x
هدف البحث
بحث في العناوين
بحث في اسماء الكتب
بحث في اسماء المؤلفين
اختر القسم
موافق
الحياة الاسرية
الزوج و الزوجة
الآباء والأمهات
الأبناء
مقبلون على الزواج
مشاكل و حلول
الطفولة
المراهقة والشباب
المرأة حقوق وواجبات
المجتمع و قضاياه
البيئة
آداب عامة
الوطن والسياسة
النظام المالي والانتاج
التنمية البشرية
التربية والتعليم
التربية الروحية والدينية
التربية الصحية والبدنية
التربية العلمية والفكرية والثقافية
التربية النفسية والعاطفية
مفاهيم ونظم تربوية
معلومات عامة
الفروسية والرماية
المؤلف: الشيخ محمد تقي فلسفي
المصدر: الشاب بين العقل والمعرفة
الجزء والصفحة: ج2 ص392ــ399
2023-10-02
1302
لقد اعتبر الإسلام الفروسية والرماية بأنهما عملان ممدوحان ومرغوبان ، وقد جاء الكثير من الروايات الإسلامية التي شجعت الناس عليهما. وبالرغم من أن الرسول (صلى الله عليه وآله) قد حرم على المسلمين لعب القمار وحذرهم من الخسارة والربح عن هذا الطريق غير المشروع ، إلا انه اجاز الرهان في مسابقات الفروسية والرماية ليحرك الرغبة في التفوق لدى الناس ويحثهم على التنافس من أجل الفوز وبالتالي تعلم فنون الفروسية والرماية.
وقد كان الرسول إلى جانب تشجيعه الناس على هاتين الرياضتين يشارك في المسابقات التي كانت تجرى مراراً وتكراراً ويحقق الفوز فيها.
إشتراك الرسول (صلى الله عليه وآله) في السباق :
ذات مرة أغار عدد من المشركين على أطراف المدينة لسرقة ماشية سكان تلك المنطقة ، فخرج إليهم الرسول (صلى الله عليه وآله) وعدد من المسلمين ممتطين صهوات جيادهم ، ففر المشركون لما عرفوا بالخطر الذي يتهددهم ، وابتعدوا عن متناول أيدي المسلمين ...
فقال أبو قتادة: يا رسول الله إن العدو قد انصرف ، فإن رأيت أن نستبق ، فقال : نعم ، فاستبقوا ، فخرج رسول الله سابقاً عليهم(2).
الرسول (صلى الله عليه وآله) والرماية:
روي أن النبي (صلى الله عليه وآله) مر بقوم من الأنصار يترامون، فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): أنا مع الحزب الذي فيه ابن الأردع ، فأمسك الحزب الآخر وقالوا: لن يغلب حزب فيه رسول الله ، فقال : ارموا فإني ارمي معكم ، فرمى كل واحد منهم رشقاً)(3).
وعن أبي عبد الله الإمام الصادق (عليه السلام): إنه كان يحضر الرمي والرهان(4).
الإمام الباقر (عليه السلام) والرماية:
قال الإمام الصادق (عليه السلام): دخلنا (مع أبيه عليه السلام) على هشام في الشام، وإذا قد قعد على سرير الملك، وجنده وخاصته وقوف على أرجلهم سماطين متسلحين وقد انصب الغرض حذاه وأشياخ قومه يرمون ، فلما دخلنا وأبي أمامي وأنا خلفه، نادى أبي وقال: يا محمد ارم مع أشياخ قومك الغرض ، فقال له: إني قد كبرت عن الرمي، فهل رأيت أن تعفيني؟، فقال: وحق من أعزنا بدينه ونبيه محمد (صلى الله عليه وآله) لا أعفيك، ثم أومى إلى شيخ من بني امية أن أعطه قوسك ، فتناول ابي عند ذلك القوس من الشيخ ثم تناول منه سهماً فوضعه في كبد القوس ثم انتزع ورمى وسط الفرض، فنصب فيه، ثم رمى فيه الثانية فشق فواق سهمه إلى نصله ، ثم تابع الرمي فشق تسعة اسهم بعضاً في جوف بعض وهشام يضطرب في مجلسه ، فلم يتمالك إلى أن قال: أجدت يا أبا جعفر وأنت أرمى العرب والعجم ، هلا زعمت أنك كبرت عن الرمي ؟،ثم أدركته الندامة على ما قال...
ثم أقبل على أبي بوجهه فقال له: يا محمد لا يزال العرب والعجم يسودها قريش ما دام مثلك فيهم لله درك من علمك هذا الرمي وفي كم تعلمته ؟ ، فقال: قد علمت أن أهل المدينة يتعاطونه فتعاطيته أيام حداثتي ثم تركته(5).
فبالرغم من ان سباق الفروسية والرماية يعتبر نوعاً من أنواع الرياضة كونه ينشط العضلات وينمي قدرة الجسم ، ووسيلة من وسائل الترفيه والتسلية في أوقات الفراغ كونه يبعث على الإرتياح والسرور، إلا ان الهدف الأساس من تشجيع الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله) على هذا النوع من السباقات هو أسمى من الرياضة والترفيه ، فالرسول (صلى الله عليه وآله) أراد بذلك أن يتعلم الناس آنذاك الفنون القتالية ليكونوا مستعدين لمواجهة العدو في ساحة القتال والذود عن حقوق الإسلام والمسلمين والدفاع عن أرضهم إزاء أي هجوم خارجي .
وإذا ما مارس بعض الشباب في عالمنا الحالي حيث تغيرت التمارين والتدريبات العسكرية سباق الفروسية والرماية في أوقات فراغهم ، فإن بمقدورهم أن يستفيدوا من البعدين الرياضي والترفيهي لهذا السباق ، فيساهموا من جهة في تأمين سلامة أبدانهم وتعزيز قواهم، ويرفهوا عن أنفسهم من جهة ثانية بنشاط سليم ومشروع.
تعتبر السباحة رياضة أخرى من الرياضات المفيدة لجيل الشباب ومن وسائل الترفيه السليمة والمنشطة التي أولاها الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله) أهمية بالغة وشجع المسلمين على تعلمها.
قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) : علموا ابناءكم الرمي والسباحة(6).
فالسباحة تحرك العضلات وتنشط الجسم وتزيد من قدرته وتمنح الإنسان مزيداً من الحيوية والسباحة خلال أوقات الفراغ تعتبر من وسائل الترفيه والتسلية التي تبعث على سرور الإنسان وارتياحه. فضلاً عن ذلك فإن الإنسان الذي يتقن السباحة يكون قادراً على إنقاذ نفسه من الغرق أو إنقاذ غريق آخر في الحالات الطارئة.
وثمة أنواع اخرى من الرياضات المفيدة التي يستطيع الشباب اللجوء إليها في أوقات فراغهم ، كالمشي وتسلق الجبال وتمارين رياضية مختلفة - أو ما يسمى بالألعاب السويدية ـ أو غير ذلك من النشاطات التي لا تلحق الضرر بالإنسان بل تفيده وتؤمن سلامة بدنه.
فسلامة البدن وحيويته شرط أساس لتحقيق الإنسان الموفقية والنجاح في حياته، والإنسان المريض أو العاجز لا يستطيع الانصراف إلى الشؤون العلمية والدينية ، ولا هو بقادر أيضاً على إدارة شؤونه المادية والمعنوية بشكل صحيح.
والإنسان في حياتنا اليوم حيث فقد المقدار اللازم من الحركة العضلية والنشاط الجسماني ، وتعرضت سلامته للخطر واضطراب توازنه الداخلي نتيجة التطور الصناعي في العالم ، مثل هذا الإنسان مضطر للقيام بحركات رياضية من شأنها أن تحرك سائر أعضائه وتنشّطها.
لقد أخذ الاهتمام بالرياضة والبرامج الرياضية في عالمنا المعاصر يزداد يوماً بعد يوم ، حيث ازدادت المراكز الرياضية العامة ، وأخذت وسائل الإعلام دورها في تشجيع الناس على ممارسة الرياضة بشتى صنوفها ، وباتت الرياضة درساً إلزامياً من الدروس والمناهج المتبعة في المدارس والجامعات. كما تم توفير وسائل رياضية خاصة لكبار السن، وكل ذلك في سبيل تشجيع الناس على اعتماد الرياضة لتقوية أنفسهم وسلامة أبدانهم .
«يقول «ويل ديورانت» : قال طالب جامعي صيني يعاني من ضعف في نظره : لقد تحولت الجامعات الأمريكية إلى مجمّعات رياضية توفر الامكانيات اللازمة لدراسة أصحاب الأجسام الضعيفة ايضاً. فكل فيلسوف ينبغي أن يكون رياضياً كافلا طون ، وإن لم يكن رياضياً ففلسفته مشكوك فيها. ويقول (نيتشه) : إن الشرط الأول لكل إنسان شريف هو أن يكون حيواناً كاملاً ، وينبغي أن ترسى قواعد التربية والتعليم على هذا الأساس، والتربية البدنية يجب أن تعتمد إلى جانب التربية الفكرية»(7).
الملاكمة:
مما يؤسف له أن هناك بعضاً من الممارسات الوحشية واللاأخلاقية تعتمد في عالمنا المتحضر اليوم تحت شعار الرياضة والتسلية والترفيه، وقد استطاعت أن تجذب نحوها البعض من الشباب السذج .
ومن الممارسات العنيفة والقاسية التي شجع عليها عالمنا اليوم ونظم لها مباريات مهمة وخصص للفائزين فيها جوائز ثمينة هي الملاكمة التي تثير في الإنسان روح التوحش والهمجية .
«تأثر معلق صحيفة نيويورك تايمز بشدة لدى مشاهدته لمباراة في الملاكمة ، مما دفع به إلى مناشدة سلطات مدينة نيويورك إلغاء مباريات الملاكمة . وقد كتبت هذه الصحيفة الأمريكية الكثيرة الإنتشار مقالا تحت عنوان «الإنحطاط» أوردت فيه : إن ما شوهد من وحشية في تلك المباراة يعتبر فضيحة لرياضة الملاكمة لما أثارت في نفوس المتفرجين من اشمئزاز، هل يمكن لشخص يدعي بطولة العالم أن ينزل إلى هذا المستوى من الإنحطاط» ؟.
«ثم أشارت الصحيفة في مقالتها الافتتاحية إلى أن المعلومات المتوفرة لديها تشير إلى وفاة 59 ملاكماً في الفترة ما بين عامي 1959 و1965. فأية رياضة هذه ؟، إنها مجزرة. وينبغي على سلطات ولاية نيويورك أن تكون السباقة بين سائر الولايات الأميركية الأخرى في شجب واستنكار الملاكمة المحترفة»(8).
إن الدين الإسلامي الذي يحرص على مصلحة الإنسان وسعادته يرفض رفضاً باتاً مثل هذه الممارسات الضارة والخطيرة التي تتسبب في إصابة الإنسان بعاهات أو تودي به إلى التهلكة أحياناً ، ولم يجز للمسلمين المشاركة في مثل هذه الأعمال الوحشية تحت شعار الرياضة.
تفيد بعض الكتب الغربية أن تطور الصناعة وتوفر وسائل النقل وسهولة السفر، كل ذلك ساهم في جعل مسألة الصيد من وسائل الترفيه والتسلية واللهو، وراح الكثير من الناس يقضون أوقات فراغهم في صيد الحيوانات. ولكن العجيب في الأمر أن الغرب يدعى من جهة حمايته للحيوانات ، ويعتبر من جهة أخرى الصيد وسيلة من وسائل التسلية واللهو.
«لقد جاء انتشار الرياضة وعموميتها حينما أدت الاختراعات الجديدة إلى ظهور أنواع أخرى من وسائل التسلية والترفيه للإنسان. فانخفاض أسعار وسائل النقل وامتلاكها من قبل غالبية الناس كان لهما الدور الكبير في ظهور مسلّيات جديدة. فأصبحت قيادة الدراجات النارية والسياحة. والاستجمام في البلدان الكبيرة من أنواع الترفيه الأساسية. وساهم اختراع السيارة في مضاعفة إمكانية ممارسة انواع أخرى من التسلية والترفيه كإقامة المخيمات والصيد»(9).
صيد اللهو:
إن اصطياد الحيوانات للضرورة وبداعي الحاجة الحياتية يعتبر مجازاً من وجهة نظر الإسلام . إلا أن الإسلام قد حظر صيد اللهو وقتل الحيوانات بداعي الترفيه عن النفس والتسلية ، وقد اعتبر فقهاء الإسلام السفر لصيد اللهو بأنه سفر معصية ولا يحق للقائم به الاستفادة من التسهيلات التي وضعها الإسلام للمسافر كالإفطار في شهر رمضان المبارك وأداء الصلاة قصراً.
إن الشاب المسلم بمقدوره وضمن إطار التعاليم الإلهية استغلال ساعات فراغه في جميع أنواع الترفيه المباحة والتسلية المفيدة التي تضمن سلامته وتوفر له الراحة.
أما الشاب الذي ينقاد لميوله النفسية وأهوائه فإن المحرمات تبدو في نظره جميلة وجذابة ، فيرتكب أعمالاً رذيلة ويغالي في سوء عمله تحت شعار الترفيه والتسلية مما يؤول به إلى السقوط والضياع .
قال تعالى : {أَفَمَنْ كَانَ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ كَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ وَاتَّبَعُوا أَهْوَاءَهُمْ} [محمد: 14].
_____________________
(1) مستدرك الوسائل 2 ، ص 517.
(2) وسائل الشيعة4، ص231.
(3) المبسوط ، «السبق والرماية» .
(4) وسائل الشيعة 4 ، ص 231 .
(5) مسترك الوسائل2، ص516.
(6) الجعفريات، ص 98.
(7) مباهج الفلسفة، ص492.
(8) صحيفة كيهان الإيرانية، العدد 7060.
(9) علم الإجتماع، ص 297.