1

المرجع الالكتروني للمعلوماتية

تأملات قرآنية

مصطلحات قرآنية

هل تعلم

علوم القرآن

أسباب النزول

التفسير والمفسرون

التفسير

مفهوم التفسير

التفسير الموضوعي

التأويل

مناهج التفسير

منهج تفسير القرآن بالقرآن

منهج التفسير الفقهي

منهج التفسير الأثري أو الروائي

منهج التفسير الإجتهادي

منهج التفسير الأدبي

منهج التفسير اللغوي

منهج التفسير العرفاني

منهج التفسير بالرأي

منهج التفسير العلمي

مواضيع عامة في المناهج

التفاسير وتراجم مفسريها

التفاسير

تراجم المفسرين

القراء والقراءات

القرآء

رأي المفسرين في القراءات

تحليل النص القرآني

أحكام التلاوة

تاريخ القرآن

جمع وتدوين القرآن

التحريف ونفيه عن القرآن

نزول القرآن

الناسخ والمنسوخ

المحكم والمتشابه

المكي والمدني

الأمثال في القرآن

فضائل السور

مواضيع عامة في علوم القرآن

فضائل اهل البيت القرآنية

الشفاء في القرآن

رسم وحركات القرآن

القسم في القرآن

اشباه ونظائر

آداب قراءة القرآن

الإعجاز القرآني

الوحي القرآني

الصرفة وموضوعاتها

الإعجاز الغيبي

الإعجاز العلمي والطبيعي

الإعجاز البلاغي والبياني

الإعجاز العددي

مواضيع إعجازية عامة

قصص قرآنية

قصص الأنبياء

قصة النبي ابراهيم وقومه

قصة النبي إدريس وقومه

قصة النبي اسماعيل

قصة النبي ذو الكفل

قصة النبي لوط وقومه

قصة النبي موسى وهارون وقومهم

قصة النبي داوود وقومه

قصة النبي زكريا وابنه يحيى

قصة النبي شعيب وقومه

قصة النبي سليمان وقومه

قصة النبي صالح وقومه

قصة النبي نوح وقومه

قصة النبي هود وقومه

قصة النبي إسحاق ويعقوب ويوسف

قصة النبي يونس وقومه

قصة النبي إلياس واليسع

قصة ذي القرنين وقصص أخرى

قصة نبي الله آدم

قصة نبي الله عيسى وقومه

قصة النبي أيوب وقومه

قصة النبي محمد صلى الله عليه وآله

سيرة النبي والائمة

سيرة الإمام المهدي ـ عليه السلام

سيرة الامام علي ـ عليه السلام

سيرة النبي محمد صلى الله عليه وآله

مواضيع عامة في سيرة النبي والأئمة

حضارات

مقالات عامة من التاريخ الإسلامي

العصر الجاهلي قبل الإسلام

اليهود

مواضيع عامة في القصص القرآنية

العقائد في القرآن

أصول

التوحيد

النبوة

العدل

الامامة

المعاد

سؤال وجواب

شبهات وردود

فرق واديان ومذاهب

الشفاعة والتوسل

مقالات عقائدية عامة

قضايا أخلاقية في القرآن الكريم

قضايا إجتماعية في القرآن الكريم

مقالات قرآنية

التفسير الجامع

حرف الألف

سورة آل عمران

سورة الأنعام

سورة الأعراف

سورة الأنفال

سورة إبراهيم

سورة الإسراء

سورة الأنبياء

سورة الأحزاب

سورة الأحقاف

سورة الإنسان

سورة الانفطار

سورة الإنشقاق

سورة الأعلى

سورة الإخلاص

حرف الباء

سورة البقرة

سورة البروج

سورة البلد

سورة البينة

حرف التاء

سورة التوبة

سورة التغابن

سورة التحريم

سورة التكوير

سورة التين

سورة التكاثر

حرف الجيم

سورة الجاثية

سورة الجمعة

سورة الجن

حرف الحاء

سورة الحجر

سورة الحج

سورة الحديد

سورة الحشر

سورة الحاقة

الحجرات

حرف الدال

سورة الدخان

حرف الذال

سورة الذاريات

حرف الراء

سورة الرعد

سورة الروم

سورة الرحمن

حرف الزاي

سورة الزمر

سورة الزخرف

سورة الزلزلة

حرف السين

سورة السجدة

سورة سبأ

حرف الشين

سورة الشعراء

سورة الشورى

سورة الشمس

سورة الشرح

حرف الصاد

سورة الصافات

سورة ص

سورة الصف

حرف الضاد

سورة الضحى

حرف الطاء

سورة طه

سورة الطور

سورة الطلاق

سورة الطارق

حرف العين

سورة العنكبوت

سورة عبس

سورة العلق

سورة العاديات

سورة العصر

حرف الغين

سورة غافر

سورة الغاشية

حرف الفاء

سورة الفاتحة

سورة الفرقان

سورة فاطر

سورة فصلت

سورة الفتح

سورة الفجر

سورة الفيل

سورة الفلق

حرف القاف

سورة القصص

سورة ق

سورة القمر

سورة القلم

سورة القيامة

سورة القدر

سورة القارعة

سورة قريش

حرف الكاف

سورة الكهف

سورة الكوثر

سورة الكافرون

حرف اللام

سورة لقمان

سورة الليل

حرف الميم

سورة المائدة

سورة مريم

سورة المؤمنين

سورة محمد

سورة المجادلة

سورة الممتحنة

سورة المنافقين

سورة المُلك

سورة المعارج

سورة المزمل

سورة المدثر

سورة المرسلات

سورة المطففين

سورة الماعون

سورة المسد

حرف النون

سورة النساء

سورة النحل

سورة النور

سورة النمل

سورة النجم

سورة نوح

سورة النبأ

سورة النازعات

سورة النصر

سورة الناس

حرف الهاء

سورة هود

سورة الهمزة

حرف الواو

سورة الواقعة

حرف الياء

سورة يونس

سورة يوسف

سورة يس

آيات الأحكام

العبادات

المعاملات

القرآن الكريم وعلومه : التفسير الجامع : حرف الشين : سورة الشورى :

تفسير الآية (23-26) من سورة الشورى

المؤلف:  إعداد : المرجع الإلكتروني للمعلوماتية

المصدر:  تفاسير الشيعة

الجزء والصفحة:  .....

26-8-2020

4596

قال تعالى : {ذَلِكَ الَّذِي يُبَشِّرُ اللَّهُ عِبَادَهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ قُلْ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى وَمَنْ يَقْتَرِفْ حَسَنَةً نَزِدْ لَهُ فِيهَا حُسْنًا إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ شَكُورٌ (23) أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا فَإِنْ يَشَإِ اللَّهُ يَخْتِمْ عَلَى قَلْبِكَ وَيَمْحُ اللَّهُ الْبَاطِلَ وَيُحِقُّ الْحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ (24) وَهُو الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُوعَنِ السَّيِّئَاتِ وَيَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ (25) وَيَسْتَجِيبُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَيَزِيدُهُمْ مِنْ فَضْلِهِ وَالْكَافِرُونَ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ } [الشورى : 23 - 26] .

