أقرأ أيضاً
التاريخ: 14-8-2018
3459
التاريخ: 6-11-2016
2616
التاريخ: 10-2-2021
1855
التاريخ: 6-11-2016
5805
|
التجارة:
وأتحدث الآن عن مورد اقتصادي، لعله كان أهم الموارد التي لعبت دورًا أساسيًّا في تشكيل الحياة الاقتصادية بما لها من تداخلات أخرى "اجتماعية وسياسية ودينية" في مجتمع شبه الجزيرة العربية قبل الإسلام، وهذا المورد هو التجارة. أما المقومان الرئيسيان لهذا المورد فقد كان أحدهما هو الطيوب والتوابل التي تنبت في جنوبي شبه الجزيرة لتجد طريقها برًّا وبحرًا إلى مصر وسورية ثم من الشواطئ السورية عبر المتوسط إلى الشواطئ الأوروبية في بلاد اليونان والرومان، بينما كان المفهوم الآخر هو الموقع الأوسط الذي تحتله شبه الجزيرة العربية بين الشرق والغرب لتمر بها الخطوط التجارية التي تربط بينهما، سواء في ذلك الخطوط البرية التي تخترق شمالي شبه الجزيرة متجهة إلى الشاطئ السوري، أو الخطوط البحرية التي تأتي من المحيط الهندي إلى البحر الأحمر مارَّة بمداخله عند عدن لتكمل طريقها إما برا عبر شبه الجزيرة من الجنوب إلى الشمال، أو بحرا بطول البحر الأحمر حتى موانئه الشمالية أو متنقلة بين الطريق البري والطريق البحري.
أ- أهمية هذا المورد ومظاهر ذلك:
وقد كان هذا الموقع الوسط وما ترتب عليه من مرور التجارة من الشرق إلى الغرب بشبه الجزيرة العربية ظاهرة استرعت اهتمام الكتاب الكلاسيكيين في العصرين اليوناني والروماني بدرجة تعطينا صورة مجسمة على حجم هذا المورد وأثره في تنمية اقتصاديات شبه الجزيرة في ذلك العصر الذي وصل فيه استهلاك الطيوب والتوابل إلى قدر كان مجال تعليق لهؤلاء الكاتب. فإلى جانب التفاصيل التي أفاضوا فيها عن طيوب شبه الجزيرة وتوابلها ووصولها إلى العالم الغربي، وهو أمر بدأ يتنبه هؤلاء الكتاب إليه منذ عهد المؤرخ اليوناني هيرودوتس في أواسط القرن الخامس ق. م. "وإن كان هذا لا يعني بطبيعة الحال، أن هذه التجارة لم تكن موجودة قبل ذلك". ومن الكتابات التي تركها لنا هؤلاء نعرف أن عرب شبه الجزيرة لم يكونوا يقتصرون على تصدير طيوبهم وتوابلهم إلى الغرب وإنما كانوا يصدرون كذلك ما يستوردونه من هذه السلع من الهند ومن الحبشة وبعض مناطق السودان aethiopia ومن الصومال trogloditikae. ويشير بلينيوس إلى الحجم الهائل لما كانت تستورده روما من شبه جزيرة العرب ضمن حديثه عن مستوردات روما من بعض هذه المناطق في أواسط القرن الأول الميلادي حين يذكر في مجال الحديث عن هذه السلع أن "الهند والصين وشبه جزيرة العرب تأخذ منا كل عام 100 مليون سستركه sesterces "عملة رومانية""، ونعرف أن هذا المبلغ كان شيئا كثيرا، حتى بالنسبة إلى الإمبراطورية الرومانية آنذاك، من العبارة التي ينهي بها حديثه في هذا الموضع حيث يقول في تعجب ظاهر: "وهذا هو ما كان يكلفنا ترفنا ونساءنا" (1).
وقد عاد هذا المورد التجاري على عدد من مناطق شبه الجزيرة بقدر كبير من الثروة "بغض النظر عن نصيب الطبقات المختلفة في المجتمع من المشاركة في هذه الثروة". ويتحدث الجغرافي اليوناني سترابون strabo عن غنى المنطقة الجنوبية الغربية في مجال وصفه لأسباب الحملة الرومانية التي جردها أغسطس، أول الأباطرة الرومان، على هذه المنطقة في 24 ق. م. فيذكر أن الحافز الذي دفع الإمبراطور الروماني إلى محاولة احتلالها هو ما سمعه عن ثروة سكانها ومن ثم كان هدفه هو "التعامل معهم كأصدقاء أثرياء أو السيطرة عليهم كأعداء أثرياء" (2). وبصرف النظر عن مدى ما في هذا التعليل من دقة أو تطابق مع أهداف أغسطس من الحملة فإن الإشارة واضحة إلى ثروة المنطقة. كذلك يتحدث الكاتب الموسوعي الروماني بلينيوس plinius عن العرب فيذكر أنهم " في عمومهم، أغنى أجناس العالم؛ لأن ثروات واسعة تتجمع في أيديهم من روما وبلاد فارس لقاء ما يبيعونه لهذين البلدين سواء من نتاج البحر "يقصد اللآلئ" أو من غاباتهم "يقصد غابات الطيوب"، دون أن يشتروا منهما شيئا في مقابل ذلك (3). وربما كان بلينيوس مبالغًا بعض الشيء فيما وصف به العرب من عدم استيراد أي شيء، ولكن يبدو فعلا أن وارداتهم لم تكن كثيرة، فنحن لا نسمع شيئا كثيرا عنها في علاقاتهم مع الآشوريين أو البابليين أو الفرس، أو في العصر اليوناني الروماني، وحين نبدأ نسمع شيئا عن ذلك في الشعر الجاهلي في القرن السادس الميلادي فهو لا يزيد كثيرا على بعض السيوف من الهند أو بعض الأقمشة الثمينة أو الموشاة من العراق والشام (4)، وربما كانت هناك كماليات أخرى مماثلة لم يرد إلينا ذكرها، ولكن تبقى في النهاية حقيقة ثابتة هي أن صادرات العرب كانت أكثر بكثير من وارداتهم، فالسلعتان الأساسيتان في العالم القديم وهما الحبوب والطيوب كانت إحداهما وهي الطيوب متوفرة لديهم، وكانت الأخرى وهي الحبوب متوفرة في منطقة اليمن وبعض الواحات، بينما لم يكن باقي سكان شبه الجزيرة يعتمدونها كمادة غذائية أساسية كما مر بنا في مناسبة سابقة.
وفي الواقع فإن الثروة التي عرفتها بعض مناطق شبه الجزيرة العربية قد أدت ببعض الكتاب الكلاسيكيين إلى قدر من المبالغة في تقدير مظاهر هذه الثروة، كما فعل أجاثارخيدس agatharchides في وصفه المسهب لحياة البذخ عند السبئيين، وكما فعل أرتميدوروس ARTEMIDOROS حين ذكر أن الجرهائيين "أهل جرهاء على شاطيء الخليج" والسبئيين "قد أصبحوا، بسبب تجارتهم، أغنى الجميع "يقصد سكان شبه الجزيرة العربية" فلديهم قدر كبير من الأدوات المصنوعة من الذهب والفضة مثل: النمارق والكراسي والأوعية وكؤوس الشراب، كما تتصف منازلهم بالبذخ إذ إن أبوابها وجدرانها وسقوفها مطعمة بالعاج والذهب والفضة ومرصعة بالأحجار الكريمة" (5).
ولكن إذا كانت مظاهر الثروة في بعض مناطق شبه الجزيرة قد ذكرت في المصادر الكتابية بشكل مبالغ فيه في بعض الجوانب، فإن الحديث عنها ليس خاليًا من أساس حقيقي، يدعم ذلك عدد من الأدلة الأثرية في أكثر من منطقة. ففي سبأ، على سبيل المثال، لا تزال هناك بقايا من أسوار المدن والأبراج والمعابد مثل معبد المقه إله القمر، والقصور ومجموعات الأعمدة والتماثيل، وسد مأرب الذي كان يحجز وراءه كميات هائلة من المياه تمرّر من خلال أنفاق في جسم السد لها أبواب تفتح عند اللزوم لأغراض الري. وكل هذا دليل على موارد هائلة من الثروة كانت تتمتع بها المنطقة، كما تؤكد ذلك مجموعات العملة التي ترجع إلى عهد الملوك السبئيين والملوك السبئيين الحميريين، وهي عملة كانت تضرب منذ القرن الثالث ق. م. على خط العملة الأثينية التي وجدت طريقها إلى المنطقة مع القوافل التجارية الآتية من غزة. كما كانت تتبع الوزن البابلي الشائع (6) -وهي إشارات تدل على مدى نشاط تجارة هذه المنطقة من الجزيرة العربية، سواء مع وادي الرافدين أو مع شواطئ البحر المتوسط، ومن ثم الرخاء والثروة المترتبان على ذلك.
وفي الأقسام الأخرى من شبه الجزيرة تجد في المنطقة التي كانت فيها إمارة الأنباط الأضرحة المنحوتة في الصخر في مدائن صالح -في شمال غربي السعودية- والبتراء -بالأردن- في مهارة فنية فائقة وبشكل يشير في مجموعه وفي تفاصيله إلى قدر كبير من الثراء الذي يصل إلى حد البذخ في مواضع عديدة، كما نجد في مدينة جرش -بالأردن حاليا- الساحة الكبيرة forum التي تحيط بها الأعمدة الشاهقة على النمط الروماني، وبقايا الشوارع المتقاطعة المرصوفة بالأحجار العريضة والتي لا يزال عدد كبير من الأعمدة التي تحف بها قائمة حتى الآن، هذا إلى جانب المسرح الحجري المدرج الذي بقي حتى الوقت الحاضر محتفظًا بحالته القديمة في أغلب مقوماته مثل ساحة الجوقة ومدرجات المشاهدين. أما تدمر، هذه المدينة الفريدة التي كانت تقع في قلب الصحراء في شمالي شبه الجزيرة عند نقطة التوازن القوية بين أملاك الرومان في الغرب وأملاك الفرس في الشرق، والتي عرفها اليونان والرومان باسم "مدينة النخيل" palmyra، فلا تزال آثارها الباقية حتى الآن تنطق بما كانت تتمتع به من ثروة كبيرة، ومن بين هذه الآثار العديدة طريق الأعمدة التي تنتهي بقوس النصر، وكانت هذه هي الطريق الرئيسة في المدينة، يحف بها صفانِ من الأعمدة بطولها من اليمين واليسار لا يزال باقيا منها حتى الآن 150 عمودا ضخما من أصل 375 عمودا، ومعبد بعل ومعبد بعل شمين "رب السموات" وعدد من الأبراج الجنائزية المربعة الشكل التي كانت تستخدم كمقابر للدفن وعدد من المناظر المنحوتة على طريقة النحت البارز التي كانت تزين واجهات المعابد والمباني الأخرى (7).
ونحن نستطيع في الواقع أن ندرك، من زاوية أخرى، مقدار ما كان يمكن أن تجنيه بعض مناطق شبه الجزيرة من ثروة من هذا المورد الاقتصادي التجاري إذا ألقينا نظرة سريعة على بعض المؤشرات التي نستنتج منها حجم النشاط التجاري والمعاملات التجارية في شبه الجزيرة العربية، ومن بين هذه المؤشرات، على سبيل المثال، ما نجده في النقوش التي عثر عليها المنقبون الأثريون في العربية الجنوبية من وفرة في الألفاظ ذات المعاني التجارية التي تتصل بالبيع والشراء والامتلاك والعقود والأوامر التي كان الملوك يصدرونها لتنظيم جباية المكوس -الضرائب الجمركية- على السلع التي تباع في الأسواق وما يترتب على مخالفتها أو التهرب منها من عقوبات، أو لتنظيم المعاملات التجارية بجوانبها المختلفة مثل الشروط التي تتصل بحقوق الأغراب في ممارسة التجارة بالمنطقة أو بممارسة أهل المنطقة للتجارة في الخارج.
وعلى سبيل المثال، فنحن نجد من بين هذه النقوش نقشًا يشكل مرسومًا ملكيًّا موجهًا من الملك "شهر هلل -أو هلال- بن يدع اب" إلى تجار قتبان، سواء منهم أبناء المنطقة أو الأغراب القادمون إليها بقصد الاتجار، ومن بين ما ورد في هذا النقش أن "من يتجر تجارة في تمنع -عاصمة قتبان- أو بخارج تمنع فعليه أن يقدم عربونًا إلى تمنع وأن يكون مقيما بشمر -إحدى المدن- وإن آثر قتبان محلًّا لاتجاره، وأراد أن يتجول ليشتري، فعليه أن يشتري من شمر" (8) والجملة تشير، كما هو واضح، إلى الشروط التي يجب أن يلتزم بها التجار الأغراب الوافدون إلى قتبان للاتجار فيها، سواء من حيث مكان إقامتهم أو مكان مشترياتهم أو مكان ممارستهم لتجارتهم، أو الرسوم المطلوب تأديتها إلى الإدارة المختصة بالعاصمة.
والشيء ذاته نجده في منطقة الحجاز حيث ظهر أكثر من مركز تجاري من بينها مكة ويثرب والطائف. وفي مكة، على سبيل المثال، نرى قبيلة قريش وقد نشطت نشاطا ملحوظا ومستمرا في المعاملات التجارية سواء فيما بين القرشيين وبعضهم أو مع الشعوب الأخرى مثل البيزنطيين والفرس والحبش، بحيث أصبح لديهم من تجاربهم في هذا المجال عدد من القواعد والأصول التي شكلت عرفا تجاريا متبعا جعل باحثا معاصرا يرى فيه ما يمكن أن نسميه "قانون التجارة" بالنسبة لأهل تلك المدينة (9)، كما نجد قريشا تعقد عددا من المعاهدات أو الاتفاقات التجارية لتأمين تجارتها سواء في خارج شبه جزيرة العرب أو في داخلها مثل المعاهدتين التي عقدت إحداهما مع حكومة الإمبراطورية البيزنطية في بيزنطة والأخرى مع حكومة الإمبراطورية الفارسية في طيسفون ctesiphon -المدائن في العصر الإسلامي- ومثل الاتفاق الذي تم مع الرسول -صلى الله عليه [وآله] وسلم- والمسلمين بعد أن أخذ المسلمون يقطعون على قريش الطريق التي تمر بها قوافلها التجارية، وهو الاتفاق الذي تضمنه صلح الحديبية (10).
وقد كان هناك عدد من الطرق البرية والبحرية التي تنقل هذه التجارة النشطة. وبعض هذه الطرق كان يبدأ من المنطقة الجنوبية الغربية في شبه الجزيرة متخذًا طريقه إلى وادي الرافدين أو إلى سورية، والبعض الآخر كان يخترق شبه الجزيرة في اتجاه عرضي بين وادي الرافدين وسورية، ثم كانت هناك الطرق التي تحمل التجارة من المحيط الهندي ثم بطول البحر الأحمر حتى موانئه الشمالية. ويحدثنا الكتاب الكلاسيكيون عن هذه الطرق وتقسيماتها وتفريعاتها وما حدث فيها من تغير أو إضافات بين عصر وعصر والخدمات التي كانت تتم على طول بعض هذه الطرق بشيء غير قليل من التفصيل الذي يعطينا فكرة واضحة في عمومها عن النشاط التجاري الكثيف لشبه الجزيرة العربية.
