الحياة الاسرية
الزوج و الزوجة
الآباء والأمهات
الأبناء
مقبلون على الزواج
مشاكل و حلول
الطفولة
المراهقة والشباب
المرأة حقوق وواجبات
المجتمع و قضاياه
البيئة
آداب عامة
الوطن والسياسة
النظام المالي والانتاج
التنمية البشرية
التربية والتعليم
التربية الروحية والدينية
التربية الصحية والبدنية
التربية العلمية والفكرية والثقافية
التربية النفسية والعاطفية
مفاهيم ونظم تربوية
معلومات عامة
ترشيد ردود الأفعال
المؤلف:
أ. د. عبد الكريم بكَار
المصدر:
حول التربية والتعليم
الجزء والصفحة:
ص 115 ــ 118
2025-08-20
43
إن عصرنا هذا هو عصر المشكلات والتحديات الكبرى، وهو كذلك عصر الفرص والإمكانات الهائلة، والمأزق الذي ظل يواجه الناس، هو إدراك المشكلات بحجمها الطبيعي، وتلمس المنهجيات والفرص والإمكانات المتاحة لحلها. وهنا تظهر قيمة ما يقدمه العلم في شقي المشكلة، إن إدراك الواقع على نحو دقيق لا يتم على نحو مباشر، وإنما من خلال (وسيط معرفي) مكون من المبادئ التي تؤمن بها، ومن طريقة نظرنا إلى الأمور، إلى جانب المعطيات والمؤشرات والمعلومات التي تحصلت لدينا عن الواقع الذي نريد معرفته.
وما يقدمه (الذكاء) والتفوق العقلي في موضوع فهم الواقع ومعالجته ضئيل بالنسبة إلى ما تقدمه الخبرة المتراكمة والتجربة.
ومن الواضح أن المجتمعات التي يسود فيها التجريب، ويتجه العلم فيها إلى معالجة المشكلات التي يعاني منها الناس، استطاعت أن تتفهم واقعها على نحو أفضل من تلك التي شغلت نفسها بتفسير الماضي ومديح الذات، وتمثل المشكلات عن طريق التأمل والخيال عوضاً عن المسح والإحصاء!
إن مهمة العلم لا تقتصر على رسم الفضاء النظري لأشكال المبادرات الفردية والاجتماعية فحسب وإنما تتجاوز ذلك إلى منحنا محددات لماهية (ردود الفعل) على مجمل التحديات التي نواجهها، ولكن ذلك لا يأتي عفواً، وإنما من خلال ولاء تام للمنهج العلمي، ومن خلال إرادة صلبة لمقاومة (الزيف) الذي يمكن أن يتسرب إلى تصوراتنا وسلوكاتنا.
إن السمة العامة لردود الأفعال هي فقد التوازن والانضباط، حيث تفقد في أكثر الأحيان روح المبادرة والروية وكثيراً ما نواجه نحن وغيرنا التطرف بتطرف آخر، ولكن في اتجاه معاكس، فقد تأتي موجة متطرفة في الاهتمام بـ (المادة)، فيرد عليها بموجة أخرى متطرفة في الاعتداد بالمسائل الروحية وإهمال شؤون الدنيا، وتجتاح المجتمعات موجة من الفقر والحرمان، فإذا أصاب الناس شيئاً من الرخاء، لم يحسنوا الاستفادة منه، وإنما يميلون إلى الإنفاق دون حساب وتفكر في كيفية التعامل مع ما بعد الرخاء وهكذا.
في عصر النهضة صار من علامات (المفكرين الأحرار) الاعتقاد بـ (التنجيم) ولم يكن ذلك على أية صلة بالتجربة أو بالتفكير الحر، وإنما كان ذلك رد فعل خاطئاً على تنديد الكنيسة - التي يحاربونها - به، مع أن المأمول منهم عكس ذلك (1)!.
إن علينا أن نتساءل دائماً ما قيمة الأفكار والآراء التي نملكها إذا لم تستطع توظيفها وجعلها أدوات للبحث عن حلول للمشكلات الأخلاقية والمعيشية التي تطحن الناس لدينا، وتتسبب بما لا يحصى من أشكال المعاناة اليومية؟
هناك بلاد إسلامية، تعاني من سوء الأحوال الطبيعية من زلازل وفيضانات وأعاصير، وأخرى من شح الغذاء والماء، وثالثة من الأمية .... وإذا نظرت إلى مناهج التعليم فيها، فإنك تجد أنها لا تقدم أي إسهام في زيادة الوعي بحجم تلك المشكلات وتنظيم ردود أفعال إيجابية حيالها!
الدول المتقدمة تفعل شيئاً مختلفاً فاليابان تقدم نموذجاً راقياً لما يمكن أن يفعله شعب في مواجهة بيئة طبيعية غاية في القسوة؛ فضيق المساحة الصالحة للسكن دفع اليابانين إلى إنتاج الأشياء الصغيرة الحجم. والخوف من العزلة، أدى إلى تطوير وسائط الاتصال، وقلة مصادر الطاقة الى البحث عن بدائل إعلامية للانتقال وتواتر الهزات الأرضية إلى تطوير أشياء خفيفة الوزن سهلة النقل، قليلة الكلفة، سهلة التبديل.
وأخيراً لقد تعلمت اليابان من تاريخها الطويل المتميز بالعنف كيف تدير التبدلات بطريقة ناجعة؛ فهم يطورون ببطء ما يحتاج إلى تطوير؛ لأنه يحتاج إلى حصول التوافق بين جميع المراجع المعنية، ولذلك يكون تاماً عندما تصبح الظروف مهيأة لتنفيذه (2). وقد تم كل ذلك بمؤازرة تامة من التعليم العام والمهني.
وتقدم الولايات المتحدة نموذجاً آخر لما يمكن أن يقوم به التعليم في مواجهة الحالات الطارئة، فحين وقعت أزمة إمدادات النفط عام 1973م، وتعرضت أمريكا للحظر النفطي، سارعت السلطات هناك إلى الاهتمام بالطاقة ذاتها، وبتدريسها، وقد كانت الأهداف من تدريس الطاقة ما يأتي:
ـ تعليم كيفية التعامل مع منجزات الطاقة داخل المنازل.
ـ تعليم كيفية تركيب أجهزة الطاقة الشمسية.
ـ تعليم كيفية زيادة فعالية الطاقة في بعض الأجهزة والمعدات، مثل ضبط السيارات والمكيفات.
- تعليم كيفية استهلاك الطاقة وإدارتها اقتصادياً في المدارس والفنادق والمصانع.
ـ تعليم كيفية اختيار مواقع المباني الجديدة، بحيث تستفيد أقصى فائدة من الشمس.
ـ تعلم علوم الطاقة وتقنياتها.
- تعلم كيفية الاستفادة الواعية من الطاقة (3).
ويضاف إلى هذا تحديد سرعة السيارات والطائرات بحيث يكون استهلاكها للوقود اقتصادياً، إنها مجموعة من الحلول المركبة لمواجهة أزمة طارئة ولك أن تقارن هذا مع مواجهة مشكلات الطاقة التي يعاني منها العديد من الشعوب الإسلامية، وتدفع فيها جزءاً مهماً من ناتجها الوطني، حيث لن ترى أي شيء مما ذكرناه؛ إنه نوع من الاستلام للمشكلات عوضاً عن تثقيف الناس بالطريقة الصحيحة للتخلص منها أو الحد من آثارها!
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1ـ انظر: أثر العلم في المجتمع: 8.
2ـ آفاق المستقبل: 90، 91.
3ـ انظر: بحوث مؤتمر التعليم الأساسي المنعقد بجامعة حلوان: 135.
الاكثر قراءة في التربية العلمية والفكرية والثقافية
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة

الآخبار الصحية