 

تفسير مجمع البيان

- ذكر الطبرسي في تفسير هذه الآيات (1) :

 

{الذي يبشر الله} به {عباده الذين آمنوا وعملوا الصالحات} ليستعجلوا بذلك السرور في الدنيا من شدد الشين أراد به التكثير ومن خفف فلأنه يدل على القليل والكثير .

ثم قال سبحانه {قل} لهم يا محمد {لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى} اختلف في معناه على أقوال (أحدها) لا أسألكم على تبليغ الرسالة وتعليم الشريعة أجرا إلا التواد والتحاب فيما يقرب إلى الله تعالى من العمل الصالح عن الحسن والجبائي وأبي مسلم قالوا هو التقرب إلى الله تعالى والتودد إليه بالطاعة (وثانيها) أن معناه إلا أن تودوني في قرابتي منكم وتحفظوني لها عن ابن عباس وقتادة ومجاهد وجماعة قالوا وكل قريش كانت بينه وبين رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) قرابة وهذا لقريش خاصة والمعنى أن لم تودوني لأجل النبوة فودوني لأجل القرابة التي بيني وبينكم (وثالثها) أن معناه إلا أن تودوا قربتي وعترتي وتحفظوني فيهم عن علي بن الحسين (عليهما السلام) وسعيد بن جبير وعمرو بن شعيب وجماعة وهو المروي عن أبي جعفر وأبي عبد الله (عليه السلام) .

وأخبرنا السيد أبو الحمد مهدي بن نزار الحسيني قال أخبرنا الحاكم أبو القاسم الحسكاني قال حدثني القاضي أبوبكر الحميري قال أخبرنا أبو العباس الضبعي قال أخبرنا الحسن بن علي بن زياد السري قال أخبرنا يحيى بن عبد الحميد الحماني (2) قال : حدثنا حسين الأشتر قال : أخبرنا قيس عن الأعمش عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال لما نزلت {قل لا أسألكم عليه أجرا} الآية قالوا يا رسول الله من هؤلاء الذين أمرنا الله بمودتهم قال علي وفاطمة وولدهما .

وأخبرنا السيد أبو الحمد قال أخبرنا الحاكم أبو القاسم بالإسناد المذكور في كتاب شواهد التنزيل لقواعد التفصيل مرفوعا إلى أبي أمامة الباهلي قال : قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) ((إن الله تعالى خلق الأنبياء من أشجار شتى وخلقت أنا وعلي من شجرة واحدة فأنا أصلها وعلي فرعها وفاطمة لقاحها والحسن والحسين ثمارها وأشياعنا أوراقها فمن تعلق بغصن من أغصانها نجا ومن زاغ عنها هوى ولو أن عبدا عبد الله بين الصفا والمروة ألف عام ثم ألف عام ثم ألف عام حتى يصير كالشن البالي ثم لم يدرك محبتنا كبه الله على منخريه في النار)) ثم تلا {قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى} وروى زاذان عن علي (عليه السلام) قال فينا في آل حم آية لا يحفظ مودتنا إلا كل مؤمن قم قرأ هذه الآية وإلى هذا أشار الكميت في قوله :

وجدنا لكم في آل حم آية *** تأولها منا تقي ومعرب (3)

 وعلى الأقوال الثلاثة فقد قيل في {إلا المودة} قولان : (أحدهما) أنه استثناء منقطع لأن هذا مما يجب بالإسلام فلا يكون أجرا للنبوة ( والآخر ) أنه استثناء متصل والمعنى لا أسألكم عليه أجرا إلا هذا فقد رضيت به أجرا كما أنك تسأل غيرك حاجة فيعرض المسئول عليك برا فتقول له اجعل بري قضاء حاجتي وعلى هذا يجوز أن يكون المعنى لا أسألكم عليه أجرا إلا هذا ونفعه أيضا عائد عليكم فكأني لم أسألكم أجرا كما مر بيانه في قوله {قل ما سألتكم من أجر فهولكم} .

وذكر أبوحمزة الثمالي في تفسيره حدثني عثمان بن عمير عن سعيد بن جبير عن عبد الله بن عباس أن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) حين قدم المدينة واستحكم الإسلام قالت الأنصار فيما بينها نأتي رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) فنقول له إن تعرك أمور فهذه أموالنا تحكم فيها غير حرج ولا محظور عليك فأتوه في ذلك فنزلت {قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى} فقرأها عليهم وقال تودون قرابتي من بعدي فخرجوا من عنده مسلمين لقوله فقال المنافقون إن هذا لشيء افتراء في مجلسه أراد بذلك أن يذللنا لقرابته من بعده فنزلت أم يقولون افترى على الله كذبا فأرسل إليهم فتلاها عليهم فبكوا واشتد عليهم فأنزل الله {وهو الذي يقبل التوبة} عن عباده الآية فأرسل في إثرهم فبشرهم وقال {ويستجيب الذين آمنوا} وهم الذين سلموا لقوله .

ثم قال سبحانه {ومن يقترف حسنة نزد له فيها حسنا} أي ومن فعل طاعة نزد له في تلك الطاعة حسنا بأن نوجب له الثواب وذكر أبوحمزة الثمالي عن السدي قال إن اقتراف الحسنة المودة لآل محمد (صلى الله عليه وآله وسلّم) وصح عن الحسن بن علي (عليهما السلام) أنه خطب الناس فقال في خطبته إنا من أهل البيت الذين افترض الله مودتهم على كل مسلم فقال {قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى ومن يقترف حسنة نزد له فيها حسنا} فاقتراف الحسنة مودتنا أهل البيت وروي إسماعيل بن عبد الخالق عن أبي عبد الله (عليه السلام) أنه قال إنها نزلت فينا أهل البيت أصحاب الكساء .

{إن الله غفور شكور} أي غفور للسيئات شكور للطاعات يعامل عباده معاملة الشاكر في توفية الحق حتى كأنه ممن وصل إليه النفع فشكره {أم يقولون افترى على الله كذبا} أي بل يقولون افترى محمد على الله كذبا في ادعائه الرسالة عن الله {فإن يشأ الله يختم على قلبك} أي لو حدثت نفسك بأن تفتري على الله كذبا لطبع الله على قلبك ولأنساك القرآن فكيف تقدر أن تفتري على الله وهذا كقوله لئن أشركت ليحبطن عملك وقيل معناه فإن يشأ الله يربط على قلبك بالصبر على أذاهم حتى لا يشق عليك قولهم إنه مفتر وساحر عن مجاهد (4) ومقاتل فعلى هذا لا يحتاج إلى إضمار وحذف .

ثم أخبر سبحانه أنه يذهب ما يقولونه باطلا فقال {ويمح الله الباطل} أي يزيله ويرفعه بإقامة الدلائل على بطلانه وحذف الواو من يمحو في المصاحف كما حذف من قوله سندع الزبانية على اللفظ في ذهابها لالتقاء الساكنين وليس بعطف على قوله {يختم} لأنه مرفوع يدل عليه قوله {ويحق الحق بكلماته} أي ويثبت الحق بأقواله التي ينزلها على نبيه (صلى الله عليه وآله وسلّم) وهو هذا القرآن المعجز {إنه عليم بذات الصدور} أي بضمائر القلوب {وهو الذي يقبل التوبة عن عباده} وإن جلت معاصيهم فكأنه قال من نسب محمدا (صلى الله عليه وآله وسلّم) إلى الافتراء ثم تاب قبلت توبته وإن جلت معصيته {ويعفوا عن السيئات ويعلم ما تفعلون} من خير وشر فيجازيهم على ذلك .

لما تقدم وعيد أهل العصيان عقبه سبحانه بالوعد لأهل الطاعة فقال {ويستجيب الذين آمنوا وعملوا الصالحات} أي يجيبهم إلى ما يسألونه وقيل معناه يجيبهم في دعاء بعضهم لبعض عن معاذ بن جبل وقيل معناه يقبل طاعاتهم وعباداتهم ويزيدهم من فضله على ما يستحقونه من الثواب وقيل معناه ويستجيب الذين آمنوا بأن يشفعهم في إخوانهم {ويزيدهم من فضله} ويشفعهم في إخوان إخوانهم عن ابن عباس وروي عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال : قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) في قوله {ويزيدهم من فضله} الشفاعة لمن وجبت له النار ممن أحسن إليهم في الدنيا {والكافرون لهم عذاب شديد} ظاهر المعنى .

________________

1- مجمع البيان ، الطبرسي ، ج9 ، ص47-51 .

 

تفسير الكاشف

- ذكر محمد جواد مغنية في تفسير هذه الآيات (1) :

 

{ذلِكَ الَّذِي يُبَشِّرُ اللَّهُ عِبادَهُ الَّذِينَ آمَنُوا وعَمِلُوا الصَّالِحاتِ} . ذلك إشارة إلى الفضل الكبير الذي أعده اللَّه في الآخرة للمتقين ، وقد أنزله في كتابه بشرى لهم ولتطمئن قلوبهم .

{قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى} . جاء في تفسير البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي وروح البيان لإسماعيل حقي : (لما نزلت هذه الآية قيل : يا رسول اللَّه من هم قرابتك الذين وجبت علينا مودتهم ؟ قال : علي وفاطمة والحسن والحسين) . وقال ابن عربي في الجزء الرابع من الفتوحات بعنوان (لا تخونوا اللَّه والرسول) : سألنا رسول اللَّه المودة في قرابته وأهل بيته ، وهو واحد منهم ، وحب أهل البيت لا يتبعض ، فمن خان أهل البيت فقد خان رسول اللَّه (صلى الله عليه واله) . وبالملازمة من خان رسول اللَّه فقد خان اللَّه .

ونقل بعض المفسرين رواية ، في سندها معاوية ، ومؤدى هذه الرواية ان معنى الآية قل يا محمد لقريش : ناشدتكم الرحم أن لا تؤذونني .

وفي تفسير غرائب القرآن ورغائب الفرقان لنظام الدين الحسن بن محمد النيسابوري :

(عن سعد بن جبير : لما نزلت هذه الآية قالوا : يا رسول اللَّه من هؤلاء الذين أوجب اللَّه علينا مودتهم ؟ فقال علي وفاطمة وابناهما . ولا ريب ان هذا فخر عظيم وشرف تام : ويؤيده ما روي أن عليا شكا إلى الرسول حسد الناس له .

فقال النبي : أما ترضى أن تكون رابع أربعة أول من يدخل الجنة أنا وأنت والحسن والحسين ، وأزواجنا عن أيماننا وشمائلنا وذرياتنا خلف أزواجنا ، وعن النبي (صلى الله عليه واله) حرمت الجنة على من ظلم أهل بيتي وآذوني في عترتي ، وكان يقول فاطمة بضعة مني يؤذيني ما يؤذيها ، وثبت بالنقل المتواتر انه كان يحب عليا وحسنا وحسينا فوجب علينا محبتهم ، وشرفا لآل الرسول ختم التشهد بهم ، والصلاة عليهم في كل صلاة ، وقال الرسول (صلى الله عليه واله) : مثل أهل بيتي كمثل سفينة نوح من ركب فيها نجا ، ومن تخلف عنها غرق) .

{ومَنْ يَقْتَرِفْ حَسَنَةً نَزِدْ لَهُ فِيها حُسْناً} ومثله : مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثالِها [الأنعام - 160] . {إِنَّ اللَّهً غَفُورٌ شَكُورٌ} أي يثيب الشاكرين .

{أَمْ يَقُولُونَ افْتَرى عَلَى اللَّهِ كَذِباً فَإِنْ يَشَأِ اللَّهُ يَخْتِمْ عَلى قَلْبِكَ} . قال المفترون : انك يا محمد تفتري على اللَّه بدعوى النبوة . . وجهلوا ان اللَّه قد عصمك عن الخطأ والخطيئة ، وانه لو حاولت الافتراء عليه - وفرض المحال غير محال - لطبع على قلبك ومنعك عن ذلك بالقهر والجبر {ويَمْحُ اللَّهُ الْباطِلَ ويُحِقُّ الْحَقَّ بِكَلِماتِهِ} .

أنت يا محمد على حق ، وأعداؤك على باطل ، ويزهق اللَّه الباطل ويحق الحق بالدلائل والبينات الواضحة الواقعة ، وقد أيدك اللَّه بها ، وجعل كلمتك العليا وكلمة أعدائك السفلى على الرغم من كثرتهم وتظاهرهم عليك وعلى الإسلام {إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ} عليم بما تخفيه القلوب التي في الصدور ، فيجري على أربابها ما يستحقونه من ثواب وعقاب .

{وهُو الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبادِهِ ويَعْفُوا عَنِ السَّيِّئاتِ} . من أذنب ثم تاب قبل اللَّه توبته وصفح عن ذنبه ما عدا حق الناس ، وأيضا إذا كان له حسنات وسيئات لا تتصل بحقوق الناس ، وكانت بمقدار حسناته - عفا اللَّه عنها جميعا ، وأصبح كأنه لم يسيء ولم يحسن ، وإذا كانت الحسنات أكثر بقي له منها ما زاد عن السيئات ، وفي الحالين يصدق عليه قوله تعالى : إِنَّ الْحَسَناتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئاتِ ذلِكَ ذِكْرى لِلذَّاكِرِينَ - 114 هود ج 4 ص 275 وقوله : خَلَطُوا عَمَلًا صالِحاً وآخَرَ سَيِّئاً عَسَى اللَّهُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ - 102 التوبة ج 4 ص 96 {ويَعْلَمُ ما تَفْعَلُونَ} من الحسنات والسيئات ، فمن ثقلت موازين سيئاته فهومن الخاسرين ، ومن ثقلت موازين حسناته فهومن المفلحين .

{ويَسْتَجِيبُ الَّذِينَ آمَنُوا وعَمِلُوا الصَّالِحاتِ ويَزِيدُهُمْ مِنْ فَضْلِهِ والْكافِرُونَ لَهُمْ عَذابٌ شَدِيدٌ} . الذين آمنوا فاعل يستجيب ، والمعنى ان المؤمنين يسمعون دعوة اللَّه ويستجيبون لها ، فيثيبهم على الاستجابة والطاعة ، ويزيدهم من فضله أضعافا . .

والمجرمون يعرضون عن دعوة اللَّه ، فيعذبهم على الإعراض والمعصية العذاب الأكبر .

_______________

1- الكاشف ، محمد جواد مغنية ، ج6 ، ص522-524 .

 

تفسير الميزان

- ذكر الطباطبائي في تفسير هذه الآيات (1) :

 

وقوله : {ذلك الذي يبشر الله عباده الذين آمنوا وعملوا الصالحات} تبشير للمؤمنين الصالحين ، وإضافة العباد تشريفية .

قوله تعالى : {قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى} الذي نفي سؤال الأجر عليه هو تبليغ الرسالة والدعوة الدينية ، وقد حكى الله ذلك عن عدة ممن قبله (صلى الله عليه وآله وسلم) من الرسل كنوح وهود وصالح ولوط وشعيب فيما حكي مما يخاطب كل منهم أمته : {وما أسألكم عليه من أجر إن أجري إلا على رب العالمين} الشعراء وغيرها .

وقد حكي عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ذلك إذ قال : {وَمَا تَسْأَلُهُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ} [يوسف : 104] ، وقد أمره (صلى الله عليه وآله وسلم) أن يخاطب الناس بذلك بتعبيرات مختلفة حيث قال : { قُلْ مَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ} [ص : 86] ، وقال : {قُلْ مَا سَأَلْتُكُمْ مِنْ أَجْرٍ فَهُوَ لَكُمْ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى اللَّهِ } [سبأ : 47] ، وقال : { قُلْ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرَى لِلْعَالَمِينَ} [الأنعام : 90] ، فأشار إلى وجه النفي وهو أنه ذكرى للعالمين لا يختص ببعض دون بعض حتى يتخذ عليه الأجر .

وقال : { قُلْ مَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِلَّا مَنْ شَاءَ أَنْ يَتَّخِذَ إِلَى رَبِّهِ سَبِيلًا } [الفرقان : 57] ، ومعناه على ما مر في تفسير الآية : إلا أن يشاء أحد منكم أن يتخذ إلى ربه سبيلا أي يستجيب دعوتي باختياره فهو أجري أي لا شيء هناك وراء الدعوة أي لا أجر .

وقال تعالى في هذه السورة : {قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى} فجعل أجر رسالته المودة في القربى ، ومن المتيقن من مضامين سائر الآيات التي في هذا المعنى أن هذه المودة أمر يرجع إلى استجابة الدعوة إما استجابة كلها وإما استجابة بعضها الذي يهتم به وظاهر الاستثناء على أي حال أنه متصل بدعوى كون المودة من الأجر ولا حاجة إلى ما تمحله بعضهم بتقريب الانقطاع فيه .

وأما معنى المودة في القربى فقد اختلف فيه تفاسيرهم : فقيل - ونسب إلى الجمهور - أن الخطاب لقريش والأجر المسئول هو مودتهم للنبي (صلى الله عليه وآله وسلم) لقرابته منهم وذلك لأنهم كانوا يكذبونه ويبغضونه لتعرضه لآلهتهم على ما في بعض الأخبار فأمر (صلى الله عليه وآله وسلم) أن يسألهم : إن لم يؤمنوا به فليودوه لمكان قرابته منهم ولا يبغضوه ولا يؤذوه فالقربى مصدر بمعنى القرابة ، وفي للسببية .

وفيه أن معنى الأجر إنما يتم إذا قوبل به عمل يمتلكه معطي الأجر فيعطي العامل ما يعادل ما امتلكه من مال ونحوه فسؤال الأجر من قريش وهم كانوا مكذبين له كافرين بدعوته إنما كان يصح على تقدير إيمانهم به (صلى الله عليه وآله وسلم) لأنهم على تقدير تكذيبه والكفر بدعوته لم يأخذوا منه شيئا حتى يقابلوه بالأجر ، وعلى تقدير الإيمان به - والنبوة أحد الأصول الثلاثة في الدين - لا يتصور بغض حتى تجعل المودة أجرا للرسالة ويسأل .

وبالجملة لا تحقق لمعنى الأجر على تقدير كفر المسئولين ولا تحقق لمعنى البغض على تقدير إيمانهم حتى يسألوا المودة .

وهذا الإشكال وارد حتى على تقدير أخذ الاستثناء منقطعا فإن سؤال الأجر منهم على أي حال إنما يتصور على تقدير إيمانهم والاستدراك على الانقطاع إنما هوعن الجملة بجميع قيودها فأجد التأمل فيه .

وقيل : المراد بالمودة في القربى ما تقدم والخطاب للأنصار فقد قيل : إنهم أتوه بمال ليستعين به على ما ينوبه فنزلت الآية فرده ، وقد كان له منهم قرابة من جهة سلمى بنت زيد النجارية ومن جهة أخوال أمه آمنة على ما قيل .

وفيه أن أمر الأنصار في حبهم للنبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أوضح من أن يرتاب فيه ذو ريب وهم الذين سألوه أن يهاجر إليهم ، وبوءوا له الدار ، وفدوه بالأنفس والأموال والبنين وبذلوا كل جهدهم في نصرته وحتى في الإحسان على من هاجر إليهم من المؤمنين به ، وقد مدحهم الله تعالى بمثل قوله : {وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ} [الحشر : 9] ، وهذا مبلغ حبهم للمهاجرين إليهم لأجل النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) فما هو الظن في حبهم له؟ .

وإذا كان هذا مبلغ حبهم فما معنى أن يؤمر النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أن يتوسل إلى مودتهم بقرابته منهم هذه القرابة البعيدة ؟ .

على أن العرب ما كانت تعتني بالقرابة من جهة النساء ذاك الاعتناء وفيهم القائل :

بنونا بنو أبنائنا وبناتنا *** بنوهن أبناء الرجال الأباعد 

والقائل :

وإنما أمهات الناس أوعية *** مستودعات وللأنساب آباء 

وإنما هو الإسلام أدخل النساء في القرابة وساوى بين أولاد البنين وأولاد البنات وقد تقدم الكلام في ذلك .

وقيل : الخطاب لقريش والمودة في القربى هي المودة بسبب القرابة غير أن المراد بها مودة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) لا مودة قريش كما في الوجه الأول ، والاستثناء منقطع ، ومحصل المعنى : أني لا أسألكم أجرا على ما أدعوكم إليه من الهدى الذي ينتهي بكم إلى روضات الجنات والخلود فيها ولا أطلب منكم جزاء لكن حبي لكم بسبب قرابتكم مني دفعني إلى أن أهديكم إليه وأدلكم عليه .

وفيه أنه لا يلائم ما يخده الله سبحانه له (صلى الله عليه وآله وسلم) في طريق الدعوة والهداية فإنه تعالى يسجل عليه في مواضع كثيرة من كلامه أن الأمر في هداية الناس إلى الله وليس له من الأمر شيء وأن ليس له أن يحزن لكفرهم وردهم دعوته وإنما عليه البلاغ فلم يكن له أن يندفع إلى هداية أحد لحب قرابة أو يعرض عن هداية آخرين لبغض أو كراهة ومع ذلك كله كيف يتصور أن يأمره الله بقوله : {قل لا أسألكم} الآية أن يخبر كفار قريش أنه إنما اندفع إلى دعوتهم وهدايتهم بسبب حبه لهم لقرابتهم منه لا لأجر يسألهم إياه عليه .

وقيل : المراد بالمودة في القربى مودة الأقرباء والخطاب لقريش أو لعامة الناس والمعنى : لا أسألكم على دعائي أجرا إلا أن تودوا أقرباءكم .

وفيه أن مودة الأقرباء على إطلاقهم ليست مما يندب إليه في الإسلام قال تعالى : {لَا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُولَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمَانَ وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ} [المجادلة : 22] ، وسياق هذه الآية لا يلائم كونها مخصصة أو مقيدة لعموم قوله : {إلا المودة في القربى} أو إطلاقه حتى تكون المودة للأقرباء المؤمنين هي أجر الرسالة على أن هذه المودة الخاصة لا تلائم خطاب قريش أو عامة الناس .

بل الذي يفيده سياق الآية أن الذي يندب إليه الإسلام هو الحب في الله من غير أن يكون للقرابة خصوصية في ذلك ، نعم هناك اهتمام شديد بأمر القرابة والرحم لكنه بعنوان صلة الرحم وإيتاء المال ، على حبه ذوي القربى لا بعنوان مودة القربى فلا حب إلا لله عز اسمه .

ولا مساغ للقول بأن المودة في القربى في الآية كناية عن صلتهم والإحسان إليهم بإيتاء المال إذ ليس في الكلام ما يدفع كون المراد هو المعنى الحقيقي غير الملائم لما ندب إليه الإسلام من الحب في الله .

وقيل : معنى القربى هو التقرب إلى الله ، والمودة في القربى هي التودد إليه تعالى بالطاعة والتقرب فالمعنى : لا أسألكم عليه أجرا إلا أن توددوا إليه تعالى بالتقرب إليه .

وفيه أن في قوله : {إلا المودة في القربى} على هذا المعنى إبهاما لا يصلح به أن يخاطب به المشركون فإن حاق مدلوله التودد إليه - أووده تعالى - بالتقرب إليه والمشركون لا ينكرون ذلك بل يرون ما هم عليه من عبادة الآلهة توددا إليه بالتقرب منه فهم القائلون على ما يحكيه القرآن عنهم : {مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى } [الزمر : 3] ، {هَؤُلَاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ } [يونس : 18] .

فسؤال التودد إلى الله بالتقرب إليه من غير تقييده بكونه بعبادته وحده ، وجعل ذلك أجرا مطلوبا ممن يرى شركة نوع تودد إلى الله بالتقرب إليه ، وخطابهم بذلك على ما فيه من الإبهام - والمقام مقام تمحيضه (صلى الله عليه وآله وسلم) نفسه في دعوتهم إلى دين التوحيد لا يسألهم لنفسه شيئا قط - مما لا يرتضيه الذوق السليم .

على أن المستعمل في الآية هو المودة دون التودد فالمراد بالمودة حبهم لله في التقرب إليه ولم يرد في كلامه تعالى إطلاق المودة على حب العباد لله سبحانه وإن ورد العكس كما في قوله : {إِنَّ رَبِّي رَحِيمٌ وَدُودٌ } [هود : 90] ، وقوله : { وَهُوَ الْغَفُورُ الْوَدُودُ} [البروج : 14] ، ولعل ذلك لما في لفظ المودة من الإشعار بمراعاة حال المودود وتعاهده وتفقده ، حتى قال بعضهم - على ما حكاه الراغب - أن مودة الله لعباده مراعاته لهم .

والإشكال السابق على حاله ولو فسرت المودة في القربى بموادة الناس بعضهم بعضا ومحابتهم في التقرب إلى الله بأن تكون القربات أسبابا للمودة والحب فيما بينهم فإن للمشركين ما يماثل ذلك فيما بينهم على ما يعتقدون .

وقيل : المراد بالمودة في القربى ، مودة قرابة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وهم عترته من أهل بيته (عليهم السلام) وقد وردت به روايات من طرق أهل السنة وتكاثرت الأخبار من طرق الشيعة على تفسير الآية بمودتهم وموالاتهم ، ويؤيده الأخبار المتواترة من طرق الفريقين على وجوب موالاة أهل البيت (عليهم السلام) ومحبتهم .

ثم التأمل الكافي في الروايات المتواترة الواردة من طرق الفريقين عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) المتضمنة لإرجاع الناس في فهم كتاب الله بما فيه من أصول معارف الدين وفروعها وبيان حقائقه إلى أهل البيت (عليهم السلام) كحديث الثقلين وحديث السفينة وغيرهما لا يدع ريبا في أن إيجاب مودتهم وجعلها أجرا للرسالة إنما كان ذريعة إلى إرجاع الناس إليهم فيما كان لهم من المرجعية العلمية .

فالمودة المفروضة على كونها أجرا للرسالة لم تكن أمرا وراء الدعوة الدينية من حيث بقائها ودوامها ، فالآية في مؤداها لا تغاير مؤدى سائر الآيات النافية لسؤال الأجر .

ويئول معناها إلى أني لا أسألكم عليه أجرا إلا أن الله لما أوجب عليكم مودة عامة المؤمنين ومن جملتهم قرابتي فإني أحتسب مودتكم لقرابتي وأعدها أجرا لرسالتي ، قال تعالى : {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَنُ وُدًّا} [مريم : 96] وقال : {وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ} [التوبة : 71] .

وبذلك يظهر فساد ما أورد على هذا الوجه أنه لا يناسب شأن النبوة لما فيه من التهمة فإن أكثر طلبة الدنيا يفعلون شيئا ويسألون عليه ما يكون فيه نفع لأولادهم وقراباتهم .

وأيضا فيه منافاة لقوله تعالى : {وَمَا تَسْأَلُهُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ } [يوسف : 104] .

وجه الفساد أن إطلاق الأجر عليها وتسميتها به إنما هو بحسب الدعوى وأما بحسب الحقيقة فلا يزيد مدلول الآية على ما يدل عليه الآيات الآخر النافية لسؤال الأجر كما عرفت وما في ذلك من النفع عائد إليهم فلا مورد للتهمة .

على أن الآية على هذا مدنية خوطب بها المسلمون وليس لهم أن يتهموا نبيهم المصون بعصمة إلهية - بعد الإيمان به وتصديق عصمته - فيما يأتيهم به من ربهم ولو جاز اتهامهم له في ذلك وكان ذلك غير مناسب لشأن النبوة لا يصلح لأن يخاطب به ، لاطرد مثل ذلك في خطابات كثيرة قرآنية كالآيات الدالة على فرض طاعته المطلقة والدالة على كون الأنفال والغنائم لله ولرسوله ، والدالة على خمس ذوي القربى ، وما أبيح له في أمر النساء وغير ذلك .

على أنه تعالى تعرض لهذه التهمة ودفعها في قوله الآتي : {أم يقولون افترى على الله كذبا فإن يشإ الله يختم على قلبك} الآية على ما سيأتي .

وهب أنا صرفنا الآية عن هذا المعنى بحملها على غيره دفعا لما ذكر من التهمة فما هو الدافع لها عن الأخبار التي لا تحصى كثرة الواردة من طرق الفريقين في إيجاب مودة أهل البيت عنه (صلى الله عليه وآله وسلم)؟ .

وأما منافاة هذا الوجه لقوله تعالى : {وما تسألهم عليه من أجر} فقد اتضح بطلانه مما ذكرناه ، والآية بقياس مدلولها إلى الآيات النافية لسؤال الأجر نظيره قوله تعالى : {قُلْ مَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِلَّا مَنْ شَاءَ أَنْ يَتَّخِذَ إِلَى رَبِّهِ سَبِيلًا } [الفرقان : 57] .

قال في الكشاف بعد اختياره هذا الوجه : فإن قلت : هلا قيل : إلا مودة القربى أو إلا المودة للقربى ، وما معنى قوله : إلا المودة في القربى؟ قلت : جعلوا مكانا للمودة ومقرا لها كقولك : لي في آل فلان مودة ، ولي فيهم هوى وحب شديد ، تريد أحبهم وهم مكان حبي ومحله .

قال : وليست في بصلة للمودة كاللام إذا قلت : إلا المودة للقربى .

إنما هي متعلقه بمحذوف تعلق الظرف به في قولك : المال في الكيس ، وتقديره : إلا المودة ثابتة في القربى ومتمكنة فيها .

انتهى .

قوله تعالى : {ومن يقترف حسنة نزد له فيها حسنا إن الله غفور شكور} الاقتراف الاكتساب ، والحسنة الفعلة التي يرتضيها الله سبحانه ويثيب عليها ، وحسن العمل ملاءمته لسعادة الإنسان والغاية التي يقصدها كما أن مساءته وقبحه خلاف ذلك ، وزيادة حسنها إتمام ما نقص من جهاتها وإكماله ومن ذلك الزيادة في ثوابها كما قال تعالى : {وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَحْسَنَ الَّذِي كَانُوا يَعْمَلُونَ} [العنكبوت : 7] ، وقال : { لِيَجْزِيَهُمُ اللَّهُ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ} [النور : 38] .

والمعنى : ومن يكتسب حسنة نزد له في تلك الحسنة حسنا - برفع نقائصها وزيادة أجرها - إن الله غفور يمحو السيئات شكور يظهر محاسن العمل من عامله .

وقيل : المراد بالحسنة مودة قربى النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ويؤيده ما في روايات أئمة أهل البيت (عليهم السلام) أن قوله : {قل لا أسألكم عليه أجرا} إلى تمام أربع آيات نزلت في مودة قربى النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ، ولازم ذلك كون الآيات مدنية وأنها ذات سياق واحد وأن المراد بالحسنة من حيث انطباقها على المورد هي المودة ، وعلى هذا فالإشارة بقوله : {أم يقولون افترى} إلخ ، إلى بعض ما تفوه به المنافقون تثاقلا عن قبوله وفي المؤمنين سماعون لهم ، وبقوله : {وهو الذي يقبل التوبة} إلى آخر الآيتين إلى توبة الراجعين منهم وقبولها .

وفي قوله : {إن الله غفور شكور} التفات من التكلم إلى الغيبة والوجه فيه الإشارة إلى علة الاتصاف بالمغفرة والشكر فإن المعنى : أن الله غفور شكور لأنه الله عز اسمه .

قوله تعالى : {أم يقولون افترى على الله كذبا} إلى آخر الآية أم منقطعة ، والكلام مسوق للتوبيخ ولازمه إنكار كونه (صلى الله عليه وآله وسلم) مفتريا على الله كذبا .

وقوله : {فإن يشإ الله يختم على قلبك} معناه على ما يعطيه السياق أنك لست مفتريا على الله كذبا فإنه ليس لك من الأمر شيء حتى تشاء الفرية فتأتي بها وإنما هو وحي من الله سبحانه من غير أن يكون لك فيه صنع والأمر إلى مشيته تعالى فإن يشأ يختم على قلبك وسد باب الوحي إليك ، لكنه شاء أن يوحي إليك ويبين الحق ، وقد جرت سنته أن يمحو الباطل ويحق الحق بكلماته .

فقوله : {فإن يشإ الله يختم على قلبك} كناية عن إرجاع الأمر إلى مشية الله وتنزيه لساحة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أن يأتي بشيء من عنده .

وهذا المعنى - كما سترى - أنسب للسياق بناء على كون المراد بالقربى قرابة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) والتوبيخ متوجها إلى المنافقين ومرضي القلوب .

وقد ذكروا في معنى الجملة وجوها أخر : منها : ما ذكره الزمخشري في الكشاف حيث فسر قوله : {فإن يشإ الله يختم على قلبك} بقوله : فإن يشإ الله يجعلك من المختوم على قلوبهم حتى تفتري عليه الكذب فإنه لا يفتري على الله الكذب إلا من كان في مثل حالهم .

وهذا الأسلوب مؤداه استبعاد الافتراء من مثله وأنه في البعد مثل الشرك بالله والدخول في جملة المختوم على قلوبهم ، ومثال هذا أن يخون بعض الأمناء فيقول : لعل الله خذلني لعل الله أعمى قلبي وهولا يريد إثبات الخذلان وعمى القلب وإنما يريد استبعاد أن يخون مثله والتنبيه على أنه ركب من تخوينه أمر عظيم .

انتهى .

ومنها ما قيل : إن المعنى لو حدثت نفسك بأن تفتري على الله الكذب لطبع الله على قلبك ولأنساك القرآن فكيف تقدر أن تفتري على الله ، وهذا كقوله : {لئن أشركت ليحبطن عملك} .

ومنها ما قيل : إن معناه فإن يشإ الله يربط على قلبك بالصبر على أذاهم حتى لا يشق عليك قولهم : إنه مفتر وساحر ، وهي وجوه لا تخلو من ضعف .

ومنها ما قيل : إن المعنى فإن يشإ الله يختم على قلبك كما ختم على قلوبهم وهو تسلية للنبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ليشكر ربه على ما آتاه من النعمة .

ومنها ما قيل : إن المعنى فإن يشإ الله يختم على قلوب الكفار وعلى ألسنتهم ويعاجلهم بالعذاب ، وعدل عن الغيبة إلى الخطاب وعن الجمع إلى الإفراد ، والمراد : يختم على قلبك أيها القائل : أنه افترى على الله كذبا .

وقوله : {ويمح الله الباطل ويحق الحق بكلماته} الإتيان بالمضارع – يمحو ويحق - للدلالة على الاستمرار ، فمحو الباطل وإحقاق الحق بالكلمات سنة جارية له تعالى والمراد بالكلمات ما ينزل على الأنبياء من الوحي الإلهي والتكليم الربوبي ويمكن أن يكون المراد نفوس الأنبياء من حيث أنها مفصحة عن الضمير الغيبي .

وقوله : {إنه عليم بذات الصدور} تعليل لقوله : {ويمح الله الباطل إلخ أي أنه يمحو الباطل ويحق الحق بكلماته لأنه عليم بالقلوب وما انطوت عليه فيعلم ما تستدعيه من هدى أو ضلال أو شرح أو ختم بإنزال الوحي وتوجيه الدعوة .

قيل : وفي الآية إشعار بوعد النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) بالنصر ولا يخلو من وجه .

قوله تعالى : {وهو الذي يقبل التوبة عن عباده ويعفوا عن السيئات ويعلم ما تفعلون} يقال : قبل منه وقبل عنه قال في الكشاف : يقال : قبلت منه الشيء وقبلته عنه فمعنى قبلته منه أخذته منه وجعلته مبدأ قبولي ومنشأه ، ومعنى قبلته عنه عزلته وأبنته عنه . انتهى .

وفي قوله : {ويعلم ما تفعلون} تحضيض على التوبة وتحذير عن اقتراف السيئات والمعنى ظاهر .

قوله تعالى : {ويستجيب الذين آمنوا وعملوا الصالحات ويزيدهم من فضله والكافرون لهم عذاب شديد} فاعل {يستجيب} ضمير راجع إليه تعالى و{الذين آمنوا} إلخ ، في موضع المفعول بنزع الخافض والتقدير ويستجيب للذين - آمنوا على ما قيل - وقيل : فاعل {يستجيب} هو{الذين} وهو بعيد من السياق .

والاستجابة إجابة الدعاء ولما كانت العبادة دعوة له تعالى عبر عن قبولها بالاستجابة لهم ، والدليل على هذا المعنى قوله : {ويزيدهم من فضله} فإن ظاهره زيادة الثواب وكذا مقابلة استجابة المؤمنين بقوله : {والكافرون لهم عذاب شديد} .

وقيل : المراد أنه يستجيب لهم إذا دعوه وأعطاهم ما سألوه وزادهم على ما طلبوه وهو بعيد من السياق .

على أن استجابة الدعاء لا يختص بالمؤمن .

_______________

1- الميزان ، الطباطبائي ، ج18 ، ص35-42 .

 

تفسير الامثل

- ذكر الشيخ ناصر مكارم الشيرازي في تفسير هذه الآيات (1) :

 

قال تعالى : {ذلك الذي يبشر الله عباده الذين آمنوا وعملوا الصالحات} .

يبشرهم حتى لا تَصعُب عندهم آلام الطاعة والعبودية ومجاهدة هوى النفس والجهاد حيال أعداء الله ، ويقوم هذا الجزاء العظيم بترغيبهم ويعطيهم القدرة والطاقة الكبيرة لسلوك طرق الحياة المليئة بالصعوبات والمشاكل للوصول إلى رضا الخالق .

وقد يتوهم أن نبيّ الإسلام(صلى الله عليه وآله وسلم) يريد جزاءً وأجراً على إبلاغ هذه الرسالة ، لذا فإنّ القرآن يأمر الرّسول بعد هذا الكلام ليقول : {قل لا أسألكم عليه أجراً إلاّ المودة في القربى} أي حبّ اهل بيتي .

ومودة ذوي القربى ومحبتهم ـ كما سيأتي بيانها بشكل مفصل ـ ترتبط بقضية الولاية وقبول قيادة الأئمة المعصومين عليهم السلام من آل الرّسول حيث تعتبر في الحقيقة استمراراً لقيادة النّبي(صلى الله عليه وآله وسلم) واستمراراً للولاية الإلهية ، وجليّ أن قبول هذه الولاية والقيادة كقبول نبوة النّبي(صلى الله عليه وآله وسلم) ستكون سبباً لسعادة البشرية نفسها وستعود نتائجها إليها .

 

وقوله تعالى : {أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا فَإِنْ يَشَإِ اللَّهُ يَخْتِمْ عَلَى قَلْبِكَ وَيَمْحُ اللَّهُ الْبَاطِلَ وَيُحِقُّ الْحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ (24) وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُو عَنِ السَّيِّئَاتِ وَيَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ (25) وَيَسْتَجِيبُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَيَزِيدُهُمْ مِنْ فَضْلِهِ وَالْكَافِرُونَ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ} [الشورى : 24 - 26]

 

يقبل التوبة عن عباده :

هذه الآيات تعتبر استمراراً للآيات السابقة في موضوع الرسالة وأجرها ، ومودّة ذوي القربى وأهل البيت(عليهم السلام) .

فأوّل آية تقول : إن هؤلاء القوم لا يقبلون الوحي الإلهي ، بل : {أم يقولون افترى على الله كذباً} وهذا الإعتقاد وليد أفكارهم حيث ينسبونه إلى الخالق .

في حين : {فإن يشأ الله يختم على قلبك} ويجردك من قابلية إظهار هذه الآيات .

وفي الحقيقة ، فإن هذا الأمر إشارة إلى الإستدلال المنطقي المعروف ، وهو أنّه إذا ادعى شخص النبوة ، وجاء بالآيات البينات والمعاجز ، وشمله النصر الإلهي ، فلو كذب على الخالق فإن الحكمة الإلهية تقتضي سحب المعاجز منه وفضحه وعدم حمايته ، كما ورد في الآيات (44) إلى (46) من سورة الحاقة : {ولو تقول علينا بعض الأقاويل لأخذنا منه باليمين ثمّ لقطعنا منه الوتين} .

وقد ذكر بعض المفسّرين احتمالات اُخرى في تفسير هذه الجملة ، إلاّ أن ما قلناه أعلاه هو أفضل وأوضح التفاسير كما يظهر .

ونلاحظ أيضاً أن إحدى التهم التي نسبها الكفار والمشركون إلى الرّسول (صلى الله عليه وآله وسلم) هي أنّه يعتبر أجر الرسالة في مودّة أهل بيته وأنّه يكذب على الخالق في هذا الأمر : (جاء ذلك وفقاً للبحث في الآيات السابقة) إلاّ أن الآية أعلاه نفت هذه التهمة عنه(صلى الله عليه وآله وسلم) .

ولكن بالرغم من هذا ، فإن مفهوم الآية لا يختص بهذا المعنى ، فأعداء الرّسول كانوا يتهمونه بهذه التهمة في كلّ القرآن والوحي كما تقول الآيات القرآنية الأُخرى ، حيث نقرأ في الآية (38) من سورة يونس : {أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِثْلِهِ } [يونس : 38] .

وورد نفس هذا المعنى باختلاف بسيط في الآيات (13) و(35) من سورة هود ، وقسم آخر من الآيات القرآنية ، حيث أنّ هذه الآيات دليل لما انتخبناه من تفسير للآية أعلاه .

ثم تقول الآية لتأكيد هذا الموضوع : {وَيَمْحُ اللَّهُ الْبَاطِلَ وَيُحِقُّ الْحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ } [الشورى : 24] (2) .

فهذه هي مسؤولية الخالق في توضيح الحق وفضح الباطل وفقاً لحكمته ، وإلاّ فكيف يسمح لشخص بالكذب عليه وفي نفس الوقت ينصره ويظهر على يديه المعاجز؟

كما أن من الاخطاء الكبيرة أن يتصور البعض قيام الرّسول (صلى الله عليه وآله وسلم) بهذا العمل مُخفياً ذلك عن علم الخالق : {إنّه عليم بذات الصدور} .

وكما قلنا في تفسير الآية 38 من سورة فاطر ، فإنّ (ذات) لا تعني في اللغة العربية عين الأشياء وحقيقتها ، بل هو مصطلح من قبل الفلاسفة (3) ، حيث أن ذات تعني ـ (الصاحب) ، عندها سيكون مفهوم جملة : {إنه عليم بذات الصدور} إن الخالق عليم بالأفكار والعقائد المسيطرة على القلوب ، وكأنما هي صاحبة هذا القلب ومالكته .

وهذه إشارة لطيفة إلى استقرار الأفكار وحاكميتها على قلوب وأرواح الناس (فدقق في ذلك) .

وبما أن الخالق يبقي طريق الرجعة مفتوحاً أمام العباد ، لذا فإن الآيات القرآنية بعد ذم أعمال المشركين والمذنبين القبيحة تشير الى أن الابواب التوبة مفتوحة دائماً : ولذا تقول الآية محل البحث : {وهو الذي يقبل التوبة عن عباده ويعفو عن السيئات} .

إلاّ أنكم إذا تظاهرتم بالتوبة وأخفيتم أعمالا اُخرى ، فلا تتصوروا أن ذلك يخفى عن علم الخالق ، لأنّه : {ويعلم ما تفعلون} .

وقلنا في سبب النّزول الذي ذكرناه في بداية الآيات السابقة ، أنّه بعد نزول آية المودّة ، قال بعض المنافقين وضعفاء الإيمان : إنّ هذا الكلام افتراه محمّد على الخالق ، ويريد به أن يذلنا بعده لأقرباءه ، عندها نزلت آية : {أم يقولون افترى على الله كذباً} ردّاً عليهم ، وعندما علموا بنزول هذه الآية تندم بعضهم وبكى وبات قلق البال ، في ذلك الوقت نزلت الآية : {وهو الذي يقبل التوبة . . .} وبشرتهم بغفران الذنب إذا تابوا إلى الله توبةً نصوحاً .

أمّا آخر آية فتوضح الجزاء العظيم للمؤمنين ، والعذاب الأليم للكافرين في جمل قصيرة فتقول : إنّ الله تعالى يستجيب لدعاء المؤمنين وطلباتهم : {ويستجيب الذين آمنوا وعملوا الصالحات} . بل : {ويزيدهم من فضله} وسوف يعطيهم ما لم يطلبوا . {والكافرون لهم عذاب شديد} .

وقد تمّ ذكر تفاسير مختلفة للأمر الذي سيستجيبه من المؤمنين ، حيث أن بعض المفسّرين حدد ذلك في طلبات معينة ، منها :

أنّه سيستجيب دعاء المؤمنين أحدهم للآخر .

ومنها أنّه سيقبل عباداتهم وطاعاتهم .

ومنها أن ذلك مختص بشفاعتهم لاخوانهم .

ولكن لا يوجد أي دليل على هذا التحديد ، حيث أن الخالق سيستجيب أي طلب للمؤمنين الذين يعملون الصالحات والأكثر من ذلك فإنّه سيهبهم من فضله أُموراً قد لا تخطر على بالهم ولم يطلبوها ، وهذا غاية اللطف والرحمة الإلهية بخصوص المؤمنين .

وورد في حديث عن الإمام الصادق (عليه السلام) عن الرّسول الأكرم (صلى الله عليه وآله وسلم) في تفسير : (ويزيدهم من فضله) : «الشفاعة لمن وجبت له النّار ممن أحسن إليهم في الدنيا» (4) .

ولا يعني هذا الحديث العظيم في معناه اقتصار الفضل الإلهي بهذا الأمر فحسب ، بل يعتبر أحد مصاديقه الواضحة .

_____________

1- الامثل ، ناصر مكارم الشيرازي ، ج12 ، ص273-287 .

2 ـ لا حظوا أنّ «يمح» هي في الأصل كانت (يمحو) حيث سقطت الواو لأن الرسم القرآني ـ عادة ـ هكذا ، مثل (ويدع الإنسان بالشر) (الإسراء ـ 11) (وسندع الزبانية) (العلق ـ 18) ، إلاّ أنّه وفقاً للرسم الحديث فإن الواو تذكر في جميع هذه الكلمات ، إلاّ أنّها تحذف في القرآن غالباً .

3 ـ راجع مفردات الراغب .

4 ـ تفسير «مجمع البيان» نهاية الآيات التي نبحثها .

EN

تصفح الموقع بالشكل العمودي