أقرأ أيضاً
التاريخ: 4-4-2017
17396
التاريخ: 17-1-2019
2892
التاريخ: 9-4-2017
2398
التاريخ: 23-6-2018
2417
|
إعتبر القضاء الإداري لمدة طويلة أن المسؤولية الإدارية مانعة للمسؤولية الشخصية ولا تقوم مسؤولية الإدارة على أساس الخطأ المرفقي وأدى هذا الموقف إلى وضع ضحايا أخطاء شخصية مرتكبة من طرف موظف مفلس ، مما دفع القضاء الإداري أن يتساءل عما إذا كان الخطأ الشخصي يلزم الإدارة فتكون مسؤولة عن نتائجه وأدت هذه الوضعية إلى ظهور "نظرية الجمع" .
ونظرية الجمع بين الخطأين أدت إلى ظهور نظرية الجمع بين المسؤوليتين (1) وتطورت نظرية الجمع بين المسؤولية المرفقية و المسؤولية الشخصية إلى التفريق بين الجمع بين المسؤوليتين في حالة تعدد الأخطاء والجمع بين المسؤوليتين من خطأ واحد وهو الخطأ الشخصي ويتحقق جمع الأخطاء عندما يكون الضرر نتيجة خطأ شخصي وخطأ مرفقي ارتكبهما موظف ما، حيث تشترك الوقائع المكونة للخطأ المرفقي مع الوقائع المكونة للخطأ الشخصي وينتج الضرر عن كليهما معا .
و قد سلم مجلس الدولة الفرنسي بهذه القاعدة لأول مرة في حكمه في قضية أنجي "Anguet" الصادر بتاريخ 03/02/1911 حيث دخل المدعي إلى مكتب البريد لقبض حوالة و عند خروجه لاحظ أن الباب المخصص لذلك مغلق ، فلكي يخرج من المكتب لجأ إلى باب مخصص للموظفين و عند ذلك أمسك بقسوة من طرف المستخدمين الذين ألقوا به خارجا مسببين له كسرا و بناءا على دعوى المضرور ارتأى القاضي بأن الحادث نتج عن خطأين متميزين :
- خطأ مصلحي أو مرفقي ناتج عن غلق مكتب البريد قبل الوقت المحدد ، فالمرفق يسير بشكل سيء و هذا هو مصدر الضرر.
- خطأ شخصي لأعوان البريد الذين عاملوا المضرور بقسوة عوض دعوته إلى الخروج من المكتب بهدوء .
و قد أخذت الغرفة الإدارية للمحكمة العليا بهذه النظرية ، أي نظرية جمع الأخطاء في قضية "بلقاسي" ضد وزير العدل.(2)
حيث قررت الغرفة الإدارية أن هذا الضرر يعود سببه إلى خطأ شخصي ارتكبه كاتب الضبط يتمثل في إهماله و خطا مرفقي يتمثل في سوء سير مصلحة كتابة الضبط و حكم على الإدارة " وزارة العدل " بتعويض السيد "بلقاسي" عن الضرر الذي لحق به .
ـ تطور قاعدة الجمع بين خطأين إلى قاعدة الجمع بين المسؤوليتين :
ونكون أمام حالة جمع المسؤوليتين عند حدوث ضرر ناتج عن خطأ شخصي فقط ويقرر القاضي الفاصل في المواد الإدارية بمسؤولية الإدارة التي ينسب لها العمل الضار ، ولقد سمحت قاعدة جمع المسؤوليتين بتوسع مجال المسؤولية المترتبة عن عملية التفرقة بين الخطأ المرفقي و الخطأ الشخصي والمتمثلة في إعفاء الإدارة من مسؤوليتها في حالة إرتكاب خطأ شخصي . وظهرت نظرية جمع المسؤوليتين على مرحلتين :
1/ جمع المسؤوليتين بسبب خطأ شخصي يرتكب داخل المرفق العام :
قرر القضاء الفرنسي أول مرة هذه القاعدة في قضية " لومونوتي" في قرار مجلس الدولة الصادر بتاريخ 267 1918 (3) حيث قرر أن البلدية مسؤولة عن الخطأ الشخصي الذي ارتكبه رئيس البلدية و الذي هو منفصل عن المرفق و قد برر مجلس الدولة قراره قائلا " يمكن للخطأ الشخصي المرتكب أثناء المرفق أن ينفصل عنه لكن لا ينفصل المرفق عن هذا الخطأ " و قد طبق القضاء الجزائري هذه القاعدة.
2/جمع المسؤوليتين بسبب خطأ شخصي واقع خارج الخدمة:
و تتحقق هذه الحالة عند ارتكاب الموظف لخطأ خارج الخدمة وله صلة بالمرفق العام كما في حالة استعمال الموظفين للسيارات الحكومية التي في عهدتهم وذهبوا بها لأداء خدمات وأغراض خاصة به فإذا ما تسببوا بواسطة هذه السيارات في إحداث أضرار للغير استوجب القضاء الإداري قيام المسؤولية الإدارية إلى جانب المسؤولية الشخصية للموظف.
وقد طبق القضاء الجزائري هذه الفكرة فنجد مثلا قرار مجلس الدولة الجزائري الصادر في 01/02/1999 (4) ، وتتلخص وقائع هذه القضية : أنه أسندت للشرطي (ع.ر) مهمة الحراسة بلباس مدني بمستودع ميترو الجزائر و كان حائزا لسلاحه الناري الخاص بعمله غير أنه أهمل منصب عمله و ذهب إلى ساحة الشهداء ليشتري (محارق) و استعمل سلاحه الخاص بالخدمة ضد المدعو ( بشاني نور الدين ) و أصابه بجروح خطيرة أدت إلى وفاته ، فرفعته أرملته دعوى تعويض أمام الغرفة الإدارية لمجلس قضاء الجزائر حكمت الغرفة بالتعويض لها و لأولادها و عند استئناف القرار الأخير أمام مجلس الدولة من طرف مديرية الأمن طالبة إخراجها من الخصام لأن الخطأ كان شخصيا و الشرطي لم يكن في خدمته لكونه أهمل منصب عمله إلا أن طلباتها رفضت وتم تأييد القرار المستانف على أساس أن الحادث وقع بسبب وظيفته و أن مديرية الأمن مسؤولة عن عمل تابعيها .
أما إذا ارتكب الخطأ خارج الخدمة ولم تستعمل فيه وسائل و أدوات المرفق فإن الخطأ يعد خطأ شخصيا لانفصاله عن المرفق ماديا ومعنويا ، وعاقدا للمسؤولية الشخصية للموظف وحدها ولا يمكن للمضرور أن يحرك المسؤولية الإدارية إطلاقا في هذه الحالة (5) .
* رأينا أنه من نتائج قاعدة الجمع بين الأخطاء ظهور قاعدة الجمع بين المسؤوليتين وما ترتب عن هذه الأخيرة :
- أن تقوم الإدارة بدفع التعويض للمضرور حتى يضمن له عدم المماطلة و أخد حقوقه. ويجوز للإدارة الرجوع على الموظف لمسؤوليته عن الخطأ الشخصي المنفصل عن المرفق .
- لا تتحمل الإدارة بمفردها المسؤولية كاملة إلا في الخطأ المصلحي.
- و في حالة النزاع بين الإدارة و الموظف حول تقدير نصيب كل منهما فإن الجهة القضائية بحسم هذا النزاع هي جهة القضاء الإداري. كما ينتج عنها أيضا الحق للضحية في إختيار رفع دعوى ضد الإدارة أمام القضاء الإداري أو على الموظف أمام القضاء العادي.
و بهذا نكون قد أعطينا فكرة عامة عن الأخطاء المرفقية و الشخصية أمام الفقه و القضاء. ومنه نستطيع أن ننتقل للتعرف على مميزات الأضرار التي تنجم عن هذه الأخطاء.
_______________
1- للإسهاب ومعلومات أكثر في هذه النقطة راجع: د. عمارعوابدي نظرية المسؤولية الأدارية ـ ديوان المطبوعات الجامعية –ص 169 حتى 174
د. رشيد خلوفي :فانون المسؤولية الإدارية –طبعة2001- -ديوان المطبوعات الجامعية ص 29 حتى 33
د- سليمان محمد الطماوي : القضاء الإداري –الكتاب 2-فضاء التعويض و طرق الطعن في االأحكام – دار الفكر العربي - ص 185 حتى 194
2- أنظر ملخص هذا القرار في الفرع 2 المتعلق بصور المرفق العام من المطلب الخاص بمفهوم الخطأ المرفقي
3- أنظر د.عمار عوابدي – نظرية المسؤولية الإدارية- ص172
4- قضية المديرية العامة لأمن الوطني ضد أرملة لشاني ومن معها-قرار الغرفة الثانية لمجلس الدولة- غير منشور- فهرس 23 أنظر التعليق على هذا القرار لحسين بن الشيخ أث ملوية- المنتقى في قضاء مجلس الدولة جزء1 ص 17. –(أنظر الملحق رقم 2)
5- دـ عمار عوابدي ـ المرجع السابق ـص172
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
المجمع العلمي ينظّم ندوة حوارية حول مفهوم العولمة الرقمية في بابل
|
|
|