ب- طرق التجارة البرية:
ومن خلال هذه التفاصيل ومن عدد من النقوش والمصادر الأخرى نستطيع أن نميز عدة اتجاهات رئيسة للطرق البرية. والاتجاه الأول كانت تتبعه طريق موازية تقريبا للبحر الأحمر من أقصى جنوب شبه الجزيرة إلى المنطقة السورية وشواطئها في الشمال. هذه الطريق كانت تبدأ من مناطق قتبان في الركن الجنوبي الغربي من شبه الجزيرة وحضرموت الواقعة إلى شرقيها وسبأ المتاخمة لهما من ناحية الشمال. ويبدو أن اتفاقًا ما كان قائما في أواسط القرن الثاني الميلادي "وربما كان قائما قبل ذلك التاريخ، وربما استمر قائما بعده" بين اثنتين من هذه المناطق الثلاث على الأقل، وهما سبأ وقتبان، تتجمع بمقتضاه أحمال الطيوب في تمنع "thomna عند الكاتب الموسوعي الروماني بلينيوس plinius" عاصمة قتبان، ولعل التضاريس الجغرافية هي التي قضت بهذا الاتفاق، ومن تمنع تبدأ طريق القوافل الرئيسة نحو الشمال مخترقة الحدود الشمالية لمنطقة سبأ لتتخذ بعد ذلك شكل ممر طويل ضيق يقع في أرض المعينيين ثم تصل بعد ذلك إلى مكة التي نراها قبل ظهور الإسلام مركزا تجاريا نشطا يعقد الصفقات ويبرم الاتفاقات سواء منها الداخلية أو التي تتم مع الدول المتاخمة لشبه الجزيرة، ثم تستمر الطريق شمالًا إلى ديدان "العلا الحالية" ثم إلى مدين "مغاور شعيب حاليا" حيث لا تزال الآثار التي تنم عن ثروة هاتين المدينتين تشير إلى الثروة التجارية التي كانتا تتمتعان بها ثم إلى أيلة -العقبة حاليا- ثم بعد ذلك إلى البتراء "petra عند الكتاب الكلاسيكيين" عاصمة الأنباط، ثم تتفرع الطريق هنا إلى فرعين أحدهما إلى تدمر "palmyra عند الكتاب الكلاسيكيين" في الشمال والآخر يتجه إلى الغرب مع ميل طفيف إلى الشمال الغربي حتى يصل إلى غزة ورينوكولورا rhinokoloura على الشاطئ الفلسطيني. هذا وقد زيد على هذين الفرعين فرع ثالث في عهد الإمبراطور تراجان "ترايانوس trajanus" يصل بين أيلة -العقبة- وتدمر ثم شقّه في 110-111 مارًّا بالبتراء وآريوبوليس areopolis "ربة عمون" وفيلادلفيا philadelphia "عمان" وبصرى bostra ومنتهيا إلى تدمر (11) .
هذه هي الطريق البرية الطولية التي كانت تصل بين جنوبي شبه الجزيرة العربية وشماليها، اتجاها إلى المنطقة السورية. ويذكر لنا أراتوسثنيس الجغرافي اليوناني "275-194ق. م" أن القوافل التجارية كانت تقطع الجزء الواقع من هذه الطريق بين جنوبي شبه الجزيرة وأيله -العقبة- في الشمال في 70 يومًا (12)، كما يذكر بلينيوس "23 /24 -75م" أن رحلة القوافل من تمنع "عاصمة قتبان" إلى غزة كانت مقسمة إلى 65 شوطا "تمثل بالضرورة 65 يوما" في كل شوط منها مواقف للجمال، وأن أصحاب القوافل كان عليهم أن يدفعوا في كل شوط من هذه الأشواط ثمن الحصول على الماء أو الحشائش والعلف للجمال أو أجر النزل الخاصة بالمبيت أو رسومًا لقاء السماح بالمرور أو الحماية وهكذا (13).
ونحن نجد، إلى جانب هذا التعميم، مثالًا محددًا لما كان يحدث في تمنع في بداية الطريق، حيث كان ملك قتبان يجبي ضريبة على كل الطيوب المارة بمنطقته، كما كانت حصص من الطيوب تعطى لرجال الدين ولأمناء الملك وحرس حاشيته وخدمه ولحراس البوابات مما كان يرتفع كثيرا بثمن هذه الطيوب قبل أن تصل إلى نهاية طريقها على شواطئ المتوسط (14). أما الطريق بين أيلة وتدمر، وهي الطريق التي شقت في عهد الإمبراطور تراجان فقد لقيت عناية مستمرة من جانب الولاة الرومان الذين أقاموا عليها مراكز شرطة للحراسة عند محاطِّ القوافل التجارية التي كانت تمر بها، أقاموا عددا آخر من هذه المراكز على امتداد هذه الطريق في الطريق الرئيسة جنوبا حتى الحدود التي كانت تفصل بين سورية والحجاز، أي: إلى منطقة ديدان -العلا حاليا- وإجرا "الحجر في القرآن الكريم والوجه حاليا" (15).
أما عن الطرق التي كانت تخترق شبه الجزيرة عرضًا فقد عرفت المنطقة أربعًا منها على الأقل في العصور السابقة للإسلام. وأولى هذه الطرق جنوبا يشير إليها إراتوسثنيس "أراتسطين" الجغرافي حين يذكر أن طريقا كانت تمتد من المناطق المنتجة للمر في الغرب، متخذة اتجاها شرقيا بطول الساحل المتعرج لشبه الجزيرة حتى تصل إلى المنطقة المنتجة للقرفة بعد 5000 ستاديون -حوالي 600 ميل- ولكن يبدو أن هذه الطريق لم تكن توصل إلى ميناء على شاطئ المحيط الهندي أو الخليج الفارسي -الخليج العربي الآن- إذ يذكر لنا هذا الكاتب أن أحدا لم يكن قد وصل بعد في عصره "275-194ق. م." إلى أبعد من منطقة القرفة التي يتحدث عنها، كما يزيد على ذلك أنه لا توجد مدن كثيرة على الشاطئ بينما يوجد في الداخل عدد من المدن الجميلة وهي إشارة لنا أن نستنتج منها عدم وجود موانئ على الشاطئ (16). وهكذا يبدو لنا أن نعتبر أن هذه الطريق كانت مهمتها الأساسية، وربما الوحيدة، أن تتبعها قوافل القرفة "سواء أكانت هذه القوافل لتجار من منطقة القرفة، أم لتجار أتوا إليها من الغرب وعادوا بأحمال القرفة" متجهة نحو الغرب حتى تتجمع في تمنع "عاصمة قتبان" عند بداية خط القوافل المتجهة شمالًا. وهو استنتاج يؤيده ما يذكره لنا الكاتب الموسوعي بلينيوس الذي نعرف منه أن ملك قتبان كان الوحيد الذي يتحكم في تجارة القرفة (17) .
والطريق الثانية تنطلق كذلك من القسم الجنوبي الغربي لشبه الجزيرة، متخذة اتجاها شماليا إلى جرهاء GERRHA وهي مدينة من المرجح أن موقعها كان على مقربة من ميناء العقير الحالية "شمال شرقي الهفوف" في وسط ساحل شبه الجزيرة المطلّ على الخليج. ويبدو أن نشاط هذا الخط التجاري كان مكثفًا إلى حد كبير، فجرهاء كانت إحدى المنطقتين التي أفاض الكتاب الكلاسيكيون في وصف سكانهما بالثراء الذي يصل إلى حد البذخ، كما يبدو أن هذا النشاط التجاري يرجع إلى فترات زمنية موغلة في القدم، كما تدل على ذلك آثار الأماكن القريبة منها في الدوسرية وجزيرة تاروت وأبقيق وكلها تشير إلى علاقة حضارية قوية مع حضارة عصر العُبيد -بضم العين- التي سادت وادي الرافدين في أواسط الألف الرابعة ق. م. أما عن نشاط هذه الطريق في العصر المتأغرق "عصر ما بعد الإسكندر الأكبر خلال القرون الثلاثة الأخيرة ق. م."، فتدل عليه، إلى جانب ما ذكره الكتاب الكلاسيكيون، الآثار التي وجدت في منطقة الفاو بوادي الدواسر في منطقة نجد والتي ترجع إلى حوالي 300 ق. م. وهي منطقة يشير موقعها أنها كانت إحدى المحطات على الطريق التي نحن بصدد الحديث عنها. وقد سبق أن رأينا من بين ما عثر عليه من آثار هذا الموقع سوقًا تجارية كاملة تضم مخازن تجارية وطرقًا ونزلًا لمبيت التجار، كذلك تدل بعض هذه الآثار، ومنها مقابض أبواب من البرونز على شكل رأس أسد، على قدر من الثراء والترف يصلح مؤشرا إلى مدى النشاط الاقتصادي على هذه الطريق التجارية التي كانت تحمل طيوب العربية الجنوبية إلى وادي الرافدين. هذا وحين كانت أحمال الطيوب تصل إلى جرهاء كانت تنقل بعد ذلك إلى وادي الرافدين إما برا، وإما في قوارب تبحر في الخليج حتى تصل إلى نهر الفرات ومن هناك تستأنف رحلتها البرية إلى حيثما توجد أسواق المنطقة (18).
