الحياة الاسرية
الزوج و الزوجة
الآباء والأمهات
الأبناء
مقبلون على الزواج
مشاكل و حلول
الطفولة
المراهقة والشباب
المرأة حقوق وواجبات
المجتمع و قضاياه
البيئة
آداب عامة
الوطن والسياسة
النظام المالي والانتاج
التنمية البشرية
التربية والتعليم
التربية الروحية والدينية
التربية الصحية والبدنية
التربية العلمية والفكرية والثقافية
التربية النفسية والعاطفية
مفاهيم ونظم تربوية
معلومات عامة
أهداف تربوية / الاستمساك بالحق ومقاومة الشرور
المؤلف:
أ. د. عبد الكريم بكَار
المصدر:
حول التربية والتعليم
الجزء والصفحة:
ص 81 ــ 84
2025-08-05
34
إن نصرة الحق وإحقاقه والدفاع عنه، من المهمات الأساسية للمسلم في هذه الحياة، فبالحق قامت السموات والأرض، وباتباع الأهواء يفسد كل شيء: {وَلَوِ اتَّبَعَ الْحَقُّ أَهْوَاءَهُمْ لَفَسَدَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ بَلْ أَتَيْنَاهُمْ بِذِكْرِهِمْ فَهُمْ عَنْ ذِكْرِهِمْ مُعْرِضُونَ} [المؤمنون: 71]. وقد أخبرنا ربنا أن أكثر الناس يكرهون الحق: {أَمْ يَقُولُونَ بِهِ جِنَّةٌ بَلْ جَاءَهُمْ بِالْحَقِّ وَأَكْثَرُهُمْ لِلْحَقِّ كَارِهُونَ} [المؤمنون: 70].
الاشتراك في المصالح وجوانب الحياة العامة كثيراً ما ينتج عنه البغي وتجاوز حدود الحق: {وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ الْخُلَطَاءِ لَيَبْغِي بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَقَلِيلٌ مَا هُمْ} [ص: 24].
حين هبط أبونا آدم من الجنة، وهبط معه إبليس هبطت معهما الجدلية بين الحق والباطل، وسيظل الجدل والصراع قائماً إلى يوم القيامة؛ ومن مهمة المسلم أن يجد نفسه مع الحق أينما ومع من كان؛ لأن البديل هو نصرة الباطل، أو تركه يسرح ويمرح؛ ليفسد العباد والبلاد.
إن التربية من أجل إشاعة الاستسماك بالحق، ودفع الباطل، تتطلب ما يلي:
أ- أن نربي أطفالنا على قبول الحق، وإبداء الحماسة له والانفعال به، لأن ذلك الخطوة الأولى على طريق المجادلة من أجله. إن الفرح بالحق والحقيقة شأن من شؤون النفوس الكبيرة التي ترفعت عن الأهواء والافتتان بالمنافع العاجلة، وهو ضالة الذين يهتمون بمصيرهم الأكبر، وبمصير المجتمعات التي يعيشون فيها؛ على نحو ما حدث لبعض علماء النصارى من الباحثين عن الهدى حين سمعوا القرآن الكريم، وعرفوا أنه الحق، فقد خشعت قلوبهم تأثراً بما سمعوا: {وَإِذَا سَمِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَى الرَّسُولِ تَرَى أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ مِمَّا عَرَفُوا مِنَ الْحَقِّ يَقُولُونَ رَبَّنَا آمَنَّا فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ} [المائدة: 83].
ب- التربية على تحمل المسؤولية عن الأعمال التي يقوم بها الطفل ـ أياً كان ذلك العمل - نوع من الاستمساك بالحق وإحقاقه، وهذا الخلق سينمو لدى الطفل حين يسمع الثناء على ما قام به من عمل الخير، وحين ينبه بلطف على ما كان من خطأ. كما أنه ينمو حين يرى الطفل الكبار حوله من والد ومدرس... يعترفون بأخطائهم، ويتحملون المسؤولية عنها بطيب نفس. وقد قص الله - جل وعلا - علينا شجاعة امرأة العزيز حين اعترفت بمراودتها ليوسف عن نفسه، إذ قالت: {الْآنَ حَصْحَصَ الْحَقُّ أَنَا رَاوَدْتُهُ عَنْ نَفْسِهِ وَإِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ * ذَلِكَ لِيَعْلَمَ أَنِّي لَمْ أَخُنْهُ بِالْغَيْبِ وَأَنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي كَيْدَ الْخَائِنِينَ} [يوسف: 51، 52].
إن تحمل المسؤولية عن الخطأ، قد بلغت بالصحابة - رضوان الله عليهم - مبلغاً عظيماً، يندر وجوده في أي زمان ومكان، وهناك من الصور ما تجيش له المشاعر؛ فقد جاءت الغامدية، وقالت: يا رسول الله إني قد زنيت فطهرني. فردها. ثم جاءته، وطلبت منه أن يرجمها، وقالت: إني حبلى. فأمرها أن تذهب حتى تلد. ثم جاءت بعد ولادتها بطفلها، وقالت: هذا قد ولدته. قال اذهبي فأرضعيه حتى تفطميه، فلما فطمته أتته بالصبي في يده كسرة خبز، فطلبت أن يرجمها ففعل (1). وهذا لا يحتاج إلى تعليق!!.
إن تربيتنا البيتية، وعلاقات المعلمين لدينا مع طلابهم، تؤسس (ثقافة الصمت)؛ فالزوج يُسكت الزوجة والكبير يُسكت الصغير، والصبي البنت والمدرس الطالب، والمدير المدرس... وهذه الوضعية هي السبب الرئيس في انتشار أشكال من الانحراف والشرور والآثام.
إن تربيتنا تؤكد دائماً على الوفاق والوئام، والحلول التلفيقية، وإمساك العصا من الوسط، والمقايضات المختلفة.
كما نظن أن عدم وجود معارضة لأي شيء، هو دليل صحة وعافية مع أن تلك الحالة تشبه حالة جسم تفتك به العلل والأمراض دون أن يصدر عنه أي إنذار من ألم أو ارتفاع حرارة! وتلك العقلية، جعلت منا أمة نموذجية في الهروب من مواجهة المشكلات، وإيثار السلامة على الحق والمصير المشترك!.
إن الله أوجد سنة (المدافعة) من أجل حفظ التوازن الاجتماعي، وهي تعني أن يدفع الشر والانحراف في كل مجالات الحياة؛ وإن من حسن حظ رب الأسرة أن يكون في بيته من يقول له: أخطأت، وإن أسلوبك غير مناسب... وإن من توفيق الله - تعالى - للمدرس أن يكون بين طلابه من يعترض عليه، ويسأله ويصحح له معلومة خاطئة؛ فذاك سيرفع من مستوى المدرس والدرس والطلاب.
إن الذي هو موضع اعتراض: القول من غير علم، والنقد خارج حدود الآداب الشرعية، وإصلاح الأحوال بالتعانف وكسر العظام!.
إن مما أطال في عمر الحضارة الغربية - على ما فيها من أخطاء فادحة - اعتماد المفاتحة والمفاتشة، وإيجاد آليات عديدة، يراقب من خلالها كل فرد في المجتمع تصرفات كل فرد فيه، وإن (ثقافة الصمت) هي إحدى أخطر العلل التي أصابت الحضارة الإسلامية، وأوقفتها عن العطاء والنمو.
إننا بحاجة إلى أن نشجع الناشئة على دحر الشر والزيف والفساد قبل أن تتفاقم المشكلات، ونجد بالتالي الطريق نحو العودة مسدوداً! إن السكوت عن المنكر هو في الحقيقة نوع من الترويج له، والدفع به إلى الأمام. وإن الأفكار حين تدور في العقول، ولا تستطيع أن تجد لها منفذاً، ولا طريقاً إلى الآخرين، إما أن تذبل وتذوب، وإما أن تصبح زاخرة بالعوج والأمت. (إن الزيف يغتصب الحقيقة، لكن الصمت يغتالها) (2).
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1ـ أخرجه ذلك مسلم في صحيحه.
2ـ مستقبل التعليم والبطالة في الوطن العربي: 73.
الاكثر قراءة في التربية العلمية والفكرية والثقافية
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة

الآخبار الصحية
