المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

القرآن الكريم وعلومه
عدد المواضيع في هذا القسم 16703 موضوعاً
تأملات قرآنية
علوم القرآن
الإعجاز القرآني
قصص قرآنية
العقائد في القرآن
التفسير الجامع
آيات الأحكام

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر
المستحقون للخمس
2024-07-08
المخول بتقسيم الخمس
2024-07-08
الخمس واحكامه
2024-07-08
قبر رعمسيس بطيبة
2024-07-08
آثار (رعمسيس الأول) في الكرنك.
2024-07-08
أعمال رعمسيس الأول (العرابة المدفونة)
2024-07-08

الأفعال التي تنصب مفعولين
23-12-2014
صيغ المبالغة
18-02-2015
الجملة الإنشائية وأقسامها
26-03-2015
اولاد الامام الحسين (عليه السلام)
3-04-2015
معاني صيغ الزيادة
17-02-2015
انواع التمور في العراق
27-5-2016


مسؤوليّة التعليم  
  
1379   03:52 مساءاً   التاريخ: 12-02-2015
المؤلف : الشيخ جعفر السبحاني
الكتاب أو المصدر : مفاهيم القران
الجزء والصفحة : ج2 ، ص432-445.
القسم : القرآن الكريم وعلومه / قضايا إجتماعية في القرآن الكريم /

تحتلّ مسألة التعليم بعد التربية مكانة مرموقة وحسّاسة في برامج ومسؤوليّات الحكومة الإسلاميّة ، لا تقل أهمّية عن المسائل الاُخرى.

وبما أنّ البحث في هذا المجال واسع النطاق مترامي الأطراف ، لا يسع لنا التعمّق فيه ، في هذه العجالة من الوقت ، لهذا نكتفي هنا بالإشارة والتلميح إلى بعض الخطوط في هذا المجال ، تاركين تفاصيلها للكتب المفصّلة المخصّصة لبيان هذا الجانب المهمّ من جوانب الإسلام الحنيف.

لقد دعا ( الإسلام ) الاُمّة الإسلاميّة دعوة أكيدة وشديدة إلى تحصيل العلم واكتسابه بكلّ وسيلة ممكنة ، ومهما كلّف ذلك من الثمن ، وتطلّب من الجهد ، قال الإمام عليّ بن الحسين زين العابدين (عليه السلام) : « لو يعلم الناس ما في طلب العلم لطلبوه ولو بسفك المهج وخوض اللّجج » (1) .

وينطلق هذا الموقف من اهتمام الإسلام بالعلم والمعرفة ، فللعلم والمعرفة مكانة عظيمة في هذا الدين تتجلّى في خلال ما جاء حولها من الآيات والنصوص الحديثيّة ، وما جاء حول أهل العلم ورجاله وطلاّبه من التجليل والتبجيل والاحترام والتكريم.

فقد قال سبحانه في كتابه الكريم : { قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الأَلْبَابِ } ( الزمر : 9) .

وقال أيضاً : { يَرْفَعِ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ } ( المجادلة : 11 ).

ويكفي للتدليل على شدّة اهتمام الإسلام بالعلم والعلماء أنّه وردت مادّة ( العلم ) في الكتاب العزيز ما يقارب (779) مرّة (2) .

وأيّ أمر أدل على هذا الاهتمام والعناية من افتتاح الله سبحانه وحيه لنبيّه محمّد (صلى الله عليه واله وسلم) بذكر العلم والقلم ، فلقد ابتدأت الآيات التي نزلت على النبيّ (صلى الله عليه واله وسلم) في مطلع البعثة الشريفة بالأمر بالقراءة ، وتحدثت عن القلم ، وتعليم الإنسان ما لم يعلم ، إشارة إلى أعظم موهبة إلهيّة بعد نعمة الخلق والإيجاد ، إذ قال تعالى : { بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَٰنِ الرَّحِيمِ اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ * خَلَقَ الإِنسَانَ مِنْ عَلَقٍ * اقْرَأْ وَرَبُّكَ الأَكْرَمُ * الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ * عَلَّمَ الإِنسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ } ( سورة العلق : 1 ـ 5) .

