الإيحاء الى ام موسى عليه السلام
المؤلف:
الشيخ ماجد ناصر الزبيدي
المصدر:
التيسير في التفسير للقرآن برواية أهل البيت ( عليهم السلام )
الجزء والصفحة:
ج 4 ص350-351.
2025-08-19
546
الإيحاء الى ام موسى عليه السلام
قال تعالى : {وَلَقَدْ مَنَنَّا عَلَيْكَ مَرَّةً أُخْرى ( 37 ) إِذْ أَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّكَ مَا يُوحَى (38) أَنِ اقْذِفِيهِ فِي التَّابُوتِ فَاقْذِفِيهِ فِي الْيَمِّ فَلْيُلْقِهِ الْيَمُّ بِالسَّاحِلِ يَأْخُذْهُ عَدُوٌّ لِي وَعَدُوٌّ لَهُ وَأَلْقَيْتُ عَلَيْكَ مَحَبَّةً مِنِّي وَلِتُصْنَعَ عَلَى عَيْنِي (39) إِذْ تَمْشِي أُخْتُكَ فَتَقُولُ هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى مَنْ يَكْفُلُهُ فَرَجَعْنَاكَ إِلَى أُمِّكَ كَيْ تَقَرَّ عَيْنُهَا وَلَا تَحْزَنَ وَقَتَلْتَ نَفْسًا فَنَجَّيْنَاكَ مِنَ الْغَمِّ وَفَتَنَّاكَ فُتُونًا فَلَبِثْتَ سِنِينَ فِي أَهْلِ مَدْيَنَ ثُمَّ جِئْتَ عَلَى قَدَرٍ يَا مُوسَى} [طه : 38 - 40].
قال الشيخ الطوسي ( رحمه اللّه تعالى ) : لما أخبر اللّه تعالى موسى بأنه قد أتاه ما طلبه وأعطاه سؤله ، عدد ما تقدم ذلك من نعمه عليه ومننه لديه . فقال وَلَقَدْ مَنَنَّا عَلَيْكَ مَرَّةً أُخْرى والمن نعمة يقطع صاحبها بها عن غيره باختصاصها به . يقال : من عليه يمن منا إذا أنعم عليه نعمة يقطعه إياها ، وأصله القطع ، ومنه قوله {لَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ } [فصلت: 8] أي غير مقطوع.
وحبل متين : أي منقطع . والمرة الكرة الواحدة من المر ، وذلك أن نعمة اللّه ( عز وجل ) عليه مستمرة ، فذكره الإجابة مرة وقبلها مرة أخرى .
وقوله {إِذْ أَوْحَيْنا إِلى أُمِّكَ} ما يُوحى أي كانت هذه النعمة عليك حين أوحينا إلى أمك ما يوحى . قال قوم : أراد أنه ألهمها ذلك .
وقال الجبائي : رأيت في المنام أن أقذفيه في التابوت ، ثم اقذفيه في اليم ، والقذف هو الطرح ، واليم البحر قال الراجز :
كنازح أليم سقاه اليم ، وقيل : المراد به ههنا النيل . وقوله {فَلْيُلْقِهِ الْيَمُّ بِالسَّاحِلِ} جزاء وخبر أخرج مخرج الأمر ومثله {اتَّبِعُوا سَبِيلَنا وَلْنَحْمِلْ خَطاياكُمْ} والتقدير فاطرحيه في اليم فليلقه اليم بالساحل.
وقوله يَأْخُذْهُ عَدُوٌّ لِي وَعَدُوٌّ لَهُ يعني فرعون . وكان عدو اللّه بكفره ووحدانيته وادعائه الربوبية ، وكان عدو موسى ، لتصوره أن ملكه ينقرض على يده . وقوله : أَلْقَيْتُ عَلَيْكَ مَحَبَّةً مِنِّي معناه إني جعلت من رآك أحبك حتى أحبك فرعون ، فسلمت من شره ، وأحبتك امرأته آسية بنت مزاحم فتبنتك.
وقوله : وَلِتُصْنَعَ عَلى عَيْنِي قال قتادة : معناه لتغذى على محبتي وإرادتي ، وتقديره وأنا أراك ، يجري أمرك على ما أريد بك من الرفاهة في غذائك ، كما يقول القائل لغيره : أنت مني بمرءى ومستمع أي أنا مراع لأحوالك .
وقوله إِذْ تَمْشِي أُخْتُكَ فَتَقُولُ هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلى مَنْ يَكْفُلُهُ قيل إن موسى امتنع أن يقبل ثدي مرضعة إلا ثدي أمه لما دلتهم عليهم أخته فلذلك قال فَرَجَعْناكَ إِلى أُمِّكَ كَيْ تَقَرَّ عَيْنُها وَلا تَحْزَنَ .
وقوله وَقَتَلْتَ نَفْساً فَنَجَّيْناكَ مِنَ الْغَمِّ وروي عن النبي صلّى اللّه عليه وآله وسلّم أن قتله النفس كان خطأ . وقال جماعة من المعتزلة أنه كان صغيرة . وقال أصحابنا : إنه كان ترك مندوب إليه ، لأن اللّه تعالى قد كان حكم بقتله لكن ندبه إلى تأخير قتله إلى مدة غير ذلك ، وإنما نجاه من الفكر في قتله ، كيف لم يؤخره إلى الوقت الذي ندبه إليه .
وقال قوم : أراد نجيناك من القتل لأنهم طلبوه ليقتلوه بالقبطي « 1 ».
____________
( 1 ) التبيان : ج 7 ، ص 173 - 174 .
الاكثر قراءة في قصة النبي موسى وهارون وقومهم
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة