إبراهيم والنار
المؤلف:
الفيض الكاشاني
المصدر:
تفسير الصافي
الجزء والصفحة:
ج3، ص344- 347
2025-08-27
267
قال تعالى: {وَنَجَّيْنَاهُ وَلُوطًا إِلَى الْأَرْضِ الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا لِلْعَالَمِينَ } [الأنبياء: 71]
{وَنَجَّيْنَاهُ وَلُوطًا إِلَى الْأَرْضِ الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا لِلْعَالَمِينَ } إلى الشام قيل بركته العامة إن أكثر الأنبياء بعثوا فيه فانتشرت في العالمين شرايعهم التي هي مبادي الكمالات والخيرات الدينية والدنيوية ولكثرة النعم فيها والخصب الغالب.
القمي قال فلما نهاهم إبراهيم (عليه السلام) واحتج عليهم في عبادتهم الأصنام فلم ينتهوا فحضر عيد لهم فخرج نمرود وجميع أهل مملكته إلى عيد لهم وكره أن يخرج إبراهيم (عليه السلام) معه فوكله ببيت الأصنام فلما ذهبوا عمد إبراهيم (عليه السلام) إلى طعام فأدخله ببيت أصنامهم فكان يدنو من صنم صنم فيقول له كل وتكلم فإذا لم يجبه أخذ القدوم فكسر يده ورجله حتى فعل ذلك بجميع الأصنام ثم علق القدوم في عنق الكبير منهم الذي كان في الصدر فلما رجع الملك ومن معه من العيد نظروا إلى الأصنام مكسرة فقالوا من فعل هذا بآلهتنا إنه لمن الظالمين قالوا سمعنا فتى يذكرهم يقال له إبراهيم وهو ابن آزر فجاؤوا به إلى نمرود فقال نمرود لآزر خنتني وكتمت هذا الولد عني فقال أيها الملك هذا عمل امه وذكر إنها تقوم بحجبه فدعا نمرود ام إبراهيم (عليه السلام) فقال لها ما حملك على أن كتمتني أمر هذا الغلام حتى فعل بآلهتنا ما فعل فقالت أيها الملك نظرا مني لرعيّتك قال وكيف ذلك قالت رأيتك تقتل أولاد رعيتك فكان يذهب النسل فقلت إن كان هذا الذي يطلبه دفعته إليه ليقتله ويكف عن قتل أولاد الناس وإن لم يكن ذلك فبقي لنا ولدنا وقد ظفرت به فشأنك وكفّ عن أولاد الناس وصوب رأيها ثم قال لإبراهيم (عليه السلام) من فعل هذا بآلهتنا يا إبراهيم قال إبراهيم فعله كبيرهم هذا فاسألوهم إن كانوا ينطقون.
فقال الصادق (عليه السلام) والله ما فعل كبيرهم وما كذب إبراهيم فقيل فكيف ذلك فقال إنما قال فعله كبيرهم هذا إن نطق وإن لم ينطق فلم يفعل كبيرهم هذا شيئا فاستشار نمرود قومه في إبراهيم (عليه السلام) فقالوا احرقوه وانصروا آلهتكم إن كنتم فاعلين.
