الضمان بسبب الاتلاف بالمباشرة أو السبب
المؤلف:
علي الحسيني السيستاني
المصدر:
منهاج الصالحين
الجزء والصفحة:
ج2 ، ص 292-296
2025-10-15
218
مسألة 860: كما أنّ اليد الغاصبة وما يلحق بها موجبة للضمان - وهو المسمّى بـ (ضمان اليد) وقد تقدّم تفصيله في المسائل المتقدّمة - كذلك للضمان سببان آخران هما الإتلاف والتسبيب، وبعبارة أُخرى: له سبب آخر وهو الإتلاف سواء كان بالمباشرة أو السبب من غير فرق بين أن يكون المتلف عيناً خارجيّة أو صفة كماليّة.
مسألة 861: الإتلاف بالمباشرة واضح لا تخفى مصاديقه كما إذا ذبح حيواناً أو رماه بسهم فقتله أو ضرب على إناء فكسره أو رمى شيئاً في النار فأحرقه وغير ذلك ممّا لا يحصى، وأمّا الإتلاف بالتسبيب فهو إيجاد شـيء يترتّب عليه الإتلاف، كما لو حفر بئراً في المعابر فوقع فيها إنسان أو حيوان أو طرح المعاثر والمزالق كقشر البطّيخ والموز في المسالك أو أوتد وتداً في الطريق فأصاب به عطب أو جناية على حيوان أو إنسان أو وضع شيئاً على الطريق فتمرّ به الدابّة فتنفر بصاحبها فتعقره أو ألقى صبيّاً أو حيواناً يضعف عن الفرار في مسبعة فقتله السَّبُع.
ومن ذلك ما لو فكّ القيد عن الدابّة فشردت أو فتح قفصاً على طائر فطار مبادراً أو بعد مكث وغير ذلك، ففي جميع ذلك يكون فاعل السبب ضامناً ويكون عليه غرامة التالف وبدله إن كان مثليّاً فبالمثل وإن كان قيميّاً فبالقيمة، وإن صار سبباً لتعيّب المال كان عليه الأرش كما مرّ في ضمان اليد.
مسألة 862: لو غصب شاة ذات ولد فمات ولدها جوعاً أو حبس مالك الماشية أو راعيها عن حراستها فاتّفق تلفها لم يضمن بسبب التسبيب إلّا إذا انحصر غذاء الولد بارتضاع من أُمّه وكانت الماشية في مَحالّ السباع ومظانّ الخطر واحتاج حفظها إلى حراسة المحبوس فعليه الضمان.
مسألة 863: لو فكّ وكاء ظرف فيه مائع فسال ما فيه كان ضامناً له، وأمّا لو فتح رأس الظرف ثُمَّ اتّفق أنّه قلبته الريح الحادثة أو انقلب بوقوع طائر عليه مثلاً فسال ما فيه ففي الضمان إشكال - فلا يترك مراعاة مقتضى الاحتياط فيه - نعم يحكم بالضمان فيما إذا كان ذلك في حال هبوب الرياح العاصفة أو في مجتمع الطيور ومظانّ وقوعها عليه.
مسألة 864: لو فتح باباً على مال فسرق أو دلّ سارقاً عليه فسرقه ضمنه فيما إذا كان التلف مستنداً إليه عرفاً، كما هو الحال في بعض الموارد.
مسألة 865: إذا انهار الجدار فوقع على الجار أو على الطريق العامّ فأصاب إنساناً أو حيواناً أو غيرهما فصاحب الجدار ضامن إذا كان الجدار في معرض الانهيار وعلم بالحال فلم يصلحه ولم يهدمه وتركه حتّى انهدم فأصاب عيناً فأتلفها، ولكن ضمانه مشروط بجهل التالف بالحال إن كان إنساناً وبجهل مالكه إن كان من الأموال، فلو وقف شخص تحت الجدار المشرف على الانهيار أو رَبَطَ حيوانه هناك مع علمه بالحال فانهدم الجدار فتلف الإنسان أو الحيوان لم يكن على صاحب الجدار ضمان.
مسألة 866: لو وضع كوزاً مثلاً على حائطه وكان في معرض السقوط فسقط فتلف به مال أو نفس ضمن، وإن لم يكن كذلك وسقط اتّفاقاً لعارض لم يضمن.
مسألة 867: لو أشعل ناراً في ملكه من شأنها السراية إلى ملك غيره فسرت إليه ضمنه، وإذا لم يكن من شأنها السراية فاتّفقت السراية لعصف الرياح بغتة أو لنحو ذلك لم يضمن.
مسألة 868: إذا أرسل الماء في ملكه فتعدّى إلى ملك غيره فأضرّ به ضمنه إذا كان في معرض التعدّي إليه وإلّا لم يضمنه.
مسألة 869: لو تعب حمّال الخشبة فأسندها إلى جدار الغير ليستريح بدون إذن صاحب الجدار فوقع بإسنادها إليه ضمنه وضمن ما تلف بوقوعه عليه، ولو وقعت الخشبة فأتلفت شيئاً ضمنه إذا كان قد أسندها على وجه تكون في معرض الوقوع وإلّا فلا ضمان عليه.
