تعرضت الدولة العراقية بعد عام ٢٠١٤ إلى خروقات عدة أدّت بشكل مباشر أو تدريجي حسب ما يراه المختصون إلى شبه فقدان إلى لأهم عنصر من عناصر قوة الدولة؛ وهو (المواطنة). فكيف تزدهر المواطنة عند الفرد والفقر ينهش وطنيته شيئا فشيئا؟ أو حين تتعرض مدينته لهجوم تكفيري غاشم من قبل جماعة إرهابية لا ترحم وهو لا حول ولا قوة؟ بل يشعر بها وهو بلا سلاح يكفي للدفاع عن بيته وعرضه؟ لقد كان هجوم تنظيم داعش الإرهابي على العراق هجوما قويا وشرسا عجزت الدولة عن رده سريعا حتى أطلقت المرجعية الدينية العليا فتواها المباركة فأرتفع الحس الوطني وتعالت المسؤولية الوطنية عند الفرد وصار تحرير الوطن الجريح أول إهتماماته.
وبمرور الوقت... تمكنت المواطنة من الوقوف في داخل كل فرد عراقي إغتصبت أرضه وخسر ما خسر جراء تلك الهجمة المفزعة، حتى بدأ ينتقل الشعور بالوطنية بين الشعب الذي عانى الحرمان والأمان كثيرا؛ ولكنه ومن الشعور أو اللاشعور أصبح يتحرك بحرص عال تجاه وطنه، وأستطاع من فهم ما له وما عليه وأن عليه تقديم واجباته ليحصل على حقوقه، فالإنتماء للبلد ليس بطاقة تعريفية في سجل النفوس فقط، بل هو دفاع عنه وشعور مستمر بالمسؤولية مهما كان حجم الإخفاق السياسي فالسياسة شيئ والوطن شيئ آخر.
ويتذكر المراقب للشأن العراقي أو المختص كيف كان الجو العام النفسي والإجتماعي قبل الفتوى وبعده، وكيف بات اليأس منتشرا بين أرجاء الناس يحتاج معجزة للتخلص منه والتوجه نحو إصلاح ما، يمكن إصلاحه من الخطوة الأولى وهي قتال المعتدين، ومن ثم تحسين وبناء الأراضي المغتصبة طبيعة ومجتمعا، وتجلت أولى مراحل تنفيذ الخطوة عندما هب ابن الجنوب كنواة اولى لتحرير ديالى وأبن ميسان للدفاع الموصل وهذه مما لاشك فيها هي المواطنة بعينها.
يبقى على المنهج الحكومي تتمة المشروع، فالحكومات ومن خلال السياسات التربوية المنهجية تزرع البذرات لشعور الفرد بالمواطنة والانتماء، ومما لا شك فيه ان العراقيين يحملون في نفوسهم من حيث الشعور واللاشعور روحا وطنية عالية، قد تلتهب في لحظات قاسية يعتقد اخرون انها ستنطفيء، هي لا تنطفيء مهما دارت رحى انتزاعها سياسيا، محليا وخارجيا، فالعراقيون مرادف كبير للوطن.
ما ورد في خطبة الجمعة لممثل المرجعية الدينية العليا في كربلاء المقدسة الشيخ عبد المهدي الكربلائي في (14/ شعبان /1435هـ) الموافق ( 13/6/2014م )
قال الشيخ الكربلائي في خطبة صلاة الجمعة الثانية من الصحن الحسيني الشريف ما يأتي :
إن العراق وشعبه يواجه تحدياً كبيراً وخطراً عظيماً وإن الارهابيين لا يهدفون إلى السيطرة على بعض المحافظات كنينوى وصلاح الدين فقط بل صرحوا بأنهم يستهدفون جميع المحافظات ولا سيما بغداد وكربلاء المقدسة والنجف الأشرف ، فهم يستهدفون كل العراقيين وفي جميع مناطقهم ، ومن هنا فإن مسؤولية التصدي لهم ومقاتلتهم هي مسؤولية الجميع ولا يختص بطائفةٍ دون أخرى أو بطرفٍ دون آخر.
وأكد الكربلائي : إن التحدي وإن كان كبيراً إلاّ أن الشعب العراقي الذي عرف عنه الشجاعة والإقدام وتحمّل المسؤولية الوطنية والشرعية في الظروف الصعبة أكبر من هذه التحديات والمخاطر .
المزيد