تأملات قرآنية
مصطلحات قرآنية
هل تعلم
علوم القرآن
أسباب النزول
التفسير والمفسرون
التفسير
مفهوم التفسير
التفسير الموضوعي
التأويل
مناهج التفسير
منهج تفسير القرآن بالقرآن
منهج التفسير الفقهي
منهج التفسير الأثري أو الروائي
منهج التفسير الإجتهادي
منهج التفسير الأدبي
منهج التفسير اللغوي
منهج التفسير العرفاني
منهج التفسير بالرأي
منهج التفسير العلمي
مواضيع عامة في المناهج
التفاسير وتراجم مفسريها
التفاسير
تراجم المفسرين
القراء والقراءات
القرآء
رأي المفسرين في القراءات
تحليل النص القرآني
أحكام التلاوة
تاريخ القرآن
جمع وتدوين القرآن
التحريف ونفيه عن القرآن
نزول القرآن
الناسخ والمنسوخ
المحكم والمتشابه
المكي والمدني
الأمثال في القرآن
فضائل السور
مواضيع عامة في علوم القرآن
فضائل اهل البيت القرآنية
الشفاء في القرآن
رسم وحركات القرآن
القسم في القرآن
اشباه ونظائر
آداب قراءة القرآن
الإعجاز القرآني
الوحي القرآني
الصرفة وموضوعاتها
الإعجاز الغيبي
الإعجاز العلمي والطبيعي
الإعجاز البلاغي والبياني
الإعجاز العددي
مواضيع إعجازية عامة
قصص قرآنية
قصص الأنبياء
قصة النبي ابراهيم وقومه
قصة النبي إدريس وقومه
قصة النبي اسماعيل
قصة النبي ذو الكفل
قصة النبي لوط وقومه
قصة النبي موسى وهارون وقومهم
قصة النبي داوود وقومه
قصة النبي زكريا وابنه يحيى
قصة النبي شعيب وقومه
قصة النبي سليمان وقومه
قصة النبي صالح وقومه
قصة النبي نوح وقومه
قصة النبي هود وقومه
قصة النبي إسحاق ويعقوب ويوسف
قصة النبي يونس وقومه
قصة النبي إلياس واليسع
قصة ذي القرنين وقصص أخرى
قصة نبي الله آدم
قصة نبي الله عيسى وقومه
قصة النبي أيوب وقومه
قصة النبي محمد صلى الله عليه وآله
سيرة النبي والائمة
سيرة الإمام المهدي ـ عليه السلام
سيرة الامام علي ـ عليه السلام
سيرة النبي محمد صلى الله عليه وآله
مواضيع عامة في سيرة النبي والأئمة
حضارات
مقالات عامة من التاريخ الإسلامي
العصر الجاهلي قبل الإسلام
اليهود
مواضيع عامة في القصص القرآنية
العقائد في القرآن
أصول
التوحيد
النبوة
العدل
الامامة
المعاد
سؤال وجواب
شبهات وردود
فرق واديان ومذاهب
الشفاعة والتوسل
مقالات عقائدية عامة
قضايا أخلاقية في القرآن الكريم
قضايا إجتماعية في القرآن الكريم
مقالات قرآنية
التفسير الجامع
حرف الألف
سورة آل عمران
سورة الأنعام
سورة الأعراف
سورة الأنفال
سورة إبراهيم
سورة الإسراء
سورة الأنبياء
سورة الأحزاب
سورة الأحقاف
سورة الإنسان
سورة الانفطار
سورة الإنشقاق
سورة الأعلى
سورة الإخلاص
حرف الباء
سورة البقرة
سورة البروج
سورة البلد
سورة البينة
حرف التاء
سورة التوبة
سورة التغابن
سورة التحريم
سورة التكوير
سورة التين
سورة التكاثر
حرف الجيم
سورة الجاثية
سورة الجمعة
سورة الجن
حرف الحاء
سورة الحجر
سورة الحج
سورة الحديد
سورة الحشر
سورة الحاقة
الحجرات
حرف الدال
سورة الدخان
حرف الذال
سورة الذاريات
حرف الراء
سورة الرعد
سورة الروم
سورة الرحمن
حرف الزاي
سورة الزمر
سورة الزخرف
سورة الزلزلة
حرف السين
سورة السجدة
سورة سبأ
حرف الشين
سورة الشعراء
سورة الشورى
سورة الشمس
سورة الشرح
حرف الصاد
سورة الصافات
سورة ص
سورة الصف
حرف الضاد
سورة الضحى
حرف الطاء
سورة طه
سورة الطور
سورة الطلاق
سورة الطارق
حرف العين
سورة العنكبوت
سورة عبس
سورة العلق
سورة العاديات
سورة العصر
حرف الغين
سورة غافر
سورة الغاشية
حرف الفاء
سورة الفاتحة
سورة الفرقان
سورة فاطر
سورة فصلت
سورة الفتح
سورة الفجر
سورة الفيل
سورة الفلق
حرف القاف
سورة القصص
سورة ق
سورة القمر
سورة القلم
سورة القيامة
سورة القدر
سورة القارعة
سورة قريش
حرف الكاف
سورة الكهف
سورة الكوثر
سورة الكافرون
حرف اللام
سورة لقمان
سورة الليل
حرف الميم
سورة المائدة
سورة مريم
سورة المؤمنين
سورة محمد
سورة المجادلة
سورة الممتحنة
سورة المنافقين
سورة المُلك
سورة المعارج
سورة المزمل
سورة المدثر
سورة المرسلات
سورة المطففين
سورة الماعون
سورة المسد
حرف النون
سورة النساء
سورة النحل
سورة النور
سورة النمل
سورة النجم
سورة نوح
سورة النبأ
سورة النازعات
سورة النصر
سورة الناس
حرف الهاء
سورة هود
سورة الهمزة
حرف الواو
سورة الواقعة
حرف الياء
سورة يونس
سورة يوسف
سورة يس
آيات الأحكام
العبادات
المعاملات
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
المؤلف:
السيد عبد الأعلى السبزواري
المصدر:
مواهب الرحمن في تفسير القرآن
الجزء والصفحة:
ج1/ ص9-23
2025-06-25
46
هذه الآية المباركة (بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ) تشتمل على كثير من المعارف الإلهية لا سيّما الصفات الراجعة إلى ذات الباري عزّ وجل وفي اختيار صفتي الرحمن الرحيم ما فيه من البشارة للإنسان من كونه مورد رحمته وعطفه تعالى مهما تعددت أسباب الشر وقويت، وفيها إرشاد إلى تعليم الإنسان لتوخّي الرحمة والمودة في أفعاله وجعل نفسه من مظاهر رحمته تعالى ليعرف أنّه مؤمن باللّه تعالى، وأن لا يعتمد على نفسه مهما بلغ من الكمال لأنّه المحتاج بعد، بل لا بد له من إيكال أمره إلى الغني المطلق.
التفسير
قوله تعالى: بِسْمِ اللَّهِ. ال ( باء ) للاستعانة، لأنّ الإنسان مفتقر بذاته، والمحتاج المطلق لا بد أن يستعين في جميع شؤونه بالغنيّ المطلق الذي هو اللّه تعالى، فالممكنات في ذاتها وعوارضها وحدوثها وبقائها محتاجة إليه فهي بلسان الحال تستعين به تعالى، فقدّرت الاستعانة في المقال تطبيقا بين لساني الحال والمقال.
وجعل المتعلّق كل ما يفعل بعد البسملة وإن كان صحيحا لا بأس به ولكن كون المتعلق هو الاستعانة يدل عليه أيضا بالملازمة، فإنّ الاستعانة المطلقة به تعالى تستلزم الاستعانة في كل فعل يؤتى به خصوصا ما يؤتى به بعد البسملة، كما أنّ كون المتعلّق هو الفعل الخاص مثل القراءة في المقام يستلزم تحقق الاستعانة المطلقة أيضا، إذ المراد القراءة مستعينا به لا القراءة المطلقة ولو بلا استعانة ورعاية منه تعالى، فيكون الفرق بينهما كالفرق بين الطبيعي والفرد في أنّ تحقق كل منهما خارجا يستلزم تحقق الآخر بل هو عينه.
( اسم ): أصله من السمو - مخففة - بمعنى الرفعة ومنه السماء، ويصح أن يكون اشتقاقه من السمة بمعنى العلامة. والهاء عوض الواو فيكون أصله الوسم، فالوسم والوسام والوسامة بمعنى العلامة. والهمزة: همزة وصل على التقديرين، ويصح الاشتقاق من كل منهما، لأنّ التبديل والتغيير في حروف الكلمة جائز ما لم يضر بالمدلول إلّا أن يكون اللفظ بخصوص شخصه سماعيا ؛ ومن وقوع التغيير والتبديل في هذا اللفظ في الاشتقاقات الصحيحة وسهولة لغة العرب نستفيد صحة ما تقدم.
ويصح رجوع أحد المعنيين إلى الآخر في جامع قريب: وهو البروز والظهور، لأنّ الرفعة نحو علامة، والعلامة نحو رفعة لذيها، وهما يستلزمان البروز والظهور. ودأب اللغويون والأدباء وتبعهم المفسرون على جعل المصاديق المتعددة مع وجود جامع قريب من مختلف المعنى، مكثرين بذلك من المعاني غافلين عن الأصل الذي يرجع الكل إليه، فكان الأجدر بهم بذل الجهد في بيان الجامع القريب والأصل الذي يتفرع منه، حتّى يصير بذلك علم اللغة أنفع مما هو عليه، ولذهب موضوع المشترك اللفظي وغيره من التفاصيل إلّا في موارد نادرة. ولعل سبب إعراضهم عن ذلك هو أنّ ذكر اللفظ وبيان موارد استعمالاته سهل يسير بخلاف الفحص عن الجامع وتفريع ألفاظ منه.
ثم إنّ لفظ الاسم: اسم جنس لأسماء غير محصورة تحدث وتزول على مر العصور في ألفاظ ولهجات غير متناهية.، وهذا من اللايتناهى الذي اتفق الفلاسفة على صحته واصطلح القدماء منهم عليه ب « اللايتناهى اللايقفي » ولشرحه موضع آخر يأتي عند قوله تعالى: وَمِنْ آياتِهِ خَلْقُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوانِكُمْ [ سورة الروم، الآية: 23 ] إن شاء اللّه تعالى.
ولفظ الاسم هنا واسطة محضة لاسم اللّه تبارك وتعالى لا أن يكون له موضوعية خاصة فيكون مما به ينظر لا مما إليه ينظر كما هو الشأن في جميع الأسماء إلّا أنّ فيها واسطة لتعرّف المعنى وهنا واسطة لتعرف اللفظ أي « اللّه ».
وعلى أية حال سواء كان الاسم من الوسم واقعا بمعنى العلامة، أو من السمو بمعنى الرفعة، ففي ذكر البسملة يكون إظهار لإضافة العبد نفسه إليه تعالى إضافة تشريفية بذكر اسمه تعالى، ورفعة لمقام العبد به، وذكر الاسم في غيره تعالى علامة للمعنى المراد وإخراجه عن الخفاء إلى البروز والظهور.
ولا ريب في أنّ الاسم عرض قائم بالغير سواء أريد لفظ - أس م - أو مدلوله اللفظي - كلفظ [ كتاب ] - مثلا، وما أطيل فيه قديما من أنّ الاسم عين المسمى أو غيره قد ظهر في الفلسفة المتعالية بطلانه.
وفي تخلل لفظ الاسم بين حرف [ الباء ] ولفظ الجلالة إشارة إلى أنّ ما هو حد الإدراك للإنسان إنّما هو ذكر اسمه تعالى والاعتقاد به مشيرا من حيث الإضافة إلى الذات لا أن يحوم أحد حول كشف الحقيقة والذات فإنّها لن تدرك لغيره تعالى. وأما قوله تعالى: اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ [ سورة العلق، الآية: 2 ] مخاطبا نبيّه ( صلّى اللّه عليه وآله ) حيث ذكر الاسم فيه أيضا فهو لأجل تعليم الغير لا بالنسبة إلى مقام النبي الجامع من الحقائق كنوزها والحاوي لدقائق رموزها.
ثم إنّه قد ذكرت هذه الكلمة - اسم - في القرآن الكريم مفردة ومجموعة، مضافة إلى اللّه تعالى، وإلى الرب، وإلى الضمير الراجع إليه تعالى، وموصوفة. فقال تعالى: وَلِلَّهِ الْأَسْماءُ الْحُسْنى [ سورة الأعراف:، الآية: 180 ]. وفي الكل مقرونة بالتعظيم والتجليل، وقد كثرت استعمالات هذه الكلمة في الآثار الواردة عن نبينا الأعظم ( صلّى اللّه عليه وآله ) وأئمة الهدى ( عليهم السّلام ) في دعواتهم مع اللّه تعالى: باسمك العظيم و اسمك الأعظم و باسمك الأعظم الأعظم. والمراد بالعظيم: ما أذن اللّه تعالى لخلقه أن يدعوه به، كجميع أسمائه تعالى. والمراد بالأعظم: ما هو مستور عن خلقه ولكنّه تعالى أذن لبعض أحبائه أن يدعوه به، وأما الأعظم الأعظم فهو: ما استأثره لنفسه ولم يظهره لأحد غيره.
اللّه: أجل لفظ في الممكنات كلها، لأعظم معنى في الموجودات جميعها. بهت في عذوبة لفظه كل سالك مجذوب، وتحيّر في عظمة معناه جميع أرباب القلوب، تتدفق المحبة والرأفة عن الاسم فكيف بالمعنى، فكأنّ نفس المعنى يتجلّى فيه ويقول: إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ لا إِلهَ إِلَّا أَنَا [ سورة طه، الآية: 14 ] جمعت فيه من الكمالات حقائقها ومن الألطاف والعنايات دقائقها ورقائقها، تطلبه الملائكة الكروبيون كما يطلبه أهل الأرضين والكل لا يصل إليه، ظهر لغيره بالآثار وخفي عن الجميع بالذات، فما أعظم شأنه فقد عجزت العقول - وإن قويت فطنتها - عن درك أفعاله فضلا عن صفاته فكيف بذاته، فكلّما زاد الإنسان تأملا فيه زيد تحيرا وجهلا. فسبحان الذي اكتفى بالتحيّر في الذات والصفات والأفعال عن التعمق فيها لعلمه الأزلي بعدم قدرة ما سواه على ذلك أو لعدم لياقة جملة من العقول به.
ثم إنه قد ذكر أهل اللغة أنّ [ اللّه ] اسم جنس للواجب بالذات ولكنه منحصر في الفرد كالشمس والقمر ونحوهما وتبعهم فيه جمع من المفسرين. وهو غير صحيح عقلا لأن المتفرد بذاته في جميع شؤونه وجهاته والبسيط فوق ما نتعقله من معنى البساطة كيف يقال في اللفظ المختص به إنه اسم جنس ( عام ) ؟ ! وقد ثبت في الفلسفة الإلهية المتعالية أن الكلية والجزئية والجنسية ونحوها من شؤون المفاهيم الممكنة وذاته الأقدس فوق ذلك مطلقا فلا يصح اطلاق اسم الجنس على اللفظ المختص به تعالى.
نعم لو أراد القائل بأنّه اسم جنس على نحو الجنسية الوجودية أي: السعة الوجودية بالعنوان المشير إلى الذات لا الجنسية الماهوية لكان له وجه لطيف ولكنهم بمعزل عن ذلك. نعم ربما يطلق الإله على غيره تعالى إطلاقا اعتقاديا باطلا، كقول فرعون: ما عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلهٍ غَيْرِي [ سورة القصص، الآية: 38 ]، وقوله تعالى: أَ جَعَلَ الْآلِهَةَ إِلهاً واحِداً [ سورة ص، آية: 5 ].
كما أن القول بأن ( اللّه ) اسم جنس باطل من جهة العلوم الأدبية أيضا لعدم وقوعه صفة ووقوعه موصوفا دائما فلا يصح أن يكون اسم جنس بل هو علم مختص لواجب الوجود بالذات المستجمع لجميع الصفات الكمالية لظهور آثار العلمية فيه على ما هو المعروف بين الأدباء.
ونظير ذلك ما ذكروا أنه مشتق من وله بمعنى تحير، أو من أله بمعنى تعبد. لتعبد الكل له تكوينا أو اختيارا، وتحيرهم فيه.
وهذا أيضا مردود أولا بأن التحير والتعبد عنوان وصفي فلا يصح أن يؤخذ في ما هو اسم للذات المتصف بجميع صفات الجمال والكمال والجلال. وثانيا بما رواه ابن راشد في الصحيح عن موسى بن جعفر ( عليه السلام ): « سئل عن معنى اللّه تعالى فقال ( عليه السلام ): استولى على ما دق وجل » فإن الحديث ظاهر في أن لفظ ( اللّه ) غير مشتق من أله ووله بل هو اسم جامد بمعنى القيّومية المطلقة على ما سواه.
فالحق ما نسب إلى الخليل اللغوي وغيره من أن لفظ الجلالة بسيط وليس بمشتق، واللام جزء اللفظ، وأنّ الواضع له هو اللّه تعالى بل جميع أسمائه عرفت بتعليمه عزّ وجل فهو المعرّف فيها والمعرّف بها ويشهد له قول الصادق ( عليه السّلام ): « اعرفوا اللّه باللّه ». إن قلت: إنّ كلام اللغويين في مفهوم ( اللّه ) من حيث إنه مفهوم لا الذات الأقدس إذا لا إشكال في صحة قولهم في الاشتقاق وكونه من اسم الجنس.
( قلت ): قولهم إنما يصح في المفاهيم الممكنة وأما إذا كان الموضوع واحدا وواجبا بالذات يكون الإطلاق عليه مع إطلاقه على الممكن كالاشتراك اللفظي، كما ذهب إليه جمع من الفلاسفة في أسمائه تعالى فيكون إطلاقه عليه تعالى بنحو العلمية وفي الممكن بنحو اسم الجنس، كما في لفظ المدينة مثلا فإنها علم لمدينة الرسول ( صلّى اللّه عليه وآله ) واسم جنس لسائر المدن ولكن في اسمه تعالى لا يجوز إطلاقه على غيره لاختصاصه به، كما في قوله تعالى: إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ لا إِلهَ إِلَّا أَنَا [ سورة طه، الآية: 14 ] ويستفاد ذلك من كلام العرب قبل الإسلام أيضا.
هذا ما يتعلق بلفظ الجلالة من حيث هو.
وأما معناه فلا ريب في أنه مما تحير فيه العقول مع اعتراف الجميع بوجوده ودأب القرآن وما ورد في الشريعة التعبير عنه تعالى بالأسماء الحسنى ( الصفات ) التي ذكرت في القرآن من دون تحديد بالنسبة إلى الذات بل ورد في الأثر عن الأئمة ( عليهم السّلام ): « يا من لا يعلم ما هو ولا كيف هو ولا أين هو ولا حيث هو إلّا هو »، فأثبتوا له تعالى أصل الهوية ولكن حصروا العلم بالهوية به تعالى. نعم ورد
في الآثار عنهم ( عليهم السّلام ) التعبير عنه تعالى: « أنه ذات لا كالذوات وشيء لا كالأشياء »، وعن أبي جعفر ( عليه السّلام ): « اذكروا من عظمة اللّه ما شئتم ولا تذكروا ذاته فإنكم لا تذكرون منه شيئا إلّا وهو أعظم منه »، وعن الصادق ( عليه السّلام ): « إنّ اللّه تعالى يقول وإنّ إلى ربك المنتهى فإذا انتهى الكلام إلى اللّه تعالى فأمسكوا ».
وأما ما ورد عن الفلاسفة المتألهين: إنه الذات الجامع لجميع الكمالات الواقعية والمسلوب عنه جميع النواقص كذلك، وعن العرفاء وبعض محققي الفلسفة الإلهية: أنه الذات المسلوب عنه الإمكان مطلقا، وعن بعض قدماء اليونان - الذي عبر عنه في كلماتهم بشيخ اليونانيين - أنه ذات فوق الوجود يمكن إرجاع جميع ذلك إلى ما ورد عن الأئمة الهداة ( عليهم السلام ) وإن قصرت عبارات بعضهم عن ذلك. وسنعود إلى بعض ما يتعلق بالمقام في المواضع المناسبة إن شاء اللّه تعالى، ولعل عدم تعرض القرآن وسائر الكتب السماوية لحقيقة ذاته الأقدس لوضوحه بالآثار وقصور الممكن مطلقا عن درك حقيقة ذات الواجب وإنما حده درك الآثار فقط وهو تعالى بيّن ذلك كاملا في كتابه ويتم بذلك الحجة والبيان.
وعلى أي تقدير ف ( اللّه ) هو الجامع لجميع الأسماء الحسنى التسعة والتسعين أو الثلاثمائة وستين التي من أحصاها دخل الجنّة على ما رواه الفريقان، وهذه الأسماء المباركة منطوية في لفظ الجلالة انطواء الشعاع في نور الشمس مع المسامحة في هذا التشبيه.
قوله تعالى: الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ.
هما من الرحمة ومن مشتقاتها، ورحمته عزّ وجل أعم صفاته وأوسعها شملت جميع ما سواه قال تعالى: وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ [ سورة الأعراف، الآية: 156 ] فكلما يطلق عليه شيء في جميع العوالم يكون من رحمته تعالى، وإشكال أن الشر يطلق عليه الشيء أيضا فلا بد وأن يكون من رحمته تعالى مردود بأنه ليس في التكوينيات شر محض وإنما يتحقق الشر بالإضافة - على ما يأتي -. وأما في الاختياريات فإن وساطة الاختيار بين الفعل والفاعل يجعل الشر باختيار الفاعل فلا يكون من رحمته تعالى كما في قوله تعالى: ما أَصابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللَّهِ وَما أَصابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ [ سورة النساء، الآية: 79 ]. وسيأتي تفصيل هذا البحث المفيد مستقلا إن شاء اللّه تعالى في الآيات المناسبة له.
وفي قوله تعالى: وَلَوْ أَنَّ ما فِي الْأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلامٌ وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِنْ بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ ما نَفِدَتْ كَلِماتُ اللَّهِ [ سورة لقمان، الآية: 27 ] إشارة إلى مظاهر رحمته الواسعة، وقد اعترف الأنبياء ( صلى اللّه عليهم ) والأئمة ( عليهم السّلام ) وجميع الفلاسفة المتألهين بالقصور عن الإحاطة بمراتب رحمته تعالى الواسعة وإن بعض عظمائهم أطال القول في أن وجود كل شيء من رحمته تعالى وأثبت ذلك بالأدلة الكثيرة ومع ذلك اعترف بالقصور عن دركها، وسيأتي تفصيل ذلك في الآيات المناسبة لها.
ثم إنّ هاتين الكلمتين من الصفات المشبهة إلّا أنّهم فرّقوا بينهما بوجوه:
الأول: أن الرحمن مبالغة والرحيم صفة مشبهة يدل على مجرد الثبوت هذا وإن كان صحيحا بالنسبة إلى ذات اللفظين حين الإطلاق على المخلوق. وأما من حيث إضافتهما إلى اللّه عزّ وجل فلا وجه للمبالغة بالنسبة إليه تعالى. لأن صفاته بالنسبة إليه تعالى غير محدودة فلا تجري المبالغة فيها. نعم تصح المبالغة بالنسبة إلى مورد الرحمة على نحو قوله تعالى: مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثالِها [ سورة الأنعام، الآية: 160 ] وقوله تعالى: إِنَّ اللَّهَ يَرْزُقُ مَنْ يَشاءُ بِغَيْرِ حِسابٍ [ سورة البقرة، الآية: 261 ] إلى غير ذلك مما ترجع المبالغة فيه إلى المبالغة في الرحمة بالنسبة إلى المخلوق.
وأما ما في بعض التفاسير من أن فعلان لا يدل على الثبوت بخلاف فعيل وإنما ذكر تعالى ( الرحيم ) لأجل اظهار ثبوت الرحمة بالنسبة اليه تعالى. ( مخدوش ) لأن التفرقة بين اللفظين انما تصح في الممكنات دون الواجب تبارك وتعالى كما عرفت.
الثاني: الرحمن يختص بالدنيا والرحيم بالآخرة لتقدم الدنيا على الآخرة في سلسلة العوالم والنشآت الزمانية فيكون المقدم للمتقدم والأخير للمتأخر، أو لذكر الرحيم مقرونا بالغفران والتوبة في جملة من الآيات الكريمة، والغفران وأثر التوبة في الآخرة فيكون الرحيم مختصا بها.
والوجهان مخدوشان لا يصلحان حتّى للاستحسان، فان العوالم بالنسبة إليه تبارك وتعالى في عرض واحد وإنّه محيط بالزمان والزمانيات وخارج عنهما إلّا أن يلحظ ذلك بالنسبة إلى المخلوق. وقد ورد الرحمن بالنسبة إلى الآخرة في قوله تعالى: الْمُلْكُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ لِلرَّحْمنِ [ سورة الفرقان، الآية: 26 ]، وقوله تعالى: يَوْمَ نَحْشُرُ الْمُتَّقِينَ إِلَى الرَّحْمنِ وَفْداً [ سورة مريم، الآية: 85 ]، كما ورد الرحيم بالنسبة إلى الدنيا في قوله تعالى: وَلا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كانَ بِكُمْ رَحِيماً [ سورة النساء، الآية: 29 ] وقد ورد عن الأئمة الهداة: « يا رحمن الدنيا والآخرة ورحيمهما ».
الثالث: أن الأول عام للجميع لقوله تعالى: وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ [ سورة الأعراف، الآية: 156 ] والثاني خاص بالمؤمنين لقوله تعالى: بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُفٌ رَحِيمٌ [ سورة التوبة، الآية: 128 ] وهو أيضا مردود فإن ذكر بعض الأفراد وأشرفها لا يدل على نفي ما عداه إلّا بالمفهوم وقد ثبت في محله أنه لا مفهوم للقيد فراجع.
الرابع: أنّ الرحمن ذات الرحمة الشاملة لكل محتاج إليها وبجميع مراتبها التفضلية بلا اختصاص لها بنوع دون نوع من الجماد والنبات والحيوان والإنسان وسائر المخلوقات فلأجل إهمال المتعلق استفيد العموم والشمول لجميع الأنواع الممكنة من حضيض الجمادات إلى أوج المجردات. نعم من أهم مصاديق الرحمانية تنظيم عالم التكوين بأحسن نظام ومن أجلى مصاديق الرحيمية تنظيم التشريع بأكمل نظام وأثر التشريع إنما يظهر بالنسبة إلى المؤمنين العاملين به اختص الرحيمية بالآخرة من هذه الجهة، فهو تعالى رحيم في الدنيا بالتشريع وفي الآخرة بالجزاء عليه.
والذي ينبغي أن يقال: إنه لا ريب أن جميع ما سواه تعالى مورد إفاضة الوجود منه تبارك وتعالى وهذا هو الرحمة الرحمانية التي خرج بها ما سواه من العدم إلى الوجود ؛ كما لا ريب في أن كل نوع من أنواع الموجودات مطلقا بل كل صنف من أصنافها له خصوصية لا توجد تلك الخصوصية في غيرها وهي غير محدودة بحد وتنكشف في طي العصور ومر القرون وتلك الخصوصيات غير المتناهية المجعولة منه تبارك وتعالى مورد الرحمة الرحيمية، فكما أن في الإنسان نوعا خاصا منه وهو المؤمن مورد رحمته الرحيمية كذلك يكون في الملك والفلك والجماد والنبات والحيوان أيضا أصناف خاصة تكون تلك الأصناف مورد رحمته الرحيمية بعد عدم برهان صحيح على اختصاص رحمته الرحيمية بخصوص دار الآخرة كما عرفت.
وقد ذكرا في مفتتح القرآن العظيم للإعلام بأن القرآن من أبرز مظاهر رحمتيه تعالى أما الرحمانية فلفرض وحيه وإنزاله، وأما الرحيمية فلأنه تبارك وتعالى تجلى لعباده فأظهر فيه المعارف الربوبية وخلاصة الكتب السماوية وزبدة حقائق التكوين والتشريع وربط به قلوب أوليائه.
ثم إنه يظهر من ذكر الرحمن بعد اسم الجلالة في البسملة وفي قوله تعالى: قُلِ ادْعُوا اللَّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمنَ [ سورة الإسراء، الآية: 110 ]. وسائر موارد استعمال هذا الاسم المبارك في القرآن العظيم أن لهذا الاسم الشريف أهمية عظمى ومنزلة كبرى عند اللّه تعالى فهو من أمهات الأسماء كالحي والرب والقيوم والرحيم وإلى هذه الأربعة ترجع سائر أسمائه عزّ وجل فإذا رجعنا إلى موارد استعمالات هذا اللفظ في القرآن الكريم نرى أنه استعمل مقرونا بالتعظيم والتجليل بالنسبة إلى عالمي الدنيا والآخرة قال تعالى: جَنَّاتِ عَدْنٍ الَّتِي وَعَدَ الرَّحْمنُ عِبادَهُ بِالْغَيْبِ [ سورة مريم، الآية: 61 ]، وقال تعالى: الْمُلْكُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ لِلرَّحْمنِ [ سورة الفرقان، الآية: 26 ]، وقال تعالى: الرَّحْمنُ عَلَّمَ الْقُرْآنَ [ سورة الرحمن، الآية: 1 ] وقال تعالى: ما تَرى فِي خَلْقِ الرَّحْمنِ مِنْ تَفاوُتٍ [ سورة الملك، الآية: 3 ].
وأما الرحيم فقد ذكر في القرآن الكريم غالبا مقرونا مع الرؤوف والتواب والغفور، فقد جمع اللّه تبارك وتعالى في كتابيه التدويني ( القرآن ) والتكويني بين رحمته الرحمانية ورحمته الرحيمية فتكون الرحمة الرحمانية عامة لجميع الممكنات قال تعالى: الرَّحْمنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوى [ سورة طه، الآية: 5 ] أي استولى والعرش هنا عبارة عما سواه تعالى، والرحمة الرحيمية تعم جميع ذوي الكمالات التي أفيضت عليهم من المجردات إلى الجمادات فتكون من مظاهر رحمتيه تعالى الرحمانية والرحيمية كما عرفت.
بحوث المقام
بحث دلالي:
البسملة هي إيجاد الإضافة بين العبد وخالقه إضافة تشريفية، وقد اختيرت هذه الجملة المباركة لأن فيها من أوسمة الخير ما عرفت، فإن قرن العبد اعتقاده بالعمل بما يدعو إليه تعالى كانت البسملة وساما قوليا واعتقاديا وعمليا وإلّا كانت لفظية فقط لها بعض الآثار كالتبرك باللسان مثلا.
ومثل هذه الإضافة لم تكن أمرا غريبا عند الناس بل هو مألوف عندهم بذكر أسماء عظمائهم ورؤسائهم في مبادئ أمورهم تشرفا وتقربا إليهم ووساما لأنفسهم مع أن المنسوب إليه كنفس المنسوب والنسبة في معرض الهلاك والزوال فأثبت القرآن للنّاس إضافة تشريفية إلى اللّه تبارك وتعالى الذي لم يزل ولا يزال وتبقى الإضافة إليه كذلك أيضا فقرر ما هو المألوف لديهم بلفظ آخر وهو البسملة، كما في قوله تعالى: فَاذْكُرُوا اللَّهَ كَذِكْرِكُمْ آباءَكُمْ أَوْ أَشَدَّ ذِكْراً [ سورة البقرة، الآية: 200 ] ومنه يعلم أهمية البسملة فإن فيها إضافة إلى الرحمن الرحيم الأزلي الأبدي ولهذا وردت أخبار تؤكد على الابتداء بها في جميع الأمور كما سيجيئ في البحث الآتي، فإذا قال العبد المؤمن ( بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ ) يكون من مظاهر رحمته تعالى من جهتين جهة التلفظ بالقول وجهة الذات فإن ذاته من مظاهر رحمته. كما عرفت.
ثم إنّ الاسم ما أنبأ عن المسمّى وهو تارة يكون ذات المسمّى وأخرى: جوهرا موجودا خارجيا وثالثة: عرضا كذلك. والكل يصح بالنسبة إليه تعالى فمن الأول ما ورد
في الأثر عن علي ( عليه السّلام ) « يا من دل على ذاته بذاته » فاتحد فيه تعالى الدال والمدلول واختلف بالاعتبار ومثله كثير. ومن الثاني أنبياء اللّه وأولياؤه الذين جاهدوا في اللّه، وفي الحديث: « نحن أسماء اللّه الحسنى »، بل عن بعض الفلاسفة المتألهين: « إن جميع الموجودات تحكي عن جماله وجلاله ». ومن الثالث الأسماء اللفظية التي تطلق عليه تعالى ويأتي في المواضع المناسبة تتمة الكلام.
والمعروف أنّ أسماءه تعالى توقيفية لا يجوز إطلاق اسم عليه تعالى لم يرد في الشريعة المقدسة إطلاق به عليه، وإن أمكن ذلك عقلا، فلا يجوز اطلاق المادة والصورة عليه تعالى لامتناعه عقلا وعدم الورود شرعا، كما لا يجوز إطلاق العلة عليه تعالى لعدم وروده شرعا وإن أمكن عقلا.
وأما الخالق والجاعل وسائر مشتقاتهما فقد أطلقا عليه شرعا وهو صحيح عقلا أيضا، كما أنّه لم يعهد اطلاق اللقب والكنية عليه تعالى لأجل أمور يأتي التعرض لها، وإن قيل إنّ الرحمن بمنزلة اللقب له تعالى، ولكنه لم أظفر بما يعضده من خبر يدل على ذلك.
بحث فقهي:
البسملة في أول كل سورة إما جزء منها أو من السورة التي تسبقها، أو آية متكررة في القرآن، أو من غيره، ذكرت تبركا.
والكل واضح البطلان كما يأتي سوى الأول وقد وردت النصوص على ذلك فتكون البسملة جزء من كل سورة التي افتتحت بها إلّا في سورة التوبة فإنه لا بسملة لها كما ستعرف.
فعن علي ( عليه السّلام ): « البسملة في أول كل سورة آية منها وإنما كان يعرف انقضاء السورة بنزولها ابتداء للأخرى وما أنزل اللّه تعالى كتابا من السماء إلّا وهي فاتحته ».
وعنه ( عليه السّلام ) أيضا: « أنها من الفاتحة وأنّ رسول اللّه ( صلّى اللّه عليه وآله ) كان يقرأها ويعدها آية منها ويقول فاتحة الكتاب هي السبع المثاني ».
وعن أبي جعفر ( عليه السّلام ): « سرقوا أكرم آية من كتاب اللّه بسم اللّه الرحمن الرحيم ».
وعن الرضا ( عليه السّلام ): « ما بالهم قاتلهم اللّه عمدوا إلى أعظم آية في كتاب اللّه فزعموا أنّها بدعة إذا أظهروها ».
وفي سنن أبي داود قال ابن عباس: « إن رسول اللّه ( صلّى اللّه عليه وآله ) كان لا يعرف فصل السورة - أي انقضاءها - حتّى ينزل عليه بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ ».
وفي صحيح ابن مسلم عن أنس قال رسول اللّه ( صلّى اللّه عليه وآله ): « أنزل عليّ آنفا سورة فقرأ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ ».
وروى الدارقطني عن أبي هريرة: « إذا قرأتم الحمد فإقرأوا بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ فإنّها أم القرآن أم الكتاب، والسبع المثاني و بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ إحدى آياتها ».
والأخبار في كونها جزء من سور القرآن كثيرة من الفريقين. ويستحب الجهر بالبسملة مطلقا كما ورد النص بذلك وقد جعل ذلك من علامات المؤمن كما في الحديث ولعل السر في ذلك هو أن الجهر بها إجهار بالحق وإعلان لحقيقة الواقع.
كما تستحب الاستعاذة باللّه من الشيطان عند قراءة القرآن لقوله تعالى: فَإِذا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطانِ الرَّجِيمِ ( * ) إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطانٌ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَلى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ ( * ) إِنَّما سُلْطانُهُ عَلَى الَّذِينَ يَتَوَلَّوْنَهُ وَالَّذِينَ هُمْ بِهِ مُشْرِكُونَ [ سورة النحل، الآية: 97 - 100 ] بل يستفاد من بعض الآيات لا سيما سورة الناس استحباب الاستعاذة مطلقا. وهي إما قولية أو فعلية. واجتماعهما في واحد هو من الكمال، وسيأتي التفصيل.
بحث روائي:
عن نبينا الأعظم فيما رواه الفريقان: « كل أمر ذي بال لم يبدأ فيه بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ فهو أبتر ». وعن الصادق عليه السلام: « لا تدعها ( أي البسملة ) ولو كان بعدها شعر ».
أقول: يحمل الخبر الأول على الأفضلية جمعا بينهما.
وعن أبي جعفر ( عليه السّلام ): « أول كل كتاب نزل من السماء بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ ».
وعن الرضا ( عليه السّلام ): « إنها أقرب إلى اسم اللّه الأعظم من ناظر العين إلى سوادها ».
أقول: يأتي ما يتعلق بالاسم الأعظم ومراتبه. وآثاره ومن هو العالم به.
وعن أبي جعفر ( عليه السّلام ): « إذا قرأتها فلا تبال أن لا تستعيذ وإذا قرأتها سترتك ما بين السماء والأرض ».
أقول: ويظهر منه إنه عند دوران الأمر بين البسملة والاستعاذة تكون البسملة أولى.
وعن الصادق ( عليه السّلام ): « من تركها من شيعتنا امتحنه اللّه بمكروه لينبهه على الشكر والثناء ويمحو عنه وصمة تقصيره عند تركه ».
أقول: يظهر منه ومن جملة من الأخبار ان ترك المندوب وفعل المكروه فيه آثار خاصة فضلا عن ترك الواجب وفعل المحرم.
وعن الرضا ( عليه السّلام ): « إنها الآية التي قال اللّه عزّ وجل: وَإِذا ذَكَرْتَ رَبَّكَ فِي الْقُرْآنِ وَحْدَهُ وَلَّوْا عَلى أَدْبارِهِمْ نُفُوراً ».
وعنه ( عليه السّلام ) أيضا في تفسير البسملة: « يعني أسم بسمة من سمات اللّه تعالى وهي العبادة. قيل له: ما السمة ؟ قال ( عليه السّلام ): العلامة ».
أقول: العلامات الدالة على اللّه عزّ وجل كثيرة فإما جوهر خارجي كالمشاعر العظام، أو عمل خارجي كالصّلاة، أو ذكر قلبي كالتفكر في عظمة اللّه تعالى والتوجه إليه، أو ذكر لفظي كالبسملة ونحوها.
وفي رواية أنّ كل واحد من أجزاء البسملة إشارة إلى اسم من أسمائه تعالى
فعن الصادق ( عليه السّلام ): « الباء بهاء اللّه، والسين سناء اللّه، والميم مجد اللّه ( ملك اللّه ) واللّه إله كل شيء الرحمن بجميع خلقه الرحيم بالمؤمنين خاصة ».
أقول: المراد ببهاء اللّه جماله وجلاله والسناء بمعنى الرفعة، وأشار ( عليه السّلام ) في هذا التفسير إلى علم الحروف وهو علم شريف إلّا أنّه مكنون عند أهله وسيأتي البحث عنه إن شاء اللّه تعالى.
وعن نبينا الأعظم ( صلّى اللّه عليه وآله ): « إنّ للّه عزّ وجل مائة رحمة أنزل منها واحدة إلى الأرض فقسمها بين خلقه فبها يتعاطفون ويتراحمون ادّخر تسعا وتسعين لنفسه يرحم بها عباده يوم القيامة ».
أقول: رواه الفريقان.
وعن علي ( عليه السّلام ): « الرحمن العاطف على خلقه بالرزق لا ينقطع عنهم مواد رزقه وإن انقطعوا عن طاعته ». أقول: المراد من مواد الرزق أسبابه.
وعن الصادق ( عليه السّلام ): « الرحمن اسم خاص لصفة عامة، والرحيم اسم عام لصفة خاصة ».
أقول: اسم خاص أي لا يطلق على غيره تعالى، والصفة العامة لأن رحمته تعالى وسعت كل شيء، والرحيم اسم عام لإطلاقه على غيره تعالى أيضا والصفة الخاصة يعني مختص بالمؤمنين في الآخرة وتقدم أن هذا الإختصاص إضافي أي أن أفضل أقسام الرحيمية إنما تكون للمؤمنين فقط.
الاكثر قراءة في سورة الفاتحة
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة

الآخبار الصحية