الطريق البرية الثالثة التي تخترق شبه الجزيرة عرضا تبدأ من مكة وتنتهي إلى وادي الرافدين. ودليلنا التاريخي على ذلك هو إبرام القرشيين لاتفاق مع الإمبراطور الفارسي كما أشرت في مناسبة سابقة، وهو اتفاق كان هدفه تأمين تجارة القرشيين في المناطق الواقعة تحت سيطرة الفرس، ومن ثم يشير إلى وجود مثل هذه الطريق. وفي الواقع فإن هناك آثارًا لا تزال باقية حتى الآن لطريق بين مكة ووادي الرافدين. وعند حائل في وسط المسافة تقريبا تتفرع الطريق إلى فرعين في هذا الاتجاه، أحدهما يصل إلى مصب الفرات مارًّا بموقع "بُرَيْدة" والآخر يصل إلى بابل مارًّا بعدد من المواقع أو بقربها مثل "السِّفن"، و"فيد". وقد أصبح هذا الفرع الأخير طريقًا رئيسة للحج والتجارة في العصر الإسلامي تحت اسم "درب زبيدة" "الذي كان يصل إلى المتحف بجوار بابل"، ولكن يبدو مؤكدا أنه كان موجودا ومستخدما قبل ظهور الإسلام، ففي "فيد" توجد آثار يطلق عليها الآن اسم "خرائب قصر جراش" يعتقد أنها تشكل موقع مدينة كانت قائمة في عصر ما قبل الإسلام. وأما السفن -بكسر وتشديد السين- فهي تقع في وادٍ صغير "في سفح جبل أجا إلى الشمال الشرقي من حائل" وقد اكتشفت بها آثار أحواض وقنوات مائية قديمة كانت تستخدم لتصريف مياه الوادي وسقي المزارع، ويستدل من النقوش الموجودة على جبل أجا -الذي تقع عند سفحه- على أن الموقع يعود تاريخه إلى القرن الخامس ق. م. ومثل هذا الوادي بمزارعه وأحواضه وقنواته دليل استقرار يشير إلى أنه موقع صالح لأن يكون محطًّا من محاطِّ طرق القوافل في العصر القديم (19).
ويبدو أن طريق مكة، وادي الرافدين لم تكن طريقًا قديمة لها من الشهرة ما كان للطرق الأخرى التي اهتم بها رواد المنطقة أو الذين كتبوا عنها من الجغرافيين والكتاب الكلاسيكيين الأوائل، فنحن لا نسمع عنها حتى عهد بلينيوس الذي كتب في أواسط القرن الأول الميلادي بينما نسمع عن الطريق الجنوبية الشمالية الموصلة بين قتبان وسبأ وحضرموت من جهة وأيلة وغزة من جهة أخرى، وعن الطريق الموصلة بين هذه المناطق وجرهاء. ولكنا نبدأ في التعرف عليها في النصف الأول من القرن الثاني الميلادي حين نراها على خريطة الجغرافي اليوناني بطلميوس كلاوديوس "كتب بين 121، 151م، وهو الذي عرفه الكتاب المسلمون فيما بعد باسم القلوذي أو الجغرافي"، وهي تظهر في خريطته تحت اسم مكارابو makarabu. ونحن إذا تأملنا الاسم نجد أن طريقة نطقه ونهايته لها مسحة أكدية واضحة (20) "واللغة الأكدية تطلق على اللهجتين الساميتين: البابلية والآشورية. وهذا يشير إلى حقيقة ظاهرة هي الاتصال القوي بين مكة وبين وادي الرافدين عن طريق القوافل التجارية بحيث أصبح الشكل الأكدي لاسم مكة هو الشكل السائد الذي تعرف به عند الشعوب الأخرى والكتاب الذين ينتمون إلى هذه الشعوب مثل بطلميوس الجغرافي، وهو يوناني من مصر. كذلك نستطيع أن نستنتج من ورود اسم مكة في خريطة هذا الجغرافي مع عدم ورودها في الكتابات الجغرافية أو الموسوعية أو النصوص السابقة أن أهميتها قبل عهد بطلميوس الجغرافي كانت محلية ومحدودة، وأنها لم تبدأ تظهر على أي مستوى له قيمته في مجال التجارة الدولية إلا في الوقت الذي كتب فيه هذا الجغرافي أو قبل ذلك بقليل، ربما في أواخر القرن الأول الميلادي "الذي كتب بلينيوس في وسطه ولم يذكرها، على كثرة ما ذكر من أماكن ومناطق في وصفه لشبه الجزيرة العربية وعلى حرصه على ذلك".
أما الطريق العرضية الرابعة، فكانت تتفرع من الطريق الطولية الجنوبية الشمالية بعد مسافة شمالي يثرب "iatribu في النصوص الأكَّدية والمدينة المنورة منذ هجرة الرسول -صلى الله عليه[وآله] وسلم- إليها" في اتجاه شمالي شرقي مارة بعدد من الأماكن أهمها تيماء "tema في النصوص الأكدية" ثم دومة الجندل "adumatu في النصوص الأكدية، والجوف حاليا" ثم تنتهي إلى وادي الرافدين عند بابل على نهر الفرات. وهذه الطريق من الطرق التجارية المهمة القديمة، فنحن نجد الإشارة إلى تيماء في أكثر من نص من النصوص الأكدية أولها يرجع إلى عهد تجلات بيليسر الثالث "727-744 ق. م" فنجده يستولي عليها في حملة شنها على سورية بعد العام التاسع من حكمه، ثم تظهر في نص آخر غير محدد التاريخ ولكنه يعود إلى حكم الملك ذاته. ثم يتواتر ذكرها عدة مرات في عهد الملك البابلي نابونائيد "555-539 ق. م" الذي يقيم بها نحو عشر سنوات من سني حكمه. والمدينة تقع ضمن واحة كانت على قدر كبير من الازدهار في العصور القديمة، نعرف ذلك من أحد النقوش المتعلقة بالملك نابونائيد الذي يشير إلى المدينة وإلى الريف المحيط بها، وهو ريف يبدو أنه كان غنيًّا ببساتين النخيل التي ظلت سمة هذه الواحة عبر القرون إلى أن نجد إشارة واضحة إليها في شعر امرئ القيس في القرن السادس الميلادي بعد 12 قرنًا من عهد الملك نابونائيد "ولا يزال في الواقع حتى الآن، كما يستطيع الزائر للمنطقة أن يراه وبخاصة حول بئر الهداج التي يحتمل أن يعود تاريخ بنائها إلى القرن الثالث ق. م" كذلك يشير النص إلى قصر اتخذه نابونائيد بتيماء وإلى حامية عسكرية من جنوده اتخذت مراكز هناك لحماية المدينة. وفي الواقع فإن الآثار المتبقية حتى الآن من هذه المدينة تشير بشكل واضح إلى أهميتها التي كانت ذات طابع اقتصادي في المقام الأول. فلا يزال هناك جزء من سورها الضخم يرجع إلى حوالي القرن الخامس ق. م. وبقايا من قصر الرضم الذي يرجع إلى القرن الثالث ق. م. والذي شيدت دعامات سوره من الحجر المصقول، كما لا تزال هناك بعض قواعد الأعمدة التي كانت تشكل جزءًا من قصر السموأل بن عادياء "القرن السادس الميلادي" المسمى بقصر الأبلق والذي نجد إشارة إليه في أكثر من موضع من شعر الأعشى الكبير الذي عاصر نهاية العصر الجاهلي وبداية العصر الإسلامي (21).
أما عن دومة الجندل فهي لا تقل في قدمها وأهميتها عن تيماء فقد ورد ذكرها في نص أكدي كإحدى المدن التي استولى عليها سنحريب الملك الآشوري "704-681". كذلك كانت هذه المنطقة -ولا تزال- واحة تجعل منها محطًّا تجاريًّا من الطراز الأول، يزيد من أهميته وقوعه في نقطة الوسط على الطريق بين وادي الرافدين والخط التجاري الطولي الذي يمتد بإزاء الشاطئ الغربي لشبه الجزيرة. ونحن نستطيع أن نعرف شيئًا عن الأهمية التجارية لهذه المدينة باستقراء الآثار التي لا تزال باقية بها حتى الآن، ومن بين هذه قصر مارد أو قصر الأكيدر الذي يرجع بناؤه إلى القرن الثالث ق. م. كما نستنتج من دراسة هذا الأثر أن فترات بناء متعددة قد تعاقبت عليه بعد ذلك، مما يدل على أهمية موقعه. وإلى جانب هذا فقد عثر في الموقع على عدد من النقوش المتباينة في لهجاتها، بين معينية وثمودية ولحيانية ونبطية (22)، وهي ظاهرة تدل على قوافل تجارية لأقوام متعددة كانت تمر بهذه المنطقة.
وتبقى في نهاية الحديث عن الطرق البرية العرضية طريق خامسة، هي الطريق التي تقع إلى أقصى الشمال في شبه الجزيرة العربية. وقد كانت هذه الطريق تشكل في الواقع امتدادًا صحراويًّا لطريق تجارية تبدأ من الرمادي "على نهر الفرات إلى شمالي غربي بغداد" وتسير بمحاذاة النهر حتى ماري mari "قرب أبو كمال الحالية على القسم الشمالي من نهر الفرات من ناحية الصحراء" ثم تمتد غربا إلى تدمر، ومن تدمر تمتد غربا بميل طفيف إلى الشمال الغربي إلى حمص، ومن هناك تتفرع إلى عدة فروع تصل بين حمص من جهة والموانئ الفينيقية ودمشق وفلسطين من الناحية الأخرى. وفي الواقع فإن هذه الطريق كانت حلقة الوصل فيها هي مدينة تدمر، هذه الواحة الغنية بالنخيل التي تقبع في وسط الصحراء، أما بقية الطريق الواقعة إلى شرقي تدمر أو غربيها، فكانت، رغم قصرها "فهي لا تزيد كثيرا على 300 ميل" معرضة لغارات القبائل البدوية المتنقلة بالمنطقة المحيطة بها (23). ولكن مع ذلك فقد احتفظت هذه الطريق القديمة بأهميتها. كما احتفظت بالأهمية ذاتها كل الطرق الأخرى التي شقت بعد ذلك واتخذت من تدمر نقطة ارتكاز لها في الوصل بين طرفي الصحراء عند حدود كل من وادي الرافدين وسورية وأهمها طريق دقلديانوس STRATA DIOCLETIANS التي شقت في عهد هذا الإمبراطور "284-305م" بين دمشق في الجنوب الغربي وسرجيوبوليس sergiopolis "الرصافة" في الشمال الشرقي على مقربة من الفرات، بعد تدمير مدينة تدمر "273م". أما السبب الذي أدى إلى أهمية هذه الطريق فله صفة سياسية، إلى جانب صفته التجارية. فالمنطقة، كما أسلفت، كانت تقطنها قبائل بدوية متنقلة تسبب كثيرا من القلق على الحدود السورية أو حدود وادي الرافدين. ومن ثم فقد كان موقع تدمر كنقطة تأمين للطريق ومن ثم إقرار للأمور أمرا واردا لأي من القوتين في شرقي الصحراء أو غربيها، وهكذا انتهى الأمر دائما بتأمين الطريق لهذا الهدف السياسي وتبع ذلك ازدهار النشاط التجاري عليه. وهكذا، على سبيل المثال، اعتنت حكومة الإمبراطورية الرومانية ببناء عدد من الحصون على طول طريق دقلديانوس التي سبقت الإشارة إليها، وقد تم اكتشاف بقايا عدد من هذه الحصون قائمة في أماكن عديدة على طول هذه الطريق حتى الآن (24). هذا، إلى أن التوتر السياسي والعسكري الدائم بين الرومان والفرس ودأب الفرس على قطع الطريق التجارية على التجار الرومان، أفسح المجال أمام مدينة تدمر على أن تلعب دور الوساطة التجارية كمنطقة شبه محايدة، وإن كانت داخلة ضمن النفوذ الروماني، طالما أنها لم تكن من الناحية الرسمية، وهكذا تضمن روما الحصول على السلع اللازمة لها من الشرق الأوسط والأقصى.
ج- النشاط التجاري البحري:
وأنتقل بالحديث الآن إلى الشق الآخر من النشاط التجاري لشبه الجزيرة، وهو النشاط التجاري البحري. وأول ما نلاحظه في هذا الصدد هو أن الموقع الجغرافي التاريخي لشبه الجزيرة العربية كان موقعًا يتيح لها إمكانات واسعة في مجال التجارة البحرية. فهي تشغل، كما سبق أن رأينا في مناسبة سابقة، موقعا وسطا بين بحرين هما البحر الأحمر من الغرب والخليج من الشرق وبينهما يمتد المحيط الهندي ليستمر بعد ذلك شرقا. كذلك فإن الرياح الموسمية التي تسود المنطقة أثبتت أنها عامل مساعد للملاحين إلى حد كبير. هذا، إلى أن نهري دجلة والفرات في شمال الخليج، ونهر النيل عبر البحر الأحمر، بإمكاناتهما في مجال النقل يشكلان امتدادين لهذا الموقع التجاري الوسيط، أما من الناحية التاريخية فشبه الجزيرة كان يحيط بها دائما قوتان حضاريتان كبيرتان إما حضارة الآشوريين والبابليين أو الفرس في الشرق، وإما المصريون أو البطالمة أو الرومان في الغرب.
ولكن وقفت في الجانب الآخر عدة صعاب لم تمكن عرب شبه الجزيرة في الحقبة الأولى من العصور القديمة من الانتفاع بهذه الإمكانات المتاحة لها من حيث الموقع. فالبحر الأحمر شواطئه ليست آمنة تماما، بل إن أغلب هذه الشواطئ، وبخاصة في القسم الشمالي من هذا البحر، عبارة عن شعب مرجانية لا تسمح بوجود موانئ ترسو عليها السفن في شيء من الأمان، أما فيما يخص الخليج فإن سواحله الشرقية لا تطل على أماكن يوجد فيها قدر كافٍ من الماء اللازم لمساعدة القائمين بأي نوع من النشاط التجاري في الفترات الموغلة في القدم. كذلك فإن شبه الجزيرة لا تنتج أي نوع من الأخشاب الصلبة الطويلة التي تصلح لبناء السفن. ومن هنا، فرغم أننا نسمع عن نشاط بحري في الحقبة الأولى من العصور القديمة في البحر الأحمر من جانب المصريين، أو لفترة وجيزة من جانب العبرانيين "على عهد سليمان" يعاونهم الفينيقيون "على عهد حيرام ملك صور"، وفي الخليج الفارسي من جانب الآشوريين والفرس، إلا أننا لا نسمع عن نشاط بحري عربي من جانب شبه الجزيرة في هذه الحقبة على الإطلاق (25).
وفي الواقع فإن علينا أن ننتظر إلى العصر المتأغرق "القرون الثلاثة الأخيرة ق. م" والعصر الروماني الذي بدأ بعده مباشرة قبل أن نسمع عن ظهور النشاط التجاري البحري لسكان شبه الجزيرة وعن تطور هذا النشاط، وقد كان العصر المتأغرق في الواقع عصر نشاط اقتصادي من الطراز الأول وبخاصة في مجال التجارة، وعلى وجه التحديد في مجال التجارة البحرية، وهو نشاط أشار الإسكندر الأكبر إلى اتجاهه حين أرسل عددًا من معاونيه البحريين ليتعرفوا على شواطئ شبه الجزيرة سواء من ناحية الخليج أو من ناحية البحر الأحمر (26)، وحين أسس مدينة الإسكندرية على الشاطئ المصري لتصبح بعد موته أنشط ثغر بحري في مجال الاتصالات التجارية بين الشرق والغرب، ومن ثم يدخل البحر الأحمر والخليج في دائرة التصور الكامل لهذه الاتصالات.
وهكذا نسمع عن مدن من شبه الجزيرة العربية لها نشاط تجاري بعد ذلك بقليل. ففي أواسط القرن الثالث ق. م. أو قبل ذلك، يبدأ الجرهائيون "أهل مدينة جرهاء" قرب الشاطئ العربي للخليجيقومون بنشاط تجاري كبير، وحقيقة: إن أغلب هذا النشاط كان بريًّا في اتجاه القسم الجنوبي الغربي من شبه الجزيرة، ولكن جزءًا منه كان بحريا يمر بمياه الخليج ثم يسير شمالا في نهر الفرات حتى مدينة سليوقية seleukeia التي أقامها السلوقيون على النهر "في المكان الذي أصبح بغداد فيما بعد" (27). كذلك نجد حوليات العهد المبكر من حكم أسرة "هان" في الصين، في مجال الحديث عن علاقات هذه الأسرة الصينية الحاكمة مع منطقتي الشرق الأوسط والأدنى، تشير إلى نشاط بحري في المنطقة في فترة ترجع إلى ما بعد 140 ق. م. فتذكر أن الرحلة البحرية بين "تياو شيه" TIAO-CHIH "التي أمكن التعرف على أنها القسم الجنوبي المطل على الخليج من وادي الرافدين" "وأرض الشمس الغاربة" "ربما يقصد شمالي البحر الأحمر" تستغرق مائة يوم (28). والإشارة إلى هذه السفرة البحرية تشير إلى نشاط بحري من إحدى موانئ المنطقة دون شك، وأرجح أن تكون هذه الميناء هي خاراكس charax "ميسان الحالية" التي تقع على رأس الخليج في جنوبي وادي الرافدين، وكان الإسكندر قد أسسها وجعل لها ميناء في المنطقة، ثم ذوت أهميتها بعض الشيء، ولكن أنطيوخوس antiochos خامس الحكام السلوقيين "الذين خلفوا الإسكندر على حكم سورية ووادي الرافدين" اعتنى بها وأعاد إليها أهميتها، ثم أعاد إنشاءها ملك "أو زعيم" لمنطقة عربية مجاورة هو سباوسينيس (29) spaosenes "لعل النطق العربي للاسم شباس أو سباس".
كذلك فإن هذه الحوليات الصينية تذكر في أواخر القرن الأول الميلادي "97م" أن أحد سفرائها من أواسط آسيا، وكان - ينج kan-ying الذي وصل إلى تياو - تشيه -التي سبق ذكرها- في طريقه إلى تاتسن ta-t'sin "سورية" استفسر عن هذه الرحلة فذكر له سكان تياو - تشيه "الشواطئ الجنوبية لوادي الرافدين" أن "البحر كبير وواسع، وأنه إذا كانت الرياح مواتية فمن الممكن الوصول في ثلاثة أشهر، أما إذا لم تكن مواتية فمن الممكن أن تستمر السفرة سنتين، ولهذا فإن الذين يركبون البحر يأخذون معهم زادًا يكفيهم لثلاث سنوات، فإن في البحر شيئًا يحرك في الإنسان الحنين إلى بلده، وقد فقد الكثيرون حياتهم بسبب ذلك" (30).
والنص، يشير، كما هو واضح، إلى معرفة بالبحر ومن ثم بالتجارة البحرية، ولكن يبدو أن شيئا من التخوف كان يحيط بالرحلات البحرية بين الخليج من جهة والبحر الأحمر من جهة أخرى، ربما لأن تجارة الشاطئ العربي المطل على الخليج كانت موجهة حتى ذلك الوقت أساسًا إلى الشرق أو على أكثر تقدير إلى الشواطئ الجنوبية لشبه الجزيرة، إذا اتجهت غربًا.
وربما نستطيع أن نستنتج مثل هذا التصور إذا عرفنا أن تجار خاراكس "ميسان حاليا" كانوا يمارسون تجارة نشطة مع باريجازه barygaza، على خليج كامباي cambay، في الهند -تحمل سفنهم السلع العربية إليها، ثم تعود منها محملة بالنحاس والعاج وأنواع مختلفة من الأخشاب، ولعل استيراد هذه السلعة الأخيرة يشير إلى نوع من النشاط في بناء السفن التي كانت الأخشاب الصالحة لبنائها لا توجد في شبه الجزيرة العربية على نحو ما رأينا آنفًا. كذلك كانت سفن خاراكس تحمل السلع إلى الشواطئ الجنوبية العربية لشبه الجزيرة (31). كما يذكر لنا بيلينيوس ثلاث مدن وموانئ أخرى ذات نشاط تجاري بحري، هي جرهاء وأكيلة acila "قرب رأس الخيمة الحالية" وهمنة homna وأطانة attana كموانئ على الجانب الشرقي لشبه الجزيرة العربية، ويذكر واحدة منها على الأقل، وهي أكيلة، في صدد العلاقات التجارية مع الهند (32).
هذا عن النشاط التجاري العربي انطلاقا من منطقة الخليج. أما عن النشاط المماثل في البحر الأحمر، فنحن نجد اهتمام الإسكندر الأكبر بالتعرف على هذا البحر قد استمر في عهد حكام أسرة البطالمة الذين أسسوا دولة في مصر على أثر وفاته وكان هذا الاهتمام دافعًا كبيرًا وراء النشاط التجاري في هذا البحر. وحقيقة: إن التجار والملاحين اليونانيين قد استأثروا بالقسم الأكبر من هذا النشاط، ولكن النشاط التجاري العربي ظهر هنا في صور مختلفة منذ بداية هذا العهد وطوال العصر المتأغرق والقسم الأكبر من عصر الإمبراطورية الرومانية الذي ابتدأ في فجر العهد الميلادي.
وفي هذا الصدد أعود إلى نقش أسلفت الإشارة إليه يرجع إلى النصف الأول من القرن الثالث ق. م. وفيه نجد تاجرًا معينًا هو زيد إبل بن زيد، وقد التحق بخدمة المعابد المصرية ضمن رجال الدين وكان يستورد المر والقليمة لهذه المعابد لقاء سلع من الأقمشة المصرية الفاخرة المصنوعة من الكتان ويقوم بهذا النشاط "في سفينته الخاصة" (33). ومعنى هذا أن عربا من شبه الجزيرة كانوا يمارسون التجارة في البحر الأحمر وأن الملاحة في هذا البحر كانت آمنة آنذاك من غارات القراصنة الذين كانوا ينشطون فيه من حين لآخر. كذلك نجد في القرن الثاني في جزيرة ديلوس delos في بجرايجة "بين آسيا الصغرى وشبه جزيرة البلقان" نقوشا عربية معينية وسبئية مقدمة إلى آلهة عربية جنوبية من تجار عرب (34). وفي هذا إشارة واضحة إلى المدى الذي وصل إليه هؤلاء التجار الذين نستطيع أن نرجح أنهم كانوا ينقلون تجارتهم في البحر الأحمر إلى مصر ثم إلى الإسكندرية ومنها إلى جزيرة ديلوس فقد كانت تجارة الإسكندرية نشطة مع هذه الجزيرة في خلال العصر البطلمي، كما كانت تجارة العرب الجنوبيين مع مصر واردة كما يثبت ذلك نص زيد إبل التاجر المعيني السابق الذكر.
على أن النشاط التجاري العربي في البحر الأحمر يبدو أن تراجع في القرن الأول ق. م. فلا يوجد لدينا خلال هذا القرن من الكتابات أو النقوش ما يشير إليه. وربما كان هناك سببان وراء هذا التراجع: السبب الأول هو تكثيف البطالمة في مصر لنشاطهم التجاري في البحر الأحمر والمحيط الهندي وإحكام سيطرتهم الاقتصادية على هذين الامتدادينِ المائيينِ، فقد عثر في مصر على أربعة نقوش ترجع إلى الفترة بين عامي 110 و51 ق. م. تشير إلى موظفين في حكومة البطالمة "مسئولين عن شئون البحر الأحمر والمحيط الهندي" *. ومثل هذا التكثيف التجاري من جانب البطالمة بإمكاناتهم الاقتصادية القوية من المنطقي أن يؤدي إلى التراجع الذي أصاب التجارة البحرية من الجزيرة العربية، على الأقل في خارج دائرة النشاط البحري المحلي. أما العامل الآخر الذي أدى إلى هذا التراجع فهو اكتشاف بحار يوناني اسمه هبالوس hippalos لقيمة الرياح الموسمية في تسهيل رحلات السفن عبر المحيط الهندي إذا أحكم توقيت هذه الرحلات بحيث تتم في شهور معينة من السنة. وقد أدى هذا الاكتشاف لقيمة الرياح الموسمية إلى تكثيف أكثر للتجارة المباشرة بين البحر الأحمر والمحيط الهندي (35)، وهي تجارة كان لا يمكن للتجار العرب أن ينافسوا فيها التجار اليونان الذين يملكون السفن الكبيرة التي تستخدم فيها المسامير لتوصيل ألواحها ببعضها، بينما كانت السفن العربية من النوع الصغير الذي تستخدم فيه الألياف لربط الألواح ببعضها (36).
على أننا لا نلبث أن نسمع عن عودة للنشاط العربي في التجارة البحرية مع العصر الإمبراطوري الروماني الذي ابتدأ في فجر القرن الأول الميلادي. ففي أواسط هذا القرن يصف لنا صاحب كتاب "الطواف حول البحر الأريتري" "وهو كاتب يوناني" ميناء ليوكي كومي leuke kome "القرية البيضاء" في القسم الشمالي من ساحل شبه الجزيرة، المطل على البحر الأحمر، بأنها سوق نبطية "أي: في منطقة الأنباط" للسفن العربية المحلية. كما يتعرض هذا الكاتب لميناء موزا muza "عند أو قرب مخا حاليا" فيصفها بأنها سوق بحكم القانون ترسو عندها السفن. وعندها نجد المكان "وقد اكتظ بالعرب سواء من أصحاب السفن أو التجارة وهم منشغلون بأمورهم التجارية، إذ إنهم كانوا يمارسون التجارة مع الساحل البعيد "الساحل الإفريقي" ومع باريجازه "في الهند"" ثم ينتقل الكاتب في حديثه إلى "كانة" kane "حصن الغراب حاليا" التي تقع في شرقي العربية الميمونة arabia Eudaemon فيذكر أن أحمال اللبان والبخور كانت تصل إليها وأن هذه المدينة التي كانت سوقا "تتاجر كذلك مع مدن السوق الموجودة في الجانب البعيد "الجانب الإفريقي" كذلك، كما كانت تتاجر مع باريجازه وسكيثية "وادي السند" وأومانة OMANA "ربما لم تكن عمان الحالية" وبرسيس PERSIS المجاورة لها". هذا بينما نجد جزيرة سقطري "جنوبي شبه الجزيرة العربية" "التي تتبع ملك أرض اللبان" "يقصد ملك العربية الجنوبية" وقد أقام على شواطئها الشمالية تجار عرب وهنود ويونان" (37).
أما عن الساحل الإفريقي فنحن نجد التجار العرب في كل مكان تقريبا حتى ميناء رابطة RHAPTA جنوبًا "قرب الزنجبار- جزء من تانزانيا حاليا". وعن هذه المنطقة يقول صاحب كتاب الطواف: "إن رئيسها "الذي كان من أصل عربي جنوبي" يحكمها بمقتضى حق قديم يجعلها خاضعة لسيادة المدينة التي تصل إليها أول ما تصل إلى ساحل العربية "يقصد مدينة موزا". وأهل موزا ... يرسلون الآن سفنًا يجعلون عليها غالبا بحارة ووكلاء من العرب، على معرفة بأهل البلاد، يتزاوجون معهم ويعرفون الشاطئ ولغة المنطقة" (38).
وحين يأتي القرن الثاني الميلادي لا يختفي النشاط التجاري البحري لعرب شبه الجزيرة رغم ازدياد نشاط التجارة اليونانية الرومانية في هذا القرن. وفي هذا الصدد عثر المنقبون الأثريون في مصر على نقش من عهد الإمبراطور الروماني هادريانوس "117-138م" يذكر نقابة مزدهرة ومعترفًا بها من الإمبراطور لربابنة من مدينة "تدمر" يعملون في البحر الأحمر(39) . وهو نقش يدعو في الحقيقة إلى التأمل، إذ إن أهل هذه المدينة قد اعتادوا ممارسة التجارة البرية في منطقة صحراوية، ومن ثم فانتقالهم إلى التجارة البحرية، إلى جانب إشارته إلى مقدرتهم، يثير في الحقيقة أكثر من تساؤل حول تغيير محتمل في ميزان الأهمية النسبية لكل من التجارة البرية وتجارة البحر.
ويبدو أن هذا القرن شهد الازدهار الأخير لنشاط التجارة البحرية العربية قبل الإسلام، ففي القرن الثالث الميلادي لا نسمع شيئا عن هذا النشاط، وفي الحقيقة لقد شهد هذا القرن عصر التدهور الاقتصادي للإمبراطورية الرومانية كما هبط فيه النشاط التجاري اليوناني في البحر. أما القرون الثلاثة التالية "بين القرن الرابع وظهور الدعوة الإسلامية في القرن السابع الميلادي" وهي الفترة التي عاصرت الإمبراطورية البيزنطية في الغرب والإمبراطورية الساسانية في الشرق، فنحن لا نسمع فيها شيئًا عن النشاط العربي التجاري في البحر الأحمر.
لقد أصبحت جزيرة سيلان في تلك الفترة هي همزة الوصل بين تجارة الصين وتجارة الشرق الأدنى. إليها يصل التجار الصينيون ليفرغوا تجارتهم، ومنها يبحر بهذه التجارة تجار من فارس والحبشة axum. وقد عادت التجارة اليونانية إلى النشاط بعض الشيء، فكانت تصل من شمالي البحر الأحمر حتى أدوليس adulis "عدول" على شاطئ الحبشة شمالي باب المندب، وربما عبرت باب المندب في بعض الأحيان. أما عن التجارة العربية البحرية وأما عن التجار العرب فلا يرد ذكر لها سواء في نقوش أو كتابات هذه الفترة (40). بل نحن نجد شاهدا على تدهور النشاط البحري العربي عموما فيما حدث في عام 524-525م حين أرسل أتزبيهه atzbeha ملك الحبشة "أكسوم" حملة من أدوليس عبرت البحر الأحمر ورست على شواطئ اليمن. ورغم أن هذه الحملة لقيت بعض المقاومة على هذا الشاطئ إلا أن حاكم المنطقة الحميري "ذا نواس" لم يكن لديه أسطول وانتهى الأمر باحتلال القوات الحبشية للمنطقة (41). ولكن إذا كان النشاط التجاري البحري لغرب شبه الجزيرة لم يصل إلينا شيء عنه في ذلك العصر، فإن هذا لا يعني بالضرورة أنه اختفى نهائيًّا، وربما يكون الاستنتاج المعقول، حسبما يرى باحث معاصر، هو أنه "لم يعد يلعب دورا جديرا بالملاحظة في البحار الكبيرة" (42) بل أصبح يدور في نطاق محلي. وقد كان هذا طبيعيا في إطار التدهور الاقتصادي والسياسي الذي لحق بالعربية الجنوبية في القرن السادس الميلادي. وأضيف، تأييدا لهذا الرأي، أن الإشارة إلى نشاط بحري تجاري عربي ترد في القرن السادس مرتين على الأقل، إحداهما عند طرفة بن العبد والأخرى عند المثقب العبدي، كما ترد الإشارة إلى هذا النشاط في القرن السابع في عدد من آيات القرآن الكريم (43).
_____________
(1) تعامل في طيوب الهند في strabo: 4: 25, وطيوب الحبشة في ariemidoros، منقول في strabo: XVI, 4: 19، وطيوب الصومال في plinius: HN,XII, 66. عن حجم المستوردات الرومانية من شبه جزيرة العرب "ضمن مناطق أخرى" plinius, HN,XII,84.
(2) .strabo: XVI,4:22
(3) plinius: HN, VI, 162.
(4) الأقمشة العراقية ترد, على سبيل المثال، في بيت لامرئ القيس، راجع شيخو والبستاني: ذاته، قصيدة "يوم صيد" بيت 3:
جعلن حوايا واقتعدن قعائدا ... وحففن من حوك العراق المنمق
عن الأقمشة السورية الموشاة الآتية من أنطاكية, كذلك امرؤ القيس، راجع البيت الثاني من حاشية 13 أعلاه.
عن السيوف اليمانية، على سبيل المثال، بيت للشاعر تأبط شرا "القرن السادس الميلادي" في شيخو والبستاني: ذاته، قصيدة الشاعر والغول بيت 4:
فشدت شدة نحوي فأهوى ... لها كفي بمصقول يماني
(5) منقول في سترابون، strabo:XVI،4: 19.
(6) G.C. Andersen ج10، ص249. انظر كذلك عن سد مأرب وعن أحد التماثيل ملحق اللوحات، لوحتا 4أ، 9أ.
(7) راجع ملحقات اللوحات: لوحات 5أ،23 وما بعدها.
(8) الجملة وردت في النص رقم RES 4337، الترجمة لجواد علي: ذاته، ج7، ص231.
(9) جواد علي: ذاته، ج7، ص230.
(10) عن اتفاقات قريش مع المناطق المجاورة لها راجع lammens: la mecque a la.veille de ihegire ص26. عن المعاهدتين مع بيزنطة وفارس، ذاته، ص32. عن صلح الحديبية راجع القرآن الكريم، سورة الفتح: 24. عن تفاصيل الصلح راجع البلاذري: أنساب الأشراف، صفحات 350-351. عن تحليل للصلح راجع m.rodinson: mohammed "london 1971": صفحات 250-253.
(11) الطريق التجارية بين حضرموت وقتبان إلى أيلة -العقبة- يذكره أراتوسثنيس، منقول في strabo: XVI، 4: 4. بين سبأ وسورية يذكره أرتميدوروس، منقول في strabo: XVI،4: 19. الطريق من تمنع إلى عزة في plinius: xii، 64. اتفاق مرور تجارة سبأ من تمنع في plinius: XII 64. احتكار مرور القرفة من تمنع، ذاته: XXI، 93. المرور في أرض المعينيين، ذاته: XII، 54. المرور بمكة، سورة قريش: 1-2 والمعاهدات المشار إليها في الحاشية السابقة. عن المرور في العلا "ديدان" راجع:
rene dussaud: La penetration des arbes en syrie avant l'lslam "paris 1955 ص 48. عن الطريق بين البتراء وغزة راجع: plinius: VI،145. عن طريق البتراء ودمشق راجع dussaud: ذاته، ص 24. عن الفرع بين أيلة -العقبة- وتدمر راجع dussaud: ذاته، ص24 وصفحات 154-155.
(12) منقول في strabo: XVI، 4:4.
(13) plinius: XII، 65.
(14) الكاتب ذاته: الموضع ذاته.
(15) DUSSAUD: المرجع ذاته ص55.
(16) منقول في strabo: XVI، 4:4.
(17) plinIus: XII، 93.
(18) عن الطريق من سبأ إلى وادي الرافدين MESOPOTAMIA وربط جرهاء كنقطة الانطلاق الرئيسة إلى وادي الرافدين، أرتميدوروس، منقول في 19: strabo: XVI، 4: 19، كذلك سترابون XVI، 3: 3 عن ثروة الجرهائيين وبذخهم، أرتميدوروس: الموضع ذاته المنقول في سترابون. تحديد موقع جرهاء قرب ميناء العقير وصلت إليه البعثة الدانماركية التي قامت بحفائر في منطقة الأحساء والقطيف في عام 1968. عن هذا وعن الآثار التي تدل على قدم المدينة راجع الباب الرابع الخاص بالآثار والنقوش في هذه الدراسة، راجع كذلك: مقدمة عن آثار المملكة العربية السعودية "إدارة الآثار والمتاحف، وزارة المعارف، المملكة العربية السعودية، 1975" صفحات 37-38، واللوحات الموجودة في صفحات 43-45، 52. راجع كذلك ملحق اللوحات في هذه الدراسة، لوحات 7أ، 14أ. عن السوق التجارية في مدينة الفاو راجع الفصل الرابع في هذه الدراسة، كذلك مقدمة عن آثار المملكة العربية السعودية ص 18 واللوحات على صفحتي 20 و21، كذلك ملحق اللوحات في هذه الدراسة.
(19) مقدمة عن آثار المملكة العربية السعودية، ص65.
(20) راجع خريطة بطلميوس الجغرافي، رقم 4 في ملحق الخرائط بهذه الدراسة. عن المسحة الأكدية لاسم مكة كما ورد عند بطلميوس قارن على سبيل المثال أسماء المدن ياتريبو "يثرب"، ياداكو "فدك" دادانو "ددان"، وقد وردت في:
c.g. gadd: the harran inscription of nabonidus "anatolianstudies" الجزء الثامن، 1958، صفحات 35 وما بعدها.
(21) النصان عن تيماء في عهد تجلات بيليسر في ANET، صفحات 283-284، في عهد نابونائيد النصوص في anet، صفحات 306، 313. وصفها كمكان كان مليئًا بالنخيل في شعر امرئ القيس، البيت الأول في حاشية 13 أعلاه. بئر الهداج ونخيل تيماء حاليا في مقدمة عن آثار المملكة العربية السعودية، لوحة ص20، سور تيماء ملحق اللوحات في هذه الدراسة، لوحة 3ب، بقايا قصر الرضم وقصر الأبلق في نهاية ملحق اللوحات. الإشارات إلى قصر الأبلق في شعر الأعشى في شيخو والبستاني: ذاته، قصيدة قصة السموأل، بيت7:
بالأبلق الفرد من تيماء منزله ... حصن حصين وجار غير غدار
وكذلك في المجموعة ذاتها، قصيدة "مدح المحلق":
ولا عاديا لم يمنع الموت ماله ... وحصن بتيماء اليهودي أبلق
(22) دومة الجندل في نص سنخريب تحت تسمية adumatu في anet ص291، عن قصر الأكيدر راجع: مقدمة آثار السعودية، ص65، ولوحة على ص80، عن النقوش المتعددة اللهجات، ذاته: ص65.
(23) g-roux: ancient iraq: ص29.
(24) راجع DUSSAUD: ذاته، ص80-81.
(25) george hourani: arab seafaring in the indian ocean in ancient and early medieval times "khayat's reprints، beirut، 1963" صفحات 4-11.
(26) ARRIANOS: ANABASIS، vii 20: 8-10.
(27) eratosthenes منقول في سترابون aristobolous، strabo: XVI، 1:9 منقول في سترابون strabo XVI، 3: 3. كذلك agatharchides: XX "راجع GGM ج1، صفحات 186 وما بعدها".
(28) النص مقتبس في G. hourani: ذاته، ص15 من ترجمة إلى الإنجليزية F.HIRth: china and the roman orient "leipzig، 1885".
(29) plinius: HN، VI 193.
(30) مقتبس في g.hourani: ذاته، ص16.
(31) hourani: ذاته، ص16 وحاشية 16.
(32) plinius: HN، vI، 51.
(33) راجع النص في القسم الخاص بالنقوش، في الباب الرابع من هذه الدراسة.
(34) rostovizeff: social and economic history of the hellenistic world ج2، ص702 وحاشية 124.
* rostovizeff: ذاته، ج2، صفحات 923-929 وحواشي 203-207. كذلك في w.otto & h. bengIson: zur geschichte des niederganges des ptolemaierreiches "1938 muenchen" صفحات 194 وما بعدها.
(35) plinius: hn.vi،100، 104،106.
(36) g.hourani: ذاته، ص28.
(37) periplos: XXI،XXVII.
(38) ذاته: 7-10، 14، 16.
(39) annees d'epigraphie، 1912، نص رقم 171.
(40) j.b.bury: history of the later roman empire "london 1923" ج2، صفحات 316-333.
(41) bury: المرجع ذاته، ج2، صفحات 322 وما بعدها.
(42) hourani: ذاته، ص43.
(43) عن الإشارة إلى السفن في الشعر الجاهلي، راجع الباب السابع الخاص بالشعر الجاهلي في هذه الدراسة، عن ذكر البحر والملاحة في القرآن الكريم راجع سور: الأنعام: 97، ويونس: 22، النحل: 14.
|
|
دراسة يابانية لتقليل مخاطر أمراض المواليد منخفضي الوزن
|
|
|
|
|
اكتشاف أكبر مرجان في العالم قبالة سواحل جزر سليمان
|
|
|
|
|
اتحاد كليات الطب الملكية البريطانية يشيد بالمستوى العلمي لطلبة جامعة العميد وبيئتها التعليمية
|
|
|