x

هدف البحث

بحث في العناوين

بحث في المحتوى

بحث في اسماء الكتب

بحث في اسماء المؤلفين

اختر القسم

القرآن الكريم
الفقه واصوله
العقائد الاسلامية
سيرة الرسول وآله
علم الرجال والحديث
الأخلاق والأدعية
اللغة العربية وعلومها
الأدب العربي
الأسرة والمجتمع
التاريخ
الجغرافية
الادارة والاقتصاد
القانون
الزراعة
علم الفيزياء
علم الكيمياء
علم الأحياء
الرياضيات
الهندسة المدنية
الأعلام
اللغة الأنكليزية

موافق

المسائل الفقهية

التقليد

الطهارة

احكام الاموات

الاحتضار

التحنيط

التشييع

التكفين

الجريدتان

الدفن

الصلاة على الميت

الغسل

مسائل تتعلق باحكام الاموات

أحكام الخلوة

أقسام المياه وأحكامها

الاستحاضة

الاغسال

الانية واحكامها

التيمم (مسائل فقهية)

احكام التيمم

شروط التيمم ومسوغاته

كيفية التيمم

مايتيمم به

الجنابة

سبب الجنابة

مايحرم ويكره للجُنب

مسائل متفرقة في غسل الجنابة

مستحبات غسل الجنابة

واجبات غسل الجنابة

الحيض

الطهارة من الخبث

احكام النجاسة

الاعيان النجسة

النجاسات التي يعفى عنها في الصلاة

كيفية سراية النجاسة الى الملاقي

المطهرات

النفاس

الوضوء

الخلل

سنن الوضوء

شرائط الوضوء

كيفية الوضوء واحكامه

مسائل متفرقة تتعلق بالوضوء

مستمر الحدث

نواقض الوضوء والاحداث الموجبة للوضوء

وضوء الجبيرة واحكامها

مسائل في احكام الطهارة

الصلاة

مقدمات الصلاة(مسائل فقهية)

الستر والساتر (مسائل فقهية)

القبلة (مسائل فقهية)

اوقات الصلاة (مسائل فقهية)

مكان المصلي (مسائل فقهية)

افعال الصلاة (مسائل فقهية)

الاذان والاقامة (مسائل فقهية)

الترتيب (مسائل فقهية)

التسبيحات الاربعة (مسائل فقهية)

التسليم (مسائل فقهية)

التشهد(مسائل فقهية)

التعقيب (مسائل فقهية)

الركوع (مسائل فقهية)

السجود(مسائل فقهية)

القراءة (مسائل فقهية)

القنوت (مسائل فقهية)

القيام (مسائل فقهية)

الموالاة(مسائل فقهية)

النية (مسائل فقهية)

تكبيرة الاحرام (مسائل فقهية)

منافيات وتروك الصلاة (مسائل فقهية)

الخلل في الصلاة (مسائل فقهية)

الصلوات الواجبة والمستحبة (مسائل فقهية)

الصلاة لقضاء الحاجة (مسائل فقهية)

صلاة الاستسقاء(مسائل فقهية)

صلاة الايات (مسائل فقهية)

صلاة الجمعة (مسائل فقهية)

صلاة الخوف والمطاردة(مسائل فقهية)

صلاة العيدين (مسائل فقهية)

صلاة الغفيلة (مسائل فقهية)

صلاة اول يوم من كل شهر (مسائل فقهية)

صلاة ليلة الدفن (مسائل فقهية)

صلوات اخرى(مسائل فقهية)

نافلة شهر رمضان (مسائل فقهية)

المساجد واحكامها(مسائل فقهية)

اداب الصلاة ومسنوناتها وفضيلتها (مسائل فقهية)

اعداد الفرائض ونوافلها (مسائل فقهية)

صلاة الجماعة (مسائل فقهية)

صلاة القضاء(مسائل فقهية)

صلاة المسافر(مسائل فقهية)

صلاة الاستئجار (مسائل فقهية)

مسائل متفرقة في الصلاة(مسائل فقهية)

الصوم

احكام متفرقة في الصوم

المفطرات

النية في الصوم

ترخيص الافطار

ثبوت شهر رمضان

شروط الصوم

قضاء شهر رمضان

كفارة الصوم

الاعتكاف

الاعتكاف وشرائطه

تروك الاعتكاف

مسائل في الاعتكاف

الحج والعمرة

شرائط الحج

انواع الحج واحكامه

الوقوف بعرفة والمزدلفة

النيابة والاستئجار

المواقيت

العمرة واحكامها

الطواف والسعي والتقصير

الصيد وقطع الشجر وما يتعلق بالجزاء والكفارة

الاحرام والمحرم والحرم

اعمال منى ومناسكها

احكام عامة

الصد والحصر*

الجهاد

احكام الاسارى

الارض المفتوحة عنوة وصلحا والتي اسلم اهلها عليها

الامان

الجهاد في الاشهر الحرم

الطوائف الذين يجب قتالهم

الغنائم

المرابطة

المهادنة

اهل الذمة

وجوب الجهاد و شرائطه

مسائل في احكام الجهاد

الامر بالمعروف والنهي عن المنكر

مراتب الامر بالمعروف والنهي عن المنكر

حكم الامر بالمعروف والنهي عن المنكر وشرائط وجوبهما

اهمية الامر بالمعروف والنهي عن المنكر

احكام عامة حول الامر بالمعروف والنهي عن المنكر

الخمس

مايجب فيه الخمس

مسائل في احكام الخمس

مستحق الخمس ومصرفه

الزكاة

اصناف المستحقين

اوصاف المستحقين

زكاة الفطرة

مسائل في زكاة الفطرة

مصرف زكاة الفطرة

وقت اخراج زكاة الفطرة

شرائط وجوب الزكاة

ماتكون فيه الزكاة

الانعام الثلاثة

الغلات الاربع

النقدين

مال التجارة

مسائل في احكام الزكاة

احكام عامة

علم اصول الفقه

تاريخ علم اصول الفقه

تعاريف ومفاهيم ومسائل اصولية

المباحث اللفظية

المباحث العقلية

الاصول العملية

الاحتياط

الاستصحاب

البراءة

التخيير

مباحث الحجة

تعارض الادلة

المصطلحات الاصولية

حرف الالف

حرف التاء

حرف الحاء

حرف الخاء

حرف الدال

حرف الذال

حرف الراء

حرف الزاي

حرف السين

حرف الشين

حرف الصاد

حرف الضاد

حرف الطاء

حرف الظاء

حرف العين

حرف الغين

حرف الفاء

حرف القاف

حرف الكاف

حرف اللام

حرف الميم

حرف النون

حرف الهاء

حرف الواو

حرف الياء

القواعد الفقهية

مقالات حول القواعد الفقهية

اخذ الاجرة على الواجبات

اقرار العقلاء

الإتلاف - من اتلف مال الغير فهو له ضامن

الإحسان

الاشتراك - الاشتراك في التكاليف

الاعانة على الاثم و العدوان

الاعراض - الاعراض عن الملك

الامكان - ان كل ما يمكن ان يكون حيضا فهو حيض

الائتمان - عدم ضمان الامين - ليس على الامين الا اليمين

البناء على الاكثر

البينة واليمين - البينة على المدعي واليمين على من انكر

التقية

التلف في زمن الخيار - التلف في زمن الخيار في ممن لا خيار له

الجب - الاسلام يجب عما قبله

الحيازة - من حاز ملك

الزعيم غارم

السبق - من سبق الى ما لم يسبقه اليه احد فهو احق به - الحق لمن سبق

السلطنة - التسلط - الناس مسلطون على اموالهم

الشرط الفاسد هل هو مفسد للعقد ام لا؟ - الشرط الفاسد ليس بمفسد

الصحة - اصالة الصحة

الطهارة - كل شيء طاهر حتى تعلم انه قذر

العقود تابعة للقصود

الغرور - المغرور يرجع الى من غره

الفراغ و التجاوز

القرعة

المؤمنون عند شروطهم

الميسور لايسقط بالمعسور - الميسور

الوقوف على حسب ما يوقفها اهلها

الولد للفراش

أمارية اليد - اليد

انحلال العقد الواحد المتعلق بالمركب الى عقود متعددة - انحلال العقودالى عقود متعددة

بطلان كل عقد بتعذر الوفاء بمضمونه

تلف المبيع قبل قبضه - اذا تلف المبيع قبل قبضه فهو من مال بائعه

حجية البينة

حجية الضن في الصلاة

حجية سوق المسلمين - السوق - أمارية السوق على كون اللحوم الموجودة فيه مذكاة

حجية قول ذي اليد

حرمة ابطال الاعمال العبادية الا ما خرج بالدليل

عدم شرطية البلوغ في الاحكام الوضعية

على اليد ما اخذت حتى تؤدي - ضمان اليد

قاعدة الالزام - الزام المخالفين بما الزموا به انفسهم

قاعدة التسامح في ادلة السنن

قاعدة اللزوم - اصالة اللزوم في العقود - الاصل في المعاملات اللزوم

لا تعاد

لا حرج - نفي العسر و الحرج

لا ربا في ما يكال او يوزن

لا شك في النافلة

لا شك لكثير الشك

لا شك للإمام و المأموم مع حفظ الآخر

لا ضرر ولا ضرار

ما يضمن و ما لا يضمن - كل عقد يضمن بصحيحه يضمن بفاسده وكل عقد لا يضمن بصحيحه لا يضمن بفاسده

مشروعية عبادات الصبي وعدمها

من ملك شيئا ملك الاقرار به

نجاسة الكافر وعدمها - كل كافر نجس

نفي السبيل للكافر على المسلمين

يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب

قواعد فقهية متفرقة

المصطلحات الفقهية

حرف الألف

حرف الباء

حرف التاء

حرف الثاء

حرف الجيم

حرف الحاء

حرفق الخاء

حرف الدال

حرف الذال

حرف الراء

حرف الزاي

حرف السين

حرف الشين

حرف الصاد

حرف الضاد

حرف الطاء

حرف الظاء

حرف العين

حرف الغين

حرف الفاء

حرف القاف

حرف الكاف

حرف اللام

حرف الميم

حرف النون

حرف الهاء

حرف الواو

حرف الياء

الفقه المقارن

كتاب الطهارة

احكام الاموات

الاحتضار

الجريدتان

الدفن

الصلاة على الاموات

الغسل

الكفن

التشييع

احكام التخلي

استقبال القبلة و استدبارها

مستحبات و ومكروهات التخلي

الاستنجاء

الاعيان النجسة

البول والغائط

الخمر

الدم

الكافر

الكلب والخنزير

المني

الميتة

احكام المياه

الوضوء

احكام الوضوء

النية

سنن الوضوء

غسل الوجه

غسل اليدين

مسح الرأس

مسح القدمين

نواقض الوضوء

المطهرات

الشمس

الماء

الجبيرة

التيمم

احكام عامة في الطهارة

احكام النجاسة

الحيض و الاستحاظة و النفاس

احكام الحيض

احكام النفاس

احكام الاستحاضة

الاغسال المستحبة

غسل الجنابة واحكامها

كتاب الصلاة

احكام السهو والخلل في الصلاة

احكام الصلاة

احكام المساجد

افعال الصلاة

الاذان والاقامة

التسليم

التشهد

الركوع

السجود

القراءة

القنوت

القيام

النية

تكبيرة الاحرام

سجدة السهو

الستر والساتر

الصلوات الواجبة والمندوبة

صلاة الاحتياط

صلاة الاستسقاء

صلاة الايات

صلاة الجماعة

صلاة الجمعة

صلاة الخوف

صلاة العيدين

صلاة القضاء

صلاة الليل

صلاة المسافر

صلاة النافلة

صلاة النذر

القبلة

اوقات الفرائض

مستحبات الصلاة

مكان المصلي

منافيات الصلاة

كتاب الزكاة

احكام الزكاة

ماتجب فيه الزكاة

زكاة النقدين

زكاة مال التجارة

زكاة الغلات الاربعة

زكاة الانعام الثلاثة

شروط الزكاة

زكاة الفطرة

احكام زكاة الفطرة

مصرف زكاة الفطرة

وقت وجوب زكاة الفطرة

اصناف واوصاف المستحقين وأحكامهم

كتاب الصوم

احكام الصوم

احكام الكفارة

اقسام الصوم

الصوم المندوب

شرائط صحة الصوم

قضاء الصوم

كيفية ثبوت الهلال

نية الصوم

مستحبات ومكروهات الصوم

كتاب الحج والعمرة

احرام الصبي والعبد

احكام الحج

دخول مكة واعمالها

احكام الطواف والسعي والتقصير

التلبية

المواقيت

الصد والحصر

اعمال منى ومناسكها

احكام الرمي

احكام الهدي والاضحية

الحلق والتقصير

مسائل متفرقة

النيابة والاستئجار

الوقوف بعرفة والمزدلفة

انواع الحج واحكامه

احكام الصيد وقطع الشجر وما يتعلق بالجزاء والكفارة

احكام تخص الاحرام والمحرم والحرم

العمرة واحكامها

شرائط وجوب الحج

كتاب الاعتكاف

كتاب الخمس

الفقه الاسلامي واصوله : علم اصول الفقه : الاصول العملية : الاستصحاب :

نتيجة البحث في أدلّة الإستصحاب

المؤلف:  ناصر مكارم الشيرازي

المصدر:  أنوَار الاُصُول

الجزء والصفحة:  ج 3 ص 311.

23-8-2016

730

..ظهر أنّ الدالّ على الاستصحاب من بين الأدلّة إنّما هو بناء العقلاء وسيرتهم ( مع دلالته على أنّ الاستصحاب أصل لا أمارة ، وذلك لما قلنا سابقاً من أنّ للعقلاء اصولاً كما أنّ لهم أمارات ) وخمس روايات من الروايات المذكورة ، ثلاثة منها روايات زرارة ، والرابعة رواية علي بن محمّد القاساني في صوم شهر رمضان ، والخامسة رواية الخصال في من كان على يقين فشكّ ...

وأمّا الإجماع فقد مرّ أنّه مدركي في المقام ، وأمّا الإستقراء فقد عرفت أنّه إستقراء ناقص جدّاً.

لكن هيهنا سؤال وهو أنّه لو كانت دلالة هذه الأحاديث تامّة فلِمَ لم يستند إليها القدماء من الأصحاب ، واعترف الشيخ الأعظم  رحمه الله بعدم استنادهم إليها إلى زمان والد الشيخ البهائي  رحمه الله؟

والجواب عنه : أنّه يمكن أن يكون عدم إستنادهم إليها لجهات عديدة :

منها : أنّهم قد ظنّوا استغناءهم عنها بسيرة العقلاء وقد مرّ أنّ هذه الروايات إمضاء لها.

ومنها : أنّهم ظنّوا أنّها روايات خاصّة وردت في أبواب معيّنة لا يمكن الاستدلال بها على العموم ، وإنّ اللام في اليقين والشكّ إشارة إلى العهد لا الجنس ، كما مرّ احتماله سابقاً ، فمن هنا تركوا الاعتماد على هذه الروايات ورجعوا إلى بناء العقلاء ، وقد ثبت في محلّه أنّ إعراض المشهور عن الدلالة غير ضائر في الحجّية.

التفصيل بين الشبهات الحكميّة والشبهات الموضوعيّة:

ثمّ إنّه هل المستفاد من هذه الأدلّة حجّية الاستصحاب في خصوص الشبهة الموضوعيّة، أو إنّها تعمّ الشبهات الحكميّة أيضاً؟

ذهب إلى الثاني جميع المتأخّرين، وذكر أنّ الأمين الاسترابادي في بعض كلماته أنّ أحداً من القدماء الماضين قدّس الله أسرارهم لم يقل بهذا العموم، فلم يستندوا إلى الاستصحاب في بقاء حلّية العصر العنبي مثلا بعد الغليان، وبقاء نجاسة الماء المتغيّر بعد زوال تغيّره بنفسه.

والصحيح هو الأوّل كما ذهب إليه بعض أعاظم العصر (قدّس الله سرّه) ، وإن كان دليله الذي أقامه على الانحصار غير تامّ (كما سيأتي بيانه وبيان المناقشة فيه).

دليلنا عليه أمران:

أحدهما: أنّه قد مرّ أنّ أساس الاستصحاب إنّما هو سيرة العقلاء، وهى جارية في خصوص الشبهات الموضوعيّة، وأمّا الشبهات الحكميّة فإن كان الشكّ فيها في نسخ قانون وعدمه فلا ريب في أنّهم يتمسّكون باستصحاب عدم النسخ أيضاً، وأمّا إذا لم يكن منشأ الشبهة النسخ، بل شكّ في بقاء الحكم وعدمه، ولم يكن هناك عموم أو اطلاق، كما إذا جعلت زكاة على العنب وبعد تبدّله إلى الزبيب شكّ في بقائه مثلا (مع فرض كون وصف الزبيبيّة من الأوصاف لا من المقوّمات) فإنّ العقلاء لا يعتمدون في مثل هذه الموارد على استصحاب بقاء ذلك الحكم.

ثانيهما: أنّ الوجدان حاكم على أنّه لو عشنا نحن في عصر صدور أخبار الاستصحاب مكان زرارة لم نشكّ في وجوب الفحص عن الحكم في الشبهات الحكميّة بالسؤال عن الإمام(عليه السلام)، ولم نحتمل جواز التمسّك بالاستصحاب بمجرّد الشكّ في بقاء حلّية العصر العنبي بعد

الغليان مثلا، أو بقاء نجاسة الماء المتغيّر بعد زوال تغيّره بنفسه.

وإن شئت قلت: حيث إنّ الفحص والسؤال عن المعصوم كان ممكناً في عصر الأخبار غالباً لا سيّما للرواة، ولم تمسّ الحاجة غالباً إلى جريان الاستصحاب فيمكن أن يقال حينئذ بانصراف أخبار الاستصحاب عن الشبهات الحكميّة، ولذلك إعترف الشيخ الأعظم الأنصاري(رحمه الله) في مبحث الاحتياط أنّ الأخبار الدالّة على وجوب الاحتياط ناظرة إلى زمن الحضور، كما أنّه قد ورد في بعضها التعبير بـ «إذا أصبتم بمثل هذا فعليكم الاحتياط حتّى تسألوا وتعلموا».

وكيف كان، لا أقل من الشكّ في اطلاق أخبار الاستصحاب أو عمومها بالنسبة إلى الشبهات الحكميّة، وهذا كاف في عدم جواز الاستدلال بها على العموم.

ويؤيّد ذلك أنّ مورد جميع الروايات خاصّ بالشبهات الموضوعيّة، كالسؤال عن إصابة النجاسة بالثوب ووقوع النوم وعدمه في روايات زرارة، وعن يوم الشكّ في شهر رمضان في خبر علي بن محمّد القاساني، وهكذا في رواية الشكّ في الركعات.

استدلال بعض الأعاظم للتفصيل ونقده:

ثمّ إنّ بعض أعاظم العصر قدّس الله سرّه استدلّ لعدم حجّية الاستصحاب في الشبهات الحكميّة بما حاصله: إنّ الاستصحاب في الأحكام الكلّية معارض بمثله دائماً.

وإليك ملخّص ما أفاده في توضيح ذلك في كلام طويل له في المقام:

إنّ للأحكام مرحلتين: مرحلة الإنشاء والجعل، ومرحلة الفعلية والمجعول، مثلا الشارع ينشأ وجوب الحجّ على المستطيع مع عدم وجود مكلّف أو مستطيع، فهنا إنشاء الحكم على موضوعه وإن كانت الشرائط غير موجودة والموانع غير مفقودة، فإذا وجد الموضوع واجتمعت الشرائط وفقدت الموانع صار فعليّاً.

والاستصحابات الحكميّة معارضة دائماً بالاستصحاب العدمي في مرحلة الجعل والإنشاء، فالمرأة إذا طهرت من الدم ولم تغتسل جرى في حقّها استصحاب بقاء حرمة الوطيء، ولكنّه معارض بعدم جعل الحرمة من أوّل الأمر فيما زاد على زمان الدم، فيتعارض الاستصحابان ويسقطان من الجانبين.

ثمّ أشكل على نفسه باُمور:

1 ـ إنّ استصحاب عدم جعل الحرمة (مثلا) معارض باستصحاب عدم جعل الحلّية.

فأجاب عنه أوّلا: بأنّه لا مجال لاستصحاب عدم جعل الحلّية لأنّ الرخصة كانت متحقّقة في صدر الإسلام لتشريع الأحكام تدريجاً.

وثانياً: بأنّ التعارض فرع لزوم المخالفة العمليّة القطعيّة، وهنا ليس كذلك كما لا يخفى.

وثالثاً: بأنّه لو تنزّلنا عن جميع ذلك فنقول: يقع التعارض بين هذه الاستصحابات الثلاث لأنّها في مرتبة واحدة.

2 ـ إنّ استصحاب عدم جعل الحرمة حاكمة على استصحاب بقاء الحرمة السابقة لأنّ الأوّل سببي والآخر مسبّبي.

وأجاب عنه: بأنّه يعتبر في حكومة الأصل السببي على الأصل المسبّبي أن يكون التسبّب بينهما شرعيّاً، وهنا ليس كذلك، وبعبارة اُخرى: الملاك كون المشكوك في أحدهما أثراً مجعولا شرعيّاً للآخر، مع أنّ سببيّة الجعل للمجعول عقلي، وليست من الأحكام الشرعيّة.

3 ـ إنّ استصحاب عدم الجعل مثبت في المقام لأنّ الحلّية من اللوازم العقليّة لعدم جعل الحرمة.

وأجاب عنه: بأنّ الأصل المثبت إنّما هو في اُمور لم يكن أمر وضعه ورفعه بيد الشارع، أمّا لو كان وضعه ورفعه كذلك فالأصل المثبت لا إشكال فيه، لأنّه إذا رفعه الشارع واقعاً ترتّب عليه جميع آثاره العقليّة والشرعيّة (انتهى ما إستفدناه من أبحاثه ومحاضراته قدّس الله سرّه الشريف).

4 ـ ما ورد في بعض تقريراته عن اُستاذه المحقّق النائيني(رحمه الله) وهو: «إنّ استصحاب عدم الجعل غير جار في نفسه لعدم ترتّب الأثر العملي عليه لأنّ الجعل عبارة عن إنشاء الحكم والإنشائية لا تترتّب عليها الآثار الشرعيّة، بل ولا الآثار العقليّة من وجوب الإطاعة وحرمة المعصية مع العلم بها، فصحّ عن التعبّد بها بالاستصحاب فإنّه إذا علمنا بأنّ الشارع جعل وجوب الزكاة على مالك النصاب لا يترتّب على هذا الجعل أثر ما لم تتحقّق ملكية في الخارج، وعليه فلا يترتّب الأثر العملي على استصحاب عدم الجعل فلا مجال لجريانه»(1).

أقول: والجواب عنه ظاهر (والعجب كيف خفى هذا على مثل هذا المحقّق النحرير قدّس الله سرّه) لأنّ ترتّب آثار الحكم كالبعث والزجر والطاعة والمعصية يتوقّف على كلّ من الجعل والمجعول، أي كلّ واحد من مقام الإنشاء ومقام الفعلية، وبعبارة اُخرى: يتوقّف على الجعل وتحقّق الموضوع معاً، فيكفي في عدمها إنتفاء أحدهما، فلو استصحبنا عدم أحدهما وهو الجعل مثلا (كما هو المفروض في المقام) كفى في إثبات عدم وجوب الطاعة، وكما أنّ استصحاب بقاء الجعل يجري (ولو قبل تحقّق الموضوع) لإثبات فعلية التكليف عند وجود الموضوع، كذلك استصحاب عدم الجعل يجري (ولو قبل تحقّق الموضوع) لإثبات عدم فعليته عند وجود الموضوع.

هذا بالنسبة إلى ما نقله عن اُستاذه المحقّق النائيني(رحمه الله)، وفي كلامه أيضاً مواقع للنظر:

1 ـ (بالنسبة إلى ما ذكره من أنّ تعارض استصحاب عدم جعل الحرمة مع استصحاب عدم جعل الحلّية لا يوجب سقوطهما عن الحجّية لعدم لزوم المخالفة القطعيّة العمليّة) أنّه قد تلزم المخالفة القطعيّة العمليّة، وهو في مثل استصحاب عدم جعل نجاسة الماء المتغيّر الذي زال عنه التغيّر بنفسه إذا كان الماء منحصراً فيه ولا يكون له ماء آخر، فإنّ استصحاب عدم جعل النجاسة فيه معارض مع استصحاب عدم جعل الطهارة، ويلزم من جريانهما المخالفة القطعيّة العمليّة، لأنّه لو كان طاهراً يجب التوضّي به، ولو كان نجساً يحرم شربه، فيلزم من إجراء الأصلين جواز الشرب وعدم وجوب التوضّي منه.

2 ـ (بالنسبة إلى قوله أنّ الطهارة عبارة عن عدم النجاسة فتكون أمراً عدميّاً لا يقبل الجعل حتّى يمكن استصحاب عدمه) يرد عليه ما مرّ من أنّ الطهارة والنجاسة أمران وجوديّان، ولكلّ منهما أحكام وآثار شرعية، ولذلك يجب طهارة ماء الوضوء والماء الذي يريد المكلّف أن يتطهّر به عن الخبث، وإلاّ لا يكون مطهّراً عن الحدث والخبث.

3 ـ (بالنسبة إلى قوله: إنّ في صورة التعارض يسقط جميع الاستصحابات الثلاثة) أنّ الاستصحاب الحكمي مقدّم على استصحاب عدم الجعل (عكس ما قد يقال من أنّ استصحاب عدم الجعل مقدّم لكونه سببيّاً) لأنّ الاستصحاب الحكمي بنفسه يكون جعلا لحكم ظاهري، ولذلك يقال: إنّ استصحاب الحكم من قبيل جعل مماثل، فإنّ معنى استصحاب نجاسة الماء الذي زال عنه التغيّر أنّ الشارع جعل له نجاسة ظاهريّة في هذا الحال، ومع وجود هذا الحكم الظاهري لا يبقى شكّ في جعل الطهارة، فلا مجال لاستصحاب عدمه.

4 ـ (هذا وما بعده من الإشكال الآتي هو العمدة في المقام) أنّ الاستصحاب الحكمي (استصحاب المجعول) لا يكون معارضاً لاستصحاب عدم الجعل في جميع الموارد والأمثلة، بل كثيراً ما يكون موافقاً له، كاستصحاب طهارة المذي الخارج بعد الوضوء الذي لا يعارضه استصحاب عدم جعل ناقضية المذي (فإنّ استصحاب عدم الجعل فيه عبارة عن استصحاب عدم الناقضية كما لا يخفى) بل يعضده، وهكذا استصحاب بقاء الملكية في عقد المعاطاة بعد قول المالك الأوّل «فسخت» فإنّه ليس معارضاً لاستصحاب عدم جعل الفسخ رافعاً، وأمّا الملكيّة الحاصلة بالبيع فهى مستمرّة بالإجماع لولا الفسخ، فلا يمكن أن يقال: نحن نشكّ في جعل الملكية حتّى في ما بعد الفسخ، لأنّه عبارة اُخرى عن جعل الفسخ نافذاً، والأصل عدم جعله نافذاً، فهو موافق لاستصحاب بقاء الملكية، وكذلك بالنسبة إلى كلّ مورد يكون الشكّ فيه في النقض أو الرفع أو الفسخ.

فلابدّ لمن قام دليله على عدم جريان الاستصحاب في الشبهات الحكميّة وتعارضه مع استصحاب عدم الجعل أن يفصّل ثانياً بين مواردها فيكون تفصيلا في تفصيل.

5 ـ إنّ الأساس في الاستصحاب كما مرّ كراراً إنّما هو بناء العقلاء وسيرتهم، وهى قائمة في خصوص الموارد التي تكون الغلبة فيها على البقاء، مثل الصحّة والمرض الذي تكون الغلبة فيه على السلامة، وفي الأملاك والمساكن التي تكون الغلبة فيها بقائها على حالها، وأمّا فيما إذا كانت الغلبة على العكس، كما إذا وقعت زلزلة في بلد من البلاد وخربت أكثر بيوته، ففي مثل هذا المورد لا يعتمد العقلاء على استصحاب بقاء دار زيد مثلا، أو إذا شاع مرض مثلا وأهلك غالب سكّان البلد فلا شكّ في أنّهم لا يعتمدون أيضاً على استصحاب حياة زيد مثلا، ومن هذا القبيل ما نحن فيه، حيث إنّ ظهور الإسلام والشريعة المقدّسة أوجب تزلزلا وتغييراً أساسيّاً بجعل أحكام جديدة في كثير من الموضوعات بحيث صارت الغلبة على وجود الجعل والمجعول، وفي مثله لا تأتي تلك السيرة مع ذلك الملاك، فلا يجري استصحاب عدم الجعل فيه.

فتلخّص من جميع ذلك أنّ أصل مدّعاه(قدس سره) (الموافق لما ذكره النراقي) أي التفصيل بين الشبهات الموضوعيّة والحكميّة صحيح وإن لم يتمّ دليله.

تفصيل الشيخ الأعظم الأنصاري; بين الشكّ في المقتضي والشكّ في الرافع:

ثمّ إنّ هيهنا تفصيلا آخر من الشيخ الأعظم قدّس سرّه الشريف الذي نسبه إلى المحقّق(رحمه الله)في المعارج (وإن كان في النسبة نظر كما سيأتي) وهو التفصيل بين الشكّ في المقتضي فلا يكون الاستصحاب حجّة، وبين الشكّ في الرافع فيكون حجّة، وتحليل المسألة وإيضاح الحقّ فيها يحتاج إلى رسم اُمور:

1 ـ بيان الموارد من المقتضي والمانع.

2 ـ دليل الشيخ الأعظم(رحمه الله) على هذا التفصيل.

3 ـ نقد كلامه الشريف.

أمّا الأمر الأوّل فنقول: قد أوضح الشيخ(رحمه الله) بنفسه مقصوده من المقتضي والمانع بأوفى البيان مع ذكر المثال، ولا ينقضي تعجّبي عن بعض الأعلام من أنّه كيف أتعب نفسه الزكيّة فذكر لتوضيح مراد الشيخ(رحمه الله)احتمالات عديدة هى أجنبية عن مرامه ومخالفة لما صرّح به نفسه؟

وإليك نصّ كلام الشيخ(رحمه الله) في مبحث تقسيم الاستصحاب باعتبار الشكّ المأخوذ فيه: «الثالث من حيث إنّ الشكّ في بقاء المستصحب قد يكون من جهة المقتضي، والمراد به الشكّ من حيث استعداده وقابليته في ذاته للبقاء، كالشكّ في بقاء الليل والنهار وخيار الغبن بعد الزمان الأوّل، وقد يكون من جهة طروّ الرافع مع القطع باستعداده للبقاء، وهذا على أقسام ...»(2).

