسم بها اللغات السامية. ومن الطبيعي أن تتناول هذه الدراسات الجوانب الصوتية- والصرفية والنحوية والمعجمية(1). هناك أصوات لا تكاد تخلو منها أية لغة، مثل: الأصوات الشفوية كالباء والميم، والأصوات الأسنانية: كالتاء والدال، إلى جانب أصوات أخرى توجد في لغات ولا توجد في لغات أخرى.
وقد لاحظ الباحثون الأوربيون أن اللغات السامية تضم مجموعة من أصوات لا توجد في اللغات الأوربية، ولذا أبرزوا وجود هذه الأصوات في حديثهم عن الخصائص العامة للغات السامية، والمقصود بهذه الأصوات مجموعة أصوات الحلق ومجموعة أصوات الإطباق.
ص141
أصوات الحلق مثل الغين والحاء والعين والخاء والهاء والهمزة في اللغة العربية، وهي تلك الأصوات التي تخرج من الحلق، وأصوات الإطباق مثل القاف والصاد والطاء وهي أصوات تشترك في سمة واحدة تتلخص في اتخاذ اللسان شكلا مقعرًا منطبقًا على الحنك الأعلى ويرجع إلى الوراء قليلا(2)، والواقع أن هاتين المجموعتين موجودتان بدرجات متفاوقة في اللغات السامية المختلفة، فليست كل لغة سامية تضم كل الأصوات الحلقية والمطبقة الموجودة في العربية، فالعربية مثلا تضم عددًا أكثر من أصوات الحلق والإطباق بالمقارنة مع باقي اللغات السامية، وليست هناك لغة سامية واحدة تخلو من عدد من أصوات الحلق والإطباق. والمقصود هنا بوجود أصوات الحلق وأصوات الإطباق كونها في اللغات السامية تكون وحدات صوتية متميزة، وتظهر هذه الحقيقة إذا قارنا ولو بصورة شكلية مباشرة أية لغة سامية، ولتكن العربية مثلا بأية لغة أوربية. فنلاحظ عدم وجود هذه الأصوات الحلقية والمطبقة في اللغات الأوربية كرموز صوتية متميزة، ولكن بعضها مثل الهمزة قد يسمع بصورة ما في بعض اللغات الأوربية؛ ففي اللغة الألمانية نسمع نوعًا من الهمز قد يسمع بصورة ما في بعض اللغات الأوربية، ففي اللغة الألمانية نسمع نوعا من الهمز قبل نطق صوتي "a" في كلمة Abart، ورغم هذا فلا تشكل الهمزة هنا وحدة صوتية متميزة، بل هي مجرد وسيلة نطقية لإبراز نطق الحركة. ولكن اللغات السامية تعرف الهمزة باعتبارها وحدة صوتية متميزة، ففي العربية مثلا هناك فرق دلالي بين "سأل" و"سال"، وشبيه بهذا أمر أصوات الإطباق التي ربما تسمع في كلمات معينة في اللغات الأوربية ولكنها تشكل فيها أصواتًا متميزة وظيفيًّا.
ويميل أكثر الباحثين إلى اعتبار أصوات الحلق في اللغات السامية موروثة من اللغة السامية الأولى، واللغة العربية تعد بصفة عامة أصدق تعبيرًا عن اللغة السامية
ص142
الأولى، وتضم كل من العربية الشمالية والعربية الجنوبية ستة أصوات حلقية، وتضم اللغات السامية الأخرى أصواتًا حلقية بعدد أقل. فاللغة السامية الوحيدة التي تضم كل أصوات الحلق المعروفة في العربية الشمالية هي اللغة العربية الجنوبية القديمة أي لغة النقوش اليمنية، ففي العربية الشمالية والعربية الجنوبية نجد نفس أصوات الحلق كاملة غير منقوصة، أما في المهرية، وهي امتداد حديث للعربية الجنوبية القديمة، فإنا نجد هذه الأصوات عدا صوتًا واحدًا لأن المهرية تخلو من العين كصوت متميز. ويقل عدد أصوات الحلق في اللغات السامية التي عرفتها منطقة الشام قبل الإسلام، فأصبحت الحاء في العبرية مثلا تمثل الحاء العربية والخاء العربية معًا، وبذلك أصبح الصوتان المتميزان الحاء والخاء في اللغة السامية الأولى صوتًا واحدًا هو الحاء في اللغة العبرية. وهكذا قلت أصوات الحلق في اللغات السامية في الشام قبل الإسلام، وهناك لغة سامية فقدت أكثر أصوات الحلق وهي اللغة الأكادية في العراق القديم، ولذا لم يبق في اللغة الأكادية من أصوات الحلق إلا صوتان حلقيان، هما: الهمزة والخاء فقد حدثت في هذه اللغات تغيرات قللت عدد أصوات الحلق، أما اللغة العربية فقد احتفظت بالمجموعة كاملة، ولذا تعد العربية من هذا الجانب امتدادًا مباشرًا للغة السامية الأم.
أما أصوات الإطباق وهي في العربية: القاف، والصاد، والطاء والضاد، والظاء، فقد قل عددها أيضا في بعض اللغات السامية الأخرى، وتوجد هذه المجموعة كاملة غير منقوصة في اللغة العربية الجنوبية القديمة وتضم كل اللغات السامية الأخرى عددا أقل من أصوات الإطباق، وأكثر هذه الأصوات ثباتًا الصاد والقاف والطاء، فهذه الأصوات الثلاثة موجودة في كل اللغات السامية القديمة، ولكن الظاء والضاد قد تعرضتا للتغير الصوتي في عدد من اللغات السامية، فكل ضاد وكل ظاء وكل صاد عربية يقابلها مثلا صاد في العبرية، وبذلك حل صوت واحد في العبرية محل ثلاثة أصوات في العربية. ويلاحظ نفس الشيء في الأكادية فالصاد الأكادية تقابل ثلاثة أصوات عربية هي الصاد والضاد والظاء، أما اللغة الآرامية فقد كان
ص143
موقفها من الضاد جديرًا بالملاحظة، فقد تحولت الضاد الموروثة عن اللغة السامية الأولى في اللغة الآرامية مرة إلى قاف ثم إلى عين. ويعد هذا التحول من أصعب التحولات الصوتية تفسيرًا. ولكن مقارنة أصوات الإطباق الموجودة في اللغات السامية المختلفة أثبت أن أصوات الإطباق الموجودة في العربية تعد امتدادًا مباشرًا لأصوات الإطباق الموجودة في اللغة السامية الأولى. ويطلق على تلك التحولات القياسية التي طرأت على بعض الأصوات في اللغات السامية مصطلح القوانين الصوتية، والمقصود بهذا المصطلح أن هذه التغيرات قياسية مطردة تسري على كل الكلمات دون استثناء. وتعني كلمة "قانون" إطار علم اللغة نفس معناها في العلوم الطبيعية، فالقانون تفسير للظاهرة، وليس وسيلة للتحكم فيها، فالقوانين الصوتية تفسر التغيرات الصوتية التي حدثت فعلا، فليس هناك قوانين تفرض على اللغات. بل هناك قوانين تفسر ظواهرها.
ص144
_______________________
(1) c. brockelmann, grundriss. 1/ 5.
R. meyer, hebraische grammatik, I, s. 17 ff. berlin 1966.
B. spuler, der sem. sprachtypus, in; handbuch der orientalistik, band III,
1,s. 3-25 von soden grundriss der akkadischen grammatik. roma 1969 s. 1-2 G. Bergstrasser, einfuhrung, s 3-19.
(2) إبراهيم أنيس: الأصوات اللغوية ص51.
|
|
لخفض ضغط الدم.. دراسة تحدد "تمارين مهمة"
|
|
|
|
|
طال انتظارها.. ميزة جديدة من "واتساب" تعزز الخصوصية
|
|
|
|
|
عوائل الشهداء: العتبة العباسية المقدسة سبّاقة في استذكار شهداء العراق عبر فعالياتها وأنشطتها المختلفة
|
|
|