تجربة روحية امتلكت المعنى الانساني والوطني، وعبرت عن علاقة الدين بالحياة، وأوجزت فتوى الدفاع المقدس وطنية النداء الثوري التحرري، وقدمت انجازاً وطنياً، هويته الدفاع عن البلاد، حِينَ تَقُومُ صد أي احتلال يريد المهانة والتطاول على قيم الانسان العراقي.
الوعي المرجعي المبارك رؤية ناضجة انبثقت لتكوين الحشد الشعبي المبارك تحت اشراف الحكومة والمؤسسة العسكرية الرسمية، هذا التوجيه هو الذي خلق زلزالاً اعلامياً انهى شغل جميع الاعلاميات المنحرفة التي أشاعت أن الحشد الشعبي ما هي إلا ميليشيات منفلتة، وهذا سعي كبير لمجهود يريد تحويل التهم الموجهة لداعش باعتبارها عصابات غير منضبطة الى تكوينات الحشد الشعب.
وكان تفكير المرجعية الدينية الشريفة أكثر وعياً حين أعطت شمولية النداء، وما يفصح عن خطاب عراق موحد يضم أبناء الشعب العراقي للنظر الى توحيد الهويات الدينية والفكرية وتوحيد الانتماء الوطني.
التأمل في حيثيات هذا الوعي يمنح العالم تجربة فكرية مثقفة، قرأت الواقع الحاضر والمستقبل قراءة ذكية، فلذلك لم توجه الخطاب الى المسلمين الشيعة في العالم، ولا وجهته الى العراقيين خارج البلاد، بل هي وجهته الى العراقيين الذين يعيشون داخل العراق.
ومثل هذه القراءة الواعية وثقت العلاقة الانسانية في مرحلة تعد من أصعب المراحل التاريخية التي مرت على العراق، ومنحت الفرصة لجميع أفراد الشعب ممن يمتلكون المواقف الصادقة للدفاع عن وطنهم، فكانت الاستجابة الشعبية السريعة والمذهلة من مختلف شرائح الشعب العراقي هو دليل على تقرير معاني الاخوة، وطرد الشبهات عن الخلافات الطائفية، فقد حاول الاعلام المنحرف التركيز عليها، لكن الوعي المرجعي المبارك الذي حث على تحرير المحافظات العراقية دون النظر الى مكوناتها المذهبية، فكان هناك وعي انساني شعبي، استنهض القيم الخيرة فيه حتى تجاوز عدد المتطوعين الحد المطلوب.
ولولا هذا الوعي المعرف من قبل العالم، لوجدنا حقيقة صدى ما يثيره اعلام الانظمة والتحزبات والحكومات المتخوفة من مستقبل الحشد الشعبي، وكانت القراءة الواعية للمرجعية المباركة مستمرة ومتجددة مع كل مستجد.
قراءة المرجعية المبارك للواقع الذي انبثقت منه هذه الاستجابة، كانت قراءة مؤثرة في وجدان الشعب بكل أطيافه الدينية والمذهبية، ومعبرة عن أفكاره الساعية للتحرر وكاشفة عن جميع مغريات الوهم السياسي، وفبركات الاعلام المنحرف، ولذلك أيدت اغلب المراجع السنية العراقية هذه الفتوى، وانتمت فعلاً الى الخط المناهض للاحتلال الداعشي بأية مسميات كانت.
وحصلت الفتوى على التأكيد السياسي، فترجمت المرجعية وعيها الى حشد منتظم ومجهز إيمانياً للوقوف بشموخ أمام أي تجاوز داعشي او غيره، هذا الحشد والوقوف البطولي جرى في وقت تداعت فيه المؤسسة العسكرية تحت قيادة الدولة العراقية وأثمر انتماء عراقياً لم يدافع عن محور اقليمي أو دولي، وإنما كان منحازاً لوطنية عامرة بالإيمان، وأعتقد أن العالم سيكتشف يوماً جوهر الوعي الانساني المرتبط بثقافة اهل البيت (عليهم السلام) وفكرهم النير العامر بالمحبة والسلام.
ما ورد في خطبة الجمعة لممثل المرجعية الدينية العليا في كربلاء المقدسة الشيخ عبد المهدي الكربلائي في (14/ شعبان /1435هـ) الموافق ( 13/6/2014م )
قال الشيخ الكربلائي في خطبة صلاة الجمعة الثانية من الصحن الحسيني الشريف ما يأتي :
إن العراق وشعبه يواجه تحدياً كبيراً وخطراً عظيماً وإن الارهابيين لا يهدفون إلى السيطرة على بعض المحافظات كنينوى وصلاح الدين فقط بل صرحوا بأنهم يستهدفون جميع المحافظات ولا سيما بغداد وكربلاء المقدسة والنجف الأشرف ، فهم يستهدفون كل العراقيين وفي جميع مناطقهم ، ومن هنا فإن مسؤولية التصدي لهم ومقاتلتهم هي مسؤولية الجميع ولا يختص بطائفةٍ دون أخرى أو بطرفٍ دون آخر.
وأكد الكربلائي : إن التحدي وإن كان كبيراً إلاّ أن الشعب العراقي الذي عرف عنه الشجاعة والإقدام وتحمّل المسؤولية الوطنية والشرعية في الظروف الصعبة أكبر من هذه التحديات والمخاطر .
المزيد