اساسيات الاعلام
الاعلام
اللغة الاعلامية
اخلاقيات الاعلام
اقتصاديات الاعلام
التربية الاعلامية
الادارة والتخطيط الاعلامي
الاعلام المتخصص
الاعلام الدولي
رأي عام
الدعاية والحرب النفسية
التصوير
المعلوماتية
الإخراج
الإخراج الاذاعي والتلفزيوني
الإخراج الصحفي
مناهج البحث الاعلامي
وسائل الاتصال الجماهيري
علم النفس الاعلامي
مصطلحات أعلامية
الإعلان
السمعية والمرئية
التلفزيون
الاذاعة
اعداد وتقديم البرامج
الاستديو
الدراما
صوت والقاء
تحرير اذاعي
تقنيات اذاعية وتلفزيونية
صحافة اذاعية
فن المقابلة
فن المراسلة
سيناريو
اعلام جديد
الخبر الاذاعي
الصحافة
الصحف
المجلات
وكالات الاخبار
التحرير الصحفي
فن الخبر
التقرير الصحفي
التحرير
تاريخ الصحافة
الصحافة الالكترونية
المقال الصحفي
التحقيقات الصحفية
صحافة عربية
العلاقات العامة
العلاقات العامة
استراتيجيات العلاقات العامة وبرامجها
التطبيقات الميدانية للعلاقات العامة
العلاقات العامة التسويقية
العلاقات العامة الدولية
العلاقات العامة النوعية
العلاقات العامة الرقمية
الكتابة للعلاقات العامة
حملات العلاقات العامة
ادارة العلاقات العامة
الهرم المقلوب: الإعلام الاجتماعي وإعادة توزيع الأدوار
المؤلف: إسماعيل محمد عامر
المصدر: العلاقات العامة والتطور الرقمي
الجزء والصفحة: ص 60-64
12-8-2022
1339
الهرم المقلوب: الإعلام الاجتماعي وإعادة توزيع الأدوار
أدت كل هذه التحولات إلى بروز مشهد إعلامي جديد يمكن وصفه بالهرم الإعلامي المقلوب؛ وذلك من خلال بروز ظاهرة توزيع جديد للأدوار داخل المشهد الصحفي، فقد تقدمت شبكة الإنترنت على الصحافة المكتوبة ولسنا في حاجة إلى دليل اليوم الإثبات ذلك، لكن الذي يجب أن نهتم به هو أن شبكة الإنترنت تتقدم وبشكل حثيث إلى ترك التليفزيون وراءها كمصدر للأخبار، من قال يوما: إن التليفزيون الذي اجتمع فيه الصوت والصورة وبالألوان وعبر البث الحي والمباشر والمتوفرة مشاهدته في كل مكان سيصبح علبة ديكور في الصالونات لا أكثر ولا أقل؟ نعم، لقد أصبح التليفزيون في أكثر من دولة غربية وفي أميركا الشمالية ظاهرة على هذا النحو، في دراسة أميركية حول استعمالات وسائل الإعلام من قبل الجمهور، تبين أن هجرة مكثفة يعيشها المجتمع الأميركي منذ عشرية نحو شبكة الإنترنت، فنسبة 53% من الوقت الذي يقضيه الأميركي مستعمر الإنترنت يفرده للاطلاع على المضامين، و7% للبريد الإلكتروني، و23% لشبكات التواصل الاجتماعي. وتظهر هذه الأرقام أثر المنافسة الشديدة التي تحدثها شبكة الإنترنت البقية وسائل الإعلام التقليدية. إنه إعلان عن إعادة صياغة لكل الإشكالات التقليدية التي لها علاقة باقتصاد الإعلام وماهية مستقبل اقتصاديات الإعلام الرقمي تحديدا.
في أغلب الدراسات المتصلة بالإعلام الجديد، ومنها ما يتعلق باستعمالات الفيديو، تشير إلى أن %70 من الزيارات على الإنترنت ستكون من نصيب محتوى الفيديو، وذلك في أفق 2021، وأن السيطرة ستعود إلى منصة موقع "اليوتيوب" الذي يستهلك ما بين 50 و70% من مجموع المشاهدات على الهواتف الذكية، بينما يغطي "نيتفليكس" ما بين 10 و20 %، وتعتبر هذه النتيجة -تقنيا - منتظرة بحكم النمو المتسارع لجودة وقوة الفيديو وسرعة بثه وسيطرته المتزايدة على مواقع التواصل الاجتماعي، أما فيما يتصل بالتوزيع الزمني للمشاهدة والتصفح، فإن الوقت الذي يقضيه المراهقون أمام التليفزيون التقليدي قد انخفض إلى النصف، في وقت ارتفعت فيه نسبة مشاهدتهم للفيديو عبر الهواتف الذكية إلى 85%، ويبقى المراهقون، أكبر المستهلكين للفيديو؛ حيث زادت نسبة مشاهداتهم عبر الهواتف الذكية بنسبة 127% بين عامي 2014 و2015.
ولمزيد تشريح علاقة متغير السن بوسيلة الإعلام والشبكات، فإن الفئة العمرية التي تتراوح أعمارها بين 13 و24 سنة تستهلك المحتوى المشاهد من الإنترنت، خصوصا من " اليوتيوب "، بمعدل 11 ساعة في الأسبوع، بنسبة 96% من مجموعة محتوى الفيديو المشاهد.
في المقابل، يبقى الأشخاص الذين تتراوح أعمارهم بين 30 و35 سنة يقضون أربع ساعات أكثر من المراهقين أمام التليفزيون التقليدي، وعلى سبيل المثال، فإنه، وفي أفق 2021، سيستهلك الأميركي ما يعادل 22 غيغابايت من البيانات عبر الهاتف الذكي كل شهر، وذلك في أنشطة أغلبها مرتبط بمشاهدة الفيديو، هكذا، أصبحنا إعلاميا أمام هرم مقلوب وفي ظرف أقل من قرن، فبعد أن كانت الصحافة في سنة 1916 هي وسيلة الاتصال الجماهيري، ومع الحرب العالمية الثانية الإذاعة، وفي الستينات والسبعينات كانت السطوة للتليفزيون، ها نحن اليوم أمام هرم مقلوب لنجد الصحافة المكتوبة في أسفل الهرم وشبكة الإنترنت في أعلاه ، إن كل هذه التحولات ليست خاصية الولايات المتحدة الأميركية، ففي فرنسا أيضا ومن خلال الجدول الآتي يستقي 53 % من الفرنسيين أخبارهم من الإنترنت في حين للصحافة اليومية 5% فقط من اهتمامات رواد وسائل الإعلام.
الجدول رقم (2) يوضح نسبة استعمالات الفرنسيين لوسائل الإعلام طبقا للمحمل
وتثير مسألة تعدد قنوات البث إشكالية شائكة لوسائل الإعلام، من قبيل: هل الانصهار الذي تعيشه وسائل الإعلام يؤذن بأن وسائل الإعلام هذه متجهة نحو الاندثار؟ ربما هنا علينا العودة إلى ما قاله أحد خبراء مايكروسفت سنة 2008 من أنه، وبعد عشر سنوات، لن تكون هناك وسائل إعلام مكتوبة، قائلا: " إننا لن نستهلك مستقبلا وسائل الإعلام إلا عن طريق موفر خدمة إنترنت، لن يكون هناك صحف أو مجلات كل شيء سيتحول بثه على هيئة نسخة إلكترونية ".
قد تكون هذه النبوءة قد تحقق نصفها وهو أنه لم تعد هناك نسخ ورقية بحتة كما أن صحفا ورقية قد تحولت كلا إلى نسخ إلكترونية، إن مثل هذا المشهد المتقلب ما زال محل أخذ ورد فكري ومعرفي حول تعريف وسيلة الإعلام، فحسب دومنيك فولتون (Dominique Wolton)، فإن الإنترنت ليس بوسيلة إعلام معتمدا على مرجعية أن وسيلة الإعلام تقوم على قاعدة عرضها للجمهور لمادة إعلامية في حين أن شبكة الإنترنت يذهب إليها المواطن للبحث عما يرغب فيه،
قد يكون هذا التعريف صالحا مع الجيل الأول من شبكة الإنترنت، لكن مع الإنترنت فقد أصبح محملا لتبادل الأخبار والمعلومات بل منصة تلتقي فيها فتتجمع المضامين التي يقدمها كل من الباث والمتلقي معا، لكن هل مع كل هذا يمكن اعتبار الإنترنت ميديا، فما هو إذن دور الهاتف الجوال وأجهزة الكومبيوتر؟
في هذا السياق، يصح القول: إن ليس كل ما يلمع ذهبا" الذي هو متل في إحالة على أنه ليس كل شخص ينشر خبرا هو بالضرورة صحفا وليس كل من يقدم أخبارا مجانية أو بمقابل هو بالضرورة مؤسسة صحفية وإعلامية.
إن النماذج الجديدة من البث والتي فرضها المعطي الرقمي قد طمست وبشكل كبير الحدود بين المضمون، والمحمل والنشر ووسيلة الإعلام، إن إعادة توزيع الأدوار هذه هي التي تفسر، وبشكل كبير، الأزمة الوجودية التي تعيشها وسائل الإعلام التقليدية، وتطرح هذه المسألة من جديد أي نموذج اقتصادي لتلك المؤسسات الإعلامية التقليدية، إن هذا المشهد الجديد يدفع الجميع إلى حالة من التخصص في مهن الإعلام والاتصال بين منتجي المضامين الإعلامية، ومن يتكفلون بتحميلها وآخرين ممن يسهرون على استقبالها عبر كل تلك المنصات الإلكترونية، إن مفهوم الميديا كما ترسخ وعهدناه في تقاليدنا (صحافة، إذاعة، تليفزيون...) هو بصدد إعادة الهيكلة، ومن مآثر كل هذه التغيرات هو الاتجاه نحو غلبة المضامين الإعلامية على الوسيلة، فكثيرا ما كان الانبهار بالوسيلة - تكنولوجيا - على الرسالة، أما مع شبكة الإنترنت فإن كل عناوين الصحف المكتوبة يلقى بها كليا أو جزئيا على الشبكة، إن بعض الصحف العريقة قد اختارت وبشكل نهائي الهجرة الكلية نحو النسخة الرقمية على شبكة الإنترنت، وتؤكد بذلك علوية المضامين على المحمل التي تعبر بها من العبور - إلى المتلقي، ويمكن هنا ذكر صحيفة لاتربيون (la Tribune) التي ظهرت في سنوات 1980، والتي اختارت هجرة المطبوع لصالح شبكة الإنترنت، وذلك منذ 2012، وهو نفس الاتجاه الذي اتخذته الصحيفة الأميركية العريقة، نيوزويك (Newsweek)، بسبب العراقيل المالية التي عاشتها. عربيا، يمكن ذكر جريدة السفير والتي قررت التوقف عن إصدار طبعتها الورقية في بداية 2017، الطريف في الأمر هو أن البعض أخذ اتجاها آخر معاكا يتمثل في تحويل النسخة الإلكترونية إلى نسخة ورقية؛ فموقع marmiton.org وبعد عشر سنوات على إطلاقه كموقع إلكتروني على الشبكة أصدر مجلة ورقية، كما توجد في الولايات المتحدة مواقع إلكترونية لها نسخ ورقية وليس كما هو سائد في بعض دول العالم من أنها صحف ورقية لها نسخة إلكترونية، كل هذه الأمثلة وغيرها مثيرة للتساؤل، وما هي إلا دلالة على أن الذي يتقدم في كل هذا السجال هو المحتوى قبل المحمل وأن المحدد هو تجربة المستخدم. على ضوء كل تلك الأمثلة، يبدو أنه حري بنا إثارة سؤال: ما هو مستقبل مفهوم الميديا أو وسيلة الإعلام؟ فوسائل الإعلام تبدو في الأصل كما كانت منذ بداياتها رغم حالة التحديث والسنة التي عاشتها وأنها ليست غاية في حين ذاتها بل هي بكل بساطة معرفية مجرد وسيط لكم هائل من الأخبار والمعلومات.
هكذا، تبدو الصحافة دائمة سليلة بيئتها وذلك بفعل ثورة الإنترنت والمعلومات؛ فما عاشته الصحافة المكتوبة من تطورات مختلفة وطيلة قرون من وجودها لم تعشه منذ ظهور شبكة الإنترنت فقد أحدثت هذه الأخيرة هزة عنيفة في إنتاج المعلومة والخبر وأشكال تلقيهما. يتميز إذن المشهد الصحفي الدولي ومنذ بداية هذا القرن وانطلاقا من العلاقة الجديدة بين الإنترنت وتقنيات نشر الأخبار بنوع من الضبابية المعرفية والمهنية، وهي ضبابية مبررة علميا، ويعود هذا التبرير إلى التطور المتسارع للاكتشافات التكنولوجية واقتصاداتها والتي تحدث بدورها أدورا اجتماعية بذات درجة سرعة تبلورها، ويمكن بيان ذلك من خلال الفرضيات والاستنتاجات المتضاربة وفي أكثر من سياق كلما تعمقنا في جوهر العلاقة القائمة أو المحتملة بين الصحافة والإنترنت.
في هذا السياق، يحق فعلا الحديث عن الصحافة الجديدة، أي صحافة ما بعد شبكة الإنترنت، والمقصود بالصحافة الجديدة ليس تلك القائمة فقط على قاعدة التلقي أي في مدى قبول أو رفض الآخر للرسالة الإعلامية التي تشكلها الصحافة في هيئتها الجديدة الرقمية والافتراضية، إن ما يحدد ماهية الصحافة الجديدة هو في الأصل كنيد داخلي علائقي في تفاعل مع الفضاء الخارجي، فالاهتمام بمخرجات الصحافة فقط يعزل قاعدة وبني تشكيل الخطاب الصحفي واليات الصراع والهيمنة داخل المجال الصحفي حسب تعبير بير بورديو (Pierre Bourdieu).
إن العناصر المكونة لماهية الصحافة الجديدة ليست فقط بفعل التقنية ولا هي بفعل العولمة ولا يمكن اختزالها في لوبيات المال والأعمال، إن كل هذه العناصر مجتمعة لا قيمة لها إلا إذا وضعناها في سياق أن الصحافة هي بالإضافة إلى كونها ظاهرة متفاعلة مع الآخر هي أيضا ظاهرة مستقلة لها نواميسها التي تحكمها سوسيولوجيا، فكيف يمكن فهم التقنية وشبكة الإنترنت وثورة الحواسيب إذا لم يسلط عليها إرث العلاقة التاريخية بين الصحافة والديمقراطية وبين الصحافة والرأي العام، بين الصحافة ونهضة التحديث في أوروبا منذ القرن الثامن عشر وحديثا الصحافة وشبكة الإنترنت.
كانت دراسات جمهور الصحافة التقليدية واتجاهات الرأي العام وصيغ تشكله إعلاميا من القضايا والمواضيع المثيرة للاهتمام في الغرب، وقد كانت تخصص للجمهور موازنات ضخمة وفرق متخصصة تشرف عليها مراكز علمية لامعة وذلك بهدف معرفة أثر وسائل الإعلام والصحافة على المجتمع وقياس أثرها على فئة محددة من المجتمع. وكانت نتائج هذه الدراسات تعتمد لسنوات عديدة كمرجع مهني وأكاديمي في سياق تطور الصحافة التقليدية الورقية. مع تحول الصحافة من الورقي إلى الرقمي وتحول الاتصال من الجماهيري إلى الشخصي فإن دراسات الاتصال الرقمي محدودة النتائج في الزمن، ويعود السبب إلى التغير المستمر للتقنية وللجمهور؛ فنتائج دراسات الصحافة الإلكترونية الرقمية يمكن اعتمادها بكثير من الحذر ففي كل يوم ينسحب جمهور ويأتي آخر وتتطور تقنية لتنثر أخرى، من جهة أخرى، وجب علينا عدم تجاهل حضور مقولات بسيطة تميز شبكة الإنترنت لكنها محددة مثل مقولة: إن الإنترنت لا حدود لها ولا وطن لها ولا جنسية لها، هكذا وجب علينا ألا نهلل مسرعين بأية نتيجة جاءت بها بحوث ذات صلة بتأثيرات وخصوصيات شبكة الإنترنت على فئة ما، بل أخذها في سياقها الاجتماعي والتاريخي؛ وهو ما يساعدنا على تجنب العديد من الأحكام المسبقة عن علاقة الإنترنت بوسائل الاتصال التقليدية مثل الصحافة وظاهرة كل من شبكات التواصل الاجتماعي والإعلام الاجتماعي، أي بعبارة أخرى إثارة سؤال: أية علاقة؟