x
هدف البحث
بحث في العناوين
بحث في اسماء الكتب
بحث في اسماء المؤلفين
اختر القسم
موافق
التوحيد
النظر و المعرفة
اثبات وجود الله تعالى و وحدانيته
صفات الله تعالى
الصفات الثبوتية
القدرة و الاختيار
العلم و الحكمة
الحياة و الادراك
الارادة
السمع و البصر
التكلم و الصدق
الأزلية و الأبدية
الصفات الجلالية ( السلبية )
الصفات - مواضيع عامة
معنى التوحيد و مراتبه
العدل
البداء
التكليف
الجبر و التفويض
الحسن و القبح
القضاء و القدر
اللطف الالهي
مواضيع عامة
النبوة
اثبات النبوة
الانبياء
العصمة
الغرض من بعثة الانبياء
المعجزة
صفات النبي
النبي محمد (صلى الله عليه وآله)
الامامة
الامامة تعريفها ووجوبها وشرائطها
صفات الأئمة وفضائلهم
العصمة
امامة الامام علي عليه السلام
إمامة الأئمة الأثني عشر
الأمام المهدي عجل الله فرجه الشريف
الرجعة
المعاد
تعريف المعاد و الدليل عليه
المعاد الجسماني
الموت و القبر و البرزخ
القيامة
الثواب و العقاب
الجنة و النار
الشفاعة
التوبة
فرق و أديان
علم الملل و النحل ومصنفاته
علل تكون الفرق و المذاهب
الفرق بين الفرق
الشيعة الاثنا عشرية
أهل السنة و الجماعة
أهل الحديث و الحشوية
الخوارج
المعتزلة
الزيدية
الاشاعرة
الاسماعيلية
الاباضية
القدرية
المرجئة
الماتريدية
الظاهرية
الجبرية
المفوضة
المجسمة
الجهمية
الصوفية
الكرامية
الغلو
الدروز
القاديانيّة
الشيخية
النصيرية
الحنابلة
السلفية
الوهابية
شبهات و ردود
التوحيـــــــد
العـــــــدل
النبـــــــوة
الامامـــــــة
المعـــاد
القرآن الكريم
الامام علي بن ابي طالب (عليه السلام)
الزهراء (عليها السلام)
الامام الحسين (عليه السلام) و كربلاء
الامام المهدي (عليه السلام)
إمامة الائمـــــــة الاثني عشر
العصمـــــــة
الغلـــــــو
التقية
الشفاعة والدعاء والتوسل والاستغاثة
الاسلام والمسلمين
الشيعة والتشيع
اديان و مذاهب و فرق
الصحابة
ابو بكر و عمر و عثمان و مشروعية خلافتهم
نساء النبي (صلى الله عليه واله و سلم)
البكاء على الميت و احياء ذكرى الصاحين
التبرك و الزيارة و البناء على القبور
الفقه
سيرة و تاريخ
مواضيع عامة
مقالات عقائدية
مصطلحات عقائدية
أسئلة وأجوبة عقائدية
التوحيد
اثبات الصانع ونفي الشريك عنه
اسماء وصفات الباري تعالى
التجسيم والتشبيه
النظر والمعرفة
رؤية الله تعالى
مواضيع عامة
النبوة والأنبياء
الإمامة
العدل الإلهي
المعاد
القرآن الكريم
القرآن
آيات القرآن العقائدية
تحريف القرآن
النبي محمد صلى الله عليه وآله
فاطمة الزهراء عليها السلام
الاسلام والمسلمين
الصحابة
الأئمة الإثنا عشر
الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام
أدلة إمامة إمير المؤمنين
الإمام الحسن عليه السلام
الإمام الحسين عليه السلام
الإمام السجاد عليه السلام
الإمام الباقر عليه السلام
الإمام الصادق عليه السلام
الإمام الكاظم عليه السلام
الإمام الرضا عليه السلام
الإمام الجواد عليه السلام
الإمام الهادي عليه السلام
الإمام العسكري عليه السلام
الإمام المهدي عليه السلام
إمامة الأئمة الإثنا عشر
الشيعة والتشيع
العصمة
الموالات والتبري واللعن
أهل البيت عليهم السلام
علم المعصوم
أديان وفرق ومذاهب
الإسماعيلية
الأصولية والاخبارية والشيخية
الخوارج والأباضية
السبئية وعبد الله بن سبأ
الصوفية والتصوف
العلويين
الغلاة
النواصب
الفرقة الناجية
المعتزلة والاشاعرة
الوهابية ومحمد بن عبد الوهاب
أهل السنة
أهل الكتاب
زيد بن علي والزيدية
مواضيع عامة
البكاء والعزاء وإحياء المناسبات
احاديث وروايات
حديث اثنا عشر خليفة
حديث الغدير
حديث الثقلين
حديث الدار
حديث السفينة
حديث المنزلة
حديث المؤاخاة
حديث رد الشمس
حديث مدينة العلم
حديث من مات ولم يعرف إمام زمانه
احاديث متنوعة
التوسل والاستغاثة بالاولياء
الجبر والاختيار والقضاء والقدر
الجنة والنار
الخلق والخليقة
الدعاء والذكر والاستخارة
الذنب والابتلاء والتوبة
الشفاعة
الفقه
القبور
المرأة
الملائكة
أولياء وخلفاء وشخصيات
أبو الفضل العباس عليه السلام
زينب الكبرى عليها السلام
مريم عليها السلام
ابو طالب
ابن عباس
المختار الثقفي
ابن تيمية
أبو هريرة
أبو بكر
عثمان بن عفان
عمر بن الخطاب
محمد بن الحنفية
خالد بن الوليد
معاوية بن ابي سفيان
يزيد بن معاوية
عمر بن عبد العزيز
شخصيات متفرقة
زوجات النبي صلى الله عليه وآله
زيارة المعصوم
سيرة وتاريخ
علم الحديث والرجال
كتب ومؤلفات
مفاهيم ومصطلحات
اسئلة عامة
أصول الدين وفروعه
الاسراء والمعراج
الرجعة
الحوزة العلمية
الولاية التكوينية والتشريعية
تزويج عمر من ام كلثوم
الشيطان
فتوحات وثورات وغزوات
عالم الذر
البدعة
التقية
البيعة
رزية يوم الخميس
نهج البلاغة
مواضيع مختلفة
الحوار العقائدي
* التوحيد
* العدل
* النبوة
* الإمامة
* المعاد
* الرجعة
* القرآن الكريم
* النبي محمد (صلى الله عليه وآله)
* أصحاب النبي (صلى الله عليه وآله)
* فضائل النبي وآله
* الإمام علي (عليه السلام)
* فاطمة الزهراء (عليها السلام)
* الإمام الحسين (عليه السلام) وكربلاء
* الإمام المهدي (عجل الله فرجه)
* زوجات النبي (صلى الله عليه وآله)
* الخلفاء والملوك بعد الرسول ومشروعية سلطتهم
* العـصمة
* التقيــة
* الملائكة
* الأولياء والصالحين
* فرق وأديان
* الشيعة والتشيع
* التوسل وبناء القبور وزيارتها
* العلم والعلماء
* سيرة وتاريخ
* أحاديث وروايات
* طُرف الحوارات
* آداب وأخلاق
* الفقه والأصول والشرائع
* مواضيع عامة
مذهب الجبرية
المؤلف: العلامة المحقق السيد عبد الله شبر
المصدر: حق اليقين في معرفة أصول الدين
الجزء والصفحة: ج 1، ص 91-97
20-11-2014
1592
في أن العباد ليسوا بمجبورين على أفعالهم ، كما هو مذهب الجبرية من العامة، وهم موجدون لأفعالهم، لا أن اللّه تعالى خلقها فيهم، خلافا للأشاعرة فرارا من إسناد الخلق إلى العباد ولقوله تعالى: {اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ} [الرعد: 16] ، {هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ اللَّهِ} [فاطر: 3] ، {وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ} [الصافات: 96] وهو واضح الفساد، لأن الاشتراك اللفظي لا يوجب الشرك، كما يقال اللّه موجود و زيد موجود، ولذا أسند الخلق إلى روح اللّه، كما قال تعالى: {وَإِذْ تَخْلُقُ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ } [المائدة: 110].و إلى السامري و أصحابه حيث قال: {وَتَخْلُقُونَ إِفْكًا} [العنكبوت: 17] وصرح بالاشتراك في قوله تعالى: { فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ} [المؤمنون: 14] نعم هي مخلوقة للّه تعالى، بخلق التقدير أي العلم الأزلي دون التكوين، لأن لا يسقط التكليف والثواب والعقاب، و كيف كان فلنا وجوه من الأدلة نذكر جملة شافية منها:
الأول: إن كل عاقل لا يشك في الفرق بين الحركات الاختيارية والاضطرارية، و إن هذا الحكم مركوز في عقل كل عاقل، بل في قلوب الأطفال و المجانين، فإن الطفل لو ضربه غيره بعصى تؤلمه ذم الضارب دون العصى، وكذا لو رماه بآجرة فإنه يذم الرامي دون الآجرة، بل يمكن ادعاء أن ذلك حاصل في الحيوانات والبهائم، و لذا قال أبو الهذيل حمار بشر أعقل من بشر، لأن حمار بشر إذا أتيت به إلى جدول كبير فضربته لم يطاوع على العبور، وإن أتيت به إلى جدول صغير جازه و عبره، لأنه فرق بين ما يقدر عليه و ما لا يقدر عليه، وبشر لم يفرق بينهما فحماره أعقل منه.
الثاني: مكابرة الضرورة، فإن العاقل يفرق بالضرورة بين ما يقدر عليه، كالحركة يمنة و يسرة و البطش باليد اختيارا، وبين الحركة الاضطرارية كالوقوع من شاهق و حركة المرتعش و حركة النبض.
الثالث: إنكار الحكم الضروري من حسن مدح المحسن و قبح ذمه، فإن كل عاقل يحكم بحسن مدح من يفعل الطاعات دائما و لا يفعل شيئا من المعاصي، ويبالغ في الإحسان إلى الناس و يبذل الخير لكل أحد، و يعين الملهوف و يساعد الضعيف، وانه يقبح ذمه، وإنه لو شرع أحد في ذمه باعتبار إحسانه عده العقلاء سفيها و لامه كل واحد، ويحكمون حكما ضروريا بقبح مدح من يبالغ في الظلم والجور و التعدي و الغصب و نهب الأموال و قتل الأنفس، ويمتنع من فعل الخير و إن قلّ، وإن من مدحه على هذه الأفعال عد سفيها، و يعلم ضرورة قبح المدح و الذم على كونه طويلا أو قصيرا.
الرابع: إنه يقبح منه تعالى حينئذ تكليف فعل الطاعات و اجتناب المعاصي، إذ كان الفاعل فينا لذلك هو اللّه تعالى على زعمهم، ولأنه إذا خلق فينا المعصية امتنعت منا الطاعة، و بالعكس، و لكنا في ذلك بمنزلة الجمادات.
الخامس: إنه يلزم أن يكون اللّه تعالى أظلم الظالمين، تعالى اللّه عن ذلك علوا كبيرا، لأنه إذا خلق فينا المعصية و لم يكن لنا فيه أثر، ثم عذبنا عليها و عاقبنا على صدورها منه تعالى، كان ذلك نهاية الجور و العدوان.
السادس: إنه يلزم مخالفة الكتاب العزيز و نصوصه، والآيات المتظافرة فيه الدالة على إسناد الأفعال إلينا، كالآيات الدال على إضافة الفعل إلى العبد: {فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا} [مريم: 37] ، { فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتَابَ بِأَيْدِيهِمْ } [البقرة: 79]. {إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ } [الأنعام: 116] ، {ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ لَمْ يَكُ مُغَيِّرًا نِعْمَةً أَنْعَمَهَا عَلَى قَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ} [الأنفال: 53]. {لْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنْفُسُكُمْ أَمْرًا } [يوسف: 18]. {فَطَوَّعَتْ لَهُ نَفْسُهُ قَتْلَ أَخِيهِ} [المائدة: 30] {مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ} [النساء: 123] ، {كُلُّ امْرِئٍ بِمَا كَسَبَ رَهِينٌ} [الطور: 21] ، {مَا كَانَ لِيَ عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ إِلَّا أَنْ دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي} [إبراهيم: 22] .
و كذا ما ورد في القرآن من مدح المؤمن على إيمانه، وذم الكافر على كفره، ووعده بالثواب على الطاعة، وتوعيده بالعقاب على المعصية، كقوله تعالى: {الْيَوْمَ تُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ لَا ظُلْمَ الْيَوْمَ} [غافر: 17] ، {الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ} [الجاثية: 28] ، {وَإِبْرَاهِيمَ الَّذِي وَفَّى} [النجم: 37] ، {وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} [الأنعام: 164] ، {لِتُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا تَسْعَى } [طه: 15] ، {هَلْ جَزَاءُ الْإِحْسَانِ إِلَّا الْإِحْسَانُ} [الرحمن: 60] ، {هَلْ تُجْزَوْنَ إِلَّا مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ} [النمل: 90] {مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا} [الأنعام: 160] ، { وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي } [طه: 124] {أُولَئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الْحَيَاةَ الدُّنْيَا } [البقرة: 86] ، {الَّذِينَ كَفَرُوا بَعْدَ إِيمَانِهِمْ} [آل عمران: 90] . وكذلك الآيات الدالة على أن أفعال اللّه تعالى، منزهة عن أن تكون مثل أفعال المخلوقين من التفاوت و الاختلافات و الظلم كقوله تعالى: { مَا تَرَى فِي خَلْقِ الرَّحْمَنِ مِنْ تَفَاوُتٍ} [الملك: 3] ، {الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ } [السجدة: 7]. والكفر و الظلم ليس بحسن و قوله تعالى: {مَا خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا إِلَّا بِالْحَقِّ } [الحجر: 85]. و الكفر ليس بحق، وقوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ } [النساء: 40] ، {وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ } [فصلت: 46] .{وَمَا ظَلَمْنَاهُمْ وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ} [النحل: 118] ،{لَا ظُلْمَ الْيَوْمَ} [غافر: 17] ، {وَلَا يُظْلَمُونَ فَتِيلًا} [النساء: 49]. وكذا الآيات الدالة على ذم العباد على الكفر و المعاصي كقوله تعالى: {كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللَّهِ} [البقرة: 28]. والإنكار و التوبيخ عليهم مع عجزهم، وكونه تعالى خلق الكفر في الكافر و أراده منه، وهو لا يقدر على غير محال، و قوله تعالى: {وَمَا مَنَعَ النَّاسَ أَنْ يُؤْمِنُوا إِذْ جَاءَهُمُ الْهُدَى } [الكهف: 55] . وقوله تعالى: {وَمَاذَا عَلَيْهِمْ لَوْ آمَنُوا} [النساء: 39] وقوله تعالى: م {مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ} [ص: 75] . وقوله تعالى: {مَا مَنَعَكَ إِذْ رَأَيْتَهُمْ ضَلُّوا * أَلَّا تَتَّبِعَنِ} [طه: 92، 93] ، { فَمَا لَهُمْ عَنِ التَّذْكِرَةِ مُعْرِضِينَ} [المدثر: 49] { فَمَا لَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ} [الانشقاق: 20] {عَفَا اللَّهُ عَنْكَ لِمَ أَذِنْتَ لَهُمْ} [التوبة: 43] ، {لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ} [التحريم: 1]. وكيف يجوز على زعمهم أن يقول اللّه لم تفعلون مع أنهم ما فعلو او يقول: {وَلَا تَلْبِسُوا الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ } [البقرة: 42] . { لِمَ تَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ} [آل عمران: 99] .ولنعم ما قال الصاحب ابن عباد كيف يأمر بالإيمان و لم يرده، و ينهى عن الكفر و قد أراده، و يعاقب على الباطل و قد قدره، وكيف يصرفه عن الإيمان، ثم يقول: فَأَنّٰى تُصْرَفُونَ و يخلق فيهم الكفر، ثم يقول: كَيْفَ تَكْفُرُونَ و يخلق فيهم لبس الحق بالباطل، وصدهم عن السبيل ثم يقول: لِمَ تَلْبِسُونَ اَلْحَقَّ بِالْبٰاطِلِ و لِمَ تَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اَللّٰهِ و يحول بينهم و بين الإيمان ثم يقول: وماذا عَلَيْهِمْ لَوْ آمَنُوا بالله و يذهب بهم عن الرشد ثم يقول: فَأَيْنَ تَذْهَبُونَ وأضلهم عن الدين حتى أعرضوا ثم قال: فَمٰا لَهُمْ عَنِ اَلتَّذْكِرَةِ مُعْرِضِينَ. ومما يبطل قولهم أيضا الآيات التي ذكر اللّه فيها تخيير العباد في أفعالهم و تعليقها مشيئتهم كقوله تعالى : {مَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ} [الكهف: 29] {وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ } [التوبة: 105] {لِمَنْ شَاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَتَقَدَّمَ أَوْ يَتَأَخَّرَ} [المدثر: 37] { فَمَنْ شَاءَ ذَكَرَهُ } [المدثر: 55] {فَمَنْ شَاءَ اتَّخَذَ إِلَى رَبِّهِ سَبِيلًا } [المزمل: 19] {فَمَنْ شَاءَ اتَّخَذَ إِلَى رَبِّهِ مَآبًا} [النبأ: 39]. وقد أنكر اللّه تعالى على من نفى المشيئة عن نفسه و أضافها إلى اللّه تعالى بقوله: {سَيَقُولُ الَّذِينَ أَشْرَكُوا لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكْنَا} [الأنعام: 148] وقال تعالى: {لَوْ شَاءَ الرَّحْمَنُ مَا عَبَدْنَاهُمْ} [الزخرف: 20]. وكذلك الآيات التي فيها أمر العباد بالأفعال والمسارعة إليها كقوله تعالى: {أَجِيبُوا دَاعِيَ اللَّهِ} [الأحقاف: 31] ، {اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ} [الأنفال: 24] ، {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ } [الحج: 77] ، {فَآمِنُوا خَيْرًا لَكُمْ} [النساء: 170] ، {وَاتَّبِعُوا أَحْسَنَ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ} [الزمر: 55] ، {وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ } [الزمر: 54] .
وكيف يصح الامر بالطاعة والمسارعة اليها مع كون المأمور ممنوعا عاجزا عن الاتيان به ، وكذلك الآيات التي حث اللّه فيها على الاستعانة كقوله تعالى: { إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} [الفاتحة: 5] ، {فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ} [النحل: 98] ، {اسْتَعِينُوا بِاللَّهِ } [الأعراف: 128]. فإذا كان اللّه خلق الكفر و المعاصي كيف يستعاذ به، ايضا يلزم بطلان الألطاف والدواعي، لأنه تعالى إذا كان هو الخالق لأفعال العباد، فأي نفع يحصل للعبد من اللطف الذي يفعله اللّه، لكن الألطاف حاصلة كقوله تعالى: {أَوَلَا يَرَوْنَ أَنَّهُمْ يُفْتَنُونَ فِي كُلِّ عَامٍ مَرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ} [التوبة: 126] ، {وَلَوْلَا أَنْ يَكُونَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً } [الزخرف: 33] {وَلَوْ بَسَطَ اللَّهُ الرِّزْقَ لِعِبَادِهِ لَبَغَوْا فِي الْأَرْضِ} [الشورى: 27] ، {فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ} [آل عمران: 159] ، {إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ} [العنكبوت: 45]. وكذا الآيات الدالة على اعتراف الأنبياء بذنوبهم و إضافتها إلى أنفسهم، كما حكى اللّه تعالى عمن قال: {رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا } [الأعراف: 23] ، {سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ } [الأنبياء: 87] {رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي} [النمل: 44] ، {بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنْفُسُكُمْ أَمْرًا} [يوسف: 18]. وقال يوسف عليه السّلام: {مِنْ بَعْدِ أَنْ نَزَغَ الشَّيْطَانُ بَيْنِي وَبَيْنَ إِخْوَتِي } [يوسف: 100]. وقال نوح عليه السّلام: {رَبِّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ أَنْ أَسْأَلَكَ مَا لَيْسَ لِي بِهِ عِلْمٌ } [هود: 47]. وكذا الآيات الدالة على اعتراف الكفار و العصاة، بأن كفرهم و معاصيهم كانت منهم كقوله تعالى: {وَلَوْ تَرَى إِذِ الظَّالِمُونَ مَوْقُوفُونَ عِنْدَ رَبِّهِمْ} [سبأ: 31] الى قوله تعالى: {أَنَحْنُ صَدَدْنَاكُمْ عَنِ الْهُدَى بَعْدَ إِذْ جَاءَكُمْ بَلْ كُنْتُمْ مُجْرِمِينَ} [سبأ: 32] ، { مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ* قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ} [المدثر: 42، 43] {كُلَّمَا أُلْقِيَ فِيهَا فَوْجٌ سَأَلَهُمْ خَزَنَتُهَا} [الملك: 8]إلى قوله: {فَكَذَّبْنَا} [الملك: 9] ، {أُولَئِكَ يَنَالُهُمْ نَصِيبُهُمْ مِنَ الْكِتَابِ } [الأعراف: 37] ، {فَذُوقُوا الْعَذَابَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْسِبُونَ} [الأعراف: 39]. وكذا الآيات التي ذكر اللّه فيها ما يحصل من التحسر في الآخرة على الكفر و طلب الرجعة، قال اللّه تعالى: {وَهُمْ يَصْطَرِخُونَ فِيهَا رَبَّنَا أَخْرِجْنَا} [فاطر: 37] ، {قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ * لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا} [المؤمنون: 99، 100] ، {وَلَوْ تَرَى إِذِ الْمُجْرِمُونَ نَاكِسُو رُءُوسِهِمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ رَبَّنَا أَبْصَرْنَا وَسَمِعْنَا فَارْجِعْنَا نَعْمَلْ صَالِحًا} [السجدة: 12]ً أو يقول حين يرى العذاب: {لَوْ أَنَّ لِي كَرَّةً فَأَكُونَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ } [الزمر: 58] إلى غير ذلك من الآيات. ومن جملة ما يلزمهم مخالفة إجماع الأنبياء و الرسل، فإنه لا خلاف في أن الأنبياء اجمعوا على أن اللّه تعالى أمر عباده ببعض الأشياء كالصلاة و الصوم، ونهى عن البعض كالظلم و الجور، ولا يصح ذلك إذا لم يكن العبد موجدا، وكيف يصح أن يقال له ائت بفعل الإيمان و الصلاة و لا تأت بالكفر و الزنا مع أن الفاعل لهذه والتارك لها هو غيره، فإن الأمر بالفعل يتضمن الإخبار عن كون المأمور قادرا عليه، حتى إنه لو لم يكن المأمور قادرا على المأمور به، لمرض أو سبب آخر، ثم أمره غيره فإن العقلاء يتعجبون منه و ينسبونه إلى الحمق و الجهل و الجنون، ويقولون إنك تعلم أنه لا يقدر على ذلك ثم تأمره به. ولو صح هذا لصح أن يبعث اللّه رسولا إلى الجمادات مع الكتاب فيبلغ إليها ما ذكرناه، ثم إنه تعالى يخلق الحياة في تلك الجمادات و يعاقبها لأجل أنهم لم يمتثلوا أمر اللّه ورسوله، وذلك معلوم البطلان ببديهة العقل، ويلزم أيضا سد باب الاستدلال على كونه تعالى صادقا، والاستدلال على العلم بإثبات الصانع، والاستدلال على صحة النبوة، و الاستدلال على صحة الشريعة، و يفضي إلى القول بخرق الاجماع، لأنه لا يمكن اثبات الصانع إلا بأن يقال العالم حادث، فيكون محتاجا إلى المحدث قياسا على أفعالنا المحتاجة إلينا، فمن منع حكم الأصل و القياس و هو كون العبد موجدا، لا يمكنه استعمال هذه الطريقة، فينسد عليه باب إثبات الصانع. وأيضا إذا كان اللّه تعالى خالقا للجميع من القبائح و غيرها، لم يمتنع منه إظهار المعجزة على يد الكاذب، ومتى لم يقطع بامتناع ذلك انسد علينا باب إثبات الفرق بين النبي و المتنبي. وأيضا إذا جاز أن يخلق اللّه تعالى القبائح جاز أن يكذب في إخباره فلا يوثق بوعده و وعيده، وإخباره عن أحكام الآخرة و الأحوال الماضية و القرون الخالية. وأيضا يلزم من خلقه القبائح أن يدعو إليها، وأن يبعث عليها و يحث و يرغب فيها، ولو جاز ذلك جاز أن يكون ما رغب اللّه تعالى فيه من القبائح، فتزول الثقة بالشرائع و يقبح التشاغل بها.
و أيضا لو جاز منه تعالى أن يخلق في العبد الكفر و الضلال، مع أنه تعالى زينه في قلوبنا لجاز أن يكون بعض الملل المخالفة للإسلام هو الحق، وأيضا يلزمهم إلحاق اللّه تعالى بالسفهاء و الجهال تعالى اللّه عما يقولون، لأن من جملة أفعال العباد الشرك باللّه ووصفه بالأضداد و الانداد و الصاحبة و الأولاد و شتمه و سبه، فلو كان اللّه تعالى فاعلا لأفعال العباد لكان فاعلا للأفعال كلها، ولكل هذه الأمور و ذلك يبطل حكمته تعالى، لأن الحكيم لا يشتم نفسه، وفي نفي الحكمة إلحاقه بضدها نعوذ باللّه من هذه المقالات الفاسدة و المذاهب الكاسدة، التي يشهد ببطلانها الوجدان و العيان فضلا عن البرهان، وتضحك منها الإنس و الجان و استقصاء ما يلزمهم من المفاسد و أنواع الكفر يفضي إلى التطويل و فيما ذكر كفاية و اللّه الهادي إلى سواء السبيل.