مسألة 870: لو فتح قفصاً على طائر فخرج وكسر بخروجه قارورة شخص مثلاً ضمنها الفاتح، وكذا لو كان القفص ضيّقاً مثلاً فاضطرب بخروجه فسقطت وانكسرت ضمنها.
مسألة 871: إذا أكلت دابّة شخص زرع غيره أو أفسدته فإن كان معها صاحبها راكباً أو سائقاً أو قائداً أو مصاحباً ضمن ما أتلفته، وإن لم يكن معها - كأن انفلتت من مراحها مثلاً فدخلت زرع غيره - لم يضمن ما أتلفته إذا كان ذلك في الوقت الذي يكون فيه حفظ الزرع على صاحبه كالنهار - على ما جرت العادة به - وأمّا إذا كان في غير ذلك الوقت فهو ضامن لما أتلفته.
مسألة 872: كلّ حيوان جنى على غيره من إنسان أو حيوان أو غيرهما ضمن صاحبه جنايته إذا كان بتقصير منه إمّا بترك رَبْطه أو بحَلِّه من الرباط إذا كان الحيوان من شأنه أن يُرْبط وقت الجناية للتحفّظ منه.
مسألة 873: لو كانت الشاة أو غيرها في يد الراعي أو الدابّة في يد المستعير أو المستأجر فأتلفتا زرعاً أو غيره كان الضمان على الراعي والمستأجر والمستعير لا على المالك والمعير.
مسألة 874: لو اجتمع سببان للإتلاف بفعل شخصين اشتركا في الضمان سواء أكان أحدهما أسبق في التأثير أم لا، فلو حفر شخص بئراً في الطريق ووضع شخص آخر حجراً بقربها فعثر به إنسان أو حيوان فوقع في البئر كان الضمان على واضع الحجر وحافر البئر معاً.
مسألة 875: لو اجتمع السبب مع المباشر كان الضمان على المباشر دون فاعل السبب، فلو حفر شخص بئراً في الطريق فدفع غيره فيها إنساناً أو حيواناً كان الضمان على الدافع دون الحافر، نعم لو كان السبب أقوى من المباشر كان الضمان عليه لا على المباشر، فلو وضع قارورة تحت رجل شخص نائم فمدّ رجله وكسرها كان الضمان على الواضع دون النائم.
مسألة 876: لو أُكْره على إتلاف مال غيره وساغ له الإتلاف لأجله كان الضمان على من أكرهه وليس عليه ضمان، هذا إذا لم يكن المال مضموناً في يده، بأن أكرهه على إتلاف ما ليس تحت يده أو على إتلاف الوديعة التي عنده مثلاً، وأمّا إذا كان المال مضموناً في يده - كما إذا غصب مالاً فأكرهه شخص على إتلافه - فيحكم بضمان كليهما، فللمالك الرجوع على أيّهما شاء، فإن رجع على المكره - بالكسر - لم يرجع على المُكْرَه - بالفتح - بخلاف العكس، هذا إذا أُكْرِه على إتلاف المال، وأمّا لو أكره على قتل أحد معصوم الدم فقتله فالضمان على القاتل من دون رجوع على المكره - بالكسر - وإن كان عليه عقوبة، فإنّ الإكراه مهما بلغ لا يسوّغ إراقة الدماء.
مسألة 877: لو غصب مأكولاً مثلاً فأطعمه المالك مع جهله بأنّه ماله - بأن قال له هذا ملكي وطعامي أو قدّمه إليه ضيافة مثلاً - أو غصب شاة واستدعى من المالك ذبحها فذبحها مع جهله بأنّها شاته ضمن الغاصب وإن كان المالك هو المباشر للإتلاف، نعم لو دخل المالك دار الغاصب مثلاً ورأى طعاماً فأكله على اعتقاد أنّه طعام الغاصب فكان طعام الآكل لم يحكم بضمان الغاصب وقد برئ عن ضمان الطعام.
مسألة 878: لو غصب طعاماً من شخص وأطعمه غير المالك على أنّه ماله مع جهل الآكل بأنّه مال غيره - كما إذا قدّمه إليه بعنوان الضيافة مثلاً - ضمن كلاهما، فللمالك أن يُغرم أيّهما شاء، فإن أغرم الغاصب لم يرجع على الآكل وإن أغرم الآكل رجع على الغاصب.
مسألة 879: إذا سعى إلى الظالم على أحد أو اشتكى عليه عنده بحقّ أو بغير حقّ فأخذ الظالم منه مالاً بغير حقّ لم يضمن الساعي والمشتكي ما خسره وإن أثم بسبب سعايته أو شكايته إذا كانت بغير حقّ وإنّما الضمان على من أخذ المال.
مسألة 880: ضمان الإنسان يتعلّق بذمّته في ماله لا على عاقلته، نعم يجب على العاقلة في القتل الخطأ المحض وما بحكمه تحمّل الدية عن الجانيّ على تفصيل مذكور في محلّه.
الاكثر قراءة في الغصب
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة