
لقد كانَ الإمامُ السجّادُ (عليه السّلام) يحرصُ على أن يضعَ النَّاسَ، على اختلافِ طبقاتِهِم ومنازلِهِم، تجاهَ مسؤوليّاتِهِم، وما يجبُ عليهِم للهِ وللنَّاسِ، ولكن بأسلوبٍ يختلفُ عن أساليبِ الوعّاظِ والمرشدِينَ والقصّاصِينَ، فقد استعملَ أسلوبَ الحوارِ معَ اللهِ (جلَّ وعلا) ومناجاتِهِ وتمجيدِهِ (سبحانه وتعالى).
قد يبدو في الظاهرِ أنَّ الإمامَ (عليه السّلام) كان يدعو اللهَ تعالى، ولكنَّهُ في واقعِ الأمرِ كانَ يدعو إلى اللهِ، ويُوَجِّهُ نَحْوَهُ، ويُعَرِّفُ النَّاسَ سبيلَهُ، ويُضَمِّنُ كلامَهُ الكثيرَ مِنَ التعاليمِ الإلهيَّةِ، والمعارفِ الدينيّةِ التي تهمُّهُم في أمرِ دينِهِم ودنياهُم.
كانَ للأدعيةِ التي أصدرَهَا (عليه السّلام) أبعادٌ فكريّةٌ واسعةُ المدى، بالنصوصِ الحاسمةِ لقضايا عقائديّةٍ إسلاميّةٍ كانَت بحاجةٍ إلى البَتِّ فيها بنصٍّ قاطعٍ، بعدَ أنْ عصفَتْ بالعقيدةِ، تيّاراتُ الإلحادِ، كالتّشبيهِ والجَبْرِ والإرجاءِ وغيرِهَا، مِمَّا كانَ الأُمويّونَ وراءَ إثارَتِهَا وترويجِهَا، بهدفِ تحريفِ مسيرةِ التوحيدِ والعَدْلِ، تمهيدًا للرِدَّةِ عن الإسلامِ، والرّجوعِ إلى الجاهليَّةِ الأولى.