فهذه الآيات التي نزلت في بدء الدعوة وشروع الرسالة المحمديّة كانت بمثابة الخطب الافتتاحيّة التي يفتتح بها الرؤساء والقادة عهود حكمهم ورئاستهم ويبيّنون فيها منهج سياستهم وأهمّ الخطوط في برنامجهم للمستقبل ، فكما أنّ هذه الخطب بحكم كونها ترسم السياسة المستقبليّة لذلك الرئيس ـ تأتي مدروسة الألفاظ ، دقيقة المعاني ، محسوبة العبارات وتكون مهمّة غاية الأهمّية لأنّها تعكس أهمّ أغراض الحاكم وأبرز اهتماماته ، يكون افتتاح الوحي الإلهيّ بذكر العلم والقراءة والقلم وهو كناية عن الكتابة دليلا ـ وأيّ دليل ـ على العناية القصوى التي يحضى بها ( العلم ) في النظام الإسلاميّ .

وأيضاً يكفي للتدليل على هذه العناية الإسلاميّة القصوى بالعلم أنّ الله تعالى أقسم ـ في كتابه الكريم ـ بالقلم بقوله سبحانه : { ن وَالْقَلَمِ وَمَا يَسْطُرُونَ } ( القلم : 1).

وهو أمر ذو دلالة قويّة جداً وخاصّة في ذلك العصر الذي كان الاهتمام فيه بالعلم منعدماً أو كاد أن يكون كذلك (3) .

على أنّ ما جاء في الأحاديث والأخبار من النصوص المتضمّنة لبيان مكانة العلم والعلماء يضاهي ما جاء في القرآن ...

وأنت ـ أيّها القارئ الكريم ـ لو راجعت الموسوعات الحديثيّة ، ترى من كثب كيف اهتمّت الأخبار والروايات بهذا الأمر اهتماماً بالغاً لا تجد له نظيراً بالنسبة إلى سائر الموضوعات ؛ ممّا يعني أنّ ( العلم ) انفرد بهذا المقام في الأحاديث واختصّ به دون غيره وإليك فيما يلي طائفة من هذه الأحاديث  :

قال رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) : « فضلُ العلم أحبّ إلى الله من فضل العبادة » (4).

وقال أيضاً : « العلمُ رأس الخير كُلّه » (5) .

وقال : « قليل من العلم خير من كثير من العبادة » (6) .

ويروى أنّ النبيّ (صلى الله عليه واله وسلم) دخل ذات يوم إلى المسجد فإذا في المسجد مجلسان : مجلس يتفقّهون ، ومجلس يدعون الله ويسألونه فقال :

« كلا المجلسين إلى خير ، أمّا هؤلاء فيدعون الله ، وأمّا هؤلاء فيتعلّمون ويفقّهون الجاهل. هؤلاء أفضل ، بالتّعليم أرسلت » ، ثمّ قعد معهم (7) .

وقال الإمام عليّ بن أبي طالب (عليه السلام) : « العلم أصل كلّ خير » (8) .

وقال (عليه السلام ) أيضاً : « العلم وراثة كريمة » (9) .

وقال (عليه السلام ) أيضاً : « قيمة كلّ أمرئ ما يحسنه » (10) .

وقال (عليه السلام ) أيضاً : « العلم ضالّة المؤمن » (11) .

وقال الإمام جعفر بن محمّد الصادق (عليه السلام) : « العلم أصل كلّ حال سنيّ ومنتهى كلّ منزلة رفيعة » (12) .

وقال الإمام الباقر محمّد بن عليّ (عليه السلام) : « الرّوح عماد الدّين ، والعلم عماد الرّوح ، والبيان عماد العلم » (13) .

إلى غير ذلك من مئات الأحاديث والأخبار الدالّة على أهمّية العلم ومكانته العليا وموضعه الأرفع في الدين الإسلاميّ.

ومن هنا أكّد الإسلام على المسلمين أن يكتسبوا العلم ويحصلوا على المعرفة فقد روي عن النبيّ الأكرم (صلى الله عليه واله وسلم) أنّه قال : « طلب العلم فريضة على كلّ مسلم ومسلمة » (14) .

وقال (صلى الله عليه واله وسلم) : « طلب العلم فريضة على كلّ مسلم ألا إنّ الله يحبّ بغاة العلم » (15) .

وقال الإمام عليّ بن أبي طالب (عليه السلام) : « الشّاخص في طلب العلم كالمجاهد في سبيل الله » (16) .

وقال الإمام جعفر بن محمّد الصادق (عليه السلام) : « طلب العلم فريضة على كلّ حال » (17) .

وقال : « لست اُحبّ أن أرى الشّابّ منكم إلاّ غادياً في حالين : إمّا عالماً أو متعلّماً فإن لم يفعل فرّط ، فإن فرّط ضيّع ، فإن ضيّع أثم ، وإن أثم سكن النّار والّذي بعث محمّداً بالحقّ » (18) .

إلى غير ذلك من الأحاديث الكثيرة جدّاً.

وفي الوقت نفسه أوصى العلماء وأهل العلم أن يعلّموا الناس وينشروا الثقافة والعلم والمعرفة بينهم فقد روي عن الإمام عليّ )عليه السلام )أنّه قال : « إنّ الله لم يأخذ على الجّهال عهداً بطلب العلم حتّى أخذ على العلماء عهداً ببذل العلم للجهّال لأنّ العلم كان قبل الجهل » (19) .

وعن الإمام أبي جعفر الباقر (عليه السلام ) أنّه قال : « زكاة العلم أن تعلّمه عباد الله » (20).

ولقد روي أنّ الإمام عليّ لمّا كان يفرغ من الجهاد يتفرّغ لتعليم الناس (21) .

ولقد اعتبر الإسلام تعليم الأولاد وتثقيفهم حقّاً واجباً من حقوق الأبناء على آبائهم فعن النبيّ (صلى الله عليه واله وسلم) أنّه قال : « من حقّ الولد على والده ثلاثة يحسن اسمه ويعلّمه الكتابة ويزوّجه إذا بلغ » (22) .

وعن الإمام الصادق جعفر بن محمّد )عليه السلام ) أنّه قال : « الغلام يلعب سبع سنين ويتعلّم الكتابة سبع سنين ويتعلّم الحلال والحرام سبع سنين » (23) .

وقد كشف الإمام عليّ )عليه السلام )عن أنّ سنّ الطفولة هو أفضل فرصة لتلقّي العلم وأخذ المعرفة فقال : « وإنّما قلب الحدث كالأرض الخالية ما القي فيها من شيء قبلته » (24) .

ولذلك قال )عليه السلام ) : « علّموا صبيانكم من علمنا ما ينفعهم الله به لا تغلب عليهم المرجّئة برأيها » (25) .

فلا بدّ إذن من استغلال هذه الظاهرة واغتنام الفرصة وتوجيهها الوجهة الصالحة التي تتّسم بالتوازن وحسن السلوك وحبّ الفضيلة والمعرفة.

ولقد فتح الإسلام باب تحصيل العلوم في وجه الجميع نساء ورجالاً من دون أي قيد أو شرط ، إلاّ شرطاً واحداً هو أن يتمّ هذا التحصيل في جوّ سليم عار من أي فساد أخلاقيّ أو انحراف معنويّ.

وتحقيقاً لهذا الأمر السامي وهو تعميم الثقافة والعلم حظر على المعلّمين أن يأخذوا الاُجرة ـ على تعليمهم بعض العلوم.

هذا بعد أن رفع مكانة المعلّم ، وكشف عن جليل مقامه ، واعتبر حقّه من أعظم الحقوق.

قال الإمام زين العابدين (عليه السلام) : « وأمّا حقّ سائسك بالعلم فالتّعظيم له ، والتّوقير لمجلسه ، وحسن الاستماع إليه والإقبال عليه ، والمعونة له على نفسك فيما لا غنى بك عنه من العلم بأن تفرّغ له عقلك وتحضره فهمك ، وتزكّي له قلبك وتجلي له بصرك بترك اللّذات ، ونقص الشّهوات وأن تعلم أنّك فيما ألقى إليك رسوله إلى من لقيك من أهل الجّهل فلزمك حسن التأدية عنه إليهم ولا تخنه في تأدية رسالته والقيام بها عنه إذا تقلّدتها » (26) .

وروي عن الإمام أبي محمّد الحسن العسكريّ (عليه السلام) أنّه قال : « إنّ رجلاً جاء إلى عليّ بن الحسين برجل يزعم أنّه قاتل أبيه فاعترف فأوجب عليه القصاص ، وسأله أن يعفو عنه ليعظّم الله ثوابه فكأنّه لم تطب نفسه بذلك ، فقال عليّ بن الحسين (عليه السلام) للمدّعي للدّم الوليّ المستحقّ للقصاص  : إن كنت تذكر لهذا الرّجل عليك فضلاً فهب له هذه الجناية واغفر له هذا الذّنب ».

قال : أُريد القود [ أي القصاص ] فإن أراد لحقه على أن اُصالحه على الدية صالحته وعفوت عنه ... فقال عليّ بن الحسين (عليه السلام) : « فماذا حقّه عليك ».

قال : يا ابن رسول الله لقّنني توحيد الله ونبوّة محمّد رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) ، وإمامة عليّ والأئمّة : ... فقال عليّ بن الحسين (عليه السلام) : « فهذا لا يفي بدم أبيك ؟ بلى والله يفي بدماء أهل الأرض كلّهم من الأوّلين والآخرين سوى الأنبياء والأئمّة إن قتلوا ، فإنّه لا يفي بدمائهم شيء إن يقنع منه الدية ».

قال : بلى .

قال عليّ بن الحسين (عليه السلام) للقاتل : « افتجعل لي ثواب تلقينك له حتّى أبذل لك الدية فتنجو من القتل » ؟.

قال : يا ابن رسول الله أنا محتاج إليها وأنت مستغن عنها فإنّ ذنوبي عظيمة وذنبي إلى هذا المقتول أيضاً بيني وبينه لا بيني وبين وليّه هذا.

قال عليّ بن الحسين (عليه السلام) : « فتستسلم للقتل أحبّ إليك من نزولك عن هذا التّلقين » ؟.

قال : بلى يا ابن رسول الله.

فقال عليّ بن الحسين لوليّ المقتول : « يا عبد الله قابل بين ذنب هذا إليك وبين تطوّله عليك ، قتل أباك ، حرمه لذّة الدنيا وحرمك التّمتع به فيها على أنّك إن صبرت وسلمت فرفيقك أبوك في الجنان ، ولقّنك الإيمان فأوجب لك به جنّة الله الدائمة وأنقذك من عذابه الأليم ، فإحسانه إليك أضعاف جنايته عليك ، فإمّا أن تعفو عنه جزاءً على إحسانه إليك ، لأُحدّثكما بحديث من فضل رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) خير لك من الدّنيا بما فيها ، وإمّا أن تأبى أن تعفو عنه حتّى أبذل لك الدية لتصالحه عليها ثمّ أخبرته بالحديث دونك فلمّا يفوتك من ذلك الحديث خير من الدّنيا بما فيها لو اعتبرت به ».

فقال الفتى : يا ابن رسول الله قد عفوت عنه بلا دية ولا شيء إلاّ ابتغاء وجه الله ولمسألتك في أمره فحدّثنا يا ابن رسول الله بالحديث ... الخ ... » (27)

وقال رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) : « إنّ معلّم الخيرات يستغفر له دوابّ الأرض وحيتان البحر وكلّ ذي روح في الهواء وجميع أهل السّماء والأرض » (28)

وقال الصادق (عليه السلام) : « من علّم خيراً فله بمثل أجر من عمل به ».

قلت : فإن علّمه غيره أيجري ذلك ؟

قال (عليه السلام) : « إن علّمه النّاس كلّهم جرى له ».

قلت : فإن مات ؟ قال : « وإن مات » (29)

وعن النبيّ (صلى الله عليه واله وسلم) : « ما تصدّق النّاس بصدقة مثل علم ينشر ».

وعن النبيّ (صلى الله عليه واله وسلم) أنّه قال : « من علّم مسلماً مسألةً فقد ملك رقبته » فقيل يا رسول الله : أيبيعه ؟ قال : « لا ، ولكن يأمره وينهاه » (30)

ثمّ إنّ التاريخ الإسلاميّ مليء بالنساء العالمات اللواتي حظين بالمقام العلميّ السامي بفضل ما أتاح لهنّ الإسلام من فرصة التعليم واكتساب المعرفة ، وحتّى كان منهنّ المحدثات والراويات عن النبيّ (صلى الله عليه واله وسلم) وعن أهل بيته المطهّرين :.

فها هو ابن الأثير يذكر في كتابه طائفة منهنّ روين أحاديث عن النبيّ (صلى الله عليه واله وسلم) منهنّ  :

أسماء بنت يزيد السكن الأنصاريّة ابنة عمّ معاذ بن جبل.

وأسماء بنت يزيد الأنصاريّة من بني عبد الأشهل التي روت رواية شريفة جداً عن النبيّ (صلى الله عليه واله وسلم) بعد أن سألته عمّا يلحق بالنساء من الأجر والمثوبة من خدمة أزواجهنّ واستحسن النبيّ الأكرم (صلى الله عليه واله وسلم) سؤالها ومنطقها وأدبها.

واُميمة مولاة النبيّ (صلى الله عليه واله وسلم).

واُميمة بنت رقيقة بنت أبي صيفي بن هاشم بن عبد مناف.

وجويريّة بنت الحارث الخزاعيّة المصطلقيّة.

وحواء بنت زيد السكن الأنصاريّة الأشهليّة.

وخولة بنت عبد الله الأنصاريّة.

وزينب بنت جحش الأسديّة.

وزينب بنت خباب بن الأرت ( ذكرها البخاريّ في من روى عن النبيّ)

واُمّ صابر بنت نعيم بن مسعود الأشجعيّ.

وهذه نماذج من الصحابيّات والراويات التي تزخر بأسماءهنّ كتب أسماء الصحابة والرواة.

كما عقد العلاّمة المامقانيّ في كتابه الرجاليّ فصلاً خاصّاً وموسّعاً في ذكر النساء اللواتي لهنّ رواية عن النبيّ الأكرم (صلى الله عليه واله وسلم) ويعتبرن من حملة الحديث فعدّ منهنّ نساء بارزات في مجالات العلم والثقافة وذات شخصيّات ومواقف نبيلة ، ومن أراد الوقوف على كامل أسمائهنّ فليراجع الجزء الثالث / الصفحة 69 ـ 83 من هذا الكتاب.

وها نحن نذكر هنا بعضاً منهنّ على سبيل المثال لا الحصر :

اُمّ أيمن التي شهدت مع الصدّيقة الكبرى فاطمة الزهراء بنت النبيّ (صلى الله عليه واله وسلم) في قضيّة فدك.

وأسماء بنت أبي بكر التي سمّاها النبيّ (صلى الله عليه واله وسلم) بذات النطاقين إشارة لموقفها في حصار الشعب.

واُمّ حزام التي كان النبيّ (صلى الله عليه واله وسلم) يكرمها ويزورها في بيتها ، ويقيل عندها ، وأخبرها بأنّها شهيدة.

واُمّ سلمة التي كانت تغزو مع رسول الله وروت عنه (صلى الله عليه واله وسلم) أحاديث ، وروى عنها ابنها انس.

واُمّ سلمة التي كانت من المهاجرات إلى الحبشة.

واُمّ كلثوم التي كانت جليلة القدر فصيحة بليغة.

وثويبة مولاة أبي لهب ، وقد وقعت ضمن أسانيد الصدوق في كتاب من لا يحضره الفقيه في باب ما أحلّ الله من النكاح وما حرّم.

وحبابة بنت جعفر الأسديّة التي روت عن أمير المؤمنين (عليه السلام) وقالت : رأيت أمير المؤمنين في شرطة الخميس ومعه درّة يضرب بها بيّاع الجريّ والمارماهيّ ، والمزماريّ ويقول لهم : « يا بُيّاع مُسوُخ بني إسرائيل ... » إلى آخر الحديث.

وحكيمة بنت الإمام أبي جعفر محمّد بن عليّ الجواد (عليه السلام).

وحميدة البربريّة اُمّ الإمام أبي الحسن موسى بن جعفر (عليه السلام) وهي من الثقات التقيّات ، وكان مولانا الإمام الصادق (عليه السلام) يرسلها مع اُمّ فروة تقضيان حقوق أهل المدينة.

وزينب بنت أبي سلمة التي كانت من أفقه نساء زمانها ، وكانت كثيرة الخير والصدقة وكانت صنّاع تعمل بيدها وتتصدّق بيدها.

وسعيدة التي وقع اسمها في إسناد الكافي فقد روى في باب النوادر من آخر كتاب النكاح عن سعيدة ... .

وغيرهنّ كثيرات لم نذكر أسماءهنّ اختصاراً وإيجازاً (31)

وقد برزت هذه النسوة وصعدن إلى تلك المرتبة من العلم والفضيلة ، وضاهين الرجال في المقام والمنزلة بفضل الإسلام.

فقد ربّى في حجره مثل هذه النساء العالمات التقيّات ذوات الشخصيّة الرشيدة والمواقف البارزة ، والصفحات البيض ، والتواريخ المشرقة في شتّى مناحي الحياة الإسلاميّة ولولا الإسلام ، وما أولاهن من المنزلة والحظوة لبقيت المرأة تعاني من ما كانت تعانيه من ظلم الجاهليّة وعسفها ، وكبتها وتحقيرها.

فقد كانت المرأة في زمن الجاهليّة محرومة من كلّ مزايا الرجال ، تحتقر كما يحتقر الحيوان ، وتباع وتشترى كما يشترى ويباع المتاع ، حتّى جاء الإسلام وأولاهنّ ما أولاه من الرفعة بعد الضعة ، والشرف بعد المقت والعزّة بعد الإهانة والذّل ، فتخرّج منهنّ الكاتبات والأديبات والعالمات ، والراويات ، وربّات الفكر والرأي ، وذوات الشخصيّة والشأن الكبير.

على أنّ النساء لم يحصلن على حقوقهنّ في التعليم في ظلّ الحكومة والشريعة الإسلاميّة فقط ، بل حصلن على حقوق عادلة في التسوية مع الرجال في اعتناق الدين ، واستحقاق الثواب الاُخرويّ ، والاحترام الدنيويّ ، والميراث ، والزواج وحقوق الزوجيّة ، والطلاق ، والنفقة ، والوصيّة.

وجملة القول ؛ أنّه ما وجد دين ولا شرع ولا قانون في اُمّة من الاُمم أعطى النساء ما أعطاهنّ الإسلام من الحقوق والعناية والكرامة ، في جميع المجالات الإنسانيّة.

هذا ولقد كان الإسلام أوّل من عمل على محو الاُميّة ونشر الثقافة والعلم وتعميمها في أوساط الناس فيما كانت الحكومات المعاصرة لعصر النبوّة المحمديّة ـ كالأجهزة الحاكمة في إيران ـ تحظر العلم والثقافة على طبقات الشعب وتحرم اكتسابهما إلاّ على الأُمراء وأبناء الاُمراء ، وطبقة المؤبذين ( وهم رجال الدين الزرادشتي ) (32)

وإنّ أدلّ دليل على سعي الإسلام لمحو الاُميّة قبل أي أحد هو ما فعله النبيّ الأكرم (صلى الله عليه واله وسلم) مع أسرى بدر حيث جعل فداء بعض الأسرى الذين كانوا يعرفون القراءة والكتابة ، تعليم أولاد المسلمين : القراءة والكتابة.

فقد روى الحلبي في سيرته ذلك قائلاً : ( بعثت قريش في فداء الأسارى وكان الفداء فيهم على قدر أموالهم ، وكان من أربعة آلاف إلى ثلاثة آلاف درهم إلى ألفين إلى ألف. ومن لم يكن معه فداء وهو يحسن الكتابة دفع إليه عشرة غلمان من غلمان المدينة ليعلّمهم الكتابة فإذا تعلّموا كان ذلك فداء ) (33)

على أنّ المنهج الذي اختاره الإسلام هو جعل الإيمان مقروناً بالعلم ، والعلم مقروناً بالإيمان ... فالمكتفي بأحدهما كطائر يحلّق بجناح واحد ... ولذلك نرى أنّ الله سبحانه يقرن أحدهما بالآخر في كتابه إذ يقول : { يَرْفَعِ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ } ( المجادلة : 11)

وكقوله : { وَقَالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَالإِيمَانَ ... } ( الروم : 56).

وممّا يدلّ على ذلك ما نراه ـ إذا سرنا في البلاد الإسلاميّة ـ من بناء الجامعات إلى جنب المساجد الذي يشير بوضوح إلى عدم التفكيك بين العلم والإيمان ، وبين الدين والمعرفة في الحوزات الإسلاميّة العلميّة المبثوثة في كلّ أرجاء العالم الإسلاميّ أو انعقاد الحلقات الدراسيّة في المساجد. ولقد بلغ حثّ الإسلام على اكتساب العلم والمعرفة حدّاً بليغاً حتّى أنّه حرّض على الهجرة في سبيل اكتساب العلم ، عندما حثّ على أن يخرج من كلّ فريق طائفة تسافر إلى المدينة ، ليدركوا حضرة النبيّ (صلى الله عليه واله وسلم) وليتعلّموا منه ما يحتاجون إليه من العلوم والمعارف الإلهيّة المفيدة ثم يرجعوا إلى قومهم ... وهو أمر يدلّ ضمناً على أنّ الإسلام كان ممن أسّس بنيان الحوزات العلميّة والجامعات وهي حقيقة يدلّ عليها قوله سبحانه : { فَلَوْلا نَفَرَ مِن كُلِّ فِرْقَةٍ مِّنْهُمْ طَائِفَةٌ لِّيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ } ( التوبة : 122).

فإنّ هذه الآية وإن فسّرت بوجوه غير أنّ الأظهر في تفسير الآية ما روي عن الإمام الصادق (عليه السلام)  :

قال عبد الله بن المؤمن الأنصاريّ قلت لأبي عبد الله (عليه السلام) : إنّ قوماً يروون أنّ رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) قال : « اختلافُ اُمّتي رحمة » فقال : « صدقُوا » فقال : إن كان اختلافهم رحمة فاجتماعهم عذاب ؟ قال : « ليس حيثُ تذهب وذهبُوا ، إنّما أراد قول الله عزّ وجلّ : { فَلَوْلا نَفَرَ مِن كُلِّ فِرْقَةٍ مِّنْهُمْ طَائِفَةٌ لِّيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ } فأمرهم أن ينفروا إلى رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) ويختلفوا إليه فيتعلّموا ثمّ يرجعوا إلى قومهم فيعلّموهم ، إنّما أراد اختلافهم من البلدان لا اختلافاً في دين الله إنّما الديّن واحد » (34) .

وهذه الآية مضافاً إلى كونها دالّة على وجود مركز أو مراكز علميّة في زمن النبيّ يسافر إليها الأفراد ليتلقّوا فيها العلوم والمعارف اللازمة ؛ تدلّ على وجوب هذا الأمر وجوباً كفائيّاً ، ولقد استمرّ وجود هذه المراكز والحوزات العلميّة في زمن الأئمّة : وفي زمن الإمام الصادق خاصّة.

فقد روى أحمد بن محمّد بن عيسى وقال : خرجت إلى الكوفة في طلب الحديث فلقيت بها الحسن بن عليّ الوشا ، فسألته أن يخرج لي كتاب العلا بن رزين وأبان بن عثمان ، فأخرجهما إليّ فقلت له : أحبّ أن يجيزهما لي فقال : يرحمك الله وما عجلتك ، اذهب فاكتبهما واسمع من بعد ذلك ، فقال : لا آمن الحدثان ، فقال : لو علمت هذا الحديث يكون له هذا الطلب لاستكثرت منه فإنّي أدركت في هذا المسجد ( بالكوفة ) تسعمائة شيخ كلّ يقول حدّثني جعفر ( أي الإمام الصادق (عليه السلام) ) (35) .

وبالتالي فإنّ ما يدلّ على اهتمام الدين الإسلاميّ بانتشار العلوم والأخذ بالمعارف المتنوّعة هو ازدهار العلوم المختلفة بين المسلمين ونبوغهم المطّرد والبارز في شتّى مجالات المعرفة ، وتنوّع الكتب والمصنفات التي خلّفها المسلمون وصنّفها علماؤهم وكتّابهم ، وكانت أساساً لكثير من العلوم الحديثة.

يبقى أن نعرف أنّ الإسلام لا يطرح صيغة خاصّة لمنهج التعليم ، وقد سبق أن قلنا : إنّ خاتمية الدين الإسلاميّ تقتضي أن يبيّن الإسلام الجوهر واللب ، وأمّا الصور والأشكال فمتروكة للأجيال والعصور ، ومقتضياتها فلا مانع من أن يستفيد المسلمون من أي منهج تعليميّ ، وأن يستخدموا أي جهاز يضمن تعميم العلم كالتلفزيون والمذياع شريطة الحفاظ على خلق المجتمع ، وقيمه الإسلاميّة العليا. فإنّ الإسلام يخالف كلّ علم يتنافى مع سعادة البشر ويهدّد استقراره.

هذا ولعلّك تعجب إذا علمت أنّ تحصيل العلم في الفنون المختلفة من الطبّ والاقتصاد والحقوق السياسيّة والصنائع المتنوّعة فريضة إسلاميّة يجب على الجميع تعلّمه على نحو الواجب الكفائيّ لكي ترتفع حاجة المسلمين إلى غيرهم ، ويأمنوا بذلك من تدخّل الأجانب في شؤونهم ، بل الأعجب من ذلك أنّ التحصيل في بعض الشؤون واجب عينيّ وذلك فيما يتعلّق بمعرفة الأحكام الدينيّة من أحكام العبادات والمعاملات كما حقّق في موضعه (36) ، ولأجل ذلك وجب على الحكومة الإسلاميّة أن تخصّص قسماً كبيراً من ميزانيّتها لتأسيس الجامعات الدينيّة ، والعلميّة وتهيئة ظروف التعليم والتعلّم حتّى يتسنّى لأبناء الاُمّة تحصيل المعرفة في أي مجال مفيد ، وضروريّ لحياة الاُمّة. فإنّ جميع ما سقناه إليك من أدلّة حاثّة على طلب العلم ، وإنّ ما وصل إليه المسلمون القدامى من أزدهار ، وتقدّم عظيم ، في العلوم يستدعيان أن تكون الحكومة الإسلاميّة هي التي تتولّى تهيئة أجواء العلم والتعلّم والتعليم ، وإلاّ فكيف يمكن أن يتحقّق ذلك الازدهار ويتحقّق هذا الهدف العظيم ، والأمر خارج عن نطاق الأفراد بل هو ميسّر للحكومة وإمكانيّاتها ، ولوجوب أن تقتدي هذه الحكومة بسيرة النبيّ (صلى الله عليه واله وسلم) حيث تولّى بنفسه تهيئة أجواء التعليم والتعلّم لأبناء المدينة كما مرّ عليك في قصّة أسرى بدر.

__________________

(1)  بحار الأنوار 1 : 185.

(2)  راجع لذلك : المعجم المفهرس لألفاظ القرآن الكريم مادّة ( علم ).

(3)  روى البلاذري في فتوح البلدان : 459 ، إنّ عدد من كان يحسن الكتابة في الأوس والخزرج كان قليلاً ولا يتجاوز (11) شخصاً كما كان عدد من يحسن الكتابة في مكّة قليلاً أيضاً بحيث لا يتجاوز سبعة عشر كما في الصفحة 457 من نفس الكتاب.

(4)  بحار الأنوار 1 : 167 ، 185 ، 169.

(5) بحار الأنوار.

(6) بحار الأنوار 1 : 167 ، 185 ، 169.

(7) منية المريد : 13.

(8) غرر الحكم : 20.

(9) بحار الأنوار 1 : 167 ، 185 ، 169.

(10) نهج البلاغة : قصار الكلمات ( الكلمة رقم 81 ).

(11 و 13) بحار الأنوار 1 : 169 ، 181.

(12) ـ بحار الأنوار 2 : 31 ـ 32.

(14) البحار 1 : 177 ، وربّما ورد في بعض الأحاديث ذكر المسلم دون المسلمة والمراد به هو الجنس المسلم الشامل للذكر والاُنثى مثل ( إِنَّمَا المُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ ).

(15) الكافي 1 : 30.

(16) روضة الواعظين : 10.

(17) بصائر الدرجات : 3.

(18) بحار الأنوار 1 : 170 ، الحديث 22.

(19 و 20) الكافي 1 : 32 ـ 33.

(21) مستدرك الوسائل 2 : 417.

(22) مكارم الأخلاق : 114.

(23) وسائل الشيعة 7 : 194.

(24) نهج البلاغة : الخطبة 31.

(25) بحار الأنوار 2 : 16.

(26) تحف العقول ـ رسالة الحقوق ص 260.

(27 و 28 و 29 و 30) بحار الأنوار 2 : 12 ـ 13 ، 17 ، 16 ، 42.

(31) من أراد الوقوف على تفصيل ذكرهنّ وأسمائهنّ فعليه أن يراجع كتاب : أعلام النساء ، بلاغات النساء ، الخيرات الحسان ، والاستيعاب ، والإصابة.

(32) الشاهنامة للفردوسيّ 6 : 257 ـ 260.

(33) السيرة الحلبيّة 2 : 204.

(34) نور الثقلين 2 : 238.

(35) رجال النجاشيّ : 28 وتنقيح المقال للمامقانيّ 1 : 294.

(36) راجع فرائد الشيخ الانصاري :300-301.




وهو تفسير الآيات القرآنية على أساس الترتيب الزماني للآيات ، واعتبار الهجرة حدّاً زمنيّاً فاصلاً بين مرحلتين ، فكلُّ آيةٍ نزلت قبل الهجرة تُعتبر مكّيّة ، وكلّ آيةٍ نزلت بعد الهجرة فهي مدنيّة وإن كان مكان نزولها (مكّة) ، كالآيات التي نزلت على النبي حين كان في مكّة وقت الفتح ، فالمقياس هو الناحية الزمنيّة لا المكانيّة .

- المحكم هو الآيات التي معناها المقصود واضح لا يشتبه بالمعنى غير المقصود ، فيجب الايمان بمثل هذه الآيات والعمل بها.
- المتشابه هو الآيات التي لا تقصد ظواهرها ، ومعناها الحقيقي الذي يعبر عنه بـ«التأويل» لا يعلمه الا الله تعالى فيجب الايمان بمثل هذه الآيات ولكن لا يعمل بها.

النسخ في اللغة والقاموس هو بمعنى الإزالة والتغيير والتبديل والتحوير وابطال الشي‏ء ورفعه واقامة شي‏ء مقام شي‏ء، فيقال نسخت الشمس الظل : أي ازالته.
وتعريفه هو رفع حكم شرعي سابق بنص شرعي لا حق مع التراخي والزمان بينهما ، أي يكون بين الناسخ والمنسوخ زمن يكون المنسوخ ثابتا وملزما بحيث لو لم يكن النص الناسخ لاستمر العمل بالسابق وكان حكمه قائما .
وباختصار النسخ هو رفع الحكم الشرعي بخطاب قطعي للدلالة ومتأخر عنه أو هو بيان انتهاء امده والنسخ «جائز عقلا وواقع سمعا في شرائع ينسخ اللاحق منها السابق وفي شريعة واحدة» .