فقال الصادق (عليه السلام) كان فرعون إبراهيم (عليه السلام) وأصحابه لغير رشدة فإنهم قالوا لنمرود حرقوه وانصروا آلهتكم إن كنتم فاعلين وكان فرعون موسى وأصحابه لرشدة فإنه لما إستشار أصحابه في موسى قالوا أرجه وأخاه وأرسل في المدائن حاشرين يأتوك بكل سحار عليم فحبس إبراهيم (عليه السلام) وجمع له الحطب حتى إذا كان اليوم الذي ألقى فيه نمرود إبراهيم (عليه السلام) في النار برز نمرود وجنوده وقد كان بُني لنمرود بناء ينظر منه إلى إبراهيم (عليه السلام) كيف يأخذه النار فجاء إبليس وإتخذ لهم المنجنيق لأنه لم يقدر أحد أن يتقارب من النار وكان الطائر إذا مر في الهواء يحترق فوضع إبراهيم (عليه السلام) في المنجنيق فجاء أبوه فلطمه لطمة وقال له إرجع عما أنت عليه وأنزل الرب ملائكة إلى السماء الدنيا ولم يبق شيء إلا طلب إلى ربه وقالت الأرض يا رب ليس على ظهري أحد يعبدك غيره فيحرق وقالت الملائكة يا رب خليلك إبراهيم (عليه السلام) يحرق فقال الله عزوجل أما إنه إن دعاني كفيته وقال جبرئيل (عليه السلام) يا رب خليلك إبراهيم (عليه السلام) يحرق ليس في الأرض أحد يعبدك غيره سلّطت عليه عدوه يحرقه بالنار قال اسكت إنما يقول هذا عبد مثلك يخاف الفوت هو عبدي آخذه إذا شئت فإن دعاني أجبته فدعا إبراهيم (عليه السلام) ربه بسورة الأخلاص يا الله يا واحد يا أحد يا صمد يا من لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد نجني من النار برحمتك قال فالتقى معه جبرئيل في الهواء وقد وضع في المنجنيق فقال يا إبراهيم هل لك إليّ من حاجة فقال إبراهيم أما إليك فلا وأما إلى رب العالمين فنعم فدفع إليه خاتما عليه مكتوب لا إله إلا الله محمد رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) ألجأت ظهري إلى الله وأسندت أمري إلى الله وفوضت أمري إلى الله فأوحى الله إلى النار كوني بردا فاضطربت أسنان إبراهيم من البرد حتى قال سلاما على إبراهيم (عليه السلام) وانحط جبرئيل وجلس معه يحدثه في النار ونظر نمرود إليه فقال من اتخذ إلها فليتخذ مثل إله إبراهيم فقال عظيم من عظماء أصحاب نمرود إني عزمت على النار أن لا تحرقه فخرج عمود من النار نحو الرجل فأحرقه فآمن له لوط فخرج مهاجرا إلى الشام فنظر نمرود إلى إبراهيم (عليه السلام) في روضة خضراء في النار مع شيخ يحدثه فقال لآزر يا آزر ما أكرم إبنك على ربه قال وكان الوزغ ينفخ في نار إبراهيم (عليه السلام) وكان الضفدع يذهب بالماء ليطفي به النار ، قال ولما قال الله تبارك وتعالى { كُونِي بَرْدًا وَسَلَامًا} [الأنبياء: 69] لم تعمل النار في الدنيا ثلاثة أيام ثم قال الله تبارك وتعالى {وَأَرَادُوا بِهِ كَيْدًا فَجَعَلْنَاهُمُ الْأَخْسَرِينَ} [الأنبياء: 70] فقال الله ونجيناه ولوطا إلى الارض التى باركنا فيها للعالمين إلى الشام وسواد الكوفة.
وفي الكافي عن الصادق (عليه السلام) ما يقرب من صدر هذا الحديث على حذف واختصار.
وعن الباقر (عليه السلام) ما يقرب من ذيله كذلك.
وعن الصادق (عليه السلام) إن إبراهيم (عليه السلام) لما كسر أصنام نمرود أمر به نمرود فاوثق وأمر له حيرا وجمع له فيه الحطب وألهب فيه النار لتحرقه ثم قذف إبراهيم (عليه السلام) في النار لتحرقه ثم اعتزلوها حتى خمدت النار ثم أشرفوا على الحير فإذا هم بإبراهيم (عليه السلام) سليما مطلقا من وثاقه فاخبر نمرود خبره فأمر أن ينفوا إبراهيم من بلاده وأن يمنعوه من الخروج بماشيته وماله فحاجهم إبراهيم (عليه السلام) عند ذلك فقال إن أخذتم ماشيتي ومالي فإن حقي عليكم أن تردوا عليّ ما ذهب من عمري في بلادكم واختصموا إلى قاضي نمرود فقضى على إبراهيم أن يسلم إليهم جميع ما أصاب في بلادهم وقضى على أصحاب نمرود أن يردوا على إبراهيم (عليه السلام) ما ذهب من عمره في بلادهم فاخبر بذلك
نمرود فأمرهم أن يخلوا سبيله وسبيل ماشيته وماله وأن يخرجوه وقال إنه إن بقي في بلادكم أفسد دينكم وأضر بآلهتكم.
الاكثر قراءة في قصة النبي ابراهيم وقومه
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة