أقرأ أيضاً
التاريخ: 27-11-2014
5096
التاريخ: 27-11-2014
1978
التاريخ: 19-02-2015
2146
التاريخ: 27-11-2014
1879
|
قال تعالى : {وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِلَّذِينَ آمَنُوا امْرَأَتَ
فِرْعَوْنَ إِذْ قَالَتْ رَبِّ ابْنِ لِي عِنْدَكَ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ
وَنَجِّنِي مِنْ فِرْعَوْنَ وَعَمَلِهِ وَنَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (11) وَمَرْيَمَ ابْنَتَ عِمْرَانَ
الَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهِ مِنْ رُوحِنَا وَصَدَّقَتْ
بِكَلِمَاتِ رَبِّهَا وَكُتُبِهِ وَكَانَتْ مِنَ الْقَانِتِينَ} [التحريم : 11، 12] .
« الحصن » : جمعه حصون وهي القلاع ، ويطلق على المرأة العفيفة ، لأنّها تحصّن
نفسها بالعفاف تارة وبالتزويج أُخرى.
القنوت : لزوم الطاعة مع الخضوع ، قوله : { كُلٌّ لَّهُ قَانِتُونَ } أي خاضعون.
لما مثّل القرآن بنماذج بارزة للفجور من
النساء أردفه بذكر نماذج أُخرى للتقوى والعفاف من النساء بلغن من التقوى والإيمان
منزلة عظيمة حتى تركن الحياة الدنيوية ولذائذها وعزفن عن كل ذلك بغية الحفاظ على
إيمانهنّ ، وقد مثل القرآن بآسية بنت مزاحم امرأة فرعون ، فقد بلغت من الإيمان
والتقوى بمكان انّها طلبت من الله سبحانه أن يبني لها بيتاً في الجنة ، فقد آمنت
بموسى لمّا رأت معاجزه الباهرة ودلائله الساطعة ، فأظهرت إيمانها غير خائفة من بطش
فرعون وقد نقل انّه وتدها بأربعة أوتاد واستقبل بها الشمس.
هذه هي المرأة الكاملة التي ضحّت في سبيل
عقيدتها واستقبلت الشهادة بصدر رحب ولم تعر للدنيا وزخارفها أيّة أهمية ، وكان
هتافها حينما واجهت الموت قولها : { رَبِّ ابْنِ لِي عِندَكَ بَيْتًا
فِي الجَنَّةِ وَنَجِّنِي مِن فِرْعَوْنَ وَعَمَلِهِ وَنَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ
الظَّالِمِينَ }.
فقولها : « عندك » ، يهدف إلى القرب من رحمة الله ، وقولها :
« في الجنة » يبين مكان القرب.
فقد اختارت جوار ربها والقرب منه وآثرت
بيتاً يبنيه لها ربها على قصر فرعون الذي كان يبهر العقول ، ولكن زينة الحياة
الدنيا عندها نعمة زائلة لا تقاس بالنعمة الدائمة.
ثمّ إنّه سبحانه يضرب مثلاً آخر للمؤمنات
مريم ابنة عمران ، ويصفها بقوله : { وَمَرْيَمَ ابْنَتَ عِمْرَانَ
الَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهِ مِن رُّوحِنَا وَصَدَّقَتْ
بِكَلِمَاتِ رَبِّهَا وَكُتُبِهِ وَكَانَتْ مِنَ الْقَانِتِينَ }.
ترى أنّه سبحانه يصفها بالصفات التالية :
1. { أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا } فصارت عفيفة كريمة وهذا بإزاء ما افتعله اليهود من البهتان عليها ،
كما يعرب عنه قوله سبحانه : {وَقَوْلِهِمْ عَلَى مَرْيَمَ بُهْتَانًا عَظِيمًا } [النساء : 156] وفي سورة الأنبياء قوله : {وَالَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا
فَنَفَخْنَا فِيهَا مِنْ رُوحِنَا } [الأنبياء : 91]
2. { فَنَفَخْنَا فِيهِ مِن رُّوحِنَا } : أي كونها عفيفة محصّنة صارت مستحقة للثناء والجزاء ، فأجرى
سبحانه روح المسيح فيها ، وإضافة الروح إليه إضافة تشريفية ، فهي امرأة لا زوج لها
انجبت ولداً صار نبياً من أنبياء الله العظام.
وقد أُشير إلى هذين الوصفين في سورة
الأنبياء ، قال سبحانه : { وَالَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا
فَنَفَخْنَا فِيهَا مِن رُّوحِنَا وَجَعَلْنَاهَا وَابْنَهَا آيَةً
لِّلْعَالَمِينَ }.
وهناك اختلاف بين الآيتين ، فقد جاء الضمير
في سورة الأنبياء مؤنثاً فقال : { فَنَفَخْنَا فِيهَا مِن رُّوحِنَا } وفي الوقت نفسه جاء في سورة التحريم مذكراً { فَنَفَخْنَا فِيهِ مِن رُّوحِنَا }.
وقد ذكر هنا وجه وهو :
إنّ الضمير في سورة الأنبياء يرجع إلى مريم
، وأمّا المقام فإنّما يرجع إلى عيسى ، أي فنفخنا فيه حتى أنّ من قرأه « فيها »
أرجع الضمير إلى نفس عيسى والنفس مؤنثة.
أقول : هذا لا يلائم ظاهر الآية ، لأنّه
سبحانه بصدد بيان الجزاء لمريم لأجل صيانة فرجها ، فيجب أن يعود الجزاء إليها ،
فالنفخ في عيسى يكون تكريماً لعيسى ولا يعد جزاءً لمريم.
3. { صَدَّقَتْ بِكَلِمَاتِ رَبِّهَا
وَكُتُبِهِ } : ولعل المراد من الكلمات الشرائع
المتقدمة ، والكتب : الكتب النازلة ، كما يحتمل أن يكون المراد الوحي الذي لم يكن
على شكل كتاب.
4. { وَكَانَتْ مِنَ الْقَانِتِينَ } : أي كانت مطيعة لله سبحانه ، ومن القوم المطيعين لله الخاضعين له
الدائمين عليه ، وقد جيء بصيغة المذكر تغليباً ، يقول سبحانه : {يَا مَرْيَمُ اقْنُتِي لِرَبِّكِ
وَاسْجُدِي وَارْكَعِي مَعَ الرَّاكِعِينَ } [آل عمران : 43].
ونختم البحث بذكر ثلاث روايات :
1. روى الطبري ، عن أبي موسى ، عن النبي (صلى الله
عليه واله) قال : « كمل
من الرجال كثير ، ولم يكمل من النساء إلاّ أربع : آسية بنت مزاحم امرأة فرعون ، ومريم بنت عمران ، وخديجة بنت خويلد ، وفاطمة بنت محمد » (صلى الله عليه واله) (1).
2. أخرج الحاكم ، عن ابن عباس قال : قال رسول
الله (صلى الله عليه واله) : « أفضل نساء أهل الجنة : خديجة بنت خويلد ، وفاطمة
بنت محمد (صلى الله
عليه واله) ، ومريم
بنت عمران ، وآسية بنت مزاحم امرأة فرعون
مع ما قص الله علينا من خبرهما في القرآن { قَالَتْ رَبِّ ابْنِ لِي عِنْدَكَ
بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ} [التحريم : 11] (2).
3. أخرج الطبراني ، عن سعد بن جنادة ، قال : قال رسول
الله (صلى الله عليه واله) : « إنّ الله زوجني في الجنة : مريم بنت عمران ، وامرأة فرعون ، وأُخت موسى » (3).
__________________
(1) مجمع البيان : 5 / 320.
(2) و(3) الدر المنثور : 8 / 229.
|
|
"عادة ليلية" قد تكون المفتاح للوقاية من الخرف
|
|
|
|
|
ممتص الصدمات: طريقة عمله وأهميته وأبرز علامات تلفه
|
|
|
|
|
المجمع العلمي للقرآن الكريم يقيم جلسة حوارية لطلبة جامعة الكوفة
|
|
|