x

هدف البحث

بحث في العناوين

بحث في المحتوى

بحث في اسماء الكتب

بحث في اسماء المؤلفين

اختر القسم

القرآن الكريم
الفقه واصوله
العقائد الاسلامية
سيرة الرسول وآله
علم الرجال والحديث
الأخلاق والأدعية
اللغة العربية وعلومها
الأدب العربي
الأسرة والمجتمع
التاريخ
الجغرافية
الادارة والاقتصاد
القانون
الزراعة
علم الفيزياء
علم الكيمياء
علم الأحياء
الرياضيات
الهندسة المدنية
الأعلام
اللغة الأنكليزية

موافق

الحياة الاسرية

الزوج و الزوجة

الآباء والأمهات

الأبناء

مقبلون على الزواج

مشاكل و حلول

الطفولة

المراهقة والشباب

المرأة حقوق وواجبات

المجتمع و قضاياه

البيئة

آداب عامة

الوطن والسياسة

النظام المالي والانتاج

التنمية البشرية

التربية والتعليم

التربية الروحية والدينية

التربية الصحية والبدنية والجنسية

التربية العلمية والفكرية والثقافية

التربية النفسية والعاطفية

مفاهيم ونظم تربوية

معلومات عامة

الاسرة بيت النور الالهي

المؤلف:  السيد محمد تقي المدرسي

المصدر:  المرأة بين مهام الحياة ومسؤوليات الرسالة

الجزء والصفحة:  ص87ــ97

12/10/2022

1254

الدين الاسلامي الحنيف منظومة متكاملة من القيم المثلى التي اوحى الله سبحانه وتعالى بها الى البشرية، لتسعد في الدنيا وتفلح في الآخرة. فهي تتكامل وتتسامى عبر هذه القيم، ولكن هذه القيم لابد لها من ظرف يستوعبها ومن اطار يصونها ومن سور يحافظ عليها، ومن دون ذلك يكون من الصعب او المستحيل تصور ديمومة هذه القيم او بقائها. فالبيت لا يمكن تصوره من دون سور او سقف يحافظ عليه.

فيا ترى؛ ما هو سور القيم وقواعده؟

وقبل الاجابة على هذا السؤال، أود الاشارة هنا الى جملة من تلك القيم؛ فأقول اولا: ان توحيد الله وعدم الشرك به، وضرورة ان تكون للإنسان حرمة وكرامة، وفريضة التطلع الدائم للإنسان نحو السمو والتقدم، وان يعيش المرء مع الآخرين ويتعاون معهم ضمن أطر مشتركة.. هذه وامثالها تعد في مقدمة القيم المثلى التي نتحدث عنها في مقامنا هذا، حيث تكون بمجموعها نظاما مثاليا، الهدف منه صيانة الانسان وتحصينه دون الوقوع في الخطأ، واتجاهه نحو الانحراف ومن ثم الابتعاد عن خالقه عز وجل.

أما الحديث عما يحافظ على القيم وعما يمنحها مزيداً من المصداقية والاستمرارية؛ فأقول: إن أول عوامل المحافظة هو بيت الانسان وعائلته، ومحيطه الاسري والتربوي. فمن يتنامى في المحيط العائلي الطيب، يكون قد أحرز أول عوامل الصيانة لقيمه دون الانهيار. في حين إن من يعيش بلا بيت وبلا أسرة او يرفض الانتماء الى الأب او الى الأم او إلى كليهما معاً، سيكون من الصعب عليه وعلى الآخرين تصور كيفية محافظته على مبادئه المثلى، إن لم نقل إنه سيكون عديم المبادئ والقيم، إلا من رحم ربك. فكيف سيمكنه ان يفهم القيم، وأين سيتعلم قيمة التعاون، واين سيعي قيمة العمل المشرك، وأين سيفهم مبدأ احترام الكبير والشفقة على الصغير، واين سيتعلم أن عليه أن يكون إنساناً حضارياً ضمن مدنية يكون للآخرين حقوقهم وأدوارهم، ترى اين سيتعلم هذه القيم؟!

إنما يمكن تعلم وإدراك المثل العليا من خلال الأسرة والجو العائلي الحميد. وعلى هذا الاساس نجد القرآن الكريم قد أولى اهمية عظمى لدور العائلة والبيت في نشأة الانسان وتكوينه التربوي، وقد خص الله سبحانه وتعالى لهذا الشأن سورة كاملة، أطلق عليها اسم سورة النور. هذا الاسم المبارك والعجيب من بين مختلف اسماء السور القرآنية الأخرى، التي تفاوت واسم هذه السور تفاوتاً ملحوظاً، تبعاً لما يعلمه الله تبارك وتعالى من دور مميز للعائلة في صياغة الشخصية الانسانية ودفعها نحو السمو والتكامل، وهو الغرض الذي يعتبر بحق الهدف الأول لهبوط الوحي وبعث الرسل والانبياء.

ولماً كان البيت وكانت العائلة العنصر الاساس في المجتمع وفي بلورة الشخصية الانسانية، كان لابد من احاطته بقانون او مجموعة صارمة من القوانين تحول دون انهياره وتفتته. ولذلك فقد جاء في مطلع هذه السورة القرآنية المباركة قانوناً يقضي بإنزال العقوبة الشديدة بحق الزاني والزانية الذي يعتبر فعلهما رمزاً قبيحاً لتشتت الأسرة. فكان قانون الجلد، ثم قانون الرجم الذي نصت عليه السنة النبوية المفسرة للقانون الأول تبعاً، حيث يشهد المؤمنون تنفيذ عقوبة الجلد، او يشاركون عملياً في انزال عقوبة الرجم، حيث يضيع دم المرجوم بينهم جميعاً. والعلة في ذلك، ان هذا الانسان قد تجاوز وانتهك اعظم الحرمات، وهي حرمة البيت والأسرة.

لقد وصف ربنا سبحانه وتعالى البيت الذي تنمو فيه القيم المثلى، كقيم الصلاة والزكاة والاخلاص لوجهه الكريم، يصفه كأنه المشكاة، حيث يتجلى فيه نور العبادة والعلم والحكمة، فيقول تعالى: {اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ الْمِصْبَاحُ فِي زُجَاجَةٍ الزُّجَاجَةُ كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ يُوقَدُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبَارَكَةٍ زَيْتُونَةٍ لَا شَرْقِيَّةٍ وَلَا غَرْبِيَّةٍ يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ نُورٌ عَلَى نُورٍ يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشَاءُ وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ * فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ} [النور: 35، 36].

إن النموذج الأسمى لهذه البيوت المليئة بالنور والهدى الالهي المبارك، هو بيت الرسالة؛ بيت نبينا محمد وأهل بيته علي وفاطمة والحسن والحسين صلوات الله وسلامه عليهم اجمعين. فهذا البيت هو المصباح، وهو المشكاة، وهو مركز النور الالهي في الكون. وإنما كان كذلك، لأن فيه كان التسبيح لله بالغدو والآصال، وكان فيه {رِجَالٌ لَا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ} [النور: 37].

وإذا كان الشرك دناءة ورجس ودنس في الانسان، فان ما يقابله هو طهارة الايمان، والايمان لا يكون إلا بالتسبيح.

إن القرآن الكريم لا يعبر بالقول، إن رجال الله لا تجارة لهم ولا بيع، وإنهم يعكفون في الكهوف للعبادة، وإنما يقول بالحرف الواحد: {رِجَالٌ لَا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ..}. فهم رجال في عمق الواقع وصميم المجتمع وتيار الاقتصاد، ولكن وجودهم هذا لا يلهيهم عن أن يكونوا مؤمنين.

فهم إذن رجال اثبتوا جدارتهم وشخصيتهم المثلى في أن يمتلكوا المال ويزاولوا التجارة دون ان يمتلكهم المال او تسيرهم العمليات التجارية. وهم حتى في لحظة الربح والأخذ والعطاء يجعلون الله نصب اعينهم، فلا يغشون ولا يخادعون الناس ولا يغفلون عن ذكر الله، بل وفوق ذلك وأسمى انهم يعتبرون الصدق في المعاملة وسيلة الى التقرب نحو الله، وخطوة عملية في قاعدة ذكر الله الدائم. هذا فضلاً عن كونهم لا يغفلون عن العبادة، ولا يتكاسلون عنها إذا ما حل بهم وقت الصلاة، فلكل أمر وقته. مما يوحي ان هؤلاء الرجال يمتازون بالوعي الثاقب ونظم الامور، وبالتالي فهم شخصيات حضارية لا تزيلهم الزلازل عن مواقعهم التي رسمها الله لهم. وهؤلاء الرجال لما كانوا عديمي التأثر بغرور الدنيا عبر الضروريات فيها - وهي التجارة والبيع وكسب المال - فإنه من الطبيعي جداً تصور كونهم عديمي التأثر بتوافه الأمور الدنيوية كالغناء والافلام سيئة الصيت والتلفزيون والصحافة المبتذلة والاهتمام بمدح هذا أو ذم ذاك عبر وسائل الإعلام الشيطانية. فهذه إنما موقعها موقع الكماليات في حركة الحياة.

والقرآن يبين السبب في ذلك كله، فيقول: {يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ} [النور: 37]. فترى جسد احدهم في الاسواق او في العمل السياسي او الاجتماعي، لكن قلبه وهدفه متعلقان بغاية أسمى وأنبل من ذلك بكثير، ألا وهي القيامة، حيث يومذاك تتقلب فيه القلوب والأبصار. التقلب الذي يعني الانقلاب والعودة الى الحقيقة، فكم من امرئ فاسد كان قد خدع الآخرين وخدع نفسه فأظهر الورع والصلاح وكسب من ذلك ما كسب في الدنيا، وكم من امرى كان يرتكب من السيات ما يرتكب وهو يحسب انه يحسن صنعاً.. غير أن الانقلاب والعودة الى الحقيقة، ثم الكشف عن السرائر موعده في يوم القيامة. ورجال الله المؤمنين إنما يهجرون السيئات خوفاً من يوم الاعلان الأكبر عن الضمائر وما أخفته الصدور، فهم لا يخادعون الله، وانما يخادعون الشيطان، ويصبرون على ارتكاب السيئات والاخطاء والجرائم تحسباً من ذلك اليوم العظيم.

إن رجال الله لم يصبحوا على ما هم عليه إلا بعد ان كانت تربيتهم تربية سليمة؛ بمعنى أن آباءهم وأمهاتهم قد وفروا لهم مستلزمات الوعي السليم للاتجاه الديني والإيماني. فكلما كانت الاسرة أقرب الى هدى الوحي والى تعاليم اهل البيت عليهم السلام، كلما كانت مركزاً ومحوراً لنور الله تبارك وتعالى. وكلما ابتعدت عن تعاليم الوحي، كلما طمست في أوحال الجاهلية. ودرجة القرب او الابتعاد المشار اليهما، بمثابة عنوان ضمان صلاح او فساد الأطفال في المستقبل.

وإزاء ذلك؛ فلينظر الأب ولتنظر الأم الى من يكلان اولادهما، هل يكلانهم لصانعي افلام الصور المتحركة والأفلام المستهجنة وما يقف خلفها من نوايا وثقافة شريرة غايتها الأولى والأخيرة تحطيم النفوس والارواح والحضارات؟

من هنا لابد لنا من وقفة مع أنفسنا، لنفكر ثم نقرر ماذا نريد لجيلنا الجديد ونشئنا القادم، ولنتعرف الى مسؤوليتنا تجاهه. وقبل هذا وذاك ينبغي ان نضع نصب اعيننا القدوة الحسنة والنموذج السيئ، ثم نختار لأولادنا ما أمرنا الله ان نختار. فهذا بيت فاطمة الزهراء سلام الله عليها الذي ضربه الله لنا مثلاً بالنور والكرامة، وذاك بيت ابي سفيان الذي وصفه الله بالشجرة الخبيثة وضربه لنا مثلاً بالدناءة والفساد.. فلننظر ما نختار.

فإذا رأيتم رجالا يمارسون الغيبة والتهمة، مصابين بالكسل والتخلف ولا يفكرون بالدنيا ولا بالآخرة.. فعليكم ان تبحثوا عن الجذور، فإنكم ستجدونها في بيوتهم حتماً. وإذا رأيتم رجالاً متعافي النفوس، طيبي القلب، حسني السيرة والصورة.. فابحثوا ايضاً عن الجذور، فستجدونها في بيوتهم طبعاً.

وأروي لكم حادثة لمستها بنفسي فيما يخص حديثي هذا، وهي أنني كنت بمعية بعض الاصدقاء نقطع احد شوارع طهران فمررنا بالقرب من احدى مدارس الطالبات، ولماً كان الطريق ضيقاً مزدحماً بادرتنا بعض الطالبات بابتسامات السخرية نظراً الى ان من كان في السيارة كان معمماً روحانياً، فما كان مني إلا أن اقول: سبحان الله متعجباً لاحتمال أن تكون هذه الطالبة او تلك أماً، وكيف سيكون مستقبل اولادها. فالبنات اللاتي تراهن اليوم في الشوارع والأزقة وقد سلب الحياء من عيونهن، ترى كيف سيصبحن أمهات صالحات ليتحملن مسؤولياتهن إزاء الجيل الجديد؟ ولقد تأكدت أن امثالهن لا يزمعن ان يكن امهات ولا يفكرن في يوم من الأيام ان يفضن على ابنائهن او بناتهن بالمحبة والحنان. فالقضية سالبة بانتفاء الموضوع كما يعبر المنطقيون، تبعاً الى انهن بدورهن قد حرمن من شعور آبائهن او امهاتهن بالمسؤولية المقدسة تجاههن.

إن الاسرة مثل الخندق الاساسي والأخير فيما يخص موضوع الاهتمام الصالح والتربية السليمة للأولاد. فمعظم وسائل التربية كالمدارس والصحافة اليوم تدار ضمن خطط تسيل من ادمغة واضيعها الشهوة والانحراف والتضليل. وإذا كنا نعجز عن ادارة بيوتنا، فعلينا التأكد بأن كل شيء مائل الى الانهيار.

ولقد كنت اتحدث في مجلس ضم حوالي ثلاث مائة من النساء في مكة المكرمة مؤخرا، وقلت لهن بوضوح وصراحة: إن مسؤولية المرأة (الأم) في مجتمعنا المعاصر أهم وأخطر بدرجات من مسؤولية العلماء والخطباء والشخصيات الاجتماعية الاخرى. وذلك لأن حكوماتنا الظالمة وما يقف خلفها من دفع غربي جاهلي لم تبق لنا شيء. فالخطط والممارسات الجهنمية والشيطانية قد احلت واستولت على كل شيء، ولكن بقيت لنا الأسرة، وهي الآن تعزم على مصادرتها منا.

فإذا كانت المحطات التلفزيونية المدارية تلتقط ثلاثين شبكة مثلاً، فهي في الغد ستلتقط ثلاث مائة شبكة. وإذا كنا نرى وجود شبكة الانترنت في بعض البيوت، فسوف نراها في الغد قد غزت جميع البيوت. في ذلك سيبقى الشيء الوحيد المتبقي هو نظام الأسرة الصالح الذي من الممكن تطبيقه بعد المحافظة عليه، فكيف يتم إنجاز ذلك؟

أؤكد ان إنجاز هذه المهمة المقدسة يكون بملاحظة عدة امور، منها:

١/تكريس المحبة والعاطفة المتوازنة بين أفراد العائلة، وخلق الاحساس في نفوس الاولاد بان لديهم من يحبهم ويفيض عليهم الرحمة، وذلك بعد ان يكون الزوجان قد وفروا المودة والرحمة فيما بينهما، حتى تفيض هذه العلاقة على بقية الأفراد. وعلى هذا الاساس لا تجد او يندر ان تجد زوجين يتبادلان المودة والرحمة والصلاح ومن اولادهما من هو شقي تعس، وإذا كان كذلك فعليك البحث عن العلة في مكان آخر حتماً.. وعلى العكس فإنك تجد المجرمين يعانون من الفرقة الحاصلة من آبائهم وأمهاتهم.

إن تبادل المحبة والود لا يتأتى بين ليلة وضحاها، وإنما هو وليد الاحساس بالحقوق الفردية لكل من الزوج والزوجة، بالإضافة الى وعي الحقوق المشتركة وضرورة حل المشاكل بالطريقة السلمية ووعي أهمية تبادل الاحترام في كل صغيرة وكبيرة. وهذا لا يكون ما لم يسمو الزوج والزوجة بثقافتهما الدينية والانسانية، وإدراكهما لقوانين الدين والتجارب البشرية الصالحة فيما يخص هذا الشأن.

ولقد قال الدين كلمته الطيبة، وهي: "ما بني بناء في الاسلام أكثر بركة من بناء الاسرة والزواج. ولكن اعداء الحضارة الانسانية واعداء فطرة الانسان يسعون الى هدم هذا البناء عبر بث بعض الأفكار، من قبيل فكرة المساواة بين الرجل والمرأة ونبذ مبدأ القيمومة التي نص الله سبحانه عليها في القرآن، وعبر بث الفساد.. والهدف من كل ذلك ان يقدموا لنا نحن المسلمين المؤمنين بفطرة الله التي فطر الناس عليها، والمؤمنين بالنزاهة والطهارة؛ نموذجاً شيطانياً يقف وراءه هدف أقبح، وهو هدم الأسرة، فهدم المجتمع، فاستغلالنا.

٢/ ان يؤمن الآباء بضرورة الموازنة العادلة بين بذل الجهد في خارج المنزل وداخله، فضلاً عن ضرورة اعتقاده بأن توفير المحبة أهم بكثير من توفير الطعام. فمن الممكن مراوغة الطفل على جوعه الموقت، ولكن من المستحيل مراوغته على هجرة الأب له. ثم ليعرف الأب أولاً أنه مطالب بتربية أولاده، وهذه التربية لا تكون من دون التعرف الى خفايا نفسية اولاده بدقة متناهية، وعلى ضوء هذه المعرفة يمكن تربيته، وخلق الاستجابة لديه. أما اللجوء الى وسيلة الضرب في إطار التربية، فهي وسيلة اثبتت فشلها بمختلف الظروف والتجارب، اللهم إلا ان يكون فعلاً رمزياً تأديبياً يتبين للطفل القصد من ورائه. وإذا كان الأب يعي عدم جدوائية ممارسة العنف مع اولاده، ولكنه يعتبر ذلك عادة متأصلة في داخله، تبعاً لما تعرض هو بنفسه من قبل والديه. فعليه ان يطمئن الى أنه قد قطع خطوة كبيرة في هذا المجال، حيث انه قد حدد الداء، وعليه الآن أن يحدد الدواء، فيعود نفسه شيئاً فشيئاً، فيمرّنها على إدراك خطورة العنف، ثم ليبحث لنفسه عن متنفس آخر يتخلص فيها من عقده السابقة، وليتخلص ايضاً من مصاعب عمله اليومي خارج إطار الأسرة.

٣/ السعي الى ايجاد الجو الايجابي العام في البيت، وبث روح الايمان والتفاؤل والأمل فيه، عبر قراءة القرآن والأدعية في الصباح والقيام بالزيارة الدورية للأماكن المقدسة ومحالّ الترفية النزيهة عن الباطل، بالإضافة الى شراء الكتب الهادفة الى تكوين شخصية الطفل المعنوية كبديل ناجع بوجه الغزو الثقافي الذي تتعرض له ادمغة جيلنا الجديد.