x

هدف البحث

بحث في العناوين

بحث في المحتوى

بحث في اسماء الكتب

بحث في اسماء المؤلفين

اختر القسم

القرآن الكريم
الفقه واصوله
العقائد الاسلامية
سيرة الرسول وآله
علم الرجال والحديث
الأخلاق والأدعية
اللغة العربية وعلومها
الأدب العربي
الأسرة والمجتمع
التاريخ
الجغرافية
الادارة والاقتصاد
القانون
الزراعة
علم الفيزياء
علم الكيمياء
علم الأحياء
الرياضيات
الهندسة المدنية
الأعلام
اللغة الأنكليزية

موافق

الحياة الاسرية

الزوج و الزوجة

الآباء والأمهات

الأبناء

مقبلون على الزواج

مشاكل و حلول

الطفولة

المراهقة والشباب

المرأة حقوق وواجبات

المجتمع و قضاياه

البيئة

آداب عامة

الوطن والسياسة

النظام المالي والانتاج

التنمية البشرية

التربية والتعليم

التربية الروحية والدينية

التربية الصحية والبدنية والجنسية

التربية العلمية والفكرية والثقافية

التربية النفسية والعاطفية

مفاهيم ونظم تربوية

معلومات عامة

الإنسان وسيادته على الأرض

المؤلف:  الشيخ محمد تقي فلسفي

المصدر:  الشاب بين العقل والمعرفة

الجزء والصفحة:  ج2 ص344ــ347

2023-11-08

675

لقد بدأت سيادة الإنسان على الأرض منذ أن بدأ بالعمل في مجال الزراعة ، ثم راح يفكر بعقله ويجد ويسعى حتى اكتشف تأثيرات العوامل الجوية والأرضية على الزراعة ، وساعده ذلك في تسخير جزء من الثروات الطبيعية للأرض لصالحه ، وراح يحصل على كميات كبيرة من الطعام خلال أقل ما يمكن من الوقت ، وقد ساهم ذلك في تطوير حياة الإنسان وتحسين ظروفه المعيشية .

قال النبي (صلى الله عليه وآله) : أكرموا الخبز فإنه قد عمل فيه ما بين العرش إلى الأرض وما فيها من كثير من خلقه(1).

الإنسان الأول والغذاء:

يقال إن الإنسان الأول كان قبل المرحلة الزراعية والحيوانية يتغذى على النباتات والأعشاب الطبيعية ، ثم أخذ يؤمن غذاءه من الصيد البري والبحري فالإنسان في، تلك الفترة كان يكرس كل وقته واهتمامه لتأمين غذائه، فكان يضطر إلى السعي وراء لقمة العيش من الصباح وحتى المساء ، يبحث كالحيوان في الصحاري والسهول والجبال والوديان عن فريسة يشبع بها بطنه ، وكان هذا البرنامج يتكرر كل يوم. ومن الطبيعي أن لا يكون لمثل هذا الإنسان مجال للتعقل والتفكر والاستفادة من استعداداته الباطنية لتحسين أوضاعه المعيشية.

«إن الإنسان البدائي كان إنساناً نباتياً يعيش بين أغصان الأشجار وأوراقها، ويتغذى على الأعشاب والنباتات ، تارة يضيف إلى غذائه جذوراً نباتية ، وتارة أخرى يضيف حيوانات صغيرة ، فلم يكن إنسان تلك الفترة قد عرف بعد الزراعة أو التربية الحيوانية ، فكان يعيش من خلال قطف أو سرقة ما يجده حواليه من طعام . ولهذا سميت تلك الفترة بفترة جمع الطعام ، وهذه الفترة كانت تشمل مرحلتين ، مرحلة الغذاء النباتي ومرحلة الغذاء الحيواني أو الصيد»(2).

انعدام الأمن الاقتصادي:

«لقد كان الإنسان الأول يعمد إلى تقطيع فريسته بعد اصطيادها قطعة قطعة وتناولها نيئة بما يملأ به معدته ، ذلك أن الحضارة بمعناها الاقتصادي من التموين والأمن لم تكن قد ظهرت بعد، وكان الحرص ضرورياً للبقاء وحفظ الذات. كان الإنسان الأول أشبه ما يكون في تناوله للطعام بكلاب اليوم ، لأنه لم يكن يعرف متى سيتناول وجبته التالية»(3).

«إن نشاط الإنسان الخاص الذي يميزه عن سائر الحيوانات هو في سعيه للتخلص من القيود التي تفرضها عليه الطبيعة ، وطالما كان الإنسان مضطراً لتكريس كل وقته من أجل الحصول على طعام يسد به جوعه ، فإنه لم يكن باستطاعته استخدام جانب كبير من قدرته في خوض غمار الحرب أو السياسة أو الإلهيات أو العلوم.

فهذه الأمور هي ثمرة طاقة العمل الانتاجية ، وهي ناجمة عن ترجيح كفة إنتاج الفرد على كفة طعامه المستهلك ، وكلما ازدادت نسبة ترجيح الكفة الأولى تضاعفت إمكانية تفرغ الإنسان للثقافة أو غيرها من المجالات»(4). 

بداية التكامل في ظل الزراعة:

جاءت ظاهرة الزراعة لتغير حياة الإنسان ، وتفتح أمامه آفاق الرقي والتكامل ، وتمهد له طريق تسخير الثروة الطبيعية.

فقد استطاع الإنسان عن طريق الزراعة وخزن المحاصيل تأمين احتياجاته المستقبلية من الغذاء وإنقاذ نفسه من كابوس المجاعة الذي كان يخيم على عقله وفكره ، وبالتالي فإنه حصل على مناسبة للتفكير بما من شأنه أن يحسن أوضاعه ، فبدأ بإطلاق استعداداته الواحد تلو الآخر ، ليتسلق من خلال ما توصل إليه في مجال العلم والعمل مدارج الرقي والتكامل، ويبسط سيادته على الكرة الأرضية.

إرساء أسس الحضارة :

لقد استطاع الإنسان من خلال الزراعة وخزن المحاصيل كغذاء سنوي له إرساء أسس الحضارة الإنسانية ، وفتح باب التعامل والتجارة ، وتشغيل جانب من قوى الأفراد في مختلف ميادين الحياة ، فجاب الفيافي والبحار ، وروض الحيوانات الوحشية ، وضاعف تدريجياً من استثمار الثروات الطبيعية ، ليوفر مقومات راحته وسعادته ومستلزمات عمارة الأرض التي أرادها الله سبحانه وتعالى.

«في بداية المرحلة الزراعية ، كان الإنسان مضطراً إلى عدم السفر والترحال، والسكن في مزرعته او قريباً منها وذلك لمراقبة محاصيله الزراعية. ومثل هذه الضرورة دفعت بالإنسان إلى التفكير في بناء بيت يأويه - وبناء بيت ثابت وقوي إستوجب على الإنسان البحث عن وسائل البناء ، فكان أن ابتكر صناعة الخزف والنسيج وغير ذلك من صناعات يدوية . وعلى أثر ازدياد المواد الغذائية إزداد العرض والطلب في الأسواق، وأقيمت في كل ناحية أسواق أسبوعية كان يسد الناس منها احتياجاتهم عن طريق المقايضة. وأخذت التجارة الخارجية تزدهر شيئاً فشيئاً وساهمت عملية تقسيم العمل والاختصاصات في تسهيل الكشف عن المعادن وترويض الخيل وصنع العجلة وتهيئة وسائل الملاحة إلى جانب دفع الانتاج وتوسيع التجارة ، وتوطدت العلاقات بين شعوب مختلف المناطق القريبة والبعيدة ، وهذا ما ساهم في قيام المدن التجارية»(5).

_________________________

(1) الكافي6، ص302.

(2) مبادئ علم الإجتماع، ص 277.

(3) مباهج الفلسفة، ص86.

(4) الآمال الجديدة، ص 35 .

(5) مبادئ علم الإجتماع، ص28.