فيديو

صور

مفتاح

اضاءات

منشور

القرآن الكريم
العقائد الإسلامية
الفقه واصوله
سيرة النبي وآله
علم الرجال
الأخلاق
الأسرة والمجتمع
اللغة العربية
الأدب العربي
التاريخ
الجغرافية
الإدارة و الإقتصاد
القانون
الزراعة
الكيمياء
الرياضيات
الفيزياء
الاحياء
الاعلام
اللغة الانكليزية

 

هل يُعتَبَرُ التبشيرُ مُقدَّماً على التحذيرِ كنمطٍ سلوكيٍّ في حياتِنا، فنَلقى الآخرينَ دائماً بما يُحفِّزُهم وندعمُهم بالأخبارِ الإيجابيةِ، ونُخفي أو نؤخِّرُ عنهم ما يُعكِّرُ مزاجَهم ويجعلُهم في قَلقٍ وحَذرٍ؟

هُناكَ أمّهاتٌ توجِّهُ أبناءَها بتقديمِ التحذيرِ؛ كأنْ تقولَ لابنها: إيّاكَ أنْ ترسِبَ في الامتحانِ، أو تُحذِّرَ ابنَتَها: إيّاكِ أنْ يكونَ مُستواكِ دونَ الدّرجةِ الكاملةِ في الامتحانِ!

وكذلكَ الآباءُ؛ كأنْ يقولَ لابنهِ: احملْ صينيةَ أكوابِ الشاي وإيّاكَ أنْ تُسقِطَها؟

وهُناكَ أُمّهاتٌ تُحفِّزُ وتتحدّثُ بمنطقِ التفاؤلِ والتشجيعِ؛ كأنْ تقولَ لابنتِها: إذا نَجَحتِ سوفَ أُهديكِ الفُستانَ الذي تحُبّينَهُ!

أو تقولَ لابنِها: أنا واثِقَةٌ مِن أنَّكَ ستحصلُ على درجةٍ كاملةٍ في الامتحانِ فأنتَ دائماً متفوق ؟!

أو يقولَ الأبُ لابنهِ: احملْ صينيةَ الشاي؛ فأنتَ النائبُ عَنّي في إكرامِ الضيوفِ!

أعَرَفتُم البداية ؟!

إنَّ نوعَ التغذيةِ التي يتلقَّاها الإنسانُ مِنَ المُربّي سواءً كانَ الأبُ أو الأمُّ أو المُعلِمُ هيَ الأرضيةُ التي ستُحدِّدُ طريقتَهُ في الحياةِ، إمّا أنْ يكونَ متشائماً يميلُ للحذرِ والتحذيرِ ونشرِ ثقافةَ الاحتمالاتِ المُحبِطَةِ والمُخوِّفَةِ وتَرَقُّبِ السَّلبياتِ، أو يكونَ متفائلاً ينشرُ ثقافةَ التبشيرِ وترَقُّبِ الفرجِ وترقُّبِ الأمورِ الإيجابيةِ ...

غيرَ أنَّ دواعي الانبساطِ والانقباضِ لا يُمكِنُ للإنسانِ دائماً أنْ يتحكَّمَ بها ويُغيّرَ مزاجَهُ بسهولةٍ!

ولهذا ينبغي أنْ يمتلكَ الإنسانُ زِمامَ مشاعرِهِ وعواطفِهِ مِن خلالِ أمرينِ:

الأول: أنْ يكونَ مُنَظَّماً في حياتهِ يمتلكُ أهدافاً محدَّدةً، ويُديرُ وقتَهُ بصورةٍ مُنظَّمةٍ.

الثاني: أنْ يمتلكَ منهجاً سليماً في البحثِ عَنِ الحقائقِ وكشفِها؛

فإنَّ الفَوضى مآلُها الى حياةٍ تعيسةٍ لا تُثمِرُ إلا كُلَّ احتمالٍ سَلبيٍّ، وتُسقِطُ الفردَ في مشاكِلِ التقصيرِ بالحقوقِ والواجباتِ ، وحينئذٍ سيكونُ رصيدُ توقعاتِهِ للإيجابياتِ مُنخَفِضاً، ولا يخطُرُ في بالهِ إلا ما هوَ سلبيٌّ يقتضي الحذرَ منهُ، كما أنَّ غيابَ المنهجيةِ السَّليمةِ في تمييزِ الصوابِ عن غيرهِ، وتشخيصِ الحقيقةِ من الوَهمِ والشُّبهاتِ تُسقِطُ الإنسانَ في سذاجةِ التفكيرِ والقناعاتِ المغلوطةِ، وسيكونُ فريسةَ المُتحَكِّمينَ بعواطفِهِ ومشاعرِهِ فيتأثَّرُ بالأخبارِ السَّلبيةِ، ويُسارِعُ الى تقصِّي الحوادثِ المُخيفةِ؛ لأنَّ غيابَ المنهجِ في كشفِ الأمور ِيجعلُ الفردَ في قلقٍ وتخوّفٍ يدفعُهُ الى مزيدٍ من الحَذرِ والتحذيرِ .

فتنظيمُ حياتِكَ وتقصِّيكَ للحقائقِ يجعلُكَ تتناولُ الواقعَ بمعطياتِهِ، ورُبَّما ينسجِمُ معَ تخطيطِكَ لأهدافِكَ، فإنْ لَزِمَ الحذرُ والتحذيرُ فلهُ الأولويةُ، وإنْ لَزِمَ التفاؤلُ والتبشيرُ فهوَ المُقدَّمُ، فإنَّ التحذيرَ والتبشيرَ كلاهُما خيرٌ للفردِ الناجحِ؛ فإنَّ: " مَنْ حَذَّرَكَ كَمَنْ بَشَّرَكَ" كما يقولُ الإمامُ عليٌّ عليهِ السَّلام.