المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

سيرة الرسول وآله
عدد المواضيع في هذا القسم 9111 موضوعاً
النبي الأعظم محمد بن عبد الله
الإمام علي بن أبي طالب
السيدة فاطمة الزهراء
الإمام الحسن بن علي المجتبى
الإمام الحسين بن علي الشهيد
الإمام علي بن الحسين السجّاد
الإمام محمد بن علي الباقر
الإمام جعفر بن محمد الصادق
الإمام موسى بن جعفر الكاظم
الإمام علي بن موسى الرّضا
الإمام محمد بن علي الجواد
الإمام علي بن محمد الهادي
الإمام الحسن بن علي العسكري
الإمام محمد بن الحسن المهدي

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية
نظرية الغبار البركاني والغبار الذي يسببه الإنسان Volcanic and Human Dust
2024-11-24
نظرية البقع الشمسية Sun Spots
2024-11-24
المراقبة
2024-11-24
المشارطة
2024-11-24
الحديث المرسل والمنقطع والمعضل.
2024-11-24
اتّصال السند.
2024-11-24



التأثر الصميمي بالقائد (عليه السلام)  
  
2702   02:48 مساءً   التاريخ: 23-2-2019
المؤلف : السيد زهير الاعرجي
الكتاب أو المصدر : السيرة الاجتماعية للامام علي بن أبي طالب (عليه السلام)
الجزء والصفحة : 413-414.
القسم : سيرة الرسول وآله / الإمام علي بن أبي طالب / مناقب أمير المؤمنين (عليه السّلام) /

وهذا الجو المشحون بالرغبة في القتال من قبل القائد، يؤسس لتقوية رابط آخر بين كيان المحارِب ويبن المحيط الديني الذي يعيش فيه. فلا بأس ان نضع الموضوع على شكل التساؤل التالي: هل هناك امكانية تأثر الجنود بالمحيط القتالي الذي يُنشئه لهم قائدهم (عليه السلام)؟ وهل ان تلك الامكانية تنهض الى مستوى القطعية او الى مجرد الاحتمالية؟ من اجل الاجابة على ذلك لابد من ادراج ثلاثة وجوه:

الوجه الاول: امكانية تأثر الجندي بالمحيط البطولي للقيادة: فمن الممكن للمقاتل العادي التأثر بمحيط المقاتلين الابطال، وقد تصل تلك الامكانية الى مستوى القطع. فامكانية التأثر ببطولة القائد قضية طبيعية اذا تصورنا ان قدرات المجموع قدرات غير استثنائية، بينما يكون مصدر التأثير لمن كانت له القدرة الاستثنائية وهو القائد. فبطولة الامام (عليه السلام) كانت استثنائية بلحاظ كل المعطيات التأريخية التي نلمسها. فلا شك ان شخصيته الفذة (عليه السلام) كانت تشيع على المقاتلين جواً من التواضع والايمان العميق والبطولة الفذّة والتأثر بتلك القدوة المتكاملة في الدين. فالامكانية هنا، وبلحاظ المعطيات التأريخية، تصل الى مستوى القطعية.

الوجه الثاني: احتمالية التأثر بالمحيط: والاحتمالية مرتبطة بمقدار التكهن بضخامة علم القائد وطهارة دوافعه نحو العمل العسكري. والاحتمالية هنا تعني لو ان نموذجاً بطولياً وجد على ساحة المعركة وهو يحمل علماً جماً ودافعاً ايمانياً نقياً لكان التأثر بذلك النموذج اقوى. ولكن الاحتمالية تعني نسبة مئوية من الحقيقة ونسبة اخرى من الوهم. وهذا لا يستقيم مع المصاديق القوية التي تحرك النفس الانسانية، التي نلمسها ونختبرها. فيكون الوجه الاول اقوى من الوجه الثاني.

الوجه الثالث: الاستقلال العقلي: وهو افتراض ان الجندي العادي _ غير الاستثنائي _ لا يتأثر بالمحيط القتالي أبداً، فيكون سلوكه سلوكاً عقلياً محضاً. أي ان بطولته او جبنه وجدا دون التأثر بآخرين يعتبرهم نماذج له. وهذا مما لم نجده في صفحات التأريخ. فلم يُبرز لنا التأريخ صورة جنود من هذا النمط. وهذا اضعف الوجوه.

فيتعين الوجه الاول، ونستفيد من ذلك ان امكانية تأثر جنود علي (عليه السلام) الاربعة آلاف في ذات السلاسل ببطولته كان امراً واقعياً. فلولا بطولة الامام (عليه السلام) لم يستطع ذلك الجيش تحقيق شيء على مستوى المعركة بمنظورها الجزئي والاسلام بمنظوره الكلي.

وفي ضوء ذلك نستطيع ان نقرر بأن الرغبة في القتال عند المؤمنين الموقنين كانت تحددها عوامل وصفات ايمانية مثل: الاقتحام، ونكران الذات، واليقين، والبطولة. بينما تحدد الرغبة عند عموم الناس عوامل اخرى مثل: التريث في القتال، والتردد، والفرار من الزحف، وحبّ الدنيا، والخوف من الموت، ونحوها. ومن هنا ترى ان المؤمنين الموقنين بالله حقّاً اقتحاميون في ساحة المعركة، لان دوافعهم لا تقبل تغييراً بعد ان تيقنوا بان الله معهم، وانهم يحاربون من اجل الآخرة، وان الله سيرزقهم احدى الحسنيين اما النصر واما الشهادة.

وعلى أي تقدير فان الذي نراه جندياً او قائداً في المعركة لابد ان نلمس دوافعه في الرغبة في القتال: ايماناً ويقيناً، او تردداً ورجوعاً عن القتال. لقد كان حبّ الموت ولقاء الله تعالى والكرّ ونكران الذات اهم صفات جيش ذات السلاسل بقيادة الامام (عليه السلام). بينما لمسنا من الآخرين حبّاً في الفرار وطلباً للعافية، كما سوف نلحظ في الفصول القادمة فرار ابي سفيان وأولاده يوم حُنين، وتراجع البعض في خيبر وذات السلاسل، وفرارهم في حُنين ايضاً. 

 




يحفل التاريخ الاسلامي بمجموعة من القيم والاهداف الهامة على مستوى الصعيد الانساني العالمي، اذ يشكل الاسلام حضارة كبيرة لما يمتلك من مساحة كبيرة من الحب والتسامح واحترام الاخرين وتقدير البشر والاهتمام بالإنسان وقضيته الكبرى، وتوفير الحياة السليمة في ظل الرحمة الالهية برسم السلوك والنظام الصحيح للإنسان، كما يروي الانسان معنوياً من فيض العبادة الخالصة لله تعالى، كل ذلك بأساليب مختلفة وجميلة، مصدرها السماء لا غير حتى في كلمات النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) وتعاليمه الارتباط موجود لان اهل الاسلام يعتقدون بعصمته وهذا ما صرح به الكتاب العزيز بقوله تعالى: (وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (3) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى) ، فصار اكثر ايام البشر عرفاناً وجمالاً (فقد كان عصرا مشعا بالمثاليات الرفيعة ، إذ قام على إنشائه أكبر المنشئين للعصور الإنسانية في تاريخ هذا الكوكب على الإطلاق ، وارتقت فيه العقيدة الإلهية إلى حيث لم ترتق إليه الفكرة الإلهية في دنيا الفلسفة والعلم ، فقد عكس رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم روحه في روح ذلك العصر ، فتأثر بها وطبع بطابعها الإلهي العظيم ، بل فنى الصفوة من المحمديين في هذا الطابع فلم يكن لهم اتجاه إلا نحو المبدع الأعظم الذي ظهرت وتألقت منه أنوار الوجود)





اهل البيت (عليهم السلام) هم الائمة من ال محمد الطاهرين، اذ اخبر عنهم النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) باسمائهم وصرح بإمامتهم حسب ادلتنا الكثيرة وهذه عقيدة الشيعة الامامية، ويبدأ امتدادهم للنبي الاكرم (صلى الله عليه واله) من عهد أمير المؤمنين (عليه السلام) الى الامام الحجة الغائب(عجل الله فرجه) ، هذا الامتداد هو تاريخ حافل بالعطاء الانساني والاخلاقي والديني فكل امام من الائمة الكرام الطاهرين كان مدرسة من العلم والادب والاخلاق استطاع ان ينقذ امةً كاملة من الظلم والجور والفساد، رغم التهميش والظلم والابعاد الذي حصل تجاههم من الحكومات الظالمة، (ولو تتبّعنا تاريخ أهل البيت لما رأينا أنّهم ضلّوا في أي جانب من جوانب الحياة ، أو أنّهم ظلموا أحداً ، أو غضب الله عليهم ، أو أنّهم عبدوا وثناً ، أو شربوا خمراً ، أو عصوا الله ، أو أشركوا به طرفة عين أبداً . وقد شهد القرآن بطهارتهم ، وأنّهم المطهّرون الذين يمسّون الكتاب المكنون ، كما أنعم الله عليهم بالاصطفاء للطهارة ، وبولاية الفيء في سورة الحشر ، وبولاية الخمس في سورة الأنفال ، وأوجب على الاُمّة مودّتهم)





الانسان في هذا الوجود خُلق لتحقيق غاية شريفة كاملة عبر عنها القرآن الحكيم بشكل صريح في قوله تعالى: (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) وتحقيق العبادة أمر ليس ميسوراً جداً، بل بحاجة الى جهد كبير، وافضل من حقق هذه الغاية هو الرسول الاعظم محمد(صلى الله عليه واله) اذ جمع الفضائل والمكرمات كلها حتى وصف القرآن الكريم اخلاقه بالعظمة(وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ) ، (الآية وإن كانت في نفسها تمدح حسن خلقه صلى الله عليه وآله وسلم وتعظمه غير أنها بالنظر إلى خصوص السياق ناظرة إلى أخلاقه الجميلة الاجتماعية المتعلقة بالمعاشرة كالثبات على الحق والصبر على أذى الناس وجفاء أجلافهم والعفو والاغماض وسعة البذل والرفق والمداراة والتواضع وغير ذلك) فقد جمعت الفضائل كلها في شخص النبي الاعظم (صلى الله عليه واله) حتى غدى المظهر الاولى لأخلاق رب السماء والارض فهو القائل (أدّبني ربي بمكارم الأخلاق) ، وقد حفلت مصادر المسلمين باحاديث وروايات تبين المقام الاخلاقي الرفيع لخاتم الانبياء والمرسلين(صلى الله عليه واله) فهو في الاخلاق نور يقصده الجميع فبه تكشف الظلمات ويزاح غبار.