1

x

هدف البحث

بحث في العناوين

بحث في اسماء الكتب

بحث في اسماء المؤلفين

اختر القسم

القرآن الكريم
الفقه واصوله
العقائد الاسلامية
سيرة الرسول وآله
علم الرجال والحديث
الأخلاق والأدعية
اللغة العربية وعلومها
الأدب العربي
الأسرة والمجتمع
التاريخ
الجغرافية
الادارة والاقتصاد
القانون
الزراعة
علم الفيزياء
علم الكيمياء
علم الأحياء
الرياضيات
الهندسة المدنية
الأعلام
اللغة الأنكليزية

موافق

المرجع الالكتروني للمعلوماتية

تأملات قرآنية

مصطلحات قرآنية

هل تعلم

علوم القرآن

أسباب النزول

التفسير والمفسرون

التفسير

مفهوم التفسير

التفسير الموضوعي

التأويل

مناهج التفسير

منهج تفسير القرآن بالقرآن

منهج التفسير الفقهي

منهج التفسير الأثري أو الروائي

منهج التفسير الإجتهادي

منهج التفسير الأدبي

منهج التفسير اللغوي

منهج التفسير العرفاني

منهج التفسير بالرأي

منهج التفسير العلمي

مواضيع عامة في المناهج

التفاسير وتراجم مفسريها

التفاسير

تراجم المفسرين

القراء والقراءات

القرآء

رأي المفسرين في القراءات

تحليل النص القرآني

أحكام التلاوة

تاريخ القرآن

جمع وتدوين القرآن

التحريف ونفيه عن القرآن

نزول القرآن

الناسخ والمنسوخ

المحكم والمتشابه

المكي والمدني

الأمثال في القرآن

فضائل السور

مواضيع عامة في علوم القرآن

فضائل اهل البيت القرآنية

الشفاء في القرآن

رسم وحركات القرآن

القسم في القرآن

اشباه ونظائر

آداب قراءة القرآن

الإعجاز القرآني

الوحي القرآني

الصرفة وموضوعاتها

الإعجاز الغيبي

الإعجاز العلمي والطبيعي

الإعجاز البلاغي والبياني

الإعجاز العددي

مواضيع إعجازية عامة

قصص قرآنية

قصص الأنبياء

قصة النبي ابراهيم وقومه

قصة النبي إدريس وقومه

قصة النبي اسماعيل

قصة النبي ذو الكفل

قصة النبي لوط وقومه

قصة النبي موسى وهارون وقومهم

قصة النبي داوود وقومه

قصة النبي زكريا وابنه يحيى

قصة النبي شعيب وقومه

قصة النبي سليمان وقومه

قصة النبي صالح وقومه

قصة النبي نوح وقومه

قصة النبي هود وقومه

قصة النبي إسحاق ويعقوب ويوسف

قصة النبي يونس وقومه

قصة النبي إلياس واليسع

قصة ذي القرنين وقصص أخرى

قصة نبي الله آدم

قصة نبي الله عيسى وقومه

قصة النبي أيوب وقومه

قصة النبي محمد صلى الله عليه وآله

سيرة النبي والائمة

سيرة الإمام المهدي ـ عليه السلام

سيرة الامام علي ـ عليه السلام

سيرة النبي محمد صلى الله عليه وآله

مواضيع عامة في سيرة النبي والأئمة

حضارات

مقالات عامة من التاريخ الإسلامي

العصر الجاهلي قبل الإسلام

اليهود

مواضيع عامة في القصص القرآنية

العقائد في القرآن

أصول

التوحيد

النبوة

العدل

الامامة

المعاد

سؤال وجواب

شبهات وردود

فرق واديان ومذاهب

الشفاعة والتوسل

مقالات عقائدية عامة

قضايا أخلاقية في القرآن الكريم

قضايا إجتماعية في القرآن الكريم

مقالات قرآنية

التفسير الجامع

حرف الألف

سورة آل عمران

سورة الأنعام

سورة الأعراف

سورة الأنفال

سورة إبراهيم

سورة الإسراء

سورة الأنبياء

سورة الأحزاب

سورة الأحقاف

سورة الإنسان

سورة الانفطار

سورة الإنشقاق

سورة الأعلى

سورة الإخلاص

حرف الباء

سورة البقرة

سورة البروج

سورة البلد

سورة البينة

حرف التاء

سورة التوبة

سورة التغابن

سورة التحريم

سورة التكوير

سورة التين

سورة التكاثر

حرف الجيم

سورة الجاثية

سورة الجمعة

سورة الجن

حرف الحاء

سورة الحجر

سورة الحج

سورة الحديد

سورة الحشر

سورة الحاقة

الحجرات

حرف الدال

سورة الدخان

حرف الذال

سورة الذاريات

حرف الراء

سورة الرعد

سورة الروم

سورة الرحمن

حرف الزاي

سورة الزمر

سورة الزخرف

سورة الزلزلة

حرف السين

سورة السجدة

سورة سبأ

حرف الشين

سورة الشعراء

سورة الشورى

سورة الشمس

سورة الشرح

حرف الصاد

سورة الصافات

سورة ص

سورة الصف

حرف الضاد

سورة الضحى

حرف الطاء

سورة طه

سورة الطور

سورة الطلاق

سورة الطارق

حرف العين

سورة العنكبوت

سورة عبس

سورة العلق

سورة العاديات

سورة العصر

حرف الغين

سورة غافر

سورة الغاشية

حرف الفاء

سورة الفاتحة

سورة الفرقان

سورة فاطر

سورة فصلت

سورة الفتح

سورة الفجر

سورة الفيل

سورة الفلق

حرف القاف

سورة القصص

سورة ق

سورة القمر

سورة القلم

سورة القيامة

سورة القدر

سورة القارعة

سورة قريش

حرف الكاف

سورة الكهف

سورة الكوثر

سورة الكافرون

حرف اللام

سورة لقمان

سورة الليل

حرف الميم

سورة المائدة

سورة مريم

سورة المؤمنين

سورة محمد

سورة المجادلة

سورة الممتحنة

سورة المنافقين

سورة المُلك

سورة المعارج

سورة المزمل

سورة المدثر

سورة المرسلات

سورة المطففين

سورة الماعون

سورة المسد

حرف النون

سورة النساء

سورة النحل

سورة النور

سورة النمل

سورة النجم

سورة نوح

سورة النبأ

سورة النازعات

سورة النصر

سورة الناس

حرف الهاء

سورة هود

سورة الهمزة

حرف الواو

سورة الواقعة

حرف الياء

سورة يونس

سورة يوسف

سورة يس

آيات الأحكام

العبادات

المعاملات

القرآن الكريم وعلومه : التفسير الجامع : حرف الميم : سورة المائدة :

تفسير آية (103-105) من سورة المائدة

المؤلف:  اعداد : المرجع الإلكتروني للمعلوماتية

المصدر:  تفاسير الشيعة

الجزء والصفحة:  ......

19-10-2017

10979

قال تعالى : { مَا جَعَلَ اللَّهُ مِنْ بَحِيرَةٍ وَلَا سَائِبَةٍ وَلَا وَصِيلَةٍ وَلَا حَامٍ وَلَكِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَأَكْثَرُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ (103) وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إِلَى مَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ قَالُوا حَسْبُنَا مَا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ شَيْئًا وَلَا يَهْتَدُونَ (104) يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لَا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ} [المائدة : 104 - 105].

تفسير مجمع البيان
- ذكر الطبرسي في تفسير هذه الآيات (1) :

قال تعالى : {مَا جَعَلَ اللَّهُ مِنْ بَحِيرَةٍ وَلَا سَائِبَةٍ وَلَا وَصِيلَةٍ وَلَا حَامٍ وَلَكِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَأَكْثَرُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ} [المائدة : 103] .

 إنه لما تقدم ذكر الحلال والحرام بين حال ما يعتقده أهل الجاهلية من ذلك فقال {ما جعل الله من بحيرة} يريد ما حرمها على ما حرمها أهل الجاهلية من ذلك ، ولا أمر بها .

والبحيرة : هي الناقة كانت إذا نتجت خمسة أبطن ، وكان آخرها ذكرا ، بحروا أذنها ، وامتنعوا من ركوبها ونحرها ، ولا تطرد عن ماء ، ولا تمنع من مرعى ، فإذا لقيها المعيى لم يركبها ، عن الزجاج .

وقيل إنهم كانوا إذا نتجت الناقة خمسة أبطن ، نظروا في البطن الخامس ، فإن كان ذكرا نحروه ، فأكله الرجال والنساء جميعا ، وإن كانت أنثى ، شقوا أذنها ، فتلك البحيرة ، ثم لا يجز لها وبر ، ولا يذكر عليها اسم الله ، إن ذكيت ، ولا حمل عليها ، وحرم على النساء أن يذقن من لبنها شيئا ، ولا أن ينتفعن بها ، وكان لبنها ومنافعها للرجال خاصة دون النساء حتى تموت ، فإذا ماتت اشتركت الرجال والنساء في أكلها ، عن ابن عباس . وقيل : إن البحيرة بنت السائبة ، عن محمد بن إسحاق {ولا سائبة} وهي ما كانوا يسيبونه ، فإن الرجل إذا نذر القدوم من سفر ، أو البرء من علة ، أو ما أشبه ذلك ، قال : ناقتي سائبة ، فكانت كالبحيرة في أن لا ينتفع بها ، وأن لا تخلى عن ماء ، ولا تمنع من مرعى ، عن الزجاج ، وهو قول علقمة . وقيل : هي التي تسيب للأصنام أي : تعتق لها ، وكان الرجل يسيب من ماله ما يشاء ، فيجئ به إلى السدنة ، وهم خدمة آلهتهم ، فيطعمون من لبنها أبناء السبيل ، ونحو ذلك ، عن ابن عباس ، وابن مسعود . وقيل : إن السائبة هي الناقة ، إذا تابعت بين عشر إناث ، ليس فيهن ذكر ، سيبت ، فلم يركبوها ، ولم يجزوا وبرها ، ولم يشرب لبنها إلا ضيف ، فما نتجت بعد ذلك من أنثى شق أذنها ، ثم يخلى سبيلها مع أمها ، وهي البحيرة ، عن محمد بن إسحاق .

{ولا وصيلة} وهي في الغنم : كانت الشاة إذا ولدت أنثى فهي لهم ، وإذا ولدت ذكرا جعلوه لآلهتهم ، فإن ولدت ذكرا وأنثى ، قالوا : وصلت أخاها ، فلم يذبحوا الذكر لآلهتهم ، عن الزجاج . وقيل : كانت الشاة إذا ولدت سبعة أبطن ، فإن كان السابع جديا ذبحوه لآلهتهم ، ولحمه للرجال دون النساء ، وإن كان عناقا استحيوها ، وكانت من عرض الغنم ، وإن ولدت في البطن السابع جديا وعناقا ، قالوا : إن الأخت وصلت أخاها ، فحرمته علينا ، فحرما جميعا ، فكانت المنفعة واللبن للرجال دون النساء ، عن ابن مسعود ، ومقاتل . وقيل : الوصيلة : الشاة إذا أتأمت عشر إناث في خمسة أبطن ، ليس فيها ذكر ، جعلت وصيلة ، فقالوا : قد وصلت ، فكان ما ولدت بعد ذلك للذكور دون الإناث ، عن محمد بن إسحاق .

{ولا حام} وهو الذكر من الإبل ، كانت العرب إذا أنتجت من صلب الفحل عشرة أبطن ، قالوا : قد حمي ظهره ، فلا يحمل عليه ، ولا يمنع من ماء ، ولا من مرعى ، عن ابن عباس ، وابن مسعود ، وهو قول أبي عبيدة والزجاج . وقيل : إنه الفحل إذا لقح ولد ولده ، قيل : حمي ظهره ، فلا يركب ، عن الفراء . أعلم الله أنه لم يحرم من هذه الأشياء شيئا . وقال المفسرون ، وروى ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أن عمرو بن لحي بن قمعة بن خندف ، كان قد ملك مكة ، وكان أول من غير دين إسماعيل ، واتخذ الأصنام ، ونصب الأوثان ، وبحر البحيرة ، وسيب السائبة ، ووصل الوصيلة ، وحمى الحامي ، قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : " فلقد رأيته في النار يؤذي أهل النار ريح قصبه " ويروى : " يجر قصبه في النار " .

{ولكن الذين كفروا يفترون على الله الكذب} هذا إخبار منه تعالى أن الكفار يكذبون على الله بادعائهم أن هذه الأشياء من فعل الله ، أو أمره {وأكثرهم لا يعقلون} خص الأكثر بأنهم لا يعقلون ، لأنهم أتباع ، فهم لا يعقلون أن ذلك كذب وافتراء ، كما يعقله الرؤساء ، عن قتادة ، والشعبي . وقيل : إن معناه أن أكثرهم لا يعقلون ما حرم عليهم ، وما حلل لهم ، يعني أن المعاند هو الأقل منهم ، عن أبي علي الجبائي .

وفي هذه الآية دلالة على بطلان قول المجبرة ، لأنه سبحانه نفى أن يكون جعل البحيرة ، وغيرها ، وعندهم أنه سبحانه هو الجاعل والخالق له ، ثم بين أن هؤلاء قد كفروا بهذا القول ، وافتروا على الله الكذب ، بأن نسبوا إليه ما ليس بفعل له ، وهذا واضح .

{وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إِلَى مَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ قَالُوا حَسْبُنَا مَا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ شَيْئًا وَلَا يَهْتَدُونَ } [المائدة : 104] .

ثم أخبر سبحانه عن الكفار الذين جعلوا البحيرة وغيرها ، ويفترون على الله الكذب ، من كفار قريش ، وغيرهم فقال {وإذا قيل لهم تعالوا} أي : هلموا {إلى ما أنزل الله} من القرآن واتباع ما فيه ، والإقرار بصحته {وإلى الرسول} وتصديقه ، والاقتداء به وبأفعاله {قالوا} في الجواب عن ذلك {حسبنا} أي : كفانا {ما وجدنا عليه آباءنا} يعني مذاهب آبائنا ، ثم أخبر سبحانه منكرا عليهم {أو لو كان آباؤهم} أي : إنهم يتبعون آباءهم فيما كانوا عليه من الشرك ، وعبادة الأوثان ، وإن كان آباؤهم {لا يعلمون شيئا} من الدين {ولا يهتدون} إليه . وقيل : في معنى لا يهتدون قولان أحدهما : إنه يذمهم بأنهم ضلال والآخر : بأنهم عمي عن الطريق ، فلا يهتدون طريق العلم .

وفي هذه الآية دلالة على فساد التقليد ، وأنه لا يجوز العمل في شيء من أمور الدين إلا بحجة ، وفي هذه الآية دلالة أيضا على وجوب المعرفة ، وأنها ليست بضرورية على ما قاله أصحاب المعارف ، فإنه سبحانه بين الحجاج عليهم فيها ، ليعرفوا صحة ما دعاهم الرسول إليه ، ولو كانوا يعرفون الحق ضرورة ، لم يكونوا مقلدين لآبائهم ، ونفى سبحانه عنهم الاهتداء والعلم معا ، لان بينهما فرقا ، فإن الاهتداء لا يكون إلا عن حجة وبيان ، والعلم قد يكون ابتداء عن ضرورة .

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لَا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ} [المائدة : 105] .

لما بين الله سبحانه حكم الكفار الذين قلدوا آباءهم وأسلافهم ، وركنوا إلى أديانهم ، عقبه بالأمر بالطاعة ، وبيان أن المطيع لا يؤاخذ بذنوب العاصي ، فقال : {يا أيها الذين آمنوا عليكم أنفسكم} معناه : إحفظوا أنفسكم من ملابسة المعاصي ، والإصرار على الذنوب ، عن الفراء ، وغيره . وقيل : معناه إلزموا أمر أنفسكم ، فإنما ألزمكم الله أمرها ، عن الزجاج . وهذا موافق لما روي عن ابن عباس أن معناه : أطيعوا أمري واحفظوا وصيتي {لا يضركم من ضل إذا اهتديتم} أي : لا يضركم ضلال من ضل من آبائكم وغيرهم ، إذا كنتم مهتدين .

ويقال : هل تدل هذه الآية على جواز ترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ؟

وجوابه : إن في هذا وجوها أحدها : إن الآية لا تدل على ذلك ، بل توجب أن المطيع لربه لا يؤاخذ بذنوب العاصي . وثانيها : إن الاقتصار على الاهتداء باتباع أمر الله ، إنما يجوز في حال التقية ، أو حال لا يجوز تأثير إنكاره فيها ، أو يتعلق بإنكاره مفسدة .

وروي أن أبا ثعلبة سأل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عن هذه الآية فقال : ائتمروا بالمعروف ، وتناهوا عن المنكر ، حتى إذا رأيت دنيا مؤثرة ، وشحا مطاعا ، وهوى متبعا ، وإعجاب كل ذي رأي برأيه ، فعليك بخويصة نفسك ، وذر الناس وعوامهم وثالثها : إن هذه أؤكد آية في وجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، لان الله تعالى خاطب بها المؤمنين فقال {عليكم أنفسكم} يعني عليكم أهل دينكم ، كما قال {ولا تقتلوا أنفسكم لا يضركم من ضل من الكفار} وهذا قول ابن عباس ، في رواية عطا عنه ، قال : يريد يعظ بعضكم بعضا . وينهى بعضكم بعضا . ويعلم بعضكم بعضا ، ما يقربه إلى الله ، ويبعده من الشيطان ، ولا يضركم من ضل من المشركين ، والمنافقين ، وأهل الكتاب {إلى الله مرجعكم جميعا} أي : مصيركم ، ومصير من خالفكم {فينبئكم بما كنتم تعملون} أي : يجازيكم بأعمالكم ، وفي هذه غاية الزجر والتهديد . وفي الآية دلالة على فساد قول من قال : إن الله يعذب الأطفال بذنوب الآباء ، ويعذب الميت ببكاء الحي عليه .

_____________________________

1. تفسير مجمع البيان ، ج3 ، ص 431-436 .

 

تفسير الكاشف
- ذكر محمد جواد مغنيه في تفسير هذه الآيات (1) :

{ما جَعَلَ اللَّهُ مِنْ بَحِيرَةٍ ولا سائِبَةٍ ولا وَصِيلَةٍ ولا حامٍ}. البحيرة بفتح الباء الناقة المشقوقة الأذن ، وكان أهل الجاهلية يفعلون بها ذلك إذا أنتجت عشرة أبطن ، وقيل : خمسة ، ويدعونها لا ينتفع بها أحد . والسائبة الناقة ينذرونها للآلهة ، ويتركونها ترعى حيث تشاء ، لا قيد لها ، ولا راعي عليها ، تماما كالبحيرة . والوصيلة الشاة تلد ذكرا وأنثى معا ، وقد كان من عادتهم إذا ولدت ذكرا يجعلونه للآلهة ، وإذا ولدت أنثى فهي لهم ، وإذا ولدتهما معا لم يذبحوا الذكر ، ويقولون : وصلت أخاها . والحامي الفحل يولد منه عشرة أبطن فيدعونه لا يمنع من ماء ولا مرعى ، ويقولون : حمى ظهره .

وقد بيّن سبحانه أن ذلك ليس من دينه في شيء ، وان الفحل والناقة والشاة يفعلون بها ما يفعلون تبقى على الحل ، كما كانت من قبل ، ولا تحرم بهذه الأباطيل والأساطير .

{ ولكِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وأَكْثَرُهُمْ لا يَعْقِلُونَ} . كان أهل الجاهلية يعترفون بوجود الخالق بدليل انهم نسبوا إليه تحريم الحامي والسائبة والبحيرة والوصيلة ، ومع ذلك فقد نعتهم اللَّه بالكفر ، لأنهم نسبوا إليه التحريم كذبا وافتراء . وعليه فكل من نسب إلى اللَّه ما لا دليل عليه من كتابه أو سنة نبيه فهو كافر ، شريطة أن يتعمد النسبة مع علمه بعدم الدليل ، ويسمى هذا بلسان أهل الشرع بدعة ، وفي الحديث : « كل بدعة ضلالة ، وكل ضلالة في النار » . والحق ان هذا الافتراض بعيد الوقوع ، ومن الذي ينسب إلى اللَّه حكما من الأحكام ، مع علمه بعدم الدليل عليه ؟ . . أجل ، قد يظن الشيء دليلا ، وما هو بدليل .

{وإِذا قِيلَ لَهُمْ تَعالَوْا إِلى ما أَنْزَلَ اللَّهُ وإِلَى الرَّسُولِ قالُوا حَسْبُنا ما وَجَدْنا عَلَيْهِ آباءَنا أَولَوْ كانَ آباؤُهُمْ لا يَعْلَمُونَ شَيْئاً ولا يَهْتَدُونَ} .

قال الرازي : « المعنى معلوم ، وهو رد على أصحاب التقليد » . وتكلمنا مفصلا عن التقليد عند تفسير الآية 170 من سورة البقرة ج 1 ص 259 .

{يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعاً فَيُنَبِّئُكُمْ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ} . ذكر الرازي ثمانية أوجه لتفسير هذه الآية ، وكتب بعض المفسرين الجدد 33 صفحة عند تفسيرها . . والذي دعا هذين ، وغيرهما من المفسرين إلى التطويل والتأويل هو ان الأمر بالمعروف واجب ، وظاهر الآية يدل على عدم وجوبه ، وان على المرء أن يهتم بنفسه لنفسه ، أما غيرها من الأنفس فصاحبها وحده هو المسؤول عنها ، ولا يجب على أحد ردعه ولا إرشاده .

والصحيح في تفسير الآية ان على المرء أن يأمر بالمعروف ، فان نفع أمره فذاك هو المطلوب ، وإلا فقد أدى الآمر ما عليه ، ولا يضره ضلال من ضل ، والمسؤول بعد الآمر هو الضال ، وليس الآمر . . وهذا التفسير يؤكد وجوب الأمر بالمعروف ولا ينفيه .

___________________________

1. تفسير الكاشف ، ج3 ، ص 137-138 .

 

تفسير الميزان
- ذكر الطباطبائي في تفسير هذه الآيات (1) :

قوله تعالى : {ما جَعَلَ اللهُ مِنْ بَحِيرَةٍ وَلا سائِبَةٍ وَلا وَصِيلَةٍ وَلا حامٍ} ، هذه أصناف من الأنعام كان أهل الجاهلية يرون لها أحكاما مبنية على الاحترام ونوع من التحرير ، وقد نفى الله سبحانه أن يكون جعل من ذلك شيئا ، فالجعل المنفي متعلق بأوصافها دون ذواتها فإن ذواتها مخلوقة لله سبحانه من غير شك ، وكذلك أوصافها من جهة أنها أوصاف فحسب ، وإنما الذي تقبل الإسناد إليه تعالى ونفيه هي أوصافها من جهة كونها مصادر لأحكام كانوا يدعونها لها فهي التي تقبل الإسناد ونفيه ، فنفي جعل البحيرة وأخواتها في الآية نفي لمشروعية الأحكام المنتسبة إليها المعروفة عندهم.

وهذه الأصناف الأربعة من الأنعام وإن اختلفوا في معنى أسمائها ويتفرع عليه الاختلاف في تشخيص أحكامها كما ستقف عليه ، لكن من المسلم أن أحكامها مبنية على نوع من تحريرها والاحترام لها برعاية حالها ، ثلاثة منها وهي البحيرة والسائبة والحامي من الإبل ، وواحدة وهي الوصيلة من الشاة .

أما البحيرة ففي المجمع ، : أنها الناقة كانت إذا نتجت خمسة أبطن وكان آخرها ذكرا بحروا أذنها (أي شقوها شقا واسعا) وامتنعوا عن ركوبها ونحرها ، ولا تطرد عن ماء ولا تمنع عن مرعى ، فإذا لقيها المعيي لم تركبها ، عن الزجاج.

وقيل : إنهم كانوا إذا نتجت الناقة خمسة أبطن نظروا في البطن الخامس فإن كان ذكرا نحروه فأكله الرجال والنساء جميعا ، وإن كانت أنثى شقوا أذنها فتلك البحيرة ثم لا يجز لها وبر ، ولا يذكر لها اسم الله إن ذكيت ، ولا حمل عليها ، وحرم على النساء أن يذقن من لبنها شيئا ، ولا أن ينتفعن بها ، وكان لبنها ومنافعها للرجال خاصة دون النساء حتى تموت فإذا ماتت اشتركت الرجال والنساء في أكلها ، عن ابن عباس ، وقيل (إن البحيرة بنت السائبة ، عن محمد بن إسحاق) .

وأما السائبة ففي المجمع ، أنها ما كانوا يسيبونه فإن الرجل إذا نذر القدوم من سفر أو البرء من علة أو ما أشبه ذلك قال : ناقتي سائبة فكانت كالبحيرة في أن لا ينتفع بها ، وأن لا تخلى عن ماء ولا تمنع من مرعى ، عن الزجاج ، وهو قول علقمة.

وقيل : هي التي تسيب للأصنام أي تعتق لها ، وكان الرجل يسيب من ماله ما يشاء فيجيء به إلى السدنة ـ وهم خدمة آلهتهم ـ فيطعمون من لبنها أبناء السبيل ونحو ذلك عن ابن عباس وابن مسعود .

وقيل : إن السائبة هي الناقة إذا تابعت بين عشر إناث ليس فيهن ذكر سيبت فلم تركبوها ، ولم يجزوا وبرها ولم يشرب لبنها إلا ضيف فما نتجت بعد ذلك من أنثى شق أذنها ثم تخلى سبيلها مع أمها ، وهي البحيرة ، عن محمد بن إسحاق .

وأما الوصيلة ففي المجمع  : وهي في الغنم ، كانت الشاة إذا ولدت أنثى فهي لهم ، وإذا ولدت ذكرا جعلوه لآلهتهم ، فإن ولدت ذكرا وأنثى قالوا : وصلت أخاها فلم يذبحوا الذكر لآلهتهم . عن الزجاج .

وقيل : كانت الشاة إذا ولدت سبعة أبطن فإن كان السابع جديا ذبحوه لآلهتهم ولحمه للرجال دون النساء ، وإن كان عناقا ، استحيوها وكانت من عرض الغنم ، وإن ولدت في البطن السابع جديا وعناقا قالوا : إن الأخت وصلت أخاها لحرمته علينا فحرما جميعا فكانت المنفعة واللبن للرجال دون النساء ، عن ابن مسعود ومقاتل.

وقيل : الوصيلة الشاة إذا تأمت عشر إناث في خمسة أبطن ليس فيها ذكر جعلت وصيلة فقالوا : قد وصلت فكان ما ولدت بعد ذلك للذكور دون الإناث عن محمد بن إسحاق .

وأما الحامي ففي المجمع ، : هو الذكر من الإبل كانت العرب إذا أنتجت من صلب الفحل عشرة أبطن قالوا : قد حمى ظهره فلا يحمل عليه ، ولا يمنع من ماء ولا من مرعى ، عن ابن عباس وابن مسعود ، وهو قول أبي عبيدة والزجاج.

وقيل : إنه الفحل إذا لقح ولد ولده قيل : حمى ظهره فلا يركب ، عن الفراء .

وهذه الأسماء وإن اختلفوا في تفسيرها إلا أن من المحتمل قريبا أن يكون ذلك الاختلاف ناشئا من اختلاف سلائق الأقوام في سننهم ؛ فإن أمثال ذلك كثيرة في السنن الدائرة بين الأقوام الهمجية.

وكيف كان فالآية ناظرة إلى نفي الأحكام التي كانوا قد اختلقوها لهذه الأصناف الأربعة من الأنعام ، ناسبين ذلك إلى الله سبحانه بدليل قوله أولا : {ما جَعَلَ اللهُ} ، إلخ} وثانيا : {وَلكِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يَفْتَرُونَ عَلَى اللهِ الْكَذِبَ} ، إلخ .

ولذلك كان قوله : {وَلكِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا} ، إلخ بمنزلة الجواب عن سؤال مقدر كأنه لما قيل : {ما جَعَلَ اللهُ مِنْ بَحِيرَةٍ} ، إلخ سئل فقيل فما هذا الذي يدعيه هؤلاء الذين كفروا؟ فأجيب بأنه افتراء منهم على الله الكذب ثم زيد في البيان فقيل : {وَأَكْثَرُهُمْ لا يَعْقِلُونَ} ومفاده أنهم مختلفون في هذا الافتراء فأكثرهم يفترون ما يفترون وهم لا يعقلون ، والقليل من هؤلاء المفترين يعقلون الحق وأن ما ينسبونه إليه تعالى من الافتراء ، وهم المتبوعون المطاعون لغيرهم المديرون لأزمة أمورهم فهم أهل عناد ولجاج .

قوله تعالى : {وَإِذا قِيلَ لَهُمْ تَعالَوْا إِلى ما أَنْزَلَ اللهُ} ، إلى آخر الآية  في حكاية دعوتهم إلى ما أنزل الله إلى الرسول الذي شأنه البلاغ ، فقط فالدعوة دعوة إلى الحق وهو الصدق الخالي عن الفرية ، والعلم المبرى من الجهل فإن الآية السابقة تجمع الافتراء وعدم التعقل في جانبهم فلا يبقى لما يدعون إليه ـ أعني جانب الله سبحانه ـ إلا الصدق والعلم.

لكنهم ما دفعوه إلا بالتقليد حيث قالوا : حسبنا ما وجدنا عليه آباءنا ، والتقليد وإن كان حقا في بعض الأحيان وعلى بعض الشروط وهو رجوع الجاهل إلى العالم ، وهو مما استقر عليه سير المجتمع الإنساني في جميع أحكام الحياة التي لا يتيسر فيها للإنسان أن يحصل العلم بما يحتاج إلى سلوكه من الطريق الحيوي ، لكن تقليد الجاهل في جهله بمعنى رجوع الجاهل إلى جاهل آخر مثله مذموم في سنة العقلاء كما يذم رجوع العالم إلى عالم آخر بترك ما يستقل بعمله من نفسه والأخذ بما يعلم غيره .

ولذلك رده تعالى بقوله : {أَوَلَوْ كانَ آباؤُهُمْ لا يَعْلَمُونَ شَيْئاً وَلا يَهْتَدُونَ} ومفاده أن العقل ـ لو كان هناك عقل ـ لا يبيح للإنسان الرجوع إلى من لا علم عنده ولا اهتداء فهذه سنة الحياة لا تبيح سلوك طريق لا تؤمن مخاطره ، ولا يعلم وصفه لا بالاستقلال ولا باتباع من له به خبرة .

ولعل إضافة قوله : {وَلا يَهْتَدُونَ} إلى قوله : {لا يَعْلَمُونَ شَيْئاً} لتتميم قيود الكلام بحسب الحقيقة ، فإن رجوع الجاهل إلى مثله وإن كان مذموما لكنه إنما يذم إذا كان المسئول المتبوع مثل السائل التابع في جهله لا يمتاز عنه بشيء ، وأما إذا كان المتبوع نفسه يسلك الطريق بهداية عالم خبير به ودلالته فهو مهتد في سلوكه ، ولا ذم على من اتبعه في مسيره وقلده في سلوك الطريق ، فإن الأمر ينتهي إلى العلم بالآخرة كمن يتبع عالما بأمر الطريق ثم يتبعه آخر جاهل به.

ومن هنا يتضح أن قوله : {أَوَلَوْ كانَ آباؤُهُمْ لا يَعْلَمُونَ شَيْئاً} غير كاف في تمام الحجة عليهم لاحتمال أن يكون آباءهم الذين اتبعوهم بالتقليد مهتدين بتقليد العلماء الهداة فلا يجري فيهم حكم الذم ، ولا تتم عليهم الحجة فدفع ذلك بأن آباءهم لا يعلمون شيئا ولا يهتدون ، ولا مسوغ لاتباع من هذا حاله.

ولما تحصل من الآية الأولى أعني قوله : {ما جَعَلَ اللهُ مِنْ بَحِيرَةٍ} ، إلخ أنهم بين من لا يعقل شيئا وهم الأكثرون ، ومن هو معاند مستكبر تحصل أنهم بمعزل من أهلية توجيه الخطاب وإلقاء الحجة ولذلك لم تلق إليهم الحجة في الآية الثانية بنحو التخاطب بل سيق الكلام على خطاب غيرهم والصفح عن مواجهتهم فقيل : {أَوَلَوْ كانَ آباؤُهُمْ لا يَعْلَمُونَ شَيْئاً وَلا يَهْتَدُونَ}.

وقد تقدم في الجزء الأول من أجزاء هذا الكتاب بحث علمي أخلاقي في معنى التقليد يمكنك أن تراجعه.

ويتبين من الآية أن الرجوع إلى كتاب الله وإلى رسوله ـ وهو الرجوع إلى السنة ـ ليس من التقليد المذموم في شيء .

{يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ إِلَى اللهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعاً فَيُنَبِّئُكُمْ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ} [المائدة : 105] .

الآية تأمر المؤمنين أن يلزموا أنفسهم ، ويلازموا سبيل هدايتهم ولا يوحشهم ضلال من ضل من الناس فإن الله سبحانه هو المرجع الحاكم على الجميع حسب أعمالهم ، والكلام مع ذلك لا يخلو عن غور عميق.

قوله تعالى : {يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ} لفظة {عَلَيْكُمْ} اسم فعل بمعنى ألزموا ، و {أَنْفُسَكُمْ} مفعوله .

ومن المعلوم أن الضلال والاهتداء ـ وهما معنيان متقابلان ـ إنما يتحققان في سلوك الطريق لا غير ؛ فالملازم لمتن الطريق ينتهي إلى ما ينتهي إليه الطريق ، وهو الغاية المطلوبة التي يقصدها الإنسان السالك في سلوكه ، أما إذا استهان بذلك وخرج عن مستوى الطريق فهو الضلال الذي تفوت به الغاية المقصودة فالآية تقدر للإنسان طريقا يسلكه ومقصدا يقصده غير أنه ربما لزم الطريق فاهتدى إليه أو فسق عنه فضل وليس هناك مقصد يقصده القاصد إلا الحياة السعيدة ، والعاقبة الحسنى بلا ريب لكنها مع ذلك تنطق بأن الله سبحانه هو المرجع الذي يرجع إليه الجميع : المهتدي والضال .

فالثواب الذي يريده الإنسان في مسيره بالفطرة إنما هو عند الله سبحانه يناله المهتدون ، ويحرم عنه الضلال ، ولازم ذلك أن يكون جميع الطرق المسلوكة لأهل الهداية والطرق المسلوكة لأهل الضلال تنتهي إلى الله سبحانه ، وعنده سبحانه الغاية المقصودة وإن كانت تلك الطرق مختلفة في إيصال الإنسان إلى البغية والفوز والفلاح أو ضربه بالخيبة والخسران ، وكذلك في القرب والبعد كما قال تعالى : {يا أَيُّهَا الْإِنْسانُ إِنَّكَ كادِحٌ إِلى رَبِّكَ كَدْحاً فَمُلاقِيهِ} [ الإنشقاق : 6] وقال تعالى : {أَلا إِنَّ حِزْبَ اللهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} [ المجادلة : 22] وقال تعالى : {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَتَ اللهِ كُفْراً وَأَحَلُّوا قَوْمَهُمْ دارَ الْبَوارِ} [ إبراهيم : 28] وقال تعالى : {فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذا دَعانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ} [البقرة : 186] وقال تعالى : {وَالَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ فِي آذانِهِمْ وَقْرٌ وَهُوَ عَلَيْهِمْ عَمًى أُولئِكَ يُنادَوْنَ مِنْ مَكانٍ بَعِيدٍ} [ حم السجدة : 44] .

بين تعالى في هذه الآيات أن الجميع سائرون إليه سبحانه سيرا لا مناص لهم عنه ، غير أن طريق بعضهم قصير وفيه الرشد والفلاح ، وطريق آخرين طويل لا ينتهي إلى سعادة ، ولا يعود إلى سالكه إلا الهلاك والبوار .

وبالجملة فالآية تقدر للمؤمنين وغيرهم طريقين اثنين ينتهيان إلى الله سبحانه ، وتأمر المؤمنين بأن يشتغلوا بأنفسهم وينصرفوا عن غيرهم وهم أهل الضلال من الناس ولا يقعوا فيهم ولا يخافوا ضلالهم فإنما حسابهم على ربهم لا على المؤمنين وليسوا بمسئولين عنهم حتى يهمهم أمرهم ؛ فالآية قريبة المضمون من قوله تعالى : {قُلْ لِلَّذِينَ آمَنُوا يَغْفِرُوا لِلَّذِينَ لا يَرْجُونَ أَيَّامَ اللهِ لِيَجْزِيَ قَوْماً بِما كانُوا يَكْسِبُونَ} [الجاثية : 14] ونظيرها قوله تعالى : {تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ لَها ما كَسَبَتْ وَلَكُمْ ما كَسَبْتُمْ وَلا تُسْئَلُونَ عَمَّا كانُوا يَعْمَلُونَ} [ البقرة : 134] .

فعلى المؤمن أن يشتغل بما يهم نفسه من سلوك سبيل الهدى ، ولا يهزهزه ما يشاهده من ضلال الناس وشيوع المعاصي بينهم ولا يشغله ذلك ولا يشتغل بهم فالحق حق وإن ترك والباطل باطل وإن أخذ به كما قال تعالى : {قُلْ لا يَسْتَوِي الْخَبِيثُ وَالطَّيِّبُ وَلَوْ أَعْجَبَكَ كَثْرَةُ الْخَبِيثِ فَاتَّقُوا اللهَ يا أُولِي الْأَلْبابِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} [ المائدة : 100] وقال تعالى : {وَلا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ} [ حم السجدة : 34].

فقوله تعالى : {لا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ} بناء على ما مر مسوق سوق الكناية أريد به نهي المؤمنين عن التأثر من ضلال من ضل من الناس فيحملهم ذلك على ترك طريق الهداية كأن يقولوا : إن الدنيا الحاضرة لا تساعد الدين ولا تبيح التنحل بالمعنويات فإنما ذلك من السنن الساذجة وقد مضى زمنه وانقرض أهله ، قال تعالى : {وَقالُوا إِنْ نَتَّبِعِ الْهُدى مَعَكَ نُتَخَطَّفْ مِنْ أَرْضِنا} [ القصص : 57].

أو يخافوا ضلالهم على هدى أنفسهم فيشتغلوا بهم وينسوا أنفسهم فيصيروا مثلهم فإنما الواجب على المؤمن هو الدعوة إلى ربه والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وبالجملة الأخذ بالأسباب العادية ثم إيكال أمر المسببات إلى الله سبحانه فإليه الأمر كله ، فأما أن يهلك نفسه في سبيل إنقاذ الغير من الهلكة فلم يؤمر به ، ولا يؤاخذ بعمل غيره ، وما هو عليه بوكيل ، وعلى هذا فتصير الآية في معنى قوله تعالى : {فَلَعَلَّكَ باخِعٌ نَفْسَكَ عَلى آثارِهِمْ إِنْ لَمْ يُؤْمِنُوا بِهذَا الْحَدِيثِ أَسَفاً ، إِنَّا جَعَلْنا ما عَلَى الْأَرْضِ زِينَةً لَها لِنَبْلُوَهُمْ أَيُّهُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً ، وَإِنَّا لَجاعِلُونَ ما عَلَيْها صَعِيداً جُرُزاً} [ الكهف : 8] ، وقوله تعالى : {وَلَوْ أَنَّ قُرْآناً سُيِّرَتْ بِهِ الْجِبالُ أَوْ قُطِّعَتْ بِهِ الْأَرْضُ أَوْ كُلِّمَ بِهِ الْمَوْتى بَلْ لِلَّهِ الْأَمْرُ جَمِيعاً أَفَلَمْ يَيْأَسِ الَّذِينَ آمَنُوا أَنْ لَوْ يَشاءُ اللهُ لَهَدَى النَّاسَ جَمِيعاً} [ الرعد : 31] ونحو ذلك.

وقد تبين بهذا البيان أن الآية لا تنافي آيات الدعوة وآيات الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فإن الآية إنما تنهى المؤمنين عن الاشتغال بضلال الناس عن اهتداء أنفسهم وإهلاك أنفسهم في سبيل إنقاذ غيرهم وإنجائه.

على أن الدعوة إلى الله والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من شئون اشتغال المؤمن بنفسه وسلوكه سبيل ربه ، وكيف يمكن أن تنافي الآية آيات الدعوة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر أو تنسخها؟ وقد عدهما الله سبحانه من مشخصات هذا الدين وأسسه التي بني عليها كما قال تعالى : {قُلْ هذِهِ سَبِيلِي أَدْعُوا إِلَى اللهِ عَلى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي} [ يوسف : 108] وقال تعالى : {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ} [ آل عمران : 110].

فعلى المؤمن أن يدعو إلى الله على بصيرة وأن يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر على سبيل أداء الفريضة الإلهية وليس عليه أن يجيش ويهلك نفسه حزنا أو يبالغ في الجد في تأثير ذلك في نفوس أهل الضلال فذلك موضوع عنه .

وإذا كانت الآية قدرت للمؤمنين طريقا فيه اهتداؤهم ولغيرهم طريقا من شأنه ضلال سالكيه ، ثم أمر المؤمنين في قوله : {عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ} بلزوم أنفسهم كان فيه دلالة على أن نفس المؤمن هو الطريق الذي يؤمر بسلوكه ولزومه فإن الحث على الطريق إنما يلائم الحث على لزومه والتحذير من تركه لا على لزوم سألك الطريق كما نشاهده في مثل قوله تعالى : {وَأَنَّ هذا صِراطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ} [الأنعام : 153] .

فأمره تعالى المؤمنين بلزوم أنفسهم في مقام الحث على التحفظ على طريق هدايتهم يفيد أن الطريق الذي يجب عليهم سلوكه ولزومه هو أنفسهم ، فنفس المؤمن هو طريقه الذي يسلكه إلى ربه وهو طريق هداه ، وهو المنتهى به إلى سعادته.

فالآية تجلي الغرض الذي تؤمه إجمالا آيات أخرى كقوله تعالى : {يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ ما قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللهَ إِنَّ اللهَ خَبِيرٌ بِما تَعْمَلُونَ ، وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللهَ فَأَنْساهُمْ أَنْفُسَهُمْ أُولئِكَ هُمُ الْفاسِقُونَ ، لا يَسْتَوِي أَصْحابُ النَّارِ وَأَصْحابُ الْجَنَّةِ أَصْحابُ الْجَنَّةِ هُمُ الْفائِزُونَ} [ الحشر : 20].

فالآيات تأمر بأن تنظر النفس وتراقب صالح عملها الذي هو زادها غدا وخير الزاد التقوى فللنفس يوم وغد وهي في سير وحركة على مسافة ، والغاية هو الله سبحانه وعنده حسن الثواب وهو الجنة فعليها أن تدوم على ذكر ربها ولا تنساه فإنه سبحانه هو الغاية ، ونسيان الغاية يستعقب نسيان الطريق فمن نسي ربه نسي نفسه ، ولم يعد لغده ومستقبل مسيره زادا يتزود به ويعيش باستعماله وهو الهلاك ، وهذا معنى ما رواه الفريقان عن النبي صلى‌ الله‌ عليه‌ وآله : من عرف نفسه فقد عرف ربه.

وهذا المعنى هو الذي يؤيده التدبر التام والاعتبار الصحيح فإن الإنسان في مسير حياته إلى أي غاية امتدت لا هم له في الحقيقة إلا خير نفسه وسعادة حياته وإن اشتغل في ظاهر الأمر ببعض ما يعود نفعه إلى غيره ، قال تعالى : {إِنْ أَحْسَنْتُمْ أَحْسَنْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَها} .

وليس هناك إلا هذا الإنسان الذي يتطور طورا بعد طور ، ويركب طبقا عن طبق من جنين وصبي وشاب وكهل وشيخ ثم الذي يديم الحياة في البرزخ ثم يوم القيامة ثم ما بعده من جنة أو نار ، فهذه هي المسافة التي يقطعها الإنسان من موقفه في أول تكونه إلى أن ينتهي إلى ربه ، قال تعالى : {وَأَنَّ إِلى رَبِّكَ الْمُنْتَهى} [ النجم : 42].

وهو الإنسان لا يطأ موطأ في مسيره ولا يسير ولا يسري إلا بأعمال قلبية هي الاعتقادات ونحوها وأعمال جوارحية صالحة ، أو طالحة وما أنتجه عمله يوما كان هو زاده غدا فالنفس هو طريق الإنسان إلى ربه ، والله سبحانه هو غايته في مسيره.

وهذا طريق اضطراري لا مناص للإنسان عن سلوكه كما يدل عليه قوله تعالى : {يا أَيُّهَا الْإِنْسانُ إِنَّكَ كادِحٌ إِلى رَبِّكَ كَدْحاً فَمُلاقِيهِ} [ الإنشقاق : 6] فهذا طريق ضروري السلوك يشترك فيه المؤمن والكافر والملتفت المتنبه والغافل العامة ، والآية لا تريد الحث على لزومه بمعنى البعث على سلوكه ممن لا يسلك.

وإنما تريد الآية تنبيه المؤمنين على هذه الحقيقة بعد غفلتهم عنها ، فإن هذه الحقيقة كسائر الحقائق التكوينية وإن كانت ثابتة غير متغيرة بالعلم والجهل لكن التفات الإنسان إليها يؤثر في عمله تأثيرا بارزا ، والأعمال التي تربي النفس الإنسانية تربية مناسبة لسنخها وإذا كان العمل ملائما لواقع الأمر مناسبا لغاية الصنع والإيجاد كانت النفس المستكملة بها سعيدة في جدها ، غير خائبة في سعيها ولا خاسرة في صفقتها ، وقد مر بيان ذلك في مواضع كثيرة من هذا الكتاب بما لا يبقى معه ريب.

وتوضيح ذلك بما يناسب هذا المقام أن الإنسان كغيره من خلق الله سبحانه واقع تحت التربية الإلهية من دون أن يفوته تعالى شيء من أمره ، وقد قال تعالى : {ما مِنْ دَابَّةٍ إِلَّا هُوَ آخِذٌ بِناصِيَتِها إِنَّ رَبِّي عَلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ} [ هود : 56] وهذه تربية تكوينية على حد ما يربي الله سبحانه غيره من الأمور ، في مسيرها جميعا إليه تعالى ، وقد قال : {أَلا إِلَى اللهِ تَصِيرُ الْأُمُورُ} [ الشورى : 53] ولا يتفاوت الأمر ولا يختلف الحال في هذه التربية بين شيء وشيء فإن الصراط مستقيم ، والأمر متشابه مطرد ، وقد قال تعالى أيضا : {ما تَرى فِي خَلْقِ الرَّحْمنِ مِنْ تَفاوُتٍ} [ الملك : 3].

وقد جعل سبحانه غاية الإنسان وما ينتهي إليه أمره ويستقر عليه عاقبته من حيث السعادة والشقاوة والفلاح والخيبة مبنية على أحوال وأخلاق نفسانية مبنية على أعمال من الإنسان تنقسم تلك الأعمال إلى صالحة وطالحة وتقوى وفجور كما قال تعالى : {وَنَفْسٍ وَما سَوَّاها فَأَلْهَمَها فُجُورَها وَتَقْواها قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاها وَقَدْ خابَ مَنْ دَسَّاها} : الشمس : 10 فالآيات ـ كما ترى ـ تضع النفس المسواة في جانب وهو مبدأ الحال ، والفلاح والخيبة في جانب وهو الغاية ومنتهى المسير ، ثم تبني الغايتين أعني الفلاح والخيبة على تزكية النفس وتدسيتها وذلك مرحلة الأخلاق ، ثم تبني الفضيلة والرذيلة على التقوى والفجور أعني الأعمال الصالحة والطالحة التي تنطق الآيات بأن الإنسان ملهم بها من جانب الله تعالى .

والآيات في بيانها لا تتعدى طور النفس بمعنى أنها تعتبر النفس هي المخلوقة المسواة وهي التي أضيف إليها الفجور والتقوى ، وهي التي تزكى وتدسى ، وهي التي يفلح فيها الإنسان ويخيب ، وهذا كما عرفت جري على مقتضى التكوين.

لكن هذه الحقيقة التكوينية أعني كون الإنسان في حياته سائرا في مسير نفسه لا يسعه التخطي عنها ولو بخطوة ، ولا تركها والخروج منها ولو لحظة ، لا يتساوى حال من تنبه له وتذكر به تذكرا لازما لا يتطرق إليه نسيان ، وحال من غفل عنه ونسي الواقع الذي لا مفر له منه ، وقد قال تعالى : {هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ إِنَّما يَتَذَكَّرُ أُولُوا الْأَلْبابِ} [ الزمر : 9] .

وقال تعالى : {فَمَنِ اتَّبَعَ هُدايَ فَلا يَضِلُّ وَلا يَشْقى ، وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكاً ، وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ أَعْمى ، قالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمى وَقَدْ كُنْتُ بَصِيراً ، قالَ كَذلِكَ أَتَتْكَ آياتُنا فَنَسِيتَها وَكَذلِكَ الْيَوْمَ تُنْسى} [ طه : 126] .

وذلك أن المتنبه إلى هذه الحقيقة حيثما يلتفت إلى حقيقة موقفه من ربه ونسبته إلى سائر أجزاء العالم وجد نفسه منقطعة عن غيره وقد كان يجدها على غير هذا النعت ومضروبا دونها الحجاب لا يمسها بالإحاطة والتأثير إلا ربها المدبر لأمرها الذي يدفعها من ورائها ويجذبها إلى قدامها بقدرته وهدايته ، ووجدها خالية بربها ليس لها من دونه من وال ، وعند ذلك يفقه معنى قوله تعالى : {إِلَى اللهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعاً فَيُنَبِّئُكُمْ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ} بعد قوله : {عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ} ومعنى قوله تعالى : {أَوَمَنْ كانَ مَيْتاً فَأَحْيَيْناهُ وَجَعَلْنا لَهُ نُوراً يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُماتِ لَيْسَ بِخارِجٍ مِنْها} [ الأنعام : 122] .

وعند ذلك يتبدل إدراك النفس وشعورها ، ويهاجر من موطن الشرك إلى موقف العبودية ومقام التوحيد ولا يزال يعوض شركا من توحيد وتوهما من تحقق وبعدا من قرب واستكبارا شيطانيا من تواضع رحماني واستغناء وهميا من فقر عبودي إن أخذت بيدها العناية الإلهية وساقها سائق التوفيق.

ونحن وإن كان لا يسعنا أن نفقه هذه المعاني حق الفقه لمكان إخلادنا إلى الأرض واشتغالنا عن الغوص في أغوار هذه الحقائق التي يكشف عنها الدين ويشير إليها الكتاب الإلهي بما لا يعنينا من فضولات هذه الحياة الفانية التي لا يعرفها الكلام الإلهي في بيانه إلا بأنها لعب ولهو كما قال تعالى : {وَمَا الْحَياةُ الدُّنْيا إِلَّا لَعِبٌ وَلَهْوٌ} [ الأنعام : 32] وقال تعالى : {ذلِكَ مَبْلَغُهُمْ مِنَ الْعِلْمِ} [ النجم : 30] .

إلا أن الاعتبار الصحيح والبحث البالغ والتدبر الوافي يوصلنا إلى التصديق بكلياتها إجمالا وإن قصرنا عن إحصاء التفاصيل والله الهادي.

ولعلنا خرجنا عن طور الاختصار فلنرجع إلى أول الكلام فنقول : وتسع الآية أن تحمل على الخطاب الاجتماعي بأن يكون المخاطب بقوله : {يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا} مجتمع المؤمنين فيكون المراد بقوله : {عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ} هو إصلاح المؤمنين مجتمعهم الإسلامي باتخاذ صفة الاهتداء بالهداية الإلهية بأن يحتفظوا على معارفهم الدينية والأعمال الصالحة والشعائر الإسلامية العامة كما قال تعالى : {وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللهِ جَمِيعاً وَلا تَفَرَّقُوا} [ آل عمران : 103] وقد تقدم في تفسيره أن المراد بهذا الاعتصام الاجتماعي الأخذ بالكتاب والسنة .

ويكون قوله : {لا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ} يراد به أنهم في أمن من إضرار المجتمعات الضالة غير الإسلامية فليس من الواجب على المسلمين أن يبالغوا الجد في انتشار الإسلام بين الطوائف غير المسلمة أزيد من الدعوة المتعارفة كما تقدم.

أو أنه لا يجوز لهم أن ينسلوا مما بأيديهم من الهدى من مشاهدة ما عليه المجتمعات الضالة من الانهماك في الشهوات والتمتع من مزايا العيش الباطلة فإن الجميع مرجعهم إلى الله فينبئهم بما كانوا يعملون ، وتجري الآية على هذا مجرى قوله تعالى : {لا يَغُرَّنَّكَ تَقَلُّبُ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي الْبِلادِ ، مَتاعٌ قَلِيلٌ ثُمَّ مَأْواهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمِهادُ} [ آل عمران : 197] ، وقوله : {وَلا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلى ما مَتَّعْنا بِهِ أَزْواجاً مِنْهُمْ زَهْرَةَ الْحَياةِ الدُّنْيا} [ طه : 131] .

وهنا معنى آخر لقوله : {لا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ} من جهة أن المنفي في الآية هو الإضرار المنسوب إلى نفس الضالين دون شيء معين من صفاتهم أو أعمالهم فتفيد الإطلاق ، ويكون المعنى نفي أن يكون الكفار ضارين للمجتمع الإسلامي بتبديله مجتمعا غير إسلامي بقوة قهرية فتكون الآية مسوقة سوق قوله تعالى : {الْيَوْمَ يَئِسَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ دِينِكُمْ فَلا تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِ} [ المائدة : 3 ] ، وقوله : {لَنْ يَضُرُّوكُمْ إِلَّا أَذىً وَإِنْ يُقاتِلُوكُمْ يُوَلُّوكُمُ الْأَدْبارَ} [ آل عمران : 111] .

وقد ذكر جمع من مفسري السلف أن مفاد الآية هو الترخيص في ترك الدعوة الدينية والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، وذكروا أن الآية خاصة تختص بزمان أو حال لا يوجد فيه شرط الدعوة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، وهو الأمن من الضرر وقد رووا في ذلك روايات ستأتي الإشارة إليها في البحث الروائي الآتي .

ولازم هذا المعنى أن يكون قوله : {لا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ} كناية عن انتفاء التكليف أي لا تكليف عليكم في ذلك وإلا فتضرر المجتمع الديني من شيوع الضلال من كفر أو فسق مما لا يرتاب فيه ذو ريب .

لكن ذلك معنى بعيد لا يحتمله سياق الآية فإن الآية لو أخذت مخصصة لعمومات وجوب الدعوة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فلسانها ليس لسان التخصيص ، وإن أخذت ناسخة فآيات الدعوة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر آبية من النسخ ، وللكلام تتمة ستوافيك .

__________________________

1. تفسير الميزان ، ج6 ، ص 129-140 .

 

تفسير الأمثل
- ذكر الشيخ ناصر مكارم الشيرازي في تفسير هذه الآيات (1) :

قال تعالى : { مَا جَعَلَ اللَّهُ مِنْ بَحِيرَةٍ وَلَا سَائِبَةٍ وَلَا وَصِيلَةٍ وَلَا حَامٍ وَلَكِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَأَكْثَرُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ * {وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إِلَى مَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ قَالُوا حَسْبُنَا مَا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ شَيْئًا وَلَا يَهْتَدُونَ } [المائدة : 103-104] .

في الآية الاولى إشارة إلى أربعة «بدع» كانت سائدة في الجاهلية ، فقد كانوا يضعون على بعض الحيوانات علامات وأسماء لأسباب معينة ويحرمون أكل لحومها ولا يجيزون شرب لبنها أو جز صوفها أو حتى امتطاءها ، كانوا أحيانا يطلقون سراح هذه الحيوانات تسرح وتمرح دون أن يعترضها أحد ، أي أنّهم كانوا يطلقونها سائبة دون أن يستفيدوا منها شيئا ، لذلك يقول الله تعالى : {ما جَعَلَ اللهُ مِنْ بَحِيرَةٍ وَلا سائِبَةٍ وَلا وَصِيلَةٍ وَلا حامٍ} .

بحوث

1 ـ «البحيرة» هي النّاقة التي ولدت خمسة أبطن خامسها أنثى ـ وقيل ذكر ـ فيشقون أذنها ، وتترك طليقة ولا تذبح.

«البحيرة» من مادة «بحر» بمعنى الواسع العريض ، ولهذا سمي البحر بحرا ، وتسمية الناقة بالبحيرة جاءت من شق أذنها شقا واسعا عريضا.

2 ـ «السائبة» هي الناقة التي تكون قد ولدت اثني عشر بطنا ـ وقيل عشرة أبطن ـ فيطلقونها سائبة ولا يمتطيها أحد ، ولها أن ترعى حيثما تشاء وترد حيثما تشاء دون أن يعترضها أحد ، وقد يحلبونها أحيانا لإطعام الضيف ، و «السائبة» من مادة «سيب» أي جريان الماء أو المشي بحرّية.

3 ـ «الوصيلة» هي الشاة التي ولدت سبعة أبطن ـ وقيل أنّها التي تلد التوائم ، من مادة «وصل» وكانوا يحرمون ذبحها.

4 ـ «الحام» واللفظة اسم فاعل من مادة «حمى» ، ويطلق على الفحل الذي يتخذ للتلقيح ، فإذا استفيد منه في تلقيح الإناث عشر مرات وولدن منه ، قالوا : لقد حمى ظهره ، فلا يحق لأحد ركوبه ، ومن معاني «الحماية» المحافظة والحيلولة والمنع.

هناك احتمالات أخرى وردت عند المفسّرين وفي الأحاديث بشأن تحديد هذه المصطلحات الأربعة ، لكن القاسم المشترك بين كل هذه المعاني هو أنّها تدل جميعا على حيوانات قدّمت خدمات كبيرة لأصحابها في «النتاج» فكان هؤلاء يحترمونها ويطلقون سراحها لقاء ذلك.

صحيح أنّ عملهم هذا ضرب من العرفان بالجميل ومظهر من مظاهر الشكر ، حتى نحو الحيوانات ، وهو بهذا جدير بالتقدير والإجلال ، ولكنّه كان تكريما لا معنى له لحيوانات لا تدرك ذلك.

كما كان ـ فضلا عن ذلك ـ مضيعة للمال وإتلافا لنعم الله وتعطيلها عن الاستثمار النافع ، ثمّ أنّ هذه الحيوانات ، بسبب هذا الاحترام والتكريم ، كانت تعاني من العذاب والجوع والعطش لأنّه قلما يقدم أحد على تغذيتها والعناية بها.

ولما كانت هذه الحيوانات كبيرة في السن عادة ، فقد كانت تقضي بقية أيّامها في كثير من الحرمان والحاجة حتى تموت ميتة محزنة ، ولهذا كله وقف الإسلام بوجه هذه العادة!

إضافة إلى ذلك ، يستفاد من بعض الرّوايات والتفاسير أنّهم كانوا يتقربون بذلك كله ، أو بقسم منه إلى أصنامهم ، فكانوا في الواقع ينذرون تلك الحيوانات لتلك الأصنام ، ولذلك كان إلغاء هذه العادات تأكيدا لمحاربة كل مخلفات الشرك.

والعجيب في الأمر ، أنّهم كانوا يأكلون لحوم تلك الحيوانات إذا ما ماتت موتا طبيعيا (وكأنّهم يتبركون بها) وكان هذا عملا قبيحا آخر (1) .

ثمّ تقول الآية : {وَلكِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يَفْتَرُونَ عَلَى اللهِ الْكَذِبَ} قائلين أنّ هذه قوانين إلهية دون أن يفكروا في الأمر ويعقلوه ، بل كانوا يقلدون الآخرين في ذلك تقليدا أعمى : {وَأَكْثَرُهُمْ لا يَعْقِلُونَ}.

الآية الثّانية تشير إلى منطقهم ودليلهم على قيامهم بهذه الأعمال : {وَإِذا قِيلَ لَهُمْ تَعالَوْا إِلى ما أَنْزَلَ اللهُ وَإِلَى الرَّسُولِ قالُوا حَسْبُنا ما وَجَدْنا عَلَيْهِ آباءَنا}.

في الواقع ، كان كفرهم وعبادتهم الأصنام ينبع من نوع آخر من الوثنية ، هو التسليم الأعمى للعادات الخرافية التي كان عليها أسلافهم ، معتبرين ممارسات أجدادهم لها دليلا قاطعا على صحتها ، ويرد القرآن بصراحة على ذلك بقوله : {أَوَلَوْ كانَ آباؤُهُمْ لا يَعْلَمُونَ شَيْئاً وَلا يَهْتَدُونَ}.

أي لو كان أجدادكم الذين يستندون إليهم في العقيدة والعمل من العلماء والمهتدين لكان اتباعكم لهم إتباع جاهل لعالم ، لكنكم تعلمون أنّهم ، لا يعلمون أكثر منكم ولعلهم أكثر تخلفا منكم ، ومن هنا فإنّ تقليدكم إيّاهم تقليد جاهل لجاهل ، وهو فوض ومذموم في ميزان العقل.

تركيز القرآن في هذه الآية على كلمة «أكثر» يدل على أنّه كانت في ذلك المحيط الجاهلي المظلم فئة ـ وإن قلت ـ على قدر من الفهم بحيث تنظر بعين الاحتقار والاشمئزاز إلى تلك الممارسات.

{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لَا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ} [المائدة : 105] .

كلّ امرئ مسئول عن عمله :

دار الحديث في الآية السابقة حول تقليد الجاهليين آباءهم الضالين ، فأنذرهم القرآن بأن تقليدا كهذا لا ينسجم مع العقل والمنطق ، فمن الطبيعي أن يتبادر إلى أذهانهم السؤال : إنّنا إذا كان علينا أن ننفصل عن أسلافنا في هذه الأمور ، فما ذا سيكون مصيرهم ؟ ثمّ إذا نحن أقلعنا عن هذه التقاليد فما مصائر الكثير من الناس الذين ما يزالون متمسكين بها وواقعين تحت تأثيرها فكان جواب القرآن : {يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ}.

ثمّ يشير إلى موضوع البعث والحساب ومراجعة حساب كل فرد : {إِلَى اللهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعاً فَيُنَبِّئُكُمْ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ}.

ردّ على اعتراض :

أثار بعضهم شبهة حول هذه الآية ، فظن أنّ بين هذه الآية والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ـ وهو من التشريعات الإسلامية الصريحة المسلم بها ـ ضرب من التضاد أو التناقض ، إذ أن هذه الآية تقول {عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ}.

هناك أحاديث وروايات تدل على أنّ هذا الموضوع أثار شبهة حتى في عصر نزول الآية يقول (جبير بن نفيل) : كنت في جمع من أصحاب رسول الله صلى ‌الله‌ عليه ‌وآله‌ وسلم جالسين بحضرته ، وكنت أحدثهم سنا ، وكان الحديث يدور حول الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فقاطعتهم وقلت : ألم يأت في القرآن {يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ} {أي بهذه الآية لا يبقى ما يوجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر) وإذا بالحاضرين يجمعون على توبيخي وتقريعي قائلين : كيف تقتبس آية من القرآن دون أن تعرف معناها وتفسيرها؟ فندمت على ما قلت أشد الندم ، وعادوا إلى بحثهم السابق .

وعند انفضاض المجلس التفتوا إلى قائلين : إنّك شاب حدث السن ، قمت بتفصيل آية من القرآن عما حولها بغير أن تعرف معناها.

وقد يطول بك العمر حتى ترى كيف يحيط البخل بالناس ويسيطر عليهم ، وتسيطر عليهم أهواؤهم ويعتدّ كل منهم برأيه ، فلتحذر يومئذ من أن يضرّك من ضل منهم (أي أنّ الآية تشير إلى ذلك الزمان) .

واليوم نجد الراكنين إلى الدعة وطلاب الراحة ، عند ما يدور الحديث حول القيام بهاتين الفريضتين الإلهيتين الكبيرتين ـ الأمر بالمعروف ـ والنهي عن المنكر ـ يتذرعون بهذه الآية ويحرفونها عن موضعها ، مع أنّنا بقليل من الدقّة في النظر ندرك ألّا تضاد بين هاتين الفريضتين وما جاء في هذه الآية :

فأوّلا : تبيّن الآية أنّ كل امرئ يحاسب على انفراد ، وأنّ ضلال الآخرين من الأسلاف وغير الأسلاف لا يؤثر في هداية الذين اهتدوا ، حتى وإن كانوا قريبين قرب الأخ أو الأب أو الابن ، لذلك فلا تتبعوهم وانجوا بأنفسكم (لاحظ بدقّة).

وثانيا : تشير هذه الآية إلى الحالة التي لا يكون للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر أي أثر ، أو تكون شروط فاعليتهما غير متوفرة ، ففي أمثال هذه الحالات يشعر بعض المؤمنين بالألم ، ويتساءلون عمّا ينبغي لهم أن يفعلوه ، فتجيبهم الآية : لا تثريب عليكم ، فقد أديتم واجبكم ، إذ {لا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ} .

نجد هذا المعنى في الحديث الذي ذكرناه أعلاه ، وكذلك في بعض الأحاديث الأخرى فقد سئل رسول الله صلى ‌الله‌ عليه‌ وآله‌ وسلم عن هذه الآية فقال : «ائتمروا بالمعروف وتناهوا عن المنكر ، فإذا رأيت دنيا مؤثرة وشحا مطاعا وهوى متبعا وإعجاب كل ذي رأي برأيه ، فعليك بخويصة نفسك وذر عوامهم» (3) .

وهناك روايات أخرى بالمضمون نفسه وتفيد هذه الحقيقة ذاتها.

فخر الدين الرازي ـ حسب عادته ـ يذكر عدة أوجه في الإجابة على السؤال المذكورة ، ولكنّها تكاد تعود كلها إلى الأمر الذي ذكرناه ، ولعله ذكرها جميعا لبيان كثرة عددها.

على كلّ حال ، لا شك أنّ مسألة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من أركان الإسلام التي لا يمكن التغاضي عنها بأي شكل من الأشكال ، ولا تسقط إلّا عند اليأس من تأثيرها أو من توفر شروطها.

__________________________

1. تفسير الأمثل ، ج3 ، ص 644-650 .

2. تفسير «نور الثقلين» ، ج 1 ، ص 684.

3. تفسير «نور الثقلين» ، ج 1 ، ص 684.

 

 

 

EN

تصفح الموقع بالشكل العمودي