دعا ممثل المرجعية العليا، الشيخ عبد المهدي الكربلائي، الجمعة، القوات العراقية إلى "إبعاد الأذى" عن المواطنين العالقين في الموصل وضرورة التعامل الإنساني مع "المعتقلين" وتسليمهم إلى الجهات ذات العلاقة، على حد قوله.
يأتي ذلك فيما تواصل القوات العراقية تقدمها في مناطق الساحل الأيمن من الموصل، شمال العراق، لاستعادتها من سيطرة ما يعرف بتنظيم داعش الإرهابي.
وقال الكربلائي في جانب من خطبته الثانية لصلاة الجمعة التي ألقاها من الصحن الحسيني، "إننا نحيي أعزاءنا المقاتلين الأبطال الذين يجاهدون لتخليص ما تبقى من الموصل والمناطق المحيطة بها".
وأضاف "نحييهم بإجلال واكبار ونشد على اياديهم الطاهرة ونقدر عاليا تضحياتهم العظيمة ونبارك انتصاراتهم الرائعة متضرعين إلى الله ان ينصرهم على اعداء العراق والانسانية نصرا قريباً مؤزراً".
وتابع ممثل المرجعية: "نؤكد مرة أخرى على جميع احبتنا المقاتلين وهم يواجهون عدوا ظالما لا يراعي ادنى المعايير الاخلاقية حيث يتخذ المناطق السكنية مواقع للقتال ويجعل العوائل من الاطفال والنساء وكبار السن دروعا بشرية لحماية نفسه نؤكد على المقاتلين بمختلف عناوينهم ان يعملوا ما في وسعهم لإبعاد الاذى عن المواطنين العالقين في هذه المناطقة وتوفير الحماية لهم".
ودعا إلى ضرورة التعامل الانساني مع المعتقلين ايً كانوا وتسليمهم إلى الجهات ذات العلاقة.
إليكم النص الكامل:
الخطبة الثانية لصلاة الجمعة بإمامة الشيخ عبد المهدي الكربلائي الموافق 26/جمادي الاولى/ 1438هـ الموافق 24 /2 /2017م:
الأمر الاول:
في البداية ينبغي ان نحيي اعزاءنا المقاتلين الابطال الذين يجاهدون لتخليص ما تبقى من مدينة الموصل الحدباء والمناطق المحيطة بها من رجس الارهاب الداعشي.. نحييهم بإجلال واكبار ونشدّ على اياديهم الطاهرة ونقدر عالياً تضحياتهم العظيمة ونبارك انتصاراتهم الرائعة، متضرعين الى الله العلي القدير ان ينصرهم على اعدائهم – اعداء العراق والانسانية- نصراً قريباً مؤزراً، وان يتغمد شهداءهم الابرار بالرحمة والرضوان ويمن على جرحاهم بالشفاء العاجل والعافية التامة.
وفي هذه المناسبة نؤكد مرة اخرى على جميع احبتنا المقاتلين وهم يواجهون عدواً ظالماً لا يراعي ادنى المعايير الاخلاقية في حربه معهم حيث يتخذ المناطق السكنية مواقع للقتال ويجعل العوائل من الاطفال والنساء وكبار السن دروعاً بشرية لحماية نفسه.. نؤكد على المقاتلين بمختلف عناوينهم ان يعملوا ما في وسعهم لإبعاد الاذى عن المواطنين العالقين في هذه المناطق وان يوفروا الحماية لهم بالقدر المستطاع.
كما نؤكد على ضرورة التعامل الانساني مع المعتقلين أياً كانوا وتسليمهم الى الجهات الرسمية ذات العلاقة والحيلولة دون ان يقع عليهم ظلم وتعدٍ من اية جهة كانت.
ونؤكد أيضاً على اهمية حفظ وحراسة ممتلكات المواطنين في المناطق التي يتم تحريرها وعدم السماح لأي كان بالتجاوز عليها واتلافها او الاستحواذ عليها.
ان رعاية هذه الجوانب واجب ديني واخلاقي ووطني، فنهيب بجميع المشاركين في العمليات القتالية الالتزام التام بها واعطاء صورة مشرفة عن المقاتل العراقي المدافع عن وطنه تبقى ماثلة في الاذهان.
ايها الاخوة والاخوات لاحظوا هذه الاوصاف الاربعة للمقاتلين الابطال من قبل المرجعية الدينية العليا:
1- نظرة الاجلال والاكبار (نحييهم باجلال واكبار، اياديهم طاهرة) لاحظوا أي وصف لهؤلاء الابطال هؤلاء المقاتلين الذين يمسكون بالسلاح دفاعاً عن العراق ومقدساته ومواطنيه.
2- التضحيات العظيمة (نقدر عالياً تضحياتهم) وصف العظيم لهذه التضحيات.
3- نبارك انتصاراتهم الرائعة.
فهنيئاً لكم ايها المقاتلين الابطال بهذه الاوصاف.
الأمر الثاني:
نعود الى نظام الاسرة في الاسلام، بينّا ان الاسرة هذا النظام الاجتماعي المهم، لاحظوا هذا الحديث الذين نبين لكم من خلاله اهمية هذا البناء عند الله تعالى حتى يكون كل واحد منا يساهم في هذا البناء (ما بُني بناء في الاسلام احب الى الله تعالى من التزويج) لما له من اثار دينية اجتماعية ونفسية وغير ذلك على الفرد والمجتمع وكذلك في نفس الوقت أي تهديد لهذا البناء مبغوض عند الله تعالى فالطلاق يهتز منه العرش (ابغض الحلال عند الله تعالى الطلاق)، لذلك الانسان عليه ان يساهم في هذا البناء الذي هو احب الابنية الى الله تعالى، من هنا اعتنى الاسلام واهتمام اهتماماً شديداً فتلاحظ الايات القرانية والاحاديث الشريفة وسيرة العقلاء نجد هناك اهتمام شديد بتوفير العناصر الاساسية المقوّمة بتوفير مقدمات البناء الرصين للاسرة وادامة هذا البناء وصيانته فيما بعد.
لذلك لاحظ بالتتبع للاحاديث نلاحظ هناك ثلاث مراحل حتى نشيد بناء صحيح متماسك قوي يوفر السعادة للفرد والمجتمع والاسرة:
المرحلة الاولى: ما قبل الزواج
المرحلة الثانية: مرحلة الزوجية
المرحلة الثالثة: مرحلة الابوة والامومة
الاسلام وضع لكل مرحلة ضوابط ومعايير حتى يُبنى هذا البناء الاساسي بناءاً صحيحاً.
المرحلة الاولى: ما قبل الزواج
كل واحد منا اذا اراد ان يشتري سلعة وتارة هذه السلعة يحتاج اليها مدى حياته او اراد ان يبني بيتاً او بناية يريد ان يبقى فترة طويلة.. تراه يسأل اهل الخبرة والاختصاص أي ماركة او أي شركة تنتج السلعة الافضل ويفحص ويدقق ثم بعد ذلك يذهب الى السوق، واذا اراد ان يبني بناية يسأل أي مهندس افضل واي شركة افضل واي المواد الافضل وتراه يسأل ويبحث عن المواصفات الافضل في قوة هذا البناء حتى يبقى سنين طويلة ثم بعد ذلك يشرع بالبناء..
فكيف بحال الاسرة هذا البناء المتين، اهتم الاسلام بوضع اسس في كيفية الاختيار للزوج والرجل كيف يختار الزوجة وكذلك المرأة كيف تختار الرجل.
تريد ان تبني اسرة وتريد اولاد وهذه الاسرة تشكّل مجتمع، سعادة المجتمع واستقراره مبني على سعادة هذه الاسرة، وشقاء المجتمع مبني على شقاء وتعاسة هذه الاسرة لذلك الاسلام يضع المعايير ومواصفات وحبب هذه المواصفات الى الانسان عند الاختيار وكرّه له مواصفات اخرى لذلك الاسلام يبدأ بهذه المرحلة فنجد كثير من الاحاديث وضعت معايير لهذه المرحلة وهي مرحلة ما قبل الزواج.
كلامنا مع الشباب الذين لم يتزوجوا التفتوا الى هذه الصفات، الكبار والمتزوجين يهمنا ذلك؟ نعم، انت الواحد منكم لديه ابن وبنت أليس هو يرغب في أي ان يسعد ابنه وبنته أليس هو يرغب ان تكون لابنه او ابنته عائلة سعيدة متماسكة، لذلك الأمر يعنيكم ايها الشيب والشباب ايضاً ولمن يريد الإٌقدام على الزواج.
ما هي المواصفات المطلوبة حتى نشكل هذه الاسرة المؤمنة الصالحة هي وضع معايير:
1- اختيار الزوجة الكفء والزوج الكفء:
الانسان يحتاج زوجة تسعده وتعينه في امور دنياه واخرته، وزوجة لا تسبب له المشاكل والتعاسة.
فالاسلام وضع اثنين من المواصفات: مواصفات تكون للشاب للاب للام هذه المواصفات عن بحثتم عنها واعتنيتم بها وجعلتموها موضع اهتمامكم سعد ابنكم وابنتكم وايضاً انتم سعدتم، فهناك مواصفات وضعها الاسلام ورغّب اليها متى ما بحث عنها ووفرها لنفسه بالنسبة للشاب او الاب والام لابنه وبنته حينئذ وفّر مقمومات الزواج السعيد والاسرة الصالحة لذلك نجد هناك اهتمام من خلال الاحاديث بأن يعتني وان يهتم بهذه المواصفات في المرأة وايضاً المرأة تبحث عن مواصفات في الرجل.
عن الصادق (عليه السلام) لبعض اصحابه حين قال: قد هممت ان أتزوج، قال له الامام (عليه السلام): (انظر اين تضع نفسك ومن تشركه في مالك وتطلعه على دينك وسرك، فان كنت لابد فاعلا ً فبِكراً تنسب الى الخير والى حسن الخلق).
الامام ينبهه الى ان يلتفت فهذه القضية ليست قضية حاجة او سلعة ممكن تشتريها ثم تتخلى عنها، لا، هذه المسألة مسألة بناء اسرة اولاد ومستقبل..
وفي احاديث اخرى ورد فيها ان المواصفات المطلوبة تعتمد على اخلاق ودين وامرأة صالحة عفيفة كريمة الاصل..هذه المواصفات التي حث عليها الاسلام حتى تسعد انت ايها الشاب وانت ايها الاب الذي تبحث عن زوجة لابنك ستسعد ابنك ونفسك، ايضاً ايتها الام كذلك..
فإذن هذه المواصفات التي ذُكرت، في نفس الوقت هناك مواصفات اخرى قد يبحث الانسان عن جمال او مال او نسب او امور اخرى.. تاه في الطريق وضل ولم يصل الى مبتغاه..
لذلك الاسلام حذر احياناً ولاحظوا اخواني عدم الاهتمام بتدين الانسان، الامام يحذر من التزويج للبنت من الفاسق: (من زوّج كريمته من فاسق نزل عليه كلَّ يوم الف لعنة).
فهذا سيكون سبب في تعاسة وشقاء ابنته، سبب في تعاسة وشقاء الاولاد وقد يكون هؤلاء مجرمون فيما بعد او سيئوا الاخلاق وسبب في تعاسة وشقاء المجتمع وتبقى هذه اللعنة تلاحقه، فهذه نتائج سلبية عليه وعلى اولاده وعلى مجتمعه ايضاً لذلك تبقى هذه اللعنة تطارده دائماً.
من الامور الاخرى البحث عن الاخلاق حينما يأتي رجل لخطبة ابنتك اسأل عن اخلاق هذا الرجل لأنه الاخلاق في الواقع تبعد الانسان عن المشاكل والمنغصّات في الحياة اليومية، حيث ورد عن الامام الرضا (عليه السلام) في جواب من كتب اليه احد الاشخاص يسأله: ان لي قرابة قد خطب اليّ وفي خلقه سوء: (لا تزوجه ان كان سيء الخلق).
لذلك الانسان يسأل ويستفسر ويدقق ويبحث عن هذه المواصفات من التدين والالتزام والعفة وغير ذلك من الامور مقترنة بحسن الخلق..
ايضاً من الامور المهمة المهمة اخواني:
2- المعرفة المسبقة بحقوق الزوجين:
وجدنا ان بعض حالات الزواج التي يكون فيها طلاق مبكر السبب ان الزوج لا يعرف حقوق الزوجة والزوجة لا تعرف حقوق الزوج، لذلك ينبغي اخواني من الاباء والامهات والمؤسسات الخيرية التي تساعد في تسهيل الزواج وتقدم الشيء الكثير من الزواج نوصيهم ان يكون من ضمن مهامهم ان يعرفوا البنت بحقوق الزوج والولد بحقوق الزوجة وحينئذ اذا عرف كل منهم واجبات وحقوق الاخر حينئذ حصلت السعادة والاستقرار لهذين الشابين وكذلك لاسرتهما..
نسأل الله تعالى ان يوفقنا لما يرضاه وينجبنا معاصيه وان يديم الانتصارات لابطالنا المقاتلين والحمد لله رب العالمين وصلى الله على محمد واله الطيبين الطاهرين..