ثمّ ذكر الأقوال في حجّية الاستصحاب وقال: «والأقوى هو القول التاسع وهو الذي اختاره المحقّق، فإنّ المحكيّ عنه في المعارج أنّه قال: إذا ثبت حكم في وقت ثمّ جاء وقت آخر

ولم يقم دليل على انتفاء ذلك الحكم هل يحكم ببقائه على ما كان، أم يفتقر الحكم في الوقت الثاني إلى دلالة؟ كما يفتقر نفيه إلى الدلالة، حكى عن المفيد(رحمه الله) أنّه يحكم ببقائه ما لم تقم دلالة على نفيه، وهو المختار، وقال المرتضى(رحمه الله): لا يحكم. ثمّ مثل بالمتيمّم الواجد للماء في أثناء الصّلاة، ثمّ احتجّ للحجّية بوجوه:

منها: أنّ المقتضي للحكم الأوّل موجود، ثمّ ذكر أدلّة المانعين وأجاب عنها، ثمّ قال: والذي نختاره أن ننظر في دليل ذلك الحكم فإن كان يقتضيه مطلقاً وجب الحكم باستمرار الحكم كعقد النكاح فإنّه يوجب حلّ الوطيء مطلقاً. فإذا وقع الخلاف في الألفاظ التي يقع بها الطلاق، فالمستدلّ على أنّ الطلاق لا يقع بها لو قال: حلّ الوطيء ثابت قبل النطق بهذه الألفاظ فكذا بعده، كان صحيحاً، لأنّ المقتضي للتحليل ـ وهو العقد ـ اقتضاه مطلقاً، ولا يعلم أنّ الألفاظ المذكورة رافعة لذلك الاقتضاء، فيثبت الحكم عملا بالمقتضي(3).

فظهر أنّ كلام الشيخ(رحمه الله) واضح لا حاجة في توضيحه إلى بيان احتمالات عديدة، نعم الظاهر أنّ كلام المحقّق(رحمه الله) لا ربط له بالاستصحاب وبالشكّ في المقتضي أو المانع المبحوث عنه في مبحث الاستصحاب، بل الظاهر أنّ مراده من المقتضي إنّما هو العمومات التي يرجع إليها عند الشكّ في المخصّص، والشاهد عليه ما صرّح به في ذيل كلامه حيث قال: «وقوع العقد إقتضى حلّ الوطيء لا مقيّداً بوقت» فإنّه ناظر إلى عموم «اُوفوا بالعقود» و «أحلّ الله النكاح» الذي لا نعلم تخصيصه بالألفاظ المشكوكة في أبواب الطلاق، فالتمسّك بالعموم عند الشكّ في المخصّص شيء، والتمسّك بالاستصحاب شيء آخر، وهذا نظير الاستدلال لأصالة اللزوم في أبواب المعاملات بـ «اُوفوا بالعقود» و «أحلّ الله البيع» و «تجارة عن تراض» وغيرها، كما تمسّك الشيخ الأعظم نفسه بها في ابتداء مباحث البيع والخيارات. ثمّ أضاف إليها لاستصحاب بعنوان دليل آخر.

وأمّا الأمر الثاني: فاستدلّ الشيخ(رحمه الله) لهذا التفصيل بما حاصله: أنّ للنقض معنىً حقيقيّاً وهو عبارة عن رفع الهيئة الإتّصاليّة كما في نقض الحبل، ومعنى مجازياً أقرب وهو رفع الأمر الثابت، أي المستحكم الذي فيه إقتضاء الثبوت والاستمرار، ومعنىً مجازياً أبعد وهو مطلق رفع اليد عن الشيء وترك العمل به ولو لعدم المقتضي له، فإذا تعذّر المعنى الحقيقي كما في المقام

ودار الأمر بين المعنيين المجازيين، فيتعيّن الأوّل منهما الأقرب، فيختصّ اليقين حينئذ بما كان متعلّقه أمراً ثابتاً مستحكماً فيه اقتضاء الاستمرار كالزوجيّة والملكيّة والعدالة ونحوها ممّا يحتاج رفعه إلى وجود رافع ومزيل دون ما ليس فيه اقتضاء الثبوت والاستمرار بل يرتفع بنفسه.

إن قلت: هذا يستلزم التصرّف في معنى اليقين وإرادة المتيقّن منه، وهو خلاف الظاهر.

قلنا: لابدّ من هذا التصرّف على أي حال، لأنّ اليقين بما هو يقين لا يتعلّق به النقض الاختياري، ولا يتصوّر بالنسبة إليه النقض أو عدم النقض، وبعبارة اُخرى: التعبير بالنقض قرينة على أنّ المراد من اليقين إنّما هو المتيقّن.

وأمّا الأمر الثالث: فقد أورد (أو يرد) على كلامه إشكالات أربع:

الأوّل: (وهو العمدة) أنّه لا بأس بأن تكون صفة النقض بلحاظ وصف اليقين لا المتيقّن، أي يكون متعلّق النقض اليقين نفسه، وهذا لا ينافي كونه من الأفعال الاختياريّة التي تتعلّق بما يكون فعلا اختيارياً، لأنّ النهي عن عدم نقض اليقين كناية عن العمل على طبقه والإجراء على وفقه عملا، وحينئذ نقول: أنّ وصف اليقين أمر مبرم ومستحكم سواء كان متيقّنه أيضاً كذلك أو لم يكن.

إن قلت: لا معنى لنقض اليقين بأي معنى كان في مورد الاستصحاب، لأنّ المفروض إنّ زمان اليقين قد مضى، والموجود الآن هو الشكّ.

قلنا: المفروض في مورد الاستصحاب أيضاً أنّ الشارع غضّ نظره عن زمان متعلّق اليقين والشكّ وعن تغاير المتعلّقين من ناحية الزمان، فلاحظهما معاً، ثمّ نهى عن نقض أحدهما بالآخر، فيكون النقض حاصلا.

الثاني: أنّ تفصيله مبنى على شمول جميع روايات الاستصحاب على التعبير بـ «لا تنقض» مع أنّه لم يرد في رواية الخصال، حيث إنّ الوارد في صدرها «فليمض على يقينه»، وهكذا حديث علي بن محمّد القاساني الذي عبّر بـ «اليقين لا يدخل فيه الشكّ صم للرؤية وافطر للرؤية» ولا إشكال في أنّ تعبيري المضيّ والدخول عامان لا يختصّان بخصوص موارد الشكّ في الرافع.

نعم، يمكن أن يقال بالنسبة إلى الرواية الاُولى (كما قال به الشيخ الأعظم(رحمه الله)نفسه) أنّ

ذيله وهو «فإنّ الشكّ لا ينقض اليقين» قرينة على تقييد الصدر.

وأمّا الرواية الثانية فأجاب عنها الشيخ(رحمه الله): بأنّها ناظرة إلى استصحاب الإشتغال لا الاستصحاب المصطلح، ولا يخفى أنّ استصحاب الإشتغال يكون دائماً من قبيل الشكّ في الرافع، لأنّ شغل الذمّة دائمي إلى أن يرفعه رافع.

لكن جوابه هذا غير تامّ صغرى وكبرى:

أمّا الصغرى: فلأنّ المفروض في هذه الرواية أنّ الشكّ متعلّق بعمر شهر رمضان وشهر شعبان، ولا إشكال في أنّ الشكّ في عمر الشهر من قبيل الشكّ في المقتضي.

مضافاً إلى أنّه لا إشتغال للذمّة بالنسبة إلى يوم الشكّ في إبتداء رمضان حتّى يكون الاستصحاب فيه من قبيل استصحاب الإشتغال.

وأمّا الكبرى: فلأنّه لو فرضنا كون المورد من قبيل الشكّ في الرافع إلاّ أنّ الكبرى الواردة في صدر الرواية وهى قوله «لا يدخل ...» عامّ لا يخصّص بالمورد.

ومن الروايات التي لم يرد فيها التعبير بالنقض رواية عبدالله بن سنان الواردة في باب العارية، ولكن الشيخ(رحمه الله) ذكرها مؤيّداً لسائر الروايات، لا دليلا مستقلا على الاستصحاب، فلا ينقض بها كلامه.

الثالث: أنّ من مصاديق الاستصحاب المجمع عليها استصحاب عدم النسخ حتّى عند الشيخ الأعظم(رحمه الله)نفسه، مع أنّ الشكّ في مورده يكون دائماً من قبيل الشكّ في المقتضي، لأنّه شكّ في عمر الحكم الشرعي، لما ذكر في محلّه من أنّ حقيقة النسخ دفع الحكم لا رفعه.

اللهمّ إلاّ أن يقال: إنّ استصحاب عدم النسخ ثابت بالإجماع، لا الروايات والظاهر أنّ الإجماع معتمد على العموم الأزماني الموجود في أدلّة الأحكام، أو على روايات نظير قوله(عليه السلام): «حلال محمّد حلال إلى يوم القيامة ...» لا على روايات الاستصحاب.

الرابع: أنّه قد مرّ أنّ الأساس في باب الاستصحاب إنّما هو بناء العقلاء، وهم لا يفصّلون بين الشكّ في المقتضي والشكّ في الرافع، لأنّ القدر المسلّم من مصاديق الاستصحاب عندهم استصحاب الحياة، ومن المعلوم أنّ النفوس المختلفة متفاوتة في مقدار استعداد البقاء، وقد يكون إنسان مستعدّاً للبقاء إلى ثلاثين أو أربعين أو خمسين سنة، وقد يكون أقلّ من ذلك أو أكثر، ولا ينبغي الشكّ في جريان الاستصحاب عند العقلاء في جميع هذه الموارد، بل لو قلنا أنّ الحدّ الوسط في الاستعداد للبقاء مثلا هو خمسون أو ستّون سنة فلا شكّ في جريان الاستصحاب بعده أيضاً، مع أنّه من قبيل الشكّ في المقتضي.

_______________

1. نقله منه في مصباح الاُصول: ج3، ص45.

2. فرائد الاُصول: ص558 ـ 559، طبع جماعة المدرّسين.

3. فرائد الاُصول: ص561، طبع جماعة المدرّسين.