اساسيات الاعلام
الاعلام
اللغة الاعلامية
اخلاقيات الاعلام
اقتصاديات الاعلام
التربية الاعلامية
الادارة والتخطيط الاعلامي
الاعلام المتخصص
الاعلام الدولي
رأي عام
الدعاية والحرب النفسية
التصوير
المعلوماتية
الإخراج
الإخراج الاذاعي والتلفزيوني
الإخراج الصحفي
مناهج البحث الاعلامي
وسائل الاتصال الجماهيري
علم النفس الاعلامي
مصطلحات أعلامية
الإعلان
السمعية والمرئية
التلفزيون
الاذاعة
اعداد وتقديم البرامج
الاستديو
الدراما
صوت والقاء
تحرير اذاعي
تقنيات اذاعية وتلفزيونية
صحافة اذاعية
فن المقابلة
فن المراسلة
سيناريو
اعلام جديد
الخبر الاذاعي
الصحافة
الصحف
المجلات
وكالات الاخبار
التحرير الصحفي
فن الخبر
التقرير الصحفي
التحرير
تاريخ الصحافة
الصحافة الالكترونية
المقال الصحفي
التحقيقات الصحفية
صحافة عربية
العلاقات العامة
العلاقات العامة
استراتيجيات العلاقات العامة وبرامجها
التطبيقات الميدانية للعلاقات العامة
العلاقات العامة التسويقية
العلاقات العامة الدولية
العلاقات العامة النوعية
العلاقات العامة الرقمية
الكتابة للعلاقات العامة
حملات العلاقات العامة
ادارة العلاقات العامة
عناصر القصة القصيرة
المؤلف: د. عبد اللطيف حمزة
المصدر: المدخل في فن التحرير الصحفي
الجزء والصفحة: ص 317-323
2023-06-23
2103
عناصر القصة القصيرة
تبني القصة القصيرة على أربعة أركان أو عناصر:
1. عنصر الحوادث أو الاخبار.
2. عنصر الشخصيات.
3. عنصر الفكرة أو المعنى.
4. لحظة التنوير، وهي اللحظة التي يكسب بها الحدث معنى من المعاني يكون هو المعنى الذي كتبت من أجله القصة.
عنصر الحوادث والأخبار:
لا بد للقصة من خبر من الاخبار ترويه بصورة فنية، ولكن يجب أن يكون مفهوماً على الدوام أنه ليس كل خبر أو مجموعة من الاخبار قصة. فالشرط في أن يصبح الخبر قصة هو أن يكون له أثر كلي في نفس القارئ، وبعبارة أخرى: ينبغي للخبر الذي تحكيه القصة أن تتصل تفاصيله وأجزاؤه بعضها ببعض بحيث يكون لمجموعها أثر كلي، هذا فضلاً عن توفر شرط آخر سبقت الإشارة إليه، وهو أن تكون للخبر بداية، ووسط، ونهاية، ثم لا يكفي أن يكون للخبر أثر كلي، بل يجب أن يصور حدثاً أو موقفاً معيناً، أو بداية معينة تأخذ في النمو شيئاً فشيئاً حتى تصل إلى نقطة معينة، هي "لحظة التنوير" التي أشرنا إليها، وقلنا إننا سنشرحها بعد ذلك.
وعلى هذا يكون الفرق بين الخبر الذي يقتصر على تزويدنا بالمعلومات، والخبر الذي يصوّر حدثاً من الاحداث تصويراً فنياً من نوع معين، هو الفرق بين القصة الإخبارية في الجريدة، والقصة الفنية المعروفة في الادب.
فلو كتبت لاحد أصدقائك تقول له:
"سافرت إلى الريف وسحرني بجماله وهدوئه، وقضيت الوقت كله في الحقول، ومن أجل ذلك تأخرت في الكتابة إليك، أما عمدة القرية فلا يسأم الجلوس في "الدوار" .
ويجمع حوله رفاقه من شيوخ القرية، ولقد كنت طول هذه المدة أجالس العمدة، وأقرأ له الجرائد والمجلات، واستمع معه إلى الراديو، وأكبر أولاد العمدة وهو صديق لي كذلك عاد من العاصمة وقال: إنه انتهى من الامتحان النهائي في كلية الحقوق، وأنه سيصبح محامياً بعد بضعة أسابيع، وهو يمارس الآن تجربة حب عنيف مع فتاة من بنات القرية تقرب منه في السن، ويقال إنها تحب فتى غيره، ومثلي لا يمكن أن تغيب عنه هذه المعلومات التي أكتبها إليك بثقة.
فإن في هذا الخطاب أخباراً يرويها الكاتب لصاحبه، ولكنها رويت بحيث بدأ كل خبر منها منفصلاً أو كالمنفصل عن الخبر الآخر، ومجموع هذه الاخبار لم يترك في نفس القارئ أثراً كلياً، ولذا عجزت كل هذه السطور أو الاخبار عن أن يكون لها معنى كلي، لذلك لا ينبغي لنا مطلقاً أن نطلق على هذه السطور اسم "قصة" .
إنها مجرد أخبار توردنا ببعض المعلومات كالأخبار التي نقرؤها كل يوم في الصحف لا أكثر ولا أقل.
أما القصة فإنها ومضة من الضوء يلقيها الكاتب على شريحة من شرائح الحياة إذا صح هذا التعبير، ليصور بها حادثة ذات وحدة عضوية، ويكشف بها عما يربط بين أجزائها من معان أو علائق.
إنها إذن تعتمد على أساسين كبيرين هما: اللمسة الإنسانية من جانب، وخلق مشكلة من المشكلات التي تعرض للبشر، وحل هذه المشكلة من جانب آخر.
وكما عرفنا كيف نفرق بين القصة الإخبارية في الصحافة، والقصة القصيرة في الادب، كذلك ينبغي لنا أن نفرق بين المقال القصصي والقصة القصيرة، فهذه الاخيرة وهي القصة القصيرة أدنى إلى الادب والفن بالمعنى الصحيح لهذه الكلمة.
ذلك أن "العقدة" و"لحظة التنوير" شرطان أساسيان في هذا اللون من الادب، على حين أن المقال القصصي لا يشترط فيه أن تكون له "عقدة" ولا يحتاج إلى "لحظة تنوير" التي تنحل بها هذه العقدة.
إن المقال القصصي أقرب إلى "الاقصوصة" منه "إلى القصة القصيرة"، وللقارئ أن يرجع في ذلك إلى ما سبق أن كتبناه عن المقال القصصي كما هو معروف عند الكاتب الشهير باسم "إبراهيم عبد القادر المازني".
عنصر الشخصيات:
مما لا شك فيه أن كل حدث من الاحداث لا يقع بالطريقة التي وقع بها في القصة إلا لوجود شخص معين أو أشخاص معينين يجرى على أيديهم هذا الحدث المعين.
ومعنى ذلك أن الحدث في القصة هو هذه الشخصية أو الشخصيات التي تعمل ويجري على أيديها الحدث بصورة خاصة، ووحدة الاحداث في القصة لا تتحقق إلا
بتصوير الشخصيات وهي تعمل في داخل القصة، وهكذا يتطور الحديث من نقطة إلى أخرى، أي أن كل جزء في القصة يبدو كأنه يؤدي إلى الجزء الذي يليه وهكذا، وربما كان من أوضح الامثلة على دور الشخصيات وهي تعمل ويجري على يديها الحدث قصة كتبها الكاتب الفرنسي الذي مر ذكره، وهو هنا "جي دي موباسان" بعنوان:
في ضوء القمر(1)
بدأت هذه القصة بموقف للأب "مارينيان" وهو يمشي في حديقة له بالقرية ويسأل نفسه: "لماذا فعل الله ذلك؟، إن عزمتك يا ربي أعظم من أن تدركها عقول البشر، وبهذا المنطق البسيط طفق الرجل يفسر الطبيعة من حوله، فالشمس لإنضاج المحاصيل، والمطر لسقي الزرع، والليل ليستعد الناس للنوم ... وهكذا.
غير أنه كان يكره النساء كل الكره، وكان يزعم أن الله تعالى غاضب عليهن، وكان يعتقد دائماً أن الله خلق المرأة لغواية الرجل واختباره، وكانت له ابنة أخت تعيش مع أمها في منزل صغير قريب من منزله، وكان قد صمم على أن يجعل منها راهبة، وكانت الفتاة تحب الحياة وتستجيب لجمال الطبيعة بأكثر مما تستجيب لوعظ خالها، وفي يوم من الايام أخبرت مديرة البيت الاب مارينيان أن ابنة أخته قد اتخذت لنفسها عشيقاً فصاح الاب: كذب .. كذب!!.
ولكن المرأة التي أخبرته بذلك قالت: ليعاقبني الله إن كنت أكذب يا سيدي القس . . إنهما يتقابلان كل ليلة بجانب النهر، وما عليك إلا أن تذهب إلى هناك ما بين الساعة العاشرة ومنتصف الليل، وفي موجة من الشعور بالحزن والخيبة والعار وخدش الكرامة أخذ القس عصا في يده من خشب البلوط وخرج من بيته، ولكنه ما لبث أن توقف عند الباب مبهوتاً مأخذواً بجمال الطبيعة.
وكان بهاء القمر رائعاً روعة نادرة، وشعر الرجل فجأة أن جمال الليل وجماله وبهاءه قد حرك قلبه، وفي حديقته الصغيرة التي سبحت في ضياء باهت عكست أشجار الفواكه ظلالها على ممر أغصان رقيقة من الخشب تكسوها الخضرة، ومن الزهور المتسلقة على الحائط انبعثت رائحة جميلة، وسار الرجل ببطء مسحوراً مبهوراً حتى كاد ينسى ابنة أخته، وعندما وصل إلى بقعة عالية قف ويرقب الوادي بأجمعه وبهاء القمر يحتضنه، وسحر الليل الهادئ الجميل يغرقه ... واستمر الاب يمشي وهو لا يعرف لم تخلت عنه شجاعته! وود لو يجلس أو يتوقف حيث هو ليحمد الله على ما صنعت يداه، وهناك في طرف المرعى رأى ظلان يمشيان جنباً إلى جنب تحت الاشجار المتعانقة الغارقة في الضباب الفضي.
كان الرجل هو الاطول، وقد لف ذراعه حول عنق حبيبته، ومن وقت لآخر كان يقبلها في جبينها، وفجأة دبت الحياة في الطبيعة المهجورة التي أحاطت بهما وكأن الطبيعة نفسها إطار إلهي صنع خصيصاً من أجلهما، وبدأ الشخصان كأنهما كائن واحد، هو الكائن الذي خلق من أجله الليل الهادئ الساكن، واقتربا من القس كأنهما إجابة حية على سؤاله الذي ألقاه على نفسه في بداية القصة، إجابة بعث بها إلى ربه الاعلى ... وإذ ذاك كان الاب "مارينيان" يلقي على نفسه سؤالاً آخر:
ألم أكن على وشك الخروج على طاعة الله؟، لو لم يكن الله يرضى عن الحب لما أحاطه بمثل هذا الإطار من الجمال والسحر والبهجة والعظمة!!.
وهرب الاب مذهولاً وهو يكاد يشعر بالخجل أو بالوجل، كما لو كان قد اجتاز هيكلاً مقدساً لا حق له في اجتيازه في تلك اللحظة!!
هذه القصة تصور لنا حدثاً متكاملاً له وحدته، وتصور لنا الشخصية وهي تعمل، وتصور لنا الفعل والفاعل والشخصية شيئاً واحداً لا يمكن تجزئته، ومن ثم نجحت هذه القصة نجاحاً كبيراً، وبصرف النظر عن كونها تشتمل على خبر تافه في ذاته، هو عبارة عن قسيس يدعى "الاب مارينيان" سمع أن ابنة أخته على علاقة أحد الشبان، فخرج ليضبطهما متلبسين بالجريمة، وتربص لهما في الحقوق والوديان، وبعد مدة رآها قادمة مع حبيبها تتهادى في ضوء القمر، فخجل من نفسه وعاد إلى بيته.
عنصر الفكرة أو المعنى:
إن تصور الحدث في القصة من البداية إلى الوسط ثم إلى النهاية لا يكفي لتطوير الحدث نفسه، لان الحدث عبارة عن تصوير الشخصية في القصة وهي تعمل، ثم إن تصوير الشخصيات في القصة وهي تعمل لا يكفي كذلك لإحداث التكامل في القصة، فالتكامل في القصة أو الحدث هو تصوير الشخصية وهي تعمل عملاً معيناً له معنى أو فكرة تهدف إليها القصة، وليس المعنى أو الفكرة شيئاً مستقلاً عن الحدث يمكن أن نضيفه إليه متى أردنا، أو نفصله عنه كيفما شئنا؛ فنقول مثلاً: إن هذه القصة تعالج مشكلة الفقر، أو تثبت أن الفضيلة أقوى من الرذيلة، ومعنى ذلك باختصار شديد أن الحدث والمعنى أو الفكرة في القصة وحدة لا تتجزأ.
انظر إلى القصة السابقة "في ضوء القمر" تجد أن الحدث له بداية، ووسط، ونهاية، وتجد أن المعنى أو الفكرة والحدث وحدة لا تتجزأ إلى أجزاء يمكن أن ينفصل بعضها عن الآخر، ومن ثم أصبح هذا الحدث متكاملاً، والوحدة بينه وبين المعنى تامة، وليست مفروضة عليه بصورة من الصور، وهذا المعنى هو أن الله تعالى يرضى عن الحب، والكاتب هنا لا يعبر عن هذا المعنى وشكل إخباري بحت، وإنما يعبر عنه في شكل فني هو عبارة عن حدث بنمو في القصة شيئاً فشيئاً حتى تؤدي إلى المعنى الذي كتبت من أجله القصة.
لحظة التنوير:
لكي تكمل للقصة القصيرة مقوماتها الفنية المطلوبة يجب أن تصور حدثاً متكاملاً يجلو موقفاً من المواقف الإنسانية كما قلنا.
إن كاتب القصة القصيرة لا يسرد تاريخ أحد من الناس، ولا يلقى أضواء مختلفة على أجداث كثيرة، ولا يكشف عن زاويا متعددة للأحداث والشخصيات، كما يفعل كاتب القصة الطويلة أو الرواية، بل ينظر إلى الحدث من زاوية معينة لا من عدة زوايا، ويلقى عليه ضوءاً معيناً، لا عدة أضواء، ويهتم بتصوير موقف معين في حياة فرد أو جماعة، لا بتصوير الحياة كلها .. فالنهاية في القصة القصيرة تكتسب أهمية خاصة، لأنها النقطة التي تجمعت فيها خيوط الحدث كلها، وبها يكتسب الحدث نفسه معنى وفكرة، ولذا سميت هذه النقطة: "لحظة التنوير" .
وبالقصة التي ضربنا بها المثل، وهي قصة "في ضوء القمر" نجد لحظة التنوير، وقد عبر عنها الكاتب في قوله:
"وفجأة خيل إلى القس أن الحياة قد دبت في الطبيعة المهجورة التي أحاطت بالفتى والفتاة وكأنها أي وكأن هذه الطبيعة الحية إطار إلهي صنع خصيصاً من أجلهما، واقتربا من القس كأنهما إجابة حية على سؤاله، إجابة بعث بها إليه ربه الاعلى، وقال الاب على الفور: ربما خلق الله مثل هذا الجمال إطار لمثله الاعلى "وهو حب الإنسان"، وتراجع بعيداً عن الحبيبين وهو يكاد يشعر بالحياء والخجل كما لو كان قد اجتاز معبداً لا حق له في اجتيازه" .
____________________
(1) رشاد رشدي "القصة القصيرة" من ص 41 – 48 بتصرف.