x

هدف البحث

بحث في العناوين

بحث في المحتوى

بحث في اسماء الكتب

بحث في اسماء المؤلفين

اختر القسم

القرآن الكريم
الفقه واصوله
العقائد الاسلامية
سيرة الرسول وآله
علم الرجال والحديث
الأخلاق والأدعية
اللغة العربية وعلومها
الأدب العربي
الأسرة والمجتمع
التاريخ
الجغرافية
الادارة والاقتصاد
القانون
الزراعة
علم الفيزياء
علم الكيمياء
علم الأحياء
الرياضيات
الهندسة المدنية
الأعلام
اللغة الأنكليزية

موافق

التاريخ والحضارة

التاريخ

الحضارة

ابرز المؤرخين

اقوام وادي الرافدين

السومريون

الساميون

اقوام مجهولة

العصور الحجرية

عصر ماقبل التاريخ

العصور الحجرية في العراق

العصور القديمة في مصر

العصور القديمة في الشام

العصور القديمة في العالم

العصر الشبيه بالكتابي

العصر الحجري المعدني

العصر البابلي القديم

عصر فجر السلالات

الامبراطوريات والدول القديمة في العراق

الاراميون

الاشوريون

الاكديون

بابل

لكش

سلالة اور

العهود الاجنبية القديمة في العراق

الاخمينيون

المقدونيون

السلوقيون

الفرثيون

الساسانيون

احوال العرب قبل الاسلام

عرب قبل الاسلام

ايام العرب قبل الاسلام

مدن عربية قديمة

الحضر

الحميريون

الغساسنة

المعينيون

المناذرة

اليمن

بطرا والانباط

تدمر

حضرموت

سبأ

قتبان

كندة

مكة

التاريخ الاسلامي

السيرة النبوية

سيرة النبي (صلى الله عليه وآله) قبل الاسلام

سيرة النبي (صلى الله عليه وآله) بعد الاسلام

الخلفاء الاربعة

ابو بكر بن ابي قحافة

عمربن الخطاب

عثمان بن عفان

علي ابن ابي طالب (عليه السلام)

الامام علي (عليه السلام)

اصحاب الامام علي (عليه السلام)

الدولة الاموية

الدولة الاموية *

الدولة الاموية في الشام

معاوية بن ابي سفيان

يزيد بن معاوية

معاوية بن يزيد بن ابي سفيان

مروان بن الحكم

عبد الملك بن مروان

الوليد بن عبد الملك

سليمان بن عبد الملك

عمر بن عبد العزيز

يزيد بن عبد الملك بن مروان

هشام بن عبد الملك

الوليد بن يزيد بن عبد الملك

يزيد بن الوليد بن عبد الملك

ابراهيم بن الوليد بن عبد الملك

مروان بن محمد

الدولة الاموية في الاندلس

احوال الاندلس في الدولة الاموية

امراء الاندلس في الدولة الاموية

الدولة العباسية

الدولة العباسية *

خلفاء الدولة العباسية في المرحلة الاولى

ابو العباس السفاح

ابو جعفر المنصور

المهدي

الهادي

هارون الرشيد

الامين

المأمون

المعتصم

الواثق

المتوكل

خلفاء بني العباس المرحلة الثانية

عصر سيطرة العسكريين الترك

المنتصر بالله

المستعين بالله

المعتزبالله

المهتدي بالله

المعتمد بالله

المعتضد بالله

المكتفي بالله

المقتدر بالله

القاهر بالله

الراضي بالله

المتقي بالله

المستكفي بالله

عصر السيطرة البويهية العسكرية

المطيع لله

الطائع لله

القادر بالله

القائم بامرالله

عصر سيطرة السلاجقة

المقتدي بالله

المستظهر بالله

المسترشد بالله

الراشد بالله

المقتفي لامر الله

المستنجد بالله

المستضيء بامر الله

الناصر لدين الله

الظاهر لدين الله

المستنصر بامر الله

المستعصم بالله

تاريخ اهل البيت (الاثنى عشر) عليهم السلام

شخصيات تاريخية مهمة

تاريخ الأندلس

طرف ونوادر تاريخية

التاريخ الحديث والمعاصر

التاريخ الحديث والمعاصر للعراق

تاريخ العراق أثناء الأحتلال المغولي

تاريخ العراق اثناء الاحتلال العثماني الاول و الثاني

تاريخ الاحتلال الصفوي للعراق

تاريخ العراق اثناء الاحتلال البريطاني والحرب العالمية الاولى

العهد الملكي للعراق

الحرب العالمية الثانية وعودة الاحتلال البريطاني للعراق

قيام الجهورية العراقية

الاحتلال المغولي للبلاد العربية

الاحتلال العثماني للوطن العربي

الاحتلال البريطاني والفرنسي للبلاد العربية

الثورة الصناعية في اوربا

تاريخ الحضارة الأوربية

التاريخ الأوربي القديم و الوسيط

التاريخ الأوربي الحديث والمعاصر

تاريخ الامريكتين

التاريخ : احوال العرب قبل الاسلام : مدن عربية قديمة : بطرا والانباط :

الانباط

المؤلف:  دكتور حلمي محروس اسماعيل

المصدر:  الشرق العربي القديم وحضاراته

الجزء والصفحة:  ص251- 265

13-11-2016

1103

وهي مملكة عربية لم يرد ذكرها بالتفصيل في كتب العرب القدماء وانما عرفت اخبارها ضمن كتابات اليونانيين عن البطالمة والسلوقيين والرومان.

الموقع الجغرافي:

نشأت دولة الانباط في شمال غرب الجزيرة العربية ، في الموضع الذي عرف باسم (بلاد العرب الحجرية او الصخرية) بسبب كثرة المرتفعات الصخرية الوعرة التي تتميز بها اراضيها، مع قلة المياه وفي هذا الموضع تقع دولة شرق الاردن حاليا. وكانت دولة الانباط تمتد من حدود فلسطين شمالا، الى حدود الحجاز جنوبا ومن بادية الشام شرقا الى شبه جزيرة سيناء غربا.

وفي اوج اتساعها امتدت الانباط الى منطقة دمشق وسهل البقاع وضمت الاجزاء الجنوبية والشرقية من فلسطين، واقاليم حوران وادوم ومدين وردان، واجزاء من ساحل البحر الاحمر.

اصل الانباط:

الانباط عرب رحل واسمائهم وسماء ملوكهم عربية، ولكن غير معروف على وجه التحديد الموطن الذي قدموا منه، ويقال انهم نزحوا من بوادي الجزيرة العربية الى شمال الحجاز.

ويرى بعض الباحثين الغربيين ان الانباط ليسوا عربا، وانما هم من الاراميين، بحجة انهم كانوا يستعملون الارامية في كتاباتهم، وان تشابه الاسماء بين الانباط والعرب وامتزاج الالفاظ العربية في اللغة الارامية، انما ذلك نتيجة إستمرار الاحتلال والاتصال بين الشعبين بحكم الجوار.

ويرد بعض الباحثين العرب على هذه المزاعم بأن اللغة الارامية كانت واسعة الانتشار في مناطق الشرق الادنى، وكانت متفوقة على اللغات الاخرى بها وظلت تستخدم لعدة قرون في الكتابو والتحرير في الدواوين الرسمية، ولا يعني ان الاقوام الذين كتبوا باللغة الارامية هم بالضرورة من الاراميين، كما نسب الى الانباط.

وما جاء عن الانباط في كتب الاخباريين العرب لا يعدو انهم(جيل من العجم نزلوا(1) في منطقة البطائح بين العراقيين ) وانهم سموا بهذا الاسم (لكثرة النبط عندهم، وهو الماء).

ويرى (ولفنسون) انهم من بقايا الشعوب القديمة الذين نزلوا قي البطائح قبيل الاسلام، ومنهم الاراميين.

وقد اختفت تفاسير الباحثين في معنى كلمة (النبط) ومما قيل في معناه انه (الماء الذي ينبط(2) من قعر البئر اذا حفرت).

مدن الانباط:

البتراء(بترا بطرا)Patra :

وهي كلمة يونانية، معناها في العربية (الصخر) وكان اسمها القديم(ها- سلع) Selah ، وتعني ايضا (الصخر) في لغة الأدميين العبرانيون (سلاع) وتعني في لغتهم الحجر، ويعرفها العرب باسم(الرقيم)، وهو الاسم الذي كان السكان الانباط يطلقونه عليها.

وقد سكن الحوريون والادميون في (البتراء) حتى اواخر القرن السادس قبل الميلاد وكانت عاصمة للأدميين وفي حوالي سنة 500ق.م، قدم اليها الانباط واتخذوها عاصمة لهم، ثم صارت عاصمة لدولة (مؤاب) بعد ذلك .

وكانت(البتراء) من اشهر مدن العالم القديم وتقع على مسافة خمسين ميلا تقريبا الى الجنوب من البحر الميت، والى الشمال الشرقي من راس خليج العقبة وغير بعيدة عنه.

وذكر(سترابو) ان (بطرا)كانت (عاصمة النبط ومقر(3) حكمهم ودولتهم، وهي لا تبعد الا اربعة ايام عن(اريحا) وخمسة ايام عن غابة النخيل (بوسيديون) وهي موضع غني بالماء كثير البساتين بالنسبة الى من يأتي اليها من البوادي القاحلة).

ومكانها حاليا في وادي موسى الذي يمتد الى الشرق من وادي العربة في اراضي شرق الاردن.

ووصفها(سترابو) بأنها (مدينة صخرية قائمة في مستوى من الارض تحيط به الصخور كالسور المنيع وليس وراءها غير الرمال المحرقة).

وكانت (بطرا) تقع فوق هضبة تعلو 1000 متر عن سطح البحر، وتحيط بها الصخور كالحصون من جوانبها الشرقية والغربية والجنوبية، وكان منفذها الوحيد من جهة الشمال من مضيق تحفة التلال الصخرية من جانبية، بارتفاع لا يقل عن 100م ويضيق تدريجيا حتى لا يتجاوز عرضه خمسة امتار عند مدخل المدينة.

وقال عنها الاصطخري في كتابة (المسالك والممالك) انها(مدينة بقرب البلقاء وهي صغيرة منحوته بيوتها كلها وجدرانها من صخر كأنها حجر واحد).

وقد اكتسبت (البتراء) اهمية كبيرة واتسع عمرانها بسبب موقعها الجغرافي الذي يشرف على طريق القوافل التجارية القادمة من الجزيرة العربية وغيرها، وبسط بقعة وحيدة تتوفر فيها المياه العذبة بكثرة، التي كانت تجمع في صهاريج من مجاري السيول مما جعلها محطة تجارية عظيمة الاهمية كانت تتزود فيها القوافل التجارية بالمياه والطعام وتجد فيها وسائل الراحة، بعد مسيرها في الصحراء لمسافات بعيدة.

ومن الاثار المهمة (للبتراء) المنحوتة في الصخر هيكل يسمى (خزنة فرعون) وقوس النصر، وبقايا مسرح كبير يتسع لنحو اربعة الاف شخص، وهياكل ومقابر عدة وبعض هذه الاثار مبني على الطراز النبطي القديم، والبعض الاخر متأثر بالفن المصري، او الاشوري، او اليوناني، او الروماني.

الحجر:

(الحجر)Egre أو Hegra من مدن الانباط القديمة المهمة، وكانت تقع على شريان التجارة القديم، وكان اسمها القديم (حجرا) أو (هجرا) أو (حجرو) أو (هجرو).

وقد ذكر بعض (سترابو) انها كانت مقرا للقبيلة المسماة (ليانيتية) Laenitae كما ذكر بعض الباحثين وعلماء اللغة العربية، ان (الحجر) هي ديار ثمود قوم النبي صالح جاء ذكرها في القرآن في سورة الحجر بقوله تعالى{وَلَقَدْ كَذَّبَ أَصْحَابُ الْحِجْرِ الْمُرْسَلِينَ } [الحجر: 80].

وقد تضاءل شأنها في العصر الاسلامي، ثم اصبحت خرابا بعد القرن العاشر الميلادي، وهجرها سكانها.

ومن اثارها الهامة المتبقية منها حاليا، بعض المقابر الفخمة التي كانت تخص عائلات ثرية، من عهد الملك الحارث الرابع في القرن الاول للميلاد، ومن اهمها المقبرة المسماة (قصر البنت) وهي منحوته في داخل تل، وتعد من اغنى تلك المقابر من الناحية الفنية، ولها مدخل خارجي ارتفاعه عشرون مترا، وقد زين بالزخارف والنقوش في حذق ومهارة.

ومنها مقبرة تتألف من عدة غرف تحت الصخور، تصل بينها عدد من الدرب والطرق.

ومن الاثار القيمة الباقية ما يسمى (ديوان) وهو معبد نحت في جبل (اثلب) وهو مقام على قاعدة ذات زوايا مربعة عرضها عشرة امتار، وعمقها اثنى عشر مترا، وعلى كل جانب منه عمود من الحجر ويؤدي الى مدرج.

غير معروف متى تأسست مملكة الانباط ولا الاسرة التي تولت الحكم فيها على وجه التحديد وانما يعرف فقط اسماء عدد من الملوك وهم:

الحارث الاول(ارتياس الاول)(169- 126ق.م):

وهو اول ملك يحمل هذا الاسم (ارتياس) Arteas من ملوك الانباط، ويظن بعض الباحثين ان (أرتياس) هو اسم الاسرة الحاكمة في الانباط وانها من اصل آرامي.

وقد جاء ذكره في كتاب (الاسفار) على انه زعيم العرب ولم يلقب بملك، وكان يعاصر (انطيوخوس الرابع) السلوقي ملك سوريا، (بطليموس) فيلوماتر ملك مصر.

وكان الحارث الاول متحالفا مع جيرانه (المكابيين) اليهود في فلسطين، ضد السلوقيين في سوريا، وقدم المساعدات من الرجال والعتاد لملك (يهوذا) المكابي في حربه ضد (تيموتاوس) في عام 161ق.م.

الحارث الثاني (ايروتيموس)(120- 96ق.م):

وغير معروف اسم الملك الذي تولى الحكم بعد الحارث الاول مباشرة على وجه التحديد ويذكر البعض ان اسمه كان (زيد- ايل).

وفي عام 120ق.م، تولى(الحارث الثاني) الحكم وكان يعرف بأسم (ايروتيمس) Eratimus وفي عهده بلغت الدولة على الدرجة عالية من القوة واعترف المكابيون بتفوقها العسكري، وطلبوا مساعدتها ضد اعدائهم. وقد نعته المؤرخ اليهودي (يوسيفوس) بلقب (ملك) ويبدوا ان هذا اللقب صار يطلق رسميا على حكما الانباط منذ ذلك الوقت.

ويذكر هذا المؤرخ ان (الحارث الثاني) رفض مساعدة سكان (غزة) عندما طلبوا منه ذلك اثناء محاصرة الملك المكابي (اسكندر جينوس) لمدينتهم في عام 96ق.م.

ويضيف ان (الحارث الثاني) قد استغل ضعف الاوضاع في مصر والشام، فهاجم بأتباعه وجنوده الاراضي المجاورة التابعة لأملاك الدولتين، وحصل على غنائم كثيرة.

وفي عهده صدرت نقود نبطية تحمل حرف (A) وهو الحرف الاول من اسمه Arethas .

عبادة الاول (96- 87ق.م):

وقد دخل في حرب ضد الملك المكابي (اسكندر جينوس) عندما اتضح له اهداف سياسة المكابيين والتي لم تقتصر على طلب الاستقلال التام والخلاص من الحكم الاجنبي بل تجاوزت ذلك الى محاولة الاستيلاء على اراضي الاردن والتوغل في مناطق الانباط ذاتها، والعمل على انشاء حكومة قوته قد تزاحم حكومة الانباط ذاتها، والعمل على انشاء حكومة قوته قد تزاحم حكومة الانباط مستقبلا.

وكان الملك المكابي (اسكندر جينوس) قد استعان بجنود مرتزقة من اليونان وآسيا الصغرى ومن المؤابيين و(الجلعاديين) العرب (اهل مؤاب واهل جلعاد) وارغمهم على دفع الجزية، فأثار ذلك معارضة الملك (عبادة الاول) وبادر بإعلان الحرب عليه واشتبك معه في معركة على الضفة الشرقية لنهر الاردن في سنة 90ق.م، وكاد اسكندر جنيوس يهلك في هذه المعركة، لولا فراره على وجه السرعة الى القدس.

وفي القدس لم يلبث (اسكندر جنيوس) ان واجه معارضة قوية قامت بها جماعة شديدة الباس، وتمادت في مقاومتها لسياسته بأن استدعت (ديمتريوس اويكروس) وهو من بقايا الاسرة الحاكمة في مملكة السلوقيين السوريين لمنهارة، ونصبته ملكا عليها، مما احرج مركز الملك المكابي.

وعلى اثر ذلك اضطر (اسكندر جنيوس) الى التودد الى العرب وتنازل اليهم عن (مؤاب) و(جلعاد) ومواقع اخرى كان يخشى انضمامها الى خصومه وفدمها الى ملك الانباط(عبادة الاول).

وبعد قليل اضطر (ديمترويوس) الى مغادرة مملكة (يهوذا) وتوجه الى حلب ودخل في نزاع مع اخيه (فيليب) الذي استعان بأحد اعوانه، وقبائل عربية اخرى، وجمع قوات كبيرة تمكن بها من الانتصار على (ديمتريوس).

الحارث الثالث(87- 62ق.م):

وهو اشهر ملوك الانباط على الاطلاق وأعتبره بعض المؤرخين المؤسس الحقيقي لدولة الانباط.

وفي عهده اتسعت رقعـة مملكة الانباط نتيجة لفتوحاته وانتصاراته، وذلك على حساب السلوقيين ومملكة اليهود وخاصة بعد انتصاره على الملك السلوقي (انطيوخس الثاني عشر) وصد قواته التي اخذت تتوغل في اراضي الانباط وفي معركة قرب يافا قتل (انطيوخس) نفسه وكان ذلك في عام 86ق.م.

وبعد ذلك اشتد عزم الانباط وتمكن (الحارث الثالث) من الاستيلاء على دمشق وعلى سهل البقاع ووسع رقعة مملكة، التي اصبحت تحيط بمملكة المكابيين من جهتي الشرق والجنوب.

وكان دخول دمشق في سنة 85ق.م، بناء على رغبة اهلها الذين استنجدوا به لإنقاذهم من هجمات (اليطوريين) بقيادة ملكهم (بطليموسبن مينوس) واضفى عليه اهل دمشق لقب (محبب الهيللينيين).

ثم اشتبك الحارث الثالث مع قوات مملكة (يهوذا) في معركة قرب بلدة (اللد) وارغم ملكهم (اسنكدرينيس) على عقد الصلح وفق شروط وبعد ذلك عاد الحارث الثالث بقواته الى بلاده.

وبعد وفاة اسنكدرينيس اخذت مملكة (يهوذا) في الانهيار على اثر الخلاف الذي نشب بين الاخويين (ارسطوبولس)و(هركانوس) ابني اسكندرينيس، واشتد الانقسام بين الجماعات والاحزاب اليهودية فأيدت جماعة (الفرنسيين) وانضمت جماعة (الصدوقيين) الى (ارسطوبولس) الذي حشد انصاره وجيشا من العرب ومن الجنود المرتزقة وتفوق على اخيه، فأضطر الى الالتجاء الى مملكة الانباط والح على (الحارث الثالث) ان يساعده في العودة الى مملكة يهوذا وينصره عليه اخيه، وتعهد (هركانوس) في مقابل ذلك ان يعيد المدن الاثنى عشر التي اخذها ابوه (اسكندرينيس) من العرب فوافق الحارث الثالث على هذا العرض وفي عام 66 ق.م، جرد جيشا قوامه خمسون الف جندي وهجم على مملكة (يهوذا) وارغم (ارسطوبولس) على الفرار الى القدس بعد ان فرق شمل اتباعه .

فتعقبه الحارث الثالث بقواته الى القدس واحكم الحصار حولها، وكادت تسقط في يديه، لولا تدخل الرومان في ذلك الوقت في عهد القنصل (بومبتوس) بهجومهم فجأة على دمشق واجزاء اخرى من سوريا ومملكة يهوذا فأضطر الحارث الثالث الى رفع الحصار عن القدس وعاد الى بلاده، وبصحبته (هركانوس) ولكن (ارسطوبولس) الذي اكتسب ثقة القائد الروماني (سكوروس) تعقب المنسحبين في طريقهم الى (فيلاديلفيا)(ربت- عمان)، واشتبك معهم في موقع يسمى (بابيرون) والحق الهزيمة بالحارث الثالث وقتل ستة الاف من اتباعه.

ثم تعقدت الامور من جديد بين الرومان والانباط، وهدد القائد الروماني (سكوروس) بالزحف على مملكتهم وتخريبها فأضطر الحارث الثالث الى طلب الصلح ووسط في ذلك لدى القائد الروماني صديقه(انتيباطر) وتم الصلح على ان يدفع الحارث الثالث ضريبة محددة للرومان.

وقد استحسن القنصل (بومبيرس) هذه النتيجة التي اسفرت عنها التصالح وامر بوضع صورة الحارث الثالث في مواكب النصر الذي اقيم لتكريمه.

كما امر القائد الروماني سكوروس بضرب عملة نقدية صور الحارث الثالث عليها وهو يحنى راسه راكعا وبيده سعفة نخيل تعبيرا عن خضوعه له.

وقد حدث ذلك في عام 62ق.م، ولم يلبث ان توفى الحارث الثالث في نفس العام، وتبددت احلامه في ان يصبح وريث مملكة السلوقيين في بلاد الشام وربما تكون هذه النكسة قد اثرت في نفسيته وعجلت بمنيته.

وقد ورد اسم الحارث الثالث مدونا على جدران المدراس وهو معبد خصص لعبادة اله الانباط الكبير (ذو الشرى) Dushara .

عبادة الثاني(62- 47ق.م):

وهو ابن الحارث الثالث وقد تولى الحكم بعد وفاته.

ولا يعرف من امره الا القليل، ومن ذلك ما عثر من عملة فضية من فئة (دراخما) ضربت في السنة الثاني او الثالثة من سني حكمه، وعلى هذه العملة صور الملك بوجه حليق وشعر رأسه قصير.

وفي رواية للمؤرخ اليهودي (يوسيفوس) ذكر انه في عام 55ق.م، مني الانباط بهزيمة منكرة في احدى المعارك امام الرومان بقيادة (جابينيوس) في عهد الملك عبادة الثاني، وهنالك رأي اخر يقول ان هذه المعركة قد وقعت في زمن ابنه (مالك الاول).

وبعد هذه المعركة انتزع الرومان الاراضي التي كانت الحارث الثالث قد استولى عليها في الشام من قبل، وتقلص بذلك نفوذ دولة الانباط.

مالك الاول (47- 30ق.م):

 تولى الحكم بعد ابيه عبادة الثاني، وقد اخذ يتقرب الى الرومان الذين اتسعت امبراطوريتهم وشملت آسيا الصغرى والشام ومصر، واثناء حصار (يوليوس قيصر) لمدينة الاسكندرية، امده مالك الاول بفرقة من الفرسان وذلك في بداية حكمه.

وفي عهده تمكن القائد الروماني (انطونيوس) من اسقاط حكم اسرة (المكابي) اليهودية فس بيت المقدس واقام في حكمها الاسرة (الهيرودية) و(هيرودوس) الذي نصب ملكا هو ابن (انتباطر) وكان له نفوذ كبير في مملكة (يهوذا) وصاحب الخطوة عند الرومان.

ولم يلبث هيرودوس ان تحول الى اداة طيعة في ايدي الرومان واخذوا يدفعونه لخوض الحروب ضد خصومهم نيابة عنهم.

ومن ذلك انه كلف من قبل الرومان بمحاربة الانباط بحجة ان (ملك العرب) وهو ملك الانباط (مالك الاول) قد رفض الجزية للرومان التي اصبحت تحول الى ملكة مصر (كليوباترا).

وقد قامت عدة معارك بين الطرفين انتهت بانتصار هيرودوس على مالك الاول.

عبادة الثالث (30- 9ق.م):

خلف (عبادة الثالث) اباه (مالك الاول) في الحكم ويصفه (يوسيفوس)بالضعف وفتور الهمة والكسل ويصف وزيره(صالح) بالمقدرة والكفاية برغم صغر سنه، ولذلك اصبح المتصرف والمدير الفعلي لشؤون المملكة ورجل الدولة الحقيقي.

وكان الوزير صالح صديقا لملك (يهوذا) (هيرودوس) وكان يطمع في الزواج من اخته لولا اختلاف الدين بين الطرفين ورفض صالح اعتناق الديانة اليهودية ليسمح له بالزواج منها.

وقد سار الملك (عبادة الثالث) على سياسة ابيه (مالك الاول) في التقرب للرومان فقام بمساعدة (ايليوس جاليوس) في حملته على اليمن، وتولى وزيره صالح مهمة ارشاد الجيش الروماني في طريقة عبر الجزيرة العربية. كما قدم هيرودوس ملك يهوذا خمسمائة رجل للمساهمة في هذه الحملة.

وقد انتهت الحملة بالفشل الذريع وهلك معظم جنودها، ويرجح (استرابو) وقادة الرومان السبب في ذلك، الى سوء نية الادلاء الذين بعث بهم الوزير (سل) او (صالح) وبإيعاز منه ففروا بالحملة وقادوها في طرق وعرة لا تتوفر فيها المياه، مما ادى الى هلاك معظم الجنود من العطش والجوع والتعب.

ومع ذلك، فلم تتأثر العلاقات الجيدة بين الامبراطورية الرومانية ودولة الانباط في ذلك الوقت واستمر نفوذ الانباط في جنوب فلسطين وشرقي الاردن وجنوب شرقي سوريا وفي شمال الجزيرة العربية .

ولكن صلات المودة بين (هيرودوس) والوزير(صالح) وقد انتقلت الى عداوة شديدة، عندما ذهب صالح الى روما للكيد (لهيرودوس) لدى الامبراطور (اوغسطس) بسبب الحملات التي شنها (هيرودوس) على ارض (اللجاة) وعلى المناطق التي التجأ اليها (التراحونيين) اهل (اللجاة) وقام اهلها العرب بمساعدتهم.

وكان هيرودوس قد طلب من الملك (عبادة الثالث) ومن وزيره صالح ابعاد رؤساء (اللجاة) عن ارض الانباط، وعدم حمايتهم ولما رفضا طلب هيرودوس اعادة الاموال التي افترضها عبادة الثالث منه، ولم يستجيبا لذلك، فأمر هيرودوس قواته بالهجوم على المناطق التي التجأ اليها الهاربون من اهل (اللجاة) فهبت جماعة من الانباط بقيادة (نكوبوس) لمساعدتهم واشتبكوا مع جنود هيرودوس وفي هذه المعركة قتل نكوبوس ونحو عشرين من اتباعه وبعد ذلك امر هيرودوس بإسكان الادوميين في اللجاة.

وبينما كان الوزير صالح في روما للشكوى الى الامبراطور اغسطس من فعال هيرودوس مات الملك عبادة الثالث وافادت الاخبار ان الوزير صالح قد امر بدس السم له فغضب الامبراطور لذلك ولقتله عدد من اشراف مملكة الانباط وافعال منكرة اخرى، وامر الامبراطور بمعاقبة صالح وخلال حكم عبادة الثالث صدر نوعان من النقد هما (النقد البطلمي)،(والنقد اليوناني) وعلى جميع النقود كتبت عبارة(عبادة الملك، ملك الانباط).

الحارث الرابع(9ق.م- 40م):

وقد خلف الملك عبادة الثالث على العرش، وذكر اسمه في بعض النصوص اثناء حكمه، بلقب(رحم عمه)،اي (محب شعبه)، وفي عهده ساد الرخاء والسلام. وفي حوالي عام 4ق.م، امد الحارث الرابع القائد الروماني فاروس بقوة من المشاة والفرسان اثناء زحفه على مملكة يهوذا بقصد الانتقام من هيرودوس وللتقرب من الرومان كما ذكر (يوسيفوس).

ثم نشبت الحرب بين الحارث الرابع وهيرودوس انتيباس ملك يهوذا في عام 36م، بسبب رغبة الاخير في تطليق زوجته وهي ابنة الحارث الرابع لكي يتزوج من هيروديا زوجة اخيه فيلبس بالاضافة الى خلافات حدودية بين الدولتين.

وقد انتهت هذه المعركة بإنتصار الحارث الرابع في جلعاد فأستنجد هيرودوس انتيباس الذي تشتت جيشه بالإمبراطور الروماني (طيباريوس) الذي امر عامله في سوريا (فيتليوس) بمحاربة الحارث الرابع وإحضاره اليه مكبلا بالسلالة حيا، او ارسال راسه الى روما اذا قتل ولم يلبث ان توفى طيباريوس في عام 37م، فتوقف القائد الروماني عن الزحف على مملكة الانباط.

واثناء هذه الحرب، وفي عام 37م، تمكن الحارث الرابع من الاستيلاء على دمشق ويبدوا انها ظلت تحت حكم الانباط الى عام 62م. وكان عامل الحارث الرابع حاكما على دمشق اثناء سجن القديس بولس، وذكر ذلك في الانجيل وفي رسالة القديس بولس الى اهله كوزنثوس).

وكان الحارث الرابع متأثرا بالثقافة الهيلينية وبأسلوب الحياة الهيلينية، وظهر اثر ذلك في المباني العامة التي اقيمت في عهده وفي الكتب اليونانية التي ترجع الى عهده.

مالك الثاني(40- 71م):

تولى مالك الثاني الحكم بعد وفاة والده الحارث الرابع وفي عهده خرجت دمشق عن حكم الانباط، ولا يعرف ذلك على وجه التحديد.

وفي عام 70م، سير الامبراطور الروماني تيطس Titus  حمله ضد بيت المقدس اشترك فيها مالك الثاني بفرقه من جيشه قوامها الف فارس وخمسة الاف من المشاة، وذلك لقمع ثورة اليهود على الحكم الروماني والتي اندلعت في عام 69م.

ويوجد في عهده عملة فضية وبرونزية نقشت عليها صورته، وصورة زوجته شقلية، وهي اخته التي تزوجها على عهد ملوك الانباط وبعض ملوك الفراعنة والبطالمة، الذي كانوا يتزوجون شقيقاتهم.

رب ايل الثاني(71- 101م):

ويعرف ايضا بلقب سوتر Soter، وكان صغير السن عندما آل اليه العرش بعد وفاة والده مالك الثاني فقامت امه شقيلة بالوصاية عليه وساعدها في تحمل اعباء الحكم شقيقه انيشو.

وتظهر صورة سقيلة مع ابنها رب ايل الثاني في عملة نقدية من عهده. وقد تزوج رب ايل من شقيقته جميلة وامر بضرب عملة تحمل صورتيهما.

وكان رب ايل وبعض ملوك الانباط المتأخرين يقضون معضم اوقاتهم في مدينة بصرى مما اضعف شأن العاصمة بترا ومن ادارة شؤون الدولة.

مالك الثالث(101- 106م) وسقوط دولة الانباط تحت حكم الرومان:

وهو اخر ملوك الانباط، وفي نهاية عهده عام 106م، سير الامبراطور الروماني تراجان حملة كبيرة على البتراء بقيادة نائبه في دمشق (كورنليوس بالما) فتمكن على الاستيلاء عليها ، وقضى بذلك على استقلال دولة الانباط، وضمها الى (المقاطعة العربية) تحت سيطرة حاكم سورية الروماني التي اقامها الرومان، وشملت ايضا اجزاء من جنوب سوريا، مما يساعد على احكام سيطرتهم وضبط الامن ورد هجمات البدو على هذه المناطق

 _________

(1) د. جواد علي: المفصل في تاريخ قبل الاسلام- ج3، ص11.

(2) د. جواد علي: نفس المرجع، ص54.

(3) د. جواد علي: نفس المرجع، ص54.