قال أبو على: حكم افتعل، وانفعل ألا يبنيا إلا مما كان فَعَلَ منه متعديا, هذا في الأمر العام. يريد أن اقتطع من قطع وكذلك "حويت، واحتويت"، وقد جاء في الشعر، قال الراجز:
حتى إذا اشتال سهيل في السحر كشعلة القابس ترمي بالشرر
فهذا من شال يشول، وهو غير متعد بدلالة قول الراجز:
تراه تحت الفنن الوريق يشول بالمحجن كالمحروق
ولو كان متعديا لقال: "يشول المحجن", وأنشدنا أبو علي قال: أنشد أبو عبيدة:
ص75
بدا منك غش طالما قد كتمته كما اكتتمت داء ابنها أم مُدَّوِي
فمُدَّوٍ مُفْتَعِل، وأصله من الدَّوّ، والأصل: مُدْتَوٍ، وهذا يفسر في موضعه، فأجاز أبو علي في مفتعل هذا ثلاثة أوجه:
أحدها: أن يكون من قول المرأة التي قال لها ابنها: "أأدَّوِي" أي: أآكل الدواية، وهو ما خثُر من الدسم على اللبن، فقالت مجيبة: اللجام بمكان كذا وكذا، فكتمت قول ابنها وأخفته عمن جاء يخطبه إليها، وكأن الشاعر جاء بهذا على استعارة هذا المَثَل الذي للمرأة، وخبر هذه المرأة مشهور عندهم.
وأجاز أيضًا أن يكون "مُدَّوٍ" هذا مما حكاه أبو زيد من قولهم: "أَدْوَأْتَ يا فلان" ومن قولهم: "داء الرجل يداء من الداء"، فبنى مفتعلًا منه للحاجة إلى القافية وقلب الهمزة ياء ضرورة كما قال الآخر:
وكنت أذل من وتد بقاع يشجج رأسه بالفهرواج
وهو من وَجَأْتُ، وكان قياسه ألا يجعلها كياء "قاضي".
وأجاز فيه أيضًا أن يكون مما حكاه أبو زيد من قولهم: "رجل دَوًى, ورجلان دَوَيَانِ، ورجال أدْواء" وهو بمعنى السقيم.
قال أبو علي: ويكون بناؤه مفتعلًا منه، مثل قوله: "اشتال ومنغوي"، وقوله: ولا تلحق التاء ثانية والتي قبلها من نفس الحرف إلا هذا المثال وحده من الأفعال، قد قيد به جزءا من كلامهم وأمِنتَ معه أن ترى التاء ثانية زائدة بعد فاء الفعل أبدا إلا في هذا المثال وما تصرف منه.
ص76
الاكثر قراءة في الفعل المزيد وأبوابه
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة