فيديو

صور

مفتاح

اضاءات

منشور

القرآن الكريم
العقائد الإسلامية
الفقه واصوله
سيرة النبي وآله
علم الرجال
الأخلاق
الأسرة والمجتمع
اللغة العربية
الأدب العربي
التاريخ
الجغرافية
الإدارة و الإقتصاد
القانون
الزراعة
الكيمياء
الرياضيات
الفيزياء
الاحياء
الاعلام
اللغة الانكليزية

كُلُّ بني آدمَ خطّاءٌ إلا مَن عَصَمَ اللهُ سُبحانَهُ، غيرَ أنَّ مواقفَ الناسِ تجاهَ اخطائهم مُتباينةٌ بينَ مُدرِكٍ لخطئهِ ولا يُقِرُّ بهِ، وبينَ مُكابِرٍ يُبّررُ لأخطائهِ، وبينَ مُدركٍ لخطئهِ ويحاولُ أنْ يُصحِّحَ فيعتذِرُ نادِماً وبأُسلوبٍ محترمٍ!

ولذا تعارَفَ بينَ النّاسِ بـ (أنَّ الاعترافَ بالخطأِ فضيلةٌ)، وهذا لهُ ما يؤيّدهُ عقلاً وشرعاً، غيرَ أنَّهُ مِن وجهةِ نظرِنا ليسَ كُلُّ اعترافٍ يرتقي الى مستوى أنْ يُعَدَّ فضيلةً مالَم تتحققْ فيهِ أركانٌ ثلاثة:

  • الإقرارُ بالخطأِ وتحمُّلُ مسؤوليةِ الفِعلِ السيّءِ.
  • الاعتذارُ بما يُناسِبُ حَجمَ الخطأِ ومستوى الشّخصِ الفكريِّ ووزنِهِ الاجتماعيِّ ودرجةِ قرابتهِ.
  • المبادرةُ الفوريّةُ لتصحيحِ وتلافي ما يلزمُ إصلاحُه، والتعجيلُ بإرجاعِ الحقِّ للشخصِ أو الطَّرفِ المُساءِ لهُ.

جاءَ في دراسةٍ لباحثينَ في إحدى الجامعاتِ أنَّ هناكَ ستُّ مراحلَ للاعتذارِ الجيّدِ كما يصِفونَهُ، وهيَ:

أولاً: الإعرابُ عَنِ الأسَف: (أنا آسِف).

ثانياً: شرحُ أنَّ ما حدثَ كانَ بطريقِ الخطأِ: (وذلكَ هوَ بالضّبطِ ما حدثَ دونَ قَصدٍ مِنّي).

ثالثاً: الاعترافُ بالمسؤوليةِ: (كانَ هذا خَطأي).

رابعاً: الإعرابُ عُنِ النَّدَمِ: (أشعرُ بالحَرَجِ الشّديدِ حِيالَ ذلك).

خامساً: عرضُ الإصلاح: (إسمحْ لي أنْ أقومَ بإصلاحِ ما أفسدتُهُ).

سادساً: طلبُ المُسامَحة: (آمُلُ أنْ تغفِرَ لي).

ويقولُ الباحثونَ أنَّ هناكَ عُنصرينِ هُما:

" قولُ أنا آسِفٌ.. كخطوةٍ أولى ".  ثُمَّ تقولُ: " كيفَ يُمكِنُني إصلاحُ خطأي؟ " كأدنى إجراءٍ للاعترافِ بالخطأِ والاعتذارِ،

غيرَ أنَّهُ لا يكونُ تامَّ الفضيلةِ.

فمِنَ الكمالِ والفَضلِ للمُعْتَذِرِ أنْ يُحقِّقَ أركانَ الاعتذارِ، ويُراعي لُغةَ الجّسدِ أيضاً في حَالِ إقرارِهِ واعترافِهِ، ويبرزُ على أُسلوبِهِ تعبيرُ النّادِمِ المُتأسّفِ ...، ليُصبِحَ نموذجاً مُشرقاً في الإنسانيةِ بشجاعتهِ، وغَلَبَتِهِ على أنَانيّتهِ، وتَحَلّيهِ بالمبدأيّةِ، ليترُكَ لوحةً جميلةً في التّسامُحِ والمحبّةِ والسّلامِ في مجتمعهِ، ويُصبِحُ قدوةً بموقفهِ الثمينِ، يُستلَهَمُ مِنهُ الدرسُ والعِبرَةُ في ثقافةِ الاعتذارِ.

يقولُ أحدُهُم : خرجتُ من منزلي بكاملِ أناقتي، وأنا مُتوَجّهٌ إلى حَفلِ زِفافِ أحدِ الأقرباءِ، وأثناءَ مَسيري راجِلاً في الطريقِ، مَرّتْ بقُربيَ سيّارةٌ مُسرِعةٌ لتمُرَّ على بُقعَةِ ماءٍ كانتْ تُغطّي حُفرةً في الشارِعِ فتناثرَ الماءُ الآسِنُ على ملابسي ووجهي، فامتَعَضتُ وصَرختُ بالسائقِ فتوقفَ السائقُ ورجعَ الى الوراءِ ليتفاجَأ بمنظرِي وكانَ مُنزَعِجاً مِن صُراخي في بادئِ الأمرِ، إلا أنّهُ سُرعانَ  ما شَعَرَ بالنّدمِ وبادَرَ الى الاعترافِ والاعتذارِ بكُلِّ أدبٍ واحترامٍ،  و لم يتوقفِ الأمرُ على ذلكَ ! ، بل التمَسَ مِنّي راجياً الصعودَ بسيارتِهِ ليأخُذَني الى منزلِهِ ،ويُنظِّفُ ملابسي ويقومُ بتجفيفِها وكيِّها، غيرَ أنَّي لم أُوافِق على ذلكَ ، وأحسَستُ بصدقِ اعتذارِهِ ، ممّا جعلَني اُكبِرُ فيهِ روحَ الشجاعةِ والأدَبِ بالرغمِ مِن أنَّهُ لم يَكُنْ عامِداً، فخجِلتُ مِن صُراخيَ عليهِ ، وبادلتُهُ الاعتذارَ وشكرتُه ... .