الجغرافية الطبيعية
الجغرافية الحيوية
جغرافية النبات
جغرافية الحيوان
الجغرافية الفلكية
الجغرافية المناخية
جغرافية المياه
جغرافية البحار والمحيطات
جغرافية التربة
جغرافية التضاريس
الجيولوجيا
الجيومورفولوجيا
الجغرافية البشرية
الجغرافية الاجتماعية
جغرافية السكان
جغرافية العمران
جغرافية المدن
جغرافية الريف
جغرافية الجريمة
جغرافية الخدمات
الجغرافية الاقتصادية
الجغرافية الزراعية
الجغرافية الصناعية
الجغرافية السياحية
جغرافية النقل
جغرافية التجارة
جغرافية الطاقة
جغرافية التعدين
الجغرافية التاريخية
الجغرافية الحضارية
الجغرافية السياسية و الانتخابات
الجغرافية العسكرية
الجغرافية الثقافية
الجغرافية الطبية
جغرافية التنمية
جغرافية التخطيط
جغرافية الفكر الجغرافي
جغرافية المخاطر
جغرافية الاسماء
جغرافية السلالات
الجغرافية الاقليمية
جغرافية الخرائط
الاتجاهات الحديثة في الجغرافية
نظام الاستشعار عن بعد
نظام المعلومات الجغرافية (GIS)
نظام تحديد المواقع العالمي(GPS)
الجغرافية التطبيقية
جغرافية البيئة والتلوث
جغرافية العالم الاسلامي
الاطالس
معلومات جغرافية عامة
مناهج البحث الجغرافي
نظريات التركيب الداخلي للمدن - نظرية الدوائر المتراكزة
المؤلف: فؤاد بن غضبان
المصدر: مدخل الى التخطيط الاقليمي والحضري
الجزء والصفحة: ص 181- 188
2023-03-18
2652
نظريات التركيب الداخلي للمدن: مر تخطيط المدن بمراحل مختلفة، وارتبط بها عدد من النظريات التي تختلف فيما بينها باختلاف المرحلة الزمنية التي يمر بها تخطيط المدن، وتباين مشاكل المدن من مرحلة لأخرى، ومن بيئة لأخرى، وحتى اختلاف تخصصات الباحثين الذين صاغوها ، وهوما ينعكس على اختلاف وتباين أهداف التخطيط الحضري، وتتمثل هذه النظريات في ما يلي:
نظرية الدوائر المتراكزة:
صاحب هذه النظرية هو العالم الاجتماعي " E. W. BURGESS" والتي تقدم بها سنة 1925 بعد دراسته للتركيب الداخلي لمدينة "شيكاغو" بالولايات المتحدة الأمريكية، واستنتج هذه النظرية التي تنص على أن نمو المدن يحدث بشكل دوائر متداخلة مشتركة المركز، واعتبر أن هذا النموذج من النمو ينطبق على كل المدن وخاصة الكبرى منها.
وقد حدد خمس (05) مناطق دائرية شكل (14)، تضم الأولى قلب المدينة وكذا المنطقة التجارية المركزية وبعض الصناعات الخفيفة، والثانية اعتبرها منطقة انتقالية، والثالثة هي منطقة سكن العمال ذوو الدخول المنخفضة، والرابعة فهي منطقة المساكن ذات النوعية المتوسطة، أما المنطقة الخامسة فهي منطقة الذهاب والإياب وكذا منطقة سكن الطبقات الراقية. وتختلف هذه المناطق في اتساعها، حيث تنمو المدينة وتتطور من الداخل إلى الخارج بفعل الضغط المتولد عن نمو المنطقة التجارية والصناعية على المنطقة السكنية، بالإضافة غلى نمو هذه المنطقة عند الأطراف ورغبة سكانها في الابتعاد عن مركز المدينة الصاخب وقد صور عملية زحف المناطق بعضها على البعض الآخر بعملية غزو مستمرة إلى جميع الجهات.
وفيما يلي سنحاول توضيح التوزيع الوظيفي في كل منطقة هذه حسب النظرية :
المنطقة الأولى: المنطقة التجارية المركزية:
تحتل هذه المنطقة المركز المدينة الجغرافي والتاريخي)، تصب فيها كل خطوط النقل الداخلي في المدينة، وتستقطب عدد كبير من المحلات التجارية والفنادق والمسارح ودور السينما والبنوك والمباني الحكومية، بالإضافة إلى عيادات الأطباء ومكاتب المحامين، والوراقات والمكتبات... والعديد من الخدمات الأخرى ونتيجة لهذا التركز فقد أطلق عليها "المنطقة التجارية المركزية"، كما أنها تتميز بارتفاع المسقط الرأسي للعمارات فيها، نظرًا لارتفاع أسعار الأرض بشكل كبير مما يدفع إلى التوسع العمودي بزيادة عدد الطوابق في العمارات.
وتتميز أطراف هذه المنطقة بتنوع وظائفها واختلاطها، حيث تتواجد فيها محلات تجارة التجزئة وتجارة الجملة، ومخازن البضائع المختلفة، كما تنتشر فيها بعض الصناعات الخفيفة في شكل ورشات بسيطة، مع الإشارة إلى أن هذه البنية تظهر بشكل واضح في المدن الكبيرة، وفي المدن الساحلية يكون ميناء المدينة ضمن هذه الأطراف أين تتركز محلات تجارة الجملة بشكل كبير.
المنطقة الثانية: المنطقة الانتقالية:
تعتبر هذه المنطقة انتقالية لأنها تجمع بين خصائص المنطقة الأولى "المنطقة التجارية المركزية وخصائص المنطقة الثالثة "منطقة سكن العمال"، حيث تتعرض هذه المنطقة عندما تتوسع المدينة إلى غزو المؤسسات التجارية والصناعات الخفيفة الموجودة على أطراف المنطقة الأولى، ولهذا تصبح المساكن قديمة ومتدهورة وتسكنها الأسر ذات الدخول الضعيفة، وتنشر فيها مساكن الإيجار، كما تظهر فيها المباني الحكومية بالإضافة إلى المؤسسات التجارية والاجتماعية، وتكثر فيها المساكن التي هجرها أصحابها بعد تحسن مستواهم المعيشي، وعلى الرغم من ذلك فإن أسعار الأرض فيها تبقى مرتفعة، وأصحاب العقارات والمساكن لا يقومون بترميم الأبنية القديمة لأنها تدر علهم أرباحا طائلة.
المنطقة الثالثة: منطقة سكن العمال:
يسكن في هذه المنطقة بشكل عام العُمال والموظفون من ذوي الدخول المنخفضة، إذ يُفضل هؤلاء العمال والموظفون السكن بالقرب من أماكن عملهم، لتسهيل تنقلاتهم سيراً" على الأقدام بين مقر السكن وأماكن العمل دون استخدام أي نوع من وسائط النقل، الأمر الذي يسمح لهم بتوفير أجرة التنقل والوصول إلى مساكنهم في وقت أبكر, بالإضافة إلى ذلك، تحتوي هذه المنطقة على محلات التجارة بالتجزئة بتوزيع مبعثر دون أن يكون لها سوق خاصة بها، وتنشط هذه المحلات التجارة في تلبية احتياجات السكان المقيمين بهذه المنطقة.
المنطقة الرابعة : منطقة السكن المتوسط:
تضم هذه المنطقة المساكن الموجهة لأصحاب الأعمال التجارية وذوي المهن الحرة ... وغيرهم، بالإضافة إلى الأغنياء وذلك في مساكن مستقلة تحيط بها حدائق ومساحات خضراء، أما الغالبية العظمى من سكان هذه المنطقة فهي تقطن في شقق سكنية بعمارات متعددة الطوابق، كما تحتوي هذه المنطقة على العديد من المساحات الخضراء التي يقصدها سكان العمارات خاصة أولئك الذين لا يتمكنون من التنقل إلى أماكن بعيدة لقضاء أوقات فراغهم، بالإضافة إلى تواجد بعض المراكز التجارية المحلية وخاصة بعض المؤسسات التي تقدم الخدمات التجارية ذات الاستهلاك المحلي اليومي للسكان.
المنطقة الخامسة: منطقة الذهاب والإياب:
هي أبعد المناطق عن مركز المدينة لأنها آخر الحلقات، وتتكون من مجموعة من المدن الصغيرة والضواحي التي يسكن فيها فئات سكانية متباينة في طبقاتها الاجتماعية، ويستخدم سكان هذه المنطقة في تنقلاتهم المختلفة وسائل النقل الخاصة بهم سيارة خاصة) ، ونادرًا ما يعتمدون على وسائل النقل العمومي.
وبالرغم لما قدمته نظرية " E. W. BURGESS" في تفسير نمو المدن وتوضيح تركيبها الداخلي، إلا أنها تعد من النظريات القديمة، فهي تعود إلى أكثر من ثلاثة أرباع قرن أين كانت وسائل النقل وتقنيات المواصلات أقل كفاءة مما هي. عليه الآن، إلا أنها ما تزال تكتسب أهمية بالغة خاصة لدى علماء الاجتماع الذين يرون أن القطاعات الخمسة ما تزال قائمة في المدن حتى اليوم حتى وأنها قد تعرضت إلى بعض التشويه في كثير من المدن، وفي مقابل ذلك نجد علماء آخرين خاصة في الجغرافية الحضرية والتخطيط الحضري يعارضون هذه النظرية وينتقدونها لجملة من الأسباب، لعل أهمها :
1- إهمال "W. BURGESS ... للعوامل الطبيعية الموضعية والتي بإمكانها أن تشكل عائقاً في نمو المدن من جميع الجهات بنفس السرعة والدرجة، فقد توجد الأنهار أو البحيرات أو المستنقعات أو الجبال أو الأودية...، مما يجعل هذه القطاعات أن تتحول إلى أشكال أخرى غير دائرية، وحتى "E. W. BURESS" نفسه عند تطبيقه لنظريته على مدينة شيكاغو في الولايات المتحدة الأمريكية وجد أن بحيرة "مشيغين" جعلت الدوائر تظهر على شكل دوائر غير مكتملة بعضها مع بعض، حيث يظهر تشوه الشكل الدائري في نظرية الدوائر المتراكزة بسبب وجود بحيرة "مشيغين" إلى الشرق من مدينة شيكاغو.
2- انحصرت دراسة "E. W. BURGESS على مدينة واحدة وهي مدينة شيكاغو، ثم عمم استنتاجه على بقية المدن، وهذا يعتبر غير صحيح لان لكل مدينة خصائصها ومميزاتها والعوامل المؤثرة في نموها وتطورها وكذلك بالنسبة إلى بنيتها الداخلية وتوزيع الوظائف فيها.
3- يمكن للصناعات الخفيفة أن تنشأ على أطراف المدينة وليس حتمًا في أطراف المنطقة الثانية والحدود الداخلية للمنطقة الثالثة أي أنها تتوسط الأحياء السكنية، ومن جانب آخر فقد أهمل " .E. W. "BURGESS وجود الصناعات الثقيلة التي يمكن أن تنشأ على أطراف المدينة، أو عند توزيعات خطوط السكك الحديدية وطرق المواصلات البرية أو بالقرب من بحيرة "ميشغين" كما هو الحال في مدينة شيكاغو.
4- من النادر وغير الواقعي أن يتخذ نمو المدن داخل حدودها أشكالاً هندسية دائرية منتظمة، أو حتى غير دائرية، ولكن من الممكن أن يأخذ أشكالاً متباينة في صغرها أو كبرها أو حتى في مظاهرها الشكلي .
5- لم يراع BURGESS. E. W. الأثر الذي يمكن أن تحدثه وسائل المواصلات الحديثة في تغيير الشكل الذي يأخذه النمو الحضري للمدن، سواء من حيث استخدامات الأراضي داخلها أو من حيث الشكل الذي يأخذه هذا التوسع بامتداده على محاور طرق المواصلات وابتعاده عن الأماكن التي تبعد عن محاور الطرق.
لذلك فإن نمو المدن تتحكم فيه جملة من العوامل، وليس بالضرورة أن يكون على شكل دوائر متراكزة ومنتظمة بل يمكن أن يأخذ أشكالاً مختلفة، كما يمكن أن تؤثر في هذا النمو العوامل البشرية خاصة من ناحية استخدامات الأرض وتوزيع الوظائف الحضرية، الأمر الذي يجعلها لا تتطابق مع ما جاء به E. W. BURGESS" في نظريته.