مرة أخرى تلقي المرجعية الدينية العليا، بالكرة في ساحة الشعب لينتخب ممثليه في البرلمان القادم وتحثه على المشاركة الفاعلة، لكنها تحمله مسؤولية قراره، وعدم تعليق المصير على شماعة غيره.
وفي الوقت الذي تتحفظ فيه على ما وصفته بـ"بعض النواقص" وهي مما يمكن تفسيره بما يعتري قانون الانتخابات نفسه أو النظام الداخلي للمفوضية العليا للانتخابات أو غير ذلك ويترك التفسير لها فالمرجعية لا ترى سبيلاً أوضحً ولا طريقاً أسلمَ للتغيير إلا عبر خوض الانتخابات.
فالمرجعية تبصر بوضوح مستقبل العراق فيما لو قاطع الشعب الانتخابات وتخلى المواطن عن حقه في التصويت.. لا شك إنها الفوضى والانسداد السياسي، بمعنى تفاقم الأزمات وتراكم الأخطار وتعدد المرجعيات السياسية وتأجج الصراع بل التقاتل بين القوى السياسية تحت شعار: القوي يأكل الضعيف.
وتكرر المرجعية دعوتها الناخبين إلى ممارسة حقهم بوعي تام وعدم الانخداع بالشعارات البراقة والوعود المعسولة والاستفادة من الدروس والتجارب الماضية فـ(المؤمن لا يلدغ من جحر مرتين).
المرجعية وبلسان فصيح وقول صريح تدعو الناخبين إلى استغلال فرصة الانتخابات كوسيلة للعبور إلى برّ الأمان وإحداث التغيير الحقيقي وليس المجازي أو التجميلي في إدارة الدولة وضرورة إبعاد الفاسدين وغير الأكفاء عن مفاصلها الرئيسة والحيوية. ولكن هل هذا ممكن بالنظر إلى الظروف الحالية؟!
نعم.. بشرط التكاتف ونبذ الخلافات والمشاركة في الانتخابات بصورة فاعلة لاختيار الأصلح ممن تتوفر فيه الكفاءة والنزاهة وسائر الشرائط الأخرى كالحرص على سيادة العراق وأمنه وازدهاره وبغير ذلك يتكرر الفشل والإخفاق الذي حصل في المجالس النيابية السابقة والحكومات المنبثقة عنها.
المرجعية الدينية تعود لتؤكد مرة تلو أخرى أنها لا تساند أي مرشح أو قائمة انتخابية على الإطلاق، وأن الناخب حرّ في قراره واختياره وهو المسؤول الأول والأخير عن ذلك القرار.
هذا كله يحتم على الناخب أن يطيل البحث والتدقيق في تاريخ المرشح وسيرته في دائرته الانتخابية، وينظر إن كان صالحاً نزيهاً يؤتمنُ على القيم الإنسانية والدينية والوطنية الأصيلة فضلاً عن المصالح العليا للبلاد.
ولشدّما حذرت المرجعية وتحذر اليوم من اختيار غير الكفوء أو المتورط في الفساد، وتمكينه من الوصول إلى السلطة التشريعية أو التنفيذية فيما بعد، كما تحذر من تمكين أطراف لا تؤمن بثوابت الشعب العراقي وفي مقدمتها وحدته بكل تنوع أطيافه ووحدة ترابه وسمائه وتاريخه المجيد، فلا مجال لمشاريع التقسيم ونزعات الانفصال والتشرذم.
ومثل ذلك وربما أخطر منه ما نبهت عليه المرجعية مراراً وتكراراً وهومحاولات تمكين أطرافٍ تعمل خارج إطار الدستور والقوانين، كمن يعملون بأمزجتهم الحزبية والفئوية أو وفقاً لأجندات أجنبية مشبوهة تستهدف استنساخ تجارب فاشلة من المحيط الإقليمي أو الدولي أو تحاول رسم خرائط جديدة للمنطقة على حساب مستقبل هذا البلد وأبنائه.
إن نظرة فاحصة منصفة في بيان المرجعية الدينية العليا الأخير تضعنا أمام السؤال الكبير: من المسؤول عما سيكون قريباً؟! وعلينا تقديم الإجابة الصريحة للأجيال القابلة.
ما ورد في خطبة الجمعة لممثل المرجعية الدينية العليا في كربلاء المقدسة الشيخ عبد المهدي الكربلائي في (14/ شعبان /1435هـ) الموافق ( 13/6/2014م )
قال الشيخ الكربلائي في خطبة صلاة الجمعة الثانية من الصحن الحسيني الشريف ما يأتي :
إن العراق وشعبه يواجه تحدياً كبيراً وخطراً عظيماً وإن الارهابيين لا يهدفون إلى السيطرة على بعض المحافظات كنينوى وصلاح الدين فقط بل صرحوا بأنهم يستهدفون جميع المحافظات ولا سيما بغداد وكربلاء المقدسة والنجف الأشرف ، فهم يستهدفون كل العراقيين وفي جميع مناطقهم ، ومن هنا فإن مسؤولية التصدي لهم ومقاتلتهم هي مسؤولية الجميع ولا يختص بطائفةٍ دون أخرى أو بطرفٍ دون آخر.
وأكد الكربلائي : إن التحدي وإن كان كبيراً إلاّ أن الشعب العراقي الذي عرف عنه الشجاعة والإقدام وتحمّل المسؤولية الوطنية والشرعية في الظروف الصعبة أكبر من هذه التحديات والمخاطر .